العقود المسماة
العقود المسماة هي عقود كثيرة التداول في الحياة العملية، فكانت لها أسمائها الخاصة، كالبيع والشركة والإيجار والهبة والوكالة والمقاولة، ولما لها من أهمية بالغة في ميادين التعامل والنشاط الاقتصادي ، فقد نظمها المشرع تنظيمًا مفصلًا.
محتويات المقال :
التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الحديث :
الأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة :
وسوف نتناول فيما يلي التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الحديث، والأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة، وتقسيم العقود المسماة.
التمييز بين العقود المسماة والعقود غير المسماة في القانون الحديث :
في القانون الحديث ليس ثمة فرق بين العقد المسمى والعقد غير المسمى، فهما يتمان بمجرد تراضي المتعاقدين باستثناء العقود الشكلية وما بقي من العقود العينية.
وكما سبق القول فالعقود التي يُطلق عليها مُسمى العقود المسماة فيرجع ذلك بسبب أن المشرع قد نظمها تنظيمًا خاصًا لكثرة تداولها في العمل إلى حد قواعدها أصبحت راسخة ومستقرة.
وتطور العقود المسماة من زمن إلى آخر أمر يتم بحسب ما يألفه الناس في التعامل، فعلى سبيل المثال فالعقود المسماة في عصرنا هذا قد تنقص أو تزيد عن العقود المسماة في عصر سابق أو لاحق، بحيث تظهر عقود جديدة وتختفي عقود قديمة.
وفيما يتعلق بالعقود غير المسماة فيتولى المشرع تنظيمها وتخضع في أحكامها للقواعد العامة في نظرية العقد، كما في العقود المسماة.
ومسألة تكييف العقد لمسمى وغير مسمى مسألة في غاية الدقة، فلا عبرة فيها بالألفاظ التي تُستخدم من المتعاقدين في حال اتضح أنهما اتفقا على عقد غير العقد الذي سمياه، فقد يهدفا لإخفاء العقد الحقيقي تحت اسم العقد الظاهر كما في الوصية التي يخفيها الموصي تحت ستار البيع، أو قد يخطئا في التكييف.
والعقد سواء كان مسمى أو غير مسمى قد يكون بسيطًا إذا لم يكن مزيجًا من عقود متنوعة ، كالبيع والإيجار، فإذا اشتمل على أكثر من عقد امتزجت جميعًا فأصبحت عقدًا واحدًا سمي عقدًا مختلطًا، ومثال على ذلك العقد بين صاحب الفندق والنازل فيه، فهو يُعتبر مزيجًا من عقد بيع بالنسبة إلى المأكل، وعقد إيجار بالنسبة إلى المسكن، وعمل بالنسبة إلى الخدمة، ووديعة بالنسبة إلى الأمتعة.
والعقود التي تمتزج في عقد واحد وتمسى بالعقد المختلط، تطبق فيها أحكام العقود المختلطة التي يشتمل عليها، فمن المفيد أحيانًا أن يؤخذ العقد المختلط كوحدة قائمة بذاتها، وذلك إذا تعارضت أو تنافرت الأحكام التي تُطبق على كل عقد من العقود التي يتكون منها ، وحينها يجب تغليب أحد هذه العقود على اعتبار أنه العنصر الأساسي وتُطبق أحكام هذا العقد دون غيره، ومثال على ذلك عقد التليفون الذي يدور بين عقد العمل وعقد الإيجار، بيد أن القضاء غلب عنصر عقد العمل.
الأغراض المختلفة التي يتوخاها المشرع في تنظيم العقود المسماة :
عنى المشرع من تنظيم العقود المسماة وإيراد نصوص خاصة في شأنها تحقيق أغراض مختلفة منها :
- تجنيب المتعاملين المشقة في تنظيم تعاملاتهم التعاقدية، فتنظيم المشرع أراد من خلاله إرساء القواعد وترسيخ الأحكام، لما كانت العقود المسماة من أكثر العقود شيوعًا، فتنبه المشرع لأكثر من يثار لهذه العلاقات وتناولها بالتحديد والتنظيم، فجمع المشرع لتلك المسائل وتولاها نيابة عن المتعاقدين.
- تطبيق المشرع للقواعد العامة في عقد مسمى بالذات يوضح تطبيقات غير ظاهرة لهذه القواعد تختلف حولها التفسيرات، فيعرض لها مع توضيحها بنصوص حاسمة ليس فيها مجالًا للشك، ومن أمثلة ذلك : ضمان العيوب الخفية، وضمان الاستحقاق، وتحمل تبعة الهلاك.
- في العقود المسماة دور المشرع لا يقتصر على مجرد تطبيق القواعد العامة، إذا أنه في بعض الحالات يخرج عن هذه القواعد لمبررات خاصة ترجع للعقد المسمى الذي يتولى تنظيمه وغالب تلك المبررات تتصل بالنظام العام.
- توجيه هذا العقد وتطويره بحيث يتمشى مع الاتجاهات المتحددة، فهو يعمل على تنظيم ما ألفته الناس من خلط عقد الإيجار بعقد البيع، وفي تحريم الرهن الذي يستتر تحت اسم بيع الوفاء، وفي تحريم بيع الوفاء ذاته.
تقسيم العقود المسماة :
رتب المشرع العقود المسماة ترتيبًا منطقيًا متسقًا راعى فيه المحل الذي يقع عليه العقد، فهناك عقود تقع على العمل، وعقود تقع على المنفعة، وعقود تنصب على الملكية، وهناك عقودًا احتمالية.
أنواع العقود المسماة
العقود المسماة هي عقود عنى المشرع بتنظيمها ومن ثم وضع لها أحكامًا خاصة بسبب أهميتها البالغة وكثرة تداولها في ميادين التعاون والنشاط الاقتصادي.
ومن العقود المسماة ما يرد على الملكية كالبيع والمقايضة والشركة والقرض والهبة، ومنها ما يرد على الانتفاع بالشيء كالإيجار والعارية، ومنها أيضًا ما يرد على العمل كعقد العمل وعقد المقاولة، ومنها كذلك العقود الاحتمالية كعقد التأمين.
إضافة إلى ما تقدم فعقود التأمينات الشخصية والعينية، كالكفالة والرهن الرسمي والحيازي من العقود المسماة التي عنى المشرع بتنظيمها ووضع لها أحكامًا خاصة.
وسوف نتناول في مقالنا بإيجاز بعض أنواع العقود المسماة وهي عقد البيع وعقد المقاولة وعقد الإيجار.
عقد البيع :
عقد البيع من العقود المهمة وهو عقد يلتزم به البائع بان ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقًا ماليًا آخر مقابل ثمن نقدي.
وفيما سيلي نتناول خصائص عقد البيع كأحد أنواع العقود المسماة.
خصائص عقد البيع :
يتميز عقد البيع عن دونه من العقود بخصيصتين أساسيتين إضافة إلى الخصائص العامة وهذا ما سنتناوله في الاتي :
أولًا: الخصائص المحددة لعقد البيع
لعقد البيع خصيصتين أساسيتين تميزانه عن غيره من العقود وهما :
الخاصية الأولى : البيع عقد ينشئ التزامًا بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر.
فعقد البيع بذاته لا ينقل الملكية مباشرة وإنما يتم نقل الملكية بناء على التزام البائع بنقلها.
الخاصية الثانية : نقل الملكية يتم في مقابل ثمن نقدي : فيتميز عقد البيع عن غيره من العقود التي تنقل الملكية كعقد الهبة الذي يتم في الأصل بلا ثمن وعقد المقايضة الذي لا يكون فيه المقابل ثمن نقدي.
ثانيًا : الخصائص العامة لعقد البيع
لعقد البيع عدة خصائص يُمكن إجمالها في الآتي :
البيع عقد من العقود المسماة :
بحيث وضع له المشرع تنظيمًا قانونيًا خاصًا به وبين أحكامه القانونية بشكل وافي، بحيث أن التنظيم القانوني لعقد البيع يحتوي على قواعد آمرة ليس لأحد من المتعاقدين الاتفاق على مخالفتها، وهناك قواعد أخرى مكمة أو مفسرة لإرادة المتعاقدين، وبالتالي يجوز لهم الاتفاق على مخالفتها.
البيع عقد رضائي :
بحيث يكفي لانعقاده وحتى يكون صحيحًا توافق الإيجاب والقبول وبين طرفي العقد البائع والمشتري، ولا يشترط لانعقاده أي شكل خاص فقد يُبرم في الشكل العرفي أو الرسمي، وقد يُعقد كتابة أو مشافهة أو بأي طريق آخر من طُرق التعبير عن الإرادة.
البيع عقد ملزم للجانبين :
وذلك لأنه يرتب التزامات متقابلة بين طرفيه، فالبائع يقع عليه التزام بعمل ما لزم من جانبه لنقل الملكية والضمان وبتسليم المبيع، والمشتري يلتزم بدفع الثمن وكذلك الالتزامات الأخرى الملقاة على عاتقه.
وفي تأييد ذلك جاء في حُكم محكمة التمييز الأردنية بصفتها الحقوقية رقم (2283) لسنة 2017 فيما يخص عقد البيع : “هو من العقود الملزمة للجانبين والتي ترتب التزامات متقابلة على الفريقين بحيث يلتزم البائع بتسليم المبيع ويلتزم المشتري بتسليم الثمن”.
البيع عقد من عقود المعاوضات :
فكلا طرفي عقد البيع يأخذان يأخذا مقابلًا لما يعطيانه، فالبائع يعطي المبيع ويأخذ الثمن، والمشتري يأخذ المبيع ويعطي الثمن.
عقد البيع من أعمال التصرف :
وذلك بغض النظر إذا تعلق الأمر بالمشتري أو بالبائع، لأن المشتري يفقد الثمن الذي يدفعه، والبائع يفقد الشيء أو الحق المالي الذي يبيعه، وهذا يستلزم توافر أهلية التصرف في كل من البائع والمشتري.
عقد المقاولة :
بحسب المادة (780) من القانون المدني الأردني فعقد المقاولة هو عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئًا أو يؤدي عملًا لقاء بدل يتعهد به المتعاقد الآخر .
يعرف عقد المقاولة أو عقد الاستصناع بأنه : ” عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئًا أو أن يؤدي عملًا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر، ويجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله، كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل معًا “. العقود المسماة هي عقود كثيرة التداول في الحياة العملية، فكانت لها أسمائها الخاصة، كالبيع والشركة والإيجار والهبة والوكالة والمقاولة، والعقد النموذجي ويسمى أيضا العقد المعياري عبارة عن مسودة لعقد معد من قبل أشخاص محترفين ومعتمدين تستخدم للتعاقد بها ، ولا بد من التمييز بين عقد العمل و عقد المقاولة ، في هذا الموضوع سنقوم بعرض نموذج عقد مقاولة.
وفيما يلي سنتناول أهم خصائص عقد المقاولة كأحد أنواع العقود المسماة، وذلك فيما يلي :
خصائص عقد المقاولة :
لعقد المقاولة عديد الخصائص من أهمها :
عقد رضائي :
فلا يُشترط لانعقاده شكل معين، فهو ينعقد بمجرد ارتباط قول أحد الطرفين بإيجاب الطرف الآخر وتطابقهما، ويجوز أن ينعقد مشافهة أو بالكتابة أو حتى بالإشارة لغير القادر على النطق.
عقد معاوضة :
بسبب رغبة كلا المتعاقدان من الحصول على منفعة جراء تعاقدهما، وذلك مقابل ما يقدمه الطرف الآخر، فالمقاول يقوم بتأدية العمل المطلوب منه مقابل البدل الذي يحصل عليه من صاحب العمل.
عقد ملزم للجانبين :
فهو يُرتب التزامات على عاتق طرفيه وذلك منذ لحظة إبرامه، فيلتزم صاحب العمل بأن يتسلم العمل بعد إنجازه ويدفع البدل، وذلك بعد أن يلتزم المقاول بإنجاز العمل ثم تسليمه.
عقد وارد على العمل :
فالقيام بعمل معين هو العنصر الجوهري المطلوب من المقاول في العقد، فهو عمل يقوم به المقاول باستقلال تام دون أي إشراف أو تبعية من جانب صاحب العمل.
عقد محدد :
ويقصد بأنه عقد محدد أي يُمكن لأي من طرفيه أن يُحدد عند التعاقد قيمة المنفعة التي يُقدمها إلى المتعاقد الآخر، وكذلك قيمة المنفعة التي سوف يأخذها منه، ولك القيمة لا يتوقف على أمر احتمالي غير محقق الوقوع.
عقد الإيجار :
عقد الإيجار هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه بتمكين المستأجر من الانتفاع بشيء معين ولمدة معينة لقاء أجر معلوم.
وسوف نتناول أهم خصائص هذا العقد كأحد أنواع العقود المسماة وذلك كما سيلي :
خصائص عقد الإيجار :
يتمتع عقد الإيجار بعدة خصائص سنجملها فيما يلي :
عقد من العقود المسماة :
فالمشرع أكد طابع العقد المسمى لعقد الإيجار إذ أعطاه اسمًا خاصًا به وهو ” الإيجار ” وخصه بأحكام خاصة.
عقد وارد على المنفعة :
فهو يختلف عن العقود التي تقع على الملكية كالهبة والشركة والبيع والمقايضة والقرض، فهو عقد يقتصر على تمكين المستأجر من الانتفاع بشيء معين خلال فترة معينة.
عقد رضائي :
فهو من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد تطابق الإيجاب والقبول على طبيعة العقد والشيء المؤجر، والأجرة، والمدة وحتى ينعقد فهو ليس بحاجة إلى شكل خاص كورقة رسمية أو عرفية.
وفيما يتعلق بهذه الخاصية فقد نصت محكمة التمييز الأردنية في حكمها رقم (6337) لسنة 2018 بصفتها الحقوقية على ما يلي : ” عقد الإيجار هو عقد رضائي ملزم للجانبين ويتضمن التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور مقابل التزام الأخير بأداء الأجرة المتفق عليها وفق بنود العقد “.
عقد ملزم لجانبين :
ففيه يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة، وبتعهدها بالصيانة، وبضمان العيوب الخفية، وبضمان التعرض، كما يلتزم المستأجر بدفع الأجرة، وباستعمال العين المؤجرة لغرض الذي أعدت من أجله، وكذلك المحافظة عليها وردها.
عقد معاوضة :
فيعد عقد الإيجار من عقود المعاوضة، وذلك لأن كل طرف يأخذ مقابلًا لما يعطي، فيأخذ المؤجر الأجرة مقابل تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، ويأخذ المستأجر الانتفاع بالعين المملوكة للمؤجر مقابل دفعه الأجرة.
عقد زمني :
فهو يُعد من العقود الزمنية، فالزمن فيه عنصرًا جوهريًا ، لأنه يُعقد لزمن معين، ففيه يلتزم كل من المؤجر والمستأجر بمدة معينة ينتفع فيها المستأجر بالعين المؤجرة مقابل دفع المستأجر الأجرة للمؤجر على هذه المدة.
للاطلاع على مقالة عن العقود غير المسماة اتبع الرابط
