حوالة الدين شروطها وانعقادها ونفاذها

حوالة الدين هي الوجه القانوني الآخر للحوالة المدنية، والمشرع الأردني تناول مفهوم حوالة الدين وفقًا لما جاء في المادة (993) من القانون المدني والتي قصدت فيه أن الحوالة نقل للدين والمطالبة من ذمة إلى ذمة شخص آخر، وذلك يعني أن الحوالة هي اتفاق يفترض التزامًا يستبدل فيه أحد طرفيه (الدائن أو المدين) مع إبقاء الالتزام كما كان قبل الاستبدال.

وقد تناولنا في مقال منفصل حوالة الحق  في القانون المدني وأحكامها وشروطها وماهي الأعمال التي تقبل الحوالة ، وقبول الحوالة وأثرها القانوني.

والجدير بالذكر أن مصدر تعريف المادة (993) من القانون المدني الأردني يعود بالرجوع إلى المادة (876) وكذلك المادة (673) م مجلة مرشد الحيران.

جدول المحتويات 

تعريف حوالة الدين :

الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة :

شروط حوالة الدين :

انعقاد حوالة الدين :

نفاذ حوالة الدين :

وسوف نتناول فيما يلي تعريف حوالة الدين، والحوالة المقيدة والمطلقة، وشروط حوالة الدين.

تعريف حوالة الدين :

تُعرف حوالة الدين بأنها : العمل القانوني الذي يدخل بموجبه شخص كمدين في التزام قائم دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير في مفهوم الالتزام ومضمونه في عقد بين المدين الأصلي وشخص آخر يتم بموجبه نقل الدين من ذمة المدين المحيل، إلى ذمة ذلك الشخص الذي يسمى المحال عليه.

وعرفها البعض الآخر بأنها : اتفاق ينتقل به عبء الدين من المدين الأصلي إلى شخص آخر يتحمل عنه تبعة الوفاء بهذا الدين للدائن.

وعرفها آخر بأنها : نقل الدين والمطالبة من ذمة المدين إلى ذمة شخص آخر.

وباستقراء المفاهيم السابقة لحوالة الدين يتضح أنها تتفق من حيث المضمون هنا بالتغير السلبي للالتزام والمتمثل في المحيل الذي أصبح مدينًا في حوالة الدين، بعد أن كان دائنًا في حوالة الحق وأصبح ينقل عبًئًا ماديًا مترتبا في ذمته بعد أن كان ينقل في حوالة الحق حقًا مترتبًا له في ذمة آخر.

شروط حوالة الدين :

نظم كل من المشرع الأردني والمشرع المصري الشروط التي تنعقد بها حوالة الدين وصور انعقادها وشروط نفاذها في مواجهة المحال له، واشترط المشرع الأردني مجموعة شروط لصحة الحوالة المدنية لديه، يترتب على مخالفتها البطلان.

انعقاد حوالة الدين :

حوالة الدين تنعقد بتراضي المتعاقدين فيها على انعقادها، انعقادًا صحيحًا وخاليًا من عيوب الإرادة من تدليس أو غلط أو إكراه وأن يكون لها محلًا تضاف له، وتتوافر فيه الشروط العامة بأن يكون ممكنًا ومعينًا أو قابلًا للتعيين تعيينًا نافيًا للجهالة والسبب فيها يجب أن يكون مشروعًا.

وحوالة الدين تنعقد بصور مختلفة سنبينها فيما يلي :

المسألة الأولى : رضاء المحيل والمحال عليه

تناول المشرع الأردني هذه الصورة لانعقاد حوالة الدين وفقًا لما جاء بالمادة (996/ 2) من القانون المدني الأردني والتي تنص على : ” تنعقد الحوالة التي تتم بين المحيل والمحال عليه موقوفه على قبول المحال له ” . وإضافة إلى شرطي الإعلان أو القبول لنفاذ حوالة الدين في مواجهة المحال له فقد اشترط المشرع شرطًا آخر، نصت عليه المادة (997) من القانون المدين الأردني وهو أن يكون المحيل مدينًا للمحال له، وهذا الشرط يُعتبر تأكيدًا لحوالة الدين التي تتم بصورتها الغالبة بين المحيل والمحال عليه.

والحكمة من اشتراط كون المحيل مدينًا للمحال له يأتي ليضع حدًا فاصلًا بين الحوالة والوكالة، ولكن فيما يتعلق بالمحال عليه فلا يشترط أن يكون مدينًا للمحيل وذلك ما ذهبت إليه الفقرة الثانية من المادة (779) من القانون المدني الأردني، والحكمة من ذلك أن مديونية المحال عليه للمحيل ليست بشرط صحة، بل تنعقد مع ذلك الحوالة وتصح.

وقد تناولت المادة (315) من القانون المدني المصري هذه الصورة لانعقاد حوالة الدين فنصت على أنه : ” تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل الدين “.

وفقًا لما جاء في نص المادة السابقة فإن حوالة الدين تنعقد بين المحيل وشخص آخر يتحمل عنه الدين دون تدخل من الدائن في ذلك، وتتم بين المحيل ” المدين الأصلي ” والمحال عليه ” المدين الجديد “، وعلى الرغم من أن هذه الصورة لانعقاد الحوالة تتم بعيدًا عن الدائن إلا أنه وحرصًا على مصلحته باعتباره صاحب الحق وهو بذلك أولى بالرعاية، فلا تسري آثار هذه الحوالة في حقه إلا بإقراره لها وإن كانت ملزمة للمتعاقدين عليها فقط قبل مرحلة الإقرار لها.

وقررت محكمة النقض المصرية في هذا الخصوص الآتي : ” مفاد نص المواد 315/316/321 مدني مصري أن حوالة الدين تتحقق إما باتفاق المدين الأصلي والمحال عليه الذي يصبح بمقتضاه مدينًا بدلًا منه، ولا ينفذ في مواجهة الدائن بغير إقراره، وإما باتفاق الدائن والمحال عليه، بغير رضاء المدين الأصلي “.

شروط انعقاد حوالة الدين

وبالرجوع لنص المادة (1000) من القانون المدني الأردني نجد أنها نصت على مجموعة من الشروط الخاصة لانعقاد الحوالة المدنية منفردًا فيها عن المشرع المصري، ورتب على مخالفتها بطلان الحوالة، وسنتطرق لتلك الشروط فيما يلي :

أولًا : أن تكون الحوالة منجزة

وهذا الشرط يجب ان تكون الحوالة منجزة وغير معلقة إلا على شرط ملائم أو متعارف، ولا مضاف فيها العقد إلى مستقبل

وذلك بمعنى أن تكون الحوالة منجزة وإذا علقت بشرط فإنه يجب أن يكون هذا الشرط مناسبًا أو ملائمًا، ولا يؤدي لتعسف لمن كان الشرط في مصلحته، مما يترتب عليه تفويت الهدف الذي شرعت لها الحوالة وهي التسهيل في نقل الديون وكذلك وفائها واستيفائها.

وفيما يتعلق لإضافة العقد إلى المستقبل، فالحق المستقبلي إذا توفرت أحد أركان تحققه فحوالته تكون جائزة، وذلك استنادًا إلى القاعدة الفقهية التي تقول ” غلبة الظن تقوم مقام اليقين ” أي أن توقع الحصول ظنًا مع صحته يقوم مقام اليقين فيه.

ثانيًا : أن يكون الأداء فيه مؤجلًا إلى أجل مجهول

بمعنى أن تأقيت الأداء بالحوالة يفسدها ومؤدى ذلك أن التأجيل بالأداء إلى الأجل المجهول ينافي طبيعة الحوالة أو لا يتطابق مع طبيعتها، ومن ثم يؤدي إلى النزاع الذي يفسدها.

ثالثًا : أن تكون مؤقته بموعد

وسبب ذلك أن التأقيت إلى الأجل المجهول ينافي طبيعة الحوالة، فلو قبل شخص الحوالة لمدة عام واحد فلا حوالة أصلًا، وذلك لأن السنة تدخل الحوالة في التأقيت المجهول جهالة فاحشة وهو الأمر الذي ينافي محل الحوالة، وعلى تقدير ذلك فالحوالة المؤجلة لمدة أجل معلوم كأسبوع واحد مثلًا لحصاد زراعة ما فهي آجال لا غرر فيها فتصح بها الحوالة.

رابعًا : أن يكون المال المحال به دينا معلوما يصح الاعتياض عنه

وذلك يتفق مع الهدف من اشتراطه، وذلك لأن الحوالة تقتضي شغل ذمة المحال عليه بالدين ولا تشغل الذمة بمجهول، فيشترط في الحوالة أن يكون الدين المحال به معلومًا.

ويتعين لهذا الدين أن يكون دينًا لازمًا قياسًا له على الكفالة، وذلك لأن الكفالة والحوالة عقدًا التزام بما على المدين الأصيل، وكل دين تصح به الكفالة تصح حوالته، وذلك بحسب نص المادة (688) من مجلة مرشد الحيران، وفيما يتعلق بشرط الاعتياض فهو شرط صحة، فما لا يصح الاعتياض عنه لا تصح به الحوالة رغم لزومه.

خامسًا : أن يكون المال المحال به على المحال عليه في الحوالة المقيدة عينًا أو دينًا لا يصح الاعتياض عنه وأن يكون كلا المالين متساويين جنسًا وقدرًا وصفة

وهدف هذا الشرط هو حفظ حق المحال له في الحوالة المقيدة التي قيد بها دين الحوالة، ومثال ذلك لو أن المحال عليه كان في ذمته دين للمدين الأصلي، وأن الحوالة حين تمت بينهما تمت على أساس أن يؤدي المحال عليه الدين المحال به مما في ذمته للمدين الأصلي.

ولأن هذه الحوالة تُعتبر مقيدة بوفاء الدين المحال به من الدين الذي في ذمة المدين الأصلي فاشترطت لذلك ألا يصح الاعتياض بهذا الدين باعتباره مقيدًا بمقداره لمصلحة المحال له.

وفيما يتعلق بشرط التساوي بين الدينين المحال به والمحال عليه فإن مفاد ذلك ما يشمل الرداءة والجودة والتأجيل والحلول وأيضًا قدر الأجل، وليس صفة التوثيق برهن أو ضمان ومن ثم فإن الاختلاف بينهما لا تصح به الحوالة، والحكمة من ذلك أن الحوالة عبارة عن عقد إرفاق يُقصد به الإيفاء والاستيفاء، فلو أذن بالتفاوت ثبت فيها التغابن وهو أمر لا يتفق وموضوع الحوالة.

سادسًا : أن تكون إرفاقا محضًا وألا يكون فيها جعل لأحد أطرافها بصورة مشروطة أو ملحوظة

وذلك يعني أن الحوالة لا تقترن بمنفعة على اعتبار أن هذه المنفعة من باب الربا الذي يمنعه القانون المدني الأردني، فالحوالة وفقًا لما ظهر من موقف المشرع الأردني أداة تعاقدية بيد أنها عاجزة عن أثراء المعاملات التجارية، وذلك لأن هدف العمل التجاري هو الكسب والربح، وهو الأمر غير المتوافر في الحوالة فقد جاءت ذات صيغة إرفاقيه بهدف سد أي تذرع بالجعل أو بالربح.

وقد رتب المشرع الأردني على انتفاء أحد هذه الشروط بطلان الحوالة، وفقًا لما جاء بالمادة (1001) من القانون المدني الأردني والتي تنص على الآتي : ” تُبطل الحوالة إذا انتفى أحد شرائط انعقادها ويعود الدين على المحيل “.

المسألة الثانية : رضاء المحال له والمحال عليه

وهذه الصورة لحوالة الدين تمتاز بأن الدائن هو صاحب الدين وهو الذي يتولى تحويله من مدينه الأصلي إلى المحال عليه ” المدين الجديد ” ومن ثم بالاتفاق يتم مباشرة دون أن يتوقف ذلك على رضاء المدين الأصلي ” المحيل ” .

والمشرع المصري لم يشترط لانعقاد الحوالة بهذه الصورة شكلًا خاصًا وإنما تسري عليها القواعد العامة بشأن إثبات انعقادها مع ملاحظة أن رضا المحال عليه هنا يجب أن يكون دالًا على موافقته على إحلال نفسه محل المدين الأصلي في أدائه وليس الاشتراك معه بالدين، والمادة (1009) من القانون المدني الأردني جاءت بهذه الصورة لانعقاد حوالة الدين بيد أنها اشترطت رضاء المحيل.

نفاذ حوالة الدين :

نص المشرع الأردني في المادة (996/2) من القانون المدني على الآتي ” تنعقد الحوالة التي تتم بين المحيل والمحال عليه موقوفه على قبول المحال له “.

وكذلك نصت المادة (316) من القانون المدني المصري على التالي :

  • لا تكون الحوالة نافذه في حق الدائن إلا إذا أقرها.
  • إذا قام المحال عليه أو المدين الأصلي بإعلان الحوالة إلى الدائن وعين له أجلًا معقولًا ليقر الحوالة، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار اعتبر سكوت الدائن رفضًا للحوالة.

ونجد هنا أن النصين السابقين قد اشترطا إقرار الدائن أو قبوله لنفاذ الحوالة في حقه، لاسيما في الصورة التي تنعقد بها حوالة الدين بين المحيل والمحال عليه.

ونفاذ حوالة الدين في حق الدائن يُقصد بها إمكان الاحتجاج عليه بآثارها وإجازة تمسكه بها على طرفيها، بمعنى آخر أن انتقال الدين من المدين الأصلي إلى المدين الجديد يكون ساريًا في حق الدائن فتبرأ ذمة الأول ويصبح الثاني وحده المدين للدائن، وهو المطالب بقيمة الدين المحال به منه.

نفوذ الحوالة بأثر رجعي

والجدير بالذكر أن الإقرار بأراد منفردة، يتعين حتى تنتج آثارها أن تصل إلى علم المدين ” المحيل” أو المحال عليه، ومتى أقر الدائن الحوالة نفذت في حقه بأثر رجعي، وقبل وصول الإقرار إلى علم أيًا من المحيل أو المحال عليه فيجوز لهما أن يتفقا معًا على العدول عن الحوالة، بما يناسبهما وبما يتفقا عليه ولا يكون للحوالة بهذه الحالة أثر رجعي حتى لو صدر إقرار الدائن بعد علمه بهذا العدول أو التعديل، ولكن منذ انعقاد حوالة الدين فلا يكون لأي من المحيل أو المحال عليه الرجوع بالحوالة أو التعديل بها بعد وصول الإقرار لأيهما.

والإقرار قد يكون صريحًا وقد يكون ضمنيًا، وإقرار الدائن بالحوالة لا يُنشئ عقدًا جديدًا، باعتباره قبولًا ترتب أثره منذ وقت الإقرار، بل أن الرأي السائد هو أن للإقرار أثر رجعي يستند إلى وقت انعقاد الحوالة.

Photo by RODNAE Productions on Pexels.com

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s