تفسير عقد الإيجار

تفسير عقد الإيجار

 158- تطبيق القواعد العامة : عقد الإيجار كغيره من العقود تسري عليه القواعد العامة في التفسير . وقد نظر التقنين المدني إلى حالات ثلاث في تفسير العقد ، ووضع لكل حالة قاعدة ملزمة  . فإذا كانت عبارة العقد واضحة ، لم يجز الانحراف عن المعنى الظاهر . أما إذا كانت غير واضحة ، فيجب تبين الإرادة المشتركة للمتعاقدين . فإذا قام شك في تبين هذه الإرادة ، فسر الشك لمصلحة المدين( [1] ) .

159- عبارة العقد واضحة – العقود المطبوعة : تقضي الفقرة الأولى من المادة 150 مدني بأنه  “إذا كانت عبارة العقد واضحة ، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين ” . فيتقيد القاضي إذن بعبارة عقد الإيجار الواضحة ، ولا ينحرف عنها بدعوى تفسيرها ، فإذا فعل لم يخضع 200 لرقابة محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن محكمة الموضوع ، إذ تأخذ بالمعنى الظاهر لنصوص العقد الصريح ، لا يكون حكمها خاضعاً لرقابة محكمة النقض . فإذا تنازع المؤجر والمستأجر على دفع أجرة الأطيان التي ادعى المستأجر عجزها من العين المؤجرة وأجرة الأطيان التي ادعى تخلفها شراقي ، وكانت نصوص عقد الإجارة المحررة بينهما مانعة من إجابة المستأجر ما طلب ، فأعطتها المحكمة حكمها ورضت طلباته ، فلا سبيل إلى الطعن على حكم المحكمة فيما قضي به( [2] ) .

والمقصود بوضوح العبارة هو وضوح الإرادة ، فقد تكون العبارة في ذاتها واضحة ولكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءا استعمال هذا التعبير الواضح فقصدا معنى وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم له هذا المعنى بله واضح في معنى آخر ، ففي هذه الحالة لا يأخذ القاضي المعنى الواضح للفظ ، ويعدل عنه إلى المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان . ويشترط في ذلك أن يفترض القاضي بادئ ذي بدء أن المعنى الواضح من اللفظ هو ذات المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان ، فلا ينحرف عنه إلى غيره من المعاني إلا إذا قام أمامه من ظروف الدعوى ما يبرر ذلك . فإذا عدل عن المعنى الواضح إلى غيره من المعاني لقيام أسباب تبرر ذلك . فإذا عدل عن المعنى الواضح إلى غيره من المعاني لقيام أسباب تبرر ذلك ، وجب عليه أن يبين في حكمه هذه الأسباب( [3] ) . أما إذا انحرف القاضي عن المعنى الظاهر إلى معنى آخر دون أن تكون هناك أسباب تبر ذلك ، فإن الانحراف عن عبارة العقد الواضحة يعتبر تحريفاً لها ومسخاً وتشويها مما يوجب نقض الحكم .

وكثيراً ما تكون عبارة عقد الإيجار واضحة ولكنها تدرج شرطاً فقي عقود مطبوعة ، فهل هذه الشروط المطبوعة التي قل أن يلتفت إليها المتعاقدان والتي تكون عادة في مصلحة المؤجر ، ملزمة للمتعاقدين؟ الظاهر أن المسألة متروكة لتقدير القضاء ، ففي بعض الظروف ترى المحكمة أن الشرط المطبوع القاضي على 201 المستأجر بعدم الإيجار من الباطن غير ملزمة له( [4] ) ، ولكن في أكثر الظروف ترى المحكمة أن هذه الشروط المطبوعة ملزمة للجانبين( [5] ) . ويمكن القول بوجه عام إن الشرط المطبوع كالشرط المكتوب ملزم للمتعاقدين( [6] ) ، إلا إذا تبين للمحكمة أن المتعاقد الملزم بهذا الشرط لا يمكن أن يكون قد التفت إليه وقت توقيعه العقد ولو فعل لرفضه ، أو تبين للمحكمة أن الشرط المطبوع من شروط الإذعان اضطر المتعاقد إلى قبوله وعندئذ تسري قواعد عقود الإذعان ، فيفسر الشرط لمصلحة الطرف المذعن ولو كان هو الدائن ( م 151/2 مدني ) ، وإذا كان الشرط تعسفياً جاز للقاضي أن يعدله أو أن يعفى الطرف المذعن منه ( م 149 مدني ) .

160- عبارة العقد غير واضحة : تنص الفقرة الثانية من المادة 150 مدني على ما يأتي :  “أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين ، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل ، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ،وفقاً للعرف الجاري في المعاملات ” . ويؤخذ من هذا النص أنه إذا كانت العبارة الواردة في عقد الإيجار غير واضحة . وتحتمل أكثر من معنى واحد ، كان هناك محل لتفسير العقد . ويجب عند ذلك الرجوع إلى الإرادة المشتركة للمتعاقدين لا إلى الإرادة الفردية لكل منهما ، لأن الإرادة المشتركة هي التي التقى عندها المتعاقدان ، فهي التي يؤخذ بها دن اعتداد بما لأي متعاقد منهما من إرادة فردية لم يتلاق معه المتعاقد الآخر فيها . ويستهدي القاضي للكشف عن هذه الإرادة المشتركة بطبيعة التعامل ، وبما ينبغي أن يتوافر نم أمانة وثقة بين المتعاقدين ، وفقاً للعرف الجاري 202 في المعاملات . وهذه عوام مختلفة ، وكلها عوامل موضوعية لا ذاتية ، فالنية المشتركة للمتعاقدين وهي مسألة نفسية خفية يستدل عليها بعوامل مادية ظاهرة يطمئن إليها القاضي في تفسير العقد التماساً لاستقرار التعامل( [7] ) .

ومن العوامل التي يستهدي بها القاضي في تفسير الغامض من عقود الإيجار ا يكون المتعاقدان قد بدآ في تنفيذ العقد على وجه عين ، فيكون ذلك مساعداً على تفهم إرادتهما المشتركة( [8] ) . وذلك ما لم يثبت من الظروف أن هناك تسامحا من جانب أحد المتعاقدين م يرد به النزول عن حق ثبت له بموجب العقد ، وقد قضي بأن مجرد انتفاع المستأجر مدة طويلة بشيء لم يشمله عقد الإيجار لا يعطيه الحق في تفسير العقد بأنه يشمل هذا الشيء( [9] ) .

وكثيراً ما تدعو الحاجة إلى تفسير عقد الإيجار فيما يتعلق بتحدد العين المؤجرة ، وهذه واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات ومنها البينة والقرائن ولو كان هذا فيما يجاوز عشرة جنيهات . بل نحن في الواقع أمام مسألة تفسير ولسنا بصدد مسألة إثبات ، والقاضي يستعين في تفسيره للعقد بكل ما يراه موصلا للحقيقة ولو كان ذلك مجرد قرائن . ولكن إذا حددت العين المؤجرة في عقد مكتوب ، فلا يجوز إثبات عكس ما في الكتابة إلا بالكتابة( [10] ) .

203 161- قيام الشك في التعرف على إرادة المتعاقدين وتفسير الشك في مصلحة المدين : فإذا كانت عبارة العقد غير واضحة ، وحاول القاضي التعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين بالعوامل التي يستأنس بها في ذلك والتي بيناها فيما تقدم فلم يفلح في التعرف على هذه الإرادة وقام الشك في ذلك ، فسر هذا الشك في مصلحة المدين . وتقول الفقرة الأولى من المادة 151 مدني في هذا الصدد/  “يفسر الشك في مصلحة المدين “( [11] ) .

والمفروض فيما تقدم أن هناك عبارة في العقد غامضة تتناول التزاماً أو شرطاً من شروط الإيجار ، وقد حاول القاضي تفسير هذه العبارة فلم يستطع أن يرجح معنى على آخر من المعاني التي تحتملها العبارة . فعند ذلك يلجأ إلى القاعدة التي تقضي بأن يكون التفسير في مصلحة المدين . والمقصود بالمدين هنا هو المتعاقد الذي يقع عليه عبء الالتزام أو الشرط . وعبء الالتزام يقع على المدين بهذا الالتزام ، أما عبء الشرط فقد يقع على المدين أو على الدائن بحسب الأحوال . مثل ذلك الالتزام بالأجرة عبؤه يقع على المدين به وهو المستأجر ، فإذا كانت هناك عبارة غامضة تتعلق بمقدار الأجرة ووقع الشك في تفسيرها كان التفسير في مصلحة المستأجر . والالتزام بتسليم العين المؤجرة عبؤه يقع على المدين به وهو المؤجر ، فإذا كانت هناك عبارة غامضة تتعلق بتحديد العين المؤجرة ووقع الشك في تفسيرها كان التفسير في مصلحة المؤجر . ولكن قد توجد شروط تتعلق بالالتزامات الناشئة من الإيجار . مثل ذلك شروط خاصة من شأنها أن تيسر على المستأجر دفع الأجرة ، فهذه الشروط يقع عبؤها على المؤجر ولو أنه هو الدائن 204 بالأجرة لا المدين بها ، ولذلك تفسر هذه الشروط إذا كانت غامضة في مصلحة المؤجر لا في مصلحة المستأجر . ومثل ذلك أيضاً شروط خاصة تخفف على المؤجر مسئوليته في ضمان التعرض ، فهذه الشروط يقع عبؤها على المستأجر ولو أنه أو الدائن بهذا الضمان لا المدين به ، ولذلك تفسر هذه الشروط إذ كانت غامضة في مصلحة المستأجر لا في مصلحة المؤجر( [12] ) .

وتورد الفقرة الثانية من المادة 151 مدني استثناء من القاعدة التي تقضي بأن النص يفسر لمصلحة المدين ، فتقول :  “مع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن ” . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك عند الكلام في عقود الإذعان المطبوعة( [13] ) .

الفصل الثاني

الآثار التي تترتب على الإيجار

162- الالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار : الآثار التي تترتب على الإيجار هي الالتزامات التي ينشئها هذا العقد . والإيجار ينشئ التزامات في جانب المؤجر ، وأخرى في جانب المستأجر . وهو لا ينقل ملكية الشيء المؤجر إلى المستأجر كما في البيع ، بل يعطيه حتى الانتفاع بهذا الشيء ، وهذا الحق شخصي لا عيني .

فالكلام في آثار الإيجار إذن ينقسم إلى ما يأتي : ( 1 ) التزامات المؤجر . ( 2 ) التزامات المستأجر . ( 3 ) طبيعة حق المستأجر والتصرف في هذا الحق .

وكل ما نذكره عن التزامات المؤجر والمستأجر إنما هو التفسير المعقول لإرادة المتعاقدين المشتركة ، ويسري في حالة سكوت العقد . ولكن  يجوز للمتعاقدين أن يدخلا تعديلات على هذه الالتزامات بنص في العقد ، فيزيدا في التزامات أحدهما ، أو ينقصا من التزامات الآخر ، ما دام ما اتفقا عليه غير مخالف للنظام العام ولا للآداب( [14] ) .

205 الفرع الأول

التزامات المؤجر

163- حصر التزامات المؤجر الرئيسية : يمكن حصر التزامات المؤجر الرئيسية في أربعة : ( 1 ) الالتزام بتسليم العين المؤجرة . ( 2 ) الالتزام بتعهد العين المؤجرة بالصيانة . ( 3 ) الالتزام بضمان التعرض للمستأجر . ( 4 ) الالتزام 206 بضمان العيوب الخفية في العين المؤجرة( [15] ) .

ومجموع هذه الالتزامات الأربعة هو الذي يؤدي إلى القول بأن المؤجر يلتزم بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة .

وأهم الفروق ما بين التقين المدني الجديد والتقنين المدني القديم في صدد هذه الالتزامات هي ما يأتي( [16] ) :

أولا – فيما يتعلق بالتزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة ، كان التقنين المدين القديم ( م 369 م 452 ) يقضي بأن يسلم الشيء المؤجر بالحالة التي يكون لعيها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر به . أما التقنين المدني الجديد ( م 564 ) فيلزم المؤجر بأن يسلم المستأجر الشيء المؤجر في حالة يصلح معها لأن يفي بما أعد له من المنفعة .

ثانيا – فيما يتعلق بالتزام المؤجر بتعهد الشيء المؤجر بالصيانة ، كان التقنين المدني القديم ( م 370 فقرة أولى / 453 ) يقضي بألا يكلف المؤجر بعمل أي مرمة . أما التقنين المدني الجديد ( م 567/1 ) فيقضي بأن يقوم المؤجر بجميع الترميمات الضرورية .

ثالثاً – فيما يتعلق بضمان العيوب الخفية ، لم يكن يوجد في التقنين المدني القديم نص صريح يلزم المؤجر بهذا الضمان . وقد وجد هذا النص ( م 576 ) في التقنين المدني الجديد .

وهذه الفروق هي التي دعت إلى القول بأن التزامات المؤجر في التقنين المدني القديم تغلب عليها الصبغة السلبية( [17] ) ، أما في التقنين المدني الجديد فتغلب الصبغة الايجابية ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك .

ونتكلم في التزامات المؤجر الأربعة في مباحث أربعة متعاقبة .

207 المبحث الأول

تسلم العين المؤجرة

164- تريب البحث : نتكلم هنا في مسائل أربع : ( 1 ) ما الذي يجب أن يسلم . ( 2 ) على أية حالة يجب أن يسلم . ( 3 ) كيف ومتى وأين يكون التسليم . ( 4 ) جزاء عدم القيام بالتزام التسليم .

المطلب الأول

ما الذي يجب أن يسلم

165- تطبيق قواعد البيع – نصوص قانونية : تنص المادة 566 من التقنين المدني على ما يأتي :

 “يسري على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام ، وعلى الأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها “( [18] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وسنرى فيما يلي المواضع التي يختلف فيها هذا التقنين عن التقنين المدني الجديد .

ويقابل هذا النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى  : في التقنين السوري م 35 – في التقنين المدني الليبي م 565 – في التقنين المدني العراقي م 748 – في تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 545( [19] ) .

208 والذي يعنينا هنا من أحكام تسليم المبيع( [20] ) هو ما ورد من أحكام تتعلق بتحديد مقدار العين وبتحديد ملحقاتها( [21] ) . وهذه الأحكام تتضمنها المواد 432- 434 مدني ، وسيأتي بيانها فيما يلي .

وكما أن الذي جيب أن يسلم في البيع هو الشيء المبيع وملحقاته ، كذلك الذي يجب أن يسلم في الإيجار هو الشيء المؤجر وملحقاته( [22] ) . فنتكلم إذن : ( 1 ) في تحدد مقدار العين المؤجرة . ( 2 ) وفي تحديد ملحقاتها .

§ 1– تحديد مقدار العين المؤجرة

166- تطبيق أحكام تحديد مقدار المبيع : جاء في المذكرة الإيضاحية 209 للمشروع التمهيدي  صدد المادة 566 مدني :  “يتبع في تسليم العين المؤجرة من القواعد ما سبق تقريره خاصاً بتسليم العين المبيعة ، فالتسليم يقع على العين المؤجرة وملحقاتها . والملحقات هي كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال العين طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين . وإذا ضمن المؤجر للمستأجر أن العين تشتمل على قدر معين ، كان مسئولا عن هذا القدر حسب ما يقضي به العرف . ولكن لا يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد لنقص في العين المؤجرة ، إلا إذا كان هذا النقص من الجسامة بحيث يصبح تنفيذ العقد عديم الجدوى بالنسبة للمستأجر . أما إذا تبين أن القدر الذي تشتمل عليه العين المؤجرة يزيد عما ذكر في العقد ، وكان الثمن مقدراً بحساب الوحدة ، وجب على المستأجر أن يكمل الأجرة ، إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ العقد . وتسقط دعوى إنقاص أو تكملة الأجرة ودعوى فسخ العقد بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم العين المؤجرة تسليما حقيقياً “( [23] ) .

ونرى من ذلك أن النصوص التي تسري على تحديد مقدار البيع تسري أيضاً على تحديد مقدار العين المؤجرة . وهذه النصوص هي المادتان 433 و 434 من التقنين المدني . وتنص المادة 433 على ما يأتي :  “1- إذا عين في العقد مقدار المبيع ، كان البائع مسئولا عن نقص هذا القدر بحسب ما يقضي به العرف ، ما لم يتفق على غير ذلك . على أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في المبيع ، إلا إذا أثبت أن هذا النقص من الجسامة بحيث أنه لو كان يعلمه لما أتم العقد . 2- أما إذا تين أن القدر الذي يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر في العقد وكان الثمن مقدراً بحساب الوحدة ، وجب على المشتري ، إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض ، أن يكمل الثمن ، إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ العقد ، وكل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه ” . وتنص المادة 434 على ما يأتي :  “إذا وجد في المبيع عجز أو زيادة ، فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد ، وحق البائع في طلب تكملة الثمن ، يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليما فعلياً “( [24] ) .

210 فإذا فرض أن العين المؤجرة هي شيء معين بالذات( [25] ) ، وقد عين مقداره في عقد الإيجار( [26] ) ، فإن المؤجر يكون ضامناً للمستأجر هذا المقدار المعين . مثل ذلك أن تكون العين المؤجرة أرضاً زراعية ويذكر في عقد الإيجار أن مساحتها عشرون فداناً ، فإذا تبين أن الأرض المؤجرة عشرون فداناً لا أقل ولا أكثر ، لم يكن لأحد المتعاقدين أن يرجع على الآخر بشيء . ولكن قد يقع أن تكون مساحة الأرض أقل من عشرين فداناً أو أكثر ، فتنشأ عن ذلك دعوى يرجع بها أحد المتعاقدين على الآخر . فنبحث : ( 1 ) حالة نقص العين المؤجرة . ( 2 ) وحالة زيادتها . ( 3 ) والدعاوي التي تنشأ عن هذا النقص أو هذه الزيادة .

167- حالة نقص العين المؤجرة : إذا وجد بالعين المؤجرة نقص ، وكان هناك أنفاق خاص بين المتعاقدين في خصوص هذه الحالة ، وجب إعمال الاتفاق . فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب العمل بالعرف الجاري في التعامل ، وقد يكون النقص مما جري العرف بالتسامح فيه وعندئذ لا يرجع المستأجر على المؤجر بشيء من أجل هذا النقص . فإذا كان النقص محسوساً لا يتسامح فيه ، كان للمستأجر أن يرجع على المؤجر بتعويض بسبب هذا النقص . وقد يكون هذا التعويض إنقاصاً للأجرة بنسبة ما نقص من مقدار الشيء المؤجر ، ولكن هذا لا يتحتم . فالتعويض بقدر الضرر . فإذا كان النقص جسيما بحيث لو كان يعلمه المستأجر لما رضي أن يتعاقد ، جاز له أن يطلب فسخ العقد . وذلك  كله ليس إلا تطبيقاً لأحكام البيع في حالة نقص المبيع( [27] ) .

212 168- حالة زيادة العين المؤجرة : وإذا وجد بالعين المؤجرة زيادة ، وكان هناك اتفاق خاص بين المتعاقدين في خصوص هذه الحالة ، وجب العمل بهذا الاتفاق( [28] ) . فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب العمل بالعرف . فإن لم يوجد عرف ، وجب التمييز بين ما إذ كانت الأجرة مقدرة بحساب الوحدة أو مقدرة جملة واحدة .

فإذا كانت الأجرة مقدرة بحساب الوحدة ، كعشرين جنيها للفدان ، وكانت العين المؤجرة قابلة للتبعيض ، فالزيادة لا تدخل في الإيجار ويستردها المؤجرة . وإذا كانت الأجرة مقدرة بحساب الوحدة وكان الشيء المؤجر يضره التبعيض ، كحديقة فواكه ، وجب على المستأجر أن يكمل الأجرة ، إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز له أن يطلب فسخ الإيجار . ذلك أن القدر في الشيء ، ولو كان غر قابل للتبعيض ، يعتبر أصلا لا وصفاً ما دامت الأجرة قد قدرت بحساب الوحدة ، والأصل تقابله الأجرة . فإذا زادت العين المؤجرة وجب على المستأجر تكملة الأجرة بما يناسب الزيادة ، وكان للمؤجر على هذا النحو حق الرجوع على المستأجر بدعوى تكملة الأجرة . لكن قد تكون الزيادة جسيمة بحيث تكون تكملة الأجرة المناسبة لهذه الزيادة من شأنها أن تجعل المستأجر لا يتعاقد لو علم بهذه الزيادة وقت العقد ، ففي هذه الحالة يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار فلا يعود  ملزماً بتكملة الأجرة .

وإذا كانت الأجرة مقدرة جملة واحدة ، سواء كانت العين المؤجرة قابلة 213 للتبعيض أو غير قابلة له ، فإن القدر يعتبر وصافاً لا أصلاً ، والوصف لا يقابله شيء من الأجرة . ومن ثم يكون للمستأجر أن يأخذ العين المؤجرة بالأجرة المتفق عليها ، ولا يدفع شيئاً للمؤجر في مقابل الزيادة .

وذلك كله تطبيق لأحكام البيع في حالة زيادة المبيع( [29] ) .

169- تقادم الدعاوي التي تنشأ عن نقص العين المؤجرة أو زيادتها : ويخلص مما قدمناه أنه ينشأ عن نقص العين المؤجرة ا زيادتها دعاوي ثلاث : ( 1 ) دعوى غنقاص الأجرة ، تكون المستأجر إذا كان هناك نقص في الشيء المؤجر على النحو الذي قدمناه . ( 2 ) دعوى فسخ الإيجار ، تكون للمستأجر أيضاً إذا كان هناك نقص جسيم في الشيء المؤجر أو كانت هناك زيادة جسيمة وكان الشيء المؤجر لا يقبل التبعيض وقد قدرت الأجرة بحساب الوحدة . ( 3 ) دعوى تكملة الأجرة ، تكون للمؤجر إذا كانت هناك زيادة في العين المؤجرة وكانت لا تقبل التبعيض وقد قدرت الأجرة بحساب الوحدة .

فتسقط هذه الدعاوي الثلاث بمدة قصيرة هي سنة واحدة . ويبدأ سريا التقادم من وقت تسليم الشيء المؤجر تسليما فعليا ، ففي هذا الوقت يستطيع المستأجر أن يتبين ما إذا كان الشيء المؤجر فيه نقص يوجب إنقاص الأجرة أو فسخ الإيجار ، أو فيه زيادة توجب عليه تكملة الأجرة فيبادر إلى طلب الفسخ حتى يتوقى دفع هذه التكملة . وفي هذا الوقت أيضاً ، والمؤجر يسلم المستأجر الشيء المؤجر تسليما فعليا ، يتبين المؤجر عادة ما إذا كان بالشيء المؤجر زيادة تجعل له الحق في طلب تكملة الثمن .

214 ولا توقف السنة بسبب عدم توافر الأهلية ولو لم يكن للدائن نائب يمثله قانوناً ( م 382/2 مدني ) ، ولكنها تكون قابلة للانقطاع .

وذلك كله تطبيق لأحكام البيع في تقادم الدعاوي التي تنشأ عن قص المبيع أو زيادته( [30] ) .

§ 2- تحديد ملحقات العين المؤجرة

170- المقصود بملحقات العين المؤجرة : قدمنا أن المادة 566 مدني تقضي بأن يسري على تحديد ملحقات العين المؤجرة ما يسري على تحديد ملحقات المبيع . وقد نصت المادة 432 مدني على تحديد ملحقات المبيع على الوجه الآتي :  “يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء ، وذلك طبقا لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ” .

وقد ميزنا ، عند الكلام في البيع ، بين ملحقات الشيء وبين ما يقرب منها وقد يختلط بها . فأجزاء الشيء ليست من ملحقاته ، هي الأصل . ونماء الشيء ليس من ملحقاته ، بل هو يدخل في أصل الشيء ، ويتميز بأنه أصل 215 حاث وجد بعد العقد . ومنتجات الشيء ليست من أصله ، بل هي تتولد منه ولكن بصفه عارضة لا بصفة دورة ، فلا تدخل في أصله ولا تعتبر من ملحقاته . وثمرات للشيء هي أيضاً ليست من أصله ولا تعتبر من ملحقاته ، بل هي ما يتولد من الشيء بصفة دورية . أما ملحقات الشيء فهي ليست من أصله ، ولا من نمائه ، ولا من منتجاته ، ولا من ثمراته . فهي شيء مستقل عن الأصل ، غير متولد منه ، ولكنه أعد بصفة دائمة ليكون تابعاً للأصل وملحقاً به . وذلك حتى يتهيأ للأصل أن يستعمل في الغرض المقصود منه أو حتى يستكمل هذا الاستعمال . فالملحقات إذن هي ما يتعب الأصل ويعد بصفة دائمة لخدمته .

واعتبار أن شيئاً ما يعتب رمن ملحقات شيء آخر أو لا يعتبر يرجع فيه إلى طبيعة الأشياء كما هو الأمر في اعتبار حقوق الارتفاق من الملحقات ، أو إلى عرف الجهة كما هو الأمر في عدم اعتبار المشاتل والشطأ من الملحقات ، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين في هذا الشأن . فالأصل إذن أنه إذا وجد اتفاق على اعتبار شيء من الملحقات ، وجب اعتباره كذلك ووجب أن يشمله التسليم . وإذا لم يوجد اتفاق ، وجب إتباع العرف ومطاوعة طبائع الأشياء( [31] ) .

171- تطبيقات مختلفة في ملحقات العين المؤجرة : ونورد بعض تطبيقات توضح ما هي الأشياء التي يمكن اعتبارها ملحقات للعين المؤجرة في أحوال مختلفة( [32] ) .

إذا كان لاشيء المؤجر منزلا ، ألحق به حوشه ، وحديقة ، ومفاتيحه ، والأبنية الملحقة به كالبناء المعد للخدم أو للخدمة أو لقضاء الحاجات المنزلية من غسل وطبخ وغير ذلك ، والاصطبلات والجراجات ، وأجهزة الماء والكهرباء والغاز والتدفئة والتكييف( [33] ) ، واستعمال المصعد . ومستأجر طابق في منزل له أن 216 ينتفع مع بقية السكان مستأجري الأطباق الأخرى بمرافق المنزل المشتركة ، كالدخول من الباب العام والصعود على السلم والانتفاع بسطح المنزل ، ولكنه لا يختص بشيء من هذا وحده إلا باتفاق بينه وبين المؤجر( [34] ) . وتعتبر حقوق الارتفاق ، كالارتفاق بعدم البناء ( non aedificandi ) ، من ملحقات العين المؤجرة( [35] ) .

ومستأجر المطعم أو المقهى له أن ينتفع بما يوجد أمام البناء من أرض يضع فيها الموائد والكراسي لمزاولة مهنته( [36] ) . ومستأجر المتجر أو المصنع له أن ينتفع بالاسم التجاري لتصريف ما ينتجه في العين المؤجرة( [37] ) ، وأن ينتفع بالعملاء . بل يجوز اعتبار الاسم التجاري والعملاء من أصل العين المؤجرة لا من الملحقات . والمصنع تتبعه الآلات اللازمة لتشغيله والأرض المحيطة به والمخازن الملحقة والماء الذي ينتفع به لتوليد القوة الكهربائية .

والأرض الزراعية يتبعها السواقي والمصارف والمخازن المعدة لتخزين المحصولات وزرائب المواشي والشرب والطريق والمباني الملحقة بالأرض للعمال أو لغيرهم ممن يباشرون الزراعة أو يتعهدونها . ولكن ليس لمستأجر ارض للزراعة أن ينتفع بمحجر أو بمنجم يجده فيها إلا باتفاق خاص . وله الانتفاع بالطمي الذي يزيد في مساحة الأرض ، على شرط أن يدفع زيادة مقابلة له في الأجرة إذا كانت الزيادة محسوسة( [38] ) . ولا يشمل إيجار الأراضي الزراعية المواشي والأدوات 217 الزراعية التي توجد في الأرض ، إلا إذا اتفق الطرفان على ذلك ( م 610 مدني ) ، وسيأتي بيان هذا عند الكلام في إيجار الأراضي الزراعية( [39] ) .

وحق الصيد ، في رأي( [40] ) ، يعتبر من ملحقات العين المؤجرة ، وهذا بالرغم من أن المؤجر يحتفظ بحقه كاملا في الصيد في الأرض التي أجرها إذ أن ذلك لا يمنع المستأجر من أن يستعمل هو أيضاً هذا الحق باعتباره من ملحقات العين . وهناك شك فيما إذا كان يجوز لذوي المستأجر ممن يعيشون معه أن يستعملوا هم أيضاً حق الصيد ، والراجح أنهم لا يجوز لهم ذلك وأن المستأجر وحده هو الذي يجوز له أن يستعمل هذا الحق( [41] ) .

 أما حق لصق الإعلانات على حوائط العين المؤجرة وسطحها أو على أعمدة مثبتة في الأرض المؤجرة فلا يعتبر من ملحقات العين ، إلا إذا كانت الإعلانات خاصة بعمل المستأجر نفسه وفي الحدود المتعارف عليها . فلا يصح للمستأجر ، دون اتفاق صريح أو ضمني مع المؤجر ، أن يترك غيره يلصق إعلانات في العين المؤجرة ، سواء كان ذلك بمقابل أو بغير مقابل( [42] ) . كذلك لا يحق للمؤجر أن 218 يلصق إعلانات في العين المؤجرة بغير إذن المستأجر( [43] ) .

وحق تصوير العين المؤجرة ، بالرسم أو بالفوتوغرافيا أو بأية وسيلة أخرى ، يعتبر من ملحقات العين المؤجرة . فيجوز للمستأجر أن يستعمل هذا الحق ، ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك( [44] ) .

هذا وهناك من الملحقات ما يعتبر ضرورياً للعين المؤجر ، ولا يتم الانتفاع بالعين الانتفاع المقصود إلا إذا توافر وجودها . فإذا لم توجد كلها أو بعضها ، التزم المؤجر بإيجاد ما ليس موجوداً منها وتسليمه للمستأجر ، ولا يكتفي بتسليم ما هو موجود فقط ، لأن هذا هو التفسير المعقول لنية المتعاقدين( [45] ) .

المطلب الثاني

على أية حالة يجب أن تسلم العين المؤجرة

172 الاختلاف ما بين التقنين المدني القديم والتقنين المدني الجديد – نصوص قانونية : تنص المادة 564 من التقنين المدني الجديد على أن  “يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين “( [46] ) .

219 ويقابل هذا النص في التقنين المدني القديم المادة 369 / 452 ، وتجري على الوجه الآتي :  “يسلم المؤجر بالحالة التي يكون عليها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر به ، ما لم يحدث به خلل بعد عقد الإيجار بفعل المؤجر أو من قام مقامه ” .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 532 – وفي التقنين المدني الليبي م 563 – وفي التقنين المدني العراقي م 742 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 547( [47] ) .

ويظهر من مقابلة نص التقنين المدني الجديد بنص التقنين المدني القديم أن هناك اختلافاً بينا في الحكم ما بين التقنيين . وقد لخصت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد هذا الاختلاف في العبارات الآتية :  “أدخل المشروع في التزامات المؤجر تجديداً من شأنه أن يجعلها ايجابية كما تقدم . وفي الالتزام بتسليم العين المؤجرة يلاحظ الفرق بين المشروع والتقنين الحالي ( القديم ) م 369 / 452 . ففي المشروع يلتزم المؤجر بأن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها أن تفي بما أعدت له من المنفقة . أما في التقنين الحالي ( القديم ) فيسلم الشيء المؤجر بالحالة التي يكون عليها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر به . ويرجع هذا الفرق إلى المبدأ 220 العام الذي سبقت الإشارة إليه من أن المشروع يلزم المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين ، أما التقنين الحالي ( القديم ) فلا يلزم المؤجر إلا بأن يترك المستأجر ينتفع بالعين “( [48] ) .

ومن المهم ، قبل إيراد أحكام التقنين المدني الجديد ، أن تورد أحكام التقنين المدني القديم ، إذ أن هذه الأحكام سري على عقود الإيجار المبرمة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 كما سبق القول .

§ 1 – التقنين المدني القديم

173- تسليم العين بالحالة التي هي عليها عند بدء الانتفاع : رأينا أن المادة 369 / 452 من التقنين المدني القديم تقضي بأن تسليم العين المؤجرة بالحالة التي تكون عليها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر بها . ويترتب على ذلك أن المؤجر لا يلتزم بتصليح العين إذا كانت في حاجة إلى ذلك ، سواء أكان التصليح جسيما أم بسيطاً ، وليس عليه أن يهيئ العين للانتفاع بها مباشرة إذا لم تكن مهيأة لذلك( [49] ) . وهذا بخلاف ما سنراه في التقنين المدني الجديد .

221 174- صلاحية العين للغرض الذي أوجرت من أجله : وقد كان الفقه والقضاء في مصر يعملان ، في عهد التقنين المدني القديم . على سد ما يبدو من نقص في التزامات المؤجر حتى يقتربا بها من أن تكون تمكينا للمستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة . وقد كتبنا في يذلك العهد في خصوص هذه المسألة ما يأتي :  “ولكن يلاحظ أن تسليم العين بالحالة التي هي عليها وقت التسليم لا يمنع من وجوب أن تكون صالحة للغرض الذي أوجرت من أجله . فهناك فرق بين عدم صلاحية العين أصلا للغرض المقصود منها ، وبين عدم صلاحيتها للانتفاع بها مباشرة . ففي الحالة الثانية فقط نرى المشرع المصري لا يتشدد في التزام المؤجر ، إذ يكفي أن هذا يسلم العين كما هي ، ولو كان الانتفاع بها يستلزم بعض أعمال تمهيدية ، ويجعل المشرع هذه الأعمال على المستأجر . أما في الحالة الأولى فلا يعقل أن المشرع المصري أراد أن يجعل التزام المؤجر قاصراً على تسليم العين ولو لم تكن صالحة أصلا للانتفاع بها الانتفاع المقصود من إيجارها ، كما إذا أوجرت ارض زراعية وعند التسليم رأى المستأجر أن الأرض قحلاء لا تصلح للزراعة ، فله في هذه إحالة – كما نرى – أن يمتنع عن استلام العين ، أما إذا كان قد استلمها فله أن يرجع على المؤجر بضمان العيب كما سيأتي . وكذلك الحال فيما ذا استؤجر منزل للسكن وعند الاستلام اتضح أنه لا يصلح لهذا الغرض أصلا “( [50] ) .

222 175- حصول خلل بالعين قبل التسليم : كذلك إذا حصل خلل في العين بفعل المؤجر أو من يقوم مقامه – كأتباعه أو مستأجر سابق – في المدة ما بين إبرام العقد وتسليم العين ، فإن العبارة الأخيرة من المادة 369 / 452( [51] ) تقضي بأنه يجب على المؤجر إصلاح هذا الخلل( [52] ) ، وإلا جاز للمستأجر أن يصلحه على حساب المؤجر ، أو أن يطلب فسخ العقد مع التعويضات الواجبة( [53] ) .

أما إذا كان هذا الخلل قد حدث بسبب أجنبي ، فإن كان قد تسبب عن الخلل هلاك العين هلاكاً كلياً أو استحالة الانتفاع بها الانتفاع المقصود ، فظاهر أن للمستأجر في هذه الحالة أن يطلب اعتبار العقد منفسخاً لاستحالة قيام المؤجر بالتزامه من تسليم العين للانتفاع بها الانتفاع المتفق عليه ، ولكن ليس له أن يطالب بأي تعويض . أما إذا تسبب عن الخلل هلاك جزئي جسيم أو نقص بين في الانتفاع ، فيرى الأستاذ دي هلتس بحق أن للمستأجر أن يطلب من المؤجر إصلاح هذا الخلل أو فخ الإيجار دون تعويض ، وليس للمؤجر أن يلزمه بتسليم العين بالخلل الذي فيها ولو مع إنقاص الأجرة . ذلك أن التقنين المدني القديم ، وإن كان يقضي بتسليم العين بالحالة التي تكون عليها وقت التسليم ، إنما يريد بذلك تسليمها بالحالة المعتادة التي تكون عليها دون إصلاح أو ترميم جديد . أما إذا حدث بالعين خلل تسبب عنه نقص بين فالعدالة تقضي بأن المؤجر يجب عليه إصلاح هذا الخلل وإلا جاز سخ العقد( [54] ) .

223 176- عدم وجود عوائق تحول دون الانتفاع بالعين المؤجرة : والمؤجر في التقنين المدني القديم ، كالمؤجر في التقنين المدني الجديد على ما سنرى ، يجب عليه أن يسلم العين خالية من جميع العوائق التي تحول دون الانتفاع بها ، فيخليها من حيازة مستأجر سابق ، ويمنع كل تعرض م الغير ولو كان تعرضا مادياً ما دام قد حدث قبل التسليم( [55] ) .

177- التعديل في التزام المؤجر : وغني عن البيان أنه يجوز في التقنين المدني القديم ، كما يجوز في التقنين المدني الجديد على ما سنرى ، الاتفاق على تعديل التزام المؤجر ، فيشترط المستأجر مثلا على المؤجر أن يسلمه العين في حالة صالحة( [56] ) . وقد يكون هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنيا( [57] ) .

224 § 2- التقنين المدني الجديد

178- تسليم العين وملحقاتها في حالة صالحة : رأينا أن المادة 564 مدني جديد تقضي بأن يسلم المؤجر المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين . وهذا ما تقضي به أيضاً المادة 1720 من التقنين المدني الفرنسي ، فهي تنص على أن  “المؤجر يلتزم بتسليم الشيء في حالة حسنة من الترميم من جميع الوجوه “( [58] ) . وهنا نرى الاختلاف ظاهراً في هذه المسألة بين التقنين المدني الجديد وفيه يكون تسليم الشيء في حالة حسنة ، وبين التقنين المدني القديم وفيه يكون تسليم الشيء في الحالة التي هو عليها .

فيجب إذن ، في التقنين المدني الجديد ، أن تكون العين وملحقاتها وقت التسليم في حالة حسنة تصلح معها لأداء الغرض المقصود من إيجارها . ويرجع في معرفة هذا الغرض إلى اتفقا المتعاقدين . فإذا لم يوجد اتفاق ، وجب الرجوع إلى طبيعة العين . فالمنزل المؤجر للسكنى يجب أن يسلم صالح الأبواب والنوافذ ، نظيف الحيطان ، كامل المفاتيح ، سليم أسلاك الكهرباء والأجهزة الأخرى ، منزوح المراحيض إن لم تكن متصلة بالمجاري العامة( [59] ) . والأرض الزراعية يجب أن تسلم في حالة تصلح معها للزراعة ، وإذا اتفق على محصول معين وجب أن تكون الأرض صالحة لزراعة هذا المحصول بالذات ، ويجب بوجه تسليم الأرض الزراعية في حالة جيدة ليس بها أثر مما عسى أن يكون المستأجر السابق قد أحدث بها من تلف .

وتفريعاً  على ذلك يلتزم المؤجر بإجراء جميع التصليحات اللازمة للعين المؤجرة قبل تسليمها للمستأجر ولو كانت من قبيل التصليحات الترميمية التي لتزم بها المستأجر بعد تسلم العين أثناء مدة الإيجار( [60] ) . والمستأجر إنما يلتزم بهده 225 التصليحات التأجيرية بعد أن يتسلم العين لأن المفروض أنه كان المستأجر لم يتسلم العين المؤجرة بعد ، فتكون هذه التصليحات إذن على المؤجر لا عليه هو( [61] ) .

ولا يكفي أن يقوم المؤجر بهذه التصليحات ، بل يجب أيضاً أن يسلم العين بحالة صالحة للانتفاع بها مباشرة كل الانتفاع المقصود . فإذا فرض أن وجد بالعين مرضى بأمراض معدية ، وجب على المؤجر عند إخلاء العين وتسليمها للمستأجر أن يطهرها التطهير الصحي اللازم( [62] ) .

ولما كان المؤجر ملزماً بتسليم العين في حالة صالحة ، فمن البديهي أنه إذا هلكت العين قبل التسليم ولو بسبب أجنبي ، كان للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار لأن المؤجر لا يستطيع القيام بالتزامه منن تسليم العين في حالة صالحة . وسنعرض لمسألة هلاك العين قبل التسليم عند الكلام في الجزاء على عدم التسليم( [63] ) .

179- ارتفاع العوائق التي تحول دون الانتفاع بالعين : كذلك يجب على المؤجر أن يسلم العين للمستأجر خالية من كل العوائق التي تحول دون الانتفاع بها . فإذا كانت في حيازة شخص آخر ، كمستأجر سابق ، وجب على المؤجر أن يخليها من هذه الحيازة . وهو الذي يرفع دعوى الإخلاء على الحائز ، لأن المستأجر لا يستطيع ذلك إذ ليس له حق عيني في العين المؤجرة( [64] ) . ولكن يجوز 226 مع ذلك للمؤجر أن ينزل للمستأجر عن دعوى الإخلاء ، فيرفعها هو مباشرة باسمه( [65] ) . وإذا كان المستأجر السابق قد أحد بالعين تلفاً ، وجب على المؤجر أن يقوم بإصلاحه( [66] ) .

كذلك يجب على المؤجر أن يضمن للمستأجر كل تعرض من الغير ، سواء أكان مبنياً على سبب قانون أم كان تعرضاً مادياً ، قبل تسليم العين . بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر ، فلا يضمن المؤجر بعد ذلك إلا التعرض المبنى على سبيل قانوني ، ومن ثم لا يضممن التعرض المادي( [67] ) وسيأتي تفصيل ذلك .

180- التعديل في التزامات المؤجر : وقد يتفق المتعاقدان على التعديل في التزامات المؤجر من حيث تسليم العين في حالة صالحة ، فيشتر المؤجر مثلا أن يسلم العين في الحالة التي هي عليها وقت التسليم . وقد يكون هذا الاتفاق صريحاً ، كما يكون ضمنياً( [68] ) . وإذا تسلم المستأجر العين في حالة غير صالحة ، وأقام بها مدة 227 طويلة دون أن يطالب المؤجر بتصليح العين ، عد هذا منه نزولا عن حقه في طلب ذلك( [69] ) . ولكن مجرد تسليمه لها ، ولو أقام بها مدة قصيرة ، يعد نزولا منه عن حقه ، إذ هو لا يستطيع أن يتنبه لما في العين من عيوب إلا بعد تسلمها بمدة كافية( [70] ) .

المطلب الثالث

كيف ومتى وأين يكون التسليم

181- تطبيق أحكام البيع : قدمنا أن المادة 566 مدني تقضي بسريان أحكام تسليم العين المبيعة على تسليم العين المؤجرة ، وبالأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها . فأحكام تسليم العين المبيعة إذن تسري على تسليم العين المؤجرة في المسائل الآتية التي نستعرضها تباعاً : ( 1 ) كيف يكون التسليم . ( 2 ) متى يكون التسليم . ( 3 ) أين يكون التسليم . ( 4 ) نفقات التسليم .

§ 1 – كيف يكون التسليم

182- نوعان من التسليم : نصت المادة 435 مدنين في خصوص 228 تسليم المبيع ، على ما يأتي :  “1- يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ، ولو لم يستولي عليه استيلاء مادياً ، ما دام البائع قد أعلمه بذلك . ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة لاشيء المبيع . 2- ويجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين إذا كان المبيع في حيازة المشتري قبل البيع ، أو كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته بعد البيع لسبب آخر غير الملكية ” . ويتبين من هذا النص أن تسليم المبيع إما أن يكون تسليما فعلياً أو تسليما حكيماً ، وكذلك يكون تسليم العين المؤجرة( [71] ) .

183- التسليم الفعلي : يكون التسليم الفعلي بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن هذا من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ، ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً ، ما دام المؤجر قد أعلمه بذلك . فالتسليم الفعلي ينطوي إذن على عنصرين : ( 1 ) وضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر : ويشترط في ذلك أن يكون المستأجر متمكناً من حيازة العين حيازة يستطيع معها أن ينتفع بها الانتفاع المقصود من غير أن يحول حائل دون ذلك( [72] ) . ولكن لا يشترط أن تنتقل الحيازة فعلا إلى المستأجر بحيث يستولي على العين استيلاء مادياً ، وما دام المستأجر متمكناً من هذا الاستيلاء فإن المؤجر يكون قد نفذ التزامه بالتسليم حتى قبل أن يستولي المستأجر على العين المؤجرة ، وحتى لو لم يستولِ عليها أبداً . ( 2 ) أن يعلم المؤجر المستأجر بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه على النحو المتقدم الذكر . بجيب إذن ، حتى يتم التسليم ، أن يخطر المؤجر المستأجر أن العين المؤجرة قد وضعت تحت تصرفه . ولا يوجد شكل معين لهذا الإخطار ، فقد يكون بإنذار رسمي إذا أراد المؤجر الاحتياط الشديد ، وقد يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، وقد يكون شفوياً ولكن يقع على البائع عبء إثبات أنه قام بهذا الواجب 229 وأنه اخطر المشتري فعلا بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه ، ويثبت ذلك بجميع الطرق لأن الإخطار هنا واقعة مادية( [73] ) .

184- تطبيقات في التسليم الفعلي : وتطبيقا لما تقدم ، إذا كانت العين المؤجرة منزلا ، كان تسليمه بإعطاء مفاتيحه للمستأجر ، أو بتمكينه من حيازته بأي طريق آخر ، وذلك بعد إخلاء المنزل وإخراج ما للمؤجر أو للمستأجر السابق من أثاث وأمتعة فيه . وإذا كانت العين المؤجرة أرضاً زراعية ، كان تسليمها بوضعها تحت تصرف المستأجر ، بعد إخلائها م مستأجر سابق أو مما عسى أن يكون للمؤجر من مواش وآلات فيها . وإذا كانت العين المؤجرة منقولان كان تسليمه للمستأجر عادة بمناولته إياه يداً بيد ، ويتسر ذلك في المنقول في أكثر الأحيان . ولكن قد يحصل ذلك أيضاً بتسليم المستأجر مفاتيح منزل أو مخزن أو صندوق أو أي مكان آخر يحتوي هذا المنقول ، أو بتحويل سند الشحن أو الإيداع أو التخزين للمشتري إن كان المنقول مشحوناً أو مودعاً أو مخزوناً في جهة ما ، أو بتسليم هذا السند للمستأجر إذا كان السند لحامله .

وإذا كانت العين المؤجرة حقاً مجرداً كحق المرور ، فإنها توضع تحت تصرف المستأجر بتسليم سند الحق إن كان له سند ، أو بالترخيص للمستأجر في استعمال هذا الحق مع تمكينه من ذلك بإزالة ما قد يحول بينه وبين المرور .

ويتبين من هذه التطبيقات أن طريقة التسليم تتكيف حسب طبيعة العين المؤجرة( [74] ) .

230 التسليم الحكمي : ويقوم مقام التسليم الفعلي على النحو الذي قدمناه التسليم الحكمي ، ويتم بمجرد تراضي المتعاقدين على أن العين المؤجرة قد تم تسليمها من المؤجر إلى المستأجر . ويتميز التسليم الحكمي ببذلك عن التسليم الفعلي بأنه تصرف قانوني ، وليس بعمل مادي .

وللتسليم الحكمي صورتان : ( الصورة الأولى ) أن تكون العين المؤجرة في حيازة المستأجر قبل الإيجار ، بإعارة أو وديعة أو رهن حيازة أو نحو ذلك ، ثم يقع الإيجار ، أو تكون في حيازة المستأجر بإيجار سابق ثم يقع تجدي للإيجار صريح أو ضمني . فيكون المستأجر حائزاً فعلا للعين المؤجرة وقت صدور الإيجار ، ولا يحتاج إلى استيلاء مادي جديد ليتم التسليم . وإنما يحتاج إلى اتفاق مع المؤجر على أن تبقى العين المؤجرة  حيازته ، ولكن لا كمستعير أو مودع عنده أو مرتهن أو مستأجر سابق ، بل كمستأجر بإيجار مبتدأ أو 231 إيجار مجدد فتتغير نية المستأجر في حيازته للعين المؤجرة ، وإن كانت الحيازة المادية تبقى كما كانت . ( الصورة الثانية ) أن تبقى العين المؤجرة في حيازة المؤجر بعد الإيجار ، ولكن لا كمؤجر ، بل كمستأجر من الباطن أو مستعير أو مودع عنده أو نحو ذلك مما يترتب على عقد يتم بن المستأجر والمؤجر بعد الإيجار ويستلزم نقل حيازة العين من المستأجر  إلى المؤجر . فبدلا من أن يسلم المؤجر العين المؤجرة للمستأجر بموجب عقد الإيجار ، ثم يعود إلى تسلمها من المستأجر بموج بعقد إيجار من الباطن أو أي عقد آخر ، تبقى العين المؤجرة في يد المؤجر بعد أن يتفق الطرفان على أن يعد هذا تسليما لها من المؤجر للمستأجر ثم إعادة حيازتها للمؤجر بموجب العقد الجديد الذي تلي عقد الإيجار( [75] ) .

وتوجد صورة ثالثة للتسليم الحكمي أوردها التقنين المدني العراق ( م 540 ) ، ويمكن الأخذ بها دون نص لأنها تتفق مع القواعد العامة . وتتحقق على الوجه الآتي : يؤجر المستأجر العين من الباطن قبل أن يستلمها من المؤجر ، أو يعيرها أو يودعها أو يتصرف فيها بأي تصرف آخر يستلزم القبض ، ويتسلم المستأجر من الباطن أو المستعير أو المودع عنده العين مباشرة من المؤجر ، فيقوم هذا مقام السليم إلى المستأجر . وتتميز هذه الصورة عن صورتي التسليم الحكمي المتقدمتين بأن فيها انتقالا ماديا لحيازة العين المؤجرة . كما تتميز عن التسليم الفعلي بأن الحيازة لا تنتقل ماديا إلى المستأجر نفسه ، بل إلى شخص آخر يقوم مقامه في تسلم العين المؤجرة وهو المستأجر من الباطن ا المستعير أو المودع عنده . فيعد قبض هذا الشخص الآخر قبضاً فعلياً بالنسبة إلى العقد الذي أبرمه مع المستأجر ، وقبضاً حكمياً بالنسبة إلى عقد الإيجار ، ويقوم القبض الأول مقام القبض الثاني( [76] ) .

232  § 2- متى يكون التسليم

186- تطبيق القواعد العامة : لا يوجد لا في البيع ولا في الإيجار نص يعين ميعاد التسليم ، ولكن يوجد نص عام يسري على جميع العقود ، وهو نص الفترة الأولى من المادة 346 مدني ويجري على الوجه الآتي :  “يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً في ذمة المدين ،ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ” .

فيتم التسليم إذن في الوقت الذي عينه المتعاقدان( [77] ) فإذا لم يعين المتعاقدان صراحة ميعاد للتسليم ، فقد يفهم ضمنا أنهما أحلا على العرف في تعيين هذا لميعاد . والعرف يختلف باختلاف العين المؤجرة ، ففي الأراضي الزراعية جري العرف أن يبدأ إيجارها في شهر سبتمبر ، أما المنازل فيبدأ إيجارها في أول الشهر .

وإذا لم يوجد اتفاق أو عرف ، وجب أن يكون التسليم فوراً بمجرد انعقاد الإيجار( [78] ) حتى لو كانت التعين مشغولة ، ويجب على المؤجر في هذه الحالة إخلاؤها( [79] ) .

187- عدم دفع الأجرة عن مدة التأخير : وفي جميع الأحوال لا تستحق الأجرة إلا إذا تسلم المستأجر العين المؤجرة وتمكن من الانتفاع بها ، لأن الأجرة في مقابل الانتفاع . فلو تأخر المؤجر في تسليم العين المؤجرة ، حتى لو كان ذلك لسبب أجنبي ، فالمستأجر لا يدفع أجرة عن مدة التأخير( [80] ) .

233 188- حس المؤجر للعين حتى يستوفي الأجرة : وإذا اشترط المؤجر دفع الأجرة مقدماً ، فليس للمستأجر أن يطالب بتسليم العين المؤجرة ، حتى لو حل ميعاد التسليم ، إلا بعد دفع ما اشترط دفعه مقدماً من الأجرة . وللمؤجر أن يجبس العين حتى يستوفي هذه الأجرة . وحق حبس المؤجر للعين ، وإن لم يرد فيه نص( [81] ) كما ورد بالنسبة إلى البائع ( م 459 مدني ) . إلا أنه تطبيق للمبادئ العام في الحبس وف الدفع بعدم التنفيذ( [82] ) . وعلى ذلك يكون للمؤجر ، ما دام مستعدا لتسليم العين فرواً تسليماً ، أن يطلب من المستأجر إبقاء الأجرة المستحقة عند التسليم ، وإلا حق له حبس العين( [83] ) . والمستأجر من جهته لا يدفع الأجرة ، حتى لو اشترط دفعها معجلا ، ما دام المؤجر متأخراً عن تسليم العين له عند وجوب هذا التسليم ، وهذا طبقا للمبدأ المتقدم( [84] ) . وإذا 234 تسلمها بعد ذلك ، فلا يدفع الأجرة عن مدة التأخير( [85] ) كما سبق القول .

§ 3- أين يكون التسليم

189- تطبيق القواعد العامة : ولكن يوجد نص عام يسري على جميع العقود ، وهو نص المادة 347 مدني ويجري على الوجه الآتي :  “1- إذا كان محل الالتزام شيئاً معينا بالذات وجب تسليمه في المكان الذي كان موجودا فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك . أما في الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو في المكان الذي يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ” .

فالأصل إذن ، إذا كان الشيء المؤجر شيئاً معيناً بالذات ، أن يكون التسليم في المكان الذي يكون هذا الشيء موجوداً فيه وقت انعقاد الإيجار . وهذا طبيعي في العقار( [86] ) ( أيضا انظر في مقال محامي عقاري  ) . ويتبع أيضاً في المنقول إذا كان الشيء المؤجر عيناً معينة بالذات لها مكان وجود معين . وقد يكون الشيء المعين بالذات منقولا لم يعين مكان وجود وقت الإيجار ، فالمفروض حينئذ أن المنقول يصحب مالكه حيث يقيم ، فيكون مكان تسليمه في موطن المؤجر أو  في المكان الذي يوجد فيه مركز أعماله إذا كان الإيجار يتعلق بهذه الأعمال . وهذا كله ما لم يتفق المتعاقدان على مكان آخر يسلم فيه الشيء المؤجر ،فيجب حينئذ العمل بهذا الاتفاق . فإذا عين للشيء المؤجر مكان وجود غير مكان وجوده الحقيقي ، كان هذا بمثابة 235 اتفاق على أن يكون التسليم في هذا المكان المعين ، وكان المؤجر ملزماً بنقل الشيء المؤجر من مكانه الحقيقي إلى المكان المعين( [87] ) .

190- مكان تسليم الشيء المصدر : وقد نصت المادة 346 مدني ، في خصوص المبيع إذا وجب تصديره للمشتري  ، على أنه  “إذا وجب تصدير المبيع للمشتري ، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ” . ولما كانت المادة 566 مدني تقضي كما رأينا بتطبيق أحكام التسليم في البيع على التسليم في الإيجار ، فإن النص المتقدم الذكر يسري في الإيجار( [88] ) . ونفرض لذلك أن الشيء المؤجر هو آلة زراعية يصدرها المؤجر للمستأجر ، فما لم يتفق المتعاقدان على أن يكون التسليم في مكان الوصول . ويكون ذلك استثناء من القواعد العامة ، إذ يكون التسليم هنا في موطن المستأجر الدائن بالتسليم ( مكان المحصول ) ، لا في موطن المؤجر المدين بالتسليم ( مكان الشحن ) ( [89] ) .

§ 4- نفقات التسليم

191- تطبيق القواعد العامة : يجب تطبيق القواعد العامة هنا أيضاً ، إذ لا يوجد نص في خصوص هذه المسألة لا في البيع ولا في الإيجار . والقواعد العامة مقررة في المادة 348 مدني ، وهي تجري على الوجه الآتي :  “تكون نفقات الوفاء على المدين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك “( [90] ) .

فالأصل إذن أن المؤجر ، وهو المدين بالتسليم ، يتحمل نفقاته . ويدخل في هذه النفقات مصروفات نقل الشيء إلى المكان الذي يجب أن يتم فيه التسليم ، 236 وكذلك مصروفات مقاسه كما إذا كان أرضاً زراعية وتحتاج إلى مقاس( [91] ) . ويدخل في نفقات التسليم أيضاً مصروفات إرسال مفاتيح الدار المؤجرة . وإذا كان على الشيء المؤجر تكاليف تحملها المؤجر ، كما إذا كان آلة زراعية مستوردة ويجب دفع أجرة شحنها ونقلها ورسومها الجمركية حتى يتمكن المستأجر من تسلمها ، وكل مصروفات يستلزمها وضع الشيء المؤجر تحت تصرف المستأجر حتى يتم التسليم تدخل في نفقاته ، وتكون على المؤجر .

وهذا كله إذا لم يكن هناك اتفاق أو عرف يجعل مصروفات التسليم على المستأجر لا على المؤجر( [92] ) .

192- نفقات تسليم العين المؤجرة وردها تكون على تكون على المستأجر : ويجب التفريق بين التسليم والتسلم . فإذا كانت العين المؤجرة يجب تسليمها في مكان معين ، فانتقال المؤجر بها إلى هذا المكان يدخل في التسليم ، ومصروفاته تكون على المؤجر لأنه هو الملتزم بالتسليم كما تقدم . أما انتقال المستأجر إلى هذا المكان لقبض العين المؤجرة ونقها إلى أي مكان آخر فيدخ في التسليم لا في التسليم ، والتسلم واجب على المستأجر فتكون مصروفاته عليه طبقاً للمبدأ المقدم( [93] ) .

كذلك مصروفات رد العين إلى المؤجر بعد انتهاء الإيجار تكون على المستأجر ، لأنه هو الملتزم بالرد . وسيأتي ذكر ذلك .

المطلب الرابع

جزاء عدم القيام بالتزام التسليم

193- نصوص قانونية : تنص المادة 565 من التقنين المدني على ما يأتي :

 “1- إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله أو إذا نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً ، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع ، مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض ” .

237  “2- فإذا كانت العين المؤجرة في حالة من شانها أن تعرض صحة المستأجر ا من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم ، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد ، ولو كان قد سبق له أن نزل عن هذا الحق “( [94] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن النص تطبيق للقواعد العامة ، فكانت احكامه معمولا بها .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري من 533 – وفي التقنين المدني الليبي م 564 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 744 و 745 و 749 . ولا مقابل للنص في تقنين الموجبات والعقود اللبناني( [95] ) .

والنص ، وإن كان لا يعرض إلا لجزاء عدم القيام بالتزام التسليم من حيث الحالة التي يحب أن يسلم عليها الشيء المؤجر ، إلا أنه تطبيق للقواعد العامة . فيمكن إجراء أحكامه في كل حالة يخل فيها المؤجر بالتزام التسليم ، سواء رجع ذلك إلى حالة الشيء المؤجر . أو إلى  أي سبب آخر كالتأخر في التسليم أو الامتناع عنه . 238 وقد يرجع عدم القيام بالتزام التسليم إلى هلاك العين المؤجرة بعد العقد وقبل التسليم ، فهنا أيضاً يتعذر على المؤجر القيام بالتزامه من تسليم العين .

§1 – عدم قيام المؤجر بالتسليم لسبب لا يرجع إلى هلاك العين

194- تطبيق القواعد العامة : إذا لم يقم المؤجر بالتزامه من تسليم العين المؤجرة تسليما صحيحاً ، فالمستأجر يكون بالخيار بين طلب تنفيذ الالتزام عيناً أو إنقاص الأجرة أو فسخ الإيجار ، وله أن يطلب التعويضات الواجبة في جميع الأحوال . ونص المادة 565 مدني السالف الذكر ليس إلا تقريراً لهذه القواعد العامة( [96] ) .

195- الوفاء بالتزام التسليم يجب أن يكن كاملا : والتسليم الصحيح لا يكون إلا بتسليم العين المؤجرة جميعها هي وملحقاتها تسليما يتمكن به المستأجر من الانتفاع بالعين دون حائل ، ويكون ذلك في الزمان والمكان الواجبين .

فتسليم جزء من العين ، أو العين دون ملحقاتها ، أو تسليم العين في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله ، أو تسليم العين في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله ، أو إذا نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً ، أو كانت العين في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم ، أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو بناء يقيمه في العين المؤجرة قبل التسليم( [97] ) ، أو مجرد التأخر في التسليم عن وقته ، أو التسليم في غير مكانه ، كل هذا لا يعد تسليما صحيحاً . ولا يجوز للمؤجر أن يجبر المستأجر عل أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح ، وللمستأجر في الأحوال المتقدمة أن يطلب التنفيذ عيناً وأن يطلب إنقاص الأجرة ، 239 أو أن يطلب فسخ الإيجار ، وكذلك له أن يطلب التعويض في جميع الأحوال( [98] ) كما سبق القول .

196- التنفيذ العيني : فإذا لم يف المؤجر بالتزامه من تسليم العين المؤجرة تسليما صحيحاً ، واختار المستأجر التنفيذ عيناً ، فله أن يطلب من المحكمة أن تقضي على المجؤر بتسليم العين المؤجرة( [99] ) ، بشرط أن يكون هذا ممكناً وألا يحول دونه حق للغير( [100] ) .

ويحول دون التنفيذ العيني حق الغير ، وعلى ذلك لا يجوز الحكم به ، إذا كانت العين المؤجرة ليست ملك المؤجر ، وكذلك إذا كنت العين المؤجرة في حيازة مستأجر آخر عقده مفضل على عقد المستأجر الذي يطالب بالتنفيذ العيني( [101] ) .

240 فإذا كان التنفيذ العيني ممكناً ، ولم يحل دونه حق للغير ، فللمستأجر أن  يطلب من قاضي الأمور المستعجلة تسليمه العين إذا كان هناك وجه للاستعجال . ومتى وجد القاضي أن ظاهر مستندات المستأجر تؤيد مدعاه ، حم بتسليمه العين ، والحكم الصادر من موقت بطبيعته لا يؤثر في موضوع الدعوى( [102] ) .

197- إنقاص الأجرة : وقد يحكم على المؤجر بتسليم العين المؤجرة ، ولكن المستأجر عند تسلمها يجددها في حالة لا تصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة استيفاء كاملا . فعند ذلك ، إذا لم يكن موجبا لطلب فسخ العقد على الوجه الذي سنراه فيما يلي ، يجوز له أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع ، لأن الأجرة تقابل الانتفاع ، فإذا تعذر الانتفاع سقطت الأجرة ، وإذا لم يكن الانتفاع كاملا أنقصت الأجرة بقدر نقص الانتفاع( [103] ) .

كذلك إذا تأخر المؤجر في تسليم العين عن الوقت المحدد ، فإن الأجرة تسقط عن المستأجر في مدة التأخير كما سبق القول .

198- فسخ العقد : وإذا اختار المستأجر فسخ العقد فله أن يطلب ذلك ، ما دام المؤجر لم يقم بتسليم العين له تسليما صحيحاً ، حتى لو كان ذلك مجرد 241 تأخر عن التسليم( [104] ) . ولا عبرة بما إذا كان عدم قيام المؤجر بالتزامه من التسليم راجعاً إلى فعل المؤجر نفسه أو إلى سبب أجنبي ، ففي جميع الأحوال ، يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد( [105] ) .

ولكن إذا طلب المستأجر فسخ العقد ، فليست المحكمة مجبرة حتما أن تجيبه إلى طلبه ، فلها أن تقضي بالفسخ ، ولها أن تمهل المجر حتى يقوم بالتزامه ، وذلك كله ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة( [106] ) .

على أن هناك سبباً للفسخ ذكرته المادة 565 مدني صراحة ، إذا قام تعين على المحكمة أن تجيب المستأجر إلى طلبه وتقضي بفسخ الإيجار . وهذا السبب هو أن تكون العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم ، كأن تكون العين داراً آيلة للسقوط ، أو أن تحتوي على مكروبات مرض معد ، أو نحو ذلك . فإذا قام هذا السبب وطلب المستأجر الفسخ ، لم تملك المحكمة إلا أن تقضي له بما طلب ، حتى ل كان سبق للمستأجر أن نزل عن هذا الحق . وإذا تسلم المستأجر العين في هذه الحالة وأصابه الضرر منها ، وثبت تقصير في جانب المؤجر ، جاز للمستأجر فوق الفسخ أن يطلب تعويضاً عما أصابه من الضرر . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي :  “فإذا كان الإخلال بالالتزام يرجع إلى أن العين سلمت في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أوجرت من أجله ، أو نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً ، فإن المستأجر يكون بالخيار بين الفسخ أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع ، مع التعويض في الحالتين إذا كان له محل ، كما إذا كان بالعين المؤجرة عيب 242 يعرض صحة المستأجر ومن معه ( كأفراد أسرته وعماله ومستخدميه ) لخطر جسيم ، وأصابه من ذلك ضرر بالفعل ، وثبت خطأ في جانب المؤجر ، فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . وفي هذا المثل الأخير يجوز للمستأجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد ، حتى لو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً ، لأن الأمر يتعلق بالنظام العام : انظر تقنين الالتزامات السويسري م 254/2 ومنه أخذ المادة 763 من المشروع “( [107] ) .

199- التعويض : وسواء طلب المستأجر التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو فسخ العقد ، فله فوق ذلك أن يطلب تعويضا من المؤجر عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيامه بتنفيذ إلزامه( [108] ) ، بشرط أن يكون عدم التنفيذ لا يرجع إلى سبب أجنبي . أما إذا كان راجعاً إلى سبب أجنبي( [109] ) . يثبته المؤجر ، فلا تعويض( [110] ) .

243 وهناك خلاف فيما إذا كان يجب على المستأجر إعذار المؤجر حتى يستطيع مطالبته بالتعويض . ففريق يقول إن الإعذار غير ضروري ، لأن الإهمال مفروض في جانب المؤجر ، ما دام لم يثبت أن عدم قيامه بالتزامه لا يرجع إلى فعله( [111] ) . ويقول فريق آخر إن الإعذار ضروري ، ولا يلتزم المؤجر بتعويض الضرر قبل الإعذار . ومن هذا الفريق من يقول إن الإعذار يجب أن يكون بإنذار رسمي أو ما يقوم مقامه( [112] ) ، ومنهم من يقول إن أي إنذار يكفي ولو كان كتاباً غير مسجل ما دام يظهر منه نية المستأجر على وجه صريح( [113] ) . ولا محل لهذا الخلاف أمام صراحة النص في التقنين المدني المصري ، فقد نصت المادة 218 من هذا التقنين على أنه  “لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين ، ما لم ينص على غير ذلك ” . فيجب إذن إعذار المؤجر( [114] ) ، ويكون إعذاره بإنذاره إنذاراً رسمياً أو بما يقوم مقام الإنذار الرسمي أو بالأوجه الأخرى المنصوص عليها في المادة 219 مدني( [115] ) .

200- الالتزام بتسليم العين غير قابلة للانقسام : هذا ويلاحظ أن التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة غير قابل للانقسام . فإذا كان المؤجرون متعددين ، أو مات المؤجر عن عدة ورثة ، فللمستأجر أن يطالب أي واحد منهم بتسليم العين بأكملها لا بالاقتصار على تسليم حصته منها ، ولهذا أن يرجع على 244 الباقين . أما حق المستأجر في طلب تعويض فينقسم ، ولا يستطيع المستأجر الرجوع على أي من المؤجرين إلا بمقدار حصته . ولكنه يرجع على كل مؤجر بحصته في التعويض ولو كان هذا المؤجر مستعداً أن يقوم بتسليم حصته من العين ، لما تقدم من أن الالتزام بالتسليم لا يقبل الانقسام ، ولمن كان مستعداً أن يقوم بحصته في التسليم أن يرجع على من كان مقصراً في ذلك( [116] ) .

§ 2- عدم قيام المؤجر بالتسليم بسبب هلاك العين

201- الالتزام بتسليم العين المؤجرة التزام مستقل – تحمل تبعة الهلاك :  رأينا في البيع أن التزام البائع بتسليم المبيع التزام غير مستقل ، بل هو التزام متفرع عن الالتزام بنقل الملكية . وقد نصت المادة 206 مدني في هذا الصدد على أن  “الالتزام ينقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم ” . وقد رتبنا على ذلك أن هلاك المبيع قبل التسليم يكون على المدين بالتسليم أي على البائع ، لا على المشتري هوهو الدائن بالتسليم ولو أنه أصبح مالكاً للمبيع بانتقال ملكيته إليه قبل أن يتسلمه .

أما الالتزام بالتسليم في الإيجار فهو التزام مستقل لا يتفرع عن التزام أصلي ، فإذا هلك الشيء المؤجر قبل التسليم هلك على المؤجر ، لا باعتباره مديناً بالتسليم كالبائع ، بل باعتباره مالكاً للشيء المؤجر ويقطع ذلك أنه إذا هلك الشيء المؤجر بعد التسليم في يد المستأجر ، فإنه يهلك على المؤجر أيضاً باعتباره المالك لا على المستأجر ، وفي البيع يهلك على المشتري لأن البائع قد نفذ التزامه بالتسليم فلم يعد مديناً به .

245فما دام الالتزام بالتسليم التزاماً مستقلاً ، كما هو هنا ، فلا شأن له في تبعة الهلاك . بل يرجع في تحمل تبعة الهلاك إلى القاعدة الأصلية وهي تقضي بأن يكون الهلاك على المالك ( res perit domiono ) ، فهو الذي يكسب الغنم ، وهو الذي يتحمل الغرم . ومن ثم يتحمل المؤجر دائماً ، إذا كان هو المالك ، تبعة هلاك الشيء المؤجر ، سواء كان الهلاك قبل التسليم أو بعده( [117] ) .

202- الفرق بين هلاك العين قبل الإيجار وهلاكها بعده : وهناك فرق بين هلاك العين قبل إبرام عقد الإيجار وهلاكها بعد إبرامه .

ففي الحالة الأولى يكون الأمر تعلقاً بوجود الشيء المؤجر ، وقد قدمنا أنه يجب أن يكن الشيء المؤجر موجوداً وقت الإيجار . فإذا هلك هلاكاً كلياً قبل العقد ، كان الإيجار باطلا لانعدام المحل . أما إذا كان الهلاك جزئياً ، فإن الإيجار يبطل في هذا الجزء ويبقى صحيحاً في الجزء الباقي ، إلا إذا تبين أن الإيجار ما كان ليتم بغير الجزء الذي هلك فيبطل الإيجار كله وفقاً لنظرية انتقاص العقد( [118] ) .

وفي الحالة الثانية ، إذا كان الهلاك بعد العقد ، يكون الأمر متعلقاً بتنفيذ التزامات المؤجر لا بوجود الشيء المؤجر . ومن ثم يكون الكلام لا في بطلان عقد الإيجار ، بل في فسخه .

203- لا فرق فقي هلاك العين بعد الإيجار بين هلاكها قبل التسليم وهلاكها بعد التسليم : فإذا هلكت العين بغير خطأ المستأجر بعد الإيجار ، فلا فرق في الحكم بين أن تهلك قبل التسليم أو أن تهلك بعده ، ففي الحالتين تهلك العين على المؤجر إذا كان هو المالك ، وفي الحالتين ينفسخ عقد الإيجار إذا كان الهلاك هلاكاً كلياً( [119] ) ، ويجوز للمستأجر طلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة إذا كان الهلاك 246 هلاكاً جزئياً . ذلك أن الهلاك في الحالتين يسوق إلى عدم قيام المؤجر بالتزاماته ، ففي الحالة الأولى لا يقوم بالتزام التسليم ، وفي الحالة الثانية لا يقوم بالتزام صيانة العين حتى يتمكن المستأجر من الانتفاع بها .

204- هلاك العين قبل التسليم : ويخلص مما تقدم أنه إذا هلكت العين قبل التسليم ، فتعذر على المؤجر أن يقوم بالتزامه من تسليم العين ، كان جزاء ذلك هو نفس الجزاء الذي رأيناه عند الكلام في عدم قيام المؤجر بالتزام التسليم بسبب غير الهلاك ، إلا أن التنفيذ العيني هنا ، في حالة الهلاك الكلي ، يكون متعذراً ، فيقتصر الأمر على انفساخ العقد مع التعويض إن كان له مقتض ، على الوجه الذي سنراه تفصيلا عند الكلام في هلاك العين بعد التسليم ( م 569 مدني ) ، فنحيل هنا إلى ما ستورده هناك( [120] ) .


( [1] )  هذا ويجب أن نميز بين إثبات العقد وتفسيره فالإثبات هو التدليل على وجود العقد ، أما التفسير فهو توضيح المبهم منه على فرض أن وجوده قد ثبت . وللتفسير قواعد غير وقاعد الإثبات ، وقد فرغنا من بحث قواعد الإثبات ونحن الآن في يصدد بحث قواعد التفسير ( انظر في هذا المعنى الإيجار للمؤلف فقرة 166 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 90 ص 141 هامش 1 ) .

( [2] ) وقضت محكم الاستئناف المختلطة بأنه يجب على المحكمة أن تفسر نصوص العقد كما هي ، ولا تغير منها بدعوى أن في العقد غبناً على أحد المتعاقدين ما دام أنه ليس هناك غش ولا إكراه . ويترتب على ذلك أنه إذا رضي المستأجر في عقد الإيجار بتأجيل تسلم العين حتى تخليها السلطة العسكرية ، فتأخر هذه السلطة في الإخلاء مدة طويلة لا يبرر طلب المستأجر فسخ العقد لخطأ في يجانب المؤجر ( استئناف مختلف 6 يونيه سنة 1922 جازت 12 رقم 284 ص 164 ) .

( [3] ) انظر في ذلك الوسيط 1 فقرة 391 والأحكام المشار إليها .

( [4] ) استئناف مختلط 28 أبريل سن 1920 جازيت 10 رقم 248 ص 163 – مصر المختلطة 14 ديسمبر سن 1920 جازيت 11 رقم 56 ص 37 – انظر أيضاً استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1912 م 26 ص 74 : ويميل هذا الحكم إلى تقرير أن الشرط المطبوع القاضي على المستأجر بعدم الإيجار من الباطن لا يصبح ملزماً له إذا تبين من الظروف أن المؤجر قد وافق موافقة ضمنية على هذا الإيجار من الباطن ، لا سيما إذا كانت العين المؤجرة مؤلفة من عدة أدوار أو دكاكين لا يستطيع المستأجر وحده أن يشغلها جمعياً .

( [5] ) استئناف مختلط 4 مايو سنة 1916 م 28 ص 296 – 29 يونيه سنة 1921 جازيت 11 رقم 215 ص 158 – مصر الجزئية المختلطة 7 فبراير سنة 1921 جازيت 11 رقم 214 ص 157 .

( [6] ) محمد علي إمام فقرة 18 ص 37 .

( [7] ) انظر في تقسيم هذه العوام إلى عوامل داخلية وعوامل خارجية الوسيط 1 فقرة 396 – فقرة 397 .

( [8] ) فقد ينفذ المتعاقدان العقد ويفهم ممن الطريقة التي نفذاه بها أنها عدلا في الشروط المتفق عليها . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اتفق المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر بصفة انتهائية في الدعاوي المستعجلة التي تعرض عليه ، ثم رفع مشتري العين المؤجرة دعوى في شأن هذه العين أمام المحكمة المختصة قانوناً ، ثم استأنف الحكم الصاد فيها ، فدفع المستأجر بعدم جواز هذا الاستئناف بناء على الشرط المتفق عليه في يعقد الإجارة ، فرفضت المحكمة هذا الدفع على أساس أن رفع الدعوى برضاء الطرفين أمام القاضي الطبيعي صاحب الاختصاص الأصل يعتبر عدولا منهما عن الاختصاص التحكيمي المتفق عليه ورجوعاً إلى قواعد التقاضي العامة ، فإن هذا يكون تفسيراً للشرط الذي اتفق عليه العاقدان على وفق ما قصدا إليه وعلى مقتضى مدلوله ( نقض مدني 14 ديسمبر سنة1944 مجموعة عمر 4 رقم 168 ص 476 )؟

( [9] ) السين الفرنسية 30 مايو سنة 1895 لوا ( Loi ) 15 نوفمبر سنة 1895 .

( [10] ) الإيجار للمؤلف فقرة 166 – ولا يجوز تفسير الإيجار بالشروط الواردة في إيجار سابق لنفس العين ، إلا إذا ثبت أن هذا هو قصد المتعاقدين ( بودري وفال 1 فقرة 47 مكررة – محمد كامل مرسي فقرة 74 ) .

( [11] ) وتقضي المادة 1602 مدني فرنسي بأن تفسير عقد البيع يكون دائماً ضد البائع ، وقد ذهب بعض الفقهاء في فرنسا إلى أن هذا الحكم يسري أيضاً على الإيجار قياساً على البيع ، فيكون تفسير عقد الإيجار دائماً ضد المؤجر ( بودري وفال 1 فقرة 47 وفقرة 231 – عكس ذلك ديفرجييه 1 فقرة 26 – لوران 25 فقرة 99 – جيوار 1 فقرة 85 ) . وهذا النص لا مقابل له في التقنين المدني المصري ، لا في باب البيع ولا في باب الإيجار ، فلا يؤخذ به لا في البيع ولا في الإيجار . وتفسر عبارة العقد تارة في مصلحة البائع أو المؤجر وتارة في مصلحة المشتري أو المستأجر ، بحسب الظروف ( انظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 225 ص 404 هامش 2 – الإيجار للمؤلف فقرة 166 – سليمان مرقس فقرة 118 ص 196 هامش 2 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 91 ص 143 هامش 1 ) .

( [12] )انظر في هذا المعنى سليمان مرقس فقرة 118 ص 197 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 91 ص 143 وهامش 2 – وقرب نظرية العقد للمؤلف فقرة840 ص 948 هامش 2 ( ويفسر الأستاذ سليمان مرقس ما ورد في هذا الشأن في  “نظرية العقد ” التفسير الصحيح : سليمان مرقس فقرة 118 ص 197 هامش 1 ) .

وتطبيقاً للقواعد التي قدمناها ، قضى بأنه إذا اشترط المؤجر على المستأجر ألا يحزم أمتعته في حوض العين المؤجرة ، فهذا لا يمنعه من فك الأمتعة لأن الفك عكس الحزم ( باريس الفرنسية 10 أغسطس سنة 1841 داللوز J .G . . الإيجار فقرة 147 ) . وإذا وجد في صلب عقد الإيجار شرط يقضي يجعل المياه على المستأجر ، ثم ذكر في هامش العقد أن المياه على المؤجر ، وترك الشرطان المتناقضان في العقد كما هما ، فإن العقد يفسر لمصلحة المستأجر وتكون المياه على المؤجر ، ويعتبر الشرط الذي في الهامش ناسخاً للشرط الذي في صلب العقد ( السين الفرنسية 7 يوليه سنة 1900 مجلة القانون Droit 10 أكتوبر سنة 1900 ) . وعند اختلاف نسختي عقد الإيجار يفسر التزم كل من المتعاقدين بحسب النسخة التي يكون فيها هذا الالتزام أضيق ( إسكندرية المختلطة الجزئية 16 يناير سنة 1921 جازيت 11 رقم 107 ص 73 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا وجد خلاف بين نسختي عقد الإيجار ، فالنسخة التي يبد المستأجر هي التي يجب الأخذ بما فيها ( الاستئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1920 جازيت 11 رقم 37 ص 22 ) .

( [13] ) انظر آنفاً فقرة 159 – فإذا تضمن عقد الإيجار المطبوع شروطاً اقتضت الظروف أن يذعن لها المستأجر ، فسرت لمصلحة ولو كان هو الدائن ، وتطبيقاً لذلك إذا وجد شرط مطبوع يقضي بأن يكون تسليم العين المؤجرة مقصوراً على العين دون ملحقاتها ، فسر هذا الشرط لمصلحة المستأجر ولو أنه هو للدائن ، فيشمل التسليم ما يكون تكملة لازمة للعين المؤجرة لا تصلح لأداء الغرض المقصود بدونها ، كزرائب للمواشي ومخازن للحصاد .

( [14] ) جرانمولان في العقود فقرة 334 – هذا وعقد الإيجار يخضع في آثاره للقانون الذي أبرم في ظلة ، فيكون التقنين المدني القديم هو الواجب التطبيق على عقود الإيجار التي أبرمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، سواء انتهت هذه العقود أو امتدت ، وسواء كان الامتداد مقرراً0 بإرادة المتعاقدين أو بحكم التشريعات الاستثنائية .

( [15] )  وتنص المادة 544 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي :  “على المؤجر ثلاث موجبات أساسية وهي : أولا – تسليم المأجور إلى المستأجر . ثانيا – صيانة الماجور . ثالثاً – الضمان . ” ويشمل اضمان ضمان التعرض وضمان العيوب الخفية .

( [16] ) ونعني بإبراز هذه الفروق في جملتها هنا ، وفي تفصيلاتها في مواضعها المختلفة ، لما قدمناه من ا أحكام التقني المدني القديم لا تزال سارية على عقود الإيجار التي أبرمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، وكثير من هذه العقود لا يزال قائماً حتى اليوم لما قضت به التشريعات الاستثنائية من امتدادها بحكم القانون .

( [17] ) وقد تأثر التقنين القديم في ذلك بأحكام الشريعة الإسلامية في الإيجار .

( [18] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 764 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :  “يسري على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام ، وعلى الأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه ، وتحديد مقدار العين المؤجرة ، وتحديد ملحقاتها ، وما يترتب على الإخلال بهذا الالتزام من جزاء ، وكل هذا ما لم يوجد نص يخالفه ” . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 595 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 594 ، وف لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة من المادة اكتفاء بما ورد في صدرها ولأن في القواعد العامة ما يغني عنها ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 566 ، وأقره مجلس الشيوخ كمما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 490 – ص 492 ) .

( [19] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى  :

التقنين المدني السوري م ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م  565 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 748 ( موافق  – وانظر عباس حسن الصراف فقرة 842 – فقرة 844 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني  : م 545 : إن تسليم المأجور خاضع لأحكام تسليم المبيع . ( وتتفق أحكام هذا النص مع أحكام نص التقنين المصري ) .

( [20] ) وبديهي أن أحكام تسليم المبيع لا تسري على الإيجار إذا وجد نص يخالف ذلك كما هو الأمر في الحالة يسلم عليها الشيء المؤجر ، أو إذا اقتضت طبيعة الإيجار مخالفة أحكام تسليم المبيع كما هو الأمر في تحمل تبعة الهلاك بعد تسليم الشيء المؤجر إلى المستأجر ( محمد علي إمام فقرة 60 ) .

( [21] ) ويلاحظ أن هناك فرقاً جوهرياً ين الالتزام بتسليم المبيع والالتزام بتسليم الشيء المؤجر ، فالالتزام بتسليم المبيع هو فرع عن التزام البائع بنقل ملكية المبيع ، أما الالتزام بتسليم الشيء المؤجر فهو التزام مستقبل . وقد بينا عند الكلام في البيع ما الذي يترتب من النتائج على أن الالتزام بتسليم المبيع ليس التزاما مستقلا ، بل فرعاً عن الالتزام بنقل الملكية ( الوسيط 4 فقرة 291 ) .

( [22] ) ويجب تسليم الشيء المؤجر ذاته ، فلا يجوز تسليم شيء آخر مكانه ولو كان خيراً منه . وإذا كان الشيء معيناً بنوعه ولم تذكر درجة جودته يجب أن يكون من صنف متوسط . وليس هذا إلا تبطيقاً للقواعد العامة في البيع والإيجار وسائر العقود .

ولا يجوز للمستأجر أن يضع يده على عين أخرى بدلا من العين المؤجرة ، وإلا اعتبر حائزاً للعين بدون سند وجاز الحكم بطرده دون حاجة إلى التنبيه بالإخلاء ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1934 م 46 ص 191 ) . وإذا اتفق الطرفان على أن يستبدلا بالعين المؤجرة عيناً غيرها ، كان اتفاقهما هذا تجديداً بتغيير المحل ، وصارت العين الأخرى هي واجبة التسليم ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 96 ص 148 هامش 2 – سليمان مرقس فقرة 1131 ص 233 هامش 2 ) .

( [23] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 491 .

( [24] ) انظر في تاريخ هذه النصوص وفيما يقابلها من نصوص في التقنين المدني القديم وفي التقنينات المدينة العربية الأخرى الوسيط 4 فقرة 297 في الهوامش .

( [25] ) أما إذا كان الشيء المؤجر غير معين بالذات بل بالمقدار ، فلا محل لتطبيق هذه النصوص ، لأن المؤجر يكون ملزماً بتسليم المقدار المتفق عليه لا اقل ولا أكثر .

( [26] ) أما إذا لم يعين مقداره ، ثم ظهر أقل مما يعتقد المستأجر أو أكثر مما يعتقد المؤجر ، فلا يطعن في العقد إلا بالغلط إذا توافرت شروطه ، وهذا هو نفس الحكم في البيع ( الوسيط 4 فقرة 297 ص 571 هامش 1 – محمد علي إمام فقرة 63 ص 148 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 85 . مصر الكلية الوطنية 24 أبريل سنة 1897 القضاء 5 ص 144 ) .

( [27] ) الوسيط 4 فقرة 298 – أما التقنين المدني القديم فقد كان يميز ، في حالة نقص المبيع أو زيادته ، بين ما إذا كان المبيع قابلا للتبعيض و غير قابل له ، ويبين ما إذا كان الثمن قد قدر بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة ( انظر م 191 – 296 / 364 – 370 مدني قديم ) . وكان يورد في ذلك أحكاماً يمكن تخريجها في كثير من تفصيلاتها على القواعد العامة . ولم يكن يوجد في التقنين المدني القديم ، على خلاف التقنين المدني الجديد . ، نص في الإيجار يحيل على أحكام البيع في نقص المقدار أو زيادته . ولذلك كان الفقه والقضاء لا يطبقان أحكام البيع ، بل يطبقان القواعد العامة . وهذا ما جاء في كتابنا  “الإيجار ” في خصوص تطبيق هذه القواعد :

 “يجب تطبيق المبادئ العامة ، وهذه تجهيز زيادة الأجرة أو إنقاصها إذا ظهر زيادة أو نقص في المساحة ، وتجيز فسخ العقد إذا كانت الزيادة أو النقص بدرجة جسيمة . ولكن لا يتشرط نسبة معين في الغلط ، بل يترك التقدير للقاضي ، ولا يسقط الحق في تعديل الأجرة أو فسخ الإيجار في مدة سنة واحدة . هذا والمستأجر هو المكلف بإثبات وجود نقص في السماحة في وقت مناسب ، كما أن المؤجر هو الذي يجب عليه إثبات وجود زيادة فيها ، وإذا اقر المستأجر باستلام العين المؤجرة كاملة ، أو بشيء محدود من النقص ، عوامل بإقراره ، ولا يجوز له بعد ذلك طلب إنقاص الأجرة إلا بما يتناسب مع ما اقر به من النقص ، إذا ثبت ذلك . وتقضي المحاكم الأهلية بأنه لا تسمح دعوى النقص أو الزيادة في مساحة العين المؤجرة إذا كان المتعاقدان قد اعتمدوا في تحديدها على تكليف فك الزمام ، فيحاسب المستأجر على المقدار المبين بالتكليف ، ولا يلتفت للنقص ولا للزيادة حتى لو وجد شيء من ذلك بالفعل . وقد يتفق التعاقدان على أن المستأجر يستلم الأعيان المؤجرة محملة بعضها على بعض ، وأنه لا يتمسك بما قد يظهر فيها من العجز ، فهذا الاتفاق صحيح يجب الأخذ به ، ويصبح المؤجر غير مسئول عما عساه أن يظهر من العجز ، كما أنه لا يستطيع أن يطلب بزيادة الأجرة إذا ظهرت زيادة في الأعيان المؤجرة ، وعلى هذا المبدأ تسير المحاكم الأهلية والمحاكم المختلطة ، ويسري هذا المبدأ من باب أولى على حالة ما إذ كان الإيجار بالمزاد العلني وذكر هذا الشرط في قائمة المزاد . إلا أنه  يجب الأخذ بهذا المبدأ على إطلاقه ، فقد يتفق أن المؤجر يكون عالماً بوجود عجز في العين المؤجرة عند إيجارها ، فإذا أثبت المستأجر ذلك فله أن يطالبه بإنقاص الأجرة ، حتى لو وجد في عقد الإيجار شرط يقي بعدم مسئولية المؤجر عن العجز أو بأن الأعيان قد استؤجرت محملة بعضها على البيع ، أو بأنها استؤجرت تحت الزيادة والنقصان . ونرى أيضاً الأخذ بهذا الرأي ، وإعطاء المستأجر الحق في طلب إنقاص الأجرة ، إذا ثبت أن هناك عجزاً في المساحة ، حتى في حالة ما إذا اقر المستأجر في عقد الإيجار بأنه استلم العين كاملة ، ما دام المؤجر كان يعلم وقت العقد بوجود عجز حقيقي في المساحة ، في حالة ما إذا اقر في عقد الإيجار باستلامه العين كاملة ا باستلامها محملة بعضها على بعض أو تحت الزيادة والنقصان ، أو في حالة ما إذا اشترط المؤجر عدم مسئوليته عن العجز ، ويستطيع الرجوع فيما عدا ذلك من الأحوال . كل هذا إذا لم يكن العجز جسيما ، فإذا كان كذلك فالمؤجر مسئول عنه سواء أكان حسن النية أم سيئها ، وساء اشترط عدم مسئوليته عن العجز أو لم يشترط ، وسواء أوجرت الأعيان تحت العجز والنقصان أو لم تؤجر كذلك . ومن ذلك نرى أن المؤجر يكون دائماً مسئولا عن العجز . في حالتين : ( 1 ) إذا كان سيء النية ( 2 ) إذا كان العجز جسيما ولو لم يكن المؤجر سيء النية . أما في غير هاتين الحالتين فعدم مسئوليته عن العجز يتوقف على ما اشترطه في ذلك ، أو ما يقوم مقام الاشتراط ن تحميل العين بعضها على بعض أو إيجارها تحت الزيادة والنقصان . فالقضاء ، كما تبين مما تقدم ، يسر نحو التوسع في مسئولية المؤجر عن العجز ” ( الإيجار للمؤلف فقرة 175 ص 224 – ص 227 والأحكام المشار إليها – وانظر أيضاً : استئناف مختلط أول أبريل سنة1924 م 36 ص 288 – المنيا الجزئية 13 مارس سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 35 – محمد علي إمام فقرة 63 ص 149 – ص 150 .

( [28] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا نص في عقد الإيجار على وجوب محاسب المستأجر على ما يظهر أنه زراعة زائداً على الأصل المؤجر له ، فإن المعمول في تقاضي أجرة هذا الزائد هو على مساحته بعد أجرائها فعلا وعلى الفترة التي زرع فيها فقطز وتحقيق ذلك أمر موضوعي ، فإذا اعتمدت محكمة الموضوع في قرارها بشأنه على العرف ، فإن تحري العرف في ذاته أمر من أمور الموضوع التي لا شأن المحكمة النقض فيها . وإن اعتمدت فيه على ما تقدم إليها   من مستندات مؤيدة لما ارتأته ، فحكمها سليم لا غبار عليه ( نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 296 ص 922 ) .

( [29] ) وقد اشتمل التقنين المدني العراقي على ثلاث مواد في خصوص النقص أو اليزادة في مقدار الأرض المؤجرة .فنصت الماة 745 على أن  “المستأجر بالخيار في دار استأجرها على أن تشتمل على عدد معين  من الحجر والمرافق ، فظهرت ناقصة ، فإن شاء فسخ الإجارة وإن شاء قبلها بالأجر المسمى ، وليس له إنقاص الأجرة ، وقضت المادة 746 على أنه  “إذا استؤجرت ارض على أنها تشتمل على مساحة معينة ، فتبين أنها زائدة أو ناقصة ، صحت الإجارة ولزم الأجر المسمى ، ولكن في حالة النقص يكون المستأجر مخيراً في فسخ الإجارة ” . ونصت المادة 747 على أنه  “إذا استؤجرت أرض على أنها تشتمل على مساحة معينة ، وعينت الأجرة بنسبة الوحدة القياسية في مساحتها ، فظهرت زائدة أو ناقصة ، كان المستأجر خيراً بين الفسخ وبين الاستمرار على العقد بنسبة ما يخص مجموع الوحدات من الأجرة ” . انظر عباس حسن الصراف فقرة 846 – فقرة 851 .

( [30] ) وينقضي حق المؤجر أو المستأجر المترتب على وجود زيادة أو عجز في مقدار العين المؤجرة ، حتى قبل مرور السنة ، إذا نزل عنه صاحبه صارحه أو ضمناً . وكثراً ما يرد في عقد الإيجار أن المستأجر نازل عن حقه أو أن المؤجر غير مسئول عن العجز ، أو يقرر المستأجر أنه تسلم العين كاملة أو تسلمها محملة بعضها على بعض أو تحت العجز والزيادة ، فيعفى المؤجر من المسئولية إذا ظهر بالعين المؤجر عجز ( استئناف مصر 30 ديسمبر سنة 1913 المجموعة الرسمية 15 ص 120 – 20 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 566 ص 727 – 23 مارس سنة 1932 المحاماة 13 رقم 76 ص 178 – المنيا الجزئية 13 مارس سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 35 – استئناف مختلط 14 نوفمبر سن 1900 م 13 ص 10 ) . ويستثنى من ذلك حالة ما إذا كان المؤجر سيء النية أي كان عالماً بوجود العجز ولم يخطر به المستأجر ، أو كان العجز جسيما بحيث لو كان المستأجر يعلم به ما كان يقبل النزول عن حقه ولو كان المؤجر حسن النية لأن المستأجر يكون في هذه الحالة قد وقع في غلط جوهري ( استئناف مصر أول مايو سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 ص 204 – 16 يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 4856 ص 794 ) . ويستفاد النزول الضمني من ظروف الحال ، كما لو وضع المستأجر يده على العين مع علمه بوجود عجز ولم يصدر منه تحفظ ( استئناف مصر 28 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 182 – محمد علي إمام فقرة 63 ص 153 – ص 154 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 86 ) . ومن جهة أخرى قد قضي في عهد التقنين المدني القدين ، بأن هذه الدعاوى لا يتسقط بمضي سنة لعدم وجود نص على ذلك ( مصر استئنافي 10 ماس سنة 1926 المحاماة 6 رقم 298 ص 648 ) .

( [31] ) انظر في تحديد معنى الملحقات ما سبق ذكره في البيع : الوسيط 4 فقرة 302 .

( [32] ) ويلاحظ أن بعض ما يعتبر من ملحقات المبيع لا يعتبر من ملحقات الشيء المؤجر ، لاختلاف الغرض من التسليم في عقد الإيجار عنه في عقد البيع . ومن ذلك المستندات المثبتة لملكية البائع وعقود التأمين ، فهذه تكون ملحقات للمبيع ولا تكون ملحقات للشيء المؤجر ( منصور مصطفى منصور فقرة 175 ص 430 – ص 431 ) .

( [33] ) أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 185 – وإذا استحدث المؤجر شيئاً من هذه الملحقات ، كمصعد أو غرف للغسيل أو جهاز لتكييف الهواء ، كان للمستأجر بعقد سابق حق الانتفاع بها حسب المألوف لقاء زيادة مناسبة في الأجرة ، ولكن ليس للمؤجر أن يجبره على الانتفاع لقاء هذه الزيادة . أما المستأجر اللاحق لاستحداث هذه الملحقات ، فينتفع بها دون زيادة في الأجرة ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 102 ص 158 – سليمان مرقس فقرة 135 ص 246 – ص 247 ) . أما حديقة المنزل ففد جرى العرف في مصر أن مستأجر الطابق الأرض هو الذي ينتفع بها ، ولكن يجوز الاتفاق على غير ذلك ( الإيجار للمؤلف فقرة 176 ص 229 ) . ويعتبر البدروم ملحقاً بالطابق الأرضي ( استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1946 م 58 ص 174 ) ، إلا إذا قام الدليل على عكس ذلك .

( [34] ) استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1891 م 7 ص 4 .

( [35] ) بلانيول وريبير 10 فقرة 501 ص 649 .

( [36] ) استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1903 م 15 ص 133 .

( [37] ) بودري وفال 1 فقرة 293 – بلانيول وريبير 10 فقرة 501 .

( [38] ) جيوار 1 فقرة 282 وفقرة 284 – جيفرجييه 1 فقرة 356 – جيمولومب 10 فقرة 95 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 365 ص 203  . ويرى بعض الفقهاء أن المستأجر ليس له أن يجبر المؤجر على أن يترك الزيادة الناشئة من الطمي للانتفاع بها ولو عرض أن يزيد الأجرة في مقابل هذا الانتفاع ، لأن الزيادة الناشئة عن الطمي لم يشملها العقد ( بودري وفال 1 فقرة 294 – هيك 10 فقرة 307 ) . ويرى فقهاء آخرون ، على العكس من ذلكن أن للمستأجر أن ينتفع بالطمي دون أن يدفع زيادة في الأجرة ، وإلا لوجب إعطاؤه الحق في أن يرفض الانتفاع بالطمي حتى يتوقى دفع الزيادة فينجم عن ذلك تعقيد في الموقف ( بلانيول وريبير 10 فقرة 606 ) .

وكما تجب زيادة الأجرة في مقابل الانتفاع بالطمي ، يجب كذلك في حالة ما إذا نقصت الأرض نقصاً محسوساً ( من طرح البحر مثلا ) إنقاص الأجرة ، وفي حالة النقص الجسيم يكون المستأجر بالخيار بين الفسخ وإنقاص الأجرة ( الإيجار للمؤلف فقرة 176 ص 229 هامش 6 ) . أما طرح البحر الذي يزيد في الأرض المؤجرة فلا يعتبر من ملحقاتها ولا يشمله الإيجار ، إلا إذا أعطي الطرح لمالك الأرض في مقابل ما أكله البحر منها بعد الإيجار ، يحل الطرح محل الأكل ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 102 ص 159 هامش 1 – سليمان مرقس فقرة 135   ص 245 هامش 2 ) .

( [39] ) انظر ما يلي فقرة 746 .

( [40] ) انظر آنفاً فقرة 112 .

( [41] ) بلانيول وريبير 10 فقرة 501 – نانسي الفرنسية 21 يناير سنة 1948 سيريه 1948 – 2 – 87 .

( [42] ) نقض فرنسي 11 فبراير سنة 1907 داللوز 1908 – 1 – 276 – باريس 27 ديسمبر سنة 1927 داللوز 1930 – 2 – 149 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 365 ص 204 ص 205 – بلانيول وريبير 10 فقرة 10 فقرة 501 ص 646 – ص 649 .

( [43] ) أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 365 ص 205 – بلانيول وريبير 10 فقرة 501 ص 649 .

( [44] ) جرنويل الاستئنافية 15 يوليه سنة 1915 داللوز 1920 – 2- 9 – بلانيول وريبير 10 فقرة 501 ص 649 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 197 – الإيجار للمؤلف فقرة 176 – ص 229 هامش 2 .

( [45] ) جيوار 1 فقرة 88 – بودري وفال 1 فقرة 291 – سليمان مرقس فقرة 133 ص 238 هامش 2 – منصور مصطفى منصور فقرة 175 ص 431 – ص 432 – وقربه عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 103 ص 162 هامش 3 – وقد قضي بأن للمستأجر الحق في مطالبة المؤجر بتوريد ما يلزم للموقد المخصص للتدفئة من الأدوات اللازمة لجعله صالحاً للغرض المقصود منه ( باريس 10 أبريل سنة 1875 داللوز 76 – 2- – 307 ) . كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره ، كأن يقر المستأجر بأنه يعرف العين ويقبلها بحالتها كما هي _ بودري وفال 1 فقرة 291 ) – انظر في يكل ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 176 – وانظر في ملحقات المبيع الوسيط 4 فقرة 303 .

( [46] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 762 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 593 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 592 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 564 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 485 – ص 486 ) .

( [47] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى  :

التقنين المدني السوري م  ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م ( 563 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 742 : على المؤجر ، بعد قبضة الأجر المسمى المشروط تعجيله ، أن يسلم المأجور للمستأجر بالحالة التي عليها وقت العقد ، فإذا كانت قد تغيرت بفعله أو بفعل غيره تغيراص يخل بالمنفعة المقصودة ، فالمستأجر مخير إن شاء قبله وإن شاء فسخ الإجارة . ( والحكم في التقنين العراقي يقارب الحكم في التقنين المصري القديم ، ويخالف الحكم في التقنين المصري الجديد : انظر عباس حسن الصراف فقرة 828 – فقرة 834 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 547 : إن المؤجر يلزمه ألا يقتصر على تسليم المأجور بحالة يتسنى معها للمستأجر أن يستعمله للغرض المقصود منه بحسب ماهيته أو بحسب التخصيص الذي اتفق عليه المتعاقدان ، بل يلزمه أيضاً . . ( وحكم التقنين اللبناني يتفق مع حكم التقنين المصري الجديد ) .

( [48] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 486 – والتقنين المدني القديم قد أخذ عن الشريعة الإسلامية المبدأ الذي لا يلزم المؤجر إلا بترك المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ، إذ تنص المادة 642 من كتاب مرشد الحيران على ما يأتي :  “على المؤجر بعد قبضه الأجر المسمى المشروط تعجيله أن يسلم للمستأجر العين المؤجرة بالهيئة التي رآها وقت العقد ، فإن كانت قد تغيرت بفعله أو فعل غيره تغيراً يخل السكنى ، فالمستأجر مخير إن شاء قبلها وإن شاء فسخ الأجرة ” . وعن الشريعة الإسلامية أيضاً أخذ التقنين المدني العراقي ( م 742 ) فيما قدمناهن ولذلك اتفق هذا التقنين مع التقنين المدني القديم . أما التقنين المدني الجديد فقد اخذ عن التقنين الفرنسي ( م 1720 ) المبدأ الذي يلزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة الانتفاع المقصود .

ويلاحظ أن المادة 564 مدني جديد التي توجب تسليم العين المؤجرة في حالة صالحة تعتبر استثناء من أحكام المادة 566 مدني جديد وهي التي تقضي بأن يسري على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة . فالبائع يلتزم بتسليم العين المؤجرة في حالة صالحة كما تقدم القول ( انظر آنفاً فقرة 165 في الهامش ) .

( [49] ) محكمة بني سويف 23 أكتوبر سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 80 ص 174 – 19 ماس سنة 1907 الحقوق 23 ص 230 .

( [50] ) الإيجار للمؤلف فقرة 185 – وقد أشير إلى حكم صادر من محكمة الاستئناف المختلطة ( يؤيد حكماً صادراً من محكمة  مصر المختلطة في ي9 يناير سنة1923 ) ، ويقضي هذا الحكم بأنه إذا تسلم المستأجر الطابق الذي استأجره في حالة لا تصلح للسكنى على قول الخبراء ، فإن المؤجر لا يكون قد قام بالتزامه الأساسي ، لأن المستأجر لا يستطيع أن ينتفع بالطابق الانتفاع الذي من أجله قد استأجره . ولكن يلاحظ أنه إذا ذكرت في العقد حالة العين السيئة ، أو إذا تسلمها المستأجر وانتفع بها دون اعتراض بما يفهم منه رضاه بحالتها ، فليس له الرجوع على المؤجر بشيء ( استئناف مختلط 15 مارس سنة 18994 م 6 ص 190 – وانظر حكماً آخر في 23 أبريل سنة 1902 م 14 ص 258 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه وإن كان القانون المصري ، على خلاف القانون الفرنسي ( م 1720 مدني ) ، خلواً من النص على التزام المؤجر بأن يسلم الشيء المؤجر في حالة جيدة ، إلا أنه يجب أن يستنج أن التزام المؤجر لا يتم إلا إذا حصل تسليم الشيء المؤجر بالحالة التي قصدها المتعاقدان عند التوقيع على العقد . فإذا قصر المؤجر في إيجاد المصعد الكهربائي أو على الأقل في وضع حاجز للسلم . حق للمستأجر أن يطالب بتعويض عن فوات هذه المنفعة ( استئناف مصر 31 مارس سنة 1931 المحاماة 12 رقم 65 ص 112 ) وانظر أيضاً استئناف مختلط 12 يناير سن 1943 من 55 ص 36 ( وجوب صلاحية السينما المؤجرة ) .

( [51] ) تنص هذه المادة في صدرها ، كما رأينا ، على أن  “يسلم الشيء المؤجر بالحالة التي يكون علها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر به ” . ثم تجري العبارة الأخيرة على الوجه الآتي :  “ما لم يحدث به خلل بعد عقد الإيجار بفعل المؤجر أو من قام مقامه ” .

( [52] ) دي هلتس 2 الإيجار فقرة 129 – جرانمولان في العقود فقرة 336 – قرب استئناف مختلط 17 مايو سنة 1900 م 12 ص 262 – وقد قضت محكمة النقض بأن العبرة في حكم المادة 369 مدني ( قديم ) إنما هي بما يحدث من خلل بالعين المؤجرة بفعل المؤجر ا من قام مقامه في الفترة التي تبدأ بعد العقد وقبل تسليم العين المؤجرة لا قبل ذلك ( نقض مدني 22 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 71 ص 381 ) .

( [53] ) دي هلتس 2 الإيجار فقرة 129 .

( [54] ) دي هلتس 2 الإيجار فقرة 131 – الإيجار للمؤلف فقرة 186 – قارن جرانمولان في العقود فقرة 336 هامش 1 ، وهو متردد يتساءل عما إذ كان من الممكن تطبيق المادة 370 / 454 – 455 في هذه الحالة . ويرى الأستاذ فتحي زغلول ( شرح القانون المدني ص 274 ) أنه يجوز للمستأجر طلب تعويض إن كان التلف قبل التسليم حاصلا بفعل أجنبي أو بقوة قاهرة .

ويذهب الأستاذ هالتون إلى عكس ما ذهب إليه الأستاذ دي هلتس ، فلا يوجب على المؤجر إصلاح الخلل الحادث بسب أجنبي ، مستنداً في ذلك إلى أن واجب المؤجر يقتصر على أن يسلم الشيء بالحالة التي يكن عليها ، دون أن يكون مسئولا إلا عن الخلل الذي يحدث بفعله أو بفعل من قوم مقامه . وقد تقدم أن رأى الأستاذ دي هلتس هو الذي يتفق مع ما تقتضيه العدالة ، ويؤيده ما ورد في المادة 642 من كتاب مرشد الحيران من أنه يجب  “على المؤجر ، بعد قبضه الأجر المسمى المشروط تعجيله ، أن يسلم للمستأجر العين المؤجرة بالهيئة التي رآها وقت العقد ، فإن كانت قد تغيرت بفعله ا فعل غيره تغيراً يخل بالسكنى فالمستأجر مخير إن شاء قبلها وإن شاء فسخ الإجارة ” . انظر أيضاً في هذا المعنى سليمان مرقس فقرة 132 – ص 234 – ص 235 .

( [55] ) دي هلتس 2 الإيجار فقرة 133 – وقد قضت محكمة النقض بأنه يجب على المؤجر أن يسلم العين المؤجرة خالية من جميع العوائق التي تحول دون الانتفاع بها ، وأن يمنع كل تعرض من الغير ، سواء أكان هذا التعرض مادياً أم مبنياً على سبب قانوني ، ما دام قد حدث قبل التسليم ( نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 55 ص 198 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن تسليم مفاتيح الدكان للمستأجر يعتبر تسليما صحيحاً ، إذا كان المحل المؤجر قد استأجره قبل ذلك شخص شهر إفلاسه ووجد المستأجر الجديد الأختام موضوعة على المحل فلم يتمكن من التسلم ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1912 م 25 ص 42 ) .

( [56] ) كذلك يجوز للمستأجر أن يشترط على المؤجر إجراء إصلاحات معينة في العين المؤجرة . وقد قضت محكمة النقض بأن المؤجر ، متى التزم في عقد الإيجار بالقيام بعمل إصلاحات معينة مقدرة في العين المؤجرة ، لا تجوز له مطالبة المستأجر  بالأجرة إلا إذا قام الأول بما التزم به من الإصلاحات ، لأن الأجرة هي مقابل الانتفاع بالعين المؤجر ، فإذا فوت المؤجر الانتفاع على المستأجر بإهماله القيام بما التزم به يكون من حق المستأجر قانوناً – فوق طلب الفسخ وطلب إلزام المؤجر بعمل الإصلاحات أو الإذن بعملها على حسابه وطلب تنقيص الأجرة – أن يدفع بعدم استحقاق المؤجرة للأجرة كلها أو بعضها ( نقض مدني 7 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 35  رقم 40 ص 90 ) .

( [57] ) انظر في كل ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 184 – فقرة 188 .

( [58] ) وهذا هو النص في لغته الأصلية : La bailleur est tenu de deliver la chose en bon eatat de reparation de toute espece .

( [59] ) ولكن المؤجر غير ملزم أن يقوم بأعمال كمالية لزخرفة العين وتجميلها ( بودري وفال 1 فقرة 276 – ترولون 1 فقرة 177 – لوران 25 فقرة 107 – دي باج 4 فقرة 588 ) ، ولا بتوصيل الدار بالمجاري العامة ما دام يمكن الاستغناء عن ذلك بنزح المراحيض ( سليمان مرقس فقرة 133 ص 238 – ص 239 ) .

( [60] ) بل ولو كانت هذه التصليحات ليست على عاتق المؤجر ، كما لو كان المنتفع قد آجر حق انتفاعه فإنه يلتزم بإجراء الترميمات ولو كانت ترميمات جسيمة مما يقع على عاتق صاحب الرقبة ( م 989 مدني ) ، فالمستأجر يرجع على المؤجر ، ويرجع المؤجر على صاحب الرقبة ( محمد علي إمام فقرة 67 ص 163 – ص 164 )

( [61] ) ديفرجيه 1 فقرة 278 – لوران 25 فقرة 107 – جيوار 1 فقرة 93 – بودري وفال 1 فقرة 272 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 366 ص 209 – بلانيول وريبير 10 فقرة 505 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 103 – سليمان مرقس فقرة 133 ص 237 – محمد كامل مرسي فقرة 88 ص 96 – عبد المنعم البدراوي ص 45 – منصور مصطفى منصور فقرة 175 ص 432 – 433 .

( [62] ) بودري وفال 1 فقرة 279 – وإذا وجدت بالعين حشرات أو نحوها مما يجعل الانتفاع بالعين مشوباً بعيب جسيم ، وجب على المؤجر إبادة هذه الحشرات ( بودري وفال 1 فقرة 431 – سمم 133 ص 237 ) .

( [63] ) انظر ما يلي فقرة 202 – فقرة 133 ص 237 ) .

( [64] ) نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 55 ص 198 – استئناف وطني أول ديسمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 61 ص 145 – دشنا 29 يونيه سنة 1920 المجموعة الرسمية 23 رقم 33 ص 55 – قنا 13 أكتوبر سنة1931 المحاماة 12 رقم 506 ص 1008 – قويسنا 28 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 190 ص 513 .

( [65] ) الإيجار للمؤلف فقرة 180 – سليمان مرقس فقرة 128 – وقد قضت محكمة باريس بأنه لا تجب الأجرة على المستأجر إلا من وقت وضع يده على العين بعد إخلائها من الحيازة السابقة ( باريس 6 يوليه سنة 1893 داللوز 94 – 2 – 53 – هيك 10 فقرة 288 ) . ويرى الأستاذان بودري وفال 01 فقرة 274 ) أن الأمر يتوقف على إرادة المتعاقدين .ويكفي النزول للمستأجر عن دعوى الإخلاء حتى يتم التسليم ، إذا ثبت أن هذه هي إرادة المتعاقدين ( سليمان مرقس فقرة 128 ص 230 ) .

هذا ويجوز للمستأجر أن يرفع باسم المؤجر دعوى الإخلاء على المستأجر السابق بطريق الدعوى غير المباشرة .

( [66] ) وقد قضت محكمة جرينوبل الاستئنافية بأن المستأجر لحق جمع عوايد الدخولية له أن يطالب بتعويض إذا تبين أن المستأجر السابق قد أضر به بأن خفض العوايد إلى 50% ( جرينوبل 26 مارس سنة 1894 داللوز 95 – 1 – 149 ) . وقد قضي هذا الحكم بأن للمستأجر اللاحق أن يرفع بذلك دعوى مباشرة على المستأجر السابق دون وساطة المؤجر ، وقد يعلل هذا بأن المؤجر قد نزل للمستأجر اللاحق عن دعواه قبل المستأجر السابق ، وإن كان الحكم قد بني هذه الدعوى على أساس المادة 1382 مدني فرنسي .

( [67] ) نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رق 55 ص 198 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم – جيوار 1 فقرة 89 – بودري وفال 1 فقرة 522 – بلانيول وريبير 10 فقرة 502 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 109 .

( [68] ) ولا يستنتج هذا الاتفاق الضمني من مجرد أن المستأجر يعلم بحالة العين المؤجرة ، فقد= يكون متوقعاً أن يقوم المؤجر بالتزامه من جعل العين في حالة صالحة ( ديفرجييه 1 فقرة 278 – لوران 25 فقرة 108 – جيوار 1 فقرة 94 – بودري وفال 1 فقرة 281 ) . . ولكن يستنتج الاتفاق الضمني من أن المستأجر يقرر بأنه يعرف حالة العين المؤجرة وأنه فحصها .

( [69] ) جيوار 1 فقرة 94 – بودري وفال 1 فقرة 281 .

( [70] ) ديفرجيه 1 فقرة 278 – لوران 25 فقرة 108 – جيوار 1 فقرة 94 – بودري وفال 1 فقرة 281 .

ويصح أن يشترط المؤجر أنه غير مسئول عن تعرض الغير في تسليم العين ، وعند ذلك لا يضمن هذا التعرض . هذا ولا يجوز التوسع في تفسير هذه الشروط المعفية من المسئولية . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة في تفسيرها الإقرار الذي صدر من المستأجر بأنه مسئول وحده عن تسلم العين المؤجرة ووضع يده عليها بدون دخل للمؤجر ، وأنه هو وشانه أمام الواضع اليد على الأرض المؤجرة ، وأن المؤجر خال من كل مسئولية عن التسليم أو خلافه وليس له الرجوع عليه بشيء سواء تسلم الأطيان أو لم يتسلمها – إذا كانت في تفسيرها هذا الإقرار قد خصصت عمومه ، وقصرته على معنى إخلاء المؤجر من ضمان التعرض المادي دون التعرض القانوني ، بانية ذلك على اعتبارات من شأنها أن  تؤدي إليه ، فلا يصح النعي عليها بأنها قد مسخت ذلك الإقرار ( نقض مدني 29 مايو سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 210 ص 449 ) .

( [71] ) وقد نصت المادة 743 من التقنين المدني العراقي على أن  “تسليم المأجور يكون بإجازة المؤجر ترخيصه للمستأجر في أن ينتفع به بلا مانع .ويلزم أن يبقى المأجور في يد المستأجر بقاء متصلا مستمراً إلى انقضاء الإجارة ” ( انظر عباس حسن الصراف فقرة 835 – فقرة 838 ) .

( [72] ) فإذا كان هناك حائل ، كأن يكون الدكان المؤجر وضعت عليه الأختام بسبب تفليسة المستأجر السابق ، أو يكون هناك مستأجر مزاحم متعرض ويحول دون التسليم ، فإن التسليم في هذه الحالة لا يكون ممكناً ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1912 م 25 ص 42 ) .

( [73] ) انظر في التسليم الفعلي في خصوص البيع الوسيط 4 فقرة 306 .

( [74] ) الوسيط 4 فقرة 307 – الإيجار للمؤلف فقرة 189 .

محضر الجرد : وقد يتم التسليم بمحضر جرد ، فيتفق المتعاقدان على تحرير محضر الجرد أو محضر التسليم ( etat des lieux ) لحصر ما سلمه المؤجر للمستأجر مع بيان مقداره وأوصافه . ويكون ذلك في الغالب إذا تعددت العين المؤجرة أو كثرت ملحقاتها ، كما إذا أجر شخص منزلا مفروشاً لآخر يشمل محضر الجرد بياناً مفصلا  للمفروشات الموجودة بالمنزل وغير ذلك من الأمتعة المنزلية ، وكما إذا أوجرت ارض زراعية وكان يتبعها كثير من الملحقات كمنزل للسكنى وزرائب للمواشي ودخلت المواشي والأدوات الزراعية في الإيجار وينتهي التزام المؤجر من حيث التسليم بتوقع المستأجر على المحضر مثبتاً التسلم ، ويصبح هذا الأخير ملزماً برد ما تسلمه قدراً ووصفاً وعلى الحالة التي أثبتت في المحضر عند انتهاء الإيجار . وإذا اتفق المتعاقدان على عمل هذا المحضر ، أصبح  واجباً . ولكن منهما أن يطلب من الآخر أن يشترك معه في عمله ، ولو انقضى الميعاد الذي اتفقا على عمله فيه ( هيك 10 فقرة 312 ) ، ويجوز إجباره على ذلك بحك قضائي . فإذا لم يرد الاشتراك بنفسه في يعمل المحضر ، عينت المحكمة خبيراً لعمله ، ومصروفات القضية وتدخل فيها أتعاب الخبير تكون على العاقد الممتنع من الاشتراك ، إلا إذا كان تعيين الخبير ضرورياً لعمل المحضر أو كان المتعاقدان قد اتفقا على ضرورة تعيين الخبير ففي هاتين الحالتين تكون أتعاب الخبير داخلة في مصروفات عمل المحضر . أما إذا لم يتفق المتعاقدان على عمل المحضر ، وكانت الحالة تستدعيه ، فلكل متعاقد أن يطلب من الآخر الاشتراك معه في يعمله لأن في ذلك تحديداً لالتزام كل منهما ( جيوار 1 فقرة 239 – هيك 10 فقرة 3122 – بودري وفال 1 فقرة 259 ) . ويجوز الالتجاء للقضاء في ذلك ، والمحكمة تحدد ميعاداً للقيام بهذا العمل .

ومصروفات عمل المحضر تكون على من يطلب عمله ، لأن طلبه ذلك دليل على أنه في صالحه فيجب أن يتحمل المصروفات ، وجب أن يتحملاها مناصفة ، لأن اتفاقهما معناه أن كلا منهما يطلب القيام بهذا العمل ( بودري وفال 1 فقرة 262 – سليمان مرقس فقرة 130 ص 232 ) – وهناك رأي يذهب إلى أن مصروفات عمل المحضر يتحملها المؤجر لأن المحضر من مستلزمات التسليم ومصروفات التسليم على المؤجر ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 110 ص 148 هامش 2 – منصور مصطفى منصور فقرة 177 ص 436 – محمد لبيب شنب فقرة 111 ص 149 ) .  ومهما يكن من رأي  ، فلا تدخل مصروفات عمل المحضر ضمن مصروفات العقد فيتحملها المستأجر ، لأن مصروفات العقد التي يتحملها المستأجر هي المصروفات الضرورية وليست مصروفات عمل المحضر منها ( بودري وفال 1 فقرة 262 ) .

انظر في كل ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 173 – سليمان مرقس فقرة 130 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 110 – محمد علي إمام فقرة 69 – منصور مصطفى منصور فقرة 177 ص 43 – ص 436 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 95 .

( [75] ) وإذا اشترى شخص منزلا من آخر ، وآجر المشتري المنزل للبائع ، ففي هذه الحالة أيضاً يكون المشتري قد تسلم المنزل تسلما حكمياً بناء على عقد البيع ، ويكون البائع قد تسلمه كمستأجر تسلما حكمياً كذلك . ويبقى المنزل في يد مالكه السابق ، ولكن لا كمالك بل كمستأجر ( الإيجار للمؤلف فقرة 190 ) .

( [76] ) انظر في التسليم الحكمي في خصوص البيع الوسيط ؛ فقرة 308 ، وفي خصوص الإيجار للمؤلف فقرة 190 .

( [77] ) ويجوز تعيين هذا الوقت بموت المؤجر ، ولا يعد هذا تعاملا في تركة مستقبلة ، وإنما يكون عقد إيجار مقروناً بأجل موقوف هو موت المؤجر ، وهذا الأجل وإن كان لا يعرف موعد حلوله إلا أنه محقق الحلول . ويتفق هذا الحكم مع القاعدة التي تقضي بأن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ( الإيجار للمؤلف فقرة 191 ) .

( [78] ) إلا إذا اقتضت الظروف تأخير التسليم إلى وقت معين ، كما إذا كان الشيء المؤجر آلة زراعية يستوردها المؤجر من الخارج ، فإن المفروض هنا أن يتأخر التسليم وقتاً معقولا يتيسر فيه للمؤجر استيراد الآلة الزراعية من الخارج .

( [79] ) بودري وفال 1 فقرة 300 – ويرى بعض الفقهاء أن التسليم لا يكون فوراً إلا إذا كانت العين خالية ( جيوار 1 فقرة92 ) – وانظر في هذا كله الإيجار للمؤلف فقرة 191 – الوسيط 4 فقرة 309 ( بالنسبة إلى البيع ) .

( [80] ) بودري وفال 1 فقرة 303 – الإيجار للمؤلف فقرة 191 – وكذلك الحكم فيما إذا كانت العين مشغولة بمستأجر سابق مثلا ، ونزل المؤجر عن دعوى الإخلاء للمستأجر الجديد ، ولم  يتمكن هذا من إخلاء العين فعلا إلا بعد الميعاد المعين لتسليم العين ، فلا يفع الأجرة من مدة التأخير ( بودري وفال 1 فقرة 274 ) . قارن استئناف مختلط 5 مارس سنة 1940 م 52 ص 174 .

( [81] ) وقد ورد نص في كتاب مرشد الحيران ، إذ نصت المادة 583 منه على أنه  “إذا اشترط تعجيل الأجرة لزم المستأجر دفعها وقت العقد وللمؤجر أن يمتنع عن تسليم العين المؤجرة للمستأجر حتى يستمر في الأجرة ، وله أن يفسخ عقد الإجارة عند عدم الإيفاء من المستأجر ” .

( [82] ) ويمكن القول فوق ذلك إن المشرع أحال ، فيما أحال إليه من قواعد تسليم المبيع ، إلى المادة 459 مدني ، فيسري هذا النص في الإيجار كما يسري في البيع . ويترتب على ذلك أن للمؤجر أن يحبس العين المؤجرة حتى يستوفي ما هو مستحق له من الأجرة ، ولو قدم المؤجر رهناً أو كفالة ، هذا ما لم يمنح المؤجر المستأجر أجلا بعد الإيجار . وكذلك يجوز للمؤجر أن يحبس العين المؤجرة ولو لم يحل الأجل المشترط لدفع الأجرة إذا سقط حق المستأجر في الأجل طبقاً لأحكام المادة 273 مدني بسبب شهر إفلاسه أو إعساره أو إضعافه التأمينات الموجودة أو عدم تقديمه التأمينات الواجبة ، غير أنه في هذه الأحوال يجوز للمستأجر أن يطالب بالتسليم إذا هو قدم رهناً أو كفالة ( سليمان مرقس فقرة 137 – محمد علي إمام فقرة 72 ، منصور مصطفى منصور فقرة 178 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 97 ) .

( [83] ) وقد قضت محككم الاستئناف المختلطة بأنه لا يلتزم المؤجر بتنفيذ تعهده إلا إذا قام المستأجر بتنفيذ ما تعهد به ، فإذا لم يثبت المستأجر أنه دفع الأجرة المتفق عليها في العقد فلا تجوز له مطالبة المؤجر بتعويض عن عدم تسليم الأرض المؤجرة ( استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 66 ) .

( [84] ) ويعد دفع الأجرة قرين قضائية على أن المستأجر قد تسلم العين ، لأن دفع الأجرة بعقبة التسليم عادة . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن الدفع من المستأجر بعدم تسلمه الشيء المؤجر إلا بعد المدة الحاصل التعاقد عنها لا يمكن قبوله متى ثبت أن المستأجر دفع جزءاً من الأجرة ( استئناف وطني 17 ديسمبر سنة 18995 الحقوق 11 ص 19 ) . قارن مع ذلك بودري وفال 1 فقرة 308 .

( [85] ) الإيجار للمؤلف فقرة 193 .

( [86] ) بل يمكن القول بوجه عام إن العقار يكون تسليمه في محل وجوده ، لأنه لا يمكن للمتعاقدين الاتفاق على غير ذلك إذ أن هذا يتعارض مع طبيعة الأشياء ، إلا إذا كان التسليم مقصوراً على إعطاء مفاتيح المنزل مثلا للمستأجر فهذا يجوز حصوله في جهة أخرى ويتبع في ذلك اتفاق المتعاقدين ،وإن لم يوجد اتفاق ففي مكان وجود المنزل ( الإيجار للمؤلف فقرة 194 ص 2242 هامش 1 ) .

( [87] ) الإيجار للمؤلف فقرة 194 – وانظر في البيع الوسيط 4 فقرة 310 .

( [88] ) محمد علي إمام فقرة 61 ص 143 .

( [89] ) انظر في البيع الوسيط 4 فقرة 311 .

( [90] ) ويوجد في تقنين الموجبات والعقود اللبناني نص في خصوص الإيجار هو تطبيق للقواعد العامة المتقدمة الذكر ، إذا تنص المادة 546 من هذا التقنين على ما يأتي :  “إن مصاريف التسليم على المؤجر . ماما نفقات الصكوك فعلى الفريقين بمعنى أن كل فريق يدفع مصاريف الصك الذي يسلم إليه . أما نفقات قبض المأجور واستلامه فهي على المستأجر . كل ذلك ما لم يوجد هناك عرف أو نص مخالف ” . ونفقات الصكوك المذكورة في النص ليست من نفقات التسليم ، بل هي نفقات عقد الإيجار ذاته ، وسيأتي بيان من يتحملها فيما يلي ( انظر فقرة 336 ) .

( [91] ) بلانيول وريبير 10 فقرة 498 .

( [92] ) جيوار 1 فقرة 90 – لوران 25 فقرة 103 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 195 – وانظر في البيع الوسيط 4 فقرة 312 .

( [93] ) انظر الإيجار للمؤلف فقرة 195 – وانظر في البيع الوسيط 4 فقرة 313 .

( [94] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 763 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأدخلت لجنة المراجعة تحويرات لفظية طفيفة عليه فأصبح مطابقاً ، وصار رقمه 594 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 565 – مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 487 – ص 489 ) .

( [95] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م  533 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م  564 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 744 : إذا سلم المؤجر الدار ولم يسلم حجرة منها ، كان المستأجر مخيراً بين إجبار المؤجر على تسليمها وبين فسخ العقد أو الاستمرار عليه ، وفي هذه الحالة الأخيرة تسقط من الأجرة حصة الحجرة إلى حين تسليمها .

م 745 : المستأجر بالخيار في دار استأجرها على أن تشتمل على عدد معين من الحجر والمرافق فظهرت ناقصة ، فإن شاء فسخ الإجارة وإن شاء قبلها بالأجرة المسمى وليس له إنقاص الأجرة .

م 749 : إذا أصبح المأجور في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم ، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد سبق له أن نزل عن هذا الحق .

( وهذه الأحكام تقارب أحكام التقنين المصري : انظر عباس حسن الصراف فقرة 839 وفقرة846 وما بعدها وفقرة 860 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل  . ولكن النص يتفق مع القواعد العامة ، فيمكن تطبيق أحكامه في لبنان .

( [96] ) الإيجار للمؤلف فقرة 196 .

( [97] ) ويجوز للمستأجر في حالة عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو بناء ، ا يطلب من المحكمة تحديد مدة للمؤجر يقوم فيها بما التزم به مع اقتران ذلك بتهديد مالي ( نقض فرنسي 20 مايو سنة 1873 سيريه 73 – 1 – 453 ) ، أو أن يطلب الإذن له في القيام بهذا العمل على نفقة المؤجر ( لوران 25 فقرة 109 ) ، وله أخيراً أن يطلب الفسخ ( بودري وفال 1 فقرة 317 ) .

( [98] ) الإيجار للمؤلف فقرة 197 – وقد قضت محكمة النقض بأن التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليم هذه العين جميعها هي وملحقاتها تسليما يتمكن به المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملا دون حائل ، ويكون ذلك في الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما . فتسليم جزء من العين ، أو العين دون ملحقاتها ، أو تسليم العين في حالة غير حسنة ، أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزا أو بناء يقيمه في العين المؤجرة قبل التسليم ، أو مجرد التأخر في التسليم عن وقته ، كل هذا لا يعد تسليما صحيحاً ، ولا يمكن للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح . وللمستأجر في جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويضات اللازمة وفقاً لحكم المادة 565 مدني . فإذا كان الظاهر من وقائع الدعوى ومستنداتها أن المؤجر لم يقم بما تعهد به في عقد الإيجار ، واشترط فيه على نفسه إلا يستحق شيئاً من الأجرة المتفق عليها إلا بعد التسليم الوافي الكامل للجراج المؤجر ، وكان الحكم قد قال إن الأشياء الناقصة بهذا الجراج تافهة ، دون أن يبين كيف تكون تافهة وهي تؤثر على الانتفاع ومنها عدم وجود أبواب ولا نوافذ ولا أدوات صحية ولا أدوات لإطفاء الحريق ولا رخصة الإدارة ، فإن الحكم يكون قاصر البيان قصوراً يشوبه ويبطله ( نقض مدني 21 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 33 ص 265 ) .

( [99] ) استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1900 م 12 ص 229 .

( [100] ) مصر الكلية 29 أبريل سنة 1946 المجموعة الرسمية 49 رقم 22 – وإذا رفع المستأجر دعوى التسليم أثناء مدة الإيجار ، وعند صدور الحكم كانت مدة الإيجار قد انتهت ، فإن هذا لا يجول دون الحكم له بالتسليم ولو أن التسليم مستحيل لانتهاء مدة الإيجار ، وذلك لما يترتب على قبول هذا الطلب من إمكان رجوعه بالتعويض على المؤجر ( نقض مدني 27 يناير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض  6 رقم 68 ص 540 ) .

( [101] ) ديفرجييه 1 فقرة 268 – ترولون 1 فقرة 169 – لوران 25 فقرة 106 – بودري وفال 1 فقرة 308 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 112 – ص 173 – منصور مصطفى منصور فقرة 179 ص 438 . .

( [102] ) وقد قضت محكمة بني سويف الجزئية بأن تمكين المستأجر الجديد من وضع اليد على العين المؤجرة من الأمور المستعجلة التي يخشى عليها من فوا الوقت ، فيختص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في مثل هذا ، ويلاحظ فقط في مثل هذه الأحوال أن تظهر ظروف الاستعجال في الدعوى ، كرفعها مثلا عقب انتهاء مدة الإجارة مباشرة كي لا يترك المستأجر القديم يعتقد أن الإجارة تجددت ( بن سويف الجزئية 12 نوفمبر سنة 1923 المحاماة 4 رقم 717 ص 936 ) – وقضت محكمة أسيوط الكلية بأنه يجوز للمستأجر أن  يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الأمر بتسليمه الأعيان المؤجرة إذا كان هناك وجه للاستعجال يخشى عليه من فوات الوقت ، والأمر الصادر منه موقت بطبيعته لا يؤثر في موضوع الدعوى المتروك الفصل فيه قطعياً لمحكمة الموضوع ( أسيوط الكلية 29 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 361 ص 549 ) .

( [103] ) ويجوز للمستأجر دون إعذار أن يحبس من الأجرة المقدار المقابل لما نقصه من الانتفاع بالعين المؤجرة ( أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 366 ص 209 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن دفع المستأجر الأجرة في ميعادها قرينة على أنه تسلم العين على الأقل في الحالة التي هي عليها وقت الإيجار ( استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1909 م 21 ص 306 ) .

( [104] ) ويرى بعض الفقهاء أن مجرد تأخر المؤجر عن التسليم لا يبرر فسخ العقد ، إلا إذا كان باختيار المؤجر وترتيب عليه ضرر جيم للمستأجر ( جيوار 1 فقرة 100 – بودري وفال 1 فقرة 309 – بلانيول وريبير 10 فقرة 503 ) .

( [105] ) جيوار 1 فقرة 96 .

( [106] ) بودري وفال 1 فقرة 309 – ومن هنا نرى ألا أهمية للخلاف في جواز الفسخ لمجرد التأخر عن التسليم ، إذ أن الفسخ جوازي في كل الأحوال ، وللقاضي ألا يحكم به إذا كان لا يوجد ما يبرره . وهو يكون أشد ميلا لعدم القضاء به إذا كان كل ما فعله المؤجر هو مجرد تأخره عن التسليم دون أن يتعمد ذلك ، كما إذا استغرقت التصليحات أو الأبنية التي يجب أن يقوم بها وقتاً أطول مما قدره ولم يصب المستأجر من وراء ذلك ضرر جسيم . هذا ويلاحظ أن القاضي يحكم بفسخ  الإيجار ولو لمجرد التأخر في التسليم ، إذا ثبت أن هذا التأخر قد ترتب عليه فوات   الغرض الذي أوجرت العين من أجله ( الإيجار للمؤلف فقرة 199 ص 245 هامش 3 ) .

( [107] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 488 ص 489 – – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 199 – ويلاحظ أن المذكرة الإيضاحية جعلت المستأجر يستحق التعويض إذا ثبت خطأ في جانبه طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . وبعد وضع المذكرة الإيضاحية اتجه رأينا في الوسيط ( جزء أول فقرة 515 ص 760 – ص 762 ) إلى عدم جواز الخيرة بين المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية ، فإذا وجدت الأولى جبت الثانية . لما كانت مسئئولية المؤجر عقدية ، فقد وجب استبعاد المسئولية التقصيرية .

( [108] ) هيك 10 فقرة 291 – لوران 25 فقرة 106 – بلانيول وريبير 10 فقرة 502 ص 651 – وللمستأجر أن يطلب تعويضاً عن التأخر في التسليم حتى لو تسلم الشيء ما دام قد احتفظ بحقه في التعويض ( استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1930 م 42 ص 421 ) .

( [109] ) ولا يعتبر مجرد التخوف من حصول اضطرابات سياسية قوة قاهرة تبرر عدم طلب تعويض إذا امتنع المؤجر من تسليم قاعة أجرها لاجتماع سياسي ( بودري وفال 1 فقرة 313 – انظر عكس ذلك السين 27 أكتوبر سنة 1899 مجلة القانون Droit في 28 أكتوبر سن 1899 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن ارتفاع مصروفات البناء الناشئ عن غلاء المواد الأولية لندرتها لا يعد قوة قاهرة تحل المؤجر من التزامه بتسليم العين للمستأجر في وقت معين ، وإذا وجد  يعقد الإيجار شرط جزائي لتطبيقه في حالة عدم تسليم المؤجر للعين المؤجرة وعدم تسليم المستأجر لها ، ولو لم ينص صراحة في هذا الشرط على أنه يطبق في حالة التأخر عن التسليم ، فلا يجوز استبدال جزاء آخر بالجزاء المتفق عليه بدعوى تفسير العقد ، ويجب تطبيق الشرط الجزائي ، واعتبار التأخر عن التسليم مندرجاً ضمناً في عدم القيام بواجب التسليم ، وليس للمستأجر أن يطلب فسخ العقد مادام هناك شرط جزائي رضي به من أول الأمر ( استئناف مختلط 13 يونيه سنة 1922 جازيت 13 رقم 131 ص 68 ) .

( [110] ) بودري وفال 1 فقرة 313 – والالتزام بالتسليم التزام بتحقيق غاية . فعدم  التسليم ولو لسبب أجنبي يكون خطأ ، ولكن السبب الأجنبي ينفي علاقة السببية فلا يكون هناك محل للتعويض .

( [111] ) ديفرجييه 1 فقرة 290 – لوران 25 فقرة 106 وفقرة 109 – ججيوار 1 فقرة 100 وفقرة 101 وفقرة 108 .

( [112] ) نقض فرنسي 11 يناير سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 257 – بودري وفال 1 فقرة 312 وفقرة 317 وفقرة 322 – وقرب بلانيول وريبير 10 فقرة 503 .

( [113] ) هيك 10 فقرة 292 .

( [114] ) استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1924 م 37 ص 66 – ويلاحظ أنه إذا طلب المستأجر التعويض بسبب تأخر المؤجر في تسليم العين ، لم يعد الإعذار ضرورياً . فقد قضت المادة 220 مدني بأنه لا ضرورة لإعذار المدين إذا أصبح تنفيذ الالتزام غي رممكن فلا ضرورة للإعذار ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 112 ص 175 هامش 2 ) .

( [115] ) انظر في كل ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 200 .

( [116] ) جيوار 1 فقرة 102 – بودري وفال 1 فقرة 319 – بلانيول وريبير 10 فقرة 504 – الإيجار للمؤلف فقرة 201 .

هذا ويصح أن يتفق المتعاقدان على التعديل من أحكام التسليم ، فيشترط المؤجر مثلا إعفاءه من المسئولية عن التعرض المادي الصادر من الغير قبل التسليم . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا حصل الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على عدم ضمان المؤجر للتعرض المادي الصادر من الغير ، وأخذت محكمة الموضوع بهذا الشرط واعتبرته شاملا جميع حالات التعرض المادي ، سواء أكانت العين قد سلمت فعلا للمستأجرين أم لم تسلم إليهم ، فليس ثمة خطأ في تطبيق القانون ما دام الشرط جائزاً قانوناً ويحتمل التفسير الذي فسرته به ( نقض مدني 17 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 13 رقم 1197 ص 395 – وانظر سليمان مرقس فقرة 186 ص 332 هامش رقم 1 ) .

( [117] ) انظر في ذلك الوسيط 4 فقرة 316 .

( [118] ) انظر آنفاً فقرة 104 .

( [119] ) ويرى الأستاذان بودري وفال أن المستأجر يتحمل التبعة في هذه الحالة فلا ينفسخ الإيجار ، ويتحلل المؤجر من التزامه لاستحالة التنفيذ بسبب أجنبي ( بودري وفال 1 فقرة 280 ) . وغني عن البيان أن استحالة تنفيذ المؤجر لالتزامه في العقد الملزم للجانبين كالإيجار يجعل العقد ينفسخ وفقاً للقواعد العامة ، ولا يجوز في أية حال أن يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة بغير خطأه ويجبر في الوقت ذاته على دفع الأجرة ، فإن الأجرة تقابل الانتفاع ( بلانيول وريبير 10 فقرة 502 ص 650 هامش 4 . وانظر أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 366 هامش 1 مكرر 3 ) .

( [120] ) انظر ما يلي قرة 230 وما بعدها .

محامي الأردن

منشور في مقال توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

نفاذ عقد الإيجار في حق الغير

نفاذ عقد الإيجار في حق الغير

151- ثبوت التاريخ والتسجيل : حتى يكون عقد الإيجار نافذاً في حق الغير ، يجب أن يكون ثابت التاريخ ، وهذه هي القاعدة العامة في جميع العقود .

وإذا وقع الإيجار على عقار وكانت مدته تزيد على تسع سنوات ، فإنه لا ينفذ في حق الغير إلا إذا سجل .

189 هاتان هما القاعدتان الرئيسيتان في نفاذ الإيجار في حق الغير( [1] ) ، نتولى بحثهما في مطلبين متعاقبين( [2] ) .

المطلب الأول

ثبوت تاريخ عقد الإيجار ليكون نافذاً في حق الغير

152- من لا يعتبر من الغير فيكون التاريخ العرفي لعقد الإيجار حجة عليه : القاعدة العامة أن الإيجار لو لم يكن ثابت التاريخ يكون حجة بتاريخه العرفي على من كان ممثلا في العقد .

فيحتج بالتاريخ العرفي للإيجار على طرفي التعاقد ، المؤجر والمستأجر . فإذا كان أحدهما قاصراً أو محجوراً عليه ، وأخر الطرفان التاريخ حتى لا ينكشف أن التصرف قد صدر وقت القصر ، أو قدماه حتى لا ينكشف أن التصرف قد صدر وقت القصر ، أو قدماه حتى لا ينكشف أن التصرف قد صدر وقت الحجر ، كان التاريخ المؤخر أو المقدم حجة عليهما ، إلا أن يثبت صاحب المصلحة منهما أن التاريخ غير صحيح .

ويحتج بالتاريخ العرفي للإيجار على الوارث وكل خلف عام كالموصي له بحصة في التركة . فإذا أجر شخص داراً بورقة عرفية غير ثابتة التاريخ ، وكان محجوراً عليه للسفه ولكن تاريخ الورقة سابق على تسجيل قرار الحجر ، فإن هذا التاريخ يكون حجة على السفيه وعلى ورثه جميعاً ، ولا يستطيع أحد منهم أن ينقض هذه الحجية إلا إذا أثبت أن التاريخ قد قدم عمداً حتى يصور الإيجار واقعاً 190 في وقت لم يكن فيه المؤجر محجوراً عليه ، وأن التاريخ الحقيقي كان بعد تسجيل قرار الحجر .

ويحتج بالتاريخ العرفي للإيجار على الدائن العادي قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ، فإذا أجر شخص داراً بأجرة بخسة متواطئناً في ذلك مع المستأجر وكان معسراً ، جاز لدائنه أن يطعن في الإيجار بالدعوى البولصية كما سبق القول( [3] ) . ولكن التاريخ العرفي للإيجار يكون حجة عليه ، فإذا كان هذا التاريخ سابقاً على حقه لم يستطع أن يطعن بالدعوى البولصية ، إلا أن يثبت أن التاريخ قد قدم ليكون سابقاً على حقه وأن التاريخ الحقيقي للإيجار كان بعد ثبوت حقه( [4] ) .

ويحتج بالتاريخ العرفي للإيجار على الدائن المرتهن رهناً رسمياً ا من له حق اختصاص أو حق امتياز ، فيكون التاريخ العرفي للإيجار حجة عليه ، إلا إذا قام بإجراءات نزع الملكية وسجل التنبيه ، فمن وقت تسجيل التنبيه تلحق الثمار بالعقار ، فيتعلق حق الدائن بمنفعة العين ويصبح من الغير ،ولا يكون الإيجار نافذاً في حقه إلا إذا كان ثابت التاريخ( [5] ) كما سيجيء .

153- من يعتبر من الغير فلا يكون الإيجار نافذاً في حقه إلا إذا كان ثابت التاريخ : ويعتبر من الغير ، فلا يكون الإيجار نافذاً في يحقه إلا إذا كان ثابت التاريخ ، كل من تعلق له حق خاص بمنفعة العين محل الإيجار . فهو يتمسك بحقه في منفعة العين ، والمستأجر يتمسك كذلك بحقه في هذه المنفعة ، فيتعارض الحقان ، ولا يفضل المستأجر إلا إذا كان الإيجار سابقاً على ثبوت حق الغير في منفعة العين . ولا يعتد بالتاريخ العرفي للإيجار في هذه الحالة ، بل يجب أن يكون الإيجار ثابت التاريخ وسابقاً على ثبوت حق الغير حتى يكون نافذاً في حق هذا الغير .

191 ومن ثم يعتبر من الغير في هذا المعنى : ( 1 ) الخلف الخاص الذي انتقل إليه حق عيني أصلي في العين المؤجرة . ( 2 ) الدائن المرتهن رهن حيازة وهو خلف خاص انتقل إليه حق عيني تبعي . ( 3 ) الدائن العادي أو الدائن المرتهن هنا رسمياً أو من له حق اختصاص أو حق امتياز ، إذا كان أي منهم قد سجل تنبيه نزع الملكية .

1– فالخلف الخاص الذي انتقل إليه حق عيني أصلي في العين المؤجرة يعتبر من الغير ، فلا ينفذ الإيجار في حق إلا إذا كان ثابت التاريخ . ويعد خلفاً خاصاً من تعامل في العين المؤجرة مع المؤجر وخلفه عليها أو على حق فيها . فالمشتري للعين المؤجرة ، والمقايض عليها ، والموهوب له إياها ، والموصي له بها ، ومن انتقل إليه حق الانتفاع فها ، كل هؤلاء خلف خاص ، وقد تعلق لهم حق بمنفعة العين المؤجرة ، فلا ينفذ في حقهم الإيجار الصادر من المالك إلا إذا كان ثابت التاريخ وسابقاً على تاريخ تلقيهم لحقوقهم ، أي سابقاً على تاريخ البيع في حالة المشتري ، أو على تاريخ الهبة في حالة الموهوب له ، أو على تاريخ موت المورث في حالة الوصية ، أو على تاريخ السند الناقل لحق الانتفاع في حالة من انتقل له هذا الحق : بيعاً كان هذا السند أو هبة أو وصية أو غير ذلك . وقد أورد التقنين المدني نصاً صريحاً في هذا المعنى ، إذ تقول المادة 604 مدني :  “1- إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة اختياراً أو جبراً إلى شخص آخر ، فلا يكون الإيجار نافذاً في حق هذا الشخص إذا لم يكن له تاريخ ثابت اسبق على التصرف الذي نقل الملكية . 2- ومع ذلك يجوز لمن انتقلت الهي الملكية أن يتمسك بعقد الإيجار ولو كان هذا العقد غير نافذ في حقه ” . ويؤخذ من هذا النص أن المشتري مثلا للعين المؤجرة لا ينفذ في حقه إيجار صادر من المالك إذا لم يكن هذا الإيجار ثابت التاريخ وكان تاريخه الثابت سابقاً على تاريخ عقد البيع الصادر للمشتري . فإذا توافر في الإيجار ثبوت التاريخ على النحو المتقدم ، نفذ في حق المشتري ، ووجب عله احترام الإيجار إلى نهاية مدته ، مع ملاحظة وجوب تسجيل عقد الإيجار أيضاً في العقار إذا زادت مدة الإيجار على تسع سنوات كما سيجيء . أما إذا لم يكن الإيجار ثابت التاريخ ، أو كان ثابت التاريخ ولكنه متأخر أو معاصر للتاريخ الثابت للبيع ، فإنه لا ينفذ في يحق المشتري ، ولكن يجوز مع ذلك للمشتري أن 192 يتمسك بعقد الإيجار ويلزم به المستأجر إلى نهاية المدة . وسيأتي تفصيل هذه المسألة عند الكلام في انتهاء الإيجار بانتقال ملكية العين المؤجرة( [6] ) .

2- والدائن المرتهن رهن حيازة يعتبر من الغير ، فلا ينفذ في حقه الإيجار الصادر من الراهن إلا إذا كان ثابت التاريخ وسابقاً على تاريخ رهن الحيازة . فإذا توافر للإيجار ثبوت التاريخ على هذا الوجه ، نفذذ في حق الدائن المرتهن رهن حيازة ، ووجب على هذا احترام الإيجار إلى نهاية مدته ، وتكون الأجرة مستحقة له يخصمها من الدين . أما إذا كان الإيجار غير ثابت التاريخ ، أو كان ثابت التاريخ ولكنه متأخر أو معاصر للتاريخ الثابت للرهن الحيازي ، فإنه لا ينفذ في حق الدائن المرتهن ، ولن يجوز لهذا أن يتمسك بعقد الإيجار ويلزم به المستأجر إلى نهاية المدة .

3- والدائن غير المرتهن رهن حيازة ، سواء كان دائناً عادياً أو دائناً مرتهناً رهناً رسمياً أو صاحب حق اختصاص أو حق امتياز ، يصبح من الغير بمجرد تسجيل تنبيه نزع الملكية( [7] ) ، إذ بهذا التسجيل تلحق الثمار بالعقار ويصبح للدائن حق في هذه الثمار . ومن ثم لا ينفذ في حقه الإيجار الصادر من المدين إذا لم يكن ثابت التاريخ وسابقاً على تسجيل التنبيه . فإذا كان الإيجار ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه ، نفذ في حق الدائن .  وتنص المادة 621 من تقنين المرافعات فهذا الصدد على أن  “عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه تنفذ في حق الحاجزين  والدائنين المشار إليهم في المادة 637 ( وهم جميع الدائنين المقيدة حقوقهم قبل تسجيل التنبيه وجميع الدائنين الذين سجلوا تنبيهاتهم ) والراسي عليه المزاد  . . . أما عقود الإيجار غير الثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه ، فلا تنفذ في 193 حق من ذكروا إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة ” . وتنص المادة 1045 مدني في هذا الصدد بشأن الإيجار الصادر من الراهن رهناً رسمياً على أن  “1- الإيجار الصادر من الراهن لا ينفذ في حق الدائن المرتهن إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ، أما إذا لم يكن الإيجار ثابت التاريخ على هذا الوجه ، أو كان قد عقد بعد تسجيل التنبيه ولم تعجل فيه الأجرة ، فلا يكون نافذاً إلا إذا أمكن اعتباره داخلا في الإدارة الحسنة . 2- وإذا كان الإيجار السابق على تسجيل التنبه تزيد مدته على تسع سنوات ، فلا يكون نافذاً في حق الدائن المرتهن إلا لمدة تسع سنوات ، ما لم يكن قد سجل قبل قيد الرهن “( [8] ) . ويؤخذ من هذه النصوص أنه إذا كان الإيجار ثابت التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ، نفذ في حق الدائن إلى نهاية مدته ، مع ملاحظة التسجيل في العقار إذا كانت مدة الإيجار تزيد على تسع سنوات إذ يجبان يكون الإيجار مسجلا قبل القيد ( أو قبل تسجيل التنبيه في حالة الدائن العادي ) . أما إذا كان الإيجار غير ثابت التاريخ ، أو كان ثابت التاريخ ، أو كان ثابت التاريخ بعد تسجيل التنبيه ، فإنه  ينفذ في حق الدائن إلا حيث تنتفي شبهة الغش بأن يعتبر الإيجار من أعمال الإدارة الحسنة ، ويعتبر الإيجار من أعمال الإدارة الحسنة إذا كان معقود للمدة المألوفة وبأجر المثل ولم تعجل فيه الأجرة( [9] ) .

154- يشترط في الغير أن يكون حسن النية : وحتى يستطيع الغير أن يتمسك بوجوب ثبوت التاريخ فيكون الإيجار نافذاً في حقه على الوجه الذي قدمناه ، يجب أن يكون حسن النية . فإذا كان سيء النية ، لم يكن له أن يتمسك بوجوب ثبوت التاريخ ، وكان الإيجار نافذاً في حقه حتى لو لم يكن ثابت 194 التاريخ( [10] ) . ومعنى سوء النية هنا أن يكون الغير عالماً بوجود عقد الإيجار وقت أن تلقى حقه . مثل ذلك أن يكون المشتري للعين المؤجرة يعلم وقت شرائه للعين بوجود عقد إيجار صادر من المالك ، فليس له في هذه الحالة أن يتمسك بوجوب أن يكون لعقد الإيجار تاريخ ثابت قبل شرائه للعين . بل ينفذ الإيجار في حقه حتى لو لم يكن ثابت التاريخ ، ما دام أنه كان يعلم بوجوده قبل الشراء( [11] ) . أما لو علم بوجوده بعد الشراء ، فإن هذا العلم لا ينفي حسن نيته ، ولا ينفذ الإيجار في حقه فهذه الحالة إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل الشراء . ويفرض في الغير أن حسن النية ، أي أنه لا يعلم بوجود الإيجار وقت تلقيه لحقه ، فإذا ادعى المستأجر أن الغير يعلم بوجود الإيجار حتى يتمكن من الاحتجاج به عليه مع أن تاريخه غير ثابت فعلى المستأجر أن يثبت علم الغير( [12] ) .

وهناك فريق من الفقهاء يذهبون إلى أنه لا يكفي علم الغير بوجود الإيجار وقت تلقيه الحق ، بل يجب أيضاً أن يكون متواطئاً مع المالك للإضرار بحق المستأجر ، فلا يكفي مثلا أن يكون مشتري العين قد علم بوجود الإيجار الصادر من المالك وقت شرائه للعين ، بل يجب أيضاً أن يكون قد عمد إلى شراء العين متواطئاً مع المالك حتى يضيع على المستأجر حقه( [13] ) . ولكن الرأي الراجح في الفقه المصري هو أن مجرد العلم يكفي ، ولا يشترط التواطؤ( [14] ) .

195 المطلب الثاني

تسجيل عقد الإيجار ليكون نافذاً في حق الغير

155- متى يجب تسجيل عقد الإيجار ليكون نافذاً في حق الغير : نصت المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقار على أنه  “يجب تسجيل الإيجارات والسندات التي ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على تسع سنوات ، والمخالصات والحوالات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك . ويترتب على عدم تسجيلها أنها لا تكون نافذة في حق الغير فيما زاد على مدة تسع سنوات بالنسبة إلى الإيجارات والسندات ، وفيما زاد على أجرة ثلاث سنوات بالنسبة إلى المخالصات والحوالة “( [15] ) .

ويتبين من هذا النص أن عقد الإيجار ، إذا كان واقعاً على عقار ، وكانت مدته تزيد على تسع سنوات( [16] ) ، لا يكفي لنفاذه في حق الغير أن يكون ثابت التاريخ قبل تلقي الغير لحقهن بل يجب أيضاً أن يكون مسجلا( [17] ) . أما إذا كانت مدة الإيجار لا تزيد على تسع سنوات ، فيكفي أن يكون ثابت التاريخ كما سبق القول . كذلك المخالصات بأكثر من أجرة ثلاث سنوات مقدماً والحوالة بها ، في إيجار العقار ، لا تكون نافذة في حق الغير إلا إذا كانت مسجلة( [18] ) . فإذا كانت بأجرة لا تزيد 196 على ثلاث سنوات مقدماً ، فإنه يكفي أن تكون ثابتة التاريخ ، فإن لم تكن ثابتة التاريخ فإنها تنفذ في حق الغير لمدة سنة واحدة فقط ( م 624 مرافعات ) .

156- من هو الغير الذي لا ينفذ الإيجار غير المسجل في حقه : المقصود بالغير هنا هو الغير بالمعنى المعروف في قانون تنظيم الشهر العقار . فالغير الذي يجوز له الاحتجاج بعدم تسجيل الإيجار الذي تجاوز مدته تسع سنوات هو الشخص الذي كسب حقاً في العقار المؤجر واجب الشهر ، وقام بشهره وفقاً للقانون قبل تسجيل عقد الإيجار . ويجوز أن يكون الحق الذي كسبه الغير في العقار المؤجر حقاً عينياً أصلياً ،( أيضا انظر في مقال محامي عقاري  )  كالمشتري والموهوب له والموصي له يكسبون حق الملكية ، وكمتلقي حق الانتفاع يكسب هذا الحق ، ويعتبر هؤلاء جميعاً من الغير من وقت تسجيل البيع أو الهبة أو الوصية أو السند الناقل لحق الانتفاع . كما يجوز أن يكون الحق الذي كسبه الغير حقاً عينياً تبعياً ، كالدائن المرتهن رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً وكالدائن صاحب حق الاختصاص أو حق الامتياز ، ويعتبر هؤلاء جميعاً م الغير من وقت قيد الرهن أو الاختصاص أو الامتياز . ويجوز أخيراً أن يكون الحق الذي كسبه الغير حقاً شخصياً واجب الشهر ، كالمستأجر الذي تجاوز مدة إجارته تسع سنوات ويعتبر من التغير من وقت تسجي الإيجار ، وكالدائن العادي ويعتبر من الغير من وقت تسجيل تبينه نزع الملكية( [19] ) .

ونرى من ذلك أن الغير في تسجيل الإيجار يختلف قليلا عن الغير في ثبوت تاريخ الإيجار . فالدائن المرتهن والدائن صاحب حق الاختصاص أو حق الامتياز ، كل هؤلاء يعتبرون في التسجيل من الغير من وقت قيد حقوقهم ، وهم في ثبوت التاريخ لا يعتبرون من الغير إلا من وقت تسجي تنبيه نزع الملكية . فإذا فرضنا 197 مثلا دائناً مرتهناً رهناً رسمياً لعقار واجهه مستأجر لهذا العقار لمدة تزيد على تسع سنوات ، فإذا كان الدائن المرتهن قد قيد رهنه قبل تسجيل المستأجر لعقد الإيجار ، فإن الإيجار لا ينفذ في حقه إلا لتسع سنوات فقط ولو كان تاريخ الإيجار غير ثابت . فإذا سجل الدائن المرتهن تنبيه نزع الملكية ، فهنا لا يكون الإيجار نافذاً في حقه إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه .

يضاف إلى ذلك أن الغير هنا يستطيع أن يحتج بعدم تسجيل الإيجار حتى لو كان سيء النية أي يعلم بوجود الإيجار وقت تسجيله لحقه ، لأن سوء النية وحده لا يكفي لإفساد تسجيل سند الغير( [20] ) . أما الغير في ثبوت التاريخ فقد قدمنا أنه لا يستطيع أن يحتج بعدم ثبوت التاريخ إذا كان سيء النية أي يعلم بوجود الإيجار وقت تلقيه لحقه .

157- جزءا عدم تسجيل الإيجار : فإذا كان الإيجار الذي تزيد مدته على تسع سنوات غير مسجل أصلا ، أو سجل بعد تسجيل سند الغير ، فإنه لا ينفذ في حق الغير كما قررنا إلا لتسع سنوات فقط .

فمن أي وقت تبدأ مدة التسع السنوات؟ هل من وقت إبرام عقد الإيجار ، أو من وقت بدء مدة الإيجار ، أو من وقت كسب الغير لحقه؟ ولتوضيح المسألة نفرض أن المشتري للعقار المؤجر قد سجل البيع الصادر له في أول سنة 1960 ، ثم واجهه مستأجر لهذا العقار بعقد إيجار غير مسجل مدته عشرون سنة وقد أبرم هذا العقد في أول سنة 1955 ، على أن تب>ا مدة الإيجار في أول سنة 1956 . لا شك في أن عقد الإيجار هذا لا ينفذ في حق المشتري إلا لمدة تسع سنوات إذا كانت ثابت التاريخ قبل عقد البيع . فهل تبدأ هذه المدة من أول سنة 1955 تاريخ 198 إبرام الإيجار ، وعند ذلك تنتهي في آخر سنة 1963 ، فلا ينفذ الإيجار في حق المشتري بموجب هذا الحل إلا لمدة أربع سنوات من وقت تسجيل البيع( [21] )؟ أو تبدأ المدة من أول سنة 1956 وقت بدء مدة الإيجار ، وعند ذلك تنتهي في آخر سنة 1964 ، فينفذ الإيجار في حق المشتري بموجب هذا الحل لمدة خمس سنوات من وقت تسجيل البيع( [22] )؟ أو تبدأ المدة من أول سنة 1960 تاريخ تسجيل البيع ، وعند ذلك تنتهي في آخر سنة 1968 ، فينفذ الإيجار في حق المشتري بموجب هذا الحل لمدة تسع سنوات من وقت تسجيل البيع( [23] )؟

توزعت الآراء بين هذه الحلول الثلاثة ، والحل الذي نراه يتفق مع نص القانون هو الذي يخفض مدة الإيجار إلى تسع سنوات من وقت بدء المدة( [24] ) .

199 فيسري الإيجار من أول سنة 1956 ويبقى تسع سنوات أي إلى آخر سنة 1964 ، ومن ثم ينفذ في حق المشتري لمدة خمس سنوات من وقت تسجيل البيع( [25] ) .


( [1] )  والدقيق أن يقال عن ثبوت تاريخ الإيجار للاحتجاج به على الغير مسألة تتعلق بالإثبات ، أما تسجيل الإيجار لينفذ في حق الغير لمدة تزيد على تسع سنوات فمسألة تتعلق بالنفاذ في حق الغير ( انظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور فقرة 162 ) . وقد تجوزنا فجمعنا بين المسألتين تحت عنوان نفاذ الإيجار في حق الغير .

( [2] )  أما نفاذ عقد الإيجار في حق مستأجر من نفس المؤجر – وهذا ما يسمى بتزاحم المستأجرين من مؤجر واحد – فإنه لا يدخل في نطاق هذا البحث ، لأن المستأجر الذي يزاحم مستأجراً آخر من نفس المؤجر لا يعتبر بالنسبة إليه من الغير ، لا في معنى ثبوت التاريخ ولا في معنى التسجيل . وإنما هو متعرض للمستأجر يتمسك بحق يتعارض مع حقه ، ولذلك نص المشرع على هذه المسألة عندما عرض لضمان التعرض . فنتابعه في هذا الترتيب ، ونبحث مسأةل تزاحم المستأجرين والمفاضلة فيما بينهم عند الكلام في ضمان المؤجر للتعرض ( انظر في هذا المعنى الوسيط 2 فقرة 121 ص 222 هامش 1 ) .

( [3] )  انظر آنفاً فقرة 128 في الهامش .

( [4] )  ويترتب على أن الدائن العادي يحتج عليه بالإيجار ولو لم يكن ثابت التاريخ أن المستأجر ، وهو دائن عادي ، يحتج عليه بإيجار غير ثابت التاريخ صادر من نفس المؤجر . وقد قدمنا أنه إذا تزاحم لامستأجرون من مؤجر واحد ، فلا يعتبر أي منهم غرا بالنسبة إلى الآخرين ، وتكون المفاضلة فيما بينهم بحسب قواعد سيأتي بيانها ( انظر آنفاً فقرة 151 في الهامش – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 77 ) .

( [5] )  انظر في كل ما تقدم الوسيط 2 فقرة 119 .

( [6] )  ويعتبر من الغير ، بمثابة خلف خاص ، جهة الوقف ، لأن ملكية العين الموقوفة انتقلت من مالكها إلى جهة الوقف وهي شخص معنوي مستقل عن الواقف . فلو أن عقار أوقف وواجه مستأجراً لهذا العقار ، فإن الإيجار لا يسري في حق الوقف إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل الوقف ( استئناف مختلط 12 يناير سنة 1926 م 28 ص 168 ) . ويستثنى من ذلك أن يكون المؤجر هو ناظر الوقف والمستحق الوحيد فيه ، إذ لا يتأثر بالإيجار غيره وقد صدر الإيجار منه هو ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 78 ص 122 هامش 4 ) .

( [7] )  أما إذا كان الإيجار واقعاً على منقول ، فإن الدائن يصبح من الغير من وقت الحجز على المنقول ، فلا ينفذ الإيجار في حقه إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل الحجز .

( [8] )  وتنص المادة 624 مرافعات على أن  “المخالصات عن الأجرة المعجلة والحوالة بها يحتج بها على الدائن الحاجز والدائنين المشار إليهم في المادة 637 والراسي عليه المزاد ، إذا كانت ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه ، وذلك بغير إخلال بأحكام القانون المتعلقة بالمخالصات الواجبة الشهر ، فإذا لم تكن ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فلا يحتج بها إلا لمدة سنة ” .

( [9] )  أما الدائن إذا أفلس مدينه أو أعسر فلا يعتبر من الغير ، وينفذ في حقه الإيجار الصادر من المدين ولو لم يكن ثابت التاريخ ، على أن يكون له الحق في إثبات عدم صحة هذا التاريخ وإثبات التاريخ الحقيقي للإيجار ( انظر في هذه المسألة الوسيط 2 فقرة 123 ) .

( [10] )  بل يمكن القول إن العلم بالإيجار السابق يكون بمثابة تاريخ ثابت له ، فإن ثبوت علم الغير بالورقة العرفية يجعل لها تاريخاً ثابتاً له حجيته على هذا الغير من وقت علمه بالورقة ( الوسيط 2 فقرة 126 ص 243 هامش 2 عبد المنعم البدراوي 27 ) .

( [11] )  والعلم بالإيجار الذي يمنع من التمسك بوجوب ثبوت التاريخ يجب أن يكون علما يقينياً بجميع أركان الإيجار ، وبخاصة الأجرة والمدة ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 79 – سليمان مرقس فقرة 121 – عبد المنعم البدراوي 27 – منصور مصطفى منصور فقرة 162 ص 392 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 76 ص 107 ) .

( [12] )  ولما كان علم الغير واقعة مادية ، فإنه يجوز إثباتها بجميع الطرق ويدخل فيها البيئة والقرائن ( انظر عكس ذلك وأن الإثبات لا يكون إلا بالكتابة أو الإقرار أو اليمين عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 79 ص 126 ) .

( [13] )  لارمبيير 6 م 1328 فقرة 39 – لوران 25 فقرة 106 وفقرة 390 – جيوار 1 فقرة 363 – هيك 10 فقرة 344 . بودري وفال 1 فقرة 1282 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1485 – أوبري ورو وإسمان 12 فقرة 756 ص 245 – ص 246 وهامش 137 .

( [14] )  بودري وبارد 4 فقرة 2374 – أحمد نشأت في الإثبات 1 فقرة 235 – سليمان مرقس فقرة 121 ، وفي أصول الإثبات فقرة 68 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 79 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 76 ص 107 وفي الإثبات فقرة 131 – الوسيط 2  فقرة 124 ص 223 هامش 1 .

( [15] )  انظر أيضاً م 2 من قانون التسجيل – وفي فرنسا يقضي قانون 23 مارس سنة 1855 ( م 2 رابعاً ) بموجب تسجيل الإيجار إذا زادت مدته على ثماني عشرة سنة . ثم صدر دكريتو 4 يناير سنة 1955 ( م 28 أولا ) فانقص المدة إلى اثنتي عشرة سنة . فيجب إذن تسجيل الإيجار إذا زادت مدته على اثنتي عشرة سنة .

( [16] )  وكذلك السندات التي ترد على منفعة العقار كما جاء في صدر المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقاري ، ومثل هذه السندات العارية إذا وردت على عقار لمدة تزيد على تسع سنوات .

( [17] )  وكذلك الإيجار من الباطن ، إذا زادت مدته على تسع سنوات ، لا ينفذ في حق الغير ( كمشتر للعين من المؤجر الأصلي ) إلا إذا كان مسجلا ( محمد كامل مرسي فقرة 78 ص 86 ) .

( [18] )  فإذا لم تكن مسجلة ، فإنها لا تسري إلا لمدة ثلاث سنوات فقطز وليس من الضروري أن تكون المخالصة الواجبة للتسجيل متعلقة بإيجار خاضع للتسجيل أي بإيجار مدته تزيد على تسع سنوات ( محمد كامل مرسي فقرة 79 ) .

( [19] )  وقد قضت محكمة النقض بأن المستأجر لا يجوز له أن يتمسك بأن إجراءات قسمة العقار الذي منه العين المؤجرة له لا تكون حجة عليه إذا هي لم تتم في مواجهته ، لأنه ليس بذي حق عيني على العقار ، وحقه باعتباره مستأجراً هو حق شخصي . وتسجيل عقد الإيجار لا أثر له إلا أن يحتج به قبل من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة من المالك المؤجر له في حدود أحكام القانون ، لا أن يحتج به هو على المالك إذا صدر باطلا ممن لا حق له في التأجير أو تجاوز حدود حقه في الإدارة كما هو الحال في هذه الدعوى ( نقض مدني 10 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 98 ص 257 ) .

( [20] )  بل يجب أن يكون متواطئاً مع المالك ، فإن التواطؤ وحده هو الذي يفسد تسجيل سند الغير . وقد بحثنا هذه المسألة عند الكلام في البيع ( الوسيط 4 فقرة 290 والمراجع المشار إليها )* . وفي خصوص عقد الإيجار يوجد من الفقهاء في مصر من لا يزال يتشرط حسن نية الغير حتى لا يفسد تسجيله ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 85 ) . ومنهم ، على العكس من ذلك ، من يرى أن التواطؤ ذاته لا يفسد تسجيل سند الغير ( سليمان مرقس فقرة 122 – منصور مصطفى منصور فقرة 163 ص 393 وفقرة 72 ص 125 – ص 126 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 87 ص 112 – ص 113 ) .

( [21] )  انظر من هذا الرأي سليمان مرقس فقرة 123 ص 212 – ص 214 .

( [22] )  انظر من هذا الرأي بون ( Pont ) في الرهون الرسمية فقرة 260 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3301 – الإيجار للمؤلف فقرة 472 ص 581 هامش 2 – محمد علي إمام فقرة 51 ص 124 – ص 125 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 79 ص 116 – ص 117 – نقض فرنسي 20 أغسطس سنة 1940 ( داللوز الانتقادي Dalloz crit . ) 1942 ص 49 – استئناف مختلط 12 يناير سنة 1926 م 38 ص 168 .

( [23] )  انظر من هذا الرأي روديير ( Rodiere ) في تعليقه على حكم محكمة النقض الفرنسية الصادر في 20 أغسطس سنة 1940 داللوز الانتقادي 1942 ص 49 وهو الحكم السابق الإشارة إليه ) – محمد علي عرفه في مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 581  – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 83 ص 132 – ص 133 ، وفي التأمينات الشخصية والعينية فقرة 281 – محمد كامل مرسي فقرة 78 ص 86 – عبد المنعم البدراوي ص 29 – ص 30 – منصور مصطفى منصور فقرة 164 ص 397 – محمد لبيب شنب فقرة 106 ص 141 – علي البارودي ص 62 .

( [24] )  فنص المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقاري يجري على الوجه الآتي :  ”  . . . ويترتب على عدم تسجيلها أنها لا تكون نافذة في حق الغير فيما زاد على مدة تسع سنوات  . . . ” ، أي أن الإيجار الذي تزيد مدته على تسع سنوات لا يسري فيما زاد من هذه المدة على تسع سنوات ، فيجب إذن تخفيض مدة الإيجار إلى تسع . ونص الفقرة الثانية من المادة 1045 مدني يجري على الوجه الآتي :  “وإذا كان الإيجار السابق على تسجيل التنبيه تزيد مدته على تسع سنوات ، فلا يكون نافذاً في حق الدائن المرتهن إلا لمدة تسع سنوات . . ” ، أي أن الإيجار الذي تزيد مدته على تسع سنوات لا يكون نافذاً إلا لمدة تسع ، ويكون ذلك بتخفيض مدة الإيجار الأصلية إلى تسع ، والنص واضح في هذه المعنى ( انظر عكس ذلك وأن هذا النص صريح في أن مدة التسع السنوات تبدأ من تاريخ كسب الغير لحقه عبد المنعم البدراوي ص 29 ) .

( [25] )  وإذا صدرت عقود إيجار مترادفة ثابتة التاريخ من المال لمستأجر واحد ، كل عقد لمدة لا تزيد على تسع سنوات ، فالظاهر أن المالك قد قصد بسلوك هذا الطريق غير المألوف التحايل لجعل هذه العقود جميعاً تنفذ في حق المشتري ولو جاوز مجموع مدتها تسع سنوات . وفي هذه الحالة يمكن اعتبار هذه العقود المترادفة بمثابة عقد واحد ، فلا تسري جميعها إلا لمدة تسع سنوات . وكذلك لو صدرت العقود المترادفة لمستأجرين مختلفين وظهر التحايل ، فتسري باعتبارها عقداً واحداً لمدة تسع سنوات بحسب ترتيبها . ومثل ذلك لو صدر عقد إيجار وجدد ، وكانت المدة الباقية من الإيجار الأصلي مضافة إلى الإيجار الجديد تزيد على تسع سنوات ( محمد علي عرفة في مقالة بمجلة القانون والاقتصاد 18 ص 580 – ص 582 ) .

أما إذا صدر الإيجار لمستأجرين عن نفس المدة وتزاحماً ، فنبدأ ، فنبدأ أولا بالمفاضلة بينهما ، ومن يفضل منهما على الآخر هو الذي يسري عقده لمدة لا تزيد على تسع سنوات ( قارن عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 84 ص 134 هامش 1 ) .

\محامي الأردن 

منشور في مقال توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

المحل في عقد الإيجار

المحل في عقد الإيجار

المحل في عقد الإيجار

101- مباحث ثلاثة : قدمنا أن المحل في عقد الإيجار مزدوج ، فهو 124بالنسبة إلى المؤجر يكون في منفعة الشيء المؤجر ، والمنفعة تقاس بالمدة . وهو بالنسبة إلى المستأجر يكون في الأجرة( [1] ) .

المبحث الأول

الشيء المؤجر

102- اتصال المحل في التزامات المؤجر بالشيء المؤجر : إذا ذكرنا الشيء المؤجر ، فذلك إنما هو نتيجة ينتهي إليها التحليل القانوني لالتزامات المؤجر . فنحن من القائلين بأن المحل إنما هو ركن في الالتزام ، لا في العقد( [2] ) . فلا يصح أن يقال محل عقد الإيجار إلا تجوزاً ، والصحيح أن يقال محل التزامات المؤجر ومحل التزامات المستأجر . فإذا اقتصرنا على التزامات المؤجر ، وهي الالتزام بتسليم الشيء المؤجر والالتزام بصيانته والالتزام بضمان التعرض والالتزام بضمان العيب ، وجدناها جميعاً تتصل بالشيء المؤجر ، وتتلخص في أن المؤجر يمكن المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر . فليس صحيحاً إذن أن محل الإيجار هو تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر ، بل ليس صحيحاً أن تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر هو التزام في ذمة المؤجر ، وإنما هو نتيجة لمجموع من الالتزامات هي التي تقدم ذكرها .

قلنا إن التزامات المؤجر تتصل جميعاً بالشيء المؤجر . فالتزام المؤجر بتسليم الشيء المؤجر التزام بعمل ، ومحله التسليم ، والتسليم يقع على الشيء المؤجر فيتصل إذن به . والتزام المؤجر بصيانة الشيء المؤجر إلزام بعمل ، ومحله الصيانة ، 125 والصيانة على الشيء المؤجر ومن هنا يجئ الاتصال . والتزام المؤجر بضمان التعرض الشخصي إلزام بالامتناع عن عمل ، ومحله امتناع المؤجر عن التعرض للمستأجر ، ويتصل بالشيء لأنه امتناع عن التعرض للمستأجر في الانتفاع بهذا الشيء . والتزام المؤجر بضمان تعرض الغير التزام بعمل ، ومحله دفع هذا التعرض ، ويتصل بالشيء المؤجر إذ هو دفع تعرض الغير للمستأجر في انتفاعه بالشيء المؤجر . والتزام المؤجر بضمان العيب التزام بعمل ، ومحله إزالة هذا العيب ، ويتصل بداهة بالشيء المؤجر( [3] ) .

فلما كانت التزامات المؤجر تتصل جميعاً في محلها بالشيء المؤجر كما بينا ، لذلك جوزنا في التعبير ، وانتقلنا انتقالا ذهنيا من المحل في التزامات المؤجر إلى الشيء ذاته الذي يتصل به المحل اتصالا وثيقاً .

بقي أن نحدد في دقة ما هو الشيء المؤجر . ليس الشيء المؤجر ، من الناحية القانونية الدقيقة ، هو ذات العين المؤجرة ، بل هو الحق الذي يكون للمؤجر على هذه العين . فتارة – وهذا هو الغالب – يكون للمؤجر على العين المؤجرة حق الملكية ،  فيؤجر في هذه الحالة حق ملكيته . ولما كان حق الملكية يمتزج بالشيء المملوك ويصبحان شيئاً واحدا ، لذلك كان المألوف أن يقال إن المؤجر يؤجر العين المؤجرة ذاتها لا حق ملكيته فيها . وتارة يكون للمؤجر على العين المؤجرة حق دون حق الملكية . وهذا الحق قد يكون حقا عينيا كحق الانتفاع ، فيؤجر المؤجر حق الانتفاع لا حق الملكية ، لأنه يملك الانتفاع دون الملكية . وقد يكون هذا الحق حقا شخصياً كحق المستأجر ، فيؤجر المؤجر حقه كمستأجر من الباطن( [4] ) .

126 والآن نبحث الشيء المؤجر ، متجوزين في المعنى المقصود به على الوجه الذي قدمناه ، فنتكلم في شروطه ، ثم في أنواعه .

المطلب الأول

شروط الشيء المؤجر

103- تطبيق القواعد العامة : شروط الشيء المؤجر هي نفس الشروط التي تتطلبها القواعد العامة . فيجب أن يكون الشيء المؤجر : ( 1 ) موجوداً أو ممكن الوجود . ( 2 ) معيناً أو قابلا للتعيين . ( 3 ) قابلا للتعامل فيه . يضاف إلى هذه الشروط الثلاثة شرط رابع تقتضيه طبيعة الإيجار ، إذ أن المستأجر يلتزم برد ذات الشيء المؤجر عند انتهاء الإيجار ، فوجب إذن أن يكون الشيء غير قابل للاستهلاك حتى يمكن رده بذاته .

104- وجود الشيء المؤجر : يجب أن يكون الشيء المؤجر موجوداً وقت العقد ، والإيجار في ذلك شأنه شأن سائر العقود( [5] ) . وعلى ذلك يكون إيجار الشيء المعدوم باطلا ، فإذا أجر الشخص داراً ظن أنها موجودة وهي غير موجودة ، أو أجر المنتفع حق الانتفاع ثم تبين أن هذا الحق ليس له ، أو أجر 127 المستأجر حقه من الباطن ثم تبين أن الإيجار الأصلي باطل فليس له حق يؤجره ، كان الإيجار في جميع هذه الأحوال باطلا لانعدام المحل( [6] ) .

وإذا كان الشيء قد وجد ، ولكنه هلك هلاكاً كلياً قبل العقد ، كان الإيجار باطلا أيضاً لانعدام المحل . فإذا أجر شخص داراً وتبين أنها احترقت قبل الإيجار ، أو أجر المنتفع حق انتفاعه أو المستأجر حقه كمستأجر وبين أن هذا الحق قد انقضى قبل الإيجار ، فإن الإيجار يكون باطلا كما سبق القول . أما إذا كان الهلاك جزئياً ، بأن احترق جزء من الدار مثلا ، فإن إلا يجار يبطل في هذا الجزء ويبقى صحيحاً في الجزء الباقي ، إلا إذا تبين أن الإيجار ما كان ليتم بغير الجزء الذي احترق فيبطل الإيجار كله وفقاً لنظرية انتقاص العقد ( م 143 مدني ) ( [7] ) .

أما إذا هلك الشيء بعد العقد ، سواء كان ذلك قبل التسليم أو بعده ، فسنرى أنه يجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة على حسب الأحوال .

وإذا كان الشيء معدوماً وقت العقد ،ولكنه ممكن الوجود في المستقبل ، كإيجار دار قبل بنائها على أن يبدأ الإيجار وقت تمام البناء ، فإن الإيجار يكون صحيحاً . وهذا تطبيق للقواعد العامة ، لأنه لا يشترط أن يكون المحل موجوداً وقت التعاقد ، بل يكفي أن يكون ممكن الوجود( [8] ) . ويكون العقد في هذه الحالة 128 مضافاً إلى أجل واقف إذا كان الشيء محقق الوجود ، كإيجار الدار قبل تمام البناء أو معلقاً على شرط واقف إذا كان الشيء محتمل الوجود ، كإيجار نتاج ماشية قبل مولدها ويكون الشرط هو وجود النتاج( [9] ) .

105- تعيين الشيء المؤجر : ويجب أن يكون الشيء المؤجر معيناً تعييناً كافياً ، فيوص وصفاً يكون مانعاً للجهالة . فإذا أجر شخص منزلا ، وجب أن يبين موقع هذا المنزل في اية جهة هو وأن يذكر أوصافه الأساسية التي تميزه عن غيره من المنازل الأخرى . وإذا أجر أرضاً ، وجب تحديد موقعها وبيان مساحتها وتعيين حدودها . وإذا أجر سيارة معينة بالذات ، وجب أن يبين أية سيارة يؤجرها وأن يذكر أوصافها المميزة .

وليس من الضروري أن يكون الشيء معيناً فعلا ، بل يكفي أن يكون قابلا للتعيين . فإذا استأجر شخص من آخر مركبة للنقل من صنف معين بأجرة معينة ، فللمؤجر أن يسلم المستأجر أية مركبة ما دامت من النصف المتفق عليه وتصلح للغرض المقصود منها( [10] ) . وإذا استأجر صاحب المدرسة سيارات لنقل التلاميذ ويبين عددهم ، فللمؤجر أن يسلمه سيارات تكون كافية لنقل هذا العدد من التلاميذ وتكون صالحة للنقل . وإذا لم يتفق على درجة الشيء من الجودة ، التزم المؤجر بشيء من صنف متوسط ( م 133 مدني ) ( [11] ) .

106- قابلية الشيء المؤجر للتعامل فيه : يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه بطبيعته إذا كانت طبيعته أو الغرض الذي خصص له يأبى ذلك ، أو إذا كان التعامل فيه غير مشروع .

129 فالشيء لا يكون قابلا للتعامل فيه بطبيعته إذا كان لا يصح أن يكون محلا للتعاقد ، كالشمس والهواء والبحر ،ويرجع عدم القابلية للتعامل إلى استحالته .

وقد يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه بالنظر إلى الغرض الذي خصص له ، بالأملاك العامة لا يجوز بيعها لأنها مخصصة لمنفعة عامة فهي غير قابلة للتعامل فيها بالنظر إلى الغرض الذي خصصت له . كذلك لا يجوز إيجار الأملاك العامة وما يقع من انتفاع الأفراد ببعض الأماكن العامة ، كالأسواق العامة وأرصفة الطرق والمقاصف ومحطات السكك الحديدية والمواني وشواطئ البحار وما يقام فيها من حمامات وكباين وما إلى ذلك ،  لا يكون بموجب عقد إيجار مدني ، بل بموجب عقد إداري تجري عليه أحكام القانون الإداري لا أحكام القانون المدني . فيكون مقابل الانتفاع ليس أجرة بل رسماً يدفع في مقابل رخصة يحصل عليها المنتفع ، فلا يخضع للحد الأقصى الذي فرضه قانون إيجار الأماكن . ويجوز إخراج المنتفع في أي وقت ولو قبل انقضاء مدة الترخيص ، متى اقتضت ذلك المصلحة العامة( [12] ) ، ولا يستطيع المنتفع أن يتمسك بامتداد العقد بحكم القانون 130 بعد انقضاء مدته طبقاً لتشريعات الإيجار الاستثنائية( [13] ) . كذلك حق الاستعمال وحق السكنى يخرجان عن التعامل نظراً للغرض الذي خصصا له ، إذ يتحدد كل من الحقين بمقدار ما يحتاج إليه صاحب الحق هو وأسرته لخاصة أنفسهم ، فلا يجوز النزول عنه للغير إلا بناء على شرط صريح أو مبرر قوي ( م 996 – 997 مدني )ن ومن ثم لا يجوز إيجار أي من الحقين لاتصاله بشخص صاحبه( [14] ) . 131 أما الوقف فهو غير قابل للتعامل فيه من حيث التصرف فلا يجوز يع العين الموقوفة ، ولكنه قابل للتعامل فيه من حيث الإدارة فيجوز إيجار العين الموقوفة وهو ما يحدث في العادة ، فعدم القابلية للتعامل هنا نسبي . ولاضابط في كل هذا أن عدم القابلية للتعامل إنما يرجع إلى الغرض الذي خصص الشيء له ، فكل تعامل يتنافى مع هذا الغرض لا يجوز ، أما التعامل الذي لا يتنافى معه فهو جائز( [15] ) .

وقد يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه لأن ذلك غير مشروع ، وعدم المشروعية يرجع إلى مخالفة التعامل للنظام العام أو للآداب . فلا يجوز إيجار ارض زراعية بحيث يصبح ما في حيازة المستأجر من الأرض أكثر من خمسين فداناً ، لمخالفة ذلك للنظام العام بموجب نص صريح في القانون . ولا يجوز إيجار منزل للقمار أو للدعارة( [16] ) . ويصح هنا التمييز بين منزل للقمار أو للعهارة يؤجر بهذه الصفة باعتباره متجراً ( fonds de commerce ) وفي هذه الحالة يكون الإيجار باطلا لعدم مشروعية المحل ولعدم مشروعية السبب في وقت واحد ، وبين مكان يؤجر باعتباره منزلا ويقصد المستأجر من استئجاره أن يستعمله للقمار أو للعهارة ويكون المؤجر عالماً بهذا القصد أو ينبغي ن يعلم به وفي هذه الحالة يكون الإيجار باطلا لعدم مشروعية السبب( [17] ) .

132 107- عدم قابلية الشيء المؤجر للاستهلاك : والأصل في الشيء المؤجر ألا يكون قابلا للاستهلاك ، لأن المستأجر يلتزم برد الشيء بعينه عند انتهاء الإيجار ، والشيء المقابل للاستهلاك هو الذي ينحصر استعماله بحسب ما أعد له في استهلاكه أو إنفاقه ( م 84 مدني ) فإذا استعمله المستأجر استهلكه ولم يستطع رده بعينه( [18] ) .

ولكن يحدث نادراً أن يكون الشيء المؤجر قابلا للاستهلاك ، ويشتر أن يرد بعينه عند انتهاء الإيجار . مثل ذلك تاجر غلال يستأجر غلالاً ليعرضها على الجمهور ، ومثل ذلك أيضاً صراف يستأجر أنواعاً مختلفة من النقود لعرضها كذلك( [19] ) .

وقد سبق أن بينا أن أشياء تستهلك بالاستعمال تكون تابعة للشيء المؤجر فتدخل معه في عقد الإيجار ؛ فرد الإيجار على أشياء قابلة للاستهلاك ولكن لا على سبيل الاستقلال بل على سبيل التبعية . مثل ذلك أن يؤجر صاحب مصنع مصنعه بما فيه من آلات لازمة لإدارته على أن يعوضه المستأجر ما بلي منها بالاستعمال ، وقد يشمل المصنع أيضاً بعض المواد الخام يتعد المستأجر برد مثلها . ومثل ذلك أيضاً أن يؤجر شخص لآخر أرضاً زراعية بما فيها من أشياء تستهلك بالاستعمال كسماد وبذرة ، على أن يستهلكها المستأجر ويد مثلها عند انتهاء الإيجار . فإذا كانت الأشياء القابلة للاستهلاك قد ترك للمستأجر على أنها من توابع العقار المؤجر شملها عقد الإيجار ، وقد تقدم الكلام في ذلك( [20] ) .

133 المطلب الثاني

أنواع الشيء المؤجر

108- أنواع مختلفة : قدمنا أن الإيجار إنما يرد ، لا على الشيء ذاته ، بل على الحق الذي يكون للمؤجر على هذا الشيء . وذكرنا أن الغالب هو أن يقع الإيجار على حق الملكية ، فيمتزج الحق بالشيء ويقال إن المأجور هو الشيء المادي ذاته عقاراً كان أو منقولاً . فإذا وقع الإيجار على حق دون الملكية ، كان المأجور هو هذا الحق ، حقاً عينياً كان كحق الانتفاع أو حقاً شخصياً كحق المستأجر وقد يرد الإيجار على حقوق محددة يشتمل عليها حق  الملكية ، كحق الصيد والقنص وحق المرور وحق الإعلان وحق عرض البضائع وما إلى ذلك . ويرد الإيجار . أخيراً على حقوق معنوية تقع على شيء غير مادي ، كحق الاسم وحق الملكية الأدبية والصناعية والفنية والتجارية .

فنستعرض هذه الأنواع المختلفة من الحقوق ، ونتكلم تباعاً في : ( 1 ) العقار . ( 2 ) المنقول . ( 3 ) الحقوق العينية والحقوق الشخصية . ( 4 ) الحقوق التي يشتمل عليها حق الملكية ( 5 ) الحقوق المعنوية( [21] ) .

109- العقار : أكثر ما يكون العقار المؤجر المباني والأراضي الزراعية ، ويطلق التقنين المدني الفرنسي على إيجار المباني عبارة bail a loyer وعلى إيجار الأراضي الزراعية عبارة bail a ferme  ( أيضا انظر في مقال محامي عقاري  ) . ولكن إيجار العقار ليس مقصورا على إيجار المباني وإيجار الأراضي الزراعية ، فهناك أيضاً إيجار الأراضي الفضاء غير الزراعية تستأجر يف كثير م الأحيان لتكون مقرا لملعب أو  “سرك ” ا مستشفى متنقل أو معرض أو مخيم أو كشك أو بناء موقت ، وتهيأ عادة 134 لا بإقامة أبنية دائمة على الأرض بل بتثبيت خيام أو نحوها تفي بالغرض المقصود .

وقد تؤجر المناجم والمحاجر . وقد قدمنا عند الكلام في البيع( [22] ) أن صاحب المنجم أو المحجر قد يؤجر منجمه أو محجره ليستله المستأجر في مقابل أجرة دورية ، فيكون العقد إيجاراً لا بيعاً( [23] ) .

110- المنقول : وقد صار إيجار المنقول شائعاً في الوقت الحاضر . فتؤجر الآلات الزراعية وغيرها من الآلات الميكانيكية ، والآلات الموسيقية ، وماكينات الخياطة ، وأجهزة الراديو والتلفزيون والتبريد والتدفئة ، والكتب ، والملابس الجاهزة ، وغير ذلك .

وكثرا ما تؤجر الغرف والمنازل المفروشة ، فيشمل الإيجار العقار والمنقول في آن واحد . وكذلك تؤجر الذهبيات والعوامات ، للسكنى أو للنزهة .

ومن المنقولات التي يشيع إيجارها كل ما يستعان به على نقل الأشخاص أو البضائع في البر والبحر والجو ، كإيجار الدواب للركوب وللحمل ، وكإيجار المركبات والسيارات والسفن( [24] ) . والطيارات وغير ذلك( [25] ) .

وقد أفرد التقنين المدني الفرنسي بابا خاصاً لإيجار المواشي ( bail a cheptel ) 135أفاض فيه ( مواد 1800 – 1831 مدني فرنسي ) في تقرير الأحكام التي تسري في هذا الإيجار ، وأغلب هذه الأحكام مستمدة من العادات والعرف . أما التقنين المدني المصري فلم يذكر شيئاً ع هذا الإيجار ، إلا فيما يتعلق بإيجار المواشي ففي عقد المزارعة ( م 622 – 623 مدني ) ، لذلك يجب الرجوع في إيجار المواشي بوجه عام إلى الاتفاق والعرف . وقد سمي الأستاذ أحمد فتحي زغلول( [26] ) . إيجار المواشي بإجارة الفائدة ، وعرفها بأنها إجارة الماشية مقابل نصيب في نتاجها وصوفها وضرعها ، وقرر أن صورها مختلفة باختلاف الأقاليم ، وقد تختلف من قرية إلى أخرى ؛ ففي بلد يكون معناها تسليم الماشية إلى المستأجر يتكفل بمؤونتها وصيانتها ويستغل ضرعها وينتفع بعملها وللمالك نصف نتاجها ، وفي بلد أخرى ينتفع كل واحد بالنصف مما ذكر ، وفي الثالثة غير ذلك( [27] ) .

111- الحقوق العينية والحقوق الشخصية : ويجوز إيجار الحقوق العينية والحقوق الشخصية ، ما دامت هذه الحقوق قابلة للاستمتاع بها ، وما دام الانتفاع بهذه الحقوق قابلا للتنازل عنه( [28] ) .

وعلى هذا يجوز لمالك حق الانتفاع أن يؤجر حقه ، ولا يجوز ذلك لمالك 136 حق السكنى أو حق الاستعمال لأنها حقان لا يجوز النزول عنهما( [29] ) . ولا يجوز كذلك إيجار حق الارتفاق منفصلا عن العقار المرتفق ، لأن الارتفاق لا ينفصل عن العقار( [30] ) .

والحقوق الشخصية كالحقوق العينية يجوز إيجارها . والحق الشخصي الذي يؤجر عادة هو حق المستأجر ، فيؤجر هذا الحق من الباطن( [31] ) .

112- الحقوق التي يشتمل عليها حق الملكية : وحق الملكية يشتمل على مكنات مختلفة نسميها بالحقوق تجوزا ، وتتدخل جميعاً في حق استعمال الملك . فمن ملك أرضا ، ملك حق الصيد والقنص فيها ويجوز إيجار حق 137 الصيد( [32] ) . سواء أكان ذلك مستقلا عن الأرض أم تبعا لها . فإذا أوجر حق الصيد تبعا للأرض ، فهناك رأي يقول بأنه لابد من النص على ذلك في عقد الإيجار الأرض ، فإذا لم يكن هناك نص بقى لصاحب الأرض حق الصيد فيها وليس للمستأجر أن يصطاد( [33] ) . ويقوم مقام النص الظروف والقرائن ، كأن تكون الأرض المؤجرة بعيدة عن محل إقامة المالك ، أو أن يكون هذا ليس من عادته أن يصطاد ، فيفهم من ذلك أن حق الصيد دخل تبعا للأرض في عقد الإيجار . ويقول فريق ثانٍ بأن الصيد من حق مستأجر الأرض ، ما لم ينص في العقد على خلاف ذلك( [34] ) . ويقول فريق ثالث بأن الصيد من حق المؤجر والمستأجر على السواء ، إلا إذا نص على خلاف 138 هذا( [35] ) . ومهما يكن من أمر هذا الخلاف ، فلا خلاف في أن مالك الأرض له أن يؤجر حق السيد فيها مستقلا عن الأرض ذاتها ، فله أن يستبقي لنفسه الانتفاع بالأرض ويؤجر حق الصيد فيها لآخر( [36] ) ، كما أن له أن  يؤجر الأرض لشخص وحق الصيد لشخص ثان ، وله أخيراً أن يؤجر الأرض ويستبقي حق الصيد لنفسه( [37] ) .

وكما يجوز إيجار حق الصيد ، يجوز كذلك إيجار حق القنص ( صيد السمك ) مستقلا أو تبعاً لإيجار العقار . فإذا أوجر تبعاً للعقار ، فقد تفهم هذه التبعية من الظروف دون حاجة إلى النص عليها صراحة . ويقول فريق بل يجب النص صراحة على شمول إيجار العقار لحق القنص ، وإلا عد المالك مستبقياً لنفسه هذا الحق إلا في أحوال استثنائية( [38] ) . ويرى فريق آخر أن حق القنص تابع حتما لإيجار العقار ، ما لم ينص على خلاف ذلك( [39] ) .

ويجوز إيجار الحائط للصق الإعلانات التجارية وغيرها ، وإيجار سطح المنزل لإقامة لافتة فيه للإعلان ، وإيجار ستار المسرح للإعلان ، وإيجار مكان في فندق لوضع  “فترينة ” تعرض فيها البضائع . ويلاحظ في كل هذا أن العين قد أوجرت لغرض معين ، فلا يجوز تعديه( [40] ) .

139 113- الحقوق المعنوية : الحقوق المعنوية هي التي ترد على شيء غير مادي . فيجوز إيجار الاسم إذا كانت له قيمة تجارية ، أما إذا كان الغرض من الإيجار مزاحمة تجارية غير مشروعة فلا يجوز ذلك ، كأن يؤجر شخص اسمه لمتجر ويكون هذا الاسم مشابهاً لاسم تجاري معروف بحيث يقع اللبس بينهما فيستفيد المتجر من ذلك اللبس في المنافسة( [41] ) .

ويجوز إيجار حقوق الملكية الأدبية والصناعية والفنية والتجارية ، فيؤجر مثلا حق المؤلف وحق المخترع . ويرى بعض الفقهاء أن نزول المخترع عن حقه لمدة معينة يعد إيجارا ، أما نزوله عند مطلقاً فيعد بيعاً( [42] ) . والصحيح في رأينا أن حق المؤلف أو حق المخترع أو غيرهما من الحقوق المعنوية قد يؤجر وقد يباع ، والتمييز بين البيع والإيجار لا يرجع إلى التأييد والتوقيت ، وإنما يرجع إلى نية المتعاقدين . فإن أراد صاحب الحق أن يعطي لآخر لمدة معينة حقاً شخصياً على حقه ينتفع بموجبه بهذا الحق فالعقد إيجار ، وإن أراد أن ينقل الحق نفسه لآخر 140 فهذا بيع ولو كان مقصوراً على بعض الحق كأن يبيع المؤلف إحدى طبعات مؤلفه دون الطبعات الأخرى( [43] ) .

المبحث الثاني

مدة الإيجار

114- الإيجار عقد موقت : يستفاد توقيت عقد الإيجار من تعريف المشروع لهذا العقد بأنه عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة . هذا إلى أن الإيجار كما قدمنا عقد زمني ، تقاس منفعة العين فيه بمقياس الزمن ، إذ لا يمكن تحديد مدى انتفاع المستأجر بالشيء إلا بالمدة التي ينتفع فيها به . ومن ثم كانت المدة في الإيجار هي التكملة الضرورية لمنفعة الشيء المؤجر ، وتأتي بعدها مباشرة حتى تكتمل صورة المنفعة( [44] ) .

والمتعاقدان في الإيجار يتفقان عادة على المدة ، إذ المدة ركن لا يتم الإيجار إلا به . ومن ثم إذا عرضا للمدة واختلفا في تحديدها ، فطلب المؤجر مثلا أن تكون المدة سنة وأبى المستأجر إلا أن يكون الإيجار مشاهرة ، واستمرا على هذا الخلاف ، فإن الإيجار لا ينعقد لانعدام ركن فيه هو ركن المدة( [45] ) .

141 ولكن يقع في بعض الأحيان أن المتعاقدين لا يعرضان إطلاقاً للمدة ، فالسكوت عنها لا يجعل الإيجار باطلا ، بل يكون صحيحاً ويتكفل القانون في هذه الحالة بتحديد المدة على وجه سنبينه فيما يلي . كذلك قد يتفق المتعاقدان على أن يكون الإيجار لمدة غير معينة ، أو يتفقان على مدة معينة ولكن لا يستطيع أي منهما أن يثبت ما اتفقا عليه في ذلك ، ففي هاتين الحالتين الأخيرتين ، كما في الحالة الأولى ، لا يكون الإيجار باطلا ، بل يكون صحيحاً ويتكفل القانون بتحديد المدة على نفس الوجه الذي يحدد به المدة في الحالة الأولى .

يخلص من ذلك أن المتعاقدين إذا عرضا للمدة واختلفا في تحديدها ، كان الإيجار باطلا لانعدام أحد أركانه . وإذا اتفقا على مدة معينة ، كانت هي المدة المعتبرة . وإذا لم يعرضا للمدة أصلا ، أو اتفقا على أن يكون الإيجار لمدة غير معينة أو اتفقا على مدة معينة ولكن تعذر إثباتها ، تولى القانون تحديد مدة الإيجار .

فأمامنا في الإيجار الصحيح بالنسبة إلى مدته فرضان : ( 1 ) أن يتفق المتعاقدان على تحديد مدة معينة . ( 2 ) أن يسكت المتعاقدان عن تحديد مدة معينة أو أن يتعذر إثبات المدة التي اتفقا عليها .

المطلب الأول

المتعاقدان يتفقان على تحديد مدة معينة

115- حد التوقيت : تقدم أن الإيجار يجب أن يكون موقتاً ، فيتفق المتعاقدان على مدة الإيجار سنة ا أكثر أو أقل ، ومن ثم يصح أن تكون المدة المتفق عليها يوماً واحداً أو أسبوعاً أو شهراً أو سنة أو ثلاث سنوات أو تسعا أو أكثر من ذلك بحسب ما يتفق عليه المتعاقدان .

ولم يعين المشرع حداً أقصى للمدة التي يتفق عليها المتعاقدان ولا حداً أدنى( [46] ) .

142وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً ( م 760 من هذا المشروع ) يجري على الوجه الآتي :  “1- إذا عقد الإيجار لمدة تزيد على ثلاثين سنة ، أو إذا كان مؤبداً ، جاز أن ينتهي بعد انقضاء ثلاثين سنة بناء على طلب المتعاقدين ، مع مراعاة المواعيد القانونية المنصوص عليها في المادة التالية . ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك . 2- على أنه لا يجوز لأحد المتعاقدين أن ينهي الإيجار ، إذا كان قد عقد لمدة حياة المؤجر أو المستأجر ، حتى لو امتد لمدة تزيد على ثلاثين سنة . وإذا نص في الإيجار أنه يبقي ما بقي المستأجر يدفع الأجرة ، فيعتبر أنه قد عقد لمدة حياة المستأجر “( [47] ) . وقد أقرت لجنة المراجعة هذا النص بعد تحويرات لفظية طفيفة ، ولكن لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب حذفته دون أن تشير إلى هذا الحذف في تقريرها( [48] ) . وبذلك تركت المسألة إلى القواعد العامة( [49] ) .

ومقتضى تطبيق هذه القواعد أن المتعاقدين يستطيعان تحديد أية مدة للإيجار ما دامت هذه المدة لا تجعل الإيجار مؤبداً أو في حكم المؤبد( [50] ) ، وما دام المتعاقدان 143 لا يخالفان نصاً في القانون . فقد نص المشرع مثلا على أن مدة الإيجار لمن لا يملك إلا حق الإدارة لا يجوز أن تزيد على ثلاث سنوات ، ونص على أن الوصي أو القيم لا يجوز أن يؤجر الأراضي الزراعية لمدة تزيد على ثلاث سنوات ولا المباني لمدة تزيد على سنة ، ونص على أن القاصر المأذون له في تسلم أمواله وإدارتها لا يجوز أن يؤجر الأراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد على سنة ، وقد تدم بيان كل ذلك .

فإذا اتفق المتعاقدان على أن تكون مدة الإيجار سنة مثلا ، أو أقل من سنة ، أو سنتين أو ثلاثاً أو خمسا أو تسعاً أو عشراً أو أكثر ، صح اتفاقهما والتزاما به( [51] ) ، على أن يلاحظ تسجيل الإيجار إذا زادت مدته على تسع سنوات حتى يكون نافذاً في حق الغير على الوجه الذي سنبينه .

أما إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الإيجار مؤبداً ، فهذا لا يجوز . وكذلك إذا اتفقا على مدة طويلة تجعل الإيجار في حكم العقد المؤبد . ويترك تحديد المدة الطويلة التي تجعل الإيجار في حكم العقد المؤبد لتقدير القاضي ، فينظر في كل عقد إلى ظروفه وملابساته . فقد تكون مدة ثلاثين أو أربعين سنة مدة طويلة تجعل الإيجار في حكم العقد المؤبد إذا وقع مثلا على منزل للسكن أو على أرض زراعية 144 مستصلحة ، وقد تكون مدة خمسين سنة لا تجعل الإيجار في حكم العقد المؤبد لأنها ضرورية لاستغلال المستأجر للعين ، كأن يستأجر شخص أرضاً ويقيم عليها بناء يقدر لبقائه مدة تصل إلى خمسين سنة هي المدة المناسبة للمستأجر لاستغلال الأرض استغلالاً كافياً بعد إصلاحها .

ونرى مع جمهور الفقهاء في مصر ألا تزيد مدة الإيجار في أية حال على ستين سنة ، وذلك قياساً على الحكر . فقد نصت المادة 999 مدني على أنه  “لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة ، فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة اعتبر الحكر معقوداً لمدة ستين سنة ” . فإذا كان الحكر ، وهو عقد يجعل للمحتكر حقاً عينياً في الأرض المحتكرة ويقع عادة على ارض خربة يقتضي استصلاحها مدة طويلة ، لا يجوز أن تزيد مدته على ستين سنة ، فأولى ألا تزيد مدة الإيجار على ستين سنة والإيجار لا يجعل للمستأجر إلا حقاً شخصياً ويقع عادة على عين صالحة للاستعمال . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يجعل الحد الأقصى لمدة الإيجار ثلاثين سنة على ما قدمنا بينما جعل الحد الأقصى لمدة الحكر ستين سنة ، فالحد الأقصى لمدة الحكر أعلى دائماً من الحد الأقصى لمدة الإيجار ، وقد وصلت في المشروع التمهيدي إلى الضعف من هذه ، فيجب إذن ألا يزيد الحد الأقصى لمدة الإيجار على الحد الأقصى لمدة الحكر حتى بعد حذف النص الذي يعين حداً أقصى لمدة الإيجار ثلاثين سنة .

ويخلص من ذلك أنه إذا كانت مدة الإيجار تزيد على ستين سنة . فالإيجار يكون حتما في حكم العقد المؤبد ، ومن ثم لا يجوز . أما إذا كانت مدته لا تزيد على ستين سنة ، فإنه يكون للقاضي حق التقدير تبعاً للظروف على ما قدمنا ، فقد تكون مدة الإيجار ثلاثين سنة فيعتبره القاضي في حكم العقد المؤبد فلا يجوز ، وقد تكون مدته خمسين سنة فيعتبره القاضي موقتاً فيجوز( [52] ) .

145 116- جواز أن يكون الإيجار لمدة حياة المستأجر أو لمدة حياة المؤجر : ويجوز أن يكون الإيجار لمدة حياة المستأجر ، ولا يكون هذا إيجاراً مؤبداً ولا في حكم المؤبد ، فيبقى الإيجار ملزماً للمؤجر وللمستأجر ما بقي المستأجر حياً ولو مات المؤجر قبله ، فإذا مات المستأجر انتهى الإيجار ولا ينتقل إلى ورئته ، ويجب في جميع الأحوال ألا تزيد مدة الإيجار على ستين سنة حتى لو بقي المستأجر حياً بعد انقضاء هذه المدة( [53] ) . والإيجار لمدة حياة المستأجر لا يعتبر مؤبداً لأن حيا الإنسان موقتة ، فإذا قيست مدة الإيجار بها بقي الإيجار موقتاً( [54] ) .

كذلك يجوز أن يكون الإيجار لمدة حياة المؤجر ، فيبقى الإيجار ما بقي المؤجر حياً ولو مات المستأجر قبله وعند ذلك ينتقل الإيجار إلى ورثة المستأجر . ولا ينتهي إلا بموت المؤجر ، بشرط ألا تجاوز مدته ستين سنة( [55] ) .

146 ولا نرى ما يمنع من أن يكون الإيجار لمدة حياة كل من المستأجر والمؤجر ، فيدوم ما بقي أحد منهما حياً ، بشرط ألا تجاوز مدته ستين سنة . فإذا مات المستأجر قبل المؤجر ، انتقل الإيجار إلى ورثة المستأجر ويبقى إلى أن يموت المؤجر . وإذا مات المؤجر قبل المستأجر ، انتقل الإيجار إلى ورثة المؤجر ويبقى إلى أن يموت المستأجر .

ومن باب أولى يجوز الإيجار مدة تدوم إلى أن يصبح المستأجر مالكاً للعين المؤجرة( [56] ) . فينتهي الإيجار إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة إلى المستأجر ، وهو ينتهي هنا لا بانقضاء المدة فحسب بل أيضاً باتحاد الذمة إذ يصبح المستأجر مالكاً للعين . ينتهي الإيجار في هذه الحال أيضاً بموت المستأجر دون أن يصبح مالكاً للعين المؤجرة ، وبانقضاء ستين سنة وهي الحد الأقصى لمدة الإيجار .

أما الإيجار لمدة تدوم ما دام المستأجر يدفع الأجرة أو إلى المدة التي يريدها المستأجر ، وكذلك الإيجار إلى المدة التي يريدها المؤجر ، فهو إيجار معلق على شرط فاسخ ، هو أن يريد المستأجر أو المؤجر إنهاء الإيجار فينبه على الطرف الآخر بذلك فينتهي( [57] ) . وإذا مات من علق إنهاء الإيجار على إرادته قبل أن يصدر منه التنبيه ، فإن الإيجار ينتهي أيضاً بموته ، كما ينتهي بانقضاء ستين سنة الحد الأقصى للمدة( [58] ) .

 147وقريب من ذلك أن يجعل الإيجار لمدة متوالية يمتد إليها بالتعاقب ، إلى أن ينهيه المستأجر بتنبيه يرسله إلى المؤجر . فيكون الإيجار مثلا لمدة ثلاث سنوات ، يمتد بعدها إلى ثلاث سنوات أخرى ، وهكذا ، إلى أن ينهي المستأجر الإيجار بالتنبيه . وقد يكون الاتفاق على أن المؤجر هو الذي بيده إنهاء  الإيجار ، بالتنبيه على المستأجر . والمهم أن يكون أمر إنهاء الإيجار موكولا إلى إرادة أحد الطرفين دون الطرف الآخر ، فيقاس الإيجار في هذه الصورة على الصورة السابقة التي يدوم فيها الإيجار المدة التي يريدها المستأجر أو التي يريدها المؤجر . ومن ثم إذا 148 لم ينته الإيجار بالتنبيه ، فإنه ينتهي حتما بموت من جعل إنهاء الإيجار إليه ، ويشترط في جميع الأحوال ألا تزيد مدته على ستين سنة( [59] ) .

أما الإيجار الذي يدوم ما دامت العين المؤجرة باقية ، فهو إيجار مؤبد ، فلا يجوز . ذلك أنه يستوي أن ينص على التأييد في الإيجار أو أن يقال إن الإيجار باق ما بقيت العين ، ففي الحالتين يبقى الإيجار ما دامت العين باقية ، وفي الحالتين ينتهي الإيجار بهلاك العين( [60] ) .

117- جزءا الإيجار المؤبد : فإذا أبد الإيجار أو عينت له مدة طويلة تجعله في يحكم الإيجار المؤبد ، فالرأي السائد في فرنسا أن يكون الإيجار في هذه الحالة باطلا( [61] ) . ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الإيجار المؤبد يكون بيعاً الثمن فيه إيراد دائم( [62] ) ، فيكون للبائع امتياز على الشيء المبيع لا امتياز على المنقولات التي توجد في العين كما هي الحال في امتياز المؤجر ، وعليه التزامات البائع ، ويكون الهلاك على المشتري بعد التسليم . ولو كان العقد إيجاراً لترتب عكس هذه النتائج . ويذهب بعض آخر إلى أن الإيجار المؤبد يكون صحيحاً ، وتكون مدته تسعا وتسعين سنة وهي الحد الأقصى لمدة الإيجار في فرنسا( [63] ) .

149 أما الرأي السائد في مصر فهو أن الإيجار ، إذا كان مؤبداً أو كان في حكم العقد المؤبد ، لا يكون باطلا ، بل تنقص مدته إلى الحد الأقصى الذي يقدره القاضي لعقد الإيجار وفقاً للظروف على ما قدمنا ، ولا يجوز أن تزيد مدته في أية حال على ستين سنة . والحجة الظاهرة التي يستند إليها هذا الرأي هي أننا لما نقلنا الحد الأقصى لمدة الحكر إلى عقد الإيجار ، وجب أن يكون الجزاء على المدة الزائدة على هذا الحد الأقصى واحداً في الحالتين . ولما كانت المدة إذا زادت في عقد الحكر على ستين سنة أنقصت بصريح النص إلى ستين ( 999 مدني ) ، فوجب كذلك في الإيجار أن تنقص المدة ستين سنة ا    إلى مدة أقل بحسب الظروف( [64] ) . وقد كان هذا هو الحكم الذي تقضي به المادة 760 من المشروع التمهيدي ، فقد كانت هذه المادة تضع حداً أقصى لمدة الإيجار ثلاثين سنة ، فإذا زادت المدة على ذلك جاز أن ينتهي الإيجار بعد انقضاء ثلاثين سنة بناء على طلب أحد المتعاقدين مع مراعاة وجوب التنبيه بالإخلاء في المواعيد المقررة قانوناً . هذا إلى أن الحم بإنقاص المدة لا بإبطال العقد هو الحكم المألوف في الحالات المماثلة . فقد قضت المادة 834 مدني بأنه يجوز الاتفاق على البقاء في الشيوع لمدة لا تجاوز خمس سنين ، والإجماع على أنه إذا اتفق على البقاء في الشيوع مدة تجاوز خمس سنين لم يكن الاتفاق باطلا بل تنقص المدة إلى خمس سنين . كذلك إذا زادت الفوائد الاتفاقية على 7% ، فإنها تنقص إلى هذا المقدار ( م 227/1 مدني ) ( [65] ) .

150 ويخلص من ذلك أنه إذا كان الإيجار مؤبداً أو كانت مدته مائة سنة مثلا ، لم يكن الإيجار باطلا ، بل يبقى سارياً إلى مدة ستين سنة أو إلى مدة أقل يقدرها القاضي بحسب الظروف . ثم يجوز بعد ذلك لأي من الطرفين أن ينهي الإيجار بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المقررة في المادة 563 مدني وسيأتي بيانها . هذا ما لم يتبن من ظروف التعاقد أن أحد المتعاقدين قد وقع في غلط جوهري ، وما كان ليرضى بالإيجار أصلا لو علم أن المدة المتفق عليها لا تسري كلها بل تنقص إلى الحد الأقصى الذي يقدره القاضي ، ففي هذه الحالة يجوز له إبطال الإيجار للغلط( [66] ) .

151 المطلب الثاني

المتعاقدان يسكتان عن تحديد مدة معينة أو يتعذر إثبات المدة التي اتفقا عليها

118نصوص قانونية : تنص المادة 563 من التقنين المدني على ما يأتي :  “إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة ، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة . وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها ” :

 “( أ ) في الأراضي الزراعية والأراضي البور إذا كانت المدة المعينة لدفع الأجرة ستة أشهر أو أكثر ، يكون التنبيه قبل إنهائها بثلاث أشهر . فإذا كانت المدة أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير ، هذا مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقاً للعرف ” .

 “( ب ) في المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة أربعة أشهر أو أكثر ، وجب التنبيه قبل انتهائها بشهرين ، فإذا كانت الفترة أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير ” .

 “( ج ) في المساكن والغرف المؤثثة وفي أي شيء غير ما تقدم إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة شهرين أو أكثر ، وجب التنبيه قبل نهايتها بشهر ، فإذا كانت أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير “( [67] ) .

152 ويقابل هذا النص في التقنين المدني القديم م 383/468( [68] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 531 – وفي التقنين المدني الليبي م 562 – وفي التقنين المدني العراقي م 741 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 591( [69] ) .

153 119- متى يعقد بمواعيد دفع الأجرة لتحديد مدة الإيجار : تقول المادة 563 مدني في صدرها كما رأينا :  “إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة ، أو عقد لمدة معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة  . . . ” . فيعتد إذن بمواعيد دفع الأجرة لتحديد مدة الإيجار في أحوال ثلاث :

أولا – إذا عقد الإيجار ولم يعرض المتعاقدان للمدة أصلا ، بل سكتا عنها . وهذا يعق في غر قليل من عقود الإيجار .

ثانياً – إذا عقد الإيجار وعرض المتعاقدان للمدة ولكنهما لم يعيناها . ويقع ذلك نادراً . ومثاله أن يعرض المتعاقدان للمدة فيذكرا أنها المدة المناسبة أو اللائقة أو الصالحة ، أو المدة التي تقتضيها الظروف ، أو يقولا صراحة إن الإيجار قد عقد لمدة غير معينة . أما إذا ذكرا أن الإيجار يبقى ما بقي المستأجر يدفع الأجرة ، أو إلى المدة التي يريدها المستأجر ، أو إلى المدة التي يريدها المؤجر ، فإن المدة لا تكون في هذه الحالة غير معينة ، وقد قدمنا أنها تكون المدة التي يريدها المستأجر 154 أو المؤجر ، وتنقضي حتما بموت من علقت المدة على إرادته ، ولا تجاوز المدة في جمع الأحوال ستين سنة . وإذا ذكر المتعاقدان أن الإيجار يبقى ما بقيت العين المؤجرة ، فإن المدة تكون أيضاً في هذه الحالة غير معينة ، وقد قدمنا أن الإيجار يكون مؤبدا فتنقص مدته إلى ستين سنة( [70] ) . ومن التطبيقات المعروفة للإيجار غير معين المدة التجديد الضمني فسنرى أنه يعتبر إيجارا جديداً لمدة غير معينة .

ثالثاً – إذا عقد الإيجار واتفق المتعاقدان على مدة معينة ، ولكن لم يستطع أيهما إثبات هذه المدة التي اتفقا عليها . فعند ذلك يعتبر الإيجار منعقداً لمدة غير معينة ويعتد بمواعيد دفع الأجرة( [71] ) على الوجه الذي سنبينه .

120- كيف تعين مدة الإيجار في الفروض السالف ذكرها : تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد :  “يعتر الإيجار منعقداً لمدة متتالية ، كل مدة منها هي المدة المحددة لدفع الأجرة ، وينتهي الإيجار بانتهاء أي مدة من هذه المدد إذا نبه أحد المتعاقدين على الآخر بالإخلاء في مواعيد ذكرتها المادة 563 ، وهي نصف مواعيد دفع الأجرة على ألا تكون أطول من ثلاث أشهر في الأراضي الزراعية والأراضي البور ، ومن شهرين في 155 المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن والأماكن المبنية غير المؤثثة بوجه عام ، ومن شهر واحد في المساكن والغرف المؤثثة فو أي شيء غير ما تقدم “( [72] ) .

ونرى من ذلك أن الشيء المأجور قد انقسم طوائف ثلاثاً : ( 1 ) الأراضي ، من أراضي زراعية وأراض بور وأراض فضاء معدة للبناء ( وهذه يشملها لفظ البور ) . ( 2 )  الأماكن المبنية غير المؤثثة ، من منازل وحوانيت ومكاتب ومتاجر ومصانع ومخازن ويغرها . ( 3 ) المساكن المؤثثة وغير ما تقدم ،  ويدخل في ذلك المنقول بمختلف أنواعه والحقوق الشخصية والمعنوية . أما الحق العيني على عقار ، كحق الانتفاع ، فيدخل في الطائفة الأولى أو في الطائفة الثانية بحسب الأحوال .

ومدة الإيجار في جميع الطوائف الثلاث هي مدد دفع الأجرة متتالية حتى يحصل التنبيه بالإخلاء( [73] ) ، ومن ثم كانت المدة غير معينة . فإذا كان ميعاد دفع الأجرة كل سنة كما في الأراضي الزراعية ، كانت مدة الإيجار سنة تمتد إلى سنة ثانية فثالثة فرابعة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه بالإخلاء من أحد الطرفين للآخر . وإذا كان ميعاد دفع الأجرة كل شهر كما يكون ذلك عادة في المنازع ، كانت مدة الإيجار شهراً يمتد إلى شهر ثانٍ فثالث فرابع وهكذا إلى أن يحصل التنبيه بالإخلاء من أحد الطرفين للآخر . وإذا كان ميعاد دفع الأجرة أسبوعاً أو يوماً كما يحدث يف إيجار السيارات والأفلام السينمائية ، كانت مدة الإيجار أسبوعاً أو يوماً يمتد إلى ثان فثالث فرابع وهكذا إلى أن يحصل التنبيه بالإخلاء من أحد  الطرفين للآخر( [74] ) .

156 والتنبيه بالإخلاء له أحكام سنفصلها عند الكلام في انتهاء الإيجار ، ونكتفي هنا ببيان ميعاده . فهو في الطائفة الأولى – الأراضي – ميعاده ثلاث أشهر بحيث لا يزيد على نصف مدة دفع الأجرة . فإذا كان ميعاد دفع الأجرة في ارض زراعية سنة أو أكثر أو أقل إلى ستة أشهر كان ميعاد التنبيه ثلاث أشهر ،وإذا كان ميعاد دفع الأجرة أقل من ستة أشهر كان ميعاد التنبيه نصف هذه المدة فيكون شهرين إذا كان ميعاد دفع الأجرة أربعة أشهر مثلا . هذا كله مع مراعاة حق المستأجر في الحصول وفقاً للعرف فيستمر الإيجار حتى بعد انقضاء المدة إلى أن يمضي الوقت الكافي لنضج المحصول ونقله( [75] ) . وميعاد التنبيه في الطائفة الثانية – الأماكن غير المؤثثة – شهران بحيث لا يزيد على نصف مدة دفع الأجرة . فإذا كان ميعاد دفع الأجرة في منزل سنة أو ستة أشهر أو أربعة كان ميعاد التنبيه شهرين ، وإذا كان ميعاد دفع الأجرة ثلاثة أشهر أو شهرين أو شهراً واحداً كان ميعاد التنبيه شهراً ونصفاً أو شهراً أو نصف شهر . وميعاد التنبيه في الطائفة الثالثة –  المساكن المؤثثة والمنقولات ويدخل فيها لذهبيات والعوامات وغر ما تقدم – شهر واحد بحيث لا يزيد على نصف مدة دفع الأجرة . فإذا كان ميعاد دفع الأجرة في غرفة مفروشة أو في سيارة ستة أشهر أو أربعة أشهر أو شهرين كان ميعاد التنبيه شهراً واحداً ، وإذا كان ميعاد دفع الأجرة شهراً أو أسبوعين أو أسبوعاً أو يوماً كان ميعاد التنبيه نصف شهر أو أسبوعاً أو نصف أسبوع أو نصف يوم .

ولا تعتبر هذه الأحكام من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها ، ويجوز إطالة ميعاد التنبيه أو تقصيره( [76] ) .

157 وإذا كان الشيء المؤجر يشمل عدة أشياء أوجرت كمجموع واحد ، واختلف ميعاد التنبيه بالإخلاء بالنسبة إلى كل شيء منها ، كما لو كان الشيء المؤجر أرضاً زراعية وبناء ومصنعاً ، فميعاد التنبيه بالإخلاء هو الميعاد المقرر بالنسبة إلى الشيء الذي يعد أساسياً من هذه الأشياء( [77] ) .

وإذا حصل التنبيه بالإخلاء بعد الميعاد كان غير نافذ ، ولو كان سبب التأخر قوة قاهرة( [78] ) . ولكن هل يكون التنبيه الحاصل بعد ميعاده نافذاً بالنسبة إلى مدة تالية فينتهي الإيجار بانقضاء هذه المدة؟ إذا فرض مثلا أن الأجرة تدفع كل ثلاثة أشهر في إيجار منزل لم يعين المتعاقدان مدته ، وبعد انقضاء شهرين نبه المستأجر على المؤجر بالإخلاء ، فلا شك في أن هذا التنبيه يكون غير نافذ بالنسبةالى الثلاثة الأشهر الأولى لأنه حصل بعد ميعاده إذ كان يجب صدوره قبل انقضاء الثلاثة الأشهر بشهر ونصف لا بشهر واحد ،وعلى ذلك يمتد الإيجار إلى ثلاثة أشهر تالية . ولكن هل يكون التنبيه بالإخلاء المشار إليه نافذاً بالنسبة إلى الثلاثة الأشهر التالية ، وقد صدر قبل انقضائها بأكثر من شهر ونصف؟ يذهب فريق إلى أن 158 التنبيه يكون نافذاً بالنسبة إلى هذه المدة( [79] ) . ويذهب فريق آخر إلى أنه يكون باطلا ، فلا ينفذ لا بالنسبة إلى المدة الأولى ولا بالنسبة إلى المدة التالية ، وذلك لأن التنبيه المعطي عن مدة معينة قد لا يراد استبقاء أثره في مدة تالية لم يعط عنها أي تبنيه( [80] ) . ونرى أنه يجب التفريق بين ما إذا كان صاحب التنبيه قد حدد يوم الإخلاء في تنبيه أو لم يحدده . فإذا كان قد حدده ، ولم يكن يفصله عن اليوم الذي حصل فيه التنبيه المدة القانونية ، كان التنبيه باطلا بالنسبة إلى المدة الأولى ، وغير ذي أثر بالنسبة إلى أية مدة أخرى تالية . أما إذا لم يحدد صاحب التنبيه يوم الإخلاء ، وكان بين اليوم الذي صدر فيه التنبيه واليوم الذي تنقضي به المدة التي كانت سارية وقت صدور التنبيه ما يقل عن الميعاد القانوني ، افترض ، ما لم يقم الدليل على العكس ، أن صاحب التنبيه يريد إنهاء الإيجار في نهاية المدة التالية إذ يكون التنبيه بالنسبة إلى هذه المدة قد صدر في الميعاد القانوني ، وذلك تأسيساً على المبدأ الذي يقضي بأن إعمال الكلام خير من إهماله( [81] ) .

المبحث الثالث

الأجرة

121- الأجرة كركن في عقد الإيجار : الأجرة هي المال الذي يلتزم المستأجر بإعطائه للمؤجر في مقابل الانتفاع بالشيء المؤجر .

159 فالأجرة هي محل التزام المستأجر ، ويشترط فيمها كما يشترط في أي محل للالتزام أن تكون موجودة ومشروعة ومعينة أو قابلة للتعيين . أما المشروعية فلا جديد يقال فيها وشأن الأجرة في ذلك شأن الشيء المؤجر . بقي الوجود والتعيين .

فالأجرة لا بد من وجودها في عقد الإيجار ، وإلا كان العقد من عقود التبرع ، فلا يعتبر إيجاراً بل عارية استعمال أو هبة حق الانتفاع( [82] ) . ويلاحظ أن الأجرة ، وإن كانت ركناً في الإيجار ، إلا  أنها كركن المدة في أن المتعاقدين إذا لم يتعرضا لها تكفل القانون بتحديدها ، ويبقى عقد الإيجار صحيحاً . أما رضاء التعاقدين والشيء المؤجر فركنان لا شأن للقانون بتحديدهما ، فإذا لم يتوافر في العقد كان باطلا( [83] ) . ولكن يجب التمييز بين ما إذا كان المتعاقدان قد عرضا للأجرة ولم يتفقا لعيها فعند ذلك يكون الإيجار باطلا لانعدام أحد أركانه( [84] ) ، وبين ما إذا كان المتعاقدان لم يعرضا للأجرة أصلا بل سكتا عنها وهنا يكون الإيجار صحيحاً ويتكفل القانون بتحديد الأجرة على الوجه الذي سنبينه . وهذا هو نفس ما قررناه في صدد المدة في عقد الإيجار( [85] ) .

أما تعيين الأجرة فيتناول الكلام فيه مسألتين : ( 1 ) جنس الأجرة ، ( 2 ) تقدير الأجرة .

160 المطلب الأول

جنس الأجرة

122- نصوص قانونية : تنص المادة 561 من التقنين المدني على ما يأتي :  “يجوز أن تكون الأجرة نقوداً ، كما يجوز أن تكون أي تقدمة أخرى “( [86] ) .

ولا مقابل لهاذ النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 529 – وفي التقنين المدني الليبي م 560 – وفي التقنين المدني العراقي م 736 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 536( [87] ) .

123- الأصل في الأجرة أن تكون نقوداً : والأصل في الأجرة أن نقوداً( [88] ) ، وتكون في الغالب مقسطة على مدد متساوية . ولن لا شيء يمنع 161 من أن تكون مبلغاً مقطوعاً من النقود يدفع مرة واحدة ، إما في بدء الإيجار وإما في نهايته( [89] ) .

124- وقد تكون الأجرة تقدمة أخرى غير النقود : وتختلف الأجرة في الإيجار عن الثمن في البيع في أن الثمن يجب أن يكون نقوداً وإلا كان العقد مقايضة ، أما الأجرة فيصح أن تكون نقوداً كما هو الغالب ويصح أن تكون أية تقدمة أخرى( [90] ) كما يصرح بذلك نص المادة 561 مدني فيما قدمناه . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد :  “الأجرة قد تكون نقوداً كما هو الغالب . ولكن قد تكون شيئاً آخر غير النقد كجزء من المحصول ، أو الانتفاع بشيء آخر مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة ( مقايضة انتفاع بانتفاع ) أو أي التزام آخر يلتزم به المستأجر ، وهذا خلاف الثمن في البيع ، فإنه يجب أن يكون نقداً كما تقدم “( [91] ) .

162 وعلى ذلك يجوز أن تكون الأجرة بناء يقيمه المستأجر في العين المؤجرة ويصبح ملكاً للمؤجر عند نهاية الإيجار( [92] ) ، أو تحسينات يدخلها المستأجر على العين المؤجرة تكون في مقابل الأجرة( [93] ) ، وقد تكون الأجرة بضاعة تدفع جملة واحدة أو على عدد دفعات( [94] ) . وقد قضت المحاكم الفرنسية بأن المؤجر إذا حفظ لنفسه ح الانتفاع بجزء من الشيء المؤجر فإن ذلك لا يغير من طبيعة الإيجار ، ويعد الانتفاع الجزئي جزءاً من الأجرة( [95] ) .

وقد تكون الأجرة جزءاً من المحصول كما في المزارعة( [96] ) .

163 125- ولا يشترط أن تتساوى في جميع مدد الإيجار ولا في جميع أجزاء العين المؤجرة :  والأصل أن تتساوى الأجرة في جميع مدد الإيجار ، فإذا أجر شخص أرضاً زراعية لمدة ثلاث سنوات مثلا ، فالغالب أن يتقاضى أجرة عن السنة الأولى مساوية للأجرة عن كل من السنتين الأخيرتين . ولكن لا شيء يمنع من أن تتفاوت الأجرة في مدة عن أخرى ، فيتقاضى المؤجر للأرض الزراعية أجرة عن السنتين الأخيرتين أعلى من الأجرة التي يتقاضاها عن السنة الأولى ، ويدخل في الاعتبار عندئذ أن المستأجر سيتكبد في السنة الأولى مصروفات أكثر مما يتكبده في السنتين الأخيرتين . وقد تكون أجرة منزل في مصيف أعلى في الصيف منها في غير الصيف .وقد تكون الأجرة إذا نشبت حرب أعلى من الأجرة في زمن السلم( [97] ) .

كذلك يجوز ألا تتساوى الأجرة في أجزاء العين المؤجرة ، فيصح أن يتشرط أحد الملاك في الشيوع أن تكون أجرة حصته أعلى من أجرة حصص الشركاء الآخرين( [98] ) .

126- وقد تتفاوت الأجرة بتفاوت الغلة التي يجنيها المستأجر : وقد تتفاوت الأجرة أيضاً بتفاوت الغلة التي يجنيها المستأجر من العين المؤجرة ، كما إذا كانت الأجرة جزءاً من المحصول ، ففي المزارعة قد تكون الأجرة هي نصف المحصول فتعلو الأجرة أو تهبط تبعاً لوفرة المحصول أو لقلته .

وقد يشترط المؤجر أن تكون الأجرة مبلغاً ثابتاً من النقود تضاف إليه نسبة معينة من ربح المستأجر ، فيكون للمؤجر الحق في أن يطالب المستأجر بتقديم حساب عن ربحه دون أن يتدخل في شؤون الإدارة( [99] ) .

164 وإذا ساهم المؤجر في الربح وفي الخسارة ، فإن العقد لا يكون إيجاراً بل يكون شركة . فإذا ساهم في الربح دون الخسارة ، كان شركة الأسد وهي لا تجوز . أما إذا ساهم في الربح دون الخسارة مع احتفاظه بمبلغ معين يأخذه من المستأجر في جميع الأحوال ، أو ساهم في مجموع الناتج من العين المؤجرة ( recettes bruttes ) لا في الصافي منه ، فإن العقد يكون ايجاراً( [100] ) .

الطلب الثاني

تقدير الأجرة

127- نصوص قانونية : تنص المادة 562 من التقنين المدني على ما يأتي :

 “إذا لم يتفق المتعاقدان على مقدار الأجرة أو على كيفية تقديرها ، أو إذا تعذر إثبات مقدار الأجرة ، وجب اعتبار أجرة المثل “( [101] ) .

ويقابل النص المادة 363 فقرة ثانية / 446 فقرة ثانية من التقنين المدني القديم( [102] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 165 م 530 – وفي التقنين المدني الليبي م 561 – وفي التقنين المدني العراقي م 737 – 738 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 537( [103] ) .

28- الأجرة الصورية والأجرة التافهة والأجرة البخسة : يشترط في الأجرة أن تكون جدية ، فإذا كانت صورية كما إذا سمي المتعاقدان أجرة لا يقصدان أن يدفعها المستأجر ، كان عقد الإيجار باطلا باعتباره إيجاراً( [104] ) ، ولكن الإيجار الصوري قد يكون المقصود به في هذه الحالة عارية مستترة تحت اسم إيجار قياساً على الهبة المسترة في صورة بيع( [105] ) .

وكذلك الأمر إذا كانت الأجرة تافهة ، بأن سمي المتعاقدان أجرة تكاد تكون في حكم العدم . ويقع كثيراً أن تؤجر ارض لجمعية خيرية بأجرة تافهة ( رمية ) لتقيم عليها بناء لتحقيق أغراضها ، فالعقد يكون في حقيقته عارية أو هبة حق انتفاع قي صورة إيجار( [106] ) .

166 ولكن لا يشترط في الأجرة أن تكون معادلة للريع الحقيقي للشيء المؤجر أو مقاربة ، فالأجرة البخسة – وهي التي يكون فيها غبن فاحش – لا تمنع من صحة الإيجار( [107] ) . كما لا يجوز فسخ الإيجار للغبن ، أو رفع دعوى بتكملة الأجرة ، إلا إذا كانت العين المؤجرة وقفاً كما سيجيء . وهذه بخلاف عقد البيع ، فللبائع إذا كان قاصراً أن يرفع دعوى بتكملة الثمن في العقار بشروط معينة( [108] ) . ولا يستطيع المستأجر كذلك أن يطعن بالغبن في الأجرة العالية ، إلا إذا كانت تجاوز حداً أقصى فرضه تشريع استثنائي فتنزل الأجرة إلى هذا الحد( [109] ) .

129- من الذي يحدد الأجرة وكيف تحدد : الأصل أن الأجرة يحددها 167 لمتعاقدان ، ويحددانها بمبلغ معين يدفع أقساطاً متساوية كل مدة معينة . ولكن لا يوجد ما يمنع من ترديد الأجرة على أكثر من صورة واحدة ، فيتشرط المؤجر على المستأجر أن تكون الأجرة مبلغاً معيناً إذا لم يؤجر المستأجر العين من الباطن فإذا أجرها من الباطن كانت الأجرة مبلغاً أكبر يعينانه ، أو أن تكون أجرة الأرض الزراعية مبلغاً ميعناً إذا زرعت قمحاً وأجرة أعلى إذا زرعت قطناً( [110] ) . وقد نص التقنين المدني العراقي على هذا الفرض صراحة في المادة 737 منه إذ يقول  “1- يصح ترديد الأجرة على أكثر من صورة واحدة ، ويلزم إعطاؤها على الصورة التي تظهر فعلا . 2- فلو استؤجر حانوت على أن تكون له أجرة معينة إن استعمل للعطارة وأن تكون له أجرة أخرى إن استعمل للحدادة فأي العملين استعمل فيه الحانوت تعطي أجرته “( [111] ) .

كذلك قد لا يعين المتعاقدان الأجرة ولكن يعينان الأسس التي يقوم عليها تقديرها ، فيصح الإيجار . فإذا حدد المتعاقدان الأجرة في الأرض الزراعية بحسب سعر القطن( [112] ) ، فتكون الأجرة مثلا ثمن ثلاثة قناطير من القطن بحسب 168 سعرها ، جاز ذلك . ويجوز أن يحدد المتعاقدان الأجرة بالأجرة التي يحددها القانون أو بأجرة المثل أو بربع جملة أرباح الحانوت أو نحو ذلك( [113] ) .

كذلك يجوز للمتعاقدين أن يوكلا تحديد الأجرة لشخص ثالث ، فإن قام هذا بمهمته لزم  المتعاقدين المقدار الذي عينه ، وإذا لم يقم بها لسبب ما جاز تعيين شخص آخر لتحديد الأجرة إذا كان هذا هو غرض المتعاقدين( [114] ) . أما إذا ظهر من ظروف التعاقد أن المتعاقدين لا يريدان غير من عينا لتحديد الأجرة ، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تقوم بنفسها بتعيين خبير لهذا الغرض ، ويكون عقد الإيجار باطلا لعدم توافره على ركن من أركانه( [115] ) .

169 ولكن لا يجوز للمتعاقدين ترك الأجرة للمستأجر يحددها كما يرى إذ يصبح المؤجر تحت رحمته( [116] ) ، كما لا يجوز ترك الأجرة للمؤجر يحددها كما يرى حتى لا يتعسف بالمستأجر( [117] ) . والذي يجوز هو الاتفاق على حد أقصى للأجرة 170ويفوض المؤجر في تحديدها بما لا يجاوزه ، أو الاتفاق على حد أدنى للأجرة ويفرض المستأجر في تحديدها بما لا ينزل عنه( [118] ) .

هذا وقد فرضت التشريعات الاستثنائية في إيجار الأماكن وفي إيجار الأراضي الزراعية حداً أقصى للأجرة لا يجوز للمتعاقدين أن يجاوزاه ،وسنبحث هذا تفصيلا عند الكلام في هذين النوعين من الإيجار .

130- كيف تحدد الأجرة إذا سكت عنها المتعاقدان أو تعذر إثباتها : رأينا أن المادة 562 مدني تقضي بأنه إذا لم يتفق المتعاقدان على مقدار الأجرة أو على كيفية تقديرها ؛ أو إذا تعذر إثبات مقدار الأجرة ، وجب اعتبار أجرة المثل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص :  “إذا كانت الأجرة غير مقدرة في العقد ، فإن ذلك يرجع لأحد أسباب ثلاثة : ( أ ) إما لأن المتعاقدين قد أغفلا الاتفاق عليها . ( ب ) أو اتفقا عليها ولكن تعذر إثبات ما اتفقا عليه . ( جـ ) أو حاولا الاتفاق عليها فلم يستطيعا . ففي الفرضين الأولين تكون الأجرة هي أجرة المثل في مكان تمام العقد  . . . وفي الفرض الثالث يكون الإيجار باطلا لأن المتعاقدين قد تعذر عليهما الاتفاق على ركن من أركان العقد “( [119] ) .

ونرى من ذلك أن المتعاقدين إذا سكتا عن تحديد الأجرة وعن تحديد أي أساس يقوم عليه تقديرها ، فإن الإيجار لا يكون باطلا ، بل يتكفل القانون بتحديد الأجرة في هذه الحالة – كما تكفل بتحديد المدة فيما قدمناه – ويقدرها بأجرة المثل( [120] ) . كذلك إذا اتفق المتعاقدان على الأجرة ، ولكن تعذر 171 على أي منهما إثبات ما اتفقا عليه ، ففي هذه الحالة أيضاً – كما في حالة تعذر إثبات المدة –  لحالة ما إذا عقد الطرفان الإيجار بأجرة غير معينة . ونرى أن هذا الفرض لو تحقق – وهذا نادر – فإنه يجب أيضاً أن تكون الأجرة هي أجرة المثل .

وأجرة المثل يحددها القاضي ، مستعينا في ذلك برأي أهل الخبرة . وقد يستعين أيضاً بأوراق ومستندات ، كما إذا قدمت في القضية عقود إيجار عن نفس الشيء المؤجر في مدة سابقة أو مدة تالية ، أو قدمت عقود إيجار عن أعيان تماثل العين المؤجرة( [121] ) .

الفرع الثالث

طرق إثبات الإيجار ونفاذه في حق الغير وتفسيره

131- مباحث ثلاثة : بعد أن فرغنا من الكلام في التراضي وفي المحل ، 172 أي في انعقاد الإيجار ، نتكلم هنا في طرق إثبات ثم في نفاذه في حق الغير ، ثم في تفسيره ، وذلك في مباحث ثلاثة متعاقبة .

المبحث الأول

طرق إثبات الإيجار

132- طرق الإثبات في التقنين القديم والجديد : عمد التقين المدني القديم إلى التضييق في طرق إثبات الإيجار ، ناهجاً في ذلك نهج التقنين المدني الفرنسي . وقد عدل التقنين المدني الجديد عن هذه السياسة ، ولم يورد نصوصاً تضيق من طرق إثبات الإيجار ، فأصبح هذا العقد كغيره من العقود خاضعاً في إثباته للقواعد العامة .

ولا تزال طرق الإثبات الضيقة التي أتي بها التقنين المدني القديم معمولا بها في كثير من عقود الإيجار ، هي العقود التي أبرمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 . فهذه تسري عليها أحكام التقنين القديم من حيث طرق إثباتها ، إذ تقضي المادة 9 من التقنين المدني الجديد بأن تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدما النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل ، ا في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده . ولما كمان كثير من عقود الإيجار التي أبرمت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 لا تزال قائمة إلى اليوم ، ويقدر لها أن تبقى مدة طويلة ، وذلك بفضل التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن ولإيجار الأراضي الزراعية( [122] ) التي جعلت امتداد هذه العقود إجباريا ما دام المستأجر راغبا في البقاء في العين المؤجرة ، فإن هذه العقود الكثير( [123] ) تخضع في طرق إثباتها ، 173 إذا قام نزاع في شأنها ، لأحكام التقنين المدني القديم ، أياً كان الوقت الذي يعرض فيه النزاع على القضاء .

ومن ثم لا يكون بحث طرق إثبات عقد الإيجار في التقنين المدني القديم بحثاً تاريخياً فحسب ، بل هو أيضاً بحث ذو أهمية من الناحية العملية . فنبحث إذن طرق إثبات الإيجار : ( أولا ) في التقنين المدني القديم . ( ثانياً ) في التقنين المدني الجديد .

المطلب الأول

طرق إثبات الإيجار في التقنين المدني القديم

133- التمييز بين فرضين : نصت المادة 363 / 446 من التقنين المدني القديم على أن  “عقد الإيجار الحاصل بغير كتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعي عليه به أو بامتناعه عن اليمني ، إذا لم يبدأ في تنفيذ العقد المذكور . وأما إذا ابتدئ في التنفيذ ولم يوجد سند مخالصة بالأجرة ، فتقدر الأجرة بمعرفة أهل الخبرة ، وتعين المدة بحسب عرف البلد ” .

ومن ثم يجب التمييز بين فرضين رئيسين : ( الفرض الأول ) أن عقد الإيجار لم يبدأ تنفيذه . ( والفرض الثاني ) أن هذا التنفيذ قد بدأ( [124] ) .

174 § 1- عقد الإيجار لم يبدأ تنفيذه

134- حصر طرق الإثبات في الكتابة والإقرار واليمين : المفروض أن أحد الخصمين يدعي على الخصم الآخر أن عقد إيجار قد أبرم بينهما ، وأن هذا العقد لم يبدأ تنفيذه من أي م الجانبين ، ويطالبه بما ترتب في ذمته من التزامات بموجب هذا العقد . ففي هذه الحالة تسري الفقرة الأولى من المادة 363 / 446 السالفة الذكر ، ولا يقبل من المدعي دليل على وجود عقد الإيجار إلا الكتابة أو الإقرار أو اليمين . فلا تقبل البينة ولا القرائن ، حتى لو كانت الأجرة عن مجموع مدة الإيجار لا تزيد على عشرة جنيهات( [125] ) . وهنا محل التشدد ، فلو لم يوجد النص الذي تقدم بيانه ، وسرت القواعد العامة ، لوجب في هذه الحالة الأخيرة أن تقبل البينة أو القرائن دليلا على وجود عقد الإيجار  ( [126] ) .

ونستعر الآن الطرق الثلاثة التي يجوز بها إثبات الإيجار وفقاً للنص ، وهي الكتابة والإقرار واليمين .

135- الكتابة : يجوز بداهة إثبات عقد الإيجار الذي لم يبدأ تنفيذه 175 بالكتابة ، رسمية كانت أو عرفية . ولا تشترط صورة خاصة من الكتابة ، فقد تكون سنداً مطبوعاً ممضي من المتعاقدين ، أو سنداً محرراً بيد أحدهما أو بيد شخص ثالث وممضي منهما ، أو مجرد إقرار مكتوب مقترن بالقبول( [127] ) ، أو مراسلات متبادلة بين الطرفين أو برقيات( [128] ) .

وإذا ضاع السند المكتوب بقوة قاهرة ، وثبت ذلك ولو بالبينة أو بالقرائن ، جاز إثبات عقد الإيجار نفسه بالبينة ولو زادت الأجرة على عشرة جنيهات ، هذا إنما هو تطبيق للقواعد العامة( [129] ) .

وإذا قدم سند مكتوب لإثبات الإيجار ، لم يجز إثبات ما يجاوز هذه الكتابة أو ما يتعارض معها بالبينة أو بالقرائن ، وهذا ما تقضي به القواعد العامة أيضاً( [130] ) . وإذا ذكر في السند المكتوب المتعاقدان والعين المؤجرة دون أن تذكر الأجرة والمدة ، جاز اعتبار هذا السند دليلا كتابياً على وجود عقد إيجار أغفلت فيه الأجرة والمدة ، فيجوز تعيين الأجرة بتقدير القاضي مستعيناً بأهل الخبرة ( أي أجرة المثل ) ، وتعيين المدة بفترات مواعدي دفع الأجرة ، ولا يعتبر هذا مجاوزة لما هو مكتوب .

وهناك خلاف فيما إذا كان يكفي ، بدلا من الكتابة ، مبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن . وقد وقع هذا الخلاف في فرنسا وفي مصر ، في الفقه وفي القضاء . ففريق يقول إن هذا يكفي ، لأن النص المضيق لطرق الإثبات في الإيجار نص استثنائي فلا يجوز التوسع في تفسيره ، ومن ثم لا يجوز أن يكون هذا النص استثناء أيضاً من قاعدة عامة أخرى تقضي بقيام مبدأ الثبوت بالكتابة176 معززاً بالبينة ا بالقرائن مقام الكتابة( [131] ) . وفريق آخر يقول إن هذا لا يكفي ، لأن النص صريح في عدم جواز إثبات الإيجار غير الحاصل بالكتابة بالبينة أو بالقرائن ، ولأن النص الخاص بمبدأ الثبوت بالكتابة هو نفسه نص استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره فلا يسري على عقد الإيجار( [132] ) . وقد أخذنا في كتابنا  “عقد الإيجار ” الذي ظهر في عهد التقنين المدني القديم بالرأي الأول ، وقلنا في تأييده ما يأتي :  “إن المادتين 217 / 282 تنصان صراحة على أن الإثبات بالبينة أو بقرائن الأحوال يجوز قبوله إذا كان الدين أو التخلص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة من الخصم المطلوب الإثبات عليه ، ولا يصح في نظرنا التمسك بظاهر المادتين 363 / 446 فهما عندما قررتا أن عقد الإيجار الحاصل بغير كتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعي عليه به أو بامتناعه عن اليمين إذا لم يبتدأ في تنفيذ العقد المذكور ، أرادتا بذلك أن يكون إثبات عقد الإيجار إما بالكتابة أو بالإقرار أو باليمين . فإذا كان يوجد ما يقوم مقام الكتابة بمقتضى نص المادتين 217 / 282 المشار إليهما ، وذلك هو مبدأ الثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو القرائن ، وجب القول بأن عقد الإيجار يجوز إثباته بذلك أيضاً . هذا عدا 177 أن المادتين 363 / 446 من النصوص الاستثنائية فلا يجوز التوسع في تفسيرهما ، وأن الرأي الذي نقول به أقل حرجاً في المعاملات وأكثر تيسيراً في إثبات الحقوق “( [133] ) .

136- الإقرار : فإذا لم يوجد سند كتابي لإثبات الإيجار الذي لم يبدأ تنفيذه على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، جاز إثبات الإيجار بالإقرار . والإقرار لا يكون إلا في مجلس القضاء ، أما الإقرار خارج مجلس القضاء فلا يجوز إثباته بالبينة أو القرائن ، وإلا أمكن إثبات الإيجار بالبينة أو بالقرائن بطريق غير مباشر ، ولكن يجوز إثباته بالكتابة كما يجوز إثباته بمبدأ ثبوت بالكتابة معززا بالبينة أو بالقرائن على الرأي الذي نقول به .

وبما أن الإقرار من طرق الإثبات ، فإنه يجوز للمدعي ، تمهيدا لهذا الطريق ، أن يطلب استجواب المدعي عليه لحمله على الإقرار( [134] ) .

وإذا اقر المدعي عليه بوجود عقد الإيجار نفسه ، ولم يبين مدة الإيجار أو مقدار الأجرة في إقراره ، مع ثبوت أن هناك اتفاقاً قد تم على هذين الركنين ويراد إثباته ، فإنه يجب إثبات هذين الركنين إما بالكتابة أو باليمين ما دام عقد الإيجار لم يبدأ تنفيذه( [135] ) . وهذا بخلاف المخالصة بالأجرة التي لم 178 تبين مدة الإيجار ، فإنها تعتبر بدء تنفيذ للعقد ، ولذلك تثبت المدة بالعرف .

137- اليمين : فإذا لم يوجد سند كتابي ولا إقرار ، جاز الإثبات باليمين . وهي توجه عادة من المدعي إلى المدعي عليه ، فإما أن ينكل هذا الأخير عن حلفها فيكون الإثبات بنكول المدعي عليه عن اليمين ، وإما أن يردها على المدعي فيحلف ويكون إثبات الإيجار في هذه الحالة باليمين . وقد يوجه المدعي عليه الذي ينكر الإيجار اليمين إلى المدعي ، فيحلف هذا ، فيثبت الإيجار باليمين .

والمراد باليمين هنا الحاسمة ، ، دون اليمين المتممة( [136] ) .

179 § 2- عقد الإيجار بدأ تنفيذه

138- التمييز بين حالتين : يجب التميز هنا بين حالتين : ( أ ) إذا كان بدء التنفيذ متنازعا فيه . ( ب ) إذا لم يكن هناك نزاع في ذلك .

( أ ) بدء التنفيذ متنازع فيه

139- لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة وإلا قرار واليمين : إذا ادعى أحد الخصمين أن الإيجار قد بدأ تنفيذه فعلا فنازعه الخصم الآخر في ذلك ، لم يجز إثبات أن الإيجار قد بدأ تنفيذه بالبينة أو بالقرائن ، لأن في ذلك سبيلا لإثبات عقد الإيجار بالبينة أو بالقرائن بطريق غير مباشر . إذ يكفي أن يدعي من له المصلحة أن عقد الإيجار قد بدأ تنفيذه ، فيثبت ذلك بالبينة ويكون قد أثبت عقد الإيجار بالبينة وهذا لا يجوز( [137] ) . ومن ذلك نرى أن إثبات عقد الإيجار نفسه ، سواء أبدأ تنفيذه أم لم يبدأ ، لا يجوز أن يكون بالبينة أو بالقرائن .

فإذا تمسك مدعي الإيجار بأن العقد قد بدأ تنفيذه ، ونازعه المدعي عليه 180 منكرا بدء تنفيذ الإيجار ومنكرا الإيجار نفسه( [138] ) ، كان على المدعي إثبات البدء في التنفيذ بالطرق المقررة لإثبات عقد الإيجار الذي لم يبدأ تنفيذه . وقد تقدم أن هذه الطرق هي الكتابة والإقرار( [139] ) واليمين( [140] ) .

140- أعمال البدء في التنفيذ : وأعمال البدء في التنفيذ التي يجب إثباتها بأحد هذه الطرق لا يمكن حصرها ، فهي كل عمل يقوم به المؤجر أو المستأجر لتنفيذ العقد . وليس من الضروري أن يكون ذلك بتسلم المستأجر العين المؤجرة ، فقد يبدأ تنفيذ العقد قبل ذلك ، كأن يتنازل المستأجر عن الإيجار لغيره أو يؤجر من باطنه قبل تسلم العين . ويجوز للمؤجر أن يثبت ذلك قبل المستأجر ، بكتاب من هذا الأخير له يخبره فيه بذلك ، ويعتبر هذا دليلا كتابيا على البدء في التنفيذ .

أما إثبات مجرد حيازة المستأجر المادية للعين ، فليس بقاطع في أن هذه الحيازة سببها عقد إيجار . فإذا ثبت ذلك عد هذا بدءا في التنفيذ ، ولكن يجب إثبات أن الحيازة وقعت بناء على عقد إيجار بالطرق المحددة لإثبات عقد الإيجار نفسه( [141] ) . أما إذا لم تثبت إلا الحيازة المادية وحدها ، وهذه جائز إثباتها بكل 181 الطرق لأنها واقعة مادية ، فلا يترتب على ذلك إثبات عقد الإيجار ، ولكن يجوز للمؤجر أن يرفع دعوى استرداد باعتباره مالكا للعين إذا كان هو المالك ، فإذا دفع واضع اليد دعوى الاسترداد بأنه مستأجر كان هذا إقرارا منه بالإيجار وبالبدء في تنفيذه ، وعد هذا إثباتاً كافياً للعقد( [142] ) .

وإذا كان مدعي التنفيذ هو المستأجر ، جاز له أن يثبت بدء تنفيذ الإيجار بإثباته عملا يتضمن ذلك ، كتسلمه مفاتيح العين المؤجرة أو تسديده قسطاً من الأجرة ، ولكن يجب أن يثبت أن الغرض من هذه الأعمال إنما هو لتنفيذ عقد إيجار ، ولا يجوز إثبات ذلك إلا بالطرق المحددة( [143] ) . وتعد المخالصة بالأجرة إثباتا كتابياً لبدء التنفيذ ، إذا لم يمكن عدها إثباتا كتابياً كاملا لمشتملات عقد الإيجار .

( ب ) بدء التنفيذ غر متنازع فيه

141- ماذا يبقى للإثبات : أما إذا كان بدء تنفيذ الإيجار غير متنازع فيه ، فمعنى ذلك أن عقد الإيجار نفسه ثابت بإقرار كل من طرفي العقد والذي قد يبقى للإثبات بعد ذلك إما أن يكون : ( 1 ) مقدار الأجرة . ( 2 ) أو مدة الإيجار . ( 3 ) أو شروط العقد التي لا تعتبر أركاناً له ، كمواعيد دفع الأجرة وميعاد تسليم العين ومن يتحمل مصروفات التصليحات اللازمة وغير ذلك من الشروط( [144] ) .

142- إثبات الأجرة : ونلاحظ بادئ ذي بدء أن المفروض هنا أنه 182 يوجد اتفاق على الأجرة ويراد إثبات هذا الاتفاق . أما إذا أغفل المتعاقدان الأجرة بتاتاً ، فإن الإيجار يصح ويتكفل القاضي بتقدير الأجرة مستعيناً في ذلك برأي أهل الخبرة . ولكن رأي هؤلاء يكون استشارياً ، بخلاف ما إذا كان المطلوب إثبات الأجرة المتفق عليها فرأي أهل الخبرة يكون عندئذ قطعياً كما سنرى حالا .

فإذا كان المطلوب إثبات مقدار الأجرة المتفق عليها ، وجب الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 363 / 446 ، وهي تقضي بأنه إذا ابتدئ في تنفيذ الإيجار ، ولم يوجد سند مخالصة بالأجرة ، فتقدر الأجرة بمعرفة أهل الخبرة .

من ذلك نرى أن أول طرق إثبات الأجرة( [145] ) . هي المخالصة . وهي دليل كتابي ، وتكون عادة في يد المستأجر ، وهو الذي يثبت بها الأجرة قبل المؤجر . ولا تصلح دليلا وهي في يد المؤجر على المستأجر لأنها ليست صادرة من هذا الأخيرة ، فإذا كانت تحت يد المستأجر وأبرزها فإنها تصلح دليلا عليه وعلى المؤجر معاً .

ويقوم مقام المخالصة أي دلل كتابي آخر ، وإذا فقد الدليل الكتابي بقوة قاهرة جاز الإثبات البينة أو بالقرائن( [146] ) . وتطبيقاً لذلك إذا ثبت وجود مخالصة ، وضاعت بعد ذلك بغير خطأ من يردي إثبات الأجرة ، فإن الإثبات بالبينة أو بالقرائن يجوز . وكذلك الحال إذا حجز الخصم المخالصة ولم يرد إبرازها عمداً حتى يضيع على خصمه هذا الدليل ، فلهذا الأخير أن يثبت مقدار الأجرة بالبينة أو بالقرائن .

وإذا لم توجد المخالصة أو أي دليل كتابي آخر ، فلا يجوز إثبات الأجرة بالبينة أو بالقرائن( [147] ) وتنص المادة 363 فقرة ثانية / 446 فقرة ثانية على أن الإثبات 183يكون بأهل الخبرة . ولكننا نرى أنه يمكن ، قبل الانتقال إلى الإثبات بطريق أهل الخبرة ، أن تثبت الأجرة بإقرار المدعي عليه ، لأن المفروض في كل ما تقدم أن الأجرة متنازع عليها . أما إذا أقر المدعي عليه بمقدارها ، فإنه يعامل بإقراره إذا أراد المدعي ذلك . وكالإقرار اليمين ، فإذا لم يرض المدعي بالالتجاء إلى أهل الخبرة تجنباً للمصروفات ، ووجه اليمين إلى المدعي عليه فحلف هذا ، ثبت مقدار الأجرة بهذه اليمين . أما إذا نكل ، فلا نرى أن نكوله هذا يعتبر إقراراً بما يدعيه المدعي ، وفي هذه الحالة إذا لم يرد المدعي عليه اليمين إلى المدعي ليثبت بها ما يدعيه هذا الأخير ، أو ردها عليه ونكل هذا عن حلفها ، فإن الإثبات يعتبر غير ممكن ، ويجب الالتجاء إلى أهل الخبرة .

ومن ذلك نرى أنه إذا لم يمكن إثبات الأجرة بالطرق السابق ذكرها ، فإنها تثبت بتقدير أهل الخبرة . ورأي الخبراء في هذه الحالة قطعي لا استشاري . وأهل الخبرة إنما يقدرون اجر المثل ، فكأن الأجرة تكون في الحالة التي نحن بصددها هي أجرة المثل بحسب التقدير القطعي للخبراء .

143- إثبات المدة : والمفروض هنا أيضاً أنه يوجد اتفاق على مدة الإيجار ويراد إثبات هذا الاتفاق . أما إذا أغفل المتعاقدان المدة بتاتاً ، فإن الإيجار يصح وتعتبر المدة غير معينة ويتكفل القانون بتحديدها وفقاً لمواعيد دفع الأجرة ( م 383 / 486 مدني قديم ) .

فإذا كان المطلوب إثبات المدة المتفق عليها ، وجب الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 383 / 486 مدني قديم ) .

فإذا كان المطلوب إثبات المدة المتفق عليها ، وجب الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 363 / 446 ، فتعين المدة بحسب عرف البلد . وإذا لم يكن العرف ثابتاً ، جاز إثباته بجميع طرق الإثبات .

ونرى أن من الجائز ، قبل الرجوع إلى العرف في إثبات المدة ، أن تثبت المدة بدليل كتابي أو بمبدأ ثبوت بالكتابة معزز بالبينة أو بالقرائن ، وكلك يحوز الإثبات بالإقرار وباليمين ، وهذا قياساً على إثبات الأجرة . ولكن لا يجوز إثبات المدة بالبينة أو بالقرائن إذا لم تستند إلى مبدأ ثبوت بالكتابة أو إلى سند كتابي ثبت ضياعه بقوة قاهرة .

144- إثبات شروط الإيجار : أما إذا أريد إثبات شروط الإيجار ، كالتزامات خاصة يلتزم بها المؤجر أو المستأجر وكالتأمينات التي يقدمها المستأجر 184 وكاشتراط سبب خاص لفسخ العقد وكميعاد دفع الأجرة أو ميعاد تسليم العين ، فالرأي السائد أن إثبات هذا يكون طبقاً للقواعد العامة لعدم ورود نص خاص بقيد من طرق الإثبات في هذه الأحوال ؛ ولا يجوز التوسع في تفسير النصوص الاستثنائية السابقة وتطبيقها هنا . على ذلك يجوز الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا كان مجموع الأجرة عن كل مدة الإيجار لا يزيد على عشرة جنيهات . ولا يجوز الإثبات بالعرف إلا إذا اتخذ قرينة ، ولا بالخبراء إلا إذا دعت الحال إلى ذلك طبقاً للقواعد العامة ويكون رأيهم عند ذلك استشارياً( [148] ) .

المطلب الثاني

طرق إثبات الإيجار في التقنين المدني الجديد

145- لا محل للتشدد في طرق إثبات الإيجار : رأينا فيما تقدم أن التقين المدني القديم قد تشدد في يطرق إثبات الإيجار ، فمنع الإثبات بالبينة أو بالقرائن فيما تجوز فيه هذه الطرق . ولا يوجد مبرر لهذا التشدد ، وقد كتبنا في هذا المعنى في عهد التقنين المدني القديم ما يأتي :  “أراد المرع التضييق في طرق إثبات الإيجار حتى لا يتسع المجال للمنازعات وما يستلزم ذلك من الإجراءات الطويلة في عقد من أكثر العقود شيوعاً . فاتبع في ذلك مبدأين : أولهما ألا يسمح في إثبات عقد الإيجار نفسه إلا بأقوى طرق الإثبات : الكتابة واليمين والإقرار . وثانيهما أنه كفل لركنين من أركان الإيجار ، الأجرة والمدة ، طريقة للإثبات رآها أحسم للنزاع ، فلجأ في تقدير الأجرة للخبراء وفي تحديد المدة للعرف . وهذا كله موضع نظر . أما العلة في تضييق طريقة الإثبات في عقد الإيجار فلا تفهم في هذا العقد أكثر من فهمها في عقود أخرى ، والقول بأن المشرع أراد تجنب المنازعات الطويلة قول غير وجيه ، لأن الواقع ا المنازعات لا يمكن تجنبها بذلك . أما المبدآن اللذان أخذ بهما فمشكوك في وجهاتهما ، لأن الاقتصار في 185 طرق الإثبات على الكتابة واليمين والإقرار في عقد من أكثر العقود ذيوعاً تضييق بدون مبرر على الناس في بلد تكثر فيه الأمية ولم تؤلف كتابة العقود . ولالتجاء إلى العرف والخبراء تحكم دون مقتض في إرادة المتعاقدين التي يجب أن تترك حرة في حدود النظام العام والآداب . على أن الخبراء والعرف ليسا بالطريقة الحاسمة للنزاع ، فإن اختلاف نظر الخبراء في المسألة الواحدة معروف ، والالتجاء إلى الخبرة هو في الواقع تحاكم لغير قضاء لا يؤمن التوسع فيه لا سيما أن رأي الخبراء هنا غير استشاري . أما العرف فمتغير ، وإثباته ليس من السهل في كثير من الأحوال . وقد حاول بعض المصلحين في فرنسا أن يلغي من القانون الفرنسي القواعد الخاصة بإثبات الإيجار ، وقدم اقتراحات بذلك لمجلس النواب ، ولكنها لم تصب توفيقاً “( [149] ) .

146- رجوع التقنين المدني الجديد إلى القواعد العامة في إثبات الإيجار : من أجل ذلك لم يورد التقنين المدني الجديد مقابلا لنص المادة 363 / 446 من التقنين المدني القديم ، وأطلق طرق الإثبات في عقد الإيجار ، فوجب الرجوع في ذلك إلى القواعد العامة ، شأن عقد الإيجار في هذا الشأن شأن سائر العقود . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي :  “وحذفت المادة 363 / 446 من التقنين الحالي ( القديم ) التي تضع قواعد خاصة لإثبات الإيجار ملتزمة   جانب التشدد ، إذ لا يوجد مقتض لتخصيص عقد الإيجار بالتشديد في إثباته “( [150] ) .

147- جوازات إثبات عقد الإيجار بالبينة أو بالقرائن فيما لا يجاوز عشرة جنيهات : وتطبيقاً للقواعد العامة يجوز إثبات عقد الإيجار بجميع طرق الإثبات ، ودخل في ذلك البينة والقرائن ، سواء بدأ تنفيذ الإيجار أو لم يبدأ ، وسواء كان البدء في التنفيذ معترفاً به أو متنازعا فيه ، إذا كانت قيمة العقد لا تزيد على عشرة جنيها( [151] ) . والعبرة في تقدير قيمة عقد الإيجار بالتزام المستأجر بدفع 186الاجرة لا بقيمة العين المؤجرة ، والمعتبر في هذه القيمة هو مجموع الأجرة التي يدفعها عن طول مدة الإيجار( [152] ) .

فيجوز إذن ، ما دامت قيمة عقد الإيجار لا تزيد على عشرة جنيهات ، إثبات العقد نفسه بالكتابة ، وبمبدأ ثبوت بالكتابة معزز بالبينة أو بالقرائن ، وبالإقرار ، وباليمين ، وبالبينة وبالقرائن . كما يجوز بجميع الطرق إثبات بالبينة أو بالقرائن .

وإذا أثبت المدعي عقد الإيجار ، وبتين أن المتعاقدين أغفلا الأجرة أو المدة أو كليهما ، فإننا لا نكون في هذه الحالة في صدد إثبات الإيجار ، فقضت المادة 562 مدني في الأجرة باعتبار أجرة المثل ، وقضت المادة 563 مدني في المدة باعتبار مواعيد دفع الأجرة .

أما إذا تبين أنه حصل اتفاق على الأجرة وعلى المدة ، فإثبات هذا الاتفاق يصح أن يكون ، كما قدمنا ، بالبينة أو بالقرائن . ولكن إذا تعذر الإثبات حتى بهذين الطريقين ، وجب الرجوع إلى أجرة المثل في الأجرة ، والى مواعيد دفع الأجرة في المدة ، وقد سبق بيان ذلك . ويختلف هنا التقنين الجديد عن التقنين القديم في شيئين : ( 1 ) في التقين القديم كان الإثبات باللينة أو بالقرائن غير جائز ، وهو جائز في التقنين الجديد . ( 2 ) إذا تعذر الإثبات في التقنين القديم ، 187 بالطرق المحددة التي سبق بيانها كانت الدعوى خالية من الدليل ولا يصار إلى أجرة المثل أو إلى مواعيد دفع الأجرة . أما في التقنين الجديد ، إذا تعذر الإثبات حتى بالبينة أو بالقرائن ، فإننا نرجع كما سبق القول إلى أجرة المثل وإلى مواعيد دفع الأجرة .

148- عدم جواز إثبات عقد الإيجار بالبينة أو بالقرائن فيما يجاوز عشرة جنيهات : فإذا كان مجموع الأجرة يزيد على شعرة جنيهات ، أو كان عقد الإيجار غير محدد القيمة بأن كانت مدته غير معينة ولو كانت الأجرة عن كل فترة لا تزيد على عشرة جنيهات( [153] ) ، فإنه لا يجوز إثبات عقد الإيجار إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها( [154] ) أو بالإقرار أو باليمين ، ولا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن . وهنا يتفق التقنينات الحديد والقديم . ولكنهما يختلفان فيما يأتي : في التقنين القديم إذا بدأ تنفيذ الإيجار ، قدرت الأجرة بمعرفة أهل الخبرة وقدرت المدة بحسب عرف البلد . أما في التقنين الجديد فكل من الأجرة والمدة يجب إثباته بالكتابة أو بالإقرار أو باليمين ، فإذا تعذر الإثبات وجب الرجوع إلى أجرة الثمل وإلى مواعيد دفع الأجرة .

188 149- يكفي في التقنين المدني الجديد إثبات عقد الإيجار نفسه دون إثبات الأجرة أو المدة : ويخلص مما تقدم أن المتعاقدين في التقنين المدني الجديد يقتصران على إثبات أنهما رضيا بإيجار واستئجار عين معينة . وإذا تعذر على أي منهما بعد ذلك إثبات الأجرة أو المدة ، فإن القانون يتكفل كما قدمنا ، بتحديدها ، فيحدد الأجرة بأجرة المثل ، ويحدد المدة بمواعيد دفع الأجرة .

150- الكتابة في إيجار الأراضي الزراعية – إحالة : وقد نصت المادة 36 من قانون الإصلاح الزراعي ، بالنسبة إلى إيجار الأرض الزراعية ، على أنه  “يجب أن يكون عقد الإيجار ثابتاً بالكتابة مهما كانت قيمته ، ويكتب العقد من أصلين يبقى أحدهما مع المالك والآخر مع المستأجر . فإذا لم يوجد عقد مكتوب ، كان الإيجار مزارعة لثلاث سنوات ، نصيب المالك فيها النصف بعد خصم جميع المصروفات “( [155] ) . وإذا كان الظاهر من هذا النص أن الكتابة هنا واجبة للإثبات ، وهذا هو الرأي الذي ساد في الفقه ، إلا أننا نرى أن الكتابة لازمة للانعقاد فيكون عقد إيجار الأرض الزراعية عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بالكتابة . وسنبحث هذه المسألة عند الكلام في إيجار الأراضي الزراعية( [156] ) .


( [1] )  وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل على ( م 756 من المشروع ) يجري على الوجه الآتي :  “يسري على محل الإيجار ما يسري على محل البيع من أحكام ” . ولكن النص حذف في لجنة المراجعة لعدم ضرورته ، واكتفاء بالقواعد العامة ، ( مجموعة الأعمال التحضيرية 64 ص 471 – ص 472 في الهامش ) .

وتنص المادة 535 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي :  “إن الأحكام المختصة بموضوع البيع تطبق مبدئياً على موضوع إيجار الأشياء ” .

( [2] )  الوسيط 1 فقرة 68 .

( [3] )  الوسيط 1 فقرة 213 .

( [4] )  وهذا هو الرأي السائد في الفقه ( أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 362 ص 264 و ص 274 – بلانيول وريبير 10 فقرة 444 ص 572 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2639 ص 815 – سليمان مرقس فقرة 50 ص 76 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 46 ص 68 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 100 .

ويذهب بعض الفقهاء إلى أن المحل إنما يكون للعقد لا للالتزام ، ، وأن محل عقد الإيجار هو تمكين الستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، هو عمل ( منصور مصطفى منصور فقرة 148 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 59 – محمد لبيب شنب فقرة 38 وفقرة 87 – علي البارودي ص 37 – ص 38 – جلال العدوي ص 107 – ص 108 ) – ويبدو أن ما يذهب إليه هؤلاء الفقهاء يقوم على أن للإيجار محلا واحداً ، هو التمكين من الانتفاع بالعين المؤجرة ذاتها لا بالحق المالي الذي للمؤجر على العين المؤجرة . وهذا القول بشقيه محل للنظر : ( 1 ) فليس للإيجار محل واحد ، بل الإيجار بنشئ التزامات متعددة ولكل التزام محل . ( 2 ) والتمكين من الانتفاع هو مجموع التزامات المؤجر إنما يقع على الحق المالي الذي للمؤجر على العين المؤجرة ، فتارة يقع على حق الملكية وهو الغالب فيختلط الحق بالعين ، وطوراً يقع على حقوق أخرى دون حق الملكية . ونحن إذا تكلمنا عن المحل في عقد الإيجار – لا محل عقد الإيجار – فإنما اعتبرنا بأن المحل في كل من التزامات المؤجر يتصل بالشيء المؤجر ، فانتقلنا إلى الشيء المؤجر ذاته وكأنه تجوزا هو المحل على النحو الذي سبق بيانه .

( [5] )  بودري وفال 1 فقرة 160 – ويفرجييه 1 فقرة 54 – جيوار 1 فقرة 33 .

( [6] )  ولو قلنا إن المنتفع إنما يؤجر العين ذاتها لا حق الانتفاع فيها ، وإن المستأجر الأصلي يؤجر العين ذاتها أيضاً لا حقه كمستأجر ، كما يذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ( انظر آنفاً فقرة 102 في الهامش ) ، ثم تبين أن حق المنتفع أو حق المستأجر لا وجود له ، فإن ذلك يحسب هذا الرأي لا يؤثر في صحة الإيجار ، بل يبقى الإيجار صحيحاً ولكنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي .

( [7] )  منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 349 – ص 350 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 60 ص 84 . وانظر عكس ذلك وأن المستأجر يكون بالخيار بين الفسخ أو إنقاص الأجرة إذا كان الهلاك الجزئي جسيماً : الإيجار للمؤلف فقرة 112 – سليمان مرقس فقرة 53 – ص 78 – ص 79 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 42 ص 65 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 101 – ص 102 .

( [8] )  بودري وبارد 1 فقرة 54 – بودري وفال 1 فقرة 161 مكررة – الوسيط 1 فقرة 216 – ويستثنى من ذلك إيجار أموال التركة المستقبلة ، فقد نصت المادة 131/2 على ما يأتي :  “غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاء ، إلا في الأحوال التي نص عليها القانون ” . فإذا أجر شخص أو تعهد بإيجار عين ستؤول إليه في تركة مستقبلة كان عقده باطلا ( نقض فرنسي الدوائر المجتمعة 2 يوليه سنة 1903 داللوز 1903 – 1 – 553 – الوسيط – 1 فقرة 217 ص 383 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 103 ) .

( [9] )  الإيجار للمؤلف فقرة 112 ص 156 – محمد علي إمام فقرة 46 ص 102 – منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 350 .

( [10] )  الإيجار للمؤلف فقرة 112 .

( [11] )  منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 351 .

( [12] ) وفي قضية تعاقدت فيها مصلحة السكك الحديدية مع شخص على أن تترك له منفعة مقاصف ( بوفيهات ) بعض محطاتها في نظير مبلغ معين يدفعه لها وسمي العقد إيجاراً ، ولما انقضت المدة رفعت المصلحة يد المنتفع عن المقاصف فتمسك هذا الأخير بامتداد الإيجار بحكم القانون ، قضت محكمة النقض بأن العقد  “من نوع خاص أشبه بأداء خدمة عامة ” فلا تسري عليه أحكام قانون إيجار الأماكن ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 20 ص 72 ) . وقضت أيضاً بأن تصرف السلطات الإدارية في الأملاك العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا بترخيص ، والترخيص بحكم طبيعته معين الأجل غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله . وإعطاء الترخيص ورفضه وإلغاؤه والرجوع فيه ، كل أولئك أعمال إدارية يحكمها القانون العام . وصدور الترخيص مقابل رسم لا يمكن أن يخرجه عن طبيعته ، ولا يجعله عقد إيجار عادي خاضعاً لأحكام القانون المدني ( نقض مدني 13 نوفمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 159 ص 445 ) . وقضت محكمة النقض كذلك بأنه إذا كان يبين من نصوص العقد محل النزاع الذي رخصت به بلدية الإسكندرية لأحد الأفراد في استغلال كازينو النزهة أنه وإن وصف بأنه عقد إيجار ، إلا أنه تضمن من القيود الواردة على حق المنتفع ما ينافي طبيعة الإيجار ويخرج التعاقد عن نطاقه ، كما تبين من هذه القيود أن البلدية في تعاقدها لم تكن تنشد استغلال محل معد للتجارة ، وإنما تبغي من وراء ذلك أولا وبالذات تحقيق مصلحة عامة ، فإنه لا يصح اعتباره عقد إيجار وارداً على محال تجارية ، بل التزاماً بأداء خدمة عامة . ولا يغير من هذا النظر كون البلدية تقتضي من ذلك جعلا محدداً أو تطلب زيادة على غرار الزيادة العسكرية المقررة بالأوامر الخاصة بذلك ، إذ ليس من شأن ذلك أن يغير م صفة العقد ولا أن يحول المكان المرخص بإشغاله من المنافع العامة إلى محل تجاري . هذا وإن تصرف الإدارة في أملاكها العامة لا يكون إلا على سبيل الترخيص ، وهو مؤقت يبيح للسلطة المرخصة دواماً ولداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه أو الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله . وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام . ولا ولاية للمحاكم في شأنها ولا تخضع للقانون الخاص ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 102 ص 730 – الإسكندرية المختلطة 18 نوفمبر سنة 1944 م 57 ص 10 ) . والمحاكم المختصة هي المحاكم الإدارية دون المحاكم المدنية ، فلا يختص قاضي الأمور المستعجلة بطرد شاغل المكان العام ( نقضي فرنسي أول يوليه سنة 1952 داللوز 195\2 – 595 – 15 يونيه سنة 1954 داللوز 1954 – 586 – الإسكندرية الوطنية مستعجل 16 أكتوبر سنة 1944 المحاماة 26 رقم 102 ص 278 – بلانيول وريبير 10 فقرة 419 ص 543 ) = وإذا أخرج المنتفع قبل انتهاء المدة ، لم يستحق تعويضاً عن النفقات التي صرفها في سبيل الانتفاع بالشيء كنفقات تجهيزه ، إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 41 ص 64 هامش 2 – منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 353 – قارن دي باج 4 فقرة 491 ص 481 هامش 4 ) . لكن إذا زاد في الشيء ، كأن بني وأبقت الجهة المرخصة البناء ، جاز الرجوع عليها بالإثراء بلا سبب .

( [13] )  وكان العقد يكيف قبلا بأنه عقد إيجار مدني ( بودري وفال 1 فقرة 154 – لوران 25 فقرة 64 – محمد كامل مرسي فقرة 45 – الإيجار للمؤلف فقرة 113 – الوسيط 1 فقرة 337 ) . أما الآن فقد تحول الفقه عن هذا الرأي إلى الرأي الذي يذهب إلى أن العقد هو عقد إداري لا عقد إيجار مدني ، ويرتب على ذلك النتائج التي ذكرناها في المتن ( بلانيول وريبير 10 فقرة 419 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2641 – دي باج 4 فقرة 491 . بارتيليمي طبعة 13 ص 480 – فالين طبعة ثانية ص 580 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 44 – سليمان مرقس فقرة 56 ص 82 هامش 2 . عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 41 – محمد علي إمام فقرة 46 ص 104 – منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 352 – ص 353 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 63 – محمد لبيب شنب فقرة 18 ص 21 – ص 22 – ومع ذلك انظر مجلس الدولة الفرنسي 2 ديسمبر سنة 1932 سيريه 1933 – 3 – 97 ويخول للإدارة أن تبرم عقود إيجار في الأحوال التي لا يعطل فيها انتفاع المستأجر بإدارة المال العام وتحقيق الغرض المخصص في هذا المال )؟ .

( [14] )  وفي رأي الذين يقولون بأن الإيجار لا يرد على الحق بل على الشيء المؤجر ذاته ، يكون الإيجار الصادر من صاحب حق الاستعمال وصاحب حق السكنى صحيحاً ، ولكنه لا ينفذ في حق مالك الرقبة ( انظر آنفاً فقرة 38 الهامش ) – ويقربه من عدم قابلية حق الاستعمال وحق السكنى للتعامل لاتصال الحق بشخص صاحبه عدم قابلية حق الارتفاق للتعامل مستقلا عن العقار المرتفق ، فلا يجوز بيع حق الارتفاق ولا إيجاره  مستقبلا ( ديرانتون 17 فقرة 23 – لوران 25 فقرة 62 – بودري وفال 1 فقرة 1 فقرة 122 – بلانيول وريبير 10 فقرة 419 ص 541 – الإيجار للمؤلف فقرة 126 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 46 ص 68 هامش 1 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 105 – عبد المنعم البدراوي ص 4 ) ، وإلا كان العقد باطلان وفي رأي الذين يقولون بأن الإيجار يرد على الشيء ذاته يصح أن يؤجر المالك الذي لعقاره حق ارتفاق بالمرور في ارض الجار الممر الموجود في العقار المرتفق به ، ويكون الإيجار صحيحاً ولكنه لا ينفذ يف حق مالك الأرض المرتفق بها فيستطيع أن يمنع المستأجر من المرور ( منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 347 – ص 348 ) .

( [15] )  الوسيط 1 فقرة 227 .

( [16] )  جيوار 1 فقرة 72 – بودري وفال 1 فقرة 157 – الإيجار للمؤلف فقرة 1133  .

( [17] )  عبد المنعم فرج الصدة فقرة 62 – قارن الإيجار للمؤلف فقرة 113 ص 157 ص 158 – ولا يجوز إيجار مكان لارتكاب جريمة فيه كتزييف نقود ، وذلك لعدم مشروعية السبب .

( [18] )  أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 193 .

( [19] )  بودري وفال 1 فقرة 123 – جيوار 1 فقرة 69 و 2 فقرة 672 – الإيجار للمؤلف فقرة 112  ص 156 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 44 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 100 – ص 101 – منصور مصطفى منصور فقرة 149 – ص 346 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 59 ص 83 – وتنص المادة 534 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه  “لا يجوز عقد الإيجار على شيء يفنى بالاستعمال إلا إذا كان معداً لمجرد الاطلاع والعرض . غير أنه يجوز إيجار أشياء تفقد من قيمتها بالاستعمال ” .

( [20] )  انظر آنفاً فقرة 6 .

( [21] )  وأحكام إيجار هذه الأنواع المختلفة واحدة ، ولا تختلف إلا حيث تقتضي ذلك طبيعة لاشيء ، والى هذا تشير المادة 540 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني إذ تقول :  “إن القواعد القانونية المختصة بإيجار الأموال غير المنقولة التي يشير إليها القانون تنطبق بالقياس وبالقدر الذي تسمح به ماهية الأشياء على أجور الأموال الأخرى غير المنقولة وعلى المنقولات ، ما لم يكن ثمة شرط أو نص قانوني أو عرض مخالف ” .

( [22] )  الوسيط 4 فقرة 11 ص 28 .

( [23] )  وتؤخذ عادة الأراضي التي تخصص للدفن عن طريق الترخيص ، سواء أكان هذا من أراضي الحكومة امم من أراض موقوفة . والحصول على رخصة للدفن هو عقد إداري لا عقد إيجار مدني ، سواء أكانت الرخصة دائمة أم موقتة . ويترتب على ذلك إذا أبطل الترخيص بالدفن في منطقة معينة عادت الأرض إلى الحكومة أو إلى جهة الوقف ( قارن الإيجار للمؤلف فقرة 121 – محمد علي إمام فقرة 45 ص 105 ) .

كذلك الترخيص في إقامة حمامات البحر عقد إداري  لا عقد إيجار مدني ، ويجوز في ياي وقت سحب الرخصة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك ( قارن الإيجار للمؤلف فقرة 122 – استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1900 من 12 ص 229 : ترخيص إداري بشغل كباين الاستحمام . وانظر آنفاً فقرة 106 في الهامش ) .

( [24] )  وقد قضت محكمة النقض بانتفاء مسئولية مالك السفينة متى كان عقد تأجيرها هو مشارطة تأجير موقوت ، ويكون المستأجر هو وشأنه في تعاقد مع الغير ( نقض مدني 2 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 17 ص 135 ) .

( [25] )  ويجوز إيجار الأفلام السينمائية ( استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 23 – 30 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 31 ) .

( [26] )  شرح القانون الدولي المدني ص 281 – ص 282 .

( [27] )  ويجوز إيجار المتاجر والمصانع ( fonds de commerce ) باعتبارها مجموعاً من الأموال ( universalites ) ، وتعتبر في هذه الحالة منقولا ( بلانيول وريبير 10 فقرة 419 – الإيجار للمؤلف فقرة 129 ص 172 ) . ويسمى الإيجار هنا بعقد الإدارة الحرة أو الإدارة التأجيرية ( contrat de gerance liblre,, de gerance – lacation ) ، وبه يستخدم صاحب المتجر مديراً مأجوراً . وإيجار المتجر يعطي للمستأجر الحق في استغلال المتجر لحسابه الخاص في نظير أجر محدد أو أجر نسبي يتقاضاه صاحب المتجر . ومن أهم المسائل التي يثيرها هذا العقد تحديد مسئولية صاحب المتجر نحو الغير الذي يتعاملون مع المستأجر ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2647 – وانظر في هذا الموضوع مقالا للأستاذ Voirin في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1931 ص 285 – ومقالا آخر للأستاذ Raynaud في المجلة الانتقادية سنة 1936 ص 546 – وانظر أيضاً Granger رسالة من باريس سنة 1929 .

( [28] )  ديفرجييه 3 فقرة 64 – جيوار 1 فقرة 68 – بودري وفال 1 فقرة 146 – الإيجار للمؤلف فقرة 126 .

( [29] )  انظر آنفاً فقرة 106 .

( [30] )  انظر آنفاً فقرة 106 في الهامش .

( [31] )  والذين يقولون إن الإيجار لا يرد على الحق بل على الشيء المؤجر ذاته يذهبون إلى أن المستأجر الأصلي إنما يؤجر العين المؤجرة ذاتها للمستأجرين من الباطن ،  لا مجرد حقه كمستأجر ( منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 348 ) .

ويقال عادة إنه يجوز إيجار الدين ، فينتفع المستأجر بأرباحه في مقابل أن يدفع أجرة ثابتة ويستفيد من الفرق المحتمل بين الأرباح والأجرة ( بودري وفال 1 فقرة 146 ) . ويخالف بعض الفقهاء هذا الرأي فيقول بعدم جواز إيجار الديون ، مستنداً إلى أن الدين لا يمكن الانتفاع به قبل أن يسدد ، فإذا سدد لم يعد ديناً ، أما إذا تعاقد شخص مع آخر له دين في ذمة شخص ثالث على أن يتقاضى ذلك الدين من المدين عند حلوله ويرده بعد مدة هو وفوائده فلا يكون هذا العقد إيجاراً ( ترولون 1 فقرة 84 ) ، ويسهل الرد على هذا الاعتراض بأن المراد بإيجار الدين ليس هو قبضه من المدين والانتفاع به ثم رده بعد ذلك مع فوائده إلى الدائن ، وإنما المراد أن ينتفع المستأجر بالدين وهو لا يزال ديناً في ذمة المدين ، وذلك بالاستيلاء على أرباحه وفوائده ودفع أجرة في مقابل ذلك للدائن ، وقد يكون لهذا الأخير فائدة من الإيجار بأن يستولي على أجرة ثابتة مضمونة ويترك للمستأجر أرباح الدين التي قد تكون في بعض الأحيان متغيرة ( الإيجار للمؤلف فقرة 126 ص 169 وهامش 2 – محمد علي إمام فقرة 46 ص 108 ) .

وإيجار الدين على التصور المتقدم يمكن أن يكيف تكييفاً آخر فيقال إن الدائن قد حول فواد الدين المتغيرة في مقابل مبلغ ثابت يدفع على أقساط متساوية ، ويكون العقد حوالة حق لا إيجاراً ( انظر في هذا المعنى منصور مصطفى منصور فقرة 149 ص 348 – ص 349 ) . . على أنه يلاحظ أن تكييف العقد على اعتبار أنه حوالة للفوائد يقتضي ألا يضمن الدائن إلا وجود الحق وقت الحوالة ( م 308/11 مدني ) وألا يضمن يسار المدين ( م 309/1 ) . أما إذا كيف العقد على اعتبار أنه إيجار للدين ، فيبدو أن الدائن يضمن يسار المدين إذ هو ملتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالدين .

( [32] )  ترولون 1 فقرة 94 – ديرانتون 18 فقرة 24 – بودري وفال 1 فقرة 34 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 362 هامش 2 – بلانيول وريبير 10 فقرة 419 – الإيجار للمؤلف فقرة 128 .

ولا يعد إيجار حق الصيد بيعاً للطير الذي يصاد ، وإلا عد كل إيجار بيعاً للثمرات التي تجنى من العين المؤجرة ، هذا إلى أن الطير مال مباح وليس يملكه صاحب العين المؤجرة حتى يبيعه ( تعليق إسمان في سيريه 93 – 1 – 185 ) – ويرى الأستاذ إسمان ففي هذا التعليق أن ما يدعي بإيجار حق الصيد – كما في إيجار كل حق يعطي المستأجر الانتفاع بالعين لغرض معين – إنما هو دين ( creance ) يلتزم بموجبه صاحب الأرض بأن يمكن المتعاقد معه من عمل معين في أرضه وه الصيد . وليس هذا العقد بإيجار ، وإلا لو سمح لصاحب الأرض ا يجزئ حقوقه في الأرض هذه التجزئة فيؤجر كل حق على انفراده ، لترتب على ذلك انقسام حق الملكية بحس رغبة المالك وهذا ما تحظره المادة 686 من التقنين المدني الفرنسي . ويجيب الأستاذان بودري وفال على هذا الاعتراض بأن تجزئة حق الملكية الممنوعة هي تجزئتها إلى حقوق عينية ، أما الإيجار فلا يعطي إلا حقاً شخصياً ( بودري وفال 1 فقرة 34 – الإيجار للمؤلف فقرة 128 ص 170 هامش 1 ) . ولا نرى أن هذا رد على الاعتراض ، فالإيجار الذي لا يعطي إلا حقاً شخصياً هو نسه يرد على حق ، وهذا الحق الأخير هو الذي قصد إسمان أن الملكية تتجزأ إليه ولم يقصد حق المستأجر الشخصي . والصحيح في رأينا أن حق الاستعمال – قد يعطي للمستأجر كاملا وهذا هو الإيجار العادي ، وقد يعطي له منه بعض مكناته دون بعض ، فتؤجر الأرض مثلا لغرض محدود . وليس في هذا تجزئة لحق الملكية ، بل هي مكنات مختلفة يشتمل عليها حق الاستعمال ويكون كلها أو بعضها محلا للإيجار .

( [33] )  جيوار 1 فقرة 286 بودري وفال 1 فقرة 785 . .

( [34] )  ديفرجييه 1 فقرة 73 – لوران 25 فقرة 172 .

( [35] )  ديرانتون 4 فقرة 286 .

( [36] )  وفي هذه الحالة لا يجوز له أن يصطاد بنفسه أو أن يسمح لأحد آخر بالصيد ، لأن هذا الحق قد أجره ونزل بذلك عن حق الانتفاع به . أما إذا سمح مالك الأرض بالصيد فيها لآخر ولو بمقابل ، فهذا السماح لا يعتبر إيجاراً بل عقداً غير مسمى تعهد فيه صاحب الأرض بألا يمنع المتعاقد الآخر من الصيد في ارضه ، وهذا العقد غير المسموح لا يمنع صاحب الأرض نفسه من الصيد في أرضه ، ولا يمنعه أيضاً من السماح لأشخاص آخرين بالصيد بخلاف عقد الإيجار الذي تقدم ذكره .

( [37] )  ويجوز له في هذه الحالة أن يشترط على المستأجر أن يترك له حق الانتفاع بجناح في العين المؤجرة ينزل فيه وقت الصيد .

( [38] )  ترولون 1 فقرة 163 – جيوار 1 فقرة 286 – بودري وفال 1 فقرة 792 .

( [39] )  ديفرجييه 1 فقرة 75 – لوران 25 فقرة 173 .

( [40] )  ويجوز أيضاً إيجار حق المرور ، وليس المراد بذلك إنشاء حق ارتفاق ، بل مجرد إعطاء شخص معين الحق في المرور في ملك شخص آخر ، وهو حق شخصي لا عيني . ويعد إيجارا الترخيص الصادر من شركة سكة حديدية لشركة أخرى في أن تستعمل خطوطها الحديدية لمرور عربات الشركة المستأجرة ( الإيجار للمؤلف فقرة  130 – محمد علي إمام فقرة 46 ص 107 ) .

ويجوز إيجار احتكار البيع في المحلات العامة كالمقاهي والملاعب ، أو إيجار البيع في هذه المحلات دون احتكار ، وإيجار احتكار تاجر نشر إعلانات أو عرض بضائعه في فندق أو في محل عام آخر ( الإيجار للمؤلف فقرة 130 ) . ويجوز إيجار حق إقامة مقصف في محطة أو مقهى أو دار للتمثيل أو السينما ، وكذلك إيجار امتياز إصدار صحيفة أو مجلة ( محمد علي إمام فقرة 46 ص 108 ) .

( [41] )  الإيجار للمؤلف فقرة 127 .

( [42] )  بودري وفال 1 فقرة 11 – ويقول أصحاب هذا الرأي إنه يجز إيجار حق المخترع طول مدة بقائه ، بشرط ألا يستغرق الإيجار جميع حقوق المخترع بل ينتصر على بعض منها ، أو إذا استغرق الإيجار جميع حقوق المخترع فيجب أن يكون مقصوراً على استغلال هذا الاختراع في جهة معينة دون أخرى . وخلاصة القول أن المخترع إذا نزل عن حقه نزولا مطلقاً عد هذا بيعاً ، وإذا كان النزول مقيداً من حيث الحقوق التي تستغل ، أو من حيث المكان الذي يحصل فيه الاستغلال ، أو من حيث المدة التي يكون فيها الاستغلال ، فإنه يعد إيجاراً لا بيعاً ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 46 ص 69 هامش 1 – محمد علي إمام فقرة 46 ص 108 – عبد الحي حجازي فقرة 25 – فقرة 27 ) .

( [43] )  وكأن يبيع مؤلف مسرحية حق تمثيلها ، أو منتج فلم سينمائي حق عرضه ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2646 ) .

( [44] )  وقد لا تكون هذه الأسباب وحدها كافية لتبرير ضرورة توقيت الإيجار ، إذ يمكن تصور الإيجار عقداً دائماً ولا نحتاج فيه إلى مقياس المنفعة بالمدة إلا عند تحديد مواعيد دفع الأجرة . لذلك يضاف إلى الأسباب التي تقدم ذكرها أن المشرع لم يرد أن يفصل منفعة العين عن ملكيتها بصفة مؤبدة ، وإلا تفتت الملكية وقلت العناية بالمال المؤجر بعد توزيع المسئولية بين المؤجر والمستأجر فيعتمد كل منهما على الآخر ( سليمان مرقس فقرة 76 ص 122 ) . ولذلك عندما صاغ المشرع حق الانتفاع وفصله عن الرقبة ، جعله حقاً غير دائمي ينقضي حتما بموت المنتفع . وهذا إلى أن الإيجار ينشئ التزامات شخصية ، والالتزام الشخصي لا يصح أن يكون أبدياً ( محمد علي إمام فقرة 49 ص 116 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 69 ) .

على أن هناك عقوداً شبه دائمية تقرب من عقد الإيجار ، هي عقد الحكر ( وجعلت أقصى مدة له في التقنين المدني الجديد ستين سنة ) وعقد الإجارتين وعقد خلو الانتفاع ، وسيأتي الكلام فيها .

( [45] )  أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 367 ص 188 .

( [46] )  استثناء من ذلك جعل قانون الإصلاح الزراعي ( م 35 ) أدنى مدة لإيجار الأراضي الزراعية ثلاث سنوات ؛ ونص ، هو وقانون إيجار الأماكن ، على امتداد عقود الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدتها . وسيأتي الكلام في ذلك .

( [47] )  انظر في هذا المعنى التقنين المدني الألماني ( م 567 )   وهو يورد نس الأحكام ، وكذلك التقنين المدني العراقي ( م 740 ) . ويعين التقنين المدني الإيطالي ( م 1571 ) حداً أقصى لمدة الإيجار ثلاثين سنة ، فإذا زادت المدة على هذا الحد أنقصت إلى ثلاثين سنة ، وفي إيجار منازل السكن يجوز أن يكون الإيجار لمدة حياة المستأجر ولسنتين أيضاً بعد موته ، ولو امتد الإيجار إلى أكثر من ثلاثين سنة بشرط ألا تزيد المدة على المائة . ويشترط التقنين المدني الياباني الإيجار ( م 604 ) ألا تزيد مدة إيجار على عشرين سنة وإلا أنقصت إلى هذا الحد ، ويجوز تجديد الإيجار بشرط ألا تجاوز مدة التجديد عشرين سنة .

( [48] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 481 في الهامش .

( [49] )  ولا يوجد نص في التقنين المدني الفرنسي يضع حداً أقصى لمدة الإيجار ، ولكن قوانين الثورة ( قوانين 18 – 39 ديسمبر سنة 1790 م1 ) وقانون 25 يوليه سنة 190222 حرمت عقد الأمفتيوز المؤبد ، وكذل كعقود الإيجار المؤبدة حرمت هي أيضاً منذ عهد الثورة ( decreet du 2 praidal an II ) ، وجعل الحد الاقصى لعقد الأمفتيوز تسعاً وتسعين سنة على ألا يجاوز  أجيالا ثلاثة . فنقل القضاء والفقه  في فرنسا هذا الحد الأقصى عن عقد الأمفتيوز إلى عقد الإيجار (  نقض فرنسي دوائر مجتمعة 24 نوفمبر سنة 1837 سيريه 1837 – 1 – 954 – بلانيول وريبير 10 فقرة 447 ) .

( [50] )  استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 45 – استئناف وطني 21 يناير سنة 1924 المحاماة 4 ص 441 – بني سويف الكلية أول يونيه سنة 1925 المحاماة 6 ص 731 – ويصح أن يتفق المتعاقدان على مدة لا تكون محددة بل تكون قابلة للتحديد ، وقد أقرت محكمة النقض تحديد مدة إيجار مطحن بمدة قيام نظام التموين الذي كان معمولا به وق إبرام عقد إيجار المطحن ( نقض مدني 24 يناير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 11 ص 98 ) .

( [51] )  استئناف مختلط 10 يناير سنة 1878 المجموعة الرسمية المختلطة 3 ص 55 – والعادة أن تكون مدة الإيجار متصلة ، ولكن لا يوجد ما يمنع من أن تكون غير متصلة ، كما إذا استأجر شخص منزلا للمصيف مدة موسمين مع ترك المنزل للمؤجر في المدة التي تتخلل الموسمين ( سليمان مرقس فقرة 76 ص 122 هامش 1 ) ، وكما إذا أوجر ملعب كرة في يوم واحد معين من أيام الأسبوع طول الموسم ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 68 ص 107 هامش 1 ) ، وكما إذا أجر شخص كشكاً في مصيف النصف الأول من اليوم لمدة الصيف ( الإيجار للمؤلف فقرة 146 ص 194 هامش 3 ) .

( [52] )  انظر في هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 69 – سليمان مرقس فقرة 76 ص 124 – منصور مصطفى منصور فقرة 155 ص 375 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 70 ص 96 – عبد المنعم البدراوي ص 7 – وهناك رأي في الفقه المصري يذهب إلى أنه لا يوجد حد أقصى لمدة الإيجار ، فلا يتقيد القاضي لا بمدة الستين سنة قياساً على الحكر ولا بأية مدة أخرى ولو كانت أعلى من ستين سنة  ، وكل ما يتقيد به هو ألا يكون الإيجار مؤبداً ( محمد كامل مرسي فقرة 66 – محمد على إمام فقرة 49 ص 117 – ص 118 ) . وكان هذا هو الحكم في عهد التقنيني المدني القديم ، إذ لم يضع هذا التقنين حداً أقصى لمدة الإيجار ( الإيجار للمؤلف فقرة 146 – جرانمولان في العقود فقرة 313 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 35 – استئناف وطني 21 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 342 ص 441 – بني سويف الكلية أول يونيه سنة 1925 المحاماة 6 ص 731 ) . ويذهب رأي إلى أن الحد الأقصى لمدة الإيجار هو ستون سنة قياساً على الحكر ، فإذا لم تجاوز مدة الإيجار هذا الحد الأقصى لم يجز للقاضي تخفيضها ( محمد لبيب شنب فقرة 63 ص 82 – ص 83 ) .

( [53] )  وقد كانت المادة 760/2 من المشروع التمهيدي تقضي بأنه لا يجوز لأحد من المتعاقدين أن ينهي الإيجار إذا كان قد عقد لمدة حياة المؤجر أو المستأجر ، حتى لو امتد المدة تزيد على ثلاثين سنة . فهذا النص كان يبيح أن تجاوز مدة الإيجار الحد الأقصى في حالات معينة ، وإذ حذف لم يعد يصح أن تجاوز مدة الإيجار الحد الأقصى في أية حال .

( [54] )  بورسعيد الكلية 8 نوفمبر سنة 1959 المحاماة 41 رقم 358 ص 691 – بودري وفال 1 فقرة 1210 – بلانيول وريبير 10 فقرة 448 – أما الإيجار الوراثي ( bail hereditaire ) وهو الإيجار الذي ينتقل من المستأجر إلى ورثته الذكور ثم إلى الورثة الذكور لهؤلاء وهكذا ما بقي هناك وارث ذكر ، فينطوي على معنى التأييد ، ولا يجوز ( بودري وفال 1 فقرة 1202 – ديفرجييه 1 فقرة 202 – جيوار 1 فقرة 39 – هيك 10 فقرة 270 – انظر عكس ذلك وأن الإيجار يكون مؤقتاً فيجوز : نقض فرنسي الدوائر المجتمعة 24 سنة1837 سيريه 37 – 1 – 954 – ترولون 1 فقرة 4 ) .

( [55] )  بودري وفال 1 فقرة 1210 – بلانيول وريبير 10 فقرة 448 .

( [56] )  بودري وفال 1 فقرة 1207 .

( [57] )  ولا يقال إن الشرط إرادي محض فلا يجوز ، ذلك أنه شرط فاسخ ، والشرط الإرادي المحض الذي لا يجوز هو الشرط الواقف ( بودري وفال 1 فقرة 1211 ) .

( [58] )  تولبيه 6 فقرة 497 – جيوار 1 فقرة 40 وفقرة 408 – ديفرجييه 1 فقرة 517 – لوران 25 فقرة 39 – هيك 10 قرة 270 . بودري وفال 1 فقرة 1211 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 369 هامش 16 – بلانيول وريبير 10 فقرة 448 – وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 760 من المشروع التمهيدي كانت تنص على ما يأتي :  “وإذا نص في الإيجار أنه يبقى ما بقي المستأجر يدفع الأجرة ، فيعتبر أنه قد عقد لمدة حياة المستأجر ” انظر آنفاً فقرة 115 ) . وانظر أيضاً نفس النص في الفقرة الثانية من المادة 740 مدني عراقي – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العقد الذي يشترط فيه أن الإيجار يكون نافذاً مادام المستأجر يدفع الأجرة بانتظام لا يمكن أن يعتبر عقداً لم تبين فيه المدة ، بل يجب أن يبقى نافذاً ما دام المستأجر حياً ويدفع الأجرة ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1884 المجموعة الرسمية المختلطة 9 ص 99 ) . وقضت محكمة جرجا بأن هذا الشرط يقع صحيحاً ، ويكون أقصى مدة الإجارة مدة حياة المستأجر ( درجا 11 فبراير سن 1929 المحاماة 9 رقم 435 ص 569 ) . وقضت محكمة استئناف باريس بأنه إذا تعهد المالك كتابة للمستأجر منه أن يبقيه في العين المؤجرة إلى المدة التي يشاؤها ، كان للمستأجر الحق في البقاء في العين المؤجرة إلى مدة لا تنتهي إلا بمشيئته أو بموته ، ولا يجوز للمالك إخراجه من العين المؤجرة قسرا ( باريس 15 فبراير سنة 1924 المحاماة 4 ص 887 ) . محمد لبيب شنب فقرة 62 ( ومع ذلك انظر فقرة 65 ص 86 ) – الإيجار للمؤلف فقرة 146 ص 194 هامش 2 .

ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر يرجع إلى نية المتعاقدين ، فإذا ظهر أن نيتهم قد انصرفت إلى انتقال رخصة الإبقاء على الإيجار إلى الورثة ، جاز ذلك بحيث لا يجاوز مجموع مدة الإيجار الحد الأقصى ( ستين سنة ) ، ويقع عبء الإثبات على الورثة فعليهم أن يثبتوا أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى انتقال الرخصة إليهم . أما إذا لم تكن النية قد انصرفت إلى انتقال الرخصة إلى الورثة ، فيبقى الإيجار ما بقي المستأجر أو المؤجر حياً بحيث لا تجاوز مدته ستين سنة ، فإن بقي حياً بعد انقضاء هذه المدة كان لأي من المتعاقدين طلب إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المقررة قانوناً ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 71 – منصور مصطفى منصور فقرة 155 ص 377 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 71 ص 100 ) .

وهناك رأي ثالث يذهب إلى أن العقد  لا يعتبر في هذا الحالة إيجاراً لمدة حياة المستأجر أو حياة المؤجر ، بل هو إيجار لمدة غير معينة ، لأن جعل نهاية مدته منوطة بمحض مشيئة المستأجر أو المؤجر دون أي ضابط آخر يجعل هذه المدة غير محددة بحق معين ( جيوار 1 فقرة 50 ص 122 – عبد المنعم البدراوي ص 8 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن عقد الإيجار الذي لم تحدد له مدة معينة ، بل نص فيه على أن يبقى سارياً مادام المستأجر قائماً بدفع الأجرة يعتبر منعقداً لمدة  سنة أو ستة أشهر الخ بحسب مواعيد دفع الأجرة ، وينتهي الإيجار بانقضاء هذه المدة إذا حصل تنبيه بالإخلاء في الميعاد القانوني ( استئناف مختلط 111118 يونيه سنة 1891 م 3 ص 404 – وانظر أيضاً استئناف مختلط 27 مارس سنة 1902 م 14 ص 228 ) .

وهذا كله بخلال الأجرة ، فلا يصح ترك تحديدها لأحد المتعاقدين كما سنرى . ذلك أن ترك زمام المدة في يد أحد المتعاقدين لا يخشى منه بقدر ما يخشى من ترك تحديد الأجرة في يد أحدهما .

( [59] ) بودري وفال 1 فقرة 1216 وفقرة 1219 مكررة – ومثل ذلك أيضاً أن يجعل الإيجار لمدة معينة يستطيع المستأجر وحده ، أو المؤجر وحده ، أن يحدد الإيجار بعد انقضائها ( بودري وفال 1 فقرة  1219 مكررة ) . ولكن إذا كان حق التجديد ينتقل إلى الورثة دون تحديد ، فالإيجار يكون مؤبداً ( بلانيول وريبير 10 فقرة 248 ) .

( [60] )  بودري وفال 1 فقرة 1206 – بلانيول وريبير 10 فقرة 448 – الإيجار للمؤلف فقرة 148 – الإيجار للمؤلف فقرة 148 ص 196 ص 196 هامش 4 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 68 ص 107 هامش 2 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 69 – محمد لبيب شنب فقرة 62 ص 79 – انظر عكس ذلك ووان الإيجار يكون موقتاً ويدوم طول حياة المستأجر أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 369 هامش 16 .

( [61] )  بودري وفال 1 فقرة 1208 – بلانيول وريبير 10 فقرة 447 – كولان وكابينال ودي لامور اندير 2 فقرة 646 – نقض فرنسي 20 مارس سنة 1929 داللوز 1930 – 1- 13 – ليون الاستئنافية 29 نوفمبر سنة 1949 داللوز 1950 – 113 .

( [62] )  ديرانتون 4 فقرة 87 – ترولون 1 فقرة 55 – جيوار 1 فقرة 36 وفقرة 39 بيدان 11 فقرة 474 .

( [63] )  أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 198 – جرينويل الاستئنافية 111 مايو سنة 1897 داللوز 98 – 2- 248 .

( [64] )  أما في فرنسا فالأمفتيوز المؤبد ، الذي يقاس عليه الإيجار المؤبد ، يكون باطلا ، فيكون الإيجار المؤبد باطلا مثله .

( [65] )  انظر في ذلك سليمان مرقس فقرة 78 ص 127 – ص 128 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 70 – منصور مصطفى منصور فقرة 155 ص 375 – ص 376 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 70 ص 97 – ص 98 – ويوجد إلى جانب هذا الرأي السائد في مصر رأي يذهب إلى أن الإيجار المؤبد يكون باطلا ، ولا يقتصر الأمر على إنقاص مدته ( محمد كامل مرسي فقرة 66 – محمد علي إمام فقرة 49 ص 118 – عبد المنعم البدراوي 8 ) . وقد كان هذا الرأي الأخير هو الرأي الراجح في عهد التقنين المدني القديم : الإيجار للمؤلف فقرة 148 – استئناف مصر 21 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 342 ص 441 – بني سويف الكلية أول يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 445 ص 731 . ومع ذلك قارن استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 61 .

( [66] )  ونرى أنه يحسن الوقوف عند هذا الحد ، ولا حاجة إلى الاستناد إلى نظرية إنقاص العقد كما يقول بذلك بعض الفقهاء ( سليمان مرقس فقرة 78 ص 126 – ص 127 – منصور مصطفى منصور فقرة 155 ص 375 – ص 376 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 70 ص 97 – ص 98 محمد لبيب شنب فقرة 64 ص 82 ) ، ولا إلى الاستناد إلى نظرية تحول العقد كما يقول بعض آخر ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 70 ) .

فمن يستند إلى نظرية إنقاص العقد يتمسك بنص المادة 143 مدني ، وهي تقضي بأنه إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله . ولا نرى ضرورة للتمسك بهذه النظرية هنا ، فإنها تفترض أن العقد من شقين أحدهما صحيح والآخر باطل أو قابل للإبطال ، وهذا يسوق إلى تجزئة الإيجار المؤبد إلى شقين ، ما يقف عند حد التوقيت وما يزيد على هذا الحد ، وهي تجزئة غير ظاهرة الوضوح . والأولى عدم الاستناد إلى نظرية إنقاص العقد استناداً مباشراً ، بل يشار إليها للاستئناس فحسب . وعلى كل حال فمن يتمسك بنظرية إنقاص العقد ليس في حاجة إلى تكملتها بنظرية الغلط ، فإن نظرية إنقاص العقد وحدها كافية إذ تقول بإبطال العقد كله إذا تبين أنه ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا 0قارن سليمان مرقس فقرة 78 ص 128 ) .

ومن يستند إلى نظرية تحول العقد يقول إذا وضح من الظروف أن المتعاقدين اللذين قصدا أن يستمر الإيجار إلى الأبد أو لمدة تزيد على الحد القانوني كانا يرتضيان أيضاً إبرام الإيجار في حدود المدة القانونية لو علما ببطلان الإيجار الذي عقداه فعلا ، ففي هذه الحالة يتحول الإيجار المؤبد الباطل إلى إيجار موقت صحيح مدته هي الحد الأقصى . ويلاحظ على هذا القول أن أحد شروط نظرية تحول العقد أن يتضمن التصرف الباطل جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول إليه دون أن يضاف إلى هذا التصرف الباطل جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول إليه دون أن يضاف إلى هذا التصرف الآخر عنصر جديد ( الوسيط 1 فقرة 307 ص 501 ) . لذلك يبدو أن نظرية تحول العقد لا تنطبق في حالتنا هذه ، فإن الإيجار المؤبد حذف منه عنصر التأييد وأضيف إليه عنصر جديد هو الحد الأقصى لمدة الإيجار ، فاختل بذل شرط من الشروط التي لا تنطبق النظرية بدونها . ولا يجدي في نظرنا أن يقال إن المدة المؤبدة تشمل بذاتها مدة محدودة ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 70 ص 111 هامش 3 ) ، ففي هذا القول ستر للحقيقة الواقعة من أن عنصر التأييد قد حذف وحل محله عنصر جديد هو عنصر التوقيت . لذلك لا يتحول العقد الباطل إلى عقد صحيح  من نفس النوع ، بل إلى عقد صحيح من نوع آخر . فلا يتحول البيع الباطل إلى بيع صحيح ولا الإيجار الباطل إلى إيجار صحيح ، لأن التحول لا يتم في هذه الحالة إلا بحذف عنصر موجود أو بإضافة عنصر جديد ، وفي هذا إخلال بأحد شروط نظرية تحول العقد . ولو بقيت عناصر العقد الباطل كما هي دون حذف أو إضافة ، لما أمكن أن يتحول هذا العقد الباطل إلى عقد صحيح من نفس نوعه ، لأن العناصر الموجودة فيه جعلته باطلا ، وهي هي لا تزال موجودة دون حذف أو إضافة ، فكيف يبقى محتفظاً بنوعه ويتحول مع ذلك إلى عقد صحيح!

( [67] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 761 من المروع التمهيدي على وجه مقارب لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وأقرته لجنة المراجعة مع تحويرات لفظية فصار مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 592 في المشروع النهائي . وأقره مجلس النواب تحت رقم 591 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 563 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 478 – ص 484 ) .

( [68] )  التقنين المدني القديم م 383/468 : إذا حصل الإيجار بغير تعيين مدة ، فيعتبر أنه حاصل لمدة سنة أو ستة أشهر أو شهر حسبالمقرر في مواعيد دفع الأجرة إن كان في كل سنة أو كل ستة أشهر أو كل شهر . وينقطع الإيجار بانقطاع إحدى هذه المدد إذا طلب ذلك أحد المتعاقدين وأخيرا الآخر منهما في المواعيد الآتي بيانها : بالنسبة للبيوت والحوانيت والمكاتب والمخازن يكون الاخبار بثلاثة أشهر مقدماً إذا كانت مدة الإيجار تزيد عليها ، وإما إن كان الإيجار لثلاث أشهر فأقل فيكون الإخبار مقدماً بنصف المدة . وبالنسبة للأود يكون الإخبار بشهر مقدماً . وفي أراضي الزراعة ونحوها يكون الإخبار مقدماً بستة أشهر بالأقل مع حفظ حق المستأجر في المحصولات على حسب العرف الجاري .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد مقارنة التقنين المدني القديم بالتقنين المدني الجديد :  “قارن م 383 / 468 من التقنين الحالي ( القديم ) فيميز بين الفرضين ، فيتفق مع لامشروع في الفرض الأول مع اختلاف في مواعيد التنبيه بالإخلاء كما تقدم . ويجعل المدةفي الفرض الثاني تعيين بحسب عرف البلد : م 363 فقرة ثانية / 445 فقرة ثانية ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 182 ) – انظر في مواعيد التنبيه بالإخلاء في التقنين المدني القديم الإيجار للمؤلف فقرة 454 – فقر 455 – وانظر في أن مواعيد التنبيه فيما لم يحدد له التقنين المدني القديم ميعاداً تكون بحسب العرف : استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 87 – 14 أبريل سنة 1898 م 10 ص 248 – 27 مارس سنة 1902 م 14 ص 228 – 9 مايو سنة 1902 م 12 ص 242 – وفي ميعاد التنبيه بالنسبة إلى مكان استؤجر لصنع الحقائب ( الشنط ) : استئناف مختلط 13 مايو سنة 1936 م 48 ص 267 .

( [69] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى  :

التقنين المدني السوري م 531/ إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة ، اعتبر الإيجار للمدة التي دفعت أو حددت عنها الأجرة ، وتنتهي بانقضاء هذه المدة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء قبل نصفها الأخير ، مع مراعاة الأحكام التالية : ( 1 ) في الأراضي الزراعية تعتبر مدة الإيجار لسنة زراعية على الأقل ، ويكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقاً للعرف . ( ب ) في المنازل والدكاكين والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك ، تعتبر مدة الإيجار لسنة واحدة على الأقل ويكون التنبيه قل انتهائها بثلاث أشهر . ( جـ ) في المساكن والغرف المفروشة تعتبر  مدة الإيجار شهراً واحداً على الأقل . ( والفروق واضحة بين التقنين السوري والتقنين المصري في المواعيد ) .

التقنين المدني الليبي م 562 : إذا لم يحدد الأطراف مدة للإيجار ، عد الإيجار منعقداً للفترات التالية : ( أ ) في المنازل غير المفروشة وفي المحال المعدة لمزاولة مهنة أو تجارة أو صناعة ، لمدة سنة مع مراعاة العرف المحلي . ( ب ) في المساكن والغرف المؤثثة ، للفترة المبينة لدفع الأجرة . ( جـ ) في الأشياء المنقولة ، للمدة المعنية لدفع الأجرة . ( د ) في الأثاث الذي يقدمه المؤجر لتأثيث المحل الكائن في المدن ، للمدة المعينة لإيجار المحل نفسه . ( والفروق واضحة بين التقنين الليبي والتقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 741 ( مطابقة للمادة 563 من التقنين المصري : انظر عباس حسن الصراف فقرة 822 – فقرة 824 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني  م 591 : إذا لم يعين الأجل ، عدت الإجارة معقودة لمدة سنة أو ستة أشهر أو شهر أو أسبوع أو يوم حسبما يكون البدل معيناً لسنة أو نصف سنة أو لشهر الخ . . . وينتهي عقد الإيجار بحلول أحد هذه الآجال بدون حاجة إلى طلب التخلية ما لم يكن هناك عرف مخالف . ( وتتفق أحكام التقنين اللبناني مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين اللبناني لا يتطلب لإنهاء الإيجار تنبيهاً بالتخلية في ميعاد معين ) .

( [70] )  قارن سليمان مرقس فقرة 81 .

( [71] )  وفي جميع هذه الأحوال حددت مدة الإيجار بميعاد دفع الأجرة كحد أدنى ، ذلك أن المتعاقدين إذا اتفقا على أن الأجرة تدفع كل شهر مثلا فالمفروض أنهما قصدا أن الإيجار يدوم على الأقل المدة التي تستحق فيها الأجرة مرة واحدة ، ولا يتصور أنهما قصدا مدة أقل من ذلك إذ المفروض أن الأجرة تدفع مرة واحدة على الأقل ( انظر الإيجار للمؤلف فقرة 451 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 74 – قارن : استئناف مختلط 18 يونيه سنة1891 م 3 ص 404 – 27 ماس سنة 1902 م 14 ص 228 ) .

وإذا سكت المتعاقدان عن كل من الأجرة والمدة ، وجب الرجوع أولا إلى أجرة المثل ، والرجوع إلى أجرة المثل يبين ميعاد دفعها بحسب العرف ، ثم تحدد المدة بعد ذلك بميعاد دفع الأجرة . فإذا أجر شخص أرضاً زراعية لآخر دون تحديد لا للأجرة ولا للمدة ، فإن الأجرة تكون هي أجرة مثل هذه الأرض ، وتدفع أجرة المثل هذه كل سنة كما يقضي العرف عادة في الأراضي الزراعية ، فتكون المدة هي سنة على الأقل ، ويجوز أن تمتد ( انظر في هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 75 – سليمان مرقس فقرة 262 ص 484 هامش 1 – محمد علي إمام فقرة 52 ص 126 – عبد المنعم البدراوي ص 10 – منصور مصطفى منصور فقرة 155 ص 379 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 71 ص 101 – قارن الإيجار للمؤلف فقرة 452 ) .

( [72] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 482 .

( [73] )  أما التقنين المدني الفرنسي فيقضي في المادة 1736 بأن الإيجار غير معين المدة ينتهي بالتنبيه بالإخلاء في الميعاد الذي يعينه العرف . فهو لا يجعل المدة على فترات هي فترات دفع الأجرة كما يفعل التقنين المصري ، بل يجعل الإيجار سارياً إلى حين التنبيه بالإخلاء في الميعاد الذي يعينه العرف ، ويكون هذا الميعاد هو أدنى مدة للإيجار غير معين المدة ، ويطول بمقدار المدة التي تنقضي قبل التنبيه بالإخلاء .

( [74] )  وإذا كان ميعاد دفع الأجرة ساعة واحدة كما يحدث في إيجار الدراجات ، فالغالب أن يكون المتعاقدان قد قصدا أن ينتهي الإيجار بانقضاء الساعة ، إلا إذا تجدد تجدداً ضمنياً ساعة أخرى فثالثة فرابعة وهكذا إلى أن يحصل التنبيه في ميعاد نصف صناعة .

( [75] )  ومحل بقاء الإيجار إلى نضج المحصول ونقله بحسب عرف الجهة أن المستأجر يكون قد بدأ الزراعة بحسب العرف ، وأن يقوم بنقلها بالوسائل وفي الوقت الذي يقضي به العرف ، فإن خرج على العرف لم يمتد إلا إلى نهاية المدة ( استئناف مختلط 22 يونيه سنة 1920 جازيت 11 ص 5 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 76 ص 120 هامش 1 – محمد علي إمام فقرة 53 ص 129 ) .

( [76] )  سليمان مرقس فقرة 81 ص 132 .

( [77] )  بودري وفال 1 فقرة 1238 وفقرة 1246 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 837 .

( [78] )  بودري وفال 1 فقرة 1251 – وإذا لم يحصل التنبيه بالإخلاء الصادر من المستأجر في ميعاده ، ومع ذلك أخلى المستأجر العين ، وأجرها المؤجر لمستأجر آخر ، لم يكن المستأجر الأول مسئولا عن الأجرة من وقت إيجار العين للمستأجر الثاني ( بودري وفال 1 فقرة 1257 ) .

والعبرة ليست باليوم الذي صدر فيه التنبيه بالإخلاء ، بل باليوم الذي وصل فيه هذا التنبيه إلى علم الطرف الآخر . ويكفي أن يصل التنبيه إلى محل إقامة هذا الطرف ولو لم يتسلمه بالفعل ما دامت كل الاحتياطات اللازمة قد اتخذت لتسليم التنبيه إليه ( بودري وفال 1 فقرة 1249 – السين 19 فبراير سن 1907 داللوز 1907 – 5 – 45 ) . ويجب ألا يتأخر التنبيه عن اليوم السابق لبدء الميعاد المقرر لهذا التنبيه ( هيك 10 فقرة 332 – بودري وفال 1 فقرة 1249 ) ، حتى لو كان التأخر لقوة قاهرة فإنه إذا صح أن من وجه التنبيه لا ذنب له إذا كان التأخر في وصوله راجعاً  إلى  قوة قاهرة ، فإن من وجه إليه التنبيه لا ذنب له أيضاً في عدم تلقيه التنبيه في الميعاد القانوني ، ومن حقه أن يطمئن إلى مركزه بعد أن مضى الميعاد ولم يتلق التنبيه ( بودري وفال 1 فقرة 1251 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 296 ص 457 ) . وهناك رأي يقول بنفاذ التنبيه إذا كان التأخر ناشئاً عن قوة قاهرة ( هيك 10 فقرة 332 وفقرة 452 – جيوار 1 فقرة 436 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 838 – باريس 29 أبريل سنة 1872 داللوز 73 – 2- 145 ) .

( [79] )  استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1922 – جازت 2 رقم 311 ص 181 – السين الفرنسية 20 أكتوبر سنة 1871 سيريه 81 – 2- 184 – كولومبييه الفرنسية 14 نوفمبر سنة 1924 داللوز 1926 – 2- 63 – جيوار 1 فقرة 435 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 369 ص 575 .

( [80] )  محكمة الصلح بباريس 15 يونيه سنة 1893 الباندكت 94 – 2 – 78 – ديفرجييه 2 فقرة 66 – ترولون 1 فقرة 419 – بودري وفال 1 فقرة 1250 – بلانيول وريبير 10 فقرة 632 ص 913 .

( [81] )  قارن عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 297 – سليمان مرقس فقرة 266 – منصور مصطفى منصور فقرة 2232 ص 593 – ص 594 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة  227 ص 303 وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 457 .

( [82] )  بودري وفال 1 فقرة 832 وفقرة 839 – بلانيول وريبير 10 فقرة 468 – استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1931 م 43 ص 229 .

( [83] )  ونرى من ذلك أن الأجرة من حيث أنها ركن في عقد الإيجار تختلف عن الثمن في عقد البيع ، فإن الثمن إذا لم يحدده المتعاقدان أو يجعلاه على الأقل قابلا للتحديد كان البيع باطلا ( الإيجار للمؤلف فقرة 132 ) .

( [84] ) سليمان مرقس فقرة 84 ص 137 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ص 105 – محمد علي إمام فقرة 48 ص 112 – ص 113 – عبد المنعم البدراوي ص 6 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 92 – منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 358 وهامش 2 ( ويقرر أن المتعاقدين قد لا يستطيعان الاتفاق على الأجرة ، فإذا اتفقا على التعاقد بالغرم من ذلك فقد تركا الأجرة يحددها القانون باجرة المثل ، وإذا تركا تعيين الأجرة للاتفاق عليه فيما بعد فلا بد من هذا الاتفاق لينعقد الإيجار : انظر ما يلي فقرة 129 في الهامش ) .

( [85] )  انظر آنفاً فقرة 114 .

( [86] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 758 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :  “يجوز أن تكون الأجرة نقوداً ، كما يجوز أن تكون أي التزام آخر يقوم به المستأجر ” . وفي لجنة حور النص فصار مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 585 في المروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 589 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 561 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 475 – ص 476 ) .

( [87] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى  :

التقنين المدني السوري م  529 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م  561 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 736 ( موافق : وانظر عباس حسن الصراف فقرة 789 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 536 : يجب أن يكون البدل معيناً ، ويجوز أن يكون إمامن النقود وإما من المنتجات أو المواد الغذائية وغيرها من المنقولات بشرط أن تعين وصفاً ومقداراً ، ويجوز أن يكون نصيباً أو حصة شائعة من منتجات الشيء المأجور – ويجوز في إيجار الأملاك الزراعية أن يشترط على المستأجر أن يقوم بأشغال معينة تحسب جزءاً من البدل ، علاوة على مبلغ يؤديه من النقود أو كمية تفرض عليه من الحاصلات . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [88] )  استئناف مختلط 16 ديسمبر سنة 1897 م 10 ص 47 – بودري وفال 1 فقرة 844 – الإيجار للمؤلف فقرة 140 .

( [89] )  وقد يكون الإيجار مقترناً بعقد بيع وتكون الأجرة في ثمن المبيع ، كما إذا باع شخص منزلا ثم استأجره من المشتري واستنزل مقدار الأجرة من الثمن ( أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 363 ص 266 هامش 1 ثالثاً – الإيجار للمؤلف فقرة 140 – الإسكندرية الكلية 29 أبريل سنة 1950 مجلة التشريع والقضاء 3 رقم 147 ص 500 – عكس ذلك بودري وفال 1 فقرة 16 – سليمان مرقس فقرة 83 ) – على أنه يجب الرجوعالى نية المتعاقدين ، فإذا كان المشتري قد قصد ألا يكون العقد إيجاراً مقترناً بالبيع ، بل كان المقابل المشترط قصد به أن يكون تعويضاً اتفاقياً عن عدم تسليم العين المبيعة وقت بيعها ، فإن العقد لا يكون إيجاراً ، ولا يجوز للبائع طلب تخفيض هذا المقابل تطبيقاً لقانون إيجار الأماكن ولكن يجوز تخفيضه طبقاً لقواعد الشرط الجزائي ، كما لا يجوز بقاء البائع في العين المبيعة استناداً إلى امتداد الإيجار بحكم القانون ( مصر الوطنية 5 ديسمبر سنة 1945 المحاماة 27 رقم 279 ص 649 – 13 يناير سنة 1949 المحاماة 29 رقم 216 ص 416 – مصر المختلطة 12 فبراير سنة 1947 م 59 ص 92 – 8 أبريل سنة 1947 م 59 ص 174 ) . ولا يجوز للمشتري اتخاذ هذا المقابل أساساً لتحديد الأجرة مستقبلا مع مستأجر جديد تطبيقاً لقانون إيجار الأماكن ( مصر الوطنية 19 ديسمبر سنة 1949 المحاماة 29 رقم 571 ص 1231 ) .

( [90] )  وفي فرنسا يذهب كثر من الفقهاء إلى ا الأجرة يجب أن تكون نقوداً ، وإلا كان العقد غير مسمى وليس بعقد إيجار ( دبرانتون 17 فقرة 9 – ترولون 1 فقرة 3 – ديفرجييه 1 فقرة 95 وفقرة 101 – لوران 25 فقرة 58 ) – على أن القائلين بهذا الرأي يسلمون بأن هذا العقد غير المسمى يخضع لقواعد الإيجار ، فالفرق بين الرأيين يفرق في الألفاظ ( بودري وفال 1 فقرة 845 – الإيجار للمؤلف فقرة 141 ) .

( [91] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 476 – ومقايضة الانتفاع بالانتفاع معناه أن شخصاً ينتفع بعين لشخص آخر مقابل انتفاع اشخص الآخر بعين للأول ، فيكون هناك عقدا إيجار ، المؤجر في الأول منهما هو المستأجر في الثاني ، والمستأجر في الأول هو المؤجر في الثاني ( منصور مصطفى منصور فقرة 151 ) .

( [92] )  عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 65 – فيعتبر عقد إيجار العقد الذي به تملك البلدية منفعة ارض لشخص ، على أن يقيم في الأرض بناء يكون له حق الانتفاع به مدة من الزمن ، وبعدها ترد الأرض بما لعيها من بناء إلى البلدية ويصبح البناء ملكاً لها ، ويكون مقابل الإيجار في هذه الحال هو ملكية البناء ( باريس 10 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 6 ص 574 ) .

( [93] )  بودري وفال 1 فقرة 844 – لوران 25 فقرة 58 – منصور مصطفى منصور فقرة 151 .

( [94] )  الإيجار للمؤلف فقرة 140 ص 187 هامش 3 .

( [95] )  نقض فرنسي 23 يناير سنة 1884 داللوز 84 – 1- 254 .

( [96] )  وقد لا يعتبر مجرد الالتزام كافياً ليكون أجرة في عقد الإيجار ، فإذا قدمت شركة ارضاً لشخص يزرعها ويلتزم بأن يبيع محصولاتها لمستخدمي هذه الشركة بثمن السوق المحلية فإن هذا العقد لا يعتبر ايجاراً لأن الالتزام هنا لا يكفي ليكون أجرة ، ولا يعتبر عارية لأن العارية تبرع ، وإنما هو عقد غير مسمى ( نقض فرنسي 16 يونيه سنة 1951 مجلة القانون المدني الفصلية 1952 – 239 ) . كذلك الالتزام بتقديم خدمة ، كما إذا انتفع شخص بأرض زراعية في نظير حراسة ارض بجوارها ، لا يعتبر أجرة ، ويكون العقد عقداً غير مسمى لا إيجارا تسري عليه التشريعات الاستثنائية ( بلانيول وريبير 10 فقرة 471 ) .

ويذهب بعض الفقهاء إلى أن الأجرة إذا لم تكن نقوداً أو محصولا أو ثماراً ، بل كانت منقولا آخر أو عقاراص أو خدمات تقدم ، فإن العقد لا يكون إيجارا بل عقداً غير مسمى ( أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 363 هامش 4 – ومع ذلك فهم يذهبون في مكان آخر إلى أن الأجرة قد تكون بضائع : أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 199 ) – والصحيح في رأينا أن أية تقدمة ( prestation ) تصلح أن تكون أجرة ، ويصرح بذلك نص المادة 561 مدني فيما قدمنا . فيجوز أن تكون الأجرة التزاماً بنقل ملكية ، ويتحقق ذلك عندما تكون الأجرة نقوداً كما هو الغالب . ويجوز أن تكون التزاماً بعمل ، كإجراء تصليحات في العين المؤجرة . ويجوز أخيرا أن تكون الأجرة امتناعاً عن عمل ، كما إذا تعهد شخص ألا يفتح مطلا على ملك جاره في مقابل أن ينتفع بهذا الملك مدة معينة ( منصور مصطفى منصور فقرة 151 ) .

( [97] )  بودري وفال 1 فقرة 849 .

( [98] )  استئناف مختلط 20 مارس سنة 1928 م 40 ص 236 .

( [99] )  بودري وفال 1 فقرة 847 – استئناف مختلط 10 مايو سنة 1924 م 36 ص 364 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا اشترط في إيجار مرقص أن يكون جزء من الأجرة نسبة معينة من دخل المرقص ، وتوقف المرقص عن العمل قصداً وبدون موافقة المؤجر ، كان لهذا الأخير الحق في النسبة المعينة من متوسط الدخل في المدة التي توقف فيها المرقص عن العمل ( استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1930 م 42 ص 422 ) .

( [100] )  بودري وفال 1 فقرة 848 – استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1930 م 42 ص 422 .

( [101] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 759 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :  “إذا لم يتفق المتعاقدان على تقدير الأجرة أو على كيفية تقديرها ، أو إذا تعذر إثبات مقدار الأجرة ، فإنه يفرض أن المتعاقدين قد ارتضيا أجرة الثمل مقدرة في مكان العقد ” . وفي لجنة المراجعة حور النص فصار مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 590 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 562 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 477 – ص 478 ) .

( [102] )  التقنين المدني القديم  م 363 فقرة ثانية / 446 فقرة ثانية : إذا ابتدئ في تنفيذ الإيجار ، ولم يوجد سند مخالصة بالأجرة ، فتقدر الأجرة بمعرفة أهل الخبرة . ( ونرى من ذلك أن التقنين المدني القديم كان يلجأ إلى أهل الخبرة – أي إلى أجرة المثل التي يقدرها أهل الخبرة – عند تعذر إثبات الأجرة في إيجار بدئ تنفيذه . ورأى أهل الخبرة هنا ليس استشاريا . ويقدر القاضي الأجرة مستعيناً برأي أهلي الخبرة إذا سكت المتعاقدان عن تحديد الأجرة : الإيجار للمؤلف فقرة 135 – أما في الإيجار الذي لم يبدأ تنفيذه فلا يجوز إثبات الأجرة – كسائر أركان العقد – إلا بالكتابة أو الإقرار أو اليمين ) .

( [103] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 530 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 561 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي  م 737 : 1- يصح ترديد الأجرة على أكثر من صورة واحدة ، ويلزم إعطاؤها على موجب الصورة التي تظهر فعلا . فلو استؤجر حانوت على أن تكون له أجرة معينة إن استعمل للعطارة وأن تكون له أجرة أخرى إن استعمل للحدادة ، فأي العملين استعمل فيه الحانوت تعطي أجرته .

م 738 ( موافقة للمادة 562 مدني مصر ) – انظر في التقنين المدني العراقي عباس حسن الصراف فقرة 811 – فقرة 812 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 537 : إذا لم يعين المتعاقدان بدل الإيجار ، فيعدان متفقين على البدل الرائج للأشياء التي من نوع المأجور في مكان العقد ، وإذا كان في هذا المكان رسم أو تعريفة فيعدان متفقين على العمل بمقتضاهما . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [104] )  لران 25 فقرة 29 – جيوار 1 فقرة 63 – بودري وفال 1 فقرة 84 – بلانيول وريبير 10 فقرة 468 .

( [105] )  وإذا كانت الأجرة جدية وثبتت في ذمة المستأجر ، فالإيجار صحيح حتى لو نزل المؤجر بعد ذلك عنها ، أو أبرأ ذمة المستأجر منها ، أو وهبه إياها ( محمد علي إمام فقرة 47 – ص 110 ) .

( [106] )  محمد علي إمام فقرة 47 ص 110 .

( [107] )  لوران 25 فقرة 29 – جيوار 1 فقرة 63 – بودري وفال 1 فقرة 840 – استئناف وطني 9 يناير سنة 1912 الحقوق 27 ص 164 – استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1915 م 18 ص 6 – 18 أبريل سنة 1939 م 5 ص 261 .

( [108] )  ولا يجوز للدائنين الطعن في إيجار مدينهم بأجرة بخسة إلا إذا أثبتوا إعسار المدين وتواطؤه مع المستأجر على الإضرار بحقوقهم ( بودري وفال 1 فقرة 1331 – جيوار 1 فقرة 61 – بلانيول وريبير 10 فقرة 468 – سليمان مرقس فقرة 85 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 65 – ص 89 ) .

ولكن يجوز الطعن في عقد الإيجار إذا كانت الأجرة غير عالية ، لا للغبن بل لأن الإيجار يخفي تأميناً لقرض بربا فاحش . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا قبض المؤجر من المستأجر مبلغاً من المال وقت تحرير عقد الإيجار على أن يؤجر له الأطيان بأجرة هي دون القيمة ، وثبت للمحكمة أن عقد الإيجار هذا ما هو في الحقيقة إلا عقد تأمين لقرض ، وأن الفرق بين الأجرة المتفق عليها وما تساويه العين المؤجرة هو ربا فاحش للمبلغ المقترض ولو استنزل منه لصالح المستأجر ما يمكن خصمه نظير مصروفات ومستهلكات الإدارة ، جاز للمحكمة أن تلغي الإجارة وتلزم المستأجر برد العين المؤجرة ودفع أجرة تقدرها عن مدة وضع يده عليها ، وتقضي على المؤجر برد المبلغ الذي تسلمه عند تحرير العقد مع فوائده بواقع 9% 0استئناف وطني 29 ديسمبر سن 1908 المحاماة 6 ص 857 ) – وانظر أيضاً استئناف مختلط 13 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 ص 547 .

هذا ويمكن تلخيص الفروق بين الثمن والأجرة يما يأتي : ( 1 ) يصح إغفال الاتفاق على الأجرة ، ولا يصح ذلك في الثمن . ( 2 ) الأجرة قد تكون غير نقد ، أما الثمن فيجب أن يكون نقداً . ( 3 ) الأجرة قد تكون بخسة ، أما الثمن البخس في عقار القاصر فيستوجب التكملة . ( 4 ) الأجرة دين دوري يسقط بخمس سنوات ، أما الثمن فدين غير دوري ويسقط بخمس عشرة سنة .

( [109] )  عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 64 ص 98 .

( [110] )  والأجرة الأعلى إذا زرعت الأرض قطناً تعتبر كلها أجرة إذا كان هذا هو قصد المتعاقدين . فلا تعتبر الزيادة فيها تعويضاً عن إضعاف الأرض بزراعة القطن ، وإلا لجاز تخفيضه طبقاً لقواعد الشرط الجزائي ( نقض مدني 18 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 28 ص 58 ) . ومن ثم يسري على الأجرة الأعلى  كلها التقادم الخمسي لا تقادم الديون العادية ( نقض مدني 27 فبراير سنة 1936 المحاماة 16 رقم 404 ص 883 ) ، وتكون الأجرة الأعلى  كلها مضمونة بامتياز المؤجر ( استئناف مصر 16 مارس سنة 1937 المحاماة 18 رقم 17 ص 35 ) – انظر سليمان مرقس فقرة 84 ص 135 هامش 3 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 64 ص 98 هامش 3 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – قارن استئناف مصر 9 مارس سنة 1933 المحاماة 14 رقم 211 ص 407 ( ويقضي بأن الزيادة في الأجرة الأعلى تعويض اتفق عليه ولا يجوز تخفيضه ، وكان الأولى أن تقول المحكمة إن هذا التعويض هو في حقيقته أجرة فلا يجوز تخفيضها ، لأنه لو كان تعويضاً لكان شرطاً جزائياً وكان من الجائز تخفيضه ) .

( [111] )  انظر آنفاً فقرة 127 في الهامش .

( [112] )  بلانيول وريبير 10 فقرة 475 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت محكمة الموضوع ، وهي بسبيل تفسير الشرط الوارد في عقد إيجار وتعرف مقصود المتعاقدين منه ، لم تقل إنهما عينا قيم الأجرة ثم علقا زيادتها أو نقصها على شرط واقف ، بل اعتبرت أن القيمة لم تكن وقت التعاقد قد تم تعيينها ، وأن العاقدين اتفقا على طريقة خاصة لتعيينها أساسها سعر القطن بحسب ما يتقرر في البورصة باعتبار أنها الوسيلة المألوفة ، أو بأية طريقة أخرى تقوم مقامها ، فلا معقب على حكمها . ولا يقدح فه أن يكون ذلك الشرط قد اتفق عليه وقت أن كانت زراعة القطن ممنوعة في منطقة التأجير وكانت بورصة القطن معطلة . ما دامت عبارة الشرط تحتمل المعنى الذي فسرته به المحكمة من حيث ربط الأجرة   بثمن القطن ، باعتبار أنه الموجه لأسعار المحاصيل الأخرى وميزان الحالة  الاقتصادية دن نظر إلى إمكان زراعته فعلا في الأرض المؤجرة أو المنطقة الواقعة فيه أو عدم زراعته ( نقض مدني 13 يونيه سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 93 ص 190 ) .

( [113] )  أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 199 – بلانيول وريبير 10 فقرة 470 . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الأجرة يجوز أن تكون جزءاً من المكسب اليومي للمحل المؤجر ( استئناف مختلط 19 مارس سنة 1930 م 42 ص 271 ) – وإذا اتفق على أن تكون الأجرة هي قيمة ما تسويه منفعة العين المؤجرة ، فمعنى ذلك أن تكون الأجرة هي أجرة المثل ، فيصح الإيجار ( سليمان مرقس فقرة 84 ص 136 هامش 1 – منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 360 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – انظر عكس ذلك وأن هذا إلا يعتبر تعييناً كافياً للأجرة فلا يصح الإيجار عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 66 ) . أما إذا اتفق المتعاقدان على عقد إيجار وذكرا أن الأجرة تعين فيما بعد ، ولكن الأجرة لم تعين ، فإن الإيجار يكون خلاياً من أحد أركانه ويكون باطلا ( نقض فرنسي 14 نوفمبر سنة 1892 داللوز 93 – 1- 11 – بلانيول وريبير 10 فقرة 470 – منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 358 وهامش 2 – وانظر آنفاً فقرة 121 في الهامش ) ، ويدفع من شغل العين تعويضا لا أجرة عن المدة التي شغل فيها العين ( جيوار 1 فقرة 66 – بلانيول وريبير 10 فقرة 470 ) .

وقد تحدد الأجرة  على أساس سعر نفقات المعيشة ( cout de la vie ) أو سعر الأجور ، فتتغير بتغير هذا السعر صعوداً وهبوطاً ( echelle mobile ) ، ويصح الإيجار ( أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 363 هامش 8 وفقرة 364 ص 200 وهامش 26 – بلانيول وريبير 10 فقرة 476 ) .

( [114] )  فإن لم يتفقا على الشخص الآخر ، ندبت المحكمة خبيراً لتقدير الأجرة ( بودري وفال 1 فقرة 832 ) .

( [115] )  جيوار 1 فقرة 65 – ترولون 1 فقرة 3 – بودري وفال 1 فقرة 822 – بلانيول وريبير 10 فقرة 470 – سليمان مرقس فقرة 84 – ص 136 – منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 360 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – ولا يجوز القول هنا بأن المحكمة تعين الأجرة من نفسها ، لأن المتعاقدين أظهرا إرادتهما أن شخصا بالذات هو الذي يتولى هذا التعيين . ويرى بونييه ( الإيجار فقرة 37 ) أنه يجوز للمحكمة في هذا الفرض ا تعين خبيراً لتحديد الأجرة ( الإيجار للمؤلف فقرة 135 ) .

( [116] ) بلانيول وريبير 10 فقرة 470 – الإيجار للمؤلف فقرة 135 ص 178 هامش 1 – سليمان مرقس فقرة 84 ص 136 – محمد علي إمام فقرة 47 ص 112 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 محمد لبيب شنب فقرة 43 ص 53 . 

( [117] )  بلانيول وريبير 10 فقرة 470 – الإيجار للمؤلف فقرة 135 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 66 – محمد علي إمام فقرة 47 ص 112 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – محمد علي إمام فقرة 47 ص 112 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – محمد لبيب شنب فقرة 43 ص 53 – ويرى بعض الفقهاء انترك الأجرة للمؤجر يحددها كما يرى صحيح ، قياساً على اتفاق المتعاقدين على تعيين شخص ثالث ليحدد الأجرة ، والالتزام هنا إذا كان إرادياً فهو متعلق بإرادة الدائن لا بإرادة المدين ( بودري وفال 1 فقرة 883 – سليمان مرقس فقرة 84 ص 137 ) . ويرد على ذلك بأن قياس تعيين المؤجر لتحديد الأجرة على تعيين شخص ثالث لتحديدها قياس مع الفارق إذ المؤجر أحد المتعاقدين أما الشخص الثالث فهو أجنبي عنهما ، ولا يصح وصف الأجرة بأنها شرط في العقد يجوز تركه لإرادة الدائن لأن الأجرة ليست شرطاً بل هي ركن في العقد . وقد قضت محكمة أسيوط الكلية بأنه لا يجوز اشتراط العاقدين في عقد الإيجار ترك تحديد الأجرة للمؤجر ، لأن مثل هذا التفويض يجعل المستأجر تحت رحمة المؤجر ، ويترتب عليه انعدام ركن من أركان العقد وهو الاتفاق مقدماً على تعيين الأجرة . وتهد المستأجر لوزارة الأوقاف بقبول الأجرة التي تعينها اللجنة المشكلة من الوزارة لهذا الغرض معناه تفويض المؤجر في تعيين الأجرة التي يراها ما دامت اللجنة مشكلة من موظفين خاضعين للوزارة ( أسيوط الكلية 19 أبريل سنة 1934 المجموعة الرسمية 36 رقم 93 ص 231 )  . وإذا كان لا يجوز تفويض المؤجر في تعيين الأجرة ، فإنه لا يجوز تفويضه يف زيادتها أثناء مدة الإيجار إذا رأى أن الظروف تبرر ذلك كما إذا راجت تجارة المستأجر ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 67 ص 91 – عكس ذلك بودري وفال 1 فقرة من 883 – سليمان مرقس فقرة 84 ص 137 ) . ولا يجوز كذلك تفويض المستأجر في إنقاص الأجرة . لكن يجوز تفويض المؤجر في إنقاص الأجرة ، وتفويض المستأجر في زيادتها .

ويذهب بعض الفقهاء إلى أن ترك تحديد الأجرة لأحد المتعاقدين يكون بمثابة عدم تقدير الأجرة ، فتكون الأجرة في هذه الحالة هي أجرة المثل ( منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 362 – محمد لبيب شنب فقرة 43 ص 53 ) . ويبدو أن ترك تحديد الأجرة لأحد المتعاقدين ليس معناه أن المتعاقدين لم يعرضا لتقدير الأجرة ، بل إنهما قصدا تقديرها فعلا وتركا هذا التقدير لأحدهما ، فالانتقال م تقديرها بواسطة أحد المتعاقدين إلى تقديرها بأجرة المثل يخالف قصد المتعاقدين .

( [118] )  عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 66 ص 104 هامش 1 – محمد لبيب شنب فقرة 43 ص 53 .

( [119] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 477 – ص 478 .

( [120] )  والمفروض هنا أن المتعاقدين لم يعرضا أصلا للأجرة . وهذا الفرض يختلف عن فرضين آخرين . الفرض الأول أن يتفق المتعاقدان على أن تكون الأجرة هي أجرة المثل ، وفي هذا الفرض تكون أجرة المثل أجرة متفقاً عليها لا معينة بحكم القانون . والفرض الثاني أن يحاول المتعاقدان الاتفاق على الأجرة فلا يتم الاتفاق بينهما على ذلك ، وفي هذا الفرض يكون الإيجار باطلا لانعدام ركن من أركانه كما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فيما قدمناه ( قارن استئناف مصر 21 مارس سنة 1934 المحاماة 15 رقم 8 ص 15 ويعتبر الحكم الإيجار في هذا الفرض باطلا بطلاناً نسبياً تصححه الإجازة . ويكون تنفيذ المالك للإجارة إجازة للعقد ، ويتولى القاضي تقدير الأجرة – والصحيح أن العقد يكون باطلا بطلاناً مطلقاً ، وإذا انتفع المستأجر بالعين مدة من الزمن دفع تعويضاً عن ذلك هو أجرة المثل ، ولكن هذا التعويض لا يكون أجرة ولا يفيد تصحيح العقد : بلانيول وريبير 10 فقرة 470 – سليمان مرقس فقرة 84 ص 139 – عكس ذلك بودري وفال 1 فقرة 835 ) .

( [121] )  وتقدر أجرة المثل وقت تمام العقد ( مصر الكلية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 138 ص 369 ) ، وفي مكان الشيء المؤجر إذا كن عقاراً أو في مكان تمام العقد إذا كان منقولا ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ص 105 هامش 1 ) . وقد كانت المادة 759 من المشروع التمهيدي تقي بأن تكون أجرة المثل بحسب الجاري في مكان العقد ، وقد حذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة ( انظر آنفاً فقرة 127 في الهامش ) ، فوجب الرجوع إلى القواعد العامة ( سليمان مرقس فقرة 84 ص 139 هامش 2 ) . ويذهب بعض الفقهاء إلى أن أجرة المنقول هي أجرة المثل في مكان تسليم المنقول إلا في مكان تمام العقد ( سليمان مرقس فقرة 84 ص 139 0 منصور مصطفى منصور فقرة 152 ص 359 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 76 ص 92 ) .

( [122] )  فكثير من الأراضي الزراعية كان مؤجراً قبل 15 أكتوبر سنة 1949 وأدركه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي ، وقد نص هذا القانون على امتداد إيجار الأراضي الزراعية بشروط معينة سيأتي ذكرها ( سليمان مرقس فقرة 109 ص 184 هامش 1 ) .

( [123] )  ويقدرها الأستاذ سليمان مرقس في سنة 1954 ، بالنسبة إلى الأماكن ، بتسعة أعشار الأماكن المشغولة ( سليمان مرقس فقرة 109 ص 184 ) . ومهما يكن من أمر ، فإن الباقي من هذه العقود قائماً إلى اليوم يكفي لتبرر بحث طرق الإثبات في التقنين المدني القديم .

( [124] )  وفي فرنسا – وقد نقلت المادة 363 / 446 من التقنين المدني الفرنسي ( م 1715 – 1717 ) – قام خلاف فيما إذا كانت القواعد الخاصة بإثبات الإيجار تنطبق على المنقول كما تنطبق على العقار . ومنشأ هذا الخلاف أن المشرع الفرنسي أدرج هذه القواعد في الباب الذي عقده لإيجار المباني والأراضي الزراعية ، أي العقار فقط . والرأي السائد يستخلص من ذلك أن هذه القواعد الخاصة لا تنطبق إلا على العقار ، أما في إيجار المنقول فتسري القواعد العامة ( ديرانتون 17 فقرة 52 – ديفرجييه 1 فقرة 14 – ترولون 1 فقرة 110 – هيك 10 فقرة 274 – جيوار 2 فقرة 677 – لوران 25 فقرة 90 – بلانيول وريبير 10 فقرة 488 ) . وخالف هذا الرأي فريق يقول بوجوب تطبيق هذه القواعد على المنقول أيضاً كسائر الأحكام الخاصة بإيجار المباني والأراضي الزراعية ( بودري وفال 1 فقرة 265 ) .

أما في التقنين المدني المصري فلا محل لهذا الخلاف ، لأن هذا التقنين جمع أحكام الإيجار في باب واحد ولم يتبع تقسيم التقنين المدني الفرنسي . فكل ما قرر من هذه الأحكام – وفيها قواعد الإثبات الخاصة – يسري على العقار والمنقول على السواء ( الإيجار للمؤلف فقرة 91 ص 129 هامش 1 ) .

( [125] )  تتعين قيمة الإيجار لا بحسب قيمة الأعيان المؤجرة ، بل بحسب مقدار الأجرة عن طول مدة الإيجار ( ديفرجييه 1 فقرة 15 وفقرة 266 – تترولون 1 فقرة 116 – ماركادية المواد 1704 – 1706 فقرة 3 ) .

( [126] )  ويقال إن السبب في عدم تطبيق القواعد العامة على الإيجار من حيث الإثبات هو أن المشرع أراد أن يلجئ المتعاقدين إلى كتابة العقد ، حتى لا يقتصرا على مجرد اتفاق شفوي يكون بعد ذلك مصدراً للنزاع والمخاصمات ، وما يستتبع ذلك من مصروفات تثقل كاهل صغار المستأجرين وهم الأغلبية العظمى ( جيوار 1 فقرة 71 – لوران 25 فقرة 691 – هيك 10 فقرة 279 – دي هلتس 2 الإيجار فقرة 28 ) . ويناقش الأستاذان بودري وفال هذه الأسباب ويريانها غير مقنعة وأنها لا تمنع من رفع القضايا ، ولكنها تجعل الأحكام في هذه القضايا غير مطابقة للعدالة والواقع يحرمان المتقاضين من طريقة إثبات أكيدة ( بودري وفال 1 فقرة 208 – قارن أيضاً استئناف مختلط 19 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 35 ) .

هذا وإذا تقرر أن عقد الإيجار الذي لم يبدأ تنفيذه لا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بالإقرار أو باليمين ، وجب أن يسري هذا أيضاً على أي تعديل يدخل في عقد الإيجار بعد تمامه فلا يجوز إثباته إلا بهذه الطرق ما دام تنفيذ الإيجار لم يبدأ ، أما إثبات فسخ الإيجار فتسري في شأنه القواعد العامة ( الإيجار للمؤلف فقرة 100 ص 138 هامش 1 ) .

( [127] )  والإقرار المكتوب ، حتى لو لم يكن مقترناً بقبول كتابي من الطرف الآخر ، يصح أن يثبت به الإيجار إذا كان الذي يريد إثباته هو الطرف الآخر الذي لم يدون قبوله كتابة .

( [128] )  ويجب أن تبين العين المؤجرة بياناً كافياً في البرقية .

( [129] )  هيك 10 فقرة 279 – بودري وفال 1 فقرة 205 .

( [130] )  ولكن يجوز مع ذلك إثبات المعنى المقصود من عبارة مبهمة وردت في السند المكتوب بالبينة ، كأن يثبت أحد المتعاقدين بالبينة الطريقة التي نفذ بها العقد فعلا ليوضح الإبهام الموجود في العقد ، فإن هذا لا يجاوز ما هو مكتوب ولا يتعارض معه ( الإيجار للمؤلف فقرة 92  130 – ص 131 ) .

( [131] )  ديفرجييه 1 فقرة 267 – لوران 25 فقرة 75 وفقرة 88 – بودري وفال 1 فقرة 211 – نقض فرنسي أول أغسطس سنة 1867 داللوز 73 – 5 – 301 – الإيجار للمؤلف فقرة 98 ص 135 – ص 136 – مصر الكلية 23 أبريل سنة 1904 الاستقلال 3 ص 111 – عابدين أول أغسطس سنة 1904 استقلال 3 ص 274 .

( [132] )  ترولون 1 فقرة 112 – ديرانتون 17 فقرة 54 – ديمولومب 113 فقرة 188 – جيوار 1 فقرة 78 – هيك 10 فقرة 279 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 194 – بلانيول وريبير 10 فقرة 489 ص 627 – ص 628 – نقض فرنسي 28 يونيه سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 407 – 25 يناير سنة 1905 داللوز 1905 – 1 – 135 – 6 مايو سنة 1953 داللوز 1953 – 440 – دي هلتس 2 الإيجار فقرة 31 – جرانمولان في العقود فقرة 319 – استئناف وطني 20 مارس سنة 1893 الحقوق 8 ص 81 – 31 مارس سنة 1906 الحقوق 21 ص 290 – استئناف مصر 26 فبراير سنة 1928 المحاماة رقم 529 ص 881 – 31 مارس سنة 1930 المحاماة 10 رقم 352 ص 708- استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1894 م 6  ص 142 – 3 ديسمبر سنة 1896 ص 44 – 9 يونيه سنة 1898 م 10 ص 322 .

ونرى من ذلك أن هذا الرأي هو الذي ساد في الفقه والقضاء ، في فرنسا وفي مصر .

( [133] )  الإيجار للمؤلف فقرة 98 ص 135 – ص 136 – وإذا سلمنا بالرأي الذي يقول بجواز إثبات الإيجار بمبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن ، فإنه يجوز أيضاً إثبات شروط الإيجار كذلك ، ولكن يجب أن يكون مبدأ الثبوت بالكتابة قد تناول هذه الشروط المراد إثباتها . على أنه كثيراً ما يحدث أن يكون  هناك مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل حصول الإيجار محتملا ، ولكن لا يشير بشيء إلى مقدار الأجرة ولا إلى مدة الإيجار وهما ركنان من أركان العقد لا مجرد شروط فيه . ويرى بعض الفقهاء أنه لا يجوز في هذه الحالة إثبات هذين الركنين بالبينة أو بأي طريق آخر غير الكتابة أو الإقرار أو اليمين ، ومعنى هذا أن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يجز الاستناد إليه إلا إذا كان يشير إلى أركان العقد الأربعة (  )لوران 25 فقرة 74 مكررة ) . يورى بعض آخر أن مبدأ الثبوت بالكتابة في الحالة المشار إليها كاف ، وتثبت الأجرة بأهل الخبرة ، أما المدة فتعتبر أنها غير معينة ( ديفرجييه 1 فقرة 268 ) . ونؤثر الأخذ بالرأي الثاني .

( [134] )  هيك 10 فقرة 279 – لوران 25 فقرة 72 – جيوار 1 فقرة 77 وفقرة 77 مكررة – بودري وفال 1 فقرة 214 – جرانمولان في العقود فقرة 319 – الإيجار للمؤلف فقرة 102 – ويلاحظ أنه متى كان استجواب المدعي عليه جائزاً ، فللمحكمة أن ترخص في الإثبات بالبينة تبعاً لما تستنتجه من أجوبة المدعي عليه ( جيوار 1 فقرة 77 مكررة – بودري وفال 1 فقرة 216 – نقض فرنسي 26 يناير سنة 1883 داللوز 85 – 1 – 2349 .

( [135] )  انظر عكس ذلك سليمان مرقس فقرة 113 – ص 190 ، فهو يذهب إلى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 363 / 446 في هذه الحالة ، فتقدر الأجرة بمعرفة أهل الخبرة وتعين المدة بحسب عرف البلد ، وقضت محكمة الاستئناف المختلة بأن الإقرار يجب أن يتناول الإيجار ومدته ، إلا إذا أمكن استنتاج المدة من ميعاد دفع الأجرة ( استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1898 م 10 ص 223- دي هلتس 2 الإيجار فقرة 32 ) .

( [136] )  لوران 25 فقرة 72 – بلانيول وريبير 10 فقرة 490 ص 628 – ويرى بعض الفقهاء أنه يجوز الإثبات باليمين المتممة ( هيك 10 فقرة 2799 – بودري وفال 1 فقرة 220 ) .

هذا ويجوز إثبات الإيجار بجميع طرق الإثبات ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، إذا كان عقد الإيجار تجارياً . كذلك يجوز هذا في عقد الإيجار المدني إذا أريد إثباته ، لا فيما بين المتعاقدين ، بل بالنسبة إلى الغير . مثل ذلك أن يحجز الدائن على المحصول باعتبار أنه له لا للمدين ، فعلى المسترد أن يثبت عقد الإيجار ، ويكون إثباته بالنسبة إلى الدائن الحائز ، وهو من غير المتعاقدين في عقد الإيجار ، بإتباع القواعد العامة ( بودري وفال 1 ففقرة 221 ) . ومثل ذلك أيضاً أن يؤجر شخص لآخر عيناً ويتشرط عليه ألا يؤجر من الباطن ، فيؤجر المستأجر من باطنه رغم هذا المنع ، فللمؤجر أن يثبت هذا الإيجار من الباطن ، وهو ليس طرفاً فيه ، بكل طرق الإثبات ( الإيجار للمؤلف فقرة 105 ص 142 ) .

منشور في مقال توكيل محامي

لكن إذا كان عقد الإيجار مدنياً ،وهذا هو الأصل فيه ( استئناف مختلط 16 فبراير سنة 1898 م 10 ص 164 ) ، ويراد إثباته فيما بين المتعاقدين ، فلا يجوز الإثبات لا بالبينة ولا بالقرائن . وقد قضت محكمة النقض في يعهد التقنين المدني القديم بأنه لا يجوز الاعتماد في إثبات عقد الإيجار على القرائن المستنتجة من وقائع الدعوى . فإذا قضت المحكمة للمدعي بتعويض على الحكومة بمقولة إنها فسخت من جانبها ، بدون وجه حق ، التعاقد الذي تم بينها وبينه على استئجار قطعة ارض ، معتمدة في ثبوت عقد الإجارة على ا قالت من أن الحكومة لم تنكر الإيجار ، وأن مندوبها امتنع عن تقديم المكاتبات التي تبودلت بين المديرية ووزارة المالية في شأن هذه الإجارة ، وعلى ما ورد في يكتاب رئيي لجنة التأجير بالميدرية إلى مدعي الإجارة من أن العطاء المقدم منه عن تأجير الصفقة قد اعتمد ، فإن هذا يكون خطأ لمخالفته مقتضى القانون بصفة عامة ، ولمخالفته على الخصوص ما ورد في المادة 24 من شروط تأجير أطيان الحكومة التي تنص على أن  “التأجير لا يكون نافذاً على الحكومة إلا بعد اعتماده من وزارة المالية وتوقيع مدير المديرية على عقد الإيجار ، مما معناه أن انعقاد  الإيجار معلق على شرط اعتماد وزير المالية وتوقيع المدير على عقد الإيجار ، وما دام هذا الشرط لم يتحقق فلا يصح القول قانوناً بانعقاد العقد ( نقض مدني 14 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 170 ص 479 ) .

( [137] )  لوران 25 فقرة 71 وفقرة 87 – جيوار 1 فقرة 84 – هيك 10 فقرة 279 – بودري وفال 1 فقرة 225 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 196 بلانيول وريبير 10 فقرة 489 – ص 627 – دي هلتس 2 الإيجار فقرة 36 مكررة – فقرة 38 مكررة – نقض فرنسي 17 يناير سنة 1894 داللوز 94 – 1 – 127 – استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1876 المجموعة الرسمية المختلطة 1 ص 37 – 19 أبريل سنة 1927 م 39 ص 395 – 10 مايو سنة 1927 م 39 ص 449 – استئناف مصر الوطنية 26 فبراير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 529 ص 881 – 31 مارس سنة 1930 المحاماة 10 رقم 3522 ص 708 – كفر الزيات 16 ديسمبر سنة 1912 الشرائع 1 رقم 82 ص 52 – طنطا الجزئية 7 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 11 رقم 161 ص 291 .

( [138] )  وإلا لو اقر بالإيجار وأنكر البدء في التنفيذ ، لثبت الإيجار بالإقرار وهو طريق من طرق إثبات الإيجار ولو لم يبدأ تنفيذه .

( [139] )  نقول الإقرار مع أن الفرض أن بدء التنفيذ متنازع فيه ، وذلك لاحتمال رجوع من ينكر فيقر ببدء التنفيذ عقب استجواب مثلا ، فيكون إقراره دليلا كافياً .

( [140] )  وبعد ثبوت بدء تنفيذ الإجارة ، يجوز توجيه اليمين المتممة لأي من الخصمين ( استئناف مختلط 25 مارس سنة 1922 م 34 ص 3257 ) – والمفروض في كل ذلك أن عقد الإيجار هو ذاته محل النزاع . فإذا كان المقصود من التمسك به هو نفي ظهور واضح اليد بمظهر المالك ، فلا يشترط في هذه الحالة إثبات عقد الإيجار أصلا . وقد قضت المحكمة بأنه إذا كانت المحكمة بعد أن نفت صفة الظهور عن وضع يد المدعي ، وبعد أن قررت أن شهوده لم يبينوا صفة وضع يده ، فأثبتت بذلك عجز عن إثبات ظهوره مظهر المالك ، قد استطردت فقالت إن المدعي عليه يقول إن المدعي إنما وضع يده بصفته مستأجراً ، وأن ظروف الدعوى وملابساتها وأوراقها تدل عل صدق قوله ، فذلك من المحكمة ليس حكماً بقيام عقد الإيجار بين طرفي الدعوى حتى كان يصح النعي عليها أنها خالفت فيه قواعد إثبات عقد الإيجار ، بين طرفي الدعوى حتى كان يصح النعي عليها أنها خالفت فيه قواعد إثبات عقد الإيجار ، بل هو استكمال لما ساقته نفياً لما ادعاه المدعي من أنه في وضع يده على المنزل كان ظاهراً بمظهر المالك ( نقض مدني 16 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 140 ص 303 ) .

( [141] )  نقض فرنسي 17 يناير سنة 1894 داللوز 994 – 1 – 127 .

( [142] )  هيك 10 فقرة 279 – بودري وفال 1 فقرة 255 وفقرة 230 .

( [143] )  وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا حصل نزاع فيما إذا كان تسليم المفاتيح وتسلم قسط من الأجرة وقبول ضمانات قد حصل من شخص لا صفة له في إلزام المالك ، فلا يجوز اعتبار هذه الوقائع بداءً في تنفيذ عقد الإيجار يسوع الإثبات بالبينة أو بالقرائن ، لأن إثبات ذلك بالبينة ما هو إلا إثبات لعقد الإيجار نفسه الذي يعتبره السبب القانون المبني عليه تنفيذ هذه الوقائع ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1927 م 39 ص 395 ) .

( [144] )  هذا وقد يكون بدء التنفيذ متنازعاً فيه في مبدأ الأمر ، فيصل مدعي الإيجار إلى إثباته ، وبذلك يثبت عقد الإيجار نفسه . فإذا بقي بعد هذا إثبات الأجرة أو المدة أو شروط العقد ، اتبع في إثباتها القواعد التي تسري في حالة ما إذا كان البد ء في التنفيذ غير متنازع فيه من مبدأ الأمر ، لأنه لا فرق بين الحالتين .

( [145] ) المراد بإثبات الأجرة إثبات مقدارها ، أما التخلص منها فخاضع للقواعد العامة . وقد جاء في منشورات لجنة المراقبة القضائية ( 2 مراقبة سنة 1913 م 85 ) أن القواعد الاستثنائية الخاصة بإثبات عقد الإيجار لا تسري على إثبات براءة الذمة من الأجرة . والمستأجر لا يمكن أن يحرم من حقه في إثبات دفع الأجرة بشهادة الشهود ما دامت هذه الأجرة لا تزيد على عشرة جنيهات ( انظر أيضاً  في هذا المعنى بودري وفال 1 فقرة 868 ) .

( [146] )  بودري وفال 1 فقرة 241 .

( [147] )  أما إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، فإنه يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ( لوران 25 فقرة 79 – بودري وفال 1 فقرة 241 ) .

( [148] )  لوران 25 فقرة 85 – جيوار 1 فقرة 83 – هيك 10 فقرة 280 – بودري وفال 1 فقرة 248 – ويرى فريق وجوب تطبيق للقواعد الخاصة بإثبات عقد الإيجار حتى في إثبات شروطه ، فلا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ( ديفرجييه 1 فقرة 258 – دي هلتس 2 الإيجار فقرة 41 – نقض فرنسي 28 يوليه سنة1908 داللوز 1908 – 1 – 461 – استئناف مختلط 16 يناير سنة 1901 م 13 – 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 218 .

( [149] )  الإيجار للمؤلف فقرة 128 في الهامش – وانظر أيضاً بودري وفال 1 فقرة 224 – بلانيول وريبير 10 فقرة 489 ص 625 .

( [150] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 467 .

( [151] ) أو كان عقد الإيجار تجارياً – ويكون الإيجار تجارياً إذا كان تابعاً لعمل تجاري أو أبرمه تاجر لحاجات تجارته ، أو كان مسبوقاً بشراء أو استئجار وكان الغرض من الشراء أو الاستئجار هو تأجير الشيء المشتري أو المستأجر ( محمد صالح في شرح القانون التجاري الطبعة السابعة فقرة 17 ص 52 – أكثم الخولي الوسيط في القانون التجاري سنة 1956 فقرة 66 ص 71 وفقرة 132 ص 145 – محمد لبيب شنب فقرة 18 ص 20 ص 21 – استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1937 م 49 ص 106 ) .

ويكون عقد الإيجار مختلطاً إذا أبرم بين شخص غير تاجر وآخر تاجر من أجل ممارسته لتجارته ، فهو مدني بالنسبة إلى المؤجر غير التاجر ، وتجاري بالنسبة إلى المستأجر التاجر . فمن حيث الإثبات يكون للمؤجر أن يثبت الإيجار بالبينة والقرائن ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، لأن العقد يعتبر تجارياً بالنسبة إلى المستأجر التاجر ، ومن حيث سعر الفائدة تحسب فوائد التأخير عن الأجرة بالسعر التجاري لا بالسعر المدني . ومن حيث التضامن إذا تعدد المستأجرون يكونون متضامنين ( جلال العدوي ص 99 – ص 100 ) .

( [152] )  ديقرجييه 1 فقرة 15 – ترولون 1 فقرة 116 – بودري وفال 1 فقرة 229 هامش 2 .

( [153] )  سليمان مرقس فقرة 117 – عكس ذلك عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 88 ص 140 هامش 1 – منصور مصطفى منصور فقرة 160 ص 389 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 76 ص 107 – ص 108 ، وهم يذهبون إلى أن الإيجار إذا لم تذكر فيه المدة وكان ميعاد دفع الأجرة كل شهر ، تكون قيمته هي أجرة الشهر فقط ، ويحتجون لذلك بأن الإيجار مدته في الأصل شهر واحد ، وإذا كان يمتد من شهر إلى شهور متعاقبة إذا لم يحصل تنبيه بالإخلاء ، فإن في هذا الامتداد مجاوزة لمدة العقد الأصلية . ويرد على ذلك بأن الامتداد غير التجديد ، فالإيجار الذي يمتد شهراً فشهراً هو عقد واحد لا عقود متعددة ، ومدة هذا العقد غير معينة ، لأنه لا يعرف إذا كان الإيجار لا يبقى إلا شهراً واحداً أو انهي بقى شهوراً متعددة يمتد إليها الشهر ، فتكون الأجرة أيضاً غير محددة القيمة .

( [154] )  فيجوز الإثبات بمبدأ الثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن ، كما يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن إذا وجد سند كتابي ولكنه فقد بقوة قاهرة ، أو إذا لم يوجد سند كتابي وقد حال دون الحصول عليه مانع مادي أو أدبي .

ولا يجوز إثبات عكس ما بالكتابة إلا بالكتابة ، وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المستأجر يطعن في عقد الإيجار بالصورية ، والمؤجر يدفع بعدم جواز الإثبات ، فلا يجوز للمحكمة – ما دام الإيجار ثابتاً بالكتابة ولا يوجد لدى المستأجر دليل كتابي على دعواه – أن تقضي بصورية العقد بناء على مجرد القرائن ، وإلا كان قضاؤها باطلا لاستناده إلى دليل غير جائز الأخذ به في الدعوى ( نقض مدني 18 يونيه سنة19422 مجموعة عمر 3 رقم 177 ص 485 ) .

( [155] )  وتنص المادة الخامسة من قانون إيجار الأماكن على أنه  “إذا لم توجد عقود كتابية أو تعذر الحصول عليها ، جاز إثبات شروط التعاقد والأجرة المتفق عليها والتكاليف الإضافية المشار إليها فيما تقدم بجميع طرق الإثبات مهما كانت قيمة النزاع ” . وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في إيجار الأماكن .

( [156] )  انظر ما يلي فقرة 733 – وانظر آنفاً فقرة 60 في الهامش .

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

محامي الأردن

خصائص عقد الإيجار

خصائص عقد الإيجار

 ويخلص من هذا التعريف أن لعقد الإيجار خصائص نجمل أهمها فيما يأتي:-

1 ) عقد الإيجار عقد رضائي لا يشترط في انعقاده شكل معين ، وهو عقد ملوم الجانبين ، ومن عقود المعاوضة .

2 ) العناصر الثلاثة التي يقع عليها التراضي في عقد الإيجار هي : منفعة الشيء المؤجر ، والمدة ، والأجرة .

3 ) ولما كانت المدة في عقد الإيجار هي عنصر جوهري ، فإن عقد الإيجار عقد مؤقت ، وهو عقد زمني ( Contract successif ) .

4 ) وهناك ارتباط وثيق بين الأجرة والمدة . فالمدة هي مقياس الانتفاع بالشيء المؤجر ، والأجرة تقابل الانتفاع  . وسنرى أن لهذا المبدأ تطبيقات عملية هامة .

5 ) وعقد الإيجار لا ينشئ إلا التزامات شخصية ، في جانب كل الإيجار حقا عينيا في الشيء المؤجر .

6 ) ولما كان عقد الإيجار لا ينشئ إلا التزامات شخصية: فهو من عقود الإدارة لا من عقود التصرف . والإيجار أهم عقود الإدارة ، كما أن البيع أهم عقود التصرف .

7 ) ينشئ عقد الإيجار التزامات إيجابية في جانب المؤجر ، ولا يقتصر على إنشاء التزامات سلبية . فقد كان هذا التقنين المدني القديم ينشئ التزامات يصطبغ الكثير منها بالصبغة السلبية . فقد كان هذا التقنين ( م362/445 ) يقرر في تعريفه للإيجار أن المؤجر يلتزم بترك المستأجر ينتفع ( laisser jouir l’autre partie ) بالشيء المؤجر ومرافقه ، فالعمل الذي كان المؤجر يقوم به حسب هذا التعريف هو عمل سلبي . وقد ترتب على ذلك أن اصطبغت التزامات المؤجر في التقنين السالف الذكر بالصبغة السلبية ، فالمؤجر يسلم العين بالحالة التي تكون عليها ، ولا يكلف بعمل أي مرمة كانت ، ولم يكن هناك نص على ضمان المؤجر للعيوب الخفية( [1] ) . ولكن التقنين المدني الجديد جعل التزام المؤجر إيجابيا جريا على نهج التشريعات الغربية ، فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ،ولا يقتصر على مجرد تركه ينتفع بهذه العين ، ويسلم العين في حالة تصلح معها للانتفاع بها ، ويلتزم بإجراء المرمات الضرورية ، وهناك نص صريح يلزمه بضمان العيوب الخفية( [2] ) . وسنرى تفصيل ذلك فيما يلي عند الكلام في التزامات المؤجر .

 تمييز عقد الإيجار عن العقود الأخرى:

 وخصائص الإيجار المتقدمة الذكر تجعله يتميز عن سائر العقود . فكونه يقع على منفعة الشيء المؤجر لا على ملكيته يميزه عن البيع ، إذ البيع يقع على الملكية لا على المنفعة . وكون المنفعة في الإيجار لقاء أجر معلوم عن العاربة ، فالعاربة من عقود التبرع لا يدفع المستعير فيها أجرا . وكون المستأجر يرد نفس العين المؤجرة عند انتهاء الإيجار يميز الإيجار عن القرض ، فالمقترض لا يرد نفس الشيء بل يرد مثله . وكون الإيجار يرد على شيء لا على عمل يميزه عن كل من المقاولة وعقد العمل والوكالة ، فهذه العقود الثلاثة الأخيرة تقع على العمل . وكون المستأجر ينتفع بالشيء يميز الإيجار عن الوديعة ، إذ المودع عنده لا ينتفع بالشيء بل يحافظ عليه .

ومع ذلك قد يلتبس عقد الإيجار بهذه العقود ذاتها ، أو بعقود أخرى ، فيدق تميزه عنها  . ونضرب لذلك الأمثلة الشتى .

4- التباس الإيجار بالبيع ( إحالة ): قدمنا في عقد البيع( [3] ) أن التمييز يدق بين البيع والإيجار إذا وقع العقد ، لا على الشيء ذاته ، بل على ثمراته ومنتجاته . وذكرنا أن الأصل في العقد إذا وقع على ثمرات الأرض أن يكون إيجارا إذ يقع على منفعة الأرض المتجددة التي لا تنفد ، وإذا وقع على المنتجات يكون بيعا إذ يقع على هذه المنتجات  ذاتها لا على منفعة متجددة  . ومع ذلك قد يبيع صاحب الأرض المحصول الناتج منها وهو ( لا يزال في الأرض ، فيكون العقد بيعا لهذا المحصول لا إيجارا للأرض ، فالعبرة بنية المتعاقدين هل أرادا بيعا أو إيجارا ، فقد يؤجر صاحب المنجم أو المحجر منجمه أو محجره ليستغله المستأجر في مقابل أجرة دورية فيكون العقد إيجارا لا بيعا .

وقلنا أيضا إن التمييز يدق بين البيع والإيجار فيما يسمى بالإيجار السائر للبيع ( location-vente ) ، وقد عالجنا هذه المسألة تفصيلا في عقد البيع( [4] ) .

5- التباس الإيجار بالعارية : قل أن يقع التباس بين العقدين ، فالعارية تكون حتما بغير عوض بينما الإيجار هو دائما من عقود المعارضة ، ولكن يساق عادة في هذا الصدد مثلان يقال فيهما إن اللبس حاصل :-

المثل الأول : إذا باع شخص لآخر أرضا ، واستبقى لنفسه فيها حق الصيد مثلا ، فهل يثبت له هذا الحق بناء على عقد عارية بدون مقابل ، أو هو ثابت له بناء على عقد إيجار بمقابل؟ لا شك في أن استبقاء البائع لنفس ه حق الصيد قد اعتبر عند تقدير الثمن ، وقد راعى البائع في تقديره المبلغ الذي يتقاضاه ثمنا للأرض أنه يتمتع بحق الصيد فيها ، فأنقص من هذا المبلغ ما يقابل هذا الحق . ويكون ثبوت حق الصيد للبائع إنما هو بمقابل ، فالعقد إيجار لا عارية . ولو باع شخص دارا على أن يبقى ساكنا فيها لمدة سنة بعد البيع ، فلابد أن يكون سكنى البائع الدار سنة قد روعي في تقدير الثمن ، لإنقاص منه بمقدار ما يقابل السكنى ، فلا يكون شرط بقاء البائع ساكنا الدار سنة عقد عارية ، بل هو عقد إيجار ، فتقع على المشتري نفقات الصيانة ، ويلتزم البائع بأن يبذل في المحافظة على الدار عناية الرجل المعتاد . ولو كان العقد عارية ، لوقعت على البائع نفقات الصيانة ، ولا تلزم في المحافظة على الدار بالعناية التي يبذلها في المحافظة على ماله دون أن ينزل في ذلك من عناية الرجل المعتاد( [5] ) .

المثال الثاني : كثيرا ما يقع أن الأجير أو الموظف يكون له أن يتقاضى ، عدا أجره أو مرتبه ، مسكنا لا يدفع فيه أجرة  . فهل هو مستعير لهذا السكن أو هو مستأجره له؟ لاشك في أن المسكن ، كما هو الأمر كما في الحالة المتقدمة ، جزء من الأجر أو المرتب ، فالعقد هنا إيجار أيضا لا عارية( [6] ) .       

ويقع أن بعض الأثرياء يتبرعون بأمكنة لأغراض خيرية ، لاستعمالها مدارس أو مستشفيات أو نحو ذلك ، ويحررون عقودا يذكرون فيها أنهم يؤجرون هذه الأمكنة لمدد طويلة ، وأنهم تنازلوا عن الأجرة أو أنهم قبضوها . فالعقد هنا هو عقد عارية مستترة باسم الإيجار ، الهبة المستترة باسم البيع تتبع فيه أحكام العارية( [7] ) . ويحدث ذلك أن الحكومة تؤجر للمنشآت والمؤسسات أراضي حرة بأجرة رمزية ، فهذا العقد هو في حقيقته عارية وإن سمي إيجارا .

6- التباس الإيجار بالقرض : وقد يلتبس الإيجار بالقرض في حالة ما إذا أجر شخص لآخر أرضا زراعية ، بما فيها من أشياء تستهلك بالاستعمال كسماد وبذرة على أن يستهلكها المستأجر ويرد مثلها عند انتهاء الإيجار . كذلك قد يؤجر صاحب مصنع مصنعه بما فيه من آلات لازمة لإدارته على أن يعوض المستأجر برد مثلها . فهل يعتبر العقد فيما يتعلق بالأشياء التي تستهلك بالاستعمال عقد إيجار أو عقد قرض؟ يجب التفريق في هذه الفروض بين ما إذا كانت الأشياء المستهلكة الملحقة بالعقار تعتبر عقارا بالتخصيص كآلات المصنع فيشملها حتما عقد الإيجار الواقع على العقار الأصلي ، وما إذا كانت هذه الأشياء لا تعتبر عقارا بالتخصيص ، كالسماد والبذرة بالنسبة إلى الأرض الزراعية والمواد الخام بالنسبة إلى المصنع ، فإذا كانت قد تركت للمستأجر على أنها من توابع العقار المؤجر شملها عقد الإيجار ، و إلا فلا يشملها ويعتبر العقد فيما يتعلق بها عقد قرض فتنتقل ملكيتها إلى المستأجر وإذا أفلس لا يستطيع المؤجر أن يسردها بل يتقاسم ثمنها مع سائر الدائنين قسمة غرماء . ومن الفقهاء من يذهب إلى وجوب التفريق بين ما إذا كانت الأشياء المستهلكة ضرورية لتسيير المصنع كالآلات والفحم فيلحق هذا بالعقار ويكون مؤجرا مثله ، وما إذا كانت غير ضرورية كالمواد الخام فلا تعتبر من توابع العقار ويأخذها المستأجر بعقد قرض لا بعقد إيجار( [8] ) .

7- التباس الإيجار بالمقاولة : قد يلتبس الإيجار بالمقاولة في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة . فالعقد الذي يبرمه

المستهلك مع شركة مياه النيل هل يعتبر عقد مقاولة واقعا على ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك ، أو هو عقد إيجار لمعدات الشركة التي تقوم بتوصيل المياه( [9] )؟ وسواء اعتبر العقد مقاولة أو إيجارا ، ففي الحالتين يكون عقدا مدنيا من عقود الإذعان يخضع للقواعد المدنية ، ويخضع بالأخص للعقد الإداري القائم بين جهة الإدارة وملتزم المرفق . ويبدو أن هذا هو مذهب التقنين المدني الجديد ، فقد اعتبر هذا التقنين العقد مقاولة ( لا إيجارا ) يهيمن عليه العقد الإداري الذي تم بين جهة الإدارة المختصة وبين الفرد أو الشركة التي عهد إليها الاستغلال المرفق . فنصت المادة 906 من المشروع التمهيدي – وهي التي أصبحت بعد تعديلها المادة 668 من التقنين المدني – على أن «1-التزام المرافق العامة عقد إداري ، الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية . ويكون هذا العقد بلين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذه المرافق وبين أفراد الشركة التي يعهد إليها باستغلال المرفق عدة من السنين .

2- ويكون هذا العقد الإداري هو المهيمن على ما يبرمه المقاول مع عملائه من عقود . فيوجب على الملزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها هذا المرفق إلى العملاء الحاليين ومن يستنجد منهم ، لقاء ما يدفعونه من جعل تحدده قائمة الأسعار التي تقررها جهة الإدارة” . وهذا هو الرأي الذي يميل إلى الأخذ به رجال الفقه المدني ، أما رجال الفقه الإداري فينكرون على مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام أن تكون له صفة تعاقدية ، ويذهبون إلى أن هذا المركز هو مركز قانوني منظم ( situation relementaire ) ( [10] )  .

وسنعود إلى هذه المسألة بالتفصيل عند الكلام في عقد المقاولة في الجزء السابع من الوسيط . وما ذكرناه عن المياه يسري على سائر المرافق العامة من نور وغاز وراديو وتليفزيون ونقل وما إلى ذلك .

وإذا حجز شخص محلا في أحد الملاعب ، فهل يعتبر العقد بينه وبين صاحب الملعب إيجارا فيكون للمحل الذي يحجزه ، أو هو عقد مقاولة يقع على ما يقوم به الملعب من وسائل التسلية للجمهور؟ الظاهر أنه عقد المقاولة  ، لان العنصر الأساسي الذي وقع عليه التعاقد هو ما يقوم به الملعب من عمل .

والاتفاق مع إحدى الصحف على استئجار محل فيها للإعلان نظير مقابل معين ليس عقد مقاولة ، بل هو عقد إيجار . وإذا اتفق شخص مع مالك البناء على نشر إعلانات على حوائط البناء أو فوق سطحه ، وإن اقتصر على تمكين الشخص من إجراء الإعلان فالعقد إيجار .

8- التباس الإيجار بعقد العمل : إذا تعاقدت شركة مركبات مع سائق على أن تعطيه مركبة يستغلها للنقل ، على أن يعطي الشركة جعلا معينا ويأخذ باقي الأرباح لنفسه ، فهل يعتبر هذا الاتفاق عقد عمل ويكون السائق عاملا لدى الشركة ، أو عقد إيجار؟ أو يكون السائق مستأجرا للمركبة؟ يذهب القضاء الفرنسي إلى أن الاتفاق عقد عمل ، لأن صلة السائق بالشركة هي صلة التابع بالمتبوع ، وأجر السائق هو الفرق بين إيراد المركبة وما يدفعه السائق للشركة ، فهو أجر متغير وهذا جائز في عقد العمل . ويترتب على ذلك أن الاتفاق عقد عمل أن القانون الخاص بمسئولية رب العمل يسري في هذه الحالة ، فإذا أصيب السائق في أثناء عمله كان له الرجوع بتعويض على الشركة دون حاجة إلى إثبات تقصير من جانبها( [11] ) .

وإذا استأجر شخص مركبة بسائقها من صاحب مركبات لنقل أمتعته  ، فهل يعتبر العقد واقعا على عملية النقل أو على الانتفاع بالمركبة؟ الظاهر أن العبرة بعملية النقل إذا كان السائق ما يزال في خدمة صاحب الشركة يتقاضى منه أجره فيكون العقد عقد مقاولة للنقل ، لم يطالب مالكها من تعاقد معه بتعويض عن ذلك إلا إذا أصاب المركبة عطب في أثناء النقل ويترتب على ذلك أنه إذا أصاب المركبة عطل عن ذلك إلا إذا كان التلف بفعل هذا الأخير . أما إذا بقيت المركبة والسائق عند المستأجر فترة من الزمن  ، وأصبح السائق تابعا له يأخذ منه أجره ، فالاتفاق عقد عمل مع السائق وعقد إيجاز بالنسبة إلى المركبة( [12] ) .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا استأجر شخص عربة من مالكها مشاهرة ليؤدي بها عمله ، فأصبح السائق يأتمر بأمر المستأجر وأصبح لهذا الأخير حق الرقابة عليه  ، فإذا وقع حادث بخطأ السائق أثناء تأدية عمله كان المستأجر مسئولا عن ذلك ولا رجوع له على مالك العربة( [13] ) .

9- التباس الإيجار بالوكالة : يختلف الإيجار عن الوكالة بأن المستأجر لا يمثل بخلاف الوكيل فإنه يعمل باسم الوكيل ويمثله ، ومحل الوكالة تصرف قانوني أما الإيجار فمحله عمل مادي ، وتنتهي الوكالة بموت الوكيل أو بموت الموكل ولا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر إلا في حالات استثنائية ، ويجوز الرجوع في الوكالة ولا يجوز الرجوع في الإيجار ، ويجوز في الوكالة أن يعدل القاضي الأجر الموافق عليه أما في الإيجار فلا يجوز ذلك إلا في حالات استثنائية . ويشترك الوكيل والمستأجر في أنه إذا تصرف أي منهما في الشيء الذي تحت يده بدون إذن المالك اعتبر مبددا .

وقل أن يقع لبس بين الوكالة والإيجار ، إلا أن ذلك جائز الوقوع كما في الفرض الآتي . يتفق شخص مع آخر على أن يؤجر له جملة واحدة أعيانا يملكها الأول ، على أن يؤجرها المستأجر من باطنه واحدة واحدة ويتقاسم الأجرة مع المؤجر بنسبة معينة أو يأخذ لنفسه مبلغا معينا يخصمه من الأجرة التي يتقاضاها من المستأجرين عقد إيجار ، بل هو عقد وكالة مأجور  ، والوكيل فيها هو من تسمى بالمستأجر الأصلي ، والموكل من تسمى بالمؤجر . وحقيقة إنفاقهما أن الثاني وكل الأول في تصرف قانوني وهو إيجار الأعيان المملوكة لهذا الأخير وقبض الأجرة من المستأجرين وتسليمها للموكل ، وذلك في مقابل أجر واحد قد يكون مبلغا معينا أو نسبة معينة من مقدار الأجرة التي يدفعها من يتسمون بالمستأجرين من الباطن وهم في الواقع مستأجرون أصليون( [14] )  . ويترتب على ذلك أن العقد وكالة لا إيجار أن علاقة المؤجر بالمستأجر تقوم مباشرة بين الموكل والمستأجرين من الوكيل ، وأن يجوز رجوع كل من الموكل والوكيل عن الوكالة ، وأن الوكالة تنتهي بموت أحد المتعاقدين( [15] ) .

10- التباس الإيجار بالوديعة : يختلف الإيجار عن الوديعة في أن المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة والمودع هو الذي يدفع الأجر ، كما أن مسئولية المودع عنده أخف من مسئولية المستأجر ، ويلتزم المودع عنده برد العين إلى المودع بمجرد انتهاء طلبه ولو لم ينقض الأجل أما المستأجر فلا يرد العين إلا بعد انقضاء مدة الإيجار . ويشترك المودع عنده والمستأجر في أنه إذا تصرف أي منهما في العين بدون إذن المالك اعتبر مبددا .   

16 وقد يقع لبس بين العقدين في الأحوال الآتية :

1 – يتعاقد شخص مع أحد المصارف على أن يخصص له خزانة في مصرف يضع فيها ما يخشى عليه الضياع من الأشياء الثمينة location des coffres – forts  . فهل يعتبر هذا العقد إيجاراً للخزانة ، أو وديعة لدى المصرف للأشياء التي توضع في الخزانة ؟ لا عبرة بالأجرة الذي دفع للمصرف ، فهو قد يكون أجرة للخزانة إذا اعتبرنا العقد إيجاراً ، وقد يكون أجراً للمودع عنده إذا اعتبرنا العقد وديعة ، فوجود الأجر لا يرجح كفة على الأخرى .

وقد كان الرأي الراجح في الفقه والقضاء في فرنسا وفي مصر ( [16] ) أن العقد إيجار لا وديعة ، لأن المصرف لا يتسلم الأشياء التي يريد المستأجر إيداعها في الخزانة ، ولا يتعهد بردها ، بل يعطي المستأجر مفتاح الخزانة وهو يضع ما يريد فيها . وإذا قيل إن المصرف ملتزم بالمحافظة على الخزانة فهذا التزام يصح اشتراطه على  المؤجر في عقد الإيجار ، وإذا قيل إن المصرف يكون عنده عادة أحد المفتاحين اللذين لا يمكن فتح الخزانة بدونهما فإن هذا متفرع عن التزام المصرف بالمحافظة على الخزانة . ويترتب على الأخذ بهذا الرأي النتيجتان الآتيتان : ( أ ) إذا أراد دائنو المستأجر أن يوقعوا حجزاً على الأشياء الموجودة بالخزانة ، فإن عليهم أن يوقعوا حجزاً تنفيذياً لا حجزاً تحفيظاً على ما للمدين لدى الغير ، لأن هذه الأشياء تعتبر في حيازة 17 مدينهم وهي في الخزانة التي استأجره وليست دين وديعة في ذمة المصرف حتى يجوز توقيع الحجز تحت يديه . ( ب ) في حالة ما إذا تلفت الأشياء المودعة بالخزانة لقوة قاهرة كحريق ، فإن المصرف لا يكون مسئولا إذا اعتبر العقد وديعة ، إذا المودع عنده لا يسأل عن القوة القاهرة حتى لو كانت الوديعة مأجورة . أما إذا اعتبر العقد إيجاراً ، وكان الحريق متسبباً عن عيب حفى في بناء المصرف ، فالمصرف ضامن لهذه العيوب ولو لم يثبت قبله أي خطأ ( [17] ) .

ولكن حدث أخيراً تحول في الفقه والقضاء في هذه المسألة ، ورجح الرأي الذي يذهب إلى أن العقد ليس إيجارا وإنما هو وديعة . ذلك أن التزام المصرف بالمحافظة على الخزانة هو التزام جوهري ، ولو كان المصرف مؤجرا للخزانة لكان التزامه بالمحافظة عليها التزاما ثانوياً ، والعميل إنما تعاقد مع المصرف للحصول على هذا الالتزام . والعقد للذي يكون فيه واجب الحفظ واجباً جوهرياً إنما يكون وديعة لا إيجاراً . ولا يمنع من أن يكون العقد وديعة أن يكون المصرف لا يتسلم الشيء ، فالمودع عنده قد يترك المودع يضع بنفسه الشيء في المكان الذي يحفظ فيه دون أن يتسلمه . كذلك لا يمنع من أن يكون العقد وديعة أن المصرف لا يقوم بنفسه برد الشيء ، فيكفي في الرد أن المصرف يمكن العميل من استرداد ما استودعه الخزانة . وإذا كان هناك اعتراض جدى على أن العقد وديعة ، فهذا الاعتراض إنما يأتي من أن الوديعة تكون عادة غير مأجورة ، بل هي خدمة وديعة يقوم بها صديق نحو صديقه . ومن ثم يجب أن يتميز عن عقود الوديعة العادية ما يمكن أن يسمى بعقرد الحفظ (contrats de grade ) المهنية ، حيث يتخذ الشخص الوديعة 18 المأجورة حرفة له ، كالمصرف بالنسبة إلى الخزانة فيما قدمناه ، وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلى السيارات التي تودع عنده ( [18] ) .

وأهم نتيجة لهذا التحول ، فيما يبدو ، أنه حسم النزاع في الحجز الذي يوقع على الأشياء المودعة . ذلك أنه عند ما كان العقد يكيف إيجاراً ، كان المنطق القانوني يقضي بأن دائني المستأجر ، إذا أرادوا توقيع حجز على الأشياء المودعة بالخزانة ، يوقعون حجز تنفيذا لا حجزاً تحفظيا كما سبق القول . ولا شك أن في إلزام الدائنين بتوقيع الذي قصدوا إليه ، إذ يجب في الحجز التنفيذي أن يكون لدى الدائنين سند تنفيذي ويجب أن يسبق الحجز تنبيه بالدفع ، وهذا كاف لجعل المدين يتنبه فيبادر إلى إخفاء الأشياء التي أودعها الخزانة ( [19] ) هذا إلى أنه في الحجز التنفيذي يجب على الدائنين أن يعينوا الخزانة  تعيينا كافيا لتوقيع الحجز عليها ، أما في حجز ما للمدين لدى الغير فيكفي أن يحجزوا تحت يد المصرف دون تعيين للخزانة ( [20] ) .

2 – يحدث أن يتفق تاجر مع صاحب مخزن على أن يضع التاجر بضائعه في هذا المخزن في مقابل أجر معين ، فهل يعتبر هذا العقد وديعة بأجر للبضائع المخزونة أو عقد إيجار للمخزن نفسه ؟ الظاهر أن العبرة في ذلك بمعرفة من يكون عليه واجب المحافظة على البضائع ، فإذا ثبت أن صاحب المخزن ليس عليه أن يتسلم البضائع ولا أن يردها للتاجر ولا أن يحافظ عليها وهي في المخزن ، كان العقد إيجارا لا وديعة . وهذا ما يذهب إليه الفقه ويسير عليه القضاء في فرنسا . ( [21] ) .

20 3 –تتفق إدارة المعرض عادة مع العارضين على أن تخصص لكل منهم مكانا في المعرض يضع فيه ما يريد عرضه على الجمهور ، وذلك في مقابل أجر معلوم ، فهل يعتبر هذا العقد وديعة أو إيجار ؟ الظاهر هنا أيضاً أن العبرة بمعرفة من يكون عليه واجب الحفظ ، كما هو الأمر في الحالة السابقة . فإذا كانت البضائع في عهدة إدارة المعرض وهي التي تحافظ عليها فالعقد وديعة ، وإلا فهو إيجار حتى لو اشترط على العارض أنه لا يجوز له أن يأخذ معروضاته قبل نهاية المعرض فإن وجود هذا الشرط لا يتعارض مع عقد الإيجار ( [22] ) .

11 – التباس الإيجار بالشركة : يختلف الإيجار عن الشركة في أن المستأجر يدفع أجرة معينة للمؤجر وهو حر بعد ذلك في استغلال الشيء المؤجر ، فالمكسب له والخساره عليه ، أما في الشركة فالشيء المشترك يستغله الشريكان ويقتسمان الربح والخسارة .

21 وقد يلتبس الأمر في عقد المزارعة ، لأن المؤجر يأخذ أجرته جزءاً من المحصول فهو يقتسم الربح والخسارة مع المستأجر . ولكن الأجرة في المزارعة هي نسبة معينة من نفس المحصول الذي نتيجته الأرض ، أما في الشركة فالشريك يقاسم شريكه في صافي ثمن المحصول لا في المحصول نفسه ( [23] ) .

ويتفق أن مالك الشيء يعطيه لآخر يستغله ويتعهد فوق ذلك أن يقوم بأشياء لازمة للاستغلال ، كصاحب مصنع يتعهد ، فوق تسليم المصنع لمن يستغله ، أن يورد الآلات اللازمة والقوة الكهربائية والفحم وأن يدفع مرتبات بعض العمال في نظير أن يتقاضى جزءاً من إيراد المصنع . وقد ذهب بعض المحاكم ( [24] ) إلى أن هذا العقد شركة لا إيجار . ويرى بعض الفقهاء ( [25] ) أن العقد يجمع بين البيع والإيجار وعقد العمل . على أنه يجوز للمؤجر أن يشترط أجرة معينة مع جزء من صافي الربح ويبقى العقد إيجاراً ( [26] ) .

12 – التباس حق المستأجر بحق الانتفاع : حق المنتفع usufruitier  يشبه حق المستأجر . فكل من المنتفع والمستأجر ينتفع بشيء لا يملكه ولمدة معينة . إلا أن الحقين يختلفان أيضا من وجوه أهمها ما يأتي : ( 1 ) حق المنتفع حق عيني ، أما المستأجر فحقه شخصي . ( 2 ) حق المنتفع ينقضي حتما بموته ، أما حق المستأجر فيورث عنه إلا إذا كان الإيجار معتبرا فيه شخصيته . ( 3 ) حق المنتفع قد يكون بعوض أو بغير عوض ، أما حق المستأجر فهو دائماً بعوض . ( 4 ) حق المنتفع يكون مصدره أي سبب من أسباب كسب الحقوق العينية فيما عدا الميراث ، أما حق المستأجر فمصدره دائماً هو العقد ( [27] )

22 وبالرغم من هذه الفروق قد توجد أحوال يلتبس فيها حق المستأجر بحق الانتفاع ، منها ما يأتي :

1 – حق المستأجر في الإيجار مدى الحياة قد يلتبس بحق المنتفع ، لأن كلا منهما لا يورث ، بل ينتهي بموت المستأجر أو المنتفع . على أنه من المتفق عليه أن الإيجار قد يكون لمدة حياة المستأجر دون أن يكون له من وراء ذلك حق عيني في الشيء المؤجر ، لأن طول المدة وقصرها لا تأثير له في طبيعة الحق ( [28] ) .

2 – هناك عقود إيجار مؤبدة أو لمدة طويلة ، وهي تعطي المستأجر حقاً عينياً في الشيء المؤجر ، فحق المستأجر يشبه من هذا الوجه حق المنتفع . وهذه العقود ، ومنها الحكر ، لها أحكام خاصة فلا يجوز الخلط بينها وبين حق الانتفاع ، لأن الحقوق العينية الناشئة عنها تنتقل إلى الورثة ، أما حق الانتفاع فلا يورث . كذلك لا يجوز الخلط بينها وبين عقود الإيجار المعتادة ، لأنها عقود طويلة المدة ، ولأن الحقوق التي تنشأ عنها هي حقوق عينية ( [29] ) .

13 – التباس حق المستأجر بحق الارتفاق : قل أن يلتبس حق المستأجر بحق الارتفاق . ومع ذلك قد يقع لبس في حق المرور إذا منح بمقابل . فإن كان قد منح لمصلحة عقار ، فهو حق ارتفاق . وقد يمنح لا لمصلحة عقار ، 23 كما إذا منحت شركة سكك حديدية شركة أخرى أن تمر قاطراتها على قضبان الشركة الأولى . ففي هذه الحالة يكون العقد إيجاراً واقعاً على حق المرور ( [30] ) .

14 – التباس حق المستأجر ببعض الحقوق المعنوية : قد ينزل المخترع عن براءة الاختراع لآخر بمقابل ، ويكون العقد بيعا أو إيجاراً . وهو بيع إذا نزل المخترع عن جميع حقوقه طول المدة التي تقوم فيها هذه الحقوق . وهو إيجار إذا نزل عن حقوقه لمدة معينة ، أو في مناطق محددة ، أو اقتصر العقد على بعض من هذه الحقوق ( [31] ) .

وقد تمنح رخصة للدفن في أرض معدة لذلك . فإذا كانت الرخصة موقتة والدفن لمدة معينة ، فالعقد غيجار . أما إذا كانت الرخصة دائمة ، فحق صاحب الرخصة يكون حقا عينيا ، ولكنه ليس حق ملكية فلا يستطيع أن يستعمله إلا للدفن . ( [32] ) .

2 – عقد الإيجار من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية

15 – البيئة الاجتماعية التي ظهر فيها عقد الإيجار : لم يكن عقد الإيجار معروفاً في العصور الأولى للإنسانية ، وقت أن كان النظام الاجتماعي يقضي بوجود طبقتين من الناس لا ثالث لهما : طبقة الملاك وهؤلاء كانت لهم الأرض والبيوت ، وطبقة العبيد يعملون في الأرض ويخدمون في البيوت لحساب أسيادهم . فلم تكن هناك حاجة لعقد الإيجار . ولكن هذه الحالة الاجتماعية لم تدم ، وما لبث أن تكون بالتدريج طبقة وسطى بين الطبقتين ، من عبيد تحرروا فارتفعوا إلى طبقة أعلى ، وملاك أضاعوا ما يملكون واضطروا إلى تلمس أسباب العيش من كسب أيديهم فهبطوا إلى طبقة أدنى . وتقابل الفريقان ، فكان منهم ومن نسلهم تلك الطبقة الوسطى التي أشرنا إليها ، وهذه كانت تعمل في أرض الملاك وتسكن بيوتهم . ولذلك نشأت الحاجة إلى عقد 23 الإيجار ، يحدد العلاقة القانونية بين الطبقتين . ومال الملاك من جهة أخرى إلى استغلال أملاكهم بطريق الإيجار بعد أن تحرر عدد كبير من العبيد ، فلم يعودوا يستطيعون استغلال الأرض بواسطة العبيد . وأخذت الطبقة العاملة تستغل الأموال ، وتقتسم الغلة مع أصحاب هذه الأموال ، وتدفع لها نصيبها في شكل أجرة بموجب عقد إيجار . وسكنت طبقة الملاك إلى هذه الحالة ، فأخذت في تشييد المنازل لإيجارها لمن لا قبل له بامتلاك المسكن الذي يأوى إليه . وعاد ذلك بالفائدة على الفريقين ، ففريق المؤجرين يستغلون أموالهم على خير وجه ، وفريق المستأجرين ينتفعون بالشيء الذي لا يستطيعون امتلاكه .

والظاهر أن أول عقد عرف هو عقد المقايضة ، وتلاه البيع بعد أن اخترعت النقود ، ثم تلى البيع الإيجار . فالإيجار من أقدم العقود عهداً ، وكان معروفاً في القانون الروماني كعقد من العقود الشكلية قبل أني صبح مع البيع من عقود التراضى . وبدأ في أول عهده عند الرومان يكون بين الحكومة والأفراد ، إذا كانت الحكومة تؤجر للأفراد الأراضي المملوكة لها والمحاجر والمصايد وغيرها بطريق المزاد العلني . وظهر أثر ذلك في عقود الإيجار بين الأفراد بعضهم ببعض ، إذا كانوا يقلدون في هذه المعاملات الفردية ما كان متبعا في عقود الإيجار مع الحكومة ، من تحديد المدة ، ومن تجديد هذه المدة ، بعد انقضائها ، ومن تقدير الأجرة بمبلغ من النقود ، ومن جعل هذه الأجرة في مقابل الانتفاع وقد كانت الحكومة لا تتقاضى أجرة على أراضيها إذا امتنع على المستأجر الانتفاع بها بسبب غزو أو حرب .

ويرى بعض فقهاء القانون الروماني أن الإيجار اقتصر في أول الأمر على الدواب والعبيد تستأجر في عهد الحصاد ، ويرى بعض آخر أنه امتد إلى العقار في الوقت الذي تناول فيه المنقولات ، وأنه بدأ في العقار بالبيوت قبل أن يتناول الأراضي الزراعية وذلك لحاجة الطبقة الفقيرة إلى السكن . ويفسر أصحاب هذا الرأي ضعف مركز المستأجر إزاء المؤجر من الوجهة القانونية ، والسبب في الاقتصار على إعطائه حقا شخصيا لا عينيا ، والتقصير في حماية حيازته حماية 25 كاملة ، بأن طبقة المستأجرين كانت في أول أمرها طبقة ضعيفة فقيرة ، هذا عدا أسباباً أخرى قانونية خاصة بالقانون الروماني سيأتي ذكرها في موضعه ( [33] ) . ( أيضا انظر في مقال محامي عقاري  )

16 – أهمية عقد الإيجار : يتضح مما تقدم أن عقد الإيجار هو قوام الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة ، وهما الطبقتان القائمتان بأهم الأعمال العقلية والمادية . وهو في الوقت ذاته بالنسبة إلى الطبقة الغنية من خير طرق الاستغلال للأموال . ولذلك قال الأستاذ دي هلتس بحق إن عقد الإيجار من أكثر العقود تداولا ، وليس بين الناس إلا من هو مستأجر ، عدا الملاك الذين يسكنون في أملاكهم والمتشردين للذين لا مأوى لهم ، وحتى الملاك لا تخلو الحال غالباً من أهم يؤجرون ويستأجرون ( [34] ) .

وعقد الإيجار فوق ذلك يجعل المؤجر والمستأجر في اتصال دائم طوال مدة الإيجار ، مما يستدعى الدقة في وضع القواعد التي تضبط هذه العلاقة المستمرة ، وتبين حقوق كل من الطرفين وواجباته . وهذا يجعل القانون المتعلق بالإيجار من القوانين التي يكثر رجوع الناس إليهم في معاملاتهم ، ويجعل قضايا الإيجار أمام المحاكم من أكثر القضايا عدداً ، مما يستلزم وضع قواعد خاصة لتنجيز هذه القضايا وسرعة البت فيها .

وقد قيل في فجر القرن التاسع عشر : (( إن عقد الإيجار تولد من الحاجة إلى التضامن بين الثروة العقارية والصناعية ، وهو كثير التداول بنوع خاص في بلد تقدمت فيه العلوم والفنون والتجارة والملاحة إلى حد لم يدع لكثير من الملاك وقتاً لاستغلال أموالهم بأنفسهم ، ولم يوفر لهم الوسائل لذلك . في بلد ليس كل سكانه من ذوي الثروة العقارية ، وتقتضي فيه المعاملات التجارية أن يبقى جزء كبير من رؤوس الأموال مخصصا للتجارة . فالإيجار 26 له علاقة وثيقة بالشيئين اللذين يرتبطان بالنظام العام أشد ارتباط ، وهما الملكية والصناعة. ولذلك كان من الضروري أن يكون للإيجار أحكام من شأنها المحافظة على الأملاك وترقية الزراعة . ولا يجوز أيضا أن يغيب عن البال تلك الطبقة الكثيرة العدد ، وليس لها من ملك غير أيديها العاملة ، وليس لها من مأوى إلا ما تستأجره من أملاك الغير . لذلك وجب أن تكون الأحكام القانونية الخاصة بالإيجار سهلة واضحة دقيقة )) ( [35] ) .

وإذا كان ما قيل في الهيئة التشريعية الفرنسية عن الإيجار في فجر القرن التاسع عشر صحيحاً ، فهو الآن ونحن في النصف الثاني من القرن العشرين أصح وأكثر انطباقاً على حالة المدنية الحاضرة م وجوهها الاجتماعية والاقتصادية . فعقد الإيجار يعد من المقومات الاقتصادية للطبقة العامة في العصر الحاضر ، وهذه الطبقة هي التي يقوم عليها صرح البناء الاجتماعي والاقتصادي في وقتنا هذا . ولذلك كان الإيجار متضمنا لمسألة كبرى ، هي اجتماعية واقتصادية في وقت واحد ، نعالج بحثها فيها يلي بكل إيجاز ( [36] ) .

17 – المسألة الاجتماعية والاقتصادية التي يتضمنها عقد الإيجار :

يمكن تلخيص هذه المسألة في العبارة الآتية : يجب أن يتحقق التضامن بين المؤجر والمستأجر من الوجهة الاجتماعية ، كما يجب من الوجهة الاقتصادية أن يعطي لكل من رأس المال ويمثله المؤجر ، والعمل ويمثله المستأجر ، نصيبه العادل .

في كل بلد متحضر توجد طبقة المؤجرين وطبقة المستأجرين ، ولابد من التضامن الاجتماعي بين هاتين الطبقتين ، وإلا كان كل منهما حربا على الآخر ، يهتبل الفرص لأكل حقه بالباطل . ومما يساعد على قيام هذا التضامن التشريع المناسب مع حالة البلد الاجتماعية والاقتصادية ، فيعمل المشرع على جعل مصالح الطبقتين مشتركة لا متنافرة ، حتى يسود السلام 27 الاجتماعي بين طبقات الأمة الواحدة . ولقد رأينا المشروع في مصر وفي فرنسا وفي غيرهما من البلدان ، عقب الحربين العالميتين ، يضطر للتدخل لما مال ميزان المساواة بين الطبقتين ، واشتطت طبقة المؤجرين فأعنتت الطبقة الأخرى ، وغالت في رفع سعر الأجرة ، بعد أن قلت المساكن ووقفت حركة البناء لغلاء المواد الأولية ، وبعد أن نزل سعر المحصولات الزراعية ونقصت مقاديرها . كان هذا التدخل من جانب المشرع – وإن نعى عليه أنصار النشاط الفردي – محموداً بل واجباً في زمن ليس من الصحيح أن يقال فيه بوجوب ترك القوات الفردية تتناضل لما بينها من التكافؤ . فالواقع أن القوات الفردية أصبحت في المدينة الحاضرة غير متكافئة من  حيث الإنتاج الاقتصادي ، والواقع أيضاً أن الفرد لا ينزل إلى الميدان كفرد منعزل ، بل هو يتقدم كعضو في طبقة ينتمي إليها ، والنضال إذا كان موجودا فهو بين الطبقات لا بين الأفراد .

وإذا قلنا بوجوب تحقيق التضامن والمساواة بين طبقتي المؤجرين والمستأجرين ، فذلك يدعونا إلى النظر في ظل هذا المبدأ إلى مسألة رئيسية ، هي على أي أساس يجب تحديد الأجرة في عقد الإيجار ( [37] ) .

18 – أساس تحديد الأجرة في عقد الإيجار : كتبنا في مؤلفنا في الإيجار الذي وضعناه في سنة 1929 ، أي منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، هذا الصدد ما يأتي :

(( أما عن الأجرة فيجب أن يقوم تحديدها على أساس التضامن اللازم بين رأس المال والعمل ، بحيث لا يجحف أحدهما بالآخر ، فكلا العاملين ضروري للإنتاج . ومستأجر الأرض الزراعية مثلا لا يجني محصولا من غير مواتاة الأرض له ، والأرض لا تواتي إلا بالعمل . فإذا أريد تحديد الأجر الذي يؤديه المستأجر للمؤجر ، وجب أن يراعى في ذلك تحقيق المساواة بين هذين العاملين ، فإذا كان ربح تشاطره الفريقان ، وإن كانت خسارة 28 أصابتهما معاً .. غير أن للمسألة وجهاً آخر ، وذلك أن المالك إذا أجر ملكه ، فليس ذلك بنية أن يكون شريكاً للمستأجر يشاطره الربح والخسارة ، وهو لو أراد ذلك لوجد السبيل إليه في عقد الشركة أو في عقد المزارعة . وإنما يريد أن يضمن لنفسه ريعاً ثابتاً يأخذه من المستأجر ، ويتركه وشأنه له الربح وعليه الخسارة . وهذا مطلب مشروع لا يجوز أن يمنع منه المؤجر )) .

(( على أن الأمر بالنسبة للمستأجر ليس احتماليا إلى الحد الذي قد يظهر مما تقدم ، فإن الشيء المؤجر إذا كان منزلا للسكني أو مكاناً من الأمكنة الأخرى أو منقولا ، فانتفاع المستأجر به غير احتمالي ، بل هو مؤكد ، وهو يعطي للمؤجر الأجرة التي تقابل هذا الانتفاع . والمشرع في ذلك يرقب ألا يجحف المؤجر بالمستأجر في ظروف استئنافية ، كالظروف التي جدت عقب الحرب وسبقت الإشارة إليها وعالجها المشرع علاجاً خاصاً )) .

(( وأما إن كان الشيء المؤجر أرضاً زراعية فهنا موضع البحث والنظر ، لأن المحصولات الزراعية – لا سيما في مصر – غير ثابتة ، لا من حيث أسعارها ، ولا من حيث مقاديرها . لذلك نرى مؤجرى الأرض الزراعية هم في الغالب الفائزون ، لأنهم يتقاضون عن أراضيهم أجرة لا يراعون في تحديدها إلا مصلحتهم ، غير ناظرين إلى الظروف التي أصبح حدوثها في مصر أمراً معتاداً ، من آفة تصيب الزراعة فتنقص المحصول إلى النصف أو الثلث في بعض الأحيان ، ومن هبوط فاحش في أسعار المحصولات لا يد للمستأجر فيه ولا طاقة له بدفعه ، وكل هذه الخسارة ينفرد بها المستأجر بدعوى أن العقد قانون المتعاقدين ، وأن المستأجر التزم بدفع أجرة معينة فيجب عليه القيام بما التزم به . ومن هنا نجد أن الميل الغالب عند ملاك الأراضي الزراعية هو أن يؤجروها لا أن يزرعوها لحسابهم ، لأنهم يعلمون أن الغانم في أغلب الأحيان هو المؤجر ، وأن على غيره تقع الخسارة )) .

(( هذه الحالة السيئة التي وجد فها صغار مستأجري الأرض الزراعية 29 في مصر قضت عليهم أن يبقوا في شظف من العيش ، وأن يكدوا وينصبوا فلا يجزوا بعد هذا إلا الكفاف . وليس من العدل أن يقف المشرع أمام ذلك مكتوف اليد ، يرى طبقة الفلاحين في هذا الضنك مسلوبين من ثمرة عملهم . ولا يجب أن نغتر بسكوت هذه الطبقة عن المطالبة بحقوقها ، فإنها إن سكتت اليوم عن ذلك لما هي فيه من الجهل المخيم ، فهي ستتنبه غدا إلى سوء حالتها ، متى قام بين ظهرانينها جيل متعلم يوجه اهتمامه إلى المسائل الاجتماعية والاقتصادية ، فيشعرها بما هي فيه من الشقاء . وقد بدأ بعض الفلاحين ينزح إلى المدن والبندر حيث العيش أرغد ، ويخشى لو دام الحال على ذلك أن تقل الأيدي العاملة في الزراعة . والعلاج في نظرنا يجب أن يتولاه كل من الاقتصادي والمشرع . أما الاقتصادي فيجب أن يعمل لتنمية روح التعاون بين الفلاحين وإنشاء النقابات اللازمة لذلك ، والمشرع يعني فيما يعني به من شؤون الزراعة بوضع قواعد لتحديد أجرة الأرض الزراعية ، بحيث لا يغبن المؤجر ولا يضار المستأجر )) ( [38] ) .

كتبنا هذه الكلمات منذ أكثر من ثلاثين عاما ، وكأننا كنا نقرأ في كتاب الغيب . فقد تحقق كل ما ذكرناه ، وتدخل المشرع إلى أبعد حدود التدخل ، ووضع حداً أقصى لأجرة الأماكن ، وحداً أقصى لأجرة الأراضي الزراعية . وانقلبت الموازين ، فشالت كفة المؤجر ، وثقلت كفة المستأجر . وسنرى كيف أن قوانين إيجار الأماكن وقوانين الإصلاح الزراعي قلبت الأمور رأساً على عقب ، وبعد أن كان حق المستأجر موكوساً صار هو الأعلى . وثأر المستأجرون والفلاحون لأنفسهم ، وقد تنبأنا لهم بذلك فيما قدمناه . ونرجو ألا يكون هناك شطط ، فيصبح المغبون هو الغابن ، ويعد الميزان إلى الاختلال . ونحن إنما ننصح بالتضامن بين طبقتي المؤجرين والمستأجرين ، لا بالصراع بينهما .

أركان الإيجار

25- تطبيق القواعد العامة : أركان العقد ، في نظريته العامة ، هي التراضي والمحل والسبب . والسبب في عقد الإيجار لا جديد له يقال فيه ، ويكفي الرجوع إلي النظرية العامة في السبب( [39] ) يبقي التراضي والمحل . والمحل في عقد الإيجار مزدوج . فهو بالنسبة إلي التزامات المؤجر يكون في منفعة الشيء المؤجر ثم في مدة الإيجار . والمحل بالنسبة إلي التزامات المستأجر يكون في الأجرة .

ويخلص من ذلك أن الكلام في أركان الإيجار يقتضي أن نعرض في الفرع الأول للكلام في التراضي ، وفي الفرع الثاني للكلام في المحل أي الشيء المؤجر وفي المدة وفي الأجرة . وفي فرع ثالث نتكلم في طرق إثبات ونفاذه في حق الغير وتفسيره( [40] ) .

الفرع الأول

التراضي في عقد الإيجار

26- مبحثان : نبحث علي التوالي الموضوعين الآتيين :

1- شروط الانعقاد في التراضي .                   2- شروط الصحة في التراضي .

المبحث الأول

شروط الانعقاد

27- طرفا العقد – تطابق الإيجاب والقبول : لعقد الإيجار طرفان هما المؤجر والمستأجر , ويشترط لانعقاد الإيجار أن يصدر إيجاب من أحدهما .

وقبول من الأخر مطابق للإنجاب ، وفقا للقواعد العامة في انعقاد العقد( [41] )

المطلب الأول

طرفا عقد الإيجار

28- من له حق الإيجار ومن له حق الاستئجار : تقدم أي طرفي العقد الإيجار هما المؤجر والمستأجر ونبين الآن من هو المؤجر أي من له حق الإيجار ، وهو المستأجر أي من له حق الاستئجار .

1- من له حق الإيجار

29- طوائف ثلاث: يملك حق إيجار الشيء طوائف ثلاث:

أ – من له حق الملك في الشيء                ب – من له الحق في أن ينتفع بهذا الشيء

ج- من له الحق في إدارة هذا الشيء

والأصل في ذلك أن عقد الإيجار ، بخلاف عقد البيع الذي يلزم البائع أن ينتقل ملكية المبيع فلزم أن يكون مالكا ، لا يلزم المؤجر إلا بتمكين المستأجر من أن ينتفع بالشيء المؤجر . فمالك الشيء الذي يستطيع أن يلتزم بذلك ، لأن مالك الشيء ملك منفعته . ومن له الحق في أن ينتفع بالشيء يستطيع أن يلتزم بتمكين غيره من هذا الانتفاع ولما كان عقد الإيجار هو من عقود الإدارة كما سبق القول ، بل هو أهم هذه العقود ، لذلك كان من يملك إدارة الشيء يملك أن يؤجره ، فالإيجار هو الوسيلة المألوفة للإدارة . فإذا كان المؤجر لا يملك شيئا ، وليس له حق الانتفاع به ، وليس له حق إدارته ، فذلك هو إيجار ملك الغير .

فنبحث إذن المسائل الأربع الآتية :

  1. المؤجر هو المالك
  2. المؤجر هو من يملك الانتفاع بالشيء
  3. المؤجر هو من له حق إدارة الشيء
  4. المؤجر فضولي أي إيجار ملك الغير .

أ – المؤجر هو المالك

30- البالغ الرشيد : لا شك في أن المالك ، إذا كان بالغا رشيدا ، يستطيع أن يؤجر ملكه ، إذ هو يستطيع أن يتصرف في هذا الملك بالبيع فأولي أن يملك إيجاره .

31- القاصر والمحجور : فإذا كان الملك قاصراً أو محجورا عليه ، رجعنا إلي أهليته . فهو تارة يستطيع الإيجار في حدود معينة ، وتارة لا يستطيع ، وفقا لقواعد الأهلية ز وسنفصل هذه القواعد عند الكلام في أهلية المؤجر .

32- المريض مرض الموت : ويستطيع المالك الرشيد إيجار ملكه ، حتى لو كان مريضا مرض الموت ، وذلك إذا يكن يقصد التبرع للمستأجر ، بان يؤجر له العين بأجرة لا يأخذ منها شيئا ، أو بأن يأخذ ما دون أجرة المثل بكثير متبرعا بالباقي للمستأجر . فيعتبر الإيجار في هذه الحالة تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسريع ليه أحكام الوصية ومن ثم يكون لورثة المؤجر أن يطالبوا المستأجر سواء كان حتى لو كان مريضا مرض الموت ، وذلك إذا يكن يقصد التبرع للمستأجر ، بان يؤجر له العين بأجرة لا يأخذ منها شيئا ، أو بأن يأخذ ما دون أجرة المثل بكثير متبرعا بالباقي للمستأجر . فيعتبر الإيجار في هذه الحالة تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسريع ليه أحكام الوصية ومن ثم يكون لورثة المؤجر أن يطالبوا المستأجر سواء كان حتى لو كان مريضا مرض الموت ، وذلك إذا يكن يقصد التبرع للمستأجر ، بان يؤجر له العين بأجرة لا يأخذ منها شيئا ، أو بأن يأخذ ما دون أجرة المثل بكثير متبرعا بالباقي للمستأجر . فيعتبر الإيجار في هذه الحالة تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسريع ليه أحكام الوصية ومن ثم يكون لورثة المؤجر أن يطالبوا المستأجر سواء كان حتى لو كان مريضا مرض الموت ، وذلك إذا يكن يقصد التبرع للمستأجر ، بان يؤجر له العين بأجرة لا يأخذ منها شيئا ، أو بأن يأخذ ما دون أجرة المثل بكثير متبرعا بالباقي للمستأجر . فيعتبر الإيجار في هذه الحالة تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسريع ليه أحكام الوصية ومن ثم يكون لورثة المؤجر أن يطالبوا المستأجر سواء كان غير وارث ، برد من المحاباة في الجرة علي ثلث التركة ، إلا إذا أجازوا التصرف( [42] ) وتستند فيما قررناه المادة 916 مدني وتنص علي ما يأتي : «1- كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصودا به التبرع ، يعتبر تصرفا مضافا إلي ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف 2- وعلي ورثة من تصرف أن يثبتوا أن العمل القانوني قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت ، ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ، ولا يحتج علي الورثة بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثباتا 3- وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في صدر له التصرف عكس ذلك . كل ما لم توجد أحاك خاصة تخافه»

ويخلص من هذا النص أنه أثبت الورثة أن الإيجار قد صدر في مرض الموت ، واعتبر أنه قد صدر علي سبيل التبرع ، ما لم يثبت المستأجر أنه إيجار حقيقي والمحاماة في الأجرة . فإن لم يثبت المستأجر ذلك ، كان عليه أن يرد إلي التركة ما جاوز مقدار المحاباة فيها ثلثها ، ويستبقي المحاباة فيما لا يجاوز هذا الثلث( [43] )

33- المشتري والبائع في عقد البيع غير المسجل : وقد يتفق أن المشتري للعقار يؤجره قبل أن يسجل عقد البيع ، فإذا أجره كان الإيجار صادرا من غير مالك . ولكن هذا لا يمنع أن يكون إيجاره صحيحاً ناقدا في حق المالك أي البائع . إذا البيع غير المسجل هو بيع تام ، يرتب جميع أثاره فيما عدا نقل الملكية فالمشتري الذي لم يسجل عقده يستطيع رغماً من ذلك أن يطالب البائع بتسليم العين إذا لم يكن قد تسلمها ، ولا يستطيع البائع أن يستردها منه إذا كان قد سلمها إليه( [44] )

ففي الفرض الذي نحن بصدده يستطيع المشتري الذي أجر العين أن يسلمها للمستأجر لينتفع بها طول مدة الإيجار ، ولا يستطيع البائع أن يسترد العين من يد المستأجر لأنه من يلتزم بضمان المعترض قبل المشتري واسترداد العين من تحت يد المستأجر يتناقض مع هذا الضمان( [45] ) أما البائع في عقد البيع غير المسجل فلو أنه يظل مالكا ، إلا انه لا يستطيع إيجار العقد إيجارا ينفذ في حق المشتري . ذلك أن من حق المشتري أن يطالب البائع بتسليم العقار( [46] ) ومن حقه أيضا بعد تسجيل البيع أن يحتج علي المستأجر بعدم نفاذ الإيجار في حقه لأنه نال للبيع (  م 604/1 مدني  ) ويستطيع المستأجر وفي هذه الحلة الآن يطلب فسخ الإيجار لعدم استطاعة المؤجر أن يقوم بالتزاماته( [47] )

علي أن ذلك لا يمنع المشتري من التمسك بعقد الإيجار إذا أراد ذلك ، وعندئذ يلتزم المستأجر به نحوه (  م 604/ 2 مدني  )

34- المالك الذي فسخ عقد الملكية والملك تحت شرط الفاسخ : مثل المالك الذي فسخ عقد ملكيته المشتري الذي فسخ عقد شرائه لعدم وفائه بالثمن ، ومن رسا عليه المزاد وبيعت عليه العين مرة ثانية ، والموهوب له بعد الرجوع الواهب في الهبة . ومثل المالك تحت شرط فاسخ المشتري بشرط التجربة إذا تبين من الإنفاق أو الظروف أن البيع معلق علي شرط فاسخ (  م 421/ 2 مدني  ) ، والمشتري وفاء عندما ما كان بيع الوفاء جائزاً .

ولا شك في أن الملك الذي فسخ عقد ملكيته إذا اجر بعد الفسخ ، يكون إيجاره صادرا من غير مالك . لكنه إذا أجر قبل الفسخ ، ثم وقع الفسخ قبل انتهاء الإيجار يبقي ساريا إلي انقضاء مدته ، لأنه صادر من مالك ، والمالك يملك الإيجار حتى لو فسخت ملكيته فيما بعد ، ولا ينفسخ الإيجار بفسخ الملكية( [48] ) وهذا الحكم يسري علي المالك تحت شرط فاسخ( [49] ) وقد ورد النص صريح في هذا المعني في المادة 269/2 مدني ، وهي تجري علي الوجه الأتي : «علي أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن (  تحت شرط الفسخ  ) تبقي نافذة رغم تحقق الشرط»( [50] ) وقد كان هذا هو الحكم في إيجار المشتري وفاء عندما كان بيع الوفاء جائزا حيث نصت المادة 345/431 مدني قديم على انه «عند رجوع المبيع بيع وفاء إلى البائع يأخذه خاليا من كل حق ورهن وضعه علية المشتري إنما يلزم البائع بتنفيذ الإيجارات التي أجرها ذلك المشتري بدون غش بشرط أن تكون مدتاه لا تتجاوز ثلاث سنين» .

فالإيجار الصادر من مالك فسخ عقد ملكيته فيما بعد أو من مالك تحت شرط فاسخ ثم تحقيق الشرط يكون صحيحا نافذا في حق من آلت إليه الملكية بالفسخ أو بتحقيق شرط الفسخ أو قبل تحقيق الفسخ ولا يشترط في ذلك إلا يكون الإيجار ثابت التاريخ قبل الفسخ أو قبل تحقيق شرط الفسخ ( م395مدني ) وأن يكون قد صدر دون غش أي دون تواطؤ بين المؤجر والمستأجر على الأضرار بمن تؤول إلية الملكية( [51] ) ويكون الإيجار صادرا دون غش إذا لم يجاوز المألوف في الغدارة الحسنة ، بأن يكون بغير فاحش وللمدة التي لا تتعارض مع العرف ولو زادت علي ثلاث سنوات . وقد كان المشتري وفاء يشترط في إيجاره ألا تجاوز مدته ثلاث سنوات بنص التصريح هو المادة 345 /431 مدني قديم( [52] )

كما سبق القول ولكن هذا النص غير موجود في التقنين المدني الجديد ، فلا يجوز التقيد به . وإذا كانت المادة 559 مدني جديد لا تجيز الإيجار لمدة تزيد علي ثلاث سنوات لمن لا يملك إلا حق الإدارة ، فإنها لا تطابق هنا . ذلك أن المالك الذي فسخ العقد ملكيته أو الملك تحت شرط فاسخ لا يملك حق الإدارة فحسب ، بل يملك أيضا حق التصرف ، فلا تسري عليه المادة 559 مدني السالفة الذكر ، وله أيضا أن يؤجر لأية مدة كانت ولو زادت هذه المدة علي ثلاث سنوات( [53] )

35- المفلس : والتاجر الذي أعلن إفلاسه لا يستطيع أن يؤجر الأعيان المملوكة له لأنه لا يجوز للمفلس أن يدر أملاكه (  م 216 تجاري  ) ، ويكون الإيجار الصادر منه بعد إعلان الإفلاس باطلا أما الإيجار الصادر منه بعد التوقف عن الدفع وقبل إلا عن الإفلاس فيكون قابلا للإبطال لمصلحة الدائنين إذا ثبت أن المستأجر كان يعلم وقت الإيجار بحالة المؤجر المرتكبة ويجوز للدائنين أيضا إبطال الإيجار ولو لم يثبت علم المستأجر بذلك إذا اتضح أن الإيجار يخفي هبة مستترة أو يعطي للمستأجر فائدة استثنائية (  م 228 تجاري  ) ويجوز أيضا للدائنين إبطال الإيجار لولا كان صادرا قبل التوقف عن الدفع إذا ثبت أن هناك تواطؤ بين المؤجر والمستأجر علي الإضرار بحقوق الدائنين وكان من وراء ذلك أن وقع الضرر بالفعل (  م 32 تجاري  )( [54] )

36- المدين الذي تتخذه ضده إجراءات نزع الملكية : وقد نصت المادة 621 مرافعات علي أن «عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل التسجيل التنبيه ينفذ في حق الحاجزين والدائنين المشار إليهم في المادة 637 والراسي عليه المزاد وذلك بغير إخلال بأحكام القانون المتعلقة بعقود الإيجار والواجبة الشهر أما عقود الإيجار غير الثابتة التاريخ قبل تاريخ التسجيل فلا تنفيذ في حق من ذكره إلا إذا كان من أعمال الإدارة الحسنة

ويخلص من هذا النص أن الإيجار إذا كان ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه فإنه ينفذ في حق الجميع أي كانت مدته وأي كان مقدار الأجرة ما لم يكن هناك تواطؤ بين المؤجر والمستأجر( [55] )

أما إذا كان الإيجار غير ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه فإنه لا ينفذ إلا إذا كان من ألعمال الإدارة الحسنة فلا يجوز أن تزيد مدته علي المألوف عرفا كما لا يجوز أن تكون في الأجرة غش فاحش( [56] )

( ب ) : المؤجر هو له الانتفاع بالشيء

37- مالك حق الانتفاع نص قانوني : تنص المادة 560 من التقنين المدني علي ما يأتي : «الأجرة الصادرة من له حق المنفعة تنقضي بانقضاء هذا الحق إذا لم يجزها مالك الرقبة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل محصول السنة( [57] ) والانتفاع حق عيني يحول صاحبه استعمال شيء مملوك للغير واستغلاله ، وينتهي حتما بموت المنتفع . فالمنتفع إذن أن يؤجر العين ، إذا الإيجار هو الوسيلة الطبيعية للاستغلال . ولا حد لمدة الإيجار إلا المدة التي يبقي فيها حق الانتفاع قائما لأنه بطبيعته حق مؤقت ، ولا يجوز بحال أن يبقي بعد موت المنتفع . فإذا كان الانتفاع قائما لأنه بطبيعته حق مؤقت ، ولا يجوز بحال أن يبقي بعد موت المنتفع أن يؤجر العين لأية مدة بشرط ألا تجاوز عشر سنوات مثلا ، استطاع المنتفع أن يؤجر العين لأية مدة بشرط ألا تجاوز عشر سنوات وألا تجاوز في الوقت ذاته حياة المنتفع لا يتقيد بمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، لأنه عندما يؤجر العين لا يفعل ذلكم بموجب حق الغدارة وإلا لما جاز له أن يزيد علي ثلاث سنوات . فهو إذن لا يدير العين نائبا عن الغير ، وإنما يستعمل حقه الأصيل في الانتفاع . فإذا فرضنا أنه أجر العين لمدة سبع سنوات . أما إذا مات بعد انقضاء خمس سنوات مثلا . فإن الإيجار ينتهي بموته لزوال حق الانتفاع بالموت . علي أنه إذا أقر مالك الرقبة الإيجار ، مقدماً أو عند موت المنتفع( [58] ) وفي حالة ما إذا انتهي الإيجار بموت المنتفع قبل انقضاء مدته لأن مالك الرقبة لم يقر الإيجار ، لا يحكم علي المستأجر بالإخلاء فوراً ، بل يجب علي المالك أن ينبه عليه بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 مدني وسيأتي بيانها ، وإذا كانت العين أرضا زراعية لم يجز إنهاء الإيجار قبل نقل المحصولات ولو اقتضي هذا النقل وقتا أطول من الميعاد المقرر للتنبيه بالإخلاء . وقل مثل ذلك كان حق الانتفاع مقرراً طول حياة المنتفع وأجر هذا الأخير العين لمدة سبع سنوات ، وبقي حياً طوال هذه المدة ، فإن الإيجار يبقي إلي انقضاء مدته . أما إذا مات المنتفع بعد انقضاء خمس سنوات مثلا ، فإن الحكم هو ما قدمناه ، في حالتي إقرار الملك للإيجار وعدم إقراره إياه .

هذا كله إذا اجر المنتفع العين باعتباره منتفعا . أما إذا أجرها متخذاً لنفسه صفة المالك ، وانتهي حق الانتفاع قبل انقضاء مدة الإيجار ، ولم يقر المالك الإيجار للمدة الباقية ، فإنه لا يجوز للمستأجر الرجوع علي المنتفع أو علي ورثته بتعويض يدفع من التركة .

ويجوز للمنتفع أن يؤجر العين لمالك الرقبة نفسه ، فإذا مات قبل انقضاء مدة الإيجار انتهي الإيجار باتحاد الذمة ، إذا يجتمع عند المالك صفة المستأجر وصفة المؤجر معاً .

38- مالك من حق السكني ومالك من حق الاستعمال : أما مالك حق السكني ومالك حق الاستعمال فلا يجوز لأي منهما أن يؤخر حقه ، لأن هذا الحق مقصور علي شخصه (  م 996 مدني )( [59] )

فإذا أوصي لشخص بحق سكني منزل ، فقد كانت الفتوى علي أنه «لا يملك المستحقون للسكني في الدار إيجارها ، ولا أحدهم إسكان غيره في نصيبه بعوض ، ولو ليأخذ هذا العوض ليدفعه أجرة لمحل يسكن فيه»( [60] )

ولما كان تطبيق هذا المبدأ فيه ضيق وحرج ، فقد يوصي شخصي بسكني منزل لأولاده ، ويستدير الزمن فإذا البيت أصبح لا يليق بسكناهم ، قد ينتقلون من بلد إلي أخر فلا يستطيعون سكني المنزل ولا يستطيعون إيجاره لغيرهم والانتفاع بالأجرة في استئجار مسكن لهم في البلد الذي يقيمون فيه . من أجل ذلك أجازت المادة 997 مدني النزول علي حق الاستعمال أو حق السكني إذا وجد شرط صريح أو مبرر قوي لذلك ، إذ نقول : «لا يجوز النزول عن الغير عن حق الاستعمال أو عن حق السكني إلا بناء علي شرط صريح أو مبرر قوي »( [61] )

39- المستأجر : وللمستأجر أن يؤجر العين من الباطن ويكون الإيجار واقعاً علي حقه الشخصي المستمد من عقد الإيجار الأصلي . والأصل في ذلك أن المستأجر ، كالمنتفع ، له أن يتصرف في حقه الثابت بموجب عقد الإيجار الأصلي . والأصل في ذلك أن المستأجر ، كالمنتفع ، له أن يتصرف في حقه الثابت بموجب عقد الإيجار . فيجوز له بيعه وهبته وهذا هو التنازل عن الإيجار ، كما يجوز له إيجاره من الباطن ولا يمنعه من ذلك أن حقه الشخصي بخلاف حق المنتفع فإنه عيني ، فإن الحق الشخصي كالحق العيني يجوز التصرف فيه ويجوز إيجاره( [62] ) .

40- المستعير وحافظ الوديعة : أما المستعير فلا يجوز له ، دون إذن المعير ، إيجار الشيء المعار وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 639 مدني علي هذا الحكم صراحة إذ تقول ليس للمستعير أن يستعمل الشيء المعيار إلا علي الوجه العمين وبالقدر المحدد ، وذك طبقا لما يبينه العقد أو تقبله طبيعة الشيء أو يعينه العرف . ولا يجوز له دون إذن المعير ان ينزل عن الاستعمال للغير ولو علي سبيل التبرع» 50 ولا يجوز لحافظ الوديعة أن يؤجرها ، لأن الإيجار استغلال للعين ، والوديعة إنما شرعت لحفظ العين لا لاستغلالها ( م 718 مدني ) .

41- الدائن المرتهن رهن حيازة : والدائن المرتهن رهن حيازة عليه أن يستثمر العين المرهونة استثمارا كاملا ، وما حصل عليه من هذا الاستغلال يخصم من المبلغ المضمون بالرهن ( م 1104 مدني ) . ويخلص من ذلك أنه يستطيع أن يؤجر العين المرهونة( [63] ) ،لأن الإيجار هو الوسيلة المألوفة للاستغلال( [64] ) . ويستطيع الإيجار لمدة تزيد على ثلاثة سنوات ، لأنه لا يؤجر العين بموجب حق الإدارة نائباً عن الراهن ، بل بموجب حقه الأصيل في استغلال العين( [65] ) ، شأنه في ذلك شأن المنتفع فيما قدمناه .

51 وقد كانت المادة 541/633 من التقنين المدني القديم تقضي بأن الرهن يبطل إذا رجع المرهون إلى حيازة راهنه ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في دوائرها المجتمعة ترتيباً على ذلك بأن إيجار العين المرهونة رهن حيازة للمدين ، سواء كان ذلك باسمه أو باسم شخص آخر ، يؤدي إلى إبطال الرهن( [66] ) . ولما 52 كان في إتباع هذا الرأي حرج على الدائن المرتهن ، فهو لا يستطيع في أكثر الأحوال استغلال العين إلا بإيجارها للمدين نفسه أو لأحد م أقاربه ، من أجل ذلك صدر قانون رقم 49 لسنة 1923 ( وقانون رقم 50 لسنة 1923 بالنسبة إلى المحاكم المختلطة ) يقضي بإضافة الفقرة الآتية للمادة 540/662 مدني قديم :  “وفي حالة الرهن العقار في يجوز للدائن المرتهن أن يؤجر العقار المرهون للمدين ، بشرط أن يكون الإيجار منصوصاً عليه في عقد الرهن ، أو مؤشراً به في هامش تسجيل الرهن وذلك في حالة حصول الإيجار بعد الرهن ” . وهذا النص خاص بالعقار ، فظل المبدأ الذي أقرته محكمة الاستئناف المختلطة في دوائرها المجتمعة – بطلان الرهن إذا رجع الشيء المرهون إلى الراهن ولو بصفته مستأجرا – معمولا به في المنقول . ثم صدر التقنين المدني الجديد فنص في المادة 1100 منه على أنه  “إذا رجع المرهون إلى حيازة الراهن انقضى الرهن ، إلا إذا أثبت الدائن المرتهن أن الرجوع كان بسبب لا يقصد به انقضاء الرهن ، كل هذا دون إخلال بحقوق الغير ” . فأصبح للدائن المرتهن رهن حيازة بموجب هذا النص أن يؤجر الشيء المرهون ، عقاراً كان أو منقولا ، دون أن يبطل الرهن ، بل يبقى قائماً فيما بين الراهن والدائن المرتهن . أما بالنسبة إلى الغير ، فرجوع حيازة المنقول ولو بطريق الإيجار إلى الراهن يجعل الراهن غير سار في حق الغير . ومن ثم إذا أجر الدائن المرتهن المنقول للراهن ، فإن ذك لا يمنعه من استرداده قبل انتهاء الإيجار حتى لا يرتب عليه الرهن حقا للغير يسري في حق الدائن المرتهن( [67] ) . أما في إيجار العقار ، فيجوز للدائن 53 المرتهن أن يؤجر العقار للراهن دون أن يمنع ذلك من نفاذ الرهن في حق الغير ، فإذا اتفق على الإيجار في عقد الرهن وجب ذكر ذلك في القيد نفسه ، أما إذا اتفق عليه بعد الرهن وجب أن يؤشر به في هامش القيد ( م 1115 مدني ) .

42- الدائن المرتهن رهنا رسميا : أما الدائن المرتهن لعقار رهناً رسمياً ، فلا يثبت له حق الانتفاع بالعقار ولا حيازته ، وعلى ذلك لا يجوز له إيجاره . ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يشترط الدائن المرتهن على المدين مالك العقار المرهون ألا يجاوز مدة معينة في إيجار العقار ، أو ألا يقبض الأجرة مقدما بدون إذنه . ومثل هذا الشرط غير مخالف للنظام العام ، ويلتزم به المدين الراهن قبل الدائن المرتهن ، ولكنه مجرد التزام شخصي لا يتعدى إلى المستأجر . فإذا تعاقد هذا الأخير على مدة أطول ، أو دفع الأجرة مقدماً بدون إذن الدائن ، كان الإيجار صحيحاً ، والدفع المعجل معتبرا . وإنما يكون للدائن المرتهن حق الرجوع على المدين الراهن لعدم قيامه بما التزم به . ولا يكون المستأجر مسئولا إلا إذا كان عالما بالشرط ومتواطئا مع الراهن في الإضرار بحقوق الدائن المرتهن( [68] ) .

( جـ ) المؤجر هو من له حق إدارة الشيء

43- النائب عن المالك – نص قانوني : الأصل أن مالك الشيء هو الذي له الحق في إدارته . ولكن قد يثبت حق الإدارة لغير المالك ، فيكون نائباً عن المالك في استعمال هذا الحق .

والنيابة عن المالك إما أن تكون نيابة اتفاقية كالوكيل ومثله مفتش الزراعة ومدير الشركة والزوج ، أو نيابة قضائية كالحارس القضائي والوصي والقيم والوكيل عن الغائب ، أو نيابة قانونية كالولي وسنديك التفليسة وناظر الوقف .

54 وسنعرض للوي والوصي والقيم والوكيل عن الغائب عند الكلام في أهلية المؤجر ، إذ أن هناك اتصالا وثيقاً بين الأهلية والولاية . ونبحث هنا إيجار الوكيل ومفتش الزراعة ومدير الشركة والزوج والحارس القضائي وسنديك التفليسة وناظر الوقف .

وهؤلاء جميعاً لا يملكون العين المؤجرة ، وليس لهم إلا حق إدارتها . لذلك قيد القانون من سلطتهم في الإيجار ، فنصت المادة 559 من التقنين المدني على أنه  “لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات ، إلا بترخيص من السلطة المختصة . فإذا عقد الإيجار لمدة أطول م ذلك ، أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات ، كل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره “( [69] ) . فالقاعدة إذن أن من يدير العني لا يملك إيجارها لمدة تزيد على ثلاث سنوات( [70] ) . فإذا زاد على هذه المدة ، فإن كان ذلك بإذن السلطة 55 المختصة( [71] ) جاز ، وإلا أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات . وكل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره ، كما هي الحال في الولي فإنه يستطيع الإيجار دون إذن لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، وكناظر الوقف يؤجر لأكثر من ثلاث سنوات إذا كان هو المستحق الوحيد ، وكالوصي والقيم لا يجوز أن يؤجر لأكثر من سنة في المباني( [72] ) .

44- الوكيل : المقصود بالوكيل هنا الوكيل وكالة عامة ، وقد ورد في شأنها نص المادة 701 مدني ويجري على الوجه الآتي :  “1- الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل ، لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة . 2- ويعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات  . . . ” ولم يكن هذا النص موجوداً في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به قياساً على إيجار الأوصياء والقوام ومن في حكمهم( [73] ) .

أما في عهد التقنين المدني الجديد ، فإن النص صريح في أن الوكيل وكالة عامة يملك الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات . فإن زادت المدة على ثلاث سنوات ، لم يقيد الإيجار الموكل إلا لهذه المدة ، ما لم يقر الموكل الإيجار عن كل المدة . على أنه يجوز للمالك أن يأذن للوكيل ابتداء في الإيجار لمدة تزيد على ثلاث 56 سنوات أو ألا يأذن له إلا في مدة أقل من ثلاث سنوات( [74] ) .

45- مفتش الزراعة : ويعتبر مفتش الزراعة وكيلا وكالة عامة ، فلا يجوز له الإيجار إلا لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، هذا إذا لم يكن قد أعطي سلطة خاصة أوسع من ذلك أو أضيق( [75] ) .

46- مدير الشركة : ولمدير الشركة أن يؤجر أعيانها إلا ما كان منها غير معد للإيجار ، إذ أنه وكيل عن الشركة في الإدارة فله حق الإيجار . ولكن لا يجوز أن يؤجر لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، إلا إذا وسعت سلطته أو ضيقت ، ولا يجدد إيجاراً قبل انقضائه بمدة طويلة ، دون ضرورة ماسة ، ودون أن تكون هناك فائدة تعود على الشركة من ذلك( [76] ) .

47- الزوج : ويرجع في إيجار الزوج لأموال زوجته إلى النظام المالي الذي يخضع له الزوجان . وهذا النظام في الشريعة الإسلامية شبيه بنظام فصل الأموال ( regime de separation des biens ) في القانون الفرنسي . فالزوج المسلم لا شأن هل بأموال زوجته ، وليس له حق إدارتها ما لم تعطه توكيلا بذلك ، وعندئذ تكون سلطته في الإدارة كسلطة أي وكيل لا يجوز له الإيجار إلا لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، ما لم توسع هذه السلطة أو تضيق . وقد يكون التوكيل ضمنياً ، كأن يؤجر الزوج الأعيان المملوكة لزوجته دون أن تعترض على ذلك( [77] ) .

57 كما أن الزوج قد يكون وصياً أو قيماً على زوجته ، فتكون سلطته في الإيجار هي سلطة سائر الأوصياء والقوام ، وسيأتي بيان ذلك .

أما رابطة الزوجية وحدها فلا تعطي الزوج حق إدارة أموال الزوجة . وإذا قامت هذه الرابطة في بعض الأحوال قرينة على وجود توكيل ضمني صادر من الزوجة للزوج في إدارة أموالها ، فإنها قرينة قابلة لإثبات العكس( [78] ) .

48- الحارس القضائي : تقضي المادة 734 مدني بأن يلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها وبإدارة هذه الأموال . فيجوز إذن للحارس أن يؤجر لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات لأنه يملك حق الإدارة( [79] ) ، ولا يجوز أن يكون الإيجار بغبن فاحش( [80] ) . وقد تقيد سلطة الحارس في أمر تعيينه ، فلا يرخص له في الإيجار لمدة تزيد على سنة مثلا ، أو يمنع من الإيجار إلا بالمزاد العلني( [81] ) .

وإذا أجر الحارس الأعيان الموضوعة تحت الحراسة مجاوزاً حدود سلطته ، 58 فالذي يملك الحكم ببطلان هذا الإيجار هو قاضي الموضوع لا قاضي الأمور المستعجلة ، ولو كان هذا الأخير هو الذي عين الحارس أو استبدله بغيره . وعلى ذلك لا يجوز للحارس الجديد أن يطلب من القضاء المستعجل بطلان الإيجار الصادر من الحارس القديم ، بل عليه أن يطلب ذلك من قاضي الموضوع( [82] ) .

49- سنديك التفليسة : تقدم أن التاجر الذي أعلن إفلاسه لا يجوز صدور الإيجار منه . والذي يتولى ذلك ، في الحدود التي تقتضيها أعمال التصفية ، هو سنديك التفليسة باعتباره نائباً عن المفلس وعن الدائنين في وقت واحد . والإيجار الصادر منه في هذه الحدود يكون نافذاً على من رسا عليه مزاد العين المؤجرة إذا كان يعلم بالإيجار ، وإلا رجع المستأجر على السنديك بتعويض لتقصيره في تنبيه المزايدين لما صدر منه الإيجارات بالنسبة إلى العين المطروحة في المزاد( [83] ) .

50- ناظر الوقف – إحالة : وإجارة الوقف لا يملكها إلا الناظر ، فلا يملكها الموقوف عليهم ولو كان واحداً وانحصر الاستحقاق فيه . ولا يجوز لناظر الوقف ا يؤجر بغبن فاحش ، ولا لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، إلا بإذن القاضي . وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام في إيجار الوقف( [84] ) .

( د ) المؤجر فضولي ( إيجار ملك الغير )

51- متى يكون المؤجر فضولياً : إذا لم يكن المؤجر مالكاً للعين المؤجرة ، ولا صاحب حق الانتفاع بها ، ويس له حق إدارتها ، فهو فضولي .

59 والفضولي إما أن يكون مالكاً في الشيوع وجاوز الحدود المقررة ، أو حائزاً للعين المؤجرة ، أو غير حائز .

52- المالك في الشيوع : إذا ملك العين عدة ملاك على الشيوع ، وأجرها الجميع لأجنبي أو لواحد منهم( [85] ) ، نفذت الإجارة في حقهم جميعاً لأية مدة ولو زادت على ثلاث سنوات . وكذلك الحكم لو أجرها واحد أو أكثر أصلاء عن أنفسهم ووكلاء عن الباقين ، أو أجرها وكيل عنهم جميعاً . وفي هذا الصدد تقول المادة 827 مدني :  “تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ، ما لم يوجد اتفاق يخال ذلك ” .

فإذا لم يتفق الجميع على الإيجار ، فقد نصت المادة 828 مدني على ما يأتي :  “1- ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع ، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء . فإن لم تكن ثمة أغلبية ، فللمحكمة ، بناء على طلب أحد الشركاء ، أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه الضرورة ، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع . 2- وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً ، كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاماً يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعاً سواء أكان الخلف عاماً أم كان خاصاً . 3- وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين ، عد وكيلا عنهم ” . ويخلص من هذا النص أن هناك تدرجا في النظام الموضوع لإيجار المال الشائع على الوجه الآتي :

أولا  : إذا اتفقت أغلبية الشركاء على الإيجار ، اعتبرت الأغلبية نائبة نيابة 60 قانونية عن الأقلية ، ونفذ الإيجار في حق الشركاء جميعا لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، ما لم يثبت أحد الشركاء من الأقلية أن الإيجار وقع بالتواطؤ إضراراً بالأقلية فعندئذ لا ينفذ الإيجار . وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء ، فإذا كان أحد الشركاء يملك أكثر من النصف كان له وحده حق الإيجار . وإذا كان لا يملك إلا الثلث مثلا وأجر لشريك آخر يملك هو أيضاً الثلث ، كان الشركيان المؤجر والمستأجر موافقين على الإيجار ، ولما كانا يملكان الثلثين فإن الإيجار يسري في حق باقي الشركاء( [86] ) . كذلك يسري الإيجار في حق باقي الشركاء لو أجر الشريكان اللذان يملكان الثلثين العين الشائعة كلها لأجني .

ويجوز للأغلبية على النحو المتقدم ذكره ، بدلا من أن تؤجر المال الشائع مباشرة ، أن تعين مديراً له ، شركاً منهم أو أجنبياً ، فيكون إيجار المدير نافذاً في حق الجميع لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات .

ثانياً – إذا لم تكن هناك أغلبية تتفق على الإيجار أو على تعيين مدير للمال الشائع ، فقد يقع أحد أمرين :

( أ ) يتولى أحد الشركاء الإيجار فلا يعترض عليه أحد ، أو لا يعترض 61 عليه إلا الأقلية ، فيعتبر وكيلا عن الجميع ، أو وكيلا عن الأغلبية ونائباً عن الأقلية ، ويكون إيجاره نافذاً في حق الجميع لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات( [87] ) .

( ب ) يطلب أحد الشركاء من المحكمة( [88] ) أن تعين من يدير المال الشائع ، فإذا عينت المحكمة مديراً كان إيجاره نافذاً في حق الجميع لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو للمدة التي تعينها المحكمة .

ثالثاً – إذا لم تكن هناك أغلبية تتفق على الإيجار ، ولم يعين من يدير المال الشائع ، وأجر أحد الشركاء العين الشائعة فاعترض عليه باقي الشركاء أو أغلبيتهم ، فالإيجار ، وإن كان صحيحاً بين المؤجر والمستأجر( [89] ) ، لا ينفذ حتى في حصة الشريك المؤجر( [90] ) ، إذ هو لا يستطيع تسليم هذه الحصة مفرزة للمستأجر 62 ما دامت العين لم تقسم ولو قسمة مهيأة( [91] ) . فيستطيع الشركاء الذين اعترضوا إخراج المستأجر من كل العين( [92] ) ، ولا يستطيع هذا الأخير أن يبقى في أي جزء منها مهما صغر( [93] ) . ولهؤلاء الشركاء أن يخرجوا المستأجر من العين دون أن 63 يجبروا على انتظار نتيجة القسمة( [94] ) ، ولكنهم إذا انتظروا نتيجة القسمة بالفعل نفذ الإيجار في الجزء المفرز ، الذي وقع في نصيب الشريك المؤجر( [95] ) . أما إذا لم يمكن تقسيم العين فبيعت في المزاد العلني ، فإن رسا المزاد على الشريك المؤجر نفذ الإيجار في كل العين بفضل الأثر الرجعي للقسمة . وإن رسا المزاد على شريك غير المؤجر ، فالإيجار لا ينفذ في حقه وله أن يسترد العين من تحت يد المستأجر ، وإن رسا المزاد على أجنبي ، اعتبر التقنين المدني السوري م المزاد بيعاً ووجب على الراسي عليه المزاد أن يحترم الإيجار الثابت التاريخ السابق على البيع( [96] ) . ولكن ليس لهذا الحكم نتيجة عملية ، إذ يلاحظ أن الإيجار الواجب احترامه هنا واقع على حصة الشريك المؤجر في الشيوع ، وهذه الحصة لا يمكن تسليمها ، لذلك نرى أن الراسي عليه المزاد يستطيع إخراج المستأجر من العين ، ويبقى للمستأجر حق الرجوع على الشريك المؤجر( [97] ) .

هذا كله إذا أجر أحد الشركاء العين الشائعة كلها . أما إذا أجر جزءاً مفرزاً منها يعاد حصته الشائعة ، فإنه لا يستطيع تسليم هذا الجزء المفرز إلى المستأجر 64 إذا اعترض الشركاء الآخرون( [98] ) . ويكون الإيجار معلقاً على شرط حصول القسمة بين الشركاء ووقوع الجزء المفرز في نصيب الشريك المؤجر . فإذا وقع جزء مفرز آخر في نصيب الشريك المؤجر ، فالرأي الغالب في الفقه أن ينتقل الإيجار إليه بحكم الحلول العيني المقرر في التصرف في جزء مفرز من المال الشائع وفقاً للمادة 826 مدني( [99] ) .

بقي أن يؤجر الشريك حصته الشائعة فقط ، لا كل العين ولا جزءاً مفرزاً منها . وفي هذه الحالة يكون الإيجار صحيحاً ، ولكن يتعذر على المؤجر أن يسلم حصته الشائعة إلى المستأجر( [100] ) . والى أن تتم القسمة لا يكون المستأجر الحصة الشائعة أكثر مما للشريك المؤجر . ويترتب على ذلك أن أغلبية الشركاء يستطيعون إيجار العين كلها ويكون الإيجار نافذا في حق الشريك المؤجر وفي حق المستأجر منه ، ولا يبقى للمستأجر إلا الرجوع على المؤجر . فإذا لم توجد أغلبية جاز للشريك المؤجر ، وللمستأجر منه عن طريق الدعوى غير المباشرة ، أن يطلب من المحكمة المختصة أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه ضرورة استغلال المال الشائع ( م 828 مدني ) ، فتعين المحكمة مديرا يتولى إدارة العين الشائعة ، وإذا عينته فقد يقر الإيجار الصادر من الشريك المؤجر( [101] ) . أما إذا تمت القسمة ، فإن المستأجر 65 بتسلم حصة المؤجر المفرزة وينحصر الإيجار فيها( [102] ) .

53- الجائز للعين : الحائز للعين قد يكون وارثاً ظاهراً ، يضع يده على أعيان التركة باعتباره وارثاً ثم يتبين أنه غير وارث . وإيجار الوارث الظاهر صحيح نافذ في حق الوارث الحقيقي ، سواء كان الوارث الظاهر حسن النية أو سيئها ، ما دام المستأجر حسن النية . ذلك أن تصرفات الوارث الظاهر تنفذ في حق الوارث الحقيقي استناداً إلى القاعدة التي تقضي بأن الغلط الشائع يولد الحق ، فإذا كانت تصرفاته نافذة فأولى أن تنفذ أعمال الإدارة كالإيجار( [103] ) . وفي مصر حيث لم تستقر القاعدة التي تقضي بنفاذ تصرفات الوارث الظاهر( [104] ) ، لا يتيسر قياس الإيجار على التصرف ، ولا يبقى إلا القول بأن القانون يحمي المستأجر حسن النية إذا كان المؤجر حائزاً للعين المؤجرة ، كما هو شأن الوارث الظاهر ، فحيازة المؤجر للعين تشفع في حسن نية المستأجر( [105] ) .

66 وينبني على ما تقدم أن الإيجار الصادر من الحائز ، سواء كان وارثاً ظاهراً أو لم يكن ، وسواء كان حسن النية أو سيئها ، يكون صحيحاً ونافذاً في حق المالك الحقيقي متى كان المستأجر حسن النية( [106] ) . وهذا بخلاف الإيجار الصادر من غير الحائز ، فإنه لا يسري في حق المالك الحقيقي ولو كان المستأجر حسن النية( [107] ) كما سنرى .

67 54- غير الحائز ( إيجار ملك الغير ) : أما إذا كان المؤجر غير حائز وأجر العين ، فإن الإيجار يكون صحيحاً فيما بينه وبين المستأجر( [108] ) . وهذا بخلاف بيع ملك الغير ، فإنه قابل للإبطال فيما بين البائع والمشتري . ذلك أن بيع ملك الغير قد ورد في شأن بطلانه نصوص خاصة ( م 466 – 468 مدني ) ، وهي نصوص استثنائية لا يجوز التوسع فيها . وقد سبق أن قررنا أن بطلان بيع ملك الغير غير مستمد من القواعد العامة ، ويستند إلى نص تشريعي خاص . ولما كان هذا النص التشريعي غير موجود في عقد الإيجار( [109] ) ، فقد وجب الرجوع في شأنه إلى القواعد العامة ، وهذه تقضي بأن إيجار ملك الغير صحيح فيما بين المؤجر والمستأجر . ويختلف الإيجار عن البيع في هذا الصدد بأن البائع لا يستطيع نقل الملكية إذا لم يكن مالكاً فكان البيع الصادر منه قابلا للإبطال ، أما المؤجر فليس هناك ما يمنعه من أن يلتزم بتسليم عين لا يملكها لويس له حق الانتفاع بها 68 ولا حق الإدارة إلى المستأجر( [110] ) ، ومن أن يمكنه من الانتفاع بها طوال مدة الإيجار . وما دام المالك الحقيقي لم يتعرض للمستأجر ، فليس لهذا الأخير أن يطلب إبطال الإيجار ولا فسخه ، فالإيجار صحيح غير قابل للإبطال ، والفسخ لا يكون إلا إذا تعرض المالك( [111] ) .

هذا في خصوص علاقة المؤجر بالمستأجر( [112] ) . أما في خصوص علاقة المؤجر بالمالك الحقيقي ، فلهذا أن يرجع على المؤجر بتعويض ، إما لأن هذا 69 الأخير قد أثرى على حسابه ، وإما لأنه قد حرم من الانتفاع بملكه بسبب عمل المؤجر غير المشروع . وهذا إنما يكون إذا ترك المؤجر العين المؤجرة في يد المستأجر ولم يستردها منه .

بقيت علاقة المستأجر بالمالك الحقيقي ، وهذه لا يؤثر فيها عقد الإيجار . وإذا كان هذا العقد صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر ، فإنه غير نافذ في حق المالك الحقيقي إذا لم يكن طرفاً فيه . ومن ثم يستطيع المالك الحقيقي أن يسترد العين المؤجرة من تحت يد المستأجر ، كما يستطيع أن يؤجرها لمستأجر آخر فيفضل هذا الأخير على المستأجر من غير المالك ، ولا محل لتطبيق المادة 573 مدني لأنها تفترض أن المستأجرين المنازعين استأجر كل منهما من ذي صفة ، أما هنا فإن أحد المستأجرين دون الآخر هو الذي استأجر كل منهما من ذي صفة ، أما هنا فإن أحد المستأجرين دون الآخر هو الذي استأجر من ذي الصفة( [113] ) . وإذا تعرض المالك الحقيقي للمستأجر على الوجه المتقدم الذكر ، جاز عند ذلك للمستأجر أن يرجع بالضمان على المؤجر وان يطلب فسخ الإيجار . وقد يقر المالك الحقيقي الإيجار( [114] ) ، فيصبح نافذاً في حقه ، ويحل محل المؤجر في حقوقه والتزاماته( [115] ) .


( [1] )  ويغلب أن يكون التقنين المدني القديم قد تأثر في ذلك بالفقه الإسلامي ، فتعريف عقد الإيجار في هذا الفقه أنه تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من العين المجردة في الشرع ونظر العقلاء بعوض يصلح أجره ( م577 مرشد الحيوان ) ، فالمؤجر لا يلتزم بجعل المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ، بل هو يلتزم بتمليك المنفعة للمستأجر وتركه ينتفع بالعين – على أننا سنرى أن القول بسلبية التزام المؤجر إنما هو تجوز في التعبير ، ويراد به أن هذا الالتزام ضيق النطاق في مداه ( انظر ما يلي فقرة 19 في الهامش ) .

( [2] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 754 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 586 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 558 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 469-470 ) .

( [3] ) الوسيط 4 فقرة 93 – وقد ذكرنا ( الوسيط 4 فقرة 93 ص 179 هامش 1 ) أن محكمة النقض ذهبت في عهد التقنين المدني القديم إلى أن تكييف العقد هل هو بيع أو إيجار يتبع فيه قصد المتعاقدين ( نقض جنائي 21 مايو سنة 1934 المجموعة الرسمية 35 رقم 206 ) . ونضيف هنا أنها قضت  ، تطبيقا لذلك  ، بأنه من كان الواقع في الدعوى هو أن الطاعن الأول أجر إلى الطاعنين الثاني والثالث السيارة التي صدمت مورث المطعون عليهم بمقتضى عقد اشترط فيه انتقال ملكية العين المؤجرة إلى ملكية المطعونين بعد دفع كل الأقساط ( عقد إجارة البيع ) – وكان الحكم المطعون فيه إذ حمل ذلك الطاعن المسئولية عن الحادث بالتضامن مع الطاعنين الثاني والثالث ، قد أقام قضاءه على ما استخلصته المحكمة استخلاصا سائغا من نصوص العقد من أنه مازال وقت الحادث مالكا للسيارة ، وله بمقتضى العقد الحق في الإشراف والرقابة على من كان يقودها إذ ذاك وتسبب بخطئه في وقوعه ، كان هذا الذي أورده الحكم كافيا لحمله ومؤديا إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم يكون النعي عليه القصور على غير أساس ( نقض مدني 24 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 137 ص 857 – 24 مايو سنة 1951 مجموعة من أحكام النقض 2 رقم 137 ص 857 – 24مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 138 ص 863 ) .

( [4] )  وقدمنا ( الوسيط 4 فقرة 93 ص 179 هامش 1  ) أن التقنين المدني الجديد حسم الخلاف في هذه المسألة بنص صريح إذ قضى في المادة 430 منه بأن البيع بالتقسيط يعتبر بيعا ” ولو سمي بالمتعاقدان البيع ليس إيجارا” فالإيجار الساتر للبيع يكون بيعا ولا إيجارا .

وانظر في تكييف العقد ما بين المستهلك وبين ملتزم المرافق العامة كالمياه والنور والغاز والكهرباء وهل هو بيع أو إيجار أو مقاولة ما يلي فقرة 7 .

( [5] )  سليمان مرقص فقرة 23 – على أن تكييف شرط سكني الدار بأنه عقار إيجار قد يؤدي إلى نتائج غير مقصودة ، فيمتد إلى عقد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء السنة طبقا لأحكام القانون إيجار المكان . والأولى أن يقال إن حق سكني الدار جزء من ثمنها ، ويكون الثمن في هذه الحالة مكونا من عنصرين ، العنصر الغالب وهو المبلغ المسمى من النقود ، وعنصر آخر ثانوي هو حق سكني الدار لمدة سنة . ومن ثم يكون العقد في مجموعة بيعا لا إيجار فيه ، فلا يسري عليه قانون إيجار الأماكن .

( [6] )  سليمان مرقس فقرة 23 – منصور مصطفى منصور فقرة 143 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 19 ص 32 – عبد الحي حجازي – فقرة 28- محمد لبيب شنب فقرة 20- وانظر الإبحار للمؤلف فقرة 19 – بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة قرة 116 – بودري وفال في الإيجار  ، فقرة 1635 : ويذهبان في الحالة التي نحن بصددها ، لا إلى تجزئة العقد إلى عقد عمل وإيجار  ، فقرة بل يعتبران أن العقد تم تجزئته إلى عقد عمل وإيجار أشياء ، بل يعتبران أن بل يعتبران العقد في مجموعة عقد عمل على أساس أن المسكن جزء من أجر= العامل ، ومن ثم لا يكون هناك إيجار يسري في شأنه قانون إبحار السكان ، وهذا هو الرأي الذي تفضل الأخذ به ( انظر في هذا المعنى أوبري ورووإسمان فقرة 15 – وانظر ما يلي فقرة 574 ) .

( [7] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 754 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وموافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 586 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 558 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 469-470 ) .

( [8] )  يفر جييه 3 فقرة 81-لوران 25 فقرة 63 – بودري وفال 1 فقرة 964 –  عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 44 ص 66 هامش 3 – وانظر في كل ما تقدم الإيجار المؤلف المؤلف فقرة 20 . وقد يخفق الإيجاز قرضا بربا فاحش ، كما إذا آجر شخص عينا بأجر بخس ، والفرق بين هذا الأجر والأجر الحقيقي هو الربا الفاحش ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1936م 48 ص 116 ) .

( [9] )  وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية ( 31يوليه سنة 1883 داللوز 84-1- 245 ) إلى أن هذا العقد هو عقد بيع للمياه . ولا يعترض على ذلك بأن الماء مال مباح للجميع ، فإن الماء الذي تورده الشركة للمستهلك قد امتلكته بالحيازة ، إذ جمعته في خزانتها: وقطرته بما عندها من الآلات والمعادن الأخرى . وهي تبيعه بعد ذلك للمستهلكين بثمن يقدر مجازفة  ، أو يحدد سعر معين بحسب كمية المياة التي تستهلك ، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون الاشتراك “بالعداد” كما هو  معروف . وإذ كان العقد بيعا ، وكانت المصروفات تسليم المبيع عل البائع لا عل الشاري ، ومن هذه المصروفات ما يدفع في تقدير الشيء المبيع بعد أو وزن أو كيل أو مقاس ، وجب القول بأن أجرة العداد تكون على البائع ، أي على شركة المياه ، ولكن شركات المياه جرت على أن أجرة العداد تكون عل البائع ، أي على شركة المياه ولكن شركات المياة جرت على أن تشترط في عقودها مع العملاء أن تكون أجرة العداد عليهم . أما العقود المتعلقة بالتليفون وما إليه فقد تختلف عما تقدم  ، وذلك لأنها لا يمكن في هذه العقود أن نجد شيئا ماديا يستهلكه العميل  – كما يستهلك الماء والنور والغاز – حتى نقول إنه اشتراه . وذلك يذهب القضاء والفقه في فرنسا إلى أن هذه العقود ليست عقود بيع ، بل هي عقود إيجار لآلات ومعدات التليفون ( باريس الاستئنافية 21 أبريل سنة 1887 سيريه 89-2-51- بوردي وفال 1 فقرة 28-هيك10 فقرة 334 ) . ويمكن القول بأن مركب  ، يجمع بين الإيجار ويقع على الآلات والمعدات والمقاولة وتقع على عمل مصلحة التليفون ، فتطبق أحكام العقدين . وقد قضت محكمة ملوي بأن العقد الذي يتم بين مصلحة التليفون والعميل هو عقد إيجار يجمع بين استئجار المعدات ومجهود رجال المصلحة  ، وهو بهذا خاضع لنظام التقادم الخمسي فتسقط المطالبة بقيمة الاشتراك إذا مضى على استحقاقه خمس سنوات ( ملوي 17 مايو سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 رقم 271 ص 533 – انظر أيضا مصر الكلية الوطنية 3 أكتوبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 361 ص 260 ) . وانظر مسألة الإيجار للمؤلف فقرة 17- سليمان مرقس فقرة 5 وفقرة 28- منصور مصطفى منصور فقرة 141 .

( [10] )  انظر في هذه المسألة توفيق شحاتة رسالة ( بالفرنسية ) في التزام المرافق العامة القاهرة سنة 1941 ص 243 – ص 251 – أما العقد ما بين جهة الإدارة والملتزم بالمرفق العام فهو عقد إداري لا عقد مدني كما سبق القول . وهناك رأي قديم يذهب إلى أن هذا العقد هو عقد إيجار يقع على حق معنوي هو حق الاستغلال الممنوح لملتزم المرفق العام ( بورودي قسم ثان فقرة 4123 – نقض فرنسي 13 فبراير سنة 1901 سيريه 1903-124 : احتكار مذبح عام – وخالفت محكمة النقض الفرنسية في مبدأ عام وقضت بأن منح شخص احتكارية وإدخال وشحن وبيع وصناعة الأفيون في جهة معينة ولمدة معينة تلقاء جمل معين هو عقد مقاولة لا عقد إيجار ، وكان هذا الحكم المذكور في سيريه وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 25 ص 42 ) .

( 2 ) بودري وفال 2 قسم ثان فقرة 4129 ، ومن رأيهما أن العقد مقاولة وليس فيه شيء من الإيجار  ، كي يحجز محلا في محطة السكة الحديدية  . سليمان مرقس فقرة 25 ص 9 منصور مصطفى منصور فقرة 141 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 20 – وهناك رأي يذهب إلى أن العقد مقاولة فيما يتعلق بعمل الملعب ، وإيجاز فيما يتعلق بالمحل المحجوز ، فيكون الملعب ضمانا للعيوب التي قد توجد بهذا المحل كأن يكون في وضع لا يتمكن من التخلص معه الشخص من مشاهدة المسرح ( هيك 10 فقرة 274 )- وتذهب بعض الأحكام إلى أن الاتفاق عقد غير مسمى تسري عليه المبادئ العامة وكذلك قواعد الإيجار ( السين 23 يناير سنة 1901 داللوز 1901 -2- 391 ) – وانظر الإيجاز المؤلف فقرة 25 ص 44 .

( 3 ) بودري وفال 1 فقرة 33 – سليمان مرقس فقرة 26 – وانظر في إيجار مطحن والتباسه بعقد المقاولة : نقض مدني 24 يناير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 11 ص 98 .

( [11] ) نقض فرنسي 23 يونيه سنة 1903 داللوز 1904 – 1 – 139 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 17 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 21 – قارن محمد علي إمام فقرة 14 – منصور مصطفى منصور فقرة 142 – فإذا لم تكن صلة السائق بالشركة هي صلة التابع بالمتبوع ، ولا يتلقى منها أو أمر أو تعليمات ، فالعقد إيجار للمركبة ( نقض فرنسي 9 ديسمبر سنة 1931 جازيت دي باليه 1932 – 1 – 179 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 363  ص 190 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1000 ) .

( [12] ) بودري وفال 2 فقرة 3422 – بلانيول ورييبر 10 فقرة 418 ص 536 – كولان وكابيتان ودي لامورانديير 2 فقرة 1000 – منصور مصطفى منصور فقرة 141 – وقارن نقض فرنسي 29 مارس سنة 1922 سيريه 1923 – 1 – 196 .

( [13] ) استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1926 جازيت 39 ص 21 – المحاماة 8 رقم 174 ص 233 .

( [14] ) بودري وفال 1 فقرة 40 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 19 – محمد إمام فقرة 13 – وقارن محمد كامل مرسي فقرة 19 ( ويذهب إلى أن اشتراط حصول المالك على المقابل أوجر العقار أو لم يؤجر يجعل العقد إيجاراً ، أما اشتراط  ألا يحصل المالك على المقابل إلا إذا أوجر العقار بعد موافقة المالك على مقدار الأجرة فيجعل العقد وكالة ) – وقارن أيضا منصور مصطفى منصور فقرة 140 ( ويذهب إلى أن اشتراط حصول المالك على مبلغ معين يجعل العقد إيجاراً ، أما اشتراط حصول كل من المالك والمتعاقد معه على نسبة معينة من الأجرة فيجعل العقد وكالة – أنظر أيضاً في هذا المعنى عبد الحي حجازي فقرة 43 ) .

( [15] ) وقد فضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الاتفاق الموصوف بأنه عقد إيجار دون أجرة محددة ، والذي يخول للمستأجر أن يؤجر من الباطن بشرط أن يوافق المؤجر على الأجرة التي يدفعها المستأجرون من الباطن وبشرط أن يتقاسم هذه الأجرة كل من المؤجر والمستأجر الأصلي ، لا يكون إلا عقد وكالة عامة بالإدارة مستترة تحت اسم عقد إيجار وينتهي هذا العقد بموت المستأجر الأصلي الظاهر لأنه لم يقع عليه الاختيار للإدارة إلا نظرا لما توافر عليه من صفات الاجتهاد والكفاية الشخصية ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1906 م 18 ص 318 ) . وقضت أيضا بأن الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على إيجار العقار دون أجرة محددة ، وبغرض الإيجار من الباطن مع تقاسم طرفي العقد للأجرة وبعد موافقة المالك على هذه الأجرة ، إنما هو في الواقع عقد وكالة أكثر منه عقد إيجار ، وعلى ذلك يفسخ بموت الوكيل ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1907 م 19 ص 200 ) – أنظر في هذه المسألة الإيجار للمؤلف فقرة 24 .

( [16] ) بودري وفال 1 فقرة 40 مكررة – ديموج في مجلة القانون الممدني الفصلية سنة 1903 ص 381 – فاليري في تعليقه على الحكم المنشور في داللوز 1902 – 2 – 25 – فال في تعليقه على الحكم المنشور في سبريه 1905 – 2 – 59 – بلانيول وريبير 10 الطبعة الأولى فقرة 733 – الإيجار للمؤلف فقرة 23 – سليمان مرقس فقرة 24 – عبد الفتاح عبد الباتي فقرة 16 – محمد على إمام فقرة 12 – محمد كامل مرسي فقرة 17 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 23 – محكمة مونلبيه الاستئنافية 17 مارس سنة 1901 داللوز 1902 – 2 – 25 – محكمة باريس الاستئنافية 12 فبراير سنة 1903 داللوز 1905 – 2 – 225 – حكم آخر أول يوليه سنة 1903 داللوز 1903 – 2 – 272 . وقضت بعض المحاكم بأن العقد غير مسمى وهو مزيج من الإيجار والوديعة ( السين 21 يوليه سنة 1890 داللوز 1902 – 2 – 28 في الهامش ) .

( [17] ) كولان وكايتان 2 ص 518 – ص 519 – نقض فرنسي 11 يوليه سنة 1900 داللوز 1900 – 1 – 507 ( ويقرر هذا الحكم أن المؤجر لا يضمن العيوب الخفية إذا كان المستأجر قد توقع إمكان حصول الضرر إذ أن هذا يفهم منه أنه متنازل عن هذا الضمان . ويستنتج الأستاذان كولان وكابيتان من ذلك أن المؤجر يكون ضامنا للعيوب الخفية في الخزانة إذا كان المستأجر لم يتنازل عن هذا الضمان لا صراحة ولا ضمنا ) .

( [18] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وتونك 10 الطبعة الثانية فقرة 933 ، وقد رجع هؤلاء الفقهاء عن رأيهم المشار إليه في الطبعة الأولى بعد اشتراك تونك في الطبعة الثانية – سوليس ( Solus ) في المجلة الانتقادية للتشريع والقضاء سنة 1936 ص 314 وما بعدها – تونك ( Tunc ) في عقد الحفظ سنة 1942 – ريبير في القانون التجاري طبعة ثالثة سنة 1954 فقرة 2230 وما بعدها – إسكارا ( Escarra ) في القانون التجاري سنة 1952 فقرة 1432 وما بعدها – كولان وكابيتان ودي لاموانديير 2 فقرة 999 – دي باج 4 فقرة 830 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ (lonage ) فقرة 37 – فقرة 39 – منصور مصطفى منصور فقرة 139 – عبد الحي حجازي فقرة 37 – فقرة 38 – وقارن نقض فرنسي 11 فبراير سنة 1946 داللوز 1946 – 365 – 29 أكتوبر سنة 1952 داللوز 1953 – 53 – 27 أبريل سنة 1953 داللوز 1953 – 422 .

( [19] ) ومن ثم كان بعض الفقهاء يذهب إلى أن الدائنين يستطيعون عند تنبيههم على المدين بالدفع أن يعلنوا المصرف في اليوم نفسه بمنع مدينهم المستأجر من الوصول إلى الخزانة ( تعليق فاليري المنشود في داللوز 1905 – 2 – 225 ) – وللدائنين ، على كل حال ، إذا كان مدينهم خاضعا للقضاء التجاري ، أن يوقعوا حجزا تحفيظا على الخزانة ، وهذا يكون دون سابق ننبيه ودون سند تنفيذ، وفي هذه الحالة يجب على المصرف أن يعطي للدائنين ما يحتاجون إليه من المعلومات عن الخزانة المراد توقيع الحجز عليها . وإذا أنكر المصرف ، جاز للدائنين إثبات ما يدعونه بالبينة وبتوجيه اليمين وبدفاتر المصرف نفسه . ويختص قاضي الأمور المستعجلة بالفصل في هذه المسائل ( باريس 12 فبراير سنة 1903 داللوز 1905 – 2 – 225 ) . وإذا تعذر على المحضر الحجز على الخزانة لامتناع المصرف عن الإدلاء بمعلومات عنها ، كان له أن يقيم حارسا على الأبواب gradient abx portes ، ويجوز أن يعهد بذلك إلى  المصرف نفسه وينبه عليه أن يمنع المدين من الوصول إلى الخزانة . أما لتنبيه بالدفع الذي يعلن للمدين في الحجز التنفيذ فيذكر فيه أن على المدين أن يسلم مفاتيح الخزانة للمحضر ، وأن يبين له طريقة فتحها إلا إذ1ا أراد أن يحضر ليفتحها بنفسه ، فإذا أبي المدين أن يفعل هذا كان للمحضر أن يكسر باب الخزانة متبعا في ذلك الإجراءات القانونية . ولكن لصاحب المصرف ، في هذه الحالة ، أن يطلب دفع مبلغ من النقود مقدما لتصليح الخزانة بعد كسرها أو يطلب تقديم كفيل بذلك . ومتى فتحت الخزانة ، فقد يكون من الواجب تعيين حارس على الأشياء المودعة فيها . وينتقد الأستاذان كولان وكابيتان كل هذه الحلول من الناحية القانونية ، ويريان أنها حلول عملية لا تستند إلى القانون (( كولان وكابيتان 2 ص 518 ) .

( [20] ) ولذلك كان بعض الفقهاء يذهب إلى أنه لا يوجد ما يمنع من أن يحجز الدائنون تحت يد المصرف حجزاً تحفيظاً مع التسليم بأن العقد إيجار لا وديعة ، لأن حجز ما للمدين لدى الغير يجوز توقيعها – على حسب هذا الرأي – تحت يد المؤجر ما دام محتفظاً بالحيازة المادية للشيء وما دام موكولا إليه المحافظة عليه ، وهذه هي حالة المصرف ( بول إسمان في مجلة القانون المدني الفصلية سنة 1922 ص 347 – ص 364 ) . وفي موقف محكمة النقض الفرنسية ما يؤيد هذا الرأي ، فهي ترفض دعاوي التعويض التي ترفع على المصارف من المستأجرين للخزانات ، عندما تمنع المصارف هؤلاء المستأجرين من الوصول إلى الخزانات التي استأجروها بناء على حجز تحفظي وقعه دائنو المستأجرين تحت يد المصارف . وتستند محكمة النقض في ذلك إلى أنه لا يوجد خطأ في جانب المصارف إذا منعت مستأجري الخزانات من الوصول إليها في مثل هذه الظروف الدقيقة ( نقض فرنسي 22 يناير سنة 1901 سيريه 1902 – 1 – 394 – 12 نوفمبر سنة 1906 سيريه 1909 – 1 – 300 – 13 نوفمبر سنة 1918 جازيت دي باليه 1918 – 1919 – 1 – 542 )

أنظر في ان العقد هو استئجار للخزانة ثم هو وديعة للخزانة عند المصرف : محمد لبيب شنب فقرة 22 ص 28 – وأنظر في أن العقد وديعة على البارودي ص 15 – ص 16 – وفي أنه عقد مختلط تجتمع فيه الوديعة والإيجار – جلال العدوى ص 64 .

( [21] ) جيوار فقرة 12 – كوالان وكابيتان 2 ص 517 – بلانيول وريبير 10 فقرة 417 – نقض فرنسي 23 يناير سنة 1884 داللوز 84 – 1 – 254 – 13 مايو سنة 1925 جازيت دي باليه 1925 – 2 – 300 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العقد بين مصلحة الجمارك وتجار الدخان الذي بموجبه توضع بضائع هؤلاء التجار في مخازن موجودة في نطاق الجمرك هو عقد إيجار لهذه المخازن ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1914م 26 ص 228 ) وفي الخازن العامة حيث يقتصر على تحديد مساحة معينة لكل صاحب بضاعة يضع فيها ما يشاء من البضائع تحت مسئوليته ، يكون العقد إيجارا لا وديعة . وكذلك إذا أنشأ المالك في أسفل المبني جراحا يستعمله مستأجرو المبنى تحت مسئوليتهم ، كان العقد إيجارا ( سليمان مرقس فقرة 24 ص 31 ) . أما صاحب الجراح العام الذي يتلقى السيارات لحفظها أثناء الليل ، فقد قدمنا أنه مودع عنده لا مؤجر ، لأنه يلتزم التزاماً أساسياً بالمحافظة على السياءة ، فالعقد هو من عقود الحفظ المهنية ( بلانيول وريبر 10 فقرة 417 ص 534 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 363 ص 190 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 99 – منصور مصطفى منصور فقرة 139 ص 326 – نقض فرنسي 13 مايو سنة 1925 جازيت دي باليه 1925 – 2 – 300 وهو الحكم السابق الإشارة غليه – 14 مارس سنة 1950 مجلة النقض 1950 – 2 – 66 ) .

( [22] ) بودري وقال 1 فقرة 27 – بلانيول وريبير 10 فقرة 417 ص 534 هامش 3 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ lonage فقرة 33 ) . ويرى مجلس الدولة في فرنسا أن العقد وديعة ( 24 أبريل سنة 1885 المجلة العامة للإدارة سنة 1885 الجزء الثاني ص 305 ) . وترى بعض المحاكم أن العقد ليس ويدعة ولا إيجاراً ، بل هو عقد غير مسمي ( مونبلييه الاستئنافية 21 فبراير سنة 1898 منشور تحت حكم محكمة النقض 31 ديسمبر سنة 1900 داللوز 1903 – 1 – 17 القضية الثانية ) . وأنظر في كل ذلك ا لإيجار للمؤلف فقرة 22 – فقرة 23 .

( [23] ) أنظر ما يلي في عقد المزارعة فقرة 765 .

( [24] ) باريس 25 مايو سنة 1897 مجلسة لوا ( Loi ) 29 أكتوبر سنة 1897 .

( [25] ) بودري وفال 1 فقرة 848 ص 489 هامش رقم 4 .

( [26] ) وإذا اتفقت شركة أفلام مع صاحب صالة العرض على عرض أحد أفلامها في صالته مقابل اقتسام الإيراد معه ، أو سلمت شركة إحدى سياراتها إلى سائق ليستغلها على أن تقتسم معه الإيراد ، فالعقد إيجار لا شركة ، ويمكن القول بأنه عقد عمل إذا المقصود الانتفاع بعمل صاحب الصالة أو سائق السيارة ( سليمان مرقس فقرة 30 ) . أنظر في كل ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 21 .

( [27] ) جيرار 1 فقرة 9 – بودري وفال 1 فقرة 20 .

( [28] ) على أنه إذا التبس الأمر ، فقد يكون مرجحاً لأن الحق هو حق انتفاع أن تكون مدة العقد طول حياة المنتفع ( بودري وفال 1 فقرة 21 ) . ويكون مرجحاً لأن يكون العقد إيجاراً أن تكون مدته قصيرة . وفي إحدى القضايا نزل شخص يملك أدوات صالون حلاقة إلى آخر عن الانتفاع بهذه الأدوات مدة سنة واحدة في نظير مقابل يدفع شهرياً . وتوفى المتنازل له قبل انقضاء السنة ، فطلب صاحب الأدوات ردها إليه باعتبار أن الحق الذي انشأه في الأدوات هو حق انتفاع وقد  انتهى بموت المنتفع . ولكن الورثة تمسكوا بأن العقد إيجار وبأن لهم الحق في أن يخلفوا فيه مورثهم . ورأت المحكمة أن العقد معنون بأنه إيجار ، وأن مدته القصيرة ترجح هذا الاعتبار ( عابدين 14 فبراير سنة 1950 المحاماة 31 رقم 253 ص 829 ) – وأنظر سليمان مرقس فقرة 31 ص 36 هامش 1 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 20 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 24 .

( [29] ) بودري وفال 1 فقرة 24 .

( [30] ) بودري وفال 1 فقرة 15 .

( [31] ) بودري وفال 1 فقرة 11 .

( [32] ) بودري وفال 1 فقرة 23 – فقرة 26 .

( [33] ) جيرار ص 580 هامش رقم 4 – نقلت هذه الفقرة من كتاب الإيجاز للمؤلف فقرة 2.

( [34] ) دي هلتس 2 الإيجار فقرة 28 .

( [35] ) خطبة جوبير ( Jaubert ) عن تقرير موريكولت Mourricault ) وقت عرض مشروع تقنين نابليون على الهيئة التشريعية الفرنسية .

( [36] ) نقلت هذه الفقرة عن كتاب الإيجار للمؤلف فقرة 3 .

( [37] ) نقلت هذه الفقرة عن كتاب الإيجار للمؤلف فقرة 4 .

( [38] ) الإيجار للمؤلف فقرة 5 ص 7 – ص 10 .

( [39] ) أنظر الوسيط الجزء الأول في نظرية السبب . ويكون الإيجار باطلا لعدم مشروعية السبب إذا كان الغرض منه إعداده ليكون منزلا للمهارة أو المقمارة أو لغير ذلك من الأغراض غير المشروعة , قد سبق بيان هذا تفصيلا عند الكلام في السبب غير المشروع ( الوسيط 1 فقرة 282- وفقرة 289- وفقرة 293 )

وقد قضي بأنه إذا أوجرت العين لعمل مخالف للآداب أو الدعارة ، كان العقد باطلا ، ويحق للمؤجر أن يطلب طرد المستأجر عن طريق القضاء المستعجل ، إذ المستأجر يعتبر شاغلا للعين دون سند ( مصر الكلية الوطنية مستعجل 2 أبريل سنة 1938 المحاماة 12 رقم 468 ص 1075 ) وقضي بأن إجازة الحيل للسباق صحيحة ، لأن السباق الخيل ، ولو أنه ضرب من المقامرة ، ليس أمرا غير مشروع بل هو أمر مرخص فيه ( استئناف مختلط 15 فبراير سنة 1938 م 50 ص 13 : وجاء في هذا الحكم أن الإنفاق علي قسمة الحائزة بين صاحب الحصان ومستأجره اتفاق صحيح ، لأن المالك يقدم منفعة الحصان والمستأجر يتكفل بغذاء الحصان وتدريبه سليمان مرقس فقرة 186ص 142 هامش 2 .

( [40] ) ذلك أن الإيجار بعد أن يستوفي أركانه وينعقد صحيحًا ، تقوم الحاجة إلى إثباته إذا وقعت منازعة فيه . فإذا ما ثبت فإنه يكون نافذًا في حق المتعاقدين ، أما نفاذه في حق الغير فيحتاج إلى إجراء آخر . وإذا ما ثبت الإيجار ونفذ في حق الغير ، وجب أن ينتج آثاره ، وقد يكون فيه غموض يحتاج إلى تجلية لإنتاج آثاره فتقوم الحاجة إلى تفسيره . ومن ثم يعقب الكلام في أركان الإيجار في الفرعين الأولين الكلام في فرع ثالث  في إثبات الإيجار وفي نفاذه في حق الغير ، وفي تفسيره .

( [41] ) الأصل أن المؤجر حر في الإيجار لمن يشاء ، كما أن المستأجر حر في الاستئجار ممن يشاء ، وذلك غنما هو تطبيق لمبدأ حرية التعامل والتجارة في حدود النظام العام . ويبني ذلك أن أصحاب الفنادق أحرار في قبول من يريدونه من النزلاء ورفض من فلا يردونه منهم ،وكذلك أصحاب الملاعب والمحلات العامة ( بودي وقال 2 قسم ثان فقرة 4131 ) ولكن لا يغيب عن البال أن أصحاب الملاعب والمحلات العامة أن العادة جرت في مثل هذه المحال أن تفتح أبوابها للجمهور دون تمييز بين شخص الأجرة .

كان هذا قبولا منه ، وتم العقد وأجبر صاحب المحل علي تنفيذه . علي أنه لا يوجد ما يمنع من أن صاحب الفندق أو ملعب يمنع دخول فئة معينة من الناس في المحل الذي يديره حرصا منه علي انتقاء وسط معين ، فيفرض مثلا لباسا خاصا ( كملابس السهرة ) . أو يشترط علي من يدخل أن يكون بحالة لائقة فيمنع من الدخول من كان بين السكر أو رث الثياب ، ولكن هذا يكون واجب التطبيق علي كل ما يكونون في هذه الحالة دون تمييز أما أن يتعسف صاحب المحل العام ، فيمنع شخصا بالذات من الدخول لسبب غير مقبول ، فهذا هو التعسف الممنوع وإذا ائتمر أهل البلد بشخص لا يؤجرون له مكانا يسكنه لأسباب دينية أو سياسية أو لسبب يرجع إلي حرفة ممقوتة يحترفها ( كالجلاد ) ، وكان لا مناص لهذا الشخص من سكني البلد لأنها محل عمله أو مقر وظيفته ، فلا يجوز التفكير في مثل هذه الأحوال في أن تلجأ السلطة العامة إلي إجبار الملاك علي إيجاز الملاك منازلهم لغير المرغوب فيهم ( بودري وقال 1 فقرة 12 – فقرة 121 ) وهذا لا يتنافي مع جواز أن تصدر إحدى السلطات العامة ، كالسلطة العسكرية ، أمرًا بتخلية بعض الأماكن مؤقتا لاستعمالها في أغراض معينة للصالح العام .

وتقضي التشريعات – كما سنري – بامتداد عقد الإيجار بعد انقضاء عقد الإيجار مدته في كثير من الأحوال ، رضي المؤجر أو أبي ، وهذ1 القيد علي حرية التأخير اقتضته المصلحة العامة . خالية مدة تزيد علي ثلاثة أشهر إذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية ” وهذا قيد علي حرية الملك في عد التأخير ،وسيأتي تفضيل ذلك عند الكلام في إيجاز الأماكن

أنظر الإيجار للمؤلف6 الفقرة 33  .

( [42] ) ويندر أن تجاوز المحاماة في الأجرة ثلث التركة ، وحتى يمكن تصور ذلك يجب أن يكون الإيجار لمدة طويلة وأن تكون العين المؤجرة هي كل التركة أو أهم شيء فيها . لذلك كان الإيجار في مرض الموت نادر الوقوع .

( [43] ) ونص المادة 916 مدني لم يكن موجودا في التقنين المدني القديم ، ولم يكن هذا التقنين يشمل علي النصوص الخاصة ببيع المريض مرض الموت ( م 254-256/320-323 ) ولم يكن يمكن القياس علي هذه الخصوص في عقد الإيجار ، لأنها نصوص استثنائية لا يجوز التوسع فيها . وبهذا جري الفقه والقضاء في عهد التقنين المدني القديم ( الإيجار المؤلف فقرة 49 – أحمد نجيب الهلالي في البيع فقرة 389 – محمد حلمي عيسي في البيع فقرة 952- مصر الكلية الوطنية 19 يناير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 636 ص 850 ) وساعد علي ذلك أن الفقه الإسلامي يقتضي إيجار المريض مرض الموت صحيح النفاذ ، إلا الإجارة تبطل بموت أحد المتعاقدين ، فلا ضرر علي الورثة فيما بعد الموت ، لأن الإجازة لما بطلت صارت المنافع مملوكة لهم ، وفي حياته لا ملك لهم  ، فلا ضرر عليهم فيما يستوفيه المستأجر حال حياة المؤجر . ومثل الإجارة الاستئجار ، بأن يستأجر شيئا بأكثر من قيمته وكانت المحاباة كبيرة ( شرح الأحكام الشرعية للشيخ محمد زايد 2 ص 326 ) وقد جاء في جامع الفصولين : «تبرع المريض بالمنافع يعتبر من كل ماله ، فلو أجر المريض بيته بدون اجر مثله لا يعتبر من الثلث ، إذ لو أعارها جاز ( جامع الفصولين 2 ص 246- وانظر ابن عابدين 5 ص 450 ) ولكن هذه الحجة لا تصلح في القانون المدني ز فالإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ومن ثم جاز أن تتحقق محاباة المستأجر ( محمد كامل مرسي فقرة 40 طنطا استئنافي 28 يناير سنة 1930 المحاماة 11 رقم 37 ص 67 ) .

( [44] ) الوسيط 4 فقرة 272 وفقرة 276

( [45] ) الإيجار للمؤلف فقرة 50 ص 71 – سليمان مرقس فقرة 71- محمد كامل مرسي فقرة 54 – محمد علي غمام فقرة 34 منصور مصطفي منصور فقرة 169 ص 419 – ص 420 – عبد الحي حجازي فقرة 64 ص 107 – محمد لبيب شنب فقرة 88 .

وإذا كانت العين لا تزال تحت يد البائع ، استطاع المستأجر أن يطالب بتسليمها باستعماله الدعوي غير مباشرة باسم مدينة المشتري . أما إذا كان البائع قد اجر العين المستأجر أخر ، فأن المستأجر من المشتري لا يستطيع أن يطالب هذا المستأجر الآخر بتسليم العين وليس له إلا أن يطلب من المشتري فسخ الإيجار والتعويض ( سليمان مرقص فقرة 71 ص 106 ص 107 عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 52 – منصور مصطفي منصور فقرة 169 ص 419 ص 430 .

( [46] ) هذا إذا كان البائع لم يسلم العقار للمستأجر منه . فإذا كان قد سلمه إياه دون معه ( م242/2 مدني ) ، لم يستطيع المشتري قبل أن يسجل عقد شرائه أن يطالب المستأجر بتسليم العقار ، إذ كان منهما دائن عادي للبائع ، ولا يملك المشتري في هذه الحالة إلا أن يطالب البائع بالتعويض ، وقد يحق له طلب فسخ البيع ( سليمان مرقص فقرة 71 ص 106 ص 107 عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 52 – منصور مصطفي منصور فقرة 169 ص 419 ) .

( [47] ) ولكن لا يجوز في هذه الحلة للمشتري ، ولم يكن الإيجار نافذا في حقه ، أن يجبر المستأجر علي ألإخلاء إلا بعد التنبيه عليه بذلك في المواعيد المقررة قانونا ، ولتزم المؤجر بأن يدفع للمستأجر تعويضاً ، ولا يجبر المستأجر علي الإخلاء إلا بعد أن يتقاضي التعويض من المؤجر أو من المشتري نيابة عن المؤجر ، أو من بعد أن يحصل علي تأمين كاف للوفاء بهذا التعويض ( م 605 مدني ) .

( [48] ) و بودي وقال 1 فقرة 83 – فقرة 84 – بيدان 11 فقرة 481 ص 405 – بلانيول وريبر 10 فقرة 431 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage فقرة 72 – فقرة 73 _ اوبري ورو وإسمان 5 فقرة 369 ص 353 هامش 14- جيوار 1 فقرة 49 فقرة 50 – سليمان مرقس فقرة 67 ص 101 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 61 ص 95- عبد المنعم فرج الصدة فقرة 40 ص 57

( [49] ) والمالك تحت شرط فاسخ يقابله مالك تحت شرط واقف . وهذا إذا عقد إيجارا قبل تحقيق الشرط ، كان الإيجار معلقا علي شرط واقف . فإذا ما تحقق الشرط الواقف ، اعتبر المؤجر مالكا بأثر رجعي فينفذ الإيجار الصادر منه بشرط عدم مساس بإيجار يكون قد صدر من المالك تحت شرط فاسخ ( محمد علي إمام فقرة 35 ) .

( [50] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ” أما ما يصدر من الدائن ( تحت شرط فاسخ ) من أعمال الإدارة فيضل قائما رغم تحقيق الشرط . ذلك أن هذه الأعمال لا تؤثر في الحقوق التي استقرت نهائيا من جراء تحقيق شرط ، ثم أن من الأهمية بمكان أن يكفل لها ما ينبغي من الاستقرار ” مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 17 )

( [51] ) ذلك أن الغش يبطلا التصرفات وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 269/2 مدني: ” وغني عن البيان أن بقاء الأعمال التي تقدمت الإشارة إليها ( أعمال الإدارة ) مشروط بحسن نية من صدرت عنة وعدم وتجاوز المألوف في حدود الإدارة .

فإذا كان عمل الإدارة إجارة مثلا ، وجب ألا تجاوز مدتها ثلاث سنوات ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 17 ) علي أنه لا يكفي ، ليكون هناك غش وتواطؤ أن يكون شيء النية أي عالما بأن ملكيته مهددة بالفسخ ، بل يجب أيضا أن يكوهن فصده تؤول إليه الملكية ، وأن يكون المستأجر متواطئاً معه علي ذلك أي عالما بقصد المؤجر عليه فإذا كان المسـتأجر حسن النية ، كان الإيجار نافذا في حق تؤول إليه الملكية ، حتى لو كان المؤجر سيء النية وقصد الإضرار بهذا الأخير ( سليمان مرقس فقرة 40 ص 101 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 53 ص 76 هامش 1- منصور مصطفي منصور فقرة 168 ص 415 ) .

( [52] ) الإيجار المؤلف فقرة 51\

منشور في مقال توكيل محامي

( [53] ) أنظر في هذا المعني سليمان مرقس فقرة 67 ص 100 هامش 2- منصور مصطفي منصور فقرة 168 ص 416 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 40 ص 57 – محمد لبيب شنب فقرة 86 ص 114 – انظر العكس ذلك وأن الإيجار لا يجوز أنه تزيد مدته علي ثلاث سنوات وإلا نقص إلي هذه المدة : عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 53 ص 77 – محمد علي إمام فقرة 35 ص 76 – عبد المنعم البدراوي ص 16 ، وفي عهد التقنين المدني القديم الإيجار للمؤلف فقرة 51- فقرة 52- وقارن ما ورد في المذاكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 269/ 2 مدني في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 17 وقد سبق ذكره في نفس الفقرة في الهامش السابق .

( [54] ) الإيجار للمؤلف فقرة 53

( [55] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه من غير الممنوع علي المالك المدين أو يؤجر أطيانه لينتفع بها خصوصا إذا كانت حالته المالية لا تسمح له بتكاليف الزراعة ولأن التأجير لا يخرج العين من ملكية المدين ويمكن للدائن أن يحجز تحت يد المستأجر علي الإيجار ( استئناف مصر 19 فبراير سنة 1936 المحاماة 17 رقم 91 ص 195 ) .

( [56] ) سليمان مرقس فقرة 74 استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1889 م 1 ص 309 19 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 44 24 مارس سنة 1904 م 16 ص ولا يجوز أن تكون الأجرة قد دفعت مقدما ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1890م 2 ص ولا تسري هذه الأحكام في حالة التنفيذ المنقول ( استئناف مختلط 30 يناير سنة 1890 2 ص 229 وهو الحكم السابق ) .

( [57] ) تاريخ النص : ورد النص في المادة 757 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 588 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 560 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 474 – ص 475 )

ويقابل النص في التقنين المدني القديم المادة 364 فقرة أولي / 447 فقرة أولي ، وكانت تجري علي الوجه الأتي : ” الإيجار المعقود ممن له الحق الانتفاع في عقار بدون رضا مالك رقبته ينقضي بزوال حق الانتفاع  ، وإنما تراعي المواعيد المقررة للتنبيه علي المستأجر بالتخلية أو المواعيد اللازمة لأخذ ونقل محصولات السنة ” والأحكام واحدة في التقنين القديم والجدي ، وما يسري علي العقار يسري علي المنقول لأن النص إنما هو تطبيق للقواعد العامة ( الإيجار للمؤلف فقرة 69 ) ويقابل النص في التقنيات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 28 ( مطابق )

التقنين المدني الليبي م 559 ( مطابق )

التقنين المدني العراقي 732 م ( مطابق – انظر عباس حسن الصراف فقرة 731 )

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 541/1 : إن إيجار المستثمر لموال غير منقولة أو لحقوق تختص بهذه الموال بدون رضا مالك الرقبة يسقط حكمه بالنظر إلي مالك الرقبة بعد مرور ثلاث سنوات علي إنهاء الاستثمار ( ويختلف النص في أنه ينتهي الإيجار الصادر من المنتفع بعد انتهاء حق الانتفاع ، ولكن لا فور هذا الانتهاء ، بل بعد مرور ثلاث سنوات من انتهائه – وما يطبق عليه العقار يسري علي المنقول : م 540 لبناني )

( [58] ) وتعليل ذلك أن صاحب حق الانتفاع يعتبر فضوليا فيما بقي من الذمة بعد عودة حق الانتفاع إلي مالك الرقبة . فإذا أقر المالك الرقبة – وقد أصبح الآن مالكا أيضا لحق الانتفاع – الإيجار ، أصبح العقد ساريا بينه وبين المستأجر . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدر إيجار حق الانتفاع ما يأتي : ” ومن الحقوق العينية التي تؤجر حق الانتفاع – وينقي الإيجار بانقضاء هذا الحق كما ينقضي بهلاك العين المؤجرة . إلا أن مالك الرقبة قد يجيز الإيجار عن المدة التي تلي انقضاء هذا الحق كما ينقضي بهلاك العين المؤجرة . إلا أن مالك الرقبة قد يجيز الإيجار عن المدة التي تلي انقضاء حق الانتفاع . فإذا لم يجز أمكنه أن يطلب من المستأجر الإخلاء بعد إعطائه الميعاد المنصوص عليه في المادة 761 ( 5653 مدني ) أو الميعاد المناسب لنقل المحصول ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 474 )

ويذهب كثير من الفقهاء إلي ان المنتفع إنما يؤجر الشيء ذاته ، لا مجرد حق الانتفاع ، ومن ثم يبقي الإيجار بعد موت المنتفع ، لكنه لا ينفذ في حق المالك الرقبة إلا إذا أقره ( منصور مصطفي منصور فقرة 171 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 50 – محمد لبيب شنب فقرة 870- علي البارودي ص 37 – جلال العدوي ص 107 ص 108 ) والفرق بين التصوير والتصوير الذي نقول به يرجع إلي الاختلاف في تحديد ما هو المقصود بمحل . وسنفصل ذلك فيما يلي ( انظر فقرة 102 ) .

( [59] ) وتنص المادة 539 من تقنين الموجبات اللبناني علي أنه ” من ليس له علي الشيء سوي حق الاستعمال الشخصي أو حق السكن أو حق الحبس أو حق التأمين لا يجوز له أن يؤجره» .

( [60] ) فتوى شرعية في 29 أبريل سنة 1937 المحاماة 8 رقم 54 ص 97 – وهنا يتجلي الفرق بين من يقول بأن صاحب حق السكني إنما يؤجر العين ذاتها وقد ذهب إلي هذا الرأي الأخير الأستاذ منصور مصطفي منصور ، ويقول في هذا الصدد : ” ولكن الواقع أن الإيجار لا يرد علي الحق ، بل على التمكين من الانتفاع بالشيء ، وهو ما يترتب عليه أن صاحب الاستعمال أو السكني ، وإن كان لا يجوز له التنازل عن حقه ، إلا أنه لو أجر الشيء الذي يرد عليه هذا الحق فإن الإيجار يعتبر صحيحا ” ( منصور مصطفي منصور فقرة 149 ص 347 ) ويقول الأستاذ محمد لبيب شنب : ” فإن هذا الإيجار وإن واقع صحيحاً بين طرفيه ، فهو لا ينفذ في حق المالك الذي يكون له أن يسترد الشيء ” محمد لبيب شنب فقرة 91 ) فالفرق واضح بين القول بأن الإيجار الصادر من صاحب الحق السكني ذاته غير قابل للتأجير . ففي القول الأول لا يستطيع صاحب حق السكني نفسه أن يبطل الإيجار لأن العقد صحيح . وفي القول الثاني ، وهو الذي نؤثره ، يكون لصاحب حق السكني أن يبطل الإيجار إذا العقد باطل لوقوعه علي حق لا يقبل التأجير .

( [61] ) وعدم جواز النزول عن حق الاستعمال أو حق السكني يقاس عليه عدم جواز إيجار هذا الحق .

( [62] ) الإيجار للمؤلف فقرة 71 – والمحتكر ، كالمستأجر والمنتفع ، يستطيع أن يؤجر حقه . وليس المقصود بذلك أنه يستطيع أن يؤجر المباني التي قد يقيمها على الأرض المحتكرة ، فهذه ملك له ويستطيع أن يؤجر ا لمباني التي قد يقيمها على الأرض المحتكرة ، فهذه ملك له ويستطيع إيجارها بطبيعة الحال كمالك لا كمحتكر . وإنا المقصود أن يؤجر الحكر نفسه . والصورة العملية لذلك أن يبيع المحتكر المباني أو يؤجرها ، ويؤجر ؟؟؟ الحكر لمشتري المباني أو مستأجرها ، فيكون لهذا الأخير الانتفاع بحق ؟؟؟؟؟؟ ( الإيجار للمؤلف فقرة 72 ص101 – محمد لبيب شنب فقرة 90 ) .

( [63] ) استئناف مختلط 15 مارس سنة 1916 م 28 ص 206 .

( [64] ) فإذا أجر الدائن المرتهن العين المرهونة كانت مدة الرهن معلومة ، لم يستطع أن يؤجر لمدة أطول . أما إذا كانت مدة الرهن غير معلومة ، كأن حل الدين وبقي الدائن المرتهن حابساً للعين حتى يستوفيه ، فإن الإيجار يسري حتى ينتهي الرهن . فإذا انتهى الرهن ، وكانت مدة الإيجار لا تزال باقية لم تنقض ، انتهى الإيجار بالرغم من ذلك ، ولكن بعد فوات المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل المحصول ، قياساً على ما جاء في حق الانتفاع .

( [65] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد :  “والحق في أخذ الغلة وخصمها على النحو المتقدم هو عنصر من عناصر حق الرهن ، فالدائن المرتهن يستولي على الغلة أصيلا عن نفسه لا نائباً عن الراهن ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 7 ص 219 ) . هذا إلى أنه لو كان الدائن المرتهن نائباً عن الراهن في الإيجار لما جاز له أن يؤجر العين إلى الراهن نفسه ، وسنرى أن هذا جائز بصريح النص . كذلك لو كان الدائن المرتهن نائباً عن الراهن في الإيجار لانصرفت آثار الإيجار من حقوق والتزامات إلى الراهن ، وهي إنما تنصرف إلى الدائن المرتهن فتترتب له حقوق المؤجر وتتولد في ذمته التزاماته .

انظر في هذا المعنى : عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 ص 89 – ص 90 ، وكتابة في التأمينات الشخصية والعينية سن 1950 فقرة 486 – على البارودي ص 40 – ص 41 – شمس الدين الوكيل في نظرية التأمينات الجزء الأول سنة 1956 فقرة 184 ص 461 – ص 464 ، ولكنه يرى أنه إذا انتهى الرهن ولم تكن مدة الإيجار قد انقضت ، ظل الإيجار نافذاً في مواجهة الراهن إلى ما يكمل ثلاث سنوات ، باعتبار أن الدائن المرتهن حائز قانوني يملك حق الإدارة ( فقرة 184 ص 470 ) ، ويبدو ا في هذا القول تعارضاً مع قوله السابق ، فمادام الدائن المرتهن يؤجر بموجب حقه الأصيل فهو لا يؤجر بموجب حق الإدارة . انظر أيضاً هذا التعارض عند الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ( 1950 فقرة 480 ) .

ويذهب الأستاذ شفيق شحاته ( النظرية العامة للتأمين العيني فقرة 158 ص 137 ) إلى أن الدائن المرتهن يؤجر العين باعتباره وكيلا عن الراهن ( انظر أيضاً في هذا المعنى : نقض مدني 27 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 96 ص 285 – 23 نوفمبر سنة 1950 المحاماة 31 رقم 277 ص 966 – استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1908 م 20 ص 176 – 170 – ص 173 ) إلى أن الدائن المرتهن يؤجر العين باعتباره نائباً نيابة قانونية عن الراهن ، وهذه النيابة تسمح باعتباره ممن لهم حق الإدارة ، فله أن يؤجر لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، إلا إذا أقر الراهن ما يزيد على هذه المدة – انظر أيضاً في نفس المعنى محمد علي إمام فقرة 41 ص 87 – ص 88 – جلال العدوي ص 84 .

ويذهب الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة ( فقرة 52 ) إلى أن نظام الرهن الحيازي يجمع بين حق أصيل للدائن المرتهن في أخذ الغلة وحق آخر له في الإدارة باعتباره نائباً عن الراهن ، وعلى ضوء هذا الوضع يحق للدائن المرتهن أن  يؤجر الشيء المرهون ، لأية مدة ، لكن إذا انتهى الرهن قبل انقضاء مدة الإيجار فلا ينفذ الإيجار في حق الراهن إلا في حدود ثلاث سنوات من مدته ، وقد روعي في ذلك ما للدائن من حق أصيل في المنفعة وما عليه من واجب الإدارة بالنيابة عن الراهن ، فلا يخضع لحكم المادة 559 مدني إلا حينما ينتهي الرهن قبل انقضاء الإيجار – ويؤخذ على هذا الرأي أن صفة الدائن المرتهن في الإيجار لا يجوز أن تتغير تبعاً لما إذا انتهى الرهن قبل انقضاء الإيجار – وهو إما أن يؤجر بصفته مديراً نائباً عن الراهن ، سواء انتهى الرهن قبل الإيجار أو انتهى الإيجار قبل الرهن ، وفي هذه الحالة لا يعتد بالإيجار إلا لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات . وإما أن يؤجر بموجب حقه الأصيل في المنفعة ، فيبقى على هذا الوضع سواء انتهى الرهن قبل الإيجار أو انتهى الإيجار قبل الرهن ، وفي هذه الحالة يكون له الإيجار لمدة لا تزيد على مدة الرهن ولو زادت على ثلاث سنوات .

( [66] ) استئناف مختلط ( الدوائر المجتمعة ) 4 يناير سنة 1917 م 29 ص 137 – كانت أحكام قد صدرت قبل ذلك من محكمة الاستئناف المختلطة تجيز للدائن المرتهن إيجار العين المرهونة للمدين الراهن : 10 فبراير سنة 1915 م 27 ص 151 – 17 مارس سنة 1915 م 27 ص 225 – 18 مايو سنة 19015 م 27 ص 338 . وانظر أيضاً 23 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 67 ( وفي هذا الحكم لم تقطع محكمة الاستئناف برأي ) .

( [67] ) وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 1100 مدني يقضي باحترام حق الراهن في الاستئجار حتى تنقضي مدة الإيجار ، فحذفت اللجنة التشريعية في مجلس النواب هذا الحكم حتى لا يتقيد الدائن المرتهن نحو الراهن بالإيجار المعقود بينهما ( مجموعة الأعمال التحضيرية 7 ص 202 – سليمان مرقس فقرة 105 ص 174 وهامش رقم 1 ، وانظر عكس ذلك عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 ص 87 – محمد علي إمام فقرة 41 ص 86 ) .

( [68] ) استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1914 م 26 ص 251 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضاً بأنه لا يجوز للدائن المرتهن رهناً رسمياً أن يحتج بالشرط القاضي على المدين الراهن بألا يؤجر العقار المرهون لأكثر م مدة معينة إلا إذا سجل هذا الشرط ، ولا يغني عن التسجيل ذكر الشرط في قدي الرهن ( استئناف مختلط 14 أبريل سنة 1914 من 26 ص 318 ) ، وكذلك الشرط القاضي بمنع التنازل عن الأجرة يجب تسجيله ( استئناف مختلط 29 فبراير سنة 1916 م 28 ص 170 ) .

( [69] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 755 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 587 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 559 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 471 – 473 .

ويقابل النص المادة 364 فقرة 2/ 447 فقرة 2 من التقنين المدني القديم ، وكانت تجري على الوجه الآتي :  “والإيجار المعقود  من وصي أو ولي شرعي لا يجوز أن يكون إلا لمدة ثلاث سنين ، ما لم تأذن المحكمة التي من خصائصها الحكم في مسائل الأوصياء بأزيد منها . ( وحكم التقنين المدني القديم يتفق مع حكم التقنين المدني الجديد : انظر فيما يتعلق بسلطة الولي في الإيجار لمدة تزيد على ثلاث سنين في عهد التقنين المدني القديم الإيجار للمؤلف فقرة 60 ص 80 ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 558 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي 724 ( موافق – انظر عباس حسن الصراف فقرة 746  وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 541 / 2 : على أن إيجار الوصي أو الولي الشرعي لأموال غير منقولة أو لحقوق مختصة بها لا يجوز أن يعقد لمدة تتجاوز سنة واحدة ، إلا بحالة الوصاية وبترخيص من المحكمة ذات الصلاحية . ( ويختلف هذا النص عن نص التقنين المصري في أنه مقصور على الولي والوصي ، وفي أنه لا ينطبق إلا على العقار ، وفي أن المدة سنة واحدة بدلا من ثلاث سنوات ) .

( [70] ) والإيجار لمدة أطول من ثلاث سنوات ، إذا كان صادراً من المالك ، لا يزال يعتبر من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف . أما ما ورد في المادة 701/2 مدني من أنه يعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات ، فالمقصود به الإيجار الصادر من النائب عن المالك كالوكيل ، لا الإيجار الصادر من المالك نفسه ( قرب بودري وفال 1 فقرة 104 ) .

( [71] ) والسلطة المختصة هي الأصيل في حالة الوكيل ومفتش الزراعة ومدير الشركة والزوج ، والمحكمة في حالة الوصي والقيم والوكيل عن الغائب والحارس القضائي وسنديك التفليسة وناظر الوقف .

( [72] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 472 .

( [73] ) استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1889 م 1 ص 284 – 11 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 67 – 26 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 29 – أول فبراير سنة 1893 م 5 ص 193 – 30 مارس سنة 1898 م 10 ص 216 – 31 مارس سنة 1898 م 10 ص 223 – 15 فبراير سنة 1906 م 18 ص 121 – 9 نوفمبر سنة 1909 م 19 ص 7 – 11 فبراير سنة 1909 م 21 ص 185 – انظر عكس ذلك وأن هذه المدة  يتقيد بها غير الأولياء والأوصياء والقوام : استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 100 .

( [74] ) وليس للبواب حق الإيجار عن المالك بمجرد هذه الصفة ، بل يجب أن يتلقى من المالك توكيلا في ذلك ( بلانيول وريبير 10 فقرة 436 ص 566 ) .

( [75] ) استئناف مختلط 12 يونيه 1889 م 1 ص 284 من الإيجار للمؤلف فقرة 56 .

( [76] ) استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1917 م 30 ص 57 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا أجر مؤسسو شركة مساهمة عيناً باسم الشركة قبل تأسيسها ، فلا يعتبر الإيجار معلقاً على شرط موافقة مجلس الإدارة ، بل كل ما يستنتج من أسبقية تاريخ الإيجار على تاريخ التأسيس أن الإيجار انعقد معلقاً على شرط واقف مفهوم ضمناً وهو تأسيس الشركة تأسيساً صحيحاً ، فإذا تحقق الشرط نفذ الإيجار دون حاجة لموافقة مجلس إدارة الشركة ( استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1909 م 21 ص 307 ) . وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 58 .

( [77] ) وكما تكون وكالة الزوج عن الزوجة ضمنية في إيجار ، كذلك قد تكون وكالة الزوجة عن الزوج ضمنية في الاستئجار ، فتستأجر الزوجة بموجب وكالة ضمنية عن زوجها ، منزل الزوجية ( انظر في حال انفصال الزوجين انفصالا فعلياً واستئجار الزوجة لمنزل سكناها إذا كان الزوج غائباً جيوار 1 فقرة 59 – بودري وفال 1 فقرة 115 – بلانيول وريبير 10 فقرة 436 ص 566 ) . ولكن علاقة الزوجية وحدها لا تكفي لقيام الوكالة الضمنية ، وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا استأجرت الزوجة المنزل الذي تقيم فيه مع زوجها ، كانت هي المستأجرة دون زوجها ، ولا تكفي قرينة أن الزوج هو المكلف بسكنى الزوجة لاستخلاص أن المستأجر هو الزوج ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1926 م 38 ص 267 ) .

( [78] ) الإيجار للمؤلف فقرة 62 .

( [79] ) أما في عهد التقنين المدني القديم فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحارس القضائي ليس له حق الإيجار إلا إذا أعطى هذا الحق ( استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1890 م 3 ص 29 ) .

( [80] ) استئناف وطني 12 يناير سنة 1916 الشرائع 3 رقم 106 ص 360 – والحارس القضائي على أعيان الوقف له حق إيجار الوقف بنفس السلطة التي للناظر ، متى قبل أن يصبح الحكم بتعيينه حارساً نهائياً ( استئناف وطني 15 نوفمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 25 ص 174 ) .

( [81] ) استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 45 .

( [82] ) استئناف مختلط 5 أبريل سنة 1911 م 23 ص 249 – إيجار للمؤلف فقرة 57 .

وفي حالة ما ذا وقع إيجار الحارس صحيحاً ، ليس له أن يلجأ إلى القضاء المستعجل لإخلاء العين من مالكها وتسليمها للمستأجر ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1911 م 23 ص 201 ) . أما إذا وقع باطلا ، بأن خرج الحارس على قواعد التأجير الصالح النافع للمصلحة المشتركة ، فلا يجوز الاحتجاج بهذا الإيجار على المالك ( نقض مدني 10 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 98 ص 257 ) .

( [83] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1920 جازيت 10 رقم 156 ص 156 – الإيجار للمؤلف فقرة 59 .

( [84] ) انظر ما يلي فقرة 781 وما بعدها .

( [85] )  وقد نصت المادة 731 مدني عراقي على أنه  “يجوز إيجار الحصة الشائعة للشريك أو غيره ” . وليس من الضروري أن تكون الأجرة التي يتقاضاها الشريكة عن حصته مساوية للأجرة التي يتقاضاها شريك آخر ، حتى مع مراعاة النسبة بين الحصتين ؛ فقد يطلب أحد الشركاء أجرة أعلى مما يطلب الشركاء الآخرون ، فإذا رضي المستأجر بذلك التزم به ، وليس له أن يدفع بعد ذلك بوجود إكراه أدبي محتجاً بأنه كان مضطراً للرضوخ حتى لا يتعطل الإيجار بتعنت أحد الشركاء ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1928 م 40 ص 236 – ولو أجر الشركاء لمستأجر واحد ، واقتسموا بعد ذلك العين الشائعة ، فلا يجوز للمستأجر أن يختص بنصيب أحدهم ويدفع أجرة بمقدار هذا النصيب ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1897 م 9 ص 391 ) .

( [86] )  وينفرد الشريك المستأجر بمنفعة العين كلها بصفته مالكاً بعضها ومستأجراً لبعض آخر ( بودري وفال 1 فقرة 117 – جيوار 1 فقرة 55 -= بلانيول وريبير 10 فقرة 443 – الإيجار للمؤلف فقرة 81 ) . فإذا أريدت قسمة العين قبل انتهاء الإيجار ولم تمكن قسمتها ، فبيعت في المزاد العلني ورسا المزاد على الشريك المستأجر ، انقضى الإيجار باتحاد الذمة ( بودري وفال 1 فقرة 85 ) . لأن الشريك الراسي عليه المزاد أصبح مالكاً للجزء الذي كان مستأجراً له . أما إذا رسا المزاد على شريك غير المستأجر ، وأراد الشريك المستأجر البقاء في العين كلها كمستأجر ، زادت الأجرة بنسبة الحصة التي كانت له في العين بعد أن أصبحت هذه الحصة ملكاً لشريك آخر بموجب مرسي المزاد ( جيوار 1 فقرة 55 – سليمان مرقس فقرة 73 ) .

هذا وإذا أصبح المستأجر شريكاً في ملكية العين المؤجرة ، بقي الإيجار نافذاً عليه بشروطه . فإذا كان مشروطاً لعيه أنه عند عدم دفع الأجرة يخلي العين بلا حاجة إلى إنذار ، نفذ عليه هذا الشرط . وكل ما يفيده من أنه أصبح شريكاً في ملكية العين أنه يستطيع مطالبة بقية الشركاء بالقسمة ( استئناف مختلط 19 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 59 ) . وإذا كان قد صدر ضده حكم بالإخلاء ، وجب عليه تنفيذه ولو كان قد أصبح شريكاً في ملكية العين المؤجرة ( استئناف مختلط 5 يناير سنة 1901 م 13 ص 356 ) .

( [87] )  وقد فرض القانون أن عدم اعتراض الشركاء على الإيجار الصدر من شريك منهم دليل على وجود وكالة سابقة منهم له بالتأجير . ومن ثم لا ينفذ الإيجار في حقهم إلا لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ، شأن أي إيجار يصدر من الوكيل أو النائب . وهذا بخلاف ما إذا قلنا إن عدم اعترض الشركاء على الإيجار الصادر م أحدهم إنما هو إقرار لاحق لا توكيل سابق ، فيتعين عندئذ أن يسري الإيجار في حق الشركاء لأية مدة ولو زادت على ثلاث سنوات ، لأن الشركاء يكونون قد أقروا الإيجار بالمدة المحددة فيه ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 54 ص 81 هامش 1 ) .

( [88] )  والمحكمة هنا هي المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة . وقد اقترحت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أن تكون المحكمة المختصة في حالة العقار هي المحكمة الجزئية التي يدخل في دائرتها العقار ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6  ص 86 ) ،

( [89] )  بودري وفال 1 فقرة 132 – جيوار 1 فقرة 54 – بلانيول وريبير 10 فقرة 443 – ويترتب على صحة الإيجار فيما بين المؤجر والمستأجر أنه لا يجوز لأحدهما طلب إبطاله ( استئناف وطني 10 يناير سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 72 ص 150 ) ، ولا يجوز للمستأجر طلب الفسخ إذا كان المؤجر قد سلمه العين المؤجرة ولم يتعرض له أحد في انتفاعه بها ، وللمؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة . كذلك يجوز للمستأجر بصفته دائناً للمؤجر أن يستعمل حقوق مدينة قبل باقي الشركاء عن طريق الدعوى غير المباشرة ، كحق الاشتراك في الانتفاع وحق القسمة ( بلانيول وريبير 10 فقرة 443 – سليمان مرقس فقرة 72 ص 113 – ص 114 ) – هذا ويجوز للمستأجر إبطال الإجارة للغلط إذا توافرت شروطه ، بأن يكون معتقداً وقت الاستئجار أن المؤجر مالك لكل العين ، وبأن يكون هذا الغلط جوهرياً ، وبأن يكون المؤجر واقعاً في الغلط نفسه أو م السهل عليه أن يتبينه ( عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 56 ص 82 هامش 3 – محمد علي إمام فقرة 47 ص 97 – منصور مصطفى منصور فقرة 173 ص 427 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 42 ص 62 ) .

( [90] )  وكما لا ينفذ الإيجار إلا إذا صدر من أغلبية الشركاء ، كذلك لا يتجدد إلا إذا وافقت الأغلبية على التجديد ، فإذا مات المؤجر تاركاً عدة ورثة ، لم يتجدد هذا الإيجار إلا برضاء أغلبية الورثة . وفي عهد التقنين المدني القديم كان الإيجار لا ينفذ إلا إذا صدر من جميع الشركاء ، فإذا نبه أحد الشركاء على المستأجر بالإخلاء لم يجز للمستأجر أن يتمسك بتجديد الإيجار بدعوى أن بقية الشركاء لم يشتركوا في التنبيه بالإخلاء ، لأن المفروض ا الإيجار قد تجدد ، فيلزم إذن لتجدده – وهذا إيجار جديد – أن يتفق على ذلك جميع الشركاء ، فإذا نبه أحدهم بالإخلاء منع تجديد الإيجار بذلك . وهذا بخلاف امتداد الإيجار عند عدم التنبيه ، فإنه في هذه الحالة يجب أن ينبه جميع الشركاء على المستأجر بالإخلاء إذا أرادوا منع الامتداد ( مصر الكلية الوطنية 22 أغسطس سنة 1927 المحاماة 8 رقم 34 ص 65 – استئناف مختلط أول يونيه سنة 1897 م 9 ص 362 – وانظر أيضاً استئناف مختلط أول نوفمبر سنة 1920 جازيت 11 رقم 32 ص 20 : التنبيه من أحد الشركاء يعتبر في صالح الجميع ولهم أن يصادقوا عليه – استئناف مختلط 5 يناير سنة 1901 م 13 ص 356 : المستأجر الصادر ضده حكم بالإخلاء لعدم مرافقة الشركاء على تجديد الإيجار يجب عليه تنفيذ الحكم حتى لو أصبح شريكاً هو أيضاً في ملكية العين المؤجرة ) .

( [91] )  لكن إذا أصبح الشريك المؤجر مالكاً للعين بأكملها ، نفذ إيجاره ( أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage فقرة 50 ) .

( [92] )  لوران 25 فقرة 44 – ترولون 1 فقرة 100 – جيوار 1 فقرة 54 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 ص 192 – بلانيول وريبير 10 فقرة 443 – جرانمولان في العقود فقرة 316 – الإيجار للمؤلف فقرة 80 – سليمان مرقس فقرة 72 ص 114 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 56 ص 84 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 42 ص 62 – استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1907 م 20 ص 23 – 2 يونيه سنة 1908 م 20 ص 261 – 20 يناير سنة 1910 م 22 ص 101 – 14 يونيه سنة 1916 م 28 ص 428 – الوايلي 23 مايو سنة 1925 المحاماة 5 ص 767 – جرجا 30 أكتوبر سنة 1926 المحاماة 7 ص 380 .

وقاضي الأمور المستعجلة غير مختص بإخراج المستأجر الذي يستأجر من أحد الشركاء كل العين المؤجرة ، لأن المسألة خلافية يختص قاضي الموضوع وحده بالفصل فيها ( محكمة لييج بلجيكا 27 فبراير سنة 1923 المحاماة 4 رقم 676 ص 891 ) .

( [93] )  وقد كان المستأجر في عهد التقنين المدني القديم يجوز له ، كدائن للشريك المؤجر ، أن يتمسك بحقوق هذا الأخير في المشاركة في الانتفاع بالعين المؤجرة ، فلا يعتبر في شغله للعين متعرضاً لحيازة باقي الشركاء ، بل حالا محل الشريك المؤجر ، فلا يجوز طرده ، ويتعين الاتفاق معه على طريقة الانتفاع أو على القسمة قسمة نهائية أو قسمة مهايأة أو تعيين حارس و مدير يتولى الإدارة ( نقض مدني 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم  37 ص 99 – الإسكندرية مستعجل 28 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 35 ص 91 : لا يمكن اعتبار المستأجر حائزاً بغير سند ، ويكون الفصل في بطلان الإيجار ماساً بحقوق الخصوم ومن اختصاص قاضي الموضوع ) .

أما في التقنين المدني الجديد فقد رأينا أن أغلبية الشركاء تملك إيجار العين إيجاراً نافذاً في حق الجميع ، فلا يكون للشريك الذي أجر وحده حق شغل العين المؤجرة ، ويمتنع تبعاً لذلك على المستأجر منه أن يتمسك بحق ليس ثابتاً لمدينه ، فيجوز إذن طرده من العين وردها إلى أغلبية الشركاء أو إلى المستأجر منهم ( سليمان مرقس فقرة 72 114 – ص 115 ) .

( [94] ) لوران 25 فقرة 44 – جيوار 1 فقرة 54 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 هامش 8 – بلانيول وريبير 10 فقرة 443 – الإيجار للمؤلف فقرة 80 ص 113 – ص 114 – سليمان مرقس فقرة 72 ص 115 .

( [95] )   نقض مدني 10 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 44 رقم 56 ص 111 .

( [96] )  بودري وفال 1 فقرة 133 .

( [97] )  ولما كان مستأجر العقار الذي يباع لعدم إمكان قسته هو من الأشخاص الذين لهم مصلحة في إبداء ما لديهم من ملاحظات بطريق الاعتراض على القائمة وطلب تعديل شروط البيع بالنسبة إلى إجارته حتى يتفادى منازعة الراسي عليه المزاد له فيها بعد ذلك ، فإنه إذا اعترض على قائمة شروط البيع كان هذا من حقه ( نقض مدني 5 سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 145 ص 1109 ) .

( [98] )  استئناف مختلط 30 ديسمبر 1896 م 9 ص 90 .

( [99] )  سليمان مرقس فقرة 72 ص 117 – ص 118 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 56 ص 83 هامش 3 – محمد علي إمام فقرة 44 ص 97 – عبد الحي حجازي فقرة 69 ص 129 – محمد لبيب شنب فقرة 93 ص 121 – ص 122 – علي البارودي ص 36 .

وانظر عكس ذلك ، وأن الحلول العيني لا يقع لأن المادة 826 مدني إنما قضت بالحلول العيني في حالة التصرف والإيجار لا يعتبر من أعمال التصرف : منصور مصطفى منصور فقرة 173 ص 427 – ص 428 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 42 ص 63 . وإذا كان هذا الرأي الخير هو الأدق من الناحية القانونية ، إلا  أن الرأي الأول الذي رجح في الفقه هو الأيسر من الناحية العملية .

( [100] )  استئناف مختلط أول يونيه سنة 1897 م 9 ص 362 .

( [101] )  سليمان مرقس فقرة 72 ص 116 – ص 117 – ويرى الأستاذان بودري وفال أن المالك في الشيوع يجوز له أن يؤجر حصته الشائعة إيجاراً نافذاً دون حاجة للحصول على رضاء بقية الشركاء ( بودري وفال 1 فقرة 132 ) . ويبدو أنهما يقصدان القول بأن الشريك يستطيع إيجار حصته الشائعة لا باعتبارها شيئاً مادياً ينتفع به المستأجر ، بل باعتبارها حقاً معنوياً يجوز إيجاره كسائر الحقوق المعنوية . فإذا أوجرت على هذا الاعتبار ، فلا شك في صحة هذا الإيجار ونفاذه في حق بقية الشركاء دون حاجة للحصول على رضاهم ، ولكن لاشك أيضاً في أن حقوق المستأجر في هذه الحالة تكون ضيقة إذ هو لا يستطيع تسلم ما استأجره في الشيوع لينتفع به .

( [102] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أجرت شريكة حصتها شائعة في أطيان ، وأنابت المستأجر في تسلم هذه الحصة مفرزة بالاتفاق مع باقي شركائها ، وقام المستأجر فعلا بتسلمها مفرزة ووضع يده عليها محددة ، وعلمت الشريكة بذلك وأقرته ، فإنه لا يجوز لها توقيع الحجز التحفظي على نصيبها شائعاً في محصولات جميع الأطيان استناداً إلى عقد الإيجار ، لأن حقها في الملكية قد انحصر فيما اختص به مفرزاً محدداً ، ولان حقها في توقيع الحجز مقيد بما زرعه المستأجر في الحصة التي اختصت بها ، ولان حق امتيازها مقصور على ما يوجد بهذه الحصة دون غيرها ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 1 ص 9 ) – وانظر سليمان مرقس فقرة 72 ص 116 وهامش 3 .

( [103] )  ديمولومب 2 فقرة 137 – جيوار 1 فقرة 56 – لوران 25 فقرة 56 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 369 ص 352 وفقرة 364 ص 273 هامش 7 .

( [104] )  عز الدين عبد الله حماية خاصة بالدائنين المرتهنين سنة 1942 ص 308 .

( [105] )  منصور مصطفى منصور فقرة 169 ص 417 – سليمان مرقس فقرة 68 ص 103 – وقارن عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 61 ص 94 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 55 – علي البارودي ص 45 – ولا يشترط في نفاذه إيجار الوارث الظاهر في حق الوارث الحقيقي إلا أن يكون المستأجر حسن النية وان يكون الإيجار ثابت التاريخ قبل ظهور الوارث الحقيقي . فلا يشترط أن تكون مدة الإيجار لا تزيد على ثلاث سنوات ، لأن الوارث الظاهر إنما يؤجر كمالك لا كمدير لملك الغير ( منصور مصطفى منصور فقرة 169 ص 417 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 55 ص 79 – عكس ذلك سليمان مرقس فقرة 68 ص 103 ) .

( [106] )  الإسكندرية مستعجل 24 مايو سنة 1923 المحاماة 13 رقم 569 ص 1141 – المحلة 16 فبراير سنة 1935 المحاماة 15 رقم 339 ص 426 – عابدين 30 يناير سنة 1951 المحاماة 32 رقم 257 ص 1013 – بودري وفال 1 فقرة 66 وفقرة 129 – منصور مصطفى منصور فقرة 169 ص 418 – ومن الفقهاء من يفرق بين الوارث الظاهر وهذا إيجاره نافذ في حق الوارث الحقيقي ، وبين غريه من الحائزين وهؤلاء لا يكون إيجارهم نافذاً في حق المالك الحقيقي ( لوران 25 فقرة 56 وما بعدها – هيك 10 فقرة 287 – بلانيول وريبير 10 فقرة 437 وفقرة 442 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 61 ص 94 هامش 2 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 55 ص 70 – ص 80 ) . ويذهب الأستاذ سليمان مرقس إلى أن إيجار الحائز لمستأجر حسن النية لا يكون نافذاً في يحق المالك الحقيقي إلا إذا كان الحائز هو أيضاً حسن النية ( سليمان مرقس فقرة 69 ص 104 هامش 1 ) ، ولو صح ذلك لوجب القول بأن الوارث الظاهر يجب أن يكون حسن النية حتى يكون إيجاره نافذاً في حق الوارث الحقيقي .

وعلى الرأي الذي نقول به إذا كان المستأجر حسن النية واستأجر من حائز ، فإن الإيجار ينفذ في حق المالك الحقيقي متى كان ثابت التاريخ قبل ظهور هذا المالك ، ولو كانت مدة الإيجار أكثر من ثلاث سنوات ، قياساً على الوارث الظاهر . ولا يستطيع المالك الحقيق أن يسترد العين من المستأجر قبل نهاية العقد . ويبقى الإيجار قائماً بين المؤجر والمستأجر . ويجوز للمالك الحقيقي أن يرجع على المؤجر بالتعويض أو بالإثراء بلا سبب ، وله أن يحجز الأجرة تحت يد المستأجر ( عابدين 30 يناير سنة 1951 المحاماة 32 رقم 257 ص 1013 – سليمان مرقس فقرة 69 ص 105 ) .

( [107] )  ونرى من ذلك أن إيجار الحائز ، ولو كان سيء النية ، ينفذ في حق المالك الحقيقي إذا كان المستأجر حسن النية . أما إيجار غير الحائز فلا ينفذ في حق المالك الحقيقي ولو كان المستأجر حسن النية . والعلة في هذه التفرقة أن المستأجر حسن النية إذا استأجر من حائز قامت الحيازة عذراً في حسن نيته ، فينفذ الإيجار في حق المالك الحقيقي لأنه مقصر بتركه لحيازة ملكه . أما إذا كان المستأجر قد استأجر من غير حائز ، فلا ينفذ الإيجار في حق المالك الحقيقي ولو كان المستأجر حسن النية ، لأنه لا يمكن القول هنا بأن المستأجر استند في حسن نيته إلى حيازة المؤجر ، وكذلك لا  تمكن نسبة أي تقصير إلى المالك الحقيقي إذا هو لم يترك حيازة ملكه إلى المؤجر .

( [108] )  استئناف مختلط 15 مارس سنة 1916 م 28 ص 206 ( أثارت المحكمة المسألة ولم تقطع فيها برأي ) – إسكندرية الوطنية مستعجل 24 مايو سنة 1933 المحاماة 13 رقم 569 ص 1141 – بودري وفال 1 فقرة 125 – جيوار 1 فقرة 51 – فقرة 52 – ترولون 1 فقرة 98 – أوبري ورو وإسمان 5 فقرة 364 – ص 192 – بلانيول وريبير 10 فقرة فقرة 441 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ Louage  فقرة 48 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 60 – سليمان مرقس فقرة 64 – محمد كامل مرسي فقرة 48 – محمد علي إمام فقرة 42 – عبد المنعم البدراوي ص 13 – منصور مصطفى منصور فقرة 167 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 54 ص 75 – عبد الحي حجازي فقرة 74 – محمد لبيب شنب فقرة 95 ص 122 – الإيجار للمؤلف فقرة 78 – فقرة 79 – انظر عكس هذا : ديفرجييه 1 فقرة 82 – لوران 25 فقرة 56 – ويذهب الأستاذ جيوار إلى أن المستأجر يستطيع طلب إبطال إيجار ملك الغير إذا كان هو حسن النية وكان المؤجر سيء النية ( جيوار 1 فقرة 53 ) .

على أنه إذا كان المستأجر يجهل وقت التعاقد أن المؤجر غير مالك اشترك المؤجر معه في هذا الغلط أو كان يعلم أو من السهل عليه أن يعلم بوقوع المستأجر في الغلط ، وكان الغلط جوهرياً بأنه يكون الإيجار لمدة طويلة ويهم المستأجر أن يكون قد استأجر من مالك حتى يستقر تعامله ، فإنه يجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يطلب إبطال الإيجار للغلط ( منصور مصطفى منصور فقرة 167 – عبد الحي حجازي فقرة 75 ص 144 – محمد لبيب شنب فقرة 95 ص 123 ) .

( [109] )  أما التقنين المدني العراقي فقد نص في المادة 725 منه على أن  “تنعقد إجارة الفضول موقوفة على إجازة  المالك ، فإن كان هذا صغيراً أو محجوراً وكانت الإجارة ليس فيها غبن فاحش انعقدت إجارة الفضولي موقوفة على إجازة الولي .

( [110] )  وهذا هو المقصود بإيجار ملك الغير ، فهو الإيجار الصادر من شخص لا يملك العين المؤجرة ، وليس له حق الانتفاع بها ، ولا حق إدارتها ، أما بيع الغير فهو البيع الصادر من شخص لا يملك الشيء المبيع .

( [111] )   وهذا بخلاف بيع ملك الغير ، فإن للمشتري أن يطلب الإبطال لا الفسخ ، وذلك من قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي ( سليمان مرقس فقرة 65 – محمد كامل مرسي فقرة 50 – محمد علي إمام فقرة 42 ص 90 – ص 911 – عبد المنعم البدراوي ص 14 – منصور مصطفى منصور فقرة 167 ) .

ومن ذلك تمكن مقابلة بيع ملك الغير بإيجار ملك الغير ، فالاثنان يتفقان في أنهما لا ينفذان في حق المالك الحقيقي ، ولكنهما يختلفان في أن الأول قابل للإبطال فيما بين المتعاقدين أما الثاني فصحيح فيما بينهما .

ويقال في بعض الأحيان إن إيجار ملك الغير  “باطل ” بالنسبة إلى المالك الحقيقي ، ويقصد بذلك أن الإيجار لا ينفذ في حقه ( بودري وفال 1 فقرة 129 – جرانمولان في العقود فقرة 317 – دي هلتس 2 الإيجار فقرة 14 ) .

( [112] )  ونرى مما قدمناه في خصوص هذه العلاقة أن صحة إيجار ملك الغير فيما بين المتعاقدين لا يؤثر فيها كون المؤجر أو المستأجر حسن النية أو سيئها ( بلانيول وريبير 10 فقرة 442 ) . فإنه ، حتى على تقدير أن كلا منهما سيء النية ، يسهل تأويل العقد بأن المؤجر ، وهو عالم بأنه غي رمالك للعي ، تعهد مع ذلك للمستأجر ، وهو عالم أيضاً بأن العين ليست ملكاً للمؤجر ، بأن يمكنه من حق الانتفاع بهذه العين . وليس في يطبيعة هذا التعهد ما يجعله غير قابل للتنفيذ ، فمن الجائز أن المؤجر يستطيع تسليم العين للمستأجر لينتفع بها ، ومن الجائز أيضاً أن يتمكن المستأجر م الانتفاع بالعين طوال مدة الإيجار . فليس إذن في طبيعة الأشياء ما يجعل تنفيذ التزام المؤجر مستحيلا في هذا الفرض ، ومن ثم يكون العقد صحيحاً ( قارن محمد لبيب شنب فقرة 94 ) .

وإذا لم يستطع المؤجر القيام بالتزامه ، بأن تعرض المالك الحقيقي للمستأجر لا بنية المؤجر . فإذا كان المستأجر حسن النية رجع بالتعويض ولو كان المؤجر هو أيضاً حسن النية ، وإذا كان المستأجر  سيء النية لم يرجع بتعويض ولو كان المؤجر مثله سيء النية ( بودري وفال 1 فقرة 126 – جيوار 1 فقرة 53 – محمد كامل مرسي فقرة 49 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 60 ص 93 – محمد علي إمام فقرة 42 ص 90 – عبد المنعم البدراوي ص 14 – منصور مصطفى منصور فقرة 167 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 54 ص 76 – محمد لبيب شنب فقرة 95 ص 124 – ص 125 ) . ويذهب رأي إلى أن المستأجر  لا يرجع بتعويض إلا إذا كان هو حسن النية وكان المجر سيء النية ( سليمان مرقس فقرة 64 ) . ويذهب رأي ثالث إلى جواز الرجوع بالتعويض ولو كان المؤجر حسن النية وكان المستأجر سيء النية ( بلانيول وريبير 10 فقرة 442 ) .

( [113] )  وغنى عن البيان أن من يتلقى ملكية العين من المالك الحقيقي ، كوارث ا مشتر أو موهوب له ، يحل محل المالك في علاقته مع المستأجر ، إلا إذا كان من تلقى الملكية من المالك الحقيقي هو نفس المؤجر فيضمن تعرضه القانوني .

( [114] )  وقبل أن يقر المالك الحقيقي عقد الإيجار لا تقوم علاقة مباشرة بينه وبين المستأجر ، وكل ما يستطيع أن يفعل هو أن يحجز الأجرة تحت يد المستأجر ، وليس له أن يقاضي المستأجر مباشرة أو أن يأخذ الحكم الصادر للمؤجر وينفذه باسمه ضد المستأجر ( استئناف وطني 29 ديسمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 549 ص 1106 ) .

( [115] )   بلانيول وريبير 10 فقرة 442 – سليمان مرقس فقرة 65 – انظر عكس ذلك بودري وفال 1 فقرة 131 – وانظر في التمييز بين ما إذا كان المؤجر قد عقد الإيجار تعهداً عن المالك أو عقده عن نفسه الإيجار للمؤلف فقرة 79 ص 111 هامش 1 .

أما علاقة المستأجر بالغير – أي غير المؤجر وغير المالك الحقيقي – فهي نفس العلاقة التي تكون لو أن المستأجر كان قد استأجر من المالك الحقيقي فيكون للمستأجر جميع دعاوي الحيازة كما سيأتي ، ويجب عليه إخطار المؤجر بكل تعرض يحصل له من الغير .

محامي الأردن

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

طرق الإلزام بالصلح

طرق الإلزام بالصلح

384 – طريقان : إذا أبرم الصلح بين طرفين ، استطاع كل طرف أن يلزم الآخر بهذا الصلح ، فيمنعه من تجديد النزاع عن طريق الدفع بالصلح . وقد يوضع في العقد شرط جزائي يوقع على من يخل بالتزامه بمقتضى عقد الصلح أو يرجع إلى النزاع الذي انحسم .

كما يجوز ، إذا أخل أحد المتصالحين بالتزاماته في الصلح ، أن يطلب المتصالح الآخر فسخ العقد ، إذ الصلح عقد ملزم للجانبين كما قدمنا فإذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته جاز للأخر طلب الفسخ .

 المطلب الأول

 الدفع بالصلح والشرط الجزائي

385 – الدفع بالصلح : إذا انحسم النزاع بالصلح ، لم يجز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع ، لا بإقامة دعوى به ، ولا بالمضي في  573  الدعوى التي كنت مرفوعة ، ولا بتجديد هذه الدعوى ويستطيع المتصالح الآخر أن يدفع بالصلح الدعوى المقامة أو المطلوب المضي فيها أو المجددة ( [1] ) .

وإذا كانت الدعوى مرفوع ة بين خصمين ، واصطلحا ، انتهت الدعوى بالصلح . ولا يصح الاستمرار في إجراءات الدعوى بعد الصلح ،وتنقضي ولاية المحكمة على الخصومة ، فلا يصح أن تحكم فيها حتى بالمصروفات . وإذا لم يكن الخصمان قد اتفقا في الصلح على شيء فيما يتعلق بالمصروفات ، تحمل كل خصم ما صرفه ( [2] ) . ولا يجوز بعد الصلح وانقضاء الدعوى أن يتدخل خصم ثالث أضر الصلح بحقوقه ، وليس له إلا أن يرفع دعوى مستقلة بذلك ( [3] ) .

  574  

ولما كان الدفع بالصلح لا يعتبر من النظام العام ، فإنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولكن يجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( [4] ) .

فإذا انقضت الدعوى بالصلح ، لم يبق أمام الخصم الذي له مطعن على هذا الصلح إلا أن يرفع دعوى مستقلة أما م المحكمة المختصة يطعن بها في الصلح ( [5] ) ، كأن يطلب إبطاله لغلط في الواقع أو لتدليس أو لإكراه ، أو يطلب بطلانه لعدم مشروعية المحل أو لعدم مشروعية السبب . ويجوز لدائن المتصالح أن يطعن في الصلح بالدعوى إنما وقع تواطؤا ما بين المتصالحين إضراراً بحقوقه ، ولا بد من التواطؤ لأن الصلح من عقود المعاوضة كما قدمنا ، وتسري هنا القواعد العامة المقررة في الدعوى البولصية ( [6] ) .

  575  

وإذا أراد أحد المتصالحين تنفيذ الصلح وامتنع الآخر ، ولم يكن الصلح في ورقة واجبة التنفيذ ، وجب رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة ، بتنفيذ الصلح أو بفسخه .

386 – الموازنة بين الصلح والحكم : وهناك شبه بين الصلح والحكم في أن كلا منهما يحسم النزاع ، وفي أن الدفع بالصلح كالدفع بقوة الأمر المقضي يقتضي وحدة الخصوم والمحل والسبب . وقد بالغ التقنين المدني الفرنسي في هذا التشبيه ، حتى أنه نص في المادة 2052 / 1 منه على أن ” الصلح ، فيما بين الطرفين ، له قوة الأمر المقضي ” .

ولكن الصلح مع ذلك يختلف عن الحكم من وجوه عدة :

1 – فالصلح قد يقع دون أن تكون هناك دعوى مرفوعة فيحسم نزاعاً محتملاً ، أما الحكم فلا يصدر إلا في دعوى مرفوعة فيحسم نزاعاً قائماً . وإجراءات الحكم مرسومة في قانون المرافعات ، أما الصلح فعقد كسائر العقود يتم بتوافق الإيجاب والقبول كما قدمنا .

2 – والصلح في الأصل لا يقبل التجزئة إلا إذا قصد المتعاقدان أن تكون أجزاؤه مستقلة بعضها عن بعض ، أما الحكم فتمكن تجزئته إذا طعن فيه بوجه من وجوه الطعن ، فيلغي جزء منه ويبقى الجزء الآخر .

 3 – والصلح يجوز الطعن فيه بعيب من عيوب الإدارة ، ولكن  576  لا يجوز الطعن فيه لغلط في القانون . أما الحكم فلا يجوز الطعن فيه بعيب من عيوب الإدارة ، ويجوز الطعن فيه لغلط في القانون . وطرق الطعن في الحكم مقررة في قانون المرافعات ، أما الطعن في الصلح فلا يكون إلا بدعوى مستقلة كما سبق القول .

4 – والصلح يتبع في تفسيره الطرق المقررة في تفسير العقود ، أما الحكم فله طرق خاصة في طلب تفسيره بينها قانون المرافعات .

5 – والصلح ، ما لم يكن مصدقاً عليه من المحكمة أو كان في ورقة رسمية ، لا يجوز تنفيذه إلا بدعوى مستقلة . أما الحكم فيجوز تنفيذه طبقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات . ولا يجوز أخذ حق اختصاص بالصلح به متى أصبح حكماً واجب التنفيذ ( [7] ) .

387 – الشرط الجزائي المقترن بالصلح : ويجوز أن يضع المتصالحان في عقد الصلح شرطاً جزائياً للتأخير في تنفيذه أو كجزء على الطعن فيه فتتبع في ذلك القواعد العامة المقررة في الشرط الجزائي .

فإذا كان الشرط الجزائي مقرراً للتأخير في تنفيذ الصلح ، وتأخر أحد المتصالحين في تنفيذ التزاماته ، جاز للمتصالح الآخر أن يطالبه بالتنفيذ وان يطلب تطبيق الشرط الجزائي للتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب التأخر في التنفيذ . ولكن إذا ثبت من تأخر في تنفيذ التزاماته أن الطرف الآخر  577  لم يلحقه ضرر بسبب هذا التأخير ، لم يكن الشرط الجزائي مستحقاً ( م 224 / 1 مدني ) . كذلك يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المنصوص عليه في الشرط الجزائي ، إذا أثبت من تأخير في تنفيذ الصلح أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة ( م 224 / 2 مدني ) . وليس في كل هذا إلا تطبيق القواعد العامة المقررة في الشرط الجزائي .

وإذا كان الشرط الجزائي مقرراً كجزاء على الطعن في الصلح وطعن أحد المتصالحين فيه ، وجب التربص حتى تعرف نتيجة هذا الطعن . فإذا نجح الطاعن في طعنه وأسقط الصلح ، ولم يكن الشرط الجزائي مستحقاً إذ هو يسقط مع سقوط الصلح . أما إذا لم ينجح الطاعن في طعنه وبقى الصلح قائماً ، فإن الطرف الآخر يستطيع أن يرجع بالشرط الجزائي على الطرف الذي لم ينجح في الطعن ، مع جواز تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه على الوجه الذي قدمناه .

وبطلان الصلح يستتبع بطلان الشرط الجزائي كما سبق القول ( [8] )

 المطلب الثاني

 فسخ الصلح

388 – قول بعدم جواز فسخ الصلح : الصلح كما قدمنا عقد ملزم للجانبين ، فيرد عليه الفسخ وفقاً للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد . ولكن فريقاً من الفقهاء في فرنسا اعترضوا على جواز فسخ الصلح ، وبنوا هذا الاعتراض على أن الصلح كاشف للحق كما سنرى . فإذا تصالح وارثان تنازعا على ميراث دار وأرض ، فاختص أحدهما بالدار  578  والآخر بالأرض ، اعتبر كل منهما مالكاً لما اختص به لا بعقد الصلح بل بالميراث . فلا يتصور إذن فسخ الصلح في هذه الحالة ، ما دام كل منهما قد أقر للآخر بملكية ما أختص به ، والإقرار إخبار لا إنشاء فلا يتصور فسخه . أما إذا تضمن الصلح نقل حق لا مجرد الكشف عنه ، فعند ذلك يجوز الفسخ . مثل ذلك أن يتنازع شخصان على أرض ، فيتصالحا على أن يختص أحدهما بالأرض في نظير أن يدفع مبلغاً من المال للآخر . فهنا الصلح قد كشف عن حق الأول في الأرض ، ونقل للثاني حقاً في المال بدل الصلح . فإذا لم يف الأول بالتزامه من دفع المال إلى الثاني ، جاز للثاني المطالبة بفسخ الصلح ( [9] ) .

389 – جواز فسخ الصلح : ولكن الرأي المتقدم لم يسد لا في القضاء ( [10] ) ولا في الفقه ، وذهب أكثر الفقهاء ( [11] ) إلى جواز المطالبة بفسخ الصلح كما هو الأمر في سائر العقود الملزمة للجانبين ( [12] ) .

  579  

فإذا نازع المدين الدائن في الدين ، وتصالحا على أن ينزل الدائن عن جزء من الدين ويدفع المدين الباقي ، ثم أخل المدين بالتزامه فلم يدفع الجزء من الدين الذي تعهد بدفعه في عقد الصلح ، جاز للدائن أن يطلب فسخ الصلح ومطالبة المدين بكل الدين ( [13] ) . ويجوز للدائن في هذه الحالة أن يطالب بتنفيذ الصلح لا بفسخه ، فيجبر المدين على دفع الجزء من الدين الذي تعهد بدفعه في عقد الصلح ، ولا يستطيع المدين عند ذلك أن ينازع في هذا الجزء فقد حسم النزاع في شأنه بالصلح .أما إذا طلب الدائن فسخ الصلح ففسخ ، جاز للمدين الرجوع إلى النزاع القديم عند مطالبته بكل الدين ، فقد فسخ الصلح الذي كان قد حسم هذا النزاع .

وفسخ الصلح تجري فيه القواعد العامة المقررة في فسخ العقود . فيجوز لأي من المتصالحين ، إذا أخل الآخر بالتزامه ، أن يطلب إما تنفيذ الصلح إذا أمكن التنفيذ عيناً وإما فسخ الصلح . وللقاضي حق تقدير طلب الفسخ ، وله أن يرفضه ويمنح مهلة للطرف المتخلف حتى  580  وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً صريحاً في جواز فسخ الصلح ، فكانت المادة 753 من هذا المشروع تنص على أنه ” إذا لم يقم أحد المتعاقدين بما التزم به في الصلح ، جاز للطرف الآخر أن يطالب بتنفيذ العقد إذا كان هذا ممكناً ، وإلا كان له أن يطلب فسخ العقد ، دون إخلال بحقه في التعويض في الحالتين ” ( [14] ) . وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة ” لأن حكمها مستفاد من القواعد العامة ” ( [15] ) .

  581  

 الفرع الثاني

 الأثر الكاشف والأثر النسبي للصلح

 المبحث الأول

 الأثر الكاشف للصلح

390 – النصوص القانونية : تنص المادة 554 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” للصلح أثر كاشف بالنسبة إلى ما تناوله من الحقوق ، ويقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ” ( [16] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 537 / 659 ( [17] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 522 – وفي التقنين المدني الليبي م 553 – وفي التقنين المدني العراقي م 716 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1043 ( [18] ) .

  582  

ويخلص من هذا النص أن الأثر الكاشف للصلح مقصور على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ، فإذا شمل الصلح حقوقاً غير المتنازع فيها – وهو ما يسمى بدل الصلح – كان الأثر ناقلاً لا كاشفاً .

391 – الأثر بالنسبة إلى الحقوق المتنازع فيها : لم يكن التقنين المدني السابق يتضمن نصاً صريحاً في أن للصلح أثراً كاشفاً ، ولكنه نص على نتيجة من نتائج الأثر الكاشف في إبقاء التأمينات التي كانت للحق الذي وقع فيه الصلح ( م 537 / 659 ) ، لأن الأثر الكاشف يمنع من تجديد هذا الحق فتبقى التأمينات التي كانت له . وقد آثر التقنين المدني الجديد أن يورد نصاً صريحاً عاماً في الأثر الكاشف للصلح ، هو نص المادة 554 سالفة الذكر .

ومعنى أن للصلح أثراً كاشفاً بالنسبة إلى الحقوق المتنازع فيها أن الحق الذي يخلص للمتصالح بالصلح يستند إلى مصدره الأول لا إلى الصلح . فإذا اشترى شخصان داراً في الشيوع ، ثم تنازعا على نصيب كل منهما في الدار ، وتصالحا على أن يكون لكل منهما نصيب معين ،  583  اعتبر كل منهما مالكاً لهذا النصيب لا بعقد الصلح بل بعقد البيع الذي اشتريا به الدار في الشيوع ، واستند بذلك حق كل منهما إلى مصدره الأول لا إلى الصلح . وإذا نزل الدائن بعقد عن جزء من الدين المتنازع فيه للمدين على أن يدفع المدين الجزء الباقي ، فهذا الجزء الباقي لا يزال مصدره العقد وهو المصدر الأول فتبقى التأمينات التي كانت للدين . وإذا تنازع شخصان على أرض ومنزل كان يملكهما مورث مشترك ، فاصطلحا على أن يختص أحدهما بالأرض والأخر بالمنزل ، اعتبر كل منهما مالكاً لما اختص به ، لا من وقت الصلح بل من وقت موت المورث ، وأنه قد ملك لا بالصلح بل بالميراث ( [19] ) .

وتذهب النظرية التقليدية في تعليل هذا الأثر الكاشف إلى أن الصلح هو إقرار من كل من المتصالحين لصاحبه ، والإقرار إخبار لا إنشاء ، فهو يكشف عن الحق لا ينشئه ( [20] ) . ولما اعترض على هذه النظرية بأن  584  غرض كل من المتصالحين ليس هو الإقرار لصاحبه ، وإنما هو حسم النزاع بينهما بتنازل كل منهما عن جزء من ادعائه ، رد على هذا الاعتراض بأن هذا التنازل عن الادعاء يفترض فيه أنه إقرار من المتصالح لصاحبه كشف عن الحق ، فيكون الأثر الكاشف للصلح إنما هو محض افتراض ( fiction ) ( [21] ) .

والنظرية الحديثة في تفسير الأثر الكاشف تذهب إلى أن المتصالح في الواقع من الأمر لا يقر لصاحبه ، وإنما هو ينزل عن حق الدعوى في الجزء من الحق الذي سلم به . فهذا الجزء من الحق قد بقى على وضعه الأول دون أن يتغير ، وإنما الصلح قد حسم النزاع فيه فخلص لصاحبه . ومن ثم يكون للصلح أثران ، فهو قاض على النزاع من حيث خلوص الحق ، وهو كاشف عن الحق من حيث بقاء الحق على وضعه الأول ( [22] ) .

392 – النتائج التي تترتب على الأثر الكاشف الصلح : ونذكر من النتائج التي تترتب على الأثر الكاشف للصلح ما يأتي :

أولاً : لا يعتبر المتصالح متقلياً الحق المتنازع فيه من المتصالح الآخر ولا يكون خلفاً له في هذا الحق . ومن ثم لا يستطيع في مواجهة الغير أن يستعين بمستندات الطرف الآخر ( [23] ) . فإذا خلصت لأحد المتصالحين ملكية دار ، ثم نازعه أجنبي غير المتصالح معه في هذه الدار ، لم يستطيع وهو يتمسك بالتقادم في مواجهة هذا الأجنبي أن يضم مدة حيازة المتصالح الآخر إلى مدة حيازته .

ثانياً :ولا يلتزم المتصالح الآخر بضمان الحق المتنازع فيه الذي خلص للمتصالح الأول ، لأنه لم ينقل إليه هذا الحق ، والالتزام بالضمان لا يكون إلا مكملاً للالتزام بنقل الحق ( [24] ) . فإذا خلصت ملكية الأرض المتنازع فيها لأحد المتصالحين ، ثم استحق الأرض أجنبي ، لم يجز لمن خلصت له الأرض بالصلح أن يرجع على المتصالح الآخر بضمان الاستحقاق ( [25] ) .

ثالثاً : وإذا صالح الدائن بعقد المدين على أن ينزل له عن جزء من الدين المتنازع فيه في نظير أن يدفع له لمدين الباقي ، فالدائن لا يزال في الباقي الذي خلص له دائناً بالعقد كما سبق القول . فلم يتجدد الدين بالصلح ، ومن ثم تبقى التأمينات التي كانت للدين المتنازع فيه ضامنة  586  للباقي من الدين الذي خلص للدائن بالصلح ( [26] ) . وقد كان المدني السابق يتضمن نصاً صريحاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 537 / 659 تنص على أن ” التأمينات التي كانت على الحق الذي وقع فيه الصلح تبقى على حالها للوفاء بالصلح ، ولكن يجوز لمن عليه تلك التأمينات أو لمن يتضرر من بقائها أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح ” . واحتجاج من عليه التأمينات أو من يتضرر من بقائها ( كالدائن مرتهن ثان ) بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح نتيجة طبيعية للأثر النسبي للصلح ، فأثره مقصور على المتصالحين ولا يحتج به على من كفل الدين المتنازع فيه ( [27] ) .

رابعاً : إذا وقع الصلح على حق عيني عقاري ، لم يكن تسجيله واجباً فيما بين المتصالحين ، وإنما يجب التسجيل للاحتجاج به على الغير ( [28] ) . ذلك أن المادة 10 من قانون الشهر العقاري لا توجب التسجيل في التصرفات الكاشفة عن الحق كالصلح إلا للاحتجاج به على الغير . فإذا تصالح شخص مع آخر على عقار متنازع فيه ، فخلص له العقار ، جاز له أن يحتج بالصلح ولو لم يسجله على المتصالح الآخر ولكن إذا كان المتصالح الآخر قد باع هذا العقار قبل الصلح أو بعده ، لم يجز لمن خلص له العقار بالصلح أن يحتج على المشتري إلا إذا سجل الصلح ، وأيهما – المشتري أو المتصالح الأول – سبق إلى التسجيل فضل على الآخر ( [29] ) .

خامساً : كذلك إذا وقع الصلح على دين متنازع فيه في ذمة الغير ، فخلص هذا الدين بالصلح لأحد المتصالحين ، لم يعتبر هذا المتصالح متلقياً للدين من المتصالح الآخر ، فلا تراعي هنا الإجراءات الواجبة في حوالة الحق ( [30] ) .

سادساً :لما كان الصلح غير ناقل للحق ، فإنه لا يصلح سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم القصير . فلو أن عقاراً متنازعاً عليه فيه بين شخصين خلص لأحدهما بالصلح ، فوضع هذا يده على العقار بحسن نية خمس سنوات ، ثم ظهر مستحق للعقار ، لم يستطع واضع اليد أن يتمسك بالتقادم القصير ، لأن الصلح ليس سبباً صحيحاً إذ هو كاشف عن الحق لا ناقل له ( [31] ) . ولكن يجوز لواضع اليد أن يتمسك بالتقادم الطويل إذا وضع يده خمس عشرة سنة .

سابعاً : إذا خلص عقار لأحد المتنازعين فيه بالصلح ، فإن الصلح وهو كاشف عن الحق لا يفتح الباب للأخذ بالشفعة ، فلا يجوز لجار أو شريك في الشيوع أن يطلب أخذ العقار بالشفعة . هذا إلى أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع ( [32] ) ، فإذا أثبت الشفيع أن الصلح يخفي بيعاً جاز له الأخذ بالشفعة .

393 – الأثر الناقل بالنسبة إلى الحقوق غير المتنازع فيها : وقد يتضمن الصلح حقوقاً غير متنازع فيها ، وفي هذه الحالة ينشئ الصلح التزامات أو ينقل حقوقاً ، فيكون له أثر منشئ أو ناقل ، لا أثر كاشف .

  589  

مثل الصورة التي ينشئ فيها الصلح التزاماً أن يتنازع شخصان على أرض ومنزل ، فيتصالحا على أن يختص أحدهما بالأرض والآخر بالمنزل . فإذا كان المنزل قيمته أكبر من الأرض ، واقتضى الأمر أن يدفع من اختص بالمنزل معدلاً ، مبلغاً من النقود يلتزم بدفعها لمن اختص بالأرض ، فهنا الصلح قد أنشأ التزاماً في ذمة من اختص بالمنزل هو دفع المعدل ، وهو لم يدخل في الحقوق المتنازع فيها ( [33] ) . وقد يتصالح شخصان على حق متنازع فيه ، فيخلص الحق لأحدهما في نظير أن يلتزم بدفع مبلغ من النقود للآخر ،فهنا أيضاً قد أنشأ الصلح التزاماً لم يدخل في الحقوق المتنازع فيها . وقد يتصالح الدائن والمدين على دين متنازع فيه بينهما ، فيتفقان على أن ينزل عن هذا الدين في نظير أن يلتزم المدين بدين جديد قيمته أقل من الدين الأصلي ، فهنا قد جدد المدين الدين الأصلي بدين أقل ، ويكون للصلح في هذه الحالة أثر منشئ ( [34] ) . ومثل الصورة التي ينقل فيها الصلح حقاً أن يتنازع شخصان على دار ، ويتصالحا على ان يختص أحدهما بالدار في نظير أن يعطي للآخر أرضاً معينة . فهنا الصلح له أثر ناقل بالنسبة إلى الأرض وهي لم تدخل في الحقوق المتنازع عليها . ومن ثم يعتبر من أخذ الأرض خلفاً لمن أخذها منه فيستطيع أن يستعين بمستنداته على دعم حقه في الأرض ، ويلتزم من أعطى الأرض بضمان الاستحقاق ، ويكون الصلح سبباً صحيحاً في التقادم الخمسي ، ويجب تسجيل الصلح لنقل ملكية الأرض بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين ، وهذه النتائج هي عكس النتائج التي قدمناها للأثر الكاشف ( [35] )  590  

ولكن الصلح في الصور المتقدمين يبقى كاشفاً فيما بتعلق بالحقوق المتنازع فيها كما سبق القول ، فإذا نزل شخص صلحاً عن أرض متنازع فيها للمتصالح الآخر ، في نظير أن يلتزم الآخر للأول بدفع مبلغ من النقود أو أن يعطيه داراً ، فالصلح إذا كان منشئاً بالنسبة إلى الالتزام بدفع المبلغ من النقود ، وناقلاً بالنسبة إلى الدار ، فهو كاشف بالنسبة إلى الأرض لأنها هي الحق المتنازع فيه ( [36] ) .

 المبحث الثاني

 الأثر النسبي للصلح

394 – الأثر النسبي بوجه عام : الصلح ، شأنه في ذلك شأن سائر العقود ، له أثر نسبي . فهو مقصور على المحل الذي وقع عليه ، ولعى الطرفين اللذين وقع بينهما ، وعلى السبب الذي وقع من أجله . وهو في هذا يشبه الحكم ، فإن الحكم لا يكون حجة إلا عند اتحاد المحل والخصوم والسبب . ولكن الأثر النسبي للصلح يرجع إلى أنه عقد ، لا إلى قياسه على الحكم .

395 – الأثر النسبي في المحل – إحالة :وقد رأينا كيف يكون للصلح أثر نسبي فيما يتعلق بالمحل عند الكلام في تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً ، وبينا كيف يجب أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي  591  تناوله . فإذا تصالح موصى له مع الورثة على وصية ، لم يتناول الصلح إلا الوصية الذي وقع النزاع بشأنها ، فلا يشمل وصية أخرى للموصي له تظهر بعد ذلك ( [37] ) .

396 – الأثر النسبي في الأشخاص : كانت المادة 745 من المشروع التمهيدي تنص على أنه ” لا يترتب على الصلح نفع أو ضرر لغير عاقديه ، حتى لو وقع على محل لا يقبل التجزئة ” ( [38] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه يستخلص القواعد العامة ( [39] ) .

فإذا اصطلح أحد الورثة مع الموصى له على الوصية ، فإن الورثة الآخرين لا يحتجون بهذا الصلح ولا يحتج به عليهم ( [40] ) . وإذا كان الموصي له شخصين بوصية واحدة ، وصالح الوارث أحدهما ، فإن هذا الصلح لا يحتج به الموصي له الآخر ولا يحتج به عليه ( [41] ) .

وإذا تصالح المصاب مع المسئول ، ثم مات من الإصابة فإن هذا الصلح لا يحتج به على ورثة المصاب فيما يختص بالتعويض المستحق لهم شخصياً بسبب وفاة المصاب ( [42] ) .  592  وإذا تصالح رب العمل مع المقاول ، فإن هذا الصلح لا يحتج به المهندس ، ولا يحتج به عليه ( [43] ) .

وإذا أمن شخص مسئولية ، فصلح شركة التأمين مع المضرور لا يحتج به على المسئول الذي أمن مسئوليته ( [44] ) .

ويستثني من القاعدة المتقدمة الذكر الصلح مع أحد المدينين المتضامنين فقد نصت المادة 294 مدني على أنه ” إذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى ، استفاد منه الباقون . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب في ذمتهم التزاماً أو يزيد فيما هم ملتزمون به ، فإنه لا ينفذ في حقهم إلا إذا قبلوه ” . فالصلح مع أحد المدينين المتضامنين يجوز إذن أن يحتج به الدائنون المتضامنون الآخرون ،ولكن لا يحتج به عليهم .وكالمدينين المتضامنين الدائنون المتضامنون ، فالصلح مع أحد الدائنين المتضامنين يجوز أن يحتج به الدائنون المتضامنون الآخرون ، ولكن لا يحتج به عليهم . كذلك الصلح مع المدين الأصلي يجوز أن يحتج به الكفيل ، ولكن لا يجوز أن يحتج به عليه ، أما الصلح مع أحد المدينين في دين غير قابل للانقسام ، فلا يحتج به الدائنون الآخرون ، ولا يحتج به عليهم ، لانعدام النيابة التبادلية هنا سواء فيما يضر أو فيما يفيد ( [45] ) .

  593  

وإذا صالح الوارث الظاهر على الميراث ، فإن صلحه يسرى في حق الوارث الحقيقي ، شأن سائر تصرفات الوارث الظاهر ( [46] ) .

397 – الأثر النسبي في السبب : كانت المادة 743 من المشروع التمهيدي تنص على أنه ” من تصالح على حق له أو على حق تلقاه بناء على سبب معين ، ثم تلقى هذا الحق ذاته من شخص آخر أو بناء على سبب آخر ، لا يكون هذا الحق الذي كسبه من جديد مرتبطاً بالصلح السابق ” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمه يستخلص من القواعد العامة ( [47] ) .

وهنا الأثر النسبي للصلح يتعلق بالسبب . فإذا نازع الوارث في صحة وصية صادرة لشخصين ، ثم تصالح مع أحدهما ، فقد قدمنا أن هذا الصلح لا يحتج به الموصي له الآخر ولا يحتج به عليه ( [48] ) . وهذه هي النسبية في الأشخاص . فإذا فرض أن الموصى له الآخر قد مات وورثه الموصى له الأول الذي قبل الصلح ، فإنه يجوز في هذه الحالة للموصى له الأول أن يعود إلى النزاع في الوصية فيما يتعلق بحقه في الإرث من الموصى له الثاني ،  594  ولا يستطيع الوارث أن يحتج عليه بالصلح بالرغم من وحدة المحل ( وهو الوصية ) ووحدة الأشخاص ( وهما الوارث والموصي له الأول ) .ذلك لأن السبب لم يتحد ، فالموصي له الأول تقيد بالصلح كموصى له ، وهو الآن يتقدم بسبب جديد هو الميراث من الموصي له الآخر ومن ثم لا يتقيد بالصلح لاختلاف السبب ( [49] ) .

كذلك إذا صالح شخص وصية السابق على حساب الوصاية ولم يطعن في هذا الصلح ، أو صالحه بعد انقضاء سنة من تاريخ تقديمه ، فإنه يكون مقيداً بهذا الصلح . فإذا كان له أخ لم يصالح الوصي مثله ، ومات هذا الأخ فورثه هو ، فإنه لا يكون مقيداً بالصلح فيما يتعلق بحقه في الإرث من أخيه ، ويستطيع أن يعود إلى مناقشة الحساب مع الوصي في شأن هذا الحق . ذلك لأن السبب هنا قد اختلف ، فهو قد صالح الوصي قاصراً الصلح على ما يخصه هو من حساب الوصاية ، ولا يستطيع الوصي أن يحتج عليه بصلح تقدم فيه بسبب حسابه الشخصي وهو الآن يتقدم بسبب آخر هو الميراث من أخيه .


( [1] ) استئناف مختلط 7 يونية سنة 1893 م 5 ص 308 .

( [2] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – وقارن استئناف مختلط 12 يناير سنة 1910 م 22 ص 79 ( حيث لم يعرض الصلح لمصروفات الدعوى ، فجعلت على عاتق المدين – وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم أنظر آنفاً فقرة 382 في الهامش ) .

( [3] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – ولكن إذا تدخل خصم ثالث اضر الصلح بحقوقه في الدعوى ، وطعن في الصلح بالبطلان ، فالظاهر أنه لا يجوز رفض تدخله إلا على أساس أن الصلح صحيح وانه قد قضى الدعوى ، فيجب إذن على المحكمة بادئ ذى بدء أن تقبل تدخله وتنظر في صحة الصلح ، فإن حكمت بصحته انقضت الدعوى ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1901 م 13 ص 174 – 15 يونيه سنة 1937 م 49 ص 265 ) . وإذا تم الصلح بين الخصمين بعد صدور حكم من محكمة أول درجة ، واستؤنف الحكم ، فمحكمة الاستئناف تنظر في صحة الصلح إذا طعن فيه ، فإن قضت بصحته حكمت بعدم قبول الاستئناف ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 103 ) . على أن محكمة الاستئناف المختلطة قد قضت بأن الطعن في الصلح لا يكون في الأصل أمام محكمة الاستئناف التي تنظر الاستئناف المرفوع عن القضية التي وقع فيها الصلح ، بل يجب أن ترفع به دعوى مستقلة ( 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 308 ) ، وتكلف محكمة الاستئناف الطرف الذي يطعن في الصلح إذا كان ظاهر الصحة يرفع دعوى مستقلة ، وتوقف نظر الاستئناف حتى ثبت للمحكمة المختصة بنظر صحة الصلح في هذا الأمر ، أما إذا كان الصلح غير ظاهر الصحة لانعدام الصفة أو لعدم الحصول على الإذن الواجب من المحكمة فإن محكمة الاستئناف تقضي ببطلانه وتمضي في نظر الاستئناف ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1895 م 7 ص 165 – 10 نوفمبر سنة 1935 م 47 ص 101 ) . ولكن محكمة النقض قضت بان النازعة في شأن عقد الصلح ليست إلا فرعاً من المنازعة في الحق المصطلح عليه المطروح أمام المحكمة ، والقاعدة أن قضي الأصل هو قاضي الفرع ، فإذا قدم الطاعن إلى المحكمة عقد الصلح المحرر بينه وبين الخصوم محتجاً به عليهم طالباً مؤاخذتهم به ، ترتب على ذلك قانوناً حق الخصوم في الطعن عليه ودفع حجيته عنهم ، وحق المحكمة بل واجبها في التعرض له والفصل في النزاع القائم بشأنه بين الطرفين ، وحكم هذا العقد حكم كل دليل يقدم إليها فتقول كلمتها فيها أخذا به أو إطراحاً له ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 211 ص 450 ) .

( [4] ) بودري وفال 24 فقرة 1292 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1589 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 104 .

( [5] ) استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1897 م 9 ص 154 – 29 ابريل سنة 1897 م ص 299 .

( [6] ) استئناف مختلط 17 مارس سنة 1921 م 33 ص 220 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 262 – جوسران 2 فقرة 1453 . فالدائن في الدعوى البوليصية يطعن في الصلح الذي عقده مدينه ، لا على أنه عقد كاشف لحق المتصالح مع مدينه فلا يكون الصلح في هذه الحالة مفقراً للمدين ، بل على أنه عقد تواطأ فيه المدين والمتصالح معه على الأضرار بحقوقه فنقل المدين حقاً له للمتصالح الآخر تحت ستار الصلح . ومن ثم يكون للدائن في الواقع من الأمر طعنان على صلح المدين ، الطعن الأول أن هذا الصلح يستر عقداً ناقلا للحق ، والطعن الثاني أن هذا العقد الناقل للحق الذي يستتر بالصلح عقده المدين متواطئاً فيه مع المتصالح معه للإضرار بحقوق الدائن ( أنظر الأستاذ أكثم الخولي فقرة 42 – وقارن بواييه في الصلح ص 345 – ص 346 ) .

( [7] ) أنظر في كل ذلك أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 256 – ص 257 – بودري وفال 24 فقرة 1291 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1586 – كولان وكابيتان 2 فقرة 1382 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قضى بالتزام الخصوم بما جاء في عقد الصلح الذي ابرم بينهم ، فإن حجيته مقصورة على أن الصلح صدر منهم وهم أهل لاصداره ، أما ما عدا ذلك مما يدخل في بيان التزامات المتصالحين وحقوقهم ، فإن حجية الحكم لا تتناوله ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 المجموعة الرسمية 48 رقم 297 / 4 ) .

( [8] ) أنظر في كل ذلك أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 258 – ص 259 – بودري وفال 24 فقرة 1294 – فقرة 1296 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1593 .

( [9] ) أنظر في هذا المعنى بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 وفقرة 1593 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 426 .

( [10] ) استئناف مختلط مصر 6 ابريل سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 رقم 51 – الإسكندرية الوطنية 14 يناير سنة 1939 المجموعة الرسمية 41 رقم 175 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1889 م 1 ص 46 – 27 يونيه سنة 1923 م 35 ص 534 – 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 .

( [11] ) بون 2 فقرة 461 – جيوار فقرة 8 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 257 – بودري وفال 24 فقرة 24 فقرة 1279 – ميرل فقرة 147 – كولان وكابيتان 2 فقرة 18730 ص 883 – جوسران 2 فقرة 1453 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 146 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 280 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 21 ص 42 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 44 – ويتردد لوران ، فيقول بجواز فسخ الصلح ( لوران 28 فقرة 328 ) ، ثم يقول بعدم الجواز ( لوران 28 فقرة 429 ) . ولكنه ليسم بجواز تضمن الصلح شرطاً صريحاً بالفسخ إذا لم يقم أحد المتعقادين بتنفيذ التزاماته ( لوران 28 فقرة 430 ) .

( [12] ) ذلك أن الصلح ينشيء التزاماته في جانب كل من المتصالحين هو ترك الجزء من ادعائه الذي نزل عنه بالصلح ، فيلتزم إذن بعدم تجديد النزاع في هذا الجزء . فإذا أخل أحد المتصالحين بهذا الالتزام ، جاز للمتصالح الآخر إني طلب فسخ الصلح ليلغى النزول عن الجزء من ادعائه الذي نزل عنه بالصلح . ويقول الأستاذ أكثم الخولي ( فقرة 46 ص 67 ) : ” أما وقد استبعدنا فكرة الإقرار عن الصلح وحللناه إلى تنازل عن حق الدعوى ، فإن فسخ الصلح لعدم التنفيذ يبدو أمراً طبيعياً يقتضيه تطبيق القواعد العامة ، إذ من الطبيعي أن نفترض أن تنازل كل متصالح عن دعواه نهائياً خاضع لتنفيذ المتصالح الآخر لما يلزمه به الصلح ” .

( [13] ) وقد قضى بأنه إذا تضمن الصلح ابراء جزئياً من الدين ، على أن يفي المدين بانتظام في مواعيد الاستحقاق التي يحددها الصلح وإلا حل الدين بكامله ، فإن عدم الوفاء في مواعيد الاستحقاق إذا تبعه إعذار المدين يترتب عليه حلول الدين بكامله ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 94 – 3 يونيه سنة 1936 م 48 ص 297 ) . لكن إذا قبل الدائن الوفاء بعد حلول ميعاد استحقاق السقط بل وقبل تأجيل بعض الأقساط التالية ، اعتبر متنازلا عن فسخ الصلح ( نقض مدني 19 نوفمبر سنة 1942 المحاماة 24 رقم 15 ص 33 ) .

( [14] ) وورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ” يرد الفسخ على الصلح كما يرد على أي عقد آخر ملزم للجانبين ، فإذا لم يقم أحد المتصالحين بما أوجبه الصلح في ذمته من التزامات ، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب الفسخ أو التنفيذ إذا كان ممكناً ، مع التعويض في الحالتين إذا كان له محل . فإذا فسخ الصلح اعتبر كأن لم يكن ، وعاد النزاع القديم كما كان ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 464 في الهامش ) .

( [15] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 464 في الهامش – وقد نصت المادة 721 عراقي على أنه ” إذا لم يقم أحد المتعاقدين بما التزم به في الصلح ، جاز للطرف الآخر أن يطالب بتنفيذ العقد إذا كان هذا ممكناً ، وإلا كان له أن يطلب فسخ العقد ، دون إخلال بحقه في التعويض في الحالتين ” . ونصت المادة 717 عراقي على أنه ” ذ – إذا كان الصلح في حكم المعارضة ، فللطرفين التقايل منه ، فيرجع المدعى به للمدعى وبدل الصلح للمدعى عليه . 2 – أما إذا تضمن إسقاط بعض الحقوق ، فلا يصح التقايل منه . ونصت المادة 1046 لبناني على أنه ” إذا امتنع أحد الفريقين عن القيام بالعهود التق قطعها في عقد المصالحة ، حق للفريق الآخر المطالبة بتنفيذ العقد إذا كان ممكناً ، وإلا حق له أن يطلب الفسخ ، مع مراعاة حقه في طلب بدل العطل والضرر في الحالتين ” .

وغنى عن البيان أنه يجوز للمتصالحين أن يتقابلا الصلح ، ولكن لا يجوز لأحدهما أن ينفرد بذلك . ويجوز أن يستخلص التقايل ضمناً من استمرار الدعوى بين المتنازعين دون أن يدفع أيهما بالصلح الذي كان قد تم بينهما . وقد يكون التقايل جزئياً ، فيتقايلان في جزء مما تصالحا عليه ويستبقيان الجزء الآخر ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1595 ) .

( [16] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 744 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 582 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 554 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 452 و ص 454 – ص 455 ) .

( [17] ) التقنين المدني السابق م 537 / 659 : التأمينات التي كانت على الحق الذي وقع فيه الصلح تبقى على حالها للفواء بالصلح ، ولكن يجوز لمن عليه تلك التأمينات أو لمن يتضرر من بقائها أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع التي كانت موجودة في حق الدين قبل وقوع الصلح ” .

( والنص يورد نتيجة منطقية من نتائج الأثر الكاشف ) .

( [18] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 522 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 553 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 716 : 1 – الصلح عن إنكار أو سكوت هو في حق المدعى معاوضة ، وفي حق المدعى عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة . 2 – فتجري الشفعة في العقار المصالح عليه ، ولا تجري في العقار المصالح عنه ( وهذا النص مأخوذ من أحكام الفقه الإسلامي ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1043 : يجب على كل من المتعاقدين أن يضمن للأخر الأشياء التي يعطيه إياها على سبيل المصالحة . وإذا استلم أحد الفريقين بحكم المصالحة الشيء المتنازع عليه ، ثم نزع هذا الشيء منه بدعوى الاستحقاق أو وجد فيه عيباً موجباً للرد ، كان ثمة وجه لفسخ عقد المصالحة كله أو بعضه أو لخفض البدل وفاقاً للشروط الموضوعة للبيع . وإذا كانت المصالحة واقعة على منح حق الانتفاع بشيء لمدة من الزمن ، كان الضمان الواجب على كل من الفريقين للآخر نفس الضمان الواجب في إجارة الأشياء . ( وهذا النص بوجب الضمان في الصلح ، خلافاً للقواعد العامة التي تقرر أن الصلح في الأصل لا يوجب الضمان في حدود الأثر الكاشف ) .

( [19] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 – ص 454 – وإذا نزلت وارثة عن جميع حقوقها في تركة ابيها مقابل اثنى عشر قيراطاً ، فإنه تعتبر مالكة لها من يوم وفاة ابيها ، فبيع أحد الورثة لهذه القراريط قابل للإبطال باعتباره بيعاً لملك الغير ( الاقصر 14 ديسمبر سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 104 ص 202 ) .

( [20] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – بون 2 فقرة 630 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2 فقرة 3227 – وانظر عرض النظرية التقليدية في بيدان 12 فقرة 343 . وتقرب النظرية التقليدية بين الصلح والحكم ، إذا الصلح يؤدي إلى نتيجة قضائية بوسيلة اتفاقية ، فيكون للصلح كما للحكم أثر كاشف ( مبرر فقرة 105 ) .

ولما كان التقنين المدني الفرنسي لم يتضمن نصاً صريحاً في الأثر الكاشف للصلح ، كما تضمن هذا النص في الأثر الكاشف للقسمة ( بودري وفال 24 فقرة 1302 ) ، فقد ذهب بعض الفقهاء ( أكارياس Accarias في الصلح في القانون الروماني وفي القانون الفرنسي رسالة من باريس سنة 1863 – شيفالييه في الأثر الكاشف للعقود رسالة من رن سنة 1932 ) إلى أن الصلح ناقل الحقوق ، على أساس تحليل الصلح بأن كل متصالح فيه ينقل جزءاً من الحق المتنازع فيه إلى صاحبه ، فينقضي هذا الجزء بالنسبة إلى المتنازل باتحاد الذمة عند المتنازل له ( أنظر في انتقاد هذا التحليل بيدان 12 فقرة 347 – بواييه في الصلح ص 313 ) . هذا التحليل بيدان 12 فقرة 347 – بواييه في الصلح ص 313 ) . هذا إلى أن غرض كل متصالح من الصلح هو الحصول على ما عساه يكون للمتصالح الآخر من حقوق على الشيء المتنازع فيه لا مجرد تخلي المتصالح الآخر عن المنازعة في هذا الحق ، ومن ثم جاز فسخ الصلح لعدم التنفيذ ، وجاز الطعن فيه بالدعوى البولصية ، وهذه كلها حلول لا تتفق إلا مع أن الصلح ناقل للحق لا كاشف عنه . ولكن هذه النظرية لم تسد ، وظل الأثر الكاشف للصلح هو القول السائد ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 هامش رقم 17 – بوابيه في الصلح ص 272 – ص 323 – ميرال فقرة 105 – فقرة 131 ) .

( [21] ) بودري وفال 24 فقرة 1302 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 .

( [22] ) بوابيه في الصلح ص 333 – ص 334 – ص 354 – ص 355 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 17 133 .

( [23] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 – بيدان 12 فقرة 362 – ميرل فقرة 141 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 40 – وانظر عكس ذلك الأستاذ محمد علي عرفة ص 397 .

( [24] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 – بودري وفال 24 فقرة 1306 .

( [25] ) قارن م 1043 لبناني ( آنفاً فقرة 390 في الهامش ) . ويلاحظ أنه حتى لو كان الصلح ناقلا للحق ، فإن الضمان لا يجب لأن الأصل في الحق المتنازع فيه عدم وجوب الضمان ( بواييه في الصلح ص 300 وص 343 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 37 ) . وغنى عن البيان أن المتصالح يضمن في جميع الأحوال فعله الشخصي ( بودري وفال 24 فقرة 1306 ) . وانظر في أن مشروع التقنين المدني الفرنسي كان يشتمل على نص يقضي بعدم الضمان ثم حذف لمخالفته للعدالة ولكن ذلك لا يغير من الحكم الواجب وهو عدم الضمان : أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 هامش رقم 18 .

( [26] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 . ولا يغير الصلح من طبيعة الحق ولا يؤثر في صفاته فإذا كان قابلا للتحويل يبقى كذلك بعد الصلح ( استئناف مصر 2 ابريل سنة 1930 المحاماة 10 رقم 355 ) . وإذا كان قابلا للتنفيذ لثبوته في ورقة رسمية أو لصدور حكم به ، بقى كذلك بعقد الصلح ويستطيع صاحبه أن ينفذ به إذا ما فسخ العقد لعدم قيام العاقد الآخر بتنفيذ الالتزامات المفروضة عليه بمقتضاه ( استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 79 . الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 33 ص 47 ) – وإذا كان مؤجلا أو معلقاً على شرط ، بقى كذلك إلا إذا ظهر أن المتصالحين قد عدلا من هذا الوصف ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 140 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد أسست قضاءها بصحة التنفيذ بفوائد تأخير الأقساط المستحقة من ثمن البيع على أن محضر الصلح المطلوب التنفيذ به صريح في احتفاظ البائع بجميع حقوقه المقررة بعقد البيع ، وعلى أن عقد البيع هذا ينص على سريان الفوائد عن التأخير ، فذلك منها سديد ، إذ أن عقد البيع يكون في هذه الحالة متمماً لعقد الصلح ، ومن ثم فإن الفوائد المنصوص عليها فيه تكون كأنها منصوص عليها في عقد الصلح ( نقض مدني 4 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 129 ص 352 .

( [27] ) على أن التجديد قد يقع بالصلح إذا انصرفت إلى ذلك نية المتصالحين ( استئناف مختلط 31 يناير سنة 1 901 م 13 ص 132 – وانظر في انعدام التجديد استئناف مصر 2 ابريل سنة 1930 املحاماة 10 رقم 355 ص 717 – وانظر الأستاذ أكثم الخولي فقرة 36 ) .

( [28] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – وقبل قانون التسجيل لم يكن تسجيل الصلح واجباً حتى للاحتجاج به على الغير ( استئناف مختلط 13 يناير سنة 1908 م 20 – ص 58 – 26 مايو سنة 1908 م 20 ص 247 ) .

( [29] ) إلا أنه إذا كان المشتري هو الذي سجل أولاً ، جاز للمتصالح الأول أن يتمسك ضد المششتري بملكيته للعقار الذي كان ينازعه فيها المتصالح الآخر ، فقد يكون هو المالك الحقيقي للعقار ويكون المشتري قد اشترى العقار من غير مالك وهو المتصالح الآخر ( الأستاذ أكثم الخولي فقرة 41، ( أيضا انظر في مقال محامي عقاري  ) ) .

( [30] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 261 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 – ولا يجوز استرداد الدين المتنازع فيه إذا وقع عليه صلح ، كما يجوز ذلك في الحوالة ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 141 ) .

( [31] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 260 – بودري وفال 24 فقرة 1305 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1590 ص 1044 .

( [32] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الصلح لا تجوز فيه الشفعة ولا الاسترداد ، ذلك بان الصلح الواقع في ملكية مقابل دفع مبلغ معين من النقود ليس ناقلا للملكية بل هو مقرر لها ، والمبلغ المدفوع صلحاً لا يمثل فيه العقار ، وإنما يمثل ما قد يكون للطرفين من حظ في كسب أو خسارة دعوى الملكية . ثم أنه بطبيعته يقتضى ترك كل طرف شيئاً من حقه ، ولا يجوز أن ينتفع الأجنبي بفائدة مقررة لمنفعة المتصالح ، كما أنه يستلزم من قبل طرفيه واجبات شخصية لا يمكن أن يحل فيها أجنبي عن العقد مثل طالب الشفعة أو الاسترداد ، هذا فضلا عن أن نصوص القانون في الشفعة والاسترداد صريحة في أن كلا الحقين لا يرد إلا على حالة البيع ( نقض مدني 27 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 234 ص 489 ) . وانظر أيضاً : استئناف وطني 25 ابريل سنة 1901 المجموعة الرسمية رقم 26 – استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 89 .

( [33] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 454 .

( [34] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 .

( [35] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 262 – بودري وفال 24 فقرة 1309  – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 – وقد كانت المادة 741 / 2 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي : ” وإذا تضمن الصلح إنشاء حق عيني على عقار ، أو نقل هذا الحق أو تعديله أو إنهاءه ، وجب تطبيق الأحكام المتعلقة بالتسجيل ” . وقد حذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة في التسجيل ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – ص 448 وانظر آنفاً فقرة 356 في الهامش ) .

( [36] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1591 ص 1045 .

( [37] ) أنظر آنفاً فقرة 383 .

( [38] ) ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 538 / 660 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” لا يجوز الاحتجاج بالصلح على من له شركة في القضية التي وقع فيها الصلح ، ولا يجوز أن يحتج هو به أيضاً ” . وهذا الحكم ، على غموض النص ، متفق مع حكم المادة 745 من المشروع التمهيدي ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 ) .

( [39] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 452 – ص 453 في الهامش .

( [40] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 453 في الهامش .

( [41] ) بودري وفال 24 فقرة 1298 .

( [42] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 – ولا يحتج بالصلح المبرم مع المجني عليه في حادثة على زوجته ، إذا تقدمت بعد وفاته بسبب تلك الحادثة مطالبة بتعويض الضرر الذي لحقها بوفاة عائلها ( نقض جنائي 28 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 37 ) – وانظر أيضاً . نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 174 ص 494 – 20 مايو سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 315 ص 629 – 19 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 115 ص 721 – استئناف مختلط 27 يناير سنة 1921 م 33 ص 155 .

( [43] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 .

( [44] ) انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 120 .

( [45] ) بودري وفال 24 فقرة 1299 .

( [46] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 125 – وقد يصالح الشخص عن نفسه وعن غيره مشترطاً لمصلحة هذا الغير أو متعهداً عنه ، وعند ذلك تسري قواعد الاشتراط لمصلحة الغير أو التعهد عن الغير ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1594 ) .

( [47] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 449 – ص 450 في الهامش . وهذا النص يقابل المادة 1045 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ويجري على الوجه الآتي : ” من صالح على حق كان له أو تلقاء بناء على سبب معين ، ثم اكتسب هذا الحق نفسه من شخص آخر أو بناء على سبب آخر ، لا يكون مقيداً بأحكام عقد المصالحة السابقة فيما يتعلق بالحق الذي اكتسبه مجدداً ” وانظر أيضاً م 2050 من التقنين المدني الفرنسي .

( [48] ) أنظر آنفاً فقرة 396 .

( [49] ) وقد ورد مثلان في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي نوضحهما فيما يلي : ( أ ) تصالح على أرض ادعى أنه ورثها ، ثم اشتراها بعد ذلك ، فالصلح لا يجاوز النزاع القديم إلى السبب الجديد ، ويحتج المتصالح بالبيع الصادر له رغما من الصلح على الميراث . ( ب ) تصالح على أرض اشتراها من أحمد وبعد ذلك اشترى الأرض من على ، فالصلح لا يجاوز النزاع القديم إلى السبب الجديد ، ويحتج المتصالح بالبيع الصادر له من على ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 450 في الهامش ) .

محامي الأردن

منشور في مقال توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

المحل في عقد الصلح

المحل في عقد الصلح

368 – وجوب توافر الشروط العامة في المحل – نص القانوني :

 الصلح كما قدمنا هو حسم نزاع عن طريق التضحية من الجانبين كل بجزء من ادعائه . فيكون محل الصلح إذن هو هذا الحق المتنازع فيه ، ونزول كل من الطرفين عن جزء مما يدعيه في هذا الحق . وقد يختص ، بموجب الصلح ، أحد الطرفين بكل الحق في مقابل مال يؤديه للطرف الآخر ، ويكون هذا المال هو بدل الصلح ( [1] ) . فيدخل بدل الصلح ليكون هو أيضاً محل الصلح .

وأيا كان محل الصلح ، فإنه يجب أن تتوافر فيه الشروط التي يجب توافرها في المحل بوجه عام .فيجب أن يكون موجوداً ، ممكناً ، معيناً أو قابلاً للتعيين ( [2] ) . ويجب بوجه خاص أن يكون مشروعاً ، فلا يجوز أن يكون مخالفاً للنظام العام . وتنص المادة 551 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي : ” لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية  555  أو بالنظام العام ، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم ” ( [3] ) .

  556  

369 – بطلان الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية والأهلية :

الحالة الشخصية للإنسان من النظام العام ، فليس لأحد باتفاق خاص أن يعدل من أحكامها . وكذلك الأهلية من النظام العام ، وقد نصت المادة 148 مدني على انه ” ليس لأحد النزول عن أهليته ولا التعديل في أحكامها ” .

ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالأهلية . فلا يجوز أن يتصالح شخص من آخر على بنوته منه نفي أو بإثبات ، أو على صحة الزواج أو بطلانه ، أو على الإقرار بالجنسية أو نفيها ، أو على تعديل أحكام الولاية والوصاية والقوامة ، أو على حق الحضانة كما لا يجوز الصلح على الأهلية ، ومن كان غير أهل لا يجوز له أن يصالح غيره على أنه أهل ، أو كان أهلا ً لا يجوز له بالصلح النزول عن أهليته ، ولا يجوز الاتفاق صلحاً على التعديل من أحكام الأهلية .

ولكن يجوز الصلح على الحقوق المالية التي تترتب على الحالة الشخصية ( [4] ) .فيجوز للمطلقة أن تنزل عن مؤخر صداقها وعن نفقة العدة . ويجوز لمن له حق النفقة على غيره أن ينزل عما يستحقه من نفقة مدة معينة ( [5] ) ، لا أن ينزل عن حق النفقة ذاته . ويجوز للوارث أن  557  يتخارج مع بقية الورثة على نصيبه في الميراث ، لا أن يصالح على صفته كوارث ( [6] ) .

ويجوز الصلح كذلك على المصالح المالية التي تترتب على الأهلية فيجوز للقاصر بعد بلوغه سن الرشد أن يصالح من تعاقد معه وهو قاصر على إجازة العقد بشروط معينة .

370 – بطلان الصلح على الجريمة : وإذا ارتكب شخص جريمة ، فلا يجوز له أن يصالح عليها ( [7] ) ، لا مع النيابة العامة ولا مع المجني عليه ( [8] ) ،  558  لأن الدعوى الجنائية من حق المجتمع وهي من النظام العام فلا يجوز الصلح عليها ( [9] ) .

ولكن يجوز الصلح على الحقوق المالية التي تنشأ من ارتكاب الجريمة ، فيجوز الصلح على حق التعويض المدني . فإذا تصالح من ارتكب الجريمة مع المجني عليه على التعويض عن الضرر الذي أصاب الثاني ، لم يكن لهذا أن يطالب بالتعويض بعد هذا الصلح ، ولم يجز له أن يدعي مدنياً في الدعوى الجنائية المرفوعة على من ارتكب الجريمة ، ولا أن يرفع دعوى مدنية مستقلة بالتعويض ( [10] ) .

ولكن إذا اتفق شخص مع آخر على أن يسحب شكوى جنائية قدمها ضده في مقابل مبلغ من المال ، لم يكن هذا صلحا ً على التعويض المدني بل صلحاً على حق الشكوى الجنائية ، وهذا الحق يدخل ضمن الدعوى الجنائية ، فيكون الصلح باطلاً ( [11] ) . كذلك الصلح بين الدائن والمدين المحجوز عليه بعد تبديد المنقولات المحجوز عليها لا أثر له في الدعوى الجنائية الناشئة عن التبديد ، وإنما مقصورة على العلاقة المدنية مابين الدائن والمدين ( [12] ) .

وإذا جاز الصلح بين المسئول والمجني عليه على التعويض المدني ، فإنه لا يجوز الصلح فيما بين المسئولين المتعددين على تحديد مسئولية كل منهم في مواجهة المجني عليه ، فتحدد هذه المسئولية من النظام العام ولا يجوز الصلح عليها ( [13] ) .

  559  

371 – بطلاق الصلح على مسائل أخرى من النظام العام :

ولا يجوز الصلح على الضرائب والرسوم المستحقة إذا كان الحق في تحصيلها مقرراً بصفة نهائية وليس محلاُ للنزاع ، وإنما يجوز الاتفاق على تقسيطها ( [14] ) . أما إذا كان الحق ذاته محلاً للنزاع ،جاز الصلح ، فيجوز الصلح على الرسوم الاختيارية التي تحصلها المجالس البلدية ( [15] ) .

ولا يجوز الصلح على الأحكام المتعلقة بإيجار الأماكن ، فلا يجوز أن يتفق المستأجر مع المؤجر صلحاً على ان يدفعه له أجرة أكثر من الحد الأقصى المقرر قانوناً للأماكن ، وله أن يسترد ما دفعه زائداً . ولا يجوز الصلح على المسائل المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعي فيما يتعلق بتعيين الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية .

ولا يجوز الصلح على أحكام القانون المتعلق بإصابات العمل . فإذا أصيب عامل واستحق تعويضاً بناء على هذا القانون ، لم يجز الصلح على هذا الحق إذ يعتبر من النظام العام . كذلك لا يجوز الصلح في كثير من المسائل المتعلقة بعقد العمل الفردي ، وهي المسائل التي تعتبر من النظام العام .

ولا يجوز الصلح على الفوائد الربوية ، فإذا تصالح المدين مع الدائن على أن يدفع له فوائد أكثر من الحد الأقصى المسموح به ، كان هذا الصلح باطلاً ، وجاز للمدين أن يسترد ما دفعه زائداً ( [16] ) .

  560  

ولا يجوز الصلح على الأموال العامة للدولة ،فهذه تخرج عن التعامل ( [17] ) .

ولا يجوز الصلح على بطلان التصرفات الراجع الىالنظام العام ، فلا يجوز الصلح على دين قمار أو دين سببه مخالف للآداب أو تعامل في تركة مستقبلة . لكن يجوز الصلح على إجازة عقد قابل للإبطال كما قدمنا .

 المبحث الثاني

 السبب في عقد الصلح

372 – السبب بالمعنى التقليدي : يذهب أنصار النظرية التقليدية في السبب الىان السبب في عقد الصلح هو الغرض المباشر الذي من أجله التزام المدين ، فيكون سبب التزام كل متصالح هو نزول المتصالح الآخر عن جزء من ادعائه . وعلى هذا الوجه يختلط السبب بالمحل في عقد الصلح اختلاطاً تاماً ( [18] ) .

ومن الفقهاء من يجعل السبب في عقد الصلح هو حسم نزاع قائم أو محتمل ، فإذا لم يكن هناك نزاع ، أو كان النزاع قد حسمه حكم نهائي ، فالصلح يكون باطلاً لانعدام السبب ( [19] ) . ويعتبر هؤلاء الفقهاء  561  وجود النزاع هو السبب الفني للصلح ، يميزه عن غيره من العقود ( [20] ) ،ونحن نرى أن وجود نزاع بين المتصالحين هو من مقومات الصلح وليس سبباً له ، فالصلح لا يقع إلا على نزاع قائم أو محتمل وإلا لم يكن العقد صلحاً ومن ثم يكون النزاع محلاً لعقد الصلح لا سبباً له ، والأدق أن يقال أن محل الصلح هو الحق المتنازع فيه ( [21] ) .

373 – السبب بالمعنى الحديث : والصحيح في نظرنا أن السبب في عقد الصلح هو السبب الذي تقول به النظرية الحديثة ، وهو الباعث الدافع للمتصالحين على إبرام الصلح .

فهناك من يدفعه إلى الصلح خشيته أن يخسر دعواه ، أو عزوفه عن التقاضي بما يستتبع من إجراءات طويلة ومصروفات كثيرة ، أو خوفه من العلانية والتشهير . وهناك من يكون الدافع له على الصلح الإبقاء على صلة الرحم ، أو على صداقة قديمة ، أو الحرص على استبقاء عميل له مصلحة في استبقائه . وكل هذه البواعث يكون مشروعاً .

أما الصلح الذي يكون الدافع إليه سبباً غير مشروع ، فإنه يكون  562  باطلاً . ومن ثم إذا صالح شخص امرأة للمحافظة على علاقة بها آثمة ، أو صالح شخص آخر على نزاع متعلق بإيجار دار حتى يتمكن من إدارتها للعهارة ، أو حتى يتمكن من إدارتها للمقامرة ، فكل هذه البواعث غير مشروعة ، ومتى كان الطرف الآخر على علم بها فإن الصلح يكون باطلاً لعدم مشروعية السبب ( [22] ) .

  563  

 الفصل الثاني

 آثار الصلح

374 – الصلح مجسم النزاع وله أثر كاشف نسبي :أثر الصلح هو حسم النزاع الذي وقع عليه : والصلح في الأصل يكشف عن الحقوق لا ينشئها ، وأثره نسبي بالنسبة إلى الأشخاص وبالنسبة إلى السبب .

فتتكلم في موضوعين : ( 1 ) حسم النزاع ( 2 ) الأثر الكاشف والأثر النسبي .

 الفرع الأول

 حسم النزاع

 375 – كيف ينحسم النزاع بالصلح وطرق الالتزام بما تم الصلح عليه : إذا أبرم صلح بين طرفين ، فإن هذا الصلح يحسم النزاع بينهما عن طريق انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين . ويستطيع كل من الطرفين أن يلزم الآخر بما تم عليه الصلح ، أو يطلب فسخ الصلح إذا لم يقم الطرف الآخر بما التزم به .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) كيف ينحسم النزاع بالصلح . ( 2 ) طرق الإلزام بالصلح .

  564  

 المبحث الأول

 كيف ينحسم النزاع بالصلح

376 – انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين مع تفسير التنازل طيفاً : ينحسم النزاع بالصلح بأن تنقضي الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين ، على أن يفسر هذا التنازل تفسيراً ضيقاً .

 المطلب الأول

انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من الطرفين

377 – النصوص القانونية : تنص المادة 553 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – تنحسم بالصلح المنازعات التي تناولها ” .

 ” 2 – ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً ” ( [23] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن النص ليس إلا تطبيقاً لمقتضى عقد الصلح .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 521 – وفي التقنين المدني الليبي م 552 – وفي التقنين المدني العراقي  565  م 712 – 715 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 ( [24] ) .

ويتبين من النص السالف الذكر أن الصلح له أثران : ( 1 ) انقضاء ما نزل عنه كل من المتصالحين من ادعاءاته . ( 2 ) ويترتب على انقضاء ادعاء كل منهما أن يخلص للطرف الآخر ما نزل عنه الطرف الأول .

فللصلح إذن أثر انقضاء وأثر تثبيت ( [25] ) .

  566  

378 – أثر الانقضاء : إذا تنازع شخصان على ملكية دار وأرض مثلا ، ثم تصالحا على أن تكون الدار لأحدهما والأرض للأخر ، فهذا الصلح عقد ملزم للجانبين . يلزم من خلصت له الدار أن ينزل عن ادعائه في ملكية الأرض ، ويلزم من خلصت له الأرض أن ينزل عن ادعائه في ملكية الدار .

فلا يجوز لمن خلصت له الدار أن يعود من جديد ينازع الطرف الآخر في ملكية الأرض ، وإذا عاد إلى هذا النزاع جاز للطرف الآخر أن يدفع بالصلح أو أن يطلب فسخه على النحو الذي سنراه . كذلك لا يجوز لمن خلصت له الأرض أن ينازع الطرف الآخر في ملكية الدار ، وإلا دفع هذا بالصلح أو طلب فسخه ( [26] ) .

379 – أثر التثبيت :وفي المثل المتقدم للصلح أثر تثبيت كما له أثر انقضاء ، والأثر الأول يترتب حتما على الأثر الثاني .

فمن خلصت له الدار قد تثبتت ملكيته فيها ، إذ نزل الطرف الأول عن ادعائه لهذه الملكية .

ومن خلصت له الأرض قد تثبتت ملكيتها فيها ، هو أيضاً ، إذا نزل الطرف الآخر عن ادعائه لملكيتها .

وسنرى أن أثر التثبيت هذا أثر كاشف ، فلا يعتبر الصلح قد نقل ملكية الدار لمن خلصت له ، ولا ملكية الأرض لمن اختص بها ( [27] ) .

  567  

وسنرى أيضاً أن التثبيت له أثر نسبي ، فهو مقصور على المحل الذي وقع عليه ، وعلى الطرفين اللذين وقع بينهما ، وعلى السبب الذي وقع من أجله ،

 المطلب الثاني

 تفسير التنازل تفسيراً ضيقاً

380 – النصوص القانونية :تنص المادة 555 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” يجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح تفسيراً ضيقاً ، وأيا كانت تلك العبارات فإن التنازل لا ينصب إلا على الحقوق التي كانت وحدها بصفة جلية محلاً للنزاع الذي حسمه الصلح ” ( [28] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 534 / 656 ( [29] ) .

ويقابل في التقنينات العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 523 – وفي التقنين المدني الليبي م 554 – ولا مقابل له في التقنين المدني  568  العراقي – ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1044 ( [30] ) .

381 – قاضي الموضوع هو الذي يفسر الصلح : وقاضي الموضوع هو الذي يفسر عقد الصلح ، شأن الصلح في ذلك شأن غيره من العقود ولا يخضع قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض في التفسير ، ما دام يستند في تفسيره إلى أسباب سائغة ، وما دام لم مسخ العقد ، وإلا نقض حكمه ( [31] ) . ويقدر قاضي الموضوع بوجه خاص ما إذا كان الصلح قابلا للتجزئة تبعاً لقصد العاقدين ، إذ الأصل في الصلح كما قدمنا أنه غير قابل للتجزئة ما لم يتبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ( 557 / 2 مدني ) ، وقد تقدم بيان ذلك ( [32] ) .

على أنه لما كان الصلح يحسم نزاعاً معيناً بين طرفين عن طريق نزول كل منهما عن جزء من ادعائه ، فإن هذا النزول المتبادل يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، ويجب في الوقت ذاته أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله ( [33] ) .

  569  

382 – التفسير الضيق لعقد الصلح : تنازل المتصالح عن جزء من ادعائه يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، شأن التنازل في الصلح في هذا التفسير الضيق شأن كل تنازل . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” ويجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح بمعناها الضيق ، فإذا تضمن الصلح تنازلاً عن الفوائد الدين مثلاً ، فسر التنازل بأنه مقصور على ما استحق منها على ما سيستحق ” ( [34] ) .

وإذا تصالح أحد الورثة مع الورثة الآخرين على استحقاق في التركة ، وجب أن يفسر الصلح على أن الوارث إنما تصالح على استحقاقه باعتباره وارثاً . فإذا ظهر بعد ذلك أن المورث قد أوصى له بمال في التركة ، فإن الصلح لا يتناول هذه الوصية ، وللوارث أن يرجع بالموصى به على التركة ، ولا يحتج عليه بالصلح .

وإذا تصالح الشريك مع شركائه على ما يستحق من أرباح في الشركة ، فإن هذا الصلح لا يشمل إلا ما استحقه فعلاً من أرباح ، لا ما قد يستحقه في المستقبل .

منشور في مقال توكيل محامي

وإذا تصالح المضرور مع المسئول على التعويض المستحق له بسبب الإصابة ، فإن الصلح يجب هنا أيضاً أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، فلا يشتمل إلا الإصابة التي كانت ظاهرة وقت الصلح ، فإذا ظهرت مضاعفات بعد ذلك ، فتولد عن الإصابة عاهة مستديمة مثلاُ أو مات المصاب من  570  أثر الإصابة ، فإن الصلح لا يكون قد تناول شيئاً من ذلك ، وللمضرور أو لوثته من بعده أن يرجع بتعويض آخر على المسئول بسبب ما جد من الضرر ، ولا يحتج عليه بالصلح السابق ( [35] ) . وقد سبق أن تناولنا هذه المسألة ، وقلنا إنه حتى لو تصالح المضرور مع المسئول على جميع الضرر الذي يحدث له فإن ذلك لا يمنع من أن يكون المضرور قد وقع في غلط جوهري في شأن هذا الضرر ، ولم يكن يتوقع أن الإصابة ستؤدي إلى عاهة مستديمة أو تقضى إلى موته ، ومن ثم يجوز له أو لورثته أن يطلب إبطال الصلح للغلط . وحتى إذا نزل المصاب في الصلح عن حقه في المطالبة بأي تعويض إضافي ، فإن كل لا يكفي لافتراض إجازة لنتائج هذا الغلط الجوهري ، لأن الإجازة الصادرة ممن وقع في غلط لا تصح قبل أن يكشف عن هذا الغلط ( [36] ) .

383 – الأثر النسبي للمصلح فيما يتعلق بالمحل : ومما يترتب على تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً أنه يجب أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله ، دون أن يمتد إلى أي شيء آخر ( [37] ) . على أن هذا الأثر النسبي هو أثر العقد بوجه عام ، فالعقد يقتصر أثره على من كان  571  طرفاً فيه وعلى المحل الذي تناوله . ولكن الصلح في هذا الصدد أكثر بروزاً ، لأن القاعدة فيه أن يكون تفسيره ضيقاً . فإذا تصالح وارث مع بقية الورثة على ميراث اقتصر الأثر على الميراث الذي تناوله الصلح ، ولا يتناول إلا الوصية الذي وقع النزاع بشأنها فلا يشمل وصية أخرى للموصى له تظهر بعد ذلك ( [38] ) .

  572  وهذا الأثر النسبي للصلح فيما يتعلق بالمحل يجعل الصلح كقوة الأمر المقضي في شروطه ، فلا يحتج بالصلح إلا في نزاع اتحد فيه المحل والسبب والخصوم . وسنرى فيما يلي ي ، عند الكلام في الأثر النسبي للصلح ، وجوب اتحاد السبب والخصوم ،كما رأينا هنا وجوب اتحاد المحل .


( [1] ) أنظر آنفاً فقرة 346 في الهامش .

( [2] ) ويصح الصلح على الحقوق المستقبلة إلا في التركات المستقبلة ، وعلى الحقوق المعلقة على شرط وعلى الحقوق الاحتمالية ( لوران 28 فقرة 353 – جيوار فقرة 62 – بودري وفال 24 فقرة 1277 – الأستاذ محمد عرفه ص 390 ) . ويجب أن يكون محل الصلح مكناً ، فإذا تصالح شركاء على أن يقتسموا الأعيان الشائعة بينهم دون أن يذكروا الكيفية التي تتم بها القسمة ، كان الصلح باطلا ( استئناف وطني 12 يناير سنة 1914 الحقوق 31 ص 148 ) .

( [3] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 739 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 579 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 551 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 444 وص 446 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 533 / 654 : لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنسب أو بالنظام العام ، ولكن يجوز عمل الصلح في الحقوق المالية التي تنشأ عن مسائل النسب أو عن الجنح المخلة بالنظام العام ” . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 519 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 550 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 704 : 1 – يشترط أن يكون المصالح عنه مما يجوز أخذ البدل في مقابلته ، ويشترط أن يكون معلوماً إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم . 2 – ولا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو الآداب ، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم .

م 705 : يشترط أن يكون بدل الصلح مالا مملوكاً للمصالح ، وأن يكون معلوماً إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم .

م 706 : يصح الصلح عن الحقوق التي اقربها المدعى عليه أو التي انكرها أو التي لم يبد فيها إقرار ولا إنكاراً .

( وأحكام التقنين العراقي في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون ص 254 – ص 259 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1037 : لا تجوز المصالحة على الأمور المختصة بالأحوال الشخصية أو النظام العام ولا على الحقوق الشخصية التي لا تعد مالا بين الناس . وإنما تجوز على مصلحة مالية ناشئة عن أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو عن إحدى الجرائم .

م 1038 : يجوز للفريقين أن يتصالحا على حقوق أو أشياء ، وإن كانت قيمتها غير معلومة لديهما .

م 1039 : لا تجوز المصالحة على حق الطعام ، ولكنها تجوز على كيفية أداء الطعام أو كيفية إيفاء الأقساط المستحقة .

م 1040 : تجوز المصالحة على الحقوق الإرثية المكتسبة مقابل بدل يكون أقل من الحصة الشرعية المقررة في القانون ، بشرط أن يكون ذوو العلاقة علامين بمقدار التركة .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

( [4] ) استئناف مختلط 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 .

( [5] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 420 ص 251 – ص 252 – ويجوز له أيضاً أن يقسط النفقة المستحقة .

( [6] ) فإذا اتفق من يدعى النسب مع الورثة على أن ينزل عن دعوى ثبوت النسب وعن حقه في الميراث في مقابل مبلغ معين ، كان هذا الصلح باطلا في مجموعه ، لأن الصلح على النزول عن دعوى ثبوت النسب باطل ، والصلح على الميراث مرتبط به ، فيبطل الصلح كله لعدم التجزئية . ويكون الحكم كذلك حتى لو حدد مبلغ مستقل لكل من دعوى ثبوت النسب وحق الميراث ، لأن إدماج المسألتين في عقد واحد يكشف عن نية المتعاقدين في ربطهما إحداهما بالأخرى ( لوران 28 فقرة 357 – جيوار فقرة 71 وفقرة 76 – بودري وفال 24 فقرة 1273 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 394 ) . فإذا تصالح الشخص على حقه في الميراث وحده دون أن يربط ذلك بمسالة النسب ، كان الصلح صحيحاً ، ولا يمنع ذلك أن يعود من تصالح معه إلى إنكار نسبه وإلى مطالبته باثباته إذا جدت ظروف تستدعى ذلك ( الأستاذ محمد علي عرفة ص 934 ) . أما إذا تبين أن الصلح كان قائماً في أساسه على نزول الشخص عن دعوى النسب ، وأنه اقتسم التركة مع الآخر على هذا الأساس ، كان الصلح باطلا ولو لم يذكر ذلك في العقد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1576 ) .

( [7] ) إلا في بعض المخالفات ، وقد نصت المادة 19 من تقنين الإجراءات الجنائية على أنه ” يجوز الصلح في مواد المخالفات إذا لم ينص القانون فيها على عقوبة الحبس بطريق الوجوب أو على الحكم بشيء آخر غير الغرامة اوالحبس . ويجب على محرر المحضر أن يعرض الصلح على المتهم ويثبت ذلك في المحضر . وإذا لم يكن المتهم قد سئل في المحضر ، وجب أن يعرض عليه الصلح بإخطار رسمي ” .

( [8] ) وكما أن النيابة العامة لا تضار بالصلح ، فهي كذلك لا تستفيد منه ، فلا نستخلص من تصالح المتهم مع المجني عليه أن هذا إقرار منه بالجريمة ، فقد يكون اندفع إلى ذلك خوف التشهير أو حسما للنزاع ، ويترك تقدير ذلك لقاضي الموضوع ( الأستاذ محمد عرفة ص 392 ) .

( [9] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1927 م 39 ص 325 – بودرى وفال 24 فقرة 1262 .

( [10] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1577 .

( [11] ) بودري وفال 24 فقرة 1262 .

( [12] ) استئناف مختلط 9 مارس سنة 1927 م 49 ص 324 .

( [13] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1577 .

( [14] ) ويعترض بعض الفقهاء على عدم جواز الصلح على الضرائب ، ويميزون بين التزام الممول بدفع الضريبة وهذا لا يجوز الصلح عليه ، وبين المبالغ المستحق عليها دفعها كضرائب وهذا كسائر الديون يجوز الصلح عليها ( بودري وفال 24 فقرة 1265 – وقارب بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1578 ) .

( [15] ) استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1943 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 390 هامش رقم 4 .

( [16] ) استئناف وطني 30 يناير سنة 1923 المحاماة 2 رقم 83 ص 264 – استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 25 نوفمبر سنة 1896 م ص 37 .

( [17] ) وإذا آجر ناظر الوقف العين الموقوفة بغبن فاحش ، فالإيجار باطل ، والصلح على هذا الإيجار الباطل باطل مثله ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1 928 م 40 ص 142 ) . ولا يجوز لناظر الوقف الصلح على حجة الوقف ذاتها ( استئناف مختلط 8 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 12 ) .

( [18] ) الأستاذ محمد عرفة ص 395 – ص 397 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 17 .

( [19] ) أنظر في هذا المعنى كابيتان في السبب ص 53 هامش رقم 1 وفقرة 105 – بودري وفال 24 فقرة 1259 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 301 .

( [20] ) بوابيه في الصلح ص 120 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 1 – وقد جمع بعض الفقهاء بين الرأيين ، فجعل للصلح سبباً مزدوجاً ، هو قيام النزاع والتزام المتصالح بالنزول عن جزء من ادعائه – وذهب آخرون إلى أن السبب في الصلح مركب من عناصر ثلاثة : التزام المتصالح بالنزول عن جزء من ادعائه ، وإرادة الطرفين المشتركة في وضع حد للنزاع ، والباعث الذي دفع كلا منهما إلى الصلح ( فرديمسكو في الغلط في الصلح ص 17 – ص 19 – وانظر عرضاً لهذه النظريات المختلفة في بوابيه في الصلح ص 115 – ص 116 ) .

( [21] ) أنظر آنفاً فقرة 368 .

( [22] ) استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1896 م 11 ص 76 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 17 ص 35 ص 36 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 22 .

( [23] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 742 من المشروع التمهيدي على وجه موافق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 581 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 553 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 449 – ص 451 ) .

( [24] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 521 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 552 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 712 : إذا تم الصلح ، فلا يجوز لأحد من المتصالحين الرجوع فيه . ويملك المدعى بالصلح بدله وتسقط دعواه .

م 713 : إذا كان بدل الصلح مما يتعين بالتعيين ، فاستحق أو هلك كله أو بعضه قبل تلسيمه للمدعى أو استحق كله أو بعضه بعد تسليمه للمدعى ، فإن كان الصلح عن إقرار يرجع المدعى على المدعى عليه بالمدعى به كلا أو بعضاً ، وأن كان الصلح عن إنكار أو سكوت يرجع المدعى إلى دعواه بذلك المقدار .

م 714 : إذا وقع الصلح عن إقرار على مال معين عن دعوى عين معينة ، واستحق المصالح عنه كله أو بعضه بالبينة ، يسترد من بدل الصلح الذي قبضه المدعى مقدار ما أخذ بالاستحقاق من المدعى عليه .

م 715 : 1 – إذا وقع الصلح عن إنكار على مال معين عندعوى عين معينة ، واستحق المصالح عنه كله أو بعضه بالبينة ، يرجعالمدعتى عليه بمقابله من العوض على المدعى ، ويرجع المدعى بالخصومة فيه والدعوى على المستحق . 2 – وإذا ادعى شخص حقاً في عين معينة لم يبينه فصولح عن ذلك ، ثم استحق بعض العين ، فلا يستحق المدعى عليه شيئاً من العوض . وإن استحقت العين كلها بالبينة ، استرد العوض كله .

( وهذه الأحكام مستمدة من الفقه الإسلامي ، أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 261 – فقرة 265 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1042 : من شأن الصلح أن يسقط على وجه بات الحقوق والمطالب التي جرت عليها المصالحة ، وأن يؤمن لكل من الفريقين ملكية الأشياء التي سلمها إليه الفريق الآخر أو الحقوق التي اعترف له بها . إن المصالحة على دين مقابل دفع قسم من القيمة المستحقة تسقط القسم الباقي من الدين وتبرئ ذمة المديون .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [25] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 450 – ص 451 .

( [26] ) وليس لأي من المتصالحين أن يعدل عن الصلح ، إلا إذا اتفق مع المتصالح الآخر علىذ لك ( استئناف وطني 22 يونيه سنة 1 915 الشرائع 2 رقم 339 ص 310 ) .

( [27] ) ومن ثم فالصلح يقطع التقادم المكسب ، فإذا وضع أحد المتصالحين يده على أرض ثم نزل عنها صلحاً لخصمه فقد قطع التقادم . وكذلك يقطع الصلح التقادم المسقط ، فإذا مضى على الدين عشر سنين مثلا وسلم به المدين للدائن صلحاً فقد قطع التقادم . أنظر استئناف مختلط 28 مايو سنة 1900 م 12 ص 277 – 31 يناير سنة 1901 م 13 ص 132 .

ويقطع الصلح مدة انقضاء الخصومة ( استئناف مختلط 24 يناير سنة 1918 م 30 ص 173 – 16 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 32 – 20 مايو سنة 1924 م 36 ص 378 ) .

( [28] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 746 من المشروع التمهيدي على وجه موافق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخل بعض تحويرات لفظية طفيفة فأصبح النص مطابقاً ، وصار رقمه 583 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 555 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 455 – ص 457 ) .

( [29] ) التقنين المدني السابق م 534 / 656 : الترك الحاصل بالصلح يلزم تأويله بالدقة بحسب ألفاظه ، ومهما كانت هذه الألفاظ لا يؤول الترك إلا على الحقوق المنحصرة في موضوع المادة الواقع فيها الصلح .

( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [30] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 523 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 554 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل ، ولكن الحكم تطبيق للقواعد العامة . وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 272 .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1044 : يجب تفسير عقد المصالحة بمعناه الضيق ، ولا يجوز أن أياً كان نصه ، أن يطبق إلا على المنازعات والحقوق التي جرى عليها الصلح .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [31] ) نقض مدني 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 92 ص 299 – 20 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 374 ص 705 .

( [32] ) أنظر آنفاً فقرة 367 .

( [33] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الصلح عقد ينحسم به النزاع بين طرفيه في موضوع معين على أساس نزول كل منهما عن بعض ما يدعيه قبل الآخر ، ولهذا يجب إلا يتوسع في تأويله وأن يقصر تفسيره على موضوع النزاع ( نقض مدني 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 92 ص 299 وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه ) .

( [34] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 456 .

( [35] ) نقض جنائي 13 مارس سنة 1 944 المحاماة 26 رقم 212 ص 565 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 407 .

( [36] ) أنظر آنفاً فقرة 365 – والصلح الحاصل بين الحكومة وأحد المقاولين ، بقصد تسوية الحساب بينهما نهائياً ، لا يتضمن تنازل الحكومة عن الضمان الشعري للمنشئات التي أقامها هذا الأخير ( استئناف مختلط 23 فبراير سنة 1911 م 23 ص 192 ) . أنظر أيضاً : استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 28 فبراير سنة 1918 م 30 ص 259 – 12 يناير سنة 1910 م 22 ص 79 ( لم يعرض الصلح لمصروفات الدعوى ، فأخرجت المصروفات من الصلح وجعلت على عاتق المدين ) .

( [37] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 456 – استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 30 .

( [38] ) والصلح الحاصل بين دائني الشركة لا يشمل الديون التي على أحد الشركاء بصفته الشخصية ، فلا يقبل من هذا الشريك أن يحتج بالصلح الحاصل علىديون الشركة ( مصر الكلية 7 يناير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 40 ص 81 – والحكم خاص بصلح الدائنين مع شركة مفلسة ) . وإذا نزل أحد المتصالحين عن كل ماله من حقوق وادعاءات قبل الآخر ، لا يمتد الصلح إلا إلى الحقوق التي واجهاها وقت التعاقد وجعلا منها موضوعاً له ( استئناف مختلط 16 مايو سنة 1889 م 1 ص 187 – 28 فبراير سنة 1918 م – 30 ص 359 ) . فالصلح الذي نص فيه على أن المتصالحين قد سويا نهائياً جميع ما بينهما من حساب يجب إني قتصر على ما قصدا حسمه من نزاع ، ولا يمكن أن يمتدالى العلاقات الأخرى التي كانت بينهما وظلت خارجة عن موضوع العقد ( استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1907 م 20 ص 30 ) . ولا يؤثر الصلح الحاصل بين الموظل والحكومة علىالمعاش الذي يعطي بعد موت الموظف إلى ورثته ، لأن هذا المعاش خاص بهم ولا يستمدونه من المورث ( استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1901 م 13 ص 174 ) . وإذا تصالح شخصان في دعوى وضع اليد على أن تكون اليد لأحدهما ، ورفع الخارج دعوى الملكية ، فلا يحتج عليه بالصلح في وضع اليد ، لا ختلاف محل الدعويين ( استئناف مختلط 10 مايو سنة 1902 م 14 ص 285 ) . واستعمال المتعاقدين عبارة البراءة العامة ، بعد أن حصرا موضوع التخالص وحددوه فيما هو مبين بالصلح ، إنما يفيد عموم البراءة في نوع الحقوق التي كانت محل اعتبارهما عند التعاقد ، ولا يجوز أن تتعدى الاى غيرها ( استئناف مصر 4 مايو سنة 1899 القضاء 6 ص 307 – الأستاذ محمد كامل مرسي ص 616 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 406 ) .

ومع ذلك فقد ذهبت بعض الأحكام إلى أن الصلح لا يحسم المنازعة القائمة وقت إبرامه فقط ، بل يكون ” حاسما أيضاً لكل نزاع يثار في المستقبل متى كان هذا النزاع ناشئاً في الدعوى نفسها التي حصل فيها الصلح ” ( طنطا الجزئية 15 فبراير سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 102 ص 197 – قارن استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1918 م 30 ص 259 ) وذلك ” تحقيقاً لما قصده المتعاقدان ” ( قنا الكلية 30 يونيه سنة 1 931 المحاماة 12 رقم 505 ص 1007 ) . فإذا تنازلت وارثة في عقد الصلح عن ” باقي حقوقها الايلة لها بالميراث الشرعي عن والدها ” ، لم يجزلها المطالبة بريع الأطيان التي استولت عليها مقابل هذا التنازل ، لأن هذا الريع ” هو من باقي حقوقها الايلة لها بالميراث الشرعي عن والدها التي تنازلت عنها بمحضر الصلح ” ، فضلا عن أن الريح تابع للنزاع في الملكية الذي حسمه الصلح ، والفرع يتبع الأصل ( طنطا الجزئية وقنا الكلية في الحكمين المشار إليهما – وانظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 25 ص 53 ) .

محامي الأردن

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

 الدخل الدائم

 الدخل الدائم

319 – عجالة تاريخية : يتميز الدخل الدائم عن القرض في أن مبلغ القرض في الدخل الدائم غير واجب في وقت معين ، بل هو غير واجب الرد أصلا ما دام المقترض يدفع الفائدة وهي الدخل .ومن هنا سمى العقد بالدخل الدائم ، لأن الفائدة يجب دفعها على الدوام ما دام الاستبدال لم يقع .

وقد بدأ الدخل الدائم في القانون الروماني أن يكون قرضاً مستتراً وسمى بالدخل الدائم حتى يستبعد من نطاق القرض فلا تسرى عليه القيود التي تحدد الفائدة ، وبخاصة القيد القاضي في القانون الروماني بألا يزيد مجموع الفائدة ، على رأس المال فالدائن بالدخل ( وهو المقرض ) يتقاضى من المدين به ( وهو المقترض ) فائدة مستمرة ، يتقاضاها هو وورثته من بعده ، فيمكن أن يجاوز مجموع الفائدة بذلك رأس المال بكثير . ولم يكن ذلك محرماً في قوانين جوستنيان ( Nov 160 ) ، إذ اعتبرت الفائدة هنا دخلاً دورياً ( annuus reditus ) وليست فائدة . وورث القانون الفرنسي القديم تقاليد القانون الروماني ، فأجاز الدخل الدائم ، بل أن القانون الكنسي ذاته أجازه متغافلاً عما يتضمنه من ربا ولكن ما لبثت القوانين التي تقيد سعر الفائدة أن أحاطت بالدخل الدائم فقيدته بما تتقيد به الفائدة ( [1] )

  483  

وانتقل الدخل الدائم إلى التقنين المدني الفرنسي ، ومنه إلى التقنينات الحديثة .ولم تعد الأفراد تلجأ إلى هذه النوع من التعامل ، إذ القرض أمامها وباب الفائدة فيه مفتوح . وقل أن يكون القرض الذي لم يحدد فيه أجل للرد مقصوراً به أن يرتب دخلاً دائماً ، والغالب كما رأينا أن المتعاقدين قد قصدا أن يكون الرد عند الميسرة أو المقدرة .

وأصبحت الصورة المألوفة في العصر الحاضر لترتيب الدخل الدائم هي ما تعمد إليه الحكومات ( أو الأشخاص المعنوية غير محددة المدة كالبلديات والمصارف والشركات ) من إصدار سندات بقروض . فالسند قرض يعطيه المكتتب للدولة ، ولا يستطيع أن يسترده من الدولة ذاتها متى أراد ، وإنما يتقاضى فائدة سنوية عن السند هي الدخل الدائم ( [2] ) . ومتى أرادت الدولة أن ترد له رأس المال – ويقع ذلك عادة عن طريق استهلاك ( amortissement ) السندات – ردته فانقطع الدخل . ويستطيع المكتتب إذا أراد رأس المال بدلاً من الدخل أن يبيع السند في البورصة ، فيحصل على قيمته الفعلية ، وينتقل السند إلى المشتري فيصبح هو صاحب الدخل الدائم ( [3] ) . قانون الشركات الأردني

وننتقل إلى بينا أحكام الدخل الدائم كما نظمها التقنين المدني الجديد ، فنبحث : ( 1 ) ترتيب الدخل الدائم ( 2 ) واستبدال الدخل الدائم .

  484  

 الفرع الأول

 ترتيب الدخل الدائم

320 – النصوص القانونية :تنص المادة 545 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – يجوز أن يتعهد شخص بأن يؤدي على الدوام إلى شخص آخر والى خلفائه من بعده دخلاً دورياً يكون مبلغاً من النقود أو مقداراً معيناً من أشياء مثلية أخرى . ويكون هذا التعهد بعقد من عقود المعارضة أو التبرع أو بطريق الوصية ” .

 ” 2 – فإذا كان ترتيب الدخل بعقد من عقود المعاوضة ، اتبع في شأنه من حيث سعر الفائدة القواعد التي تسرى على القرض ذي الفائدة ” ( [4] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق 479 / 583 – 585 و 481 / 589 ( [5] ) .

  485  

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 513 – وفي التقنين المدني الليبي م 544 – وفي التقنين المدني العراقي م 694 ( [6] ) .أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

ويؤخذ من هذا النص أن هناك صورًا مختلفة لترتيب الدخل الدائم وان الدخل متى رتب وجب دفعه إلى صاحبه حتى ينقضي بسبب من أسباب الانقضاء . فنبحث مسألتين ( 1 ) الصور المختلفة لترتيب الدخل الدائم ( 2 ) الالتزام بدفع الدخل حتى ينقضي .

 المبحث الأول

 الصور المختلفة لترتيب الدخل الدائم

321 – الصورة الغالبة هي عقد القرض : يغلب ، كما قدمنا ، أن يكون العقد الذي يرتب الدخل الدائم هو عقد القرض ، فتعقد الدولة قرضاً في صورة سندات تصدرها متساوية في قيمتها الاسمية . فيكتتب المقترض في السند ، ويقرض الدولة القيمة الاسمية لهذا السند ، على أن يتقاضى منها دخلاً دائماً سنوياً هو الفائدة التي تحدد الدولة سعرها . ويراعي في تحديد سعر الفائدة القيود الواردة على الفوائد ، فلا يجوز أن يزيد هذا السعر على الحد  486  الأقصى المسموح به للفوائد الاتفاقية وهو 7%والغالب أن يحدد سعر الفائدة للسند بأقل من ذلك بكثير ، فيكون السعر عادة 3%أو 3% ، وقل أن يصل إلى 5% ( [7] ) .

على انه لا يوجد ما يمنع – نظرياً على الأقل – من أن يكون المقترض في الدخل الدائم فرداً ، فيلتزم بأداء الدخل للمقترض ولخلفائه من بعده على الدوام . وسنرى أنه يجوز للمقترض دائماً أن يتخلص من التزامه باستبدال الدخل ، فلا يتأبد الالتزام في ذمته .كذلك لا يوجد ما يمنع من أن يكون الدخل أو رأس المال أشياء مثلية أخرى غير النقود ، كما هي الحال في القرض ولكن ذلك يندر كثيراً أن يقع في العمل .

322 – صور أخرى لترتيب الدخل الدائم :وليس القرض هو الصورة الوحيدة لترتيب الدخل الدائم ، وان كان هو الصورة الغالبة . فقد رأينا الفقرة الأولي من المادة 545 مدني تقول : ” ويكون هذا التعهد بعقد من عقود المعاوضة أو التبرع أو بطريق الوصية ” .

فيصح إذن ترتيب الدخل الدائم بعقد من عقود المعاوضة غر القرض ذي الفائدة ، وأكثر ما يقع ذلك في عقد البيع . فيبيع شخص عيناً مملوكة له بثمن هو دخل دائم . ويصح أن يتم ذلك بإحدى طريقتين فإما أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن مقداراً معيناً من النقود يكون رأس مال ، ويحول في عقد البيع ذاته إلى دخل دائما . وفي كلتا الطريقتين لا يكون الدخل الدائم  487  عقداً مستقلاً عن عقد البيع ، بل يكون ركناً في عقد البيع هو الثمن .غير أنه في الطريقة الأولي إذا أريد استبدال الدخل الدائم ،كان رأس المال الواجب الرد هو مقدار الثمن الذي حدد أولاً في عقد البيع ( م 548 / 1 مدني ) ورأس المال الواجب الرد في الطريقة الثانية هو مبلغ من النقود فائدته محسوبة بالسعر القانوني تساوي الإيراد ( م 548 / 2 مد ) ( [8] )

ويصح ترتيب الدخل الدائم تبرعاً ، ويكون ذلك إذا أما من طريق الهبة أو من طريق الوصية .هيهب شخص آخر مقداراً معيناً من النقود أو أشياء مثلية أخرى كغلال أو مأكولات أو مشروبات .في مواعيد دورية أو يوصى له بها فيتقاضى صاحب الدخل دخله الدوري في المواعيد المحددة ، ولكن المدين بهذا الدخل ، هو أو تركته ، يستطيع أن يتخلص من التزامه بدفع الدخل إذا هو استبدله على النحو الذي سيبينه فيما بعد .

323 – شكل ترتيب الدخل الدائم وكيفية إثباته :ولم يشترط القانون لترتيب الدخل الدائم شكلاً خاصاً ، ومن ثم يجب اتباع شكل التصرف القانوني الذي رتبه . فإذا كان هذا التصرف القانوني قرضاً ، فليس للقرض شكل خاص ، وإنما هو عقد رضائي كما قدمنا . أما إذا كان التصرف هبة ، فإنه يجب أن يكون في ورقة رسمية ،وكذلك إذا كان وصية وجب اتباع الشكل الواجب في التوصية .

ويجوز إثبات ترتيب الدخل الدائم بالطرق المقررة في القواعد العامة  488  للإثبات . ولما كان الدخل دائماً ،فهو غير محدد القيمة ، فلا تجوز البينة ولا القرائن في إثباته ، بل يجب إثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها والكتابة على كل حال ضرورية أيضاً من الناحية العملية ، فإن الالتزام بالدخل الدائم طويل الأمد فالحصول على كتابة لإثباته أمر ضرروي . ولا يكفي ولا يكفي لإثباته أن يكون صاحب الدخل قد استمر خمس عشرة سنة يقبض الدخل بانتظام ، فإن ترتيب الدخل الدائم لا يثبت كما قدمنا بالقرائن ، ولا تصلح هذه المدة سبباً للتقادم وإن كانت تزول به ( [9] ) .

والغالب كما قدمنا أن يتخذ الدخل الدائم صورة قرض تعقده الدولة ، وفي هذه الحالة تكون السندات التي تصدرها الدولة بهذا القرض هو شكل المألوف لترتيب الدخل ، وهي في الوقت ذاته الطريقة المعتادة لإثباته .

 المبحث الثاني

 الالتزام بدفع الدخل

324 – حدود هذا الالتزام : يلتزم المدين بالدخل الدائم بدفعه إلى الدائن ، بالقدر المحدد في العقد أو في الوصية . وتقول الفقرة الثانية من المادة 545 مدني كما رأينا ، إنه ” إذا كان ترتيب الدخل بعقد من العقود المعاوضة ، اتبع في في شأنه من حيث سعر الفائدة القواعد التي تسرى على القرض ذي الفائدة ” .

فإذا رتب الدخل بعقد قرض أو بعقد بيع ، وجب إلا يجاوز الدخل الحد الأقصى للسعر الاتفاقي للفائدة ، محسوباً ذلك بالنسبة إلى رأس المال المقترض أو إلى ثمن المبيع ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . هذا إذا كان رأس المال نقوداً ، حتى لو كان الدخل أشياء مثلية غير النقود أما  489  إذا كان رأس المال أشياء مثلية غير النقود ، فيجوز أن يجاوز الدخل – نقوداً كان أو أشياء مثلية غير النقود – الحد الأقصى للسعر الاتفاقى للفائدة ، لأن هذا الحد الأقصى لا يكون إلا إذا كان رأس المال نقوداً ( [10] ) .

ولما كان النص لم يقيد الدخل إلا من حيث سعر الفائدة ، فإن القيود الأخرى التي ترد على الفوائد لا تسري . من ذلك أنه يجوز في الدخل الدائم أن يكون مجموع الدخل الذي يتقاضاه الدائن أكثر من رأس المال ، وهذا بخلاف الفوائد غير الدخل فإنه لا يجوز أن يجاوز مجموع ما يتقاضاه الدائن منها رأس المال ( م 232 مدني ) . ومن ذلك أيضاً أنه يجوز للدائن بالدخل أن يتقاضى فوائد تأخيرية إذا تأخر المدين عن دفع الدخل في الميعاد ، فيقاضيه الدائن مطالباً إياه بالدخل المتأخر والفوائد بالسعر القانوني ، أما في الفوائد العادية فلا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ( م 232 مدني ) .

وإذا رتب الدخل تبرعاً بهبة أو وصية ، فلا يتصور أن يسري هنا الحد الأقصى للسعر الاتفاقي ، إذ لا يوجد رأس مال أعطى للمدين حتى ينسب إليه الدخل للتثبت من عدم مجاوزته للحد الأقصى . ومن ثم يجوز أن يكون الدخل في هذه الحالة أي مقدار يرضى المدين أن يتبرع به .

325 – من يقوم بالدفع ولمن يكون الدفع : يقوم بالدفع المدين بالدخل ، وهو في القرض المقترض ، وفي البيع المشتري ، وفي الهبة الواهب ، وفي الوصية تركة الموصي . ولما كان الدخل دائماً فإنه لا ينقضي بموت المدين ، بل تكون تركته مسئولة عن الاستمرار في دفع الدخل ، ومن ثم يجب أن يقتطع من التركة رأس المال تكفي فائدته للوفاء بالدخل . ولما كان المدين بالدخل في الغالب هو شخص معنوي – الدولة  490  أو أحد المصارف أو إحدى الشركات – فإن الذي يقع عملاًَ أن المدين ، ويدوم مدة طويلة أو يدوم دون انقطاع إذا كان هو الدولة ، يبقى يؤدي الدخل إلى أن يستبدل به عن طريق استهلاك السندات التي أصدرها .

ويدفع الدخل للدائن به ، وهو القرض المقرض ، وفي البيع البائع وفي الهبة الموهوب له ، وفي الوصية الموصي له . ويستمر الدفع طول حياة المدين ، فإذا مات انتقل الدخل الو ورثته ، ثم إلى ورثة ورثته وهكذا ، كل بقدر نصيبه في الميراث . ويتجزأ الدخل على الورثة . ويستمر دفع الدخل إلى أن يستبدل به المدين أو إلى أن ينقضي بسبب من أسباب الانقضاء .

326 – الزمان والمكان اللذان يدفع فيهما الدخل : يدفع الدخل في المواعيد المحددة في سند ترتيبه ، ويغلب أن يكون الميعاد المحدد سنة فسنة . فإذا لم يحدد ميعاد للدفع في سند الترتيب ، ولم يمكن استخلاص هذا الميعاد من الظروف والملابسات ، وجب دفع الدخل في آخر كل سنة .

ويدفع الدخل في المكان المحدد في سند ترتيبه . فإذا لم يحدد مكان ، وجب الرجوع إلى القواعد العامة ، وهذه تقضي بان يكون الدفع في موطن المدين بالدخل ( [11] ) .

327 – الجزاء على عدم دفع الدخل : وإذا لم يقم المدين بدفع الدخل على النحو الذي قدمناه ، جاز للدائن إجباره على الدفع فيطالبه قضائياً بدفع الدخل المتأخر مع الفوائد التأخيرية بالسعر القانوني ، فإذا حصل على حكم بذلك قابل للتنفيذ ، نفذه على أموال المدين .

وسنرى أيضاً أن الدخل الدائم قابل للفسخ عن طريق إجباره المدين على الاستبدال ، إذا لم يدفع الدخل سنتين متواليتين رغم إعذاره .

  491  

328 – أسباب انقضاء الالتزام بدفع الدخل : ينقضي الالتزام بدفع الدخل بالأسباب التي تنقضي بها سائر الالتزامات . ويجب التمييز في هذا الصدد بين الالتزام بدفع قسط دوري من الدخل والالتزام بدفع الدخل في مجموعه .

أما الالتزام بدفع قسط دوري من الدخل فينقضي بالوفاء بهذا القسط ، أو بالتجديد ، أو بالمقاصة ، أو باتحاد الذمة ، أو بالإبراء ، أو بالتقادم ومدة التقادم هنا خمس سنوات من وقت حلول القسط لأن أقساط الدخل حقوق دورية متجددة .

وأما الالتزام بدفع الدخل في مجموعة أو الدخل الدائم ، فإنه لا يقسط بوفاء أقساط الدخل مهما كثرت ، لأن هذه الأقساط تتجدد دائما ً .ولكنه يقسط بالتجديد ، وبالمقاصة ، وباتحاد الذمة ، وبالاستبدال بعد أن يظهر المدين رغبته في رد رأس المال وبعد انقضاء ستة على إظهار هذه الرغبة ، وبالإبراء ، وبالتقادم إذا سكت الدائن عن المطالبة بحقه مدة خمس عشرة سنة ( [12] ) .

ولكن السبب الرئيسي لانقضاء الالتزام بدفع الدخل في مجموعة هو الاستبدال ، ذلك أنه يشترط في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين . وهذا ما ننتقل الآن إليه .

  492  

 الفرع الثاني

 استبدال الدخل الدائم

329 – متى يكون الاستبدال وكيف يتم : الدخل الدائم كما قدمنا قابل للاستبدال دائما متى شاء المدين ، ولكن المدين لا يجبر على الاستبدال إلا في أحوال معينة . فإذا قامت حالة من أحوال الاستبدال ، فإن الاستبدال يتم برد رأس المال وفقاً لقواعد قررها القانون .

فنتكلم إذن في المسألتين الآتيتين :

 ( 1 ) متى يكون الاستبدال ( 2 ) كيف يتم الاستبدال .

 المبحث الأول

 متى يكون الاستبدال

330 – الاستبدال بإدارة المدين والاستبدال جبراً على المدين :

القاعدة في الدخل الدائم ، كما قدمنا ، أن يكون قابلاً للاستبدال ولهذه القاعدة معنيان . أولهما أن المدين يستطيع أن يطلب الاستبدال ، متى شاء ذلك . والمعنى الثاني أن المدين يستطيع أيضاً أن يستبقي الدخل الدائم في ذمته ، فلا يجبر على الاستبدال ما دام يدفع أقساط الدخل .

على المدين قد يجبر على الاستبدال في أحوال معينة ذكرها القانون ونرى من ذلك أن الاستبدال قد يكون بإرادة المدين وهذا هو الأصل ، وقد يكون جبراً على المدين وهذا هو الاستثناء . فإذا لم يرد المدين الاستبدال ، ولم تقم حالة من الأحوال التي يجبر فيها عليه بقى الدخل الدائم قائما ً إلى غير ميعاد .

  493  

 المطلب الأول

 الاستبدال بإرادة المدين

331 – النصوص القانونية : تنص المادة 546 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – يشترط في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين ، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك ” .

 ” 2 – غير أنه يجوز الاتفاق على ألا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً ، أو على ألا يحصل قبل انقضاء مدة لا تجوز أن تزيد على خمس عشرة سنة ” .

 ” 3 – وفي كل حال لا يجوز استعمال حق الاستبدال إلا بعد إعلان الرغبة في ذلك ، وانقضاء سنة على هذا الإعلان ( [13] )

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن هذا التقنين كان يجعل للمدين بالدخل حق رد رأس المال في أي وقت أراد ، دون أن يجبر على ذلك إلا في أحوال معينة ، ونص التقنين الجديد ينظم استعمال حق الاستبدال ، ويجيز الاتفاق على تأخير استعمال هذا الحق إلى مدى معين ( [14] ) .

ويقابل هذا النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 514 – وفي 22 نة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد . التقنين المدني الليبي م 545 – وفي التقنين  494  المدني العراقي م 659 ( [15] ) . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

332 – الأصل في الدخل الدائم أن يكون قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين : قدمنا أن المدين يلتزم بوفاء أقساط الدخل الدائم ، وان هذه الأقساط تتجدد دائماُ . فحتى لا يكون المدين ملتزماً التزاماً أبدياً – والالتزام الأبدي لا يجوز – أباح القانون له أن يتخلص من التزامه متى شاء إذا هو رد رأس المال إلى الدائن . فيكون الدخل الدائم إذن في الأصل قابلاً للاستبدال في أي وقت شاء المدين ( [16] ) .ولكن إذا لم يشأ المدين الاستبدال ، فإنه لا يجبر عليه إلا في أحوال معينة سيأتي ذكرها .

  495  

وقابلية الدخل الدائم للاستبدال قاعدة لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها ، لأنها وضعت لتفادى أن يكون المدين ملتزماً التزاماً أبدياً ، وتحريم الالتزام الأبدي قاعدة من النظام العام .

ويترتب على ذلك أنه إذا اشرط الدائن على المدين ، أو أخذ المدين على نفسه ، إلا يطلب الاستبدال أبداً في أي وقت ، فإن هذا الشرط يكون باطلاُ لمخالفته للنظام العام . ويبقي الدخل الدائم بالرغم من هذا الشرط . قابلاً لللاستبدال في أي وقت شاء المدين ( [17] ) .

333 – جواز التقييد من قابلية الدخل للاستبدال : على أنه إذا كان لا يجوز محو قابلية الدخل للاستبدال على النحو الذي قدمناه ، فإنه يجوز التقييد من هذه القابلية إلى مدى معين ، مراعاة لمصلحة الدائن .

فقد أجازت الفقرة الثانية من المادة 546 مدني ،كما رأينا ، ” الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً ، أو على ألا يحصل قبل انقضاء مدة لا يجوز أن تزيد على خمس عشرة سنة ” .

فيجوز أولاً الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال ما دام مستحق الدخل حياً . ويكون هذا شرطاً لمصلحة الدائن صاحب الدخل ، حتى يطمئن إلى مورد يتعيش منه طول حياته . فإذا تم الاتفاق على ذلك ، لم يجز للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال طول حياة الدائن ، بل يجب عليه أن يؤدي له أقساط الدخل ما دام حياً . فإذا مات الدائن ، عاد للمدين حقه في طلب الاستبدال في أي وقت شاء ، دون أن يجبر على ذلك .

  496  

ويجوز ثانياً الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال قبل انقضاء مدة معينة ، يطمئن فيها الدائن صاحب الدخل إلى قبض أقساط الدخل طول هذه المدة ولكن لا يجوز أن تزيد هذه المدة على خمس عشرة سنة ، فإذا زادت وجب إنقاصها إلى خمس عشرة سنة ( [18] ) . فإذا تم الاتفاق على إلا يحصل الاستبدال قبل انقضاء خمس سنوات ، أو عشر سنوات ، أو خمس عشرة سنة مثلاً ، لم يجز للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال طول المدة المتفق عليها ( [19] ) . حتى إذا مات الدائن قبل انقضاء هذه المدة ، بل يبقى الدخل غير قابل للاستبدال بعد موت الدائن وانتقال الدخل إلى ورثته إلى أن تنقضي المدة المتفق عليها . فإذا انقضت هذا المدة ، عاد المدين حقه في طلب الاستبدال دون أن يجبر على ذلك ( [20] ) .

والظاهر أنه يجوز الاتفاق على الجمع بين الأمرين ، فيشترط ألا يحصل الاستبدال مدة حياة الدائن صاحب الدخل وقبل أن تنقضي خمس عشرة سنة ، فلا يجوز في هذه الحالة للمدين بالدخل أن يطلب الاستبدال إلا بعد موت الدائن ولو عاش أكثر من خمس عشرة سنة ، وإلا بعد انقضاء خمس عشرة سنة ولو مات الدائن قبل هذه المدة . فلا يجوز طلب الاستبدال إذن إلا بعد انقضاء حياة الدائن أو انقضاء خمس عشرة سنة ، أي المدتين أطول .

334 – كيف يستعمل المدين بالدخل حق الاستبدال :فإذا كان للمدين بالدخل حق طلب الاستبدال ، أما لأنه لم يقيد استعماله هذه الحق  497  بأي قيد فيكون له طلب الاستبدال في أي وقت شاء ، وإما لأنه قيد على النحو الذي قدمناه وانتهي القيد يموت الدائن أو بانقضاء المدة المحددة ، فإن له أن يستعمل هذا الحق دون أن يجبر على استعماله كما سبق القول .

فإذا اختار أن يستعمله ، وجب لاستعماله توافر شرطين ( [21] ) . 1 – أن يعلن رغبه في الاستبدال إلى الدائن بالدخل . ولم يشترط القانون شكلاً خاصاً لهذا الإعلان ، فيصح أن يكون بإنذار رسمي ، ويصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن يكون شفوياً ، ولكن عبء الإثبات يقع على المدين فيحسن أن يجعل الإعلان بكتاب مسجل . 2 – أن تنقضي سنة على وصول الإعلان المتقدم الذكر إلى الدائن ،حتى لا يفاجأ الدائن بالاستبدال في وقت كان معتمداً فيه على الدخل . فأفسح القانون له الأجل سنة من وقت وصول الإعلان إليه ، فإذا انقضت السنة تم الاستبدال بمقتضى القواعد التي سنبينها فيما بعد . والظاهر أن المدين يستطيع ، بعد إعلان رغبته في الاستبدال وانقضاء سنة على إعلان هذا الرغبة ، أن ينزل عن حقه في الاستبدال وان يستمر في الوفاء بأقساط الدخل في مواعيدها . وهذا ما لم يظهر الدائن ، بعد إعلانه الرغبة في الاستبدال ، قبوله لهذه الرغبة ، إذ يتم في هذه الحالة اتفاق بين المادتين والدائن على الاستبدال ، فلا يجوز للمدين الرجوع في هذا الاتفاق إذا لم يقبل الدائن هذا الرجوع . والظاهر أيضاً أن المدين ، إذا كان مقيداً بألا يطلب الاستبدال مدة معينة ، خمس سنوات مثلاً ، يستطيع أن يعلن الدائن برغبته في الاستبدال قبل انقضاء هذه المدة حتى يتمكن من الاستبدال بمجرد انقضائها . فيستطيع مثلاً أن يعلن الدائن برغبته في الاستبدال في السنة الرابعة ، حتى إذا انقضت خمس السنوات تكون سنة قد انقضت من وقت الإعلان ، فيتمكن المدين من الاستبدال بمجرد انقضاء خمس السنوات

  498  

 المطلب الثاني

 الاستبدال جبراً على المدين

 335 – النصوص القانونية : تنص المادة 547 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” يجبر المدين على الاستبدال في الأحوال الآتية : “

 ” ( أ ) إذا لم يدفع الدخل سنتين متواليتين ، رغم إعذاره . “

 ” ( ب ) إذا قصر في تقديم ما وعد به الدائن من تأمينات ، أو إذا انعدمت التأمينات ولم يقدم بديلاً عنها . “

 ” ( جـ ) إذا أفلس أو أعسر ( [22] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 479 فقرة 2 / 585 ( [23] ) .

  499  

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 515 – وفي التقنين المدني الليبي م 546 – وفي التقنين المدني العراقي 696 ( [24] ) . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه النصوص في الدخل الدائم .

ويخلص من هذا النص أن هناك حالات ثلاثاً يجوز فيها للدائن نفسه أن يطلب الاستبدال ، ولو أن المدين لم يطلب ذلك ، فيكون الاستبدال في هذه الحالات الثلاث بإدارة الدائن وحده وجبراً على المدين .

336 – الحالة الأولي – عدم دفع الدخل سنتين متواليتين : إذا تأخر المدين في دفع أقساط الدخل سنتين متواليين ، وأعذره الدائن بالدفع ليم يدفع بالرغم من الإعذار ، جاز للدائن أن يطلب فسخ الدخل الدائم ، وان يجبر على رد رأس المال لإخلاله بالتزامه ” ( [25] ) .

ويلاحظ أن فسخ الدخل الدائم هنا مقيد بتأخر المدين عن دفع الأقساط مدة سنتين متواليتين . فلو تأخر مدة أقل من سنتين ، لم يجز للدائن طلب الفسخ ، وإنما يجوز له إجبار المدين على دفع المتأخر  500  على النحو الذي بيناه فيما تقدم ( [26] ) . كذلك لا يكون للدائن طلب الفسخ ، وإنما يكون له إجبار المدين على دفع المتأخر ، إذا تأخر المدين في دفع الأقساط سنتين غير متواليتين ، أو تأخر مدة أكثر من سنتين ليس فيها سنتان متواليتان ، مثال ذلك أن يتأخر المدين في الدفع السنة التالية ويقبل منه الدائن هذا الدفع ، ثم يتأخر في الدفع في السنة الثالثة . فهنا قد تأخر المدين عن الدفع في السنة الأولي وفي السنة الثالثة . فلا يستطيع الدائن طلب الفسخ لأن السنتين اللتين تأخر عن الدفع فيهما ليستا متواليتين . فإذا دفع المدين عن السنة الرابعة وقبل منه الدائن هذا الدفع ، وتأخر عن الدفع في السنة الخامسة ، فيكون قد تأخر في الدفع ثلاث سنوات – السنة الأولي والسنة الثالثة والسنة الخامسة – فإنه لا يكون مع ذلك قد تأخر في الدفع سنتين متواليتين ، ومن ثم لا يجوز للدائن طلب الفسخ ، وليس له إلا إجبار المدين على دفع المتأخر .

337 – الحالة الثانية – تقصير المدين في تقديم التأمينات أو انعدام هذه التأمينات :وإذا وعد المدين بتقديم تأمينات ولم يقدمها ، أو انعدمت التأمينات التي قدمها كلها أو بعضها ولم يقدم بديلاً عما انعدم ، جاز للدائن هنا أيضاً أن يجبر المدين على الاستبدال فيسترد منه رأس المال . وليس هذا عن طريق فسخ الدخل الدائم ، بل عن طريق فسخ الدخل الدائم ،بل عن طرق سقوط الأجل ( [27] ) . فقد رأينا أن الأجل يسقط إذا لم يقدم المدين ما وعد بتقديمه من التأمينات ، أو إذا  501  أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لا حق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر للدائن أن يطالب بتكملة التأمين .أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً ( [28] ) . فيجب إذن تفسير المادة 547 ( حرف ب ) مدني في ضوء ما تقدم ( [29] ) .

338 – الحالة الثالثة – إعسار المدين أو إفلاسه : وإذا شهر إعسار المدين بالدخل أو شهر إفلاسه ، فإن الأجل يسقط أيضاً في هذا الحالة ( [30] ) . ومن ثم يجوز للدائن إجبار المدين المعسر أو المفلس على الاستبدال ورد رأس المال .

 المبحث الثاني

 كيف يتم الاستبدال

 339 – النصوص القانونية : تنص المادة 548 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – إذا رتب الدخل مقابل مبلغ من النقود ، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه ، أو برد مبلغ اقل منه إذا اتفق على ذلك ” .

  502  

 ” 2 – وفي الحالات الأخرى يتم الاستبدال بدفع مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل ” ( [31] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ،ولكن حكمه يتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 516 – وفي التقنين المدني الليبي م 547 – وفي التقنين المدني العراقي 679 ( [32] ) . . أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني فلم ترد فيه نصوص في الدخل الدائم .

340 – الحالات التي يتم فيه الاستبدال – التمييز بين قرضين : ويضع النص المتقدم الذكر قواعد يتم على مقتضاها الاستبدال برد راس المال إلى الدائن . وهذه القواعد تسرى في جميع الحالات التي يتم فيها الاستبدال ، سواء في ذلك الحالات التي يطلب فيها المدين الاستبدال على النحو الذي قدمناه أو الحالات التي يجبر فيها على الاستبدال وفقاً لما أسلفناه ، أي سواء كان الاستبدال بإرادة المدين أو كان جبراً على المدين .

ويجب في هذا الصدد أن نميز بين قرضين :

1 – إذا رتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود .

  503  

إذا رتب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل .

341 – ترتيب الدخل في مقابل مبلغ من النقود :يترتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود إذا كان قرضاً وكان ما دفعه الدائن إلى المدين مبلغاً من النقود ، أو إذا كان بيعاً قدر فيه مقداراً معيناً من النقود ثم حول إلى إيراد دائم .

ففي هذه الأحوال يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً منذ ترتيب الدخل . ففي الاستبدال ،يكون هذا المقدار المعين من النقود هو الواجب الرد ، إذ هو رأس المال الواجب رده إلى الدائن وقد تعين منذ البداية .

ويجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أقل من هذا المقدار ويحمل ذلك على أن الدائن قد تبرع للمدين مقدماً بالفرق ، أو أنه عوض عن هذا الفرض بما قبضه من أقساط روعي في تقديرها هذا التعويض ، ولكن لا يجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أكثر من هذا المقدار لأن في ذلك شبهة الربا الفاحش ( [33] ) .

342 – ترتيب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل :

وقد يترتب الدخل في مقابل غير النقود ، كما إذا ترتب بموجب بيع جعل  504  الثمن فيه رأساً الدخل الدائم دون تقدير سابق للثمن ( [34] ) . وكما إذا ترتب بموجب قرض كان رأس المال فيه أشياء مثلية غير النقود وكان الدخل مبلغاً من النقود . كذلك قد يترتب الدخل بغير مقابل ،كما هي الحال في ترتيب الدخل بهبة أو بوصية .

ففي جميع هذه الأحوال لا يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً من قبل ، بل هو إما عين بيعت بدخل دائم ، وإما أشياء مثلية غير النقود أقرضت في مقابل دخل دائم ، وإما لا وجود له أصلاً إذا رتب الدخل الدائم عن طريق التبرع . فعمد المشرع إلى طريقة لتقدير رأس المال على الوجه الآتي : يؤخذ مقدار الدخل في السنة أساساً لهذا التقدير ، وبقدر رأس المال بحيث يكون هذا الدخل هو فائدته محسوبة بالسعر القانوني . فإذا كان مقدار الدخل في السنة مائة مثلاً في مسألة مدنية ، قدر رأس المال بحيث تكون المائة هي فائدته محسوبة بسعر 4% فيكون رأس المال في هذه الحالة ألفين وخمسمائة .

  505  

 الباب الرابع

 عقد الصلح

  507  

 مقدمة ( [35] )

343 – التعريف بعقد الصلح ومقوماته – نص قانوني : تنص المادة 549 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً ، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه ” ( [36] ) .

  508  

ويخلص من هذا النص أن للصلح مقومات ثلاثة هي :

1 – النزاع القائم أو محتمل .

2 – نية حسم النزاع .

3 – نزول كل من المتصالحين على الوجه التقابل عن الجزء من ادعائه

344 – نزاع قائم اومحتمل : أول مقومات الصلح هو أن يكون هناك نزاع بين المتصالحين قائم أو محتمل . فإذا لم يكن هناك نزاع قائم ، أو في القليل نزاع محتمل ، لم يكن العقد صلحاً ، كما إذا نزل المؤجر للمستأجر عن بعض الأجرة غير المتنازع فيها حتى يتمكن المستأجر من دفع الباقي ، فهذا إبراء من بعض الدين وليس صلحاً ( [37] ) .

فإذا كان هناك نزاع قائم مطروح على القضاء ، وحسمه الطرفان بالصلح ، : كان هذا الصلح قضائياً ( judiciaire ) .ولكن يشترط إلا يكون  509  قد صدر حكم نهائي في النزاع ، وإلا انحسم النزاع بالحكم لا بالصلح ( [38] ) على النزاع المطروح على القضاء يعتبر باقياً ، ومن ثم يكون هناك محل للصلح ، حتى لو صدر حكم في النزاع إذا كن هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بالطرق العادية كالمعارضة والاستئناف أو بالطرق غير العادية كالنقص والتماس إعادة النظر ( [39] ) . وحتى لو صدر حكم نهائي غير قابل للطعن فيه ، فإنه يجوز أن يجد نزاع بين الطرفين على تنفيذ هذا الحكم أو على تفسيره ، فهذا النزاع أيضاً يجوز أن يكون محلاً للصلح ( [40] ) .

وليس من الضروري أن يكون هناك نزاع قائم مطروح على القضاء بل يكفي أن يكون وقوع النزاع محتملاً بين الطرفين ، فيكون الصلح لتوقي هذا النزاع ، ويكون في هذه الحالة صلحاً غير قضائي ( extrajudiciaire ) . والمهم أن يكون هناك نزاع جدي ، قائم أو محتمل ( [41] ) . ولو كان أحد  510  الطرفين هو المحق دون الآخر وكان حقه واضحاً ، ما دام هو غير متأكد من حقه ( [42] ) . فالمعيار إذن هو معيار ذاتي محض ، والعبرة بما يقوم في ذهن كل من الطرفين لا بوضوح الحق في ذاته ( [43] ) .

وقد يكون النزاع في القانون ، كما إذا وقع نزاع بين الطرفين على القيمة القانونية لسند يتمسك به أحدهما ، فيتصالحان لحسم هذا النزاع القانوني . والصلح في هذه الحالة يكون صحيحاً ، حتى لو كان السند في نظر رجل القانون ظاهر الصحة أو ظاهر البطلان ، فالعبرة كما قدمنا بما يقوم في ذهن الطرفين ، حتى لو قام الصلح على غلط في القانون وقع فيه أحد الطرفين فسنرى أن الغلط في القانون لا يبطل الصلح ( [44] ) .

وقد يكون النزاع في الواقع لا في القانون ،كما إذا قام نزاع بين المسئول والمضرور قد وقع هل وقع خطأ من المسئول أو لم يقع ، أو قام نزاع على مدى التعويض بفرض أن المسئول مقر بالخطأ . فيحسم الطرفان بالصلح هذا النزاع ، والعبرة كما قدمنا بما يقوم في ذهن كل منهما مهما كان الواقع في ذاته واضحاً لا مجال فيه للشك .

345 – نية حسم النزاع : ويجب أن يقصد الطرفان بالصلح حسم النزاع بينهما ، أما بإنهائه إذا كان قائماً ، وإما بتوقيه إذا كان محتملاً . فإذا  511  تنازع طرفان على ملكية منقول قابل للتلف ، واتفقا على بيعه تفادياً لتلفه وإيداع الثمن خزانة المحكمة ، على أن يثبت المحكمة فيمن منهما هو المالك فيكون الثمن من حقه ، لم يكن الاتفاق على بيع المنقول صلحاً لأنه لم يحسم النزاع الواقع على ملكية المنقول . وقد قضى بأنه لا يعتبر صلحاً تعهد أحد الخصمين للآخر ، أثناء نظر الدعوى ، ببيع العقار محل النزاع بين الطرفين ( [45] ) . وقضى أيضاً بأنه إذا اتفق الخصمان ، في دعوى فسخ قائمة بينهما ومتعلقة ببيع عين من أحدهما إلى الآخر ، على بيع هذه العين بيعاً معلقاً على شرط صدور الحكم في دعوى الفسخ ، لم يكن هذا الاتفاق صلحاً لأنه لم يحسم النزاع في دعوى الفسخ ( [46] ) .

ولكن ليس من الضروري أن يحسم الصلح جميع المسائل المتنازع عليها فيها بين الطرفين ، فقد يتناول الصلح بعض هذه المسائل فيحسمها ويترك الباقي للمحكمة تتولي هي البت فيه ( [47] ) . كذلك يجوز للطرفين أن يتصالحا حسما للنزاع ، ولكنهما يتفقان على أن يستصدرا من المحكمة حكما ً بما تصالحا عليه ، فيوجهان الدعوى على هذا الأساس حتى يصدر من المحكمة الحكم المرغوب فيه ( jugement d expedient ) ، فيكون هذا صلحاً بالرغم من صدور الحكم ( [48] ) .

  512  

346 – نزول كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه ( [49] ) . فلو لم ينزل أحدهما عن شيء مما يدعيه ونزل الآخر عن كل ما يدعيه ، لم يكن هذا صلحاً ، بل هو محض نزول عن الادعاء . فإقرار الخصم لخصمه بكل ما يدعيه ، أو نزله عن ادعائه ، لا يكون صلحاً ، وهذا هو الذي يميز الصلح عن التسليم بحق الخصم ( acquiescement ) ،ويميزه عن ترك الادعاء ( desistement ) . ففي التسليم بالحق وفي ترك الادعاء حسم للنزاع ، ولكن بتضحية من جانب وأحد ، أما الصلح فيجب أن يكون تضحية من الجانبين ( [50] ) .

وليس من الضروري أن تكون التضحية من الجانبين متعادلة ، فقد ينزل أحد الطرفين عن جزء كبير من ادعائه ، ولا ينزل الآخر إلا عن الجزء اليسير . ففي التسليم بحق الخصم وفي ترك الدعوى ، إذا قبل الطرف الآخر أن يتحمل في مقابل ذلك مصروفات الدعوى ، كان هذا صلحاً مهما كانت تضحية الطرف الآخر قليلة بالنسبة إلى تضحية الطرف الأول ( [51] ) . بل قد  513  يعمد شخص إلى الصلح مع خصمه حتى يتفادى التقاضي بما يجر من إجراءات معقدة وما يجشم من مصروفات باهظة وما يستغرق من وقت طويل ، أو حتى يتفادى علانية الخصومة والتشهير في أمر يؤثر كتمانه ، فينزل عن جزء من أدعائه لهذا الغرض حتى يسلم له الخصم بباقي حقه ، فيحصل عليه في يقين ويسر أو في سكون وتستر ( [52] ) .

347 – تمييز الصلح من غيره مما يلتبس به : يلتبس الصلح بالتحكيم في أن كلا منهما يقصد به حسم خصومة دون استصدار حكم قضائي . ولكن التحكيم يختلف عن الصلح اختلافاً بيناً ، ففيه يتفق الطرفان على محكمين يبتون في نزاعهم . فالذي يبت في النزاع في التحكيم ( compromis ) هم  514  المحكمون ، أما في الصلح ( transaction ) فهم أطراف الخصومة أنفسهم والتحكيم لا يقتضي تضحية من الجانبين ، على خلاف الصلح ، إذ المحكمون كالقضاة يحكمون لمن يرون أن له حقاً بحقه كله ( [53] ) . وإجراءات التحكيم وقواعده يبينها قانون المرافعات .

وقد رأينا أن الصلح يختلف عن التسليم بالحق ( acquiescement ) وعن ترك الادعاء ( desistement ) في أن الصلح يقتضي حتما تضحية من الجانبين ، أما التسليم بالحق وترك الادعاء فيتضمنان تضحية من جانب وأحد هو الجانب الذي سلم بحق الخصم أو ترك الإدعاء . وكذلك يختلف الصلح عن إجازة العقد القابل للإبطال ، في أن الإجازة تتضمن نزولاً محضاً عن الحق في إبطال العقد . ولكن إذا كان هناك نزاع بين المتعاقدين في جواز إبطال البيع مثلاً ، وتصالحاً فأجاز المشتري البيع ونزل البائع في مقابل ذلك عن جزء من الثمن ، فهذا صلح لأنه يتضمن تضحية من الجانبين . وظاهر أن الصلح يختلف عن الإبراء في أن الإبراء نزول كامل عن الحق من أحد الجانبين ، أما الصلح فنزول جزئي من كل من الجانبين ، وإن كان كل منهما يحسم النزاع .

ويختلف الصلح عن توجيه اليمين الحاسمة ، في أن الصلح يتضمن تضحية من الجانبين ، أما توجيه اليمين الحاسمة فلا يتضمن إلا تضحية من جانب وأحد هو الجانب الذي وجه اليمين ، إذ يكسب الجانب الآخر الذي يحلف اليمين كل ما يدعيه ( [54] ) .

وقد يستر الصلح هبة أو بيعاً ، إذا كان أحد الطرفين ، تحت ستار الصلح ، إنما نزل عن حقه للآخر دون مقابل ، أو باعه منه بثمن معين ( [55] ) كذلك قد يستر الصلح قسمة رضائية إذا أفرز المتقاسمون أنصبتهم في المال  516  المشترك بالتراضي ، وحصل كل منهم على ما يعتقد أنه نصيبه كاملاً ، وإن سموا القسمة صلحاً . أما إذا كان هناك نزاع بينهم في مقدار نصيب كل منهم ، فاقتسموا المال الشائع بحسب أنصبة تصالحوا عليها وسموا العقد قسمة ، فإن القسمة هنا تستر صلحاً ( [56] ) .

وفي المثل الأخير الذي تستر القسمة فيه الصلح ، يوجد في الواقع عقدان ، صلح وقسمة ، اختلط أحدهما بالآخر : صلح على مقدار نصيب كل من المتقاسمين . وهذا هو عقد الصلح ، وإفراز لنصيب كل منهم وهذا هو عقد القسمة . وقد يختلط الصلح بعقود أخرى ، كما إذا تنازع شخصان على ملكية دار وأرض ، ثم تصالحا على أن يكون لأحدهما الدار وللآخر الأرض ، وفي الوقت ذاته باع أحدهما للآخر ما وقع في نصيبه بموجب الصلح ، فهنا اختلط عقد الصلح بعقد البيع . وفي جميع الأحوال التي يختلط فيها عقد الصلح بعقد آخر ، قد يرتبط العقدان ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث إذا أبطل أحدهما وجب إبطال الأخر ، وقد يكونان قابلين للتجزئة فيبطل أحدهما ويبقى الآخر قائماً ، ويرجع في ذلك إلى نية الطرفين مستخلصة من الملابسات والظروف ( [57] ) .

ويخلص مما قدمناه أن القاضي هو الذي بكيف الاتفاق بأنه صلح أو بأنه عقد آخر ، وفقاً لعناصر الصلح التي قدمناها . ولا يتقيد في ذلك بتكييف الخصوم ، فقد يسمى الخصوم الصلح باسم عقد آخر أو يسمون عقداً آخر باسم الصلح كما رأينا . وقاضي الموضوع هو الذي يبت في وجود عناصر  517  الصلح من حيث الواقع ، فيقرر ما إذا كان هناك نزاع قائم أو محتمل ، وما إذا كانت نية الطرفين حسم النزاع ، وما إذا كانت هناك تضحية من الجانبين ، فتتوافر بذلك عناصر الصلح ، ولا معقب عليه في ذلك من محكمة النقض . أما وجوب توافر هذه العناصر جميعاً ليكون العقد صلحاً فهذه مسألة قانون لا يستقل بها قاضي الموضوع ، على النحو الذي قدمناه ، أو استظهرها ولكنه أخطأ في تكييفها القانوني ،فإن حكمه يكون قابلاً للنقض ( [58] ) .

348 – خصائص عقد الصلح : والصلح عقد من عقود التراضي ، فلا يشترط في تكوينه شكل خاص ، بل يكفي توافق الإيجاب والقبول ليتم الصلح . وسنرى أن الكتابة ضرورية ، ولكن لإثبات الصلح لا لانعقاده .

وهو عقد ملزم للجانبين ، إذ يلتزم كل من المتصالحين بالنزول عن جزء من ادعائه في نظير تنازل الآخر عن جزء مقابل . فينحسم النزاع على هذا الوجه ، ويسقط في جانب كل من الطرفين الادعاء الذي نزل عنه ، ويبقى الجزء الذي لم ينزل عنه ملزماً للطرف الآخر .

وهو عقد من عقود المعارضة ، فلا أحد من المتصالحين يتبرع للآخر ، وإنما ينزل كل منهما عن جزء من ادعائه بمقابل ، هو نزول الآخر عن جزء مما يدعيه . وقد يكون الصلح عقداً محدداً ( commutatif ) كما هو الغالب ، فإذا قام نزاع بين شخصين على مبلغ من النقود فاتفقا على أن يعطي المدين للدائن مبلغاً أقل على سبيل الصلح ، فهنا قد عرف كل منهما  518  مقدار ما أخذ ومقدار ما أعطي فالعقد محدد ( [59] ) . أما إذا تصالح أحد الورثة مع وارث آخر على أن يرتب له إيراداً مدى الحياة في مقابل حصته في الميراث المتنازع فيها ، فالعقد هنا احتمالي ( [60] ) .

وسنرى فيما يلي أن الصلح أيضاً عقد كاشف للحقوق لا منشئ لها ، وأنه عقد غير قابل للتجزئة فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله ( [61] ) .

349 – التنظيم التشريعي لعقد الصلح : وضع التقنين المدني الجديد عقد الصلح بين العقود الواردة على الملكية ، لا لأنه ينقل الملكية كما هو الأمر في البيع والمقابضة والهبة والشركة والقرض ، إذ الصلح عقد يكشف عن الحقوق لا ينقلها ، بل لأنه يتضمن نزولاً من كل من المتصالحين عن جزء مما يدعيه ، والنزول عن الحق يرد على كيانه بالذات . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” دخل الصلح ضمن العقود التي ترد على الملكية ، لا لأنه ينقلها ، فسيأتي أن الصلح كاشف للحقوق لا ناقل لها ، بل لأنه يتضمن تنازلاً عن بعض ما يدعيه الطرفان من الحقوق ، والتنازل عن الحق يرد على كيانه لا مجرد ما ينتجه من الثمرات ” ( [62] ) .

وجاء التقنين الجديد أقرب ا لى المنطق في ترتيب نصوص الصلح من التقنين السابق ، فقسمها إلى أقسام ثلاثة . عرض في الأول منها إلى أركان  519  الصلح ، فذكر الرضاء والأهلية والمحل والسبب ، واستطرد إلى إثبات الصلح . وعرض في القسم الثاني إلى آثار الصلح ، فبين أثره من حيث حسم النزاع ، ومن حيث انه كاشف لا منشئ ، وقرر أن هذه الآثار يجب أن تفسر تفسيراً ضيقاً لا توسع فيه . وعرض في القسم الثالث إلى بطلان الصلح ، فبين انه لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون ، وأن الصلح لا يتجزأ فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله ( [63] ) . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً في فسخ الصلح ، إذا أضيف إلى النص الخاص بالبطلان سوغ على وجه ما أن يكون هناك قسم ثالث لانقضاء الصلح . ولكن هذا النص حذف كما سنرى في لجنة المراجعة ، ومع ذلك بقي القسم الثالث لا يتضمن إلا بطلان الصلح ، وكان الأولى إدماجه في القسم الأول المتعلق بأركان الصلح . وهذا ما سنسير عليه في بحثنا .

350 – أهم الفروق بين التقنين الجديد والتقنين السابق في عقد الصلح : بينت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( [64] ) أهم هذه الفروق فيما يأتي :

1 – عرض التقنين الجديد صراحة لإثبات الصلح ، فأوجب أن يكون بالكتابة . وهذا تقنين للقضاء المختلط في هذه المسألة .

2 – ذكر التقنين الجديد صراحة الأثر الكاشف للصلح ، ومبدأ عدم التجزئة .

3 – بين التقنين الجديد في وضوح أن الطعن في الصلح بالبطلان بسبب غلط في القانون لا يجوز ، وترك بقية أسباب البطلان للقواعد العامة .

4 – أغفل التقنين الجديد نصين في التقنين السابق اكتفي فيهما بتطبيق القواعد العامة ، هما المادة 536 / 658 وهي تتعلق بالغلط في أرقام الحساب ، والمادة 537 / 659 وهي خاصة بانتقال التأمينات لتضمن الوفاء بالصلح ( [65] ) .

351 – خطة البحث : ونبحث عقد الصلح في فصلين : الفصل الأول في أركان الصلح ، والفصل الثاني في آثاره .

  521  الفصل الأول

أركان الصلح

352 – أركان ثلاثة : للصلح ، كما لسائر العقود ، أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .

الفرع الأول

التراضي في عقد الصلح

353 – شروط الانعقاد وشروط الصحة : نتكلم في شروط الانعقاد في التراضي ، ثم في شروط صحة التراضي .

المبحث الأول

شروط الانعقاد

354 – توافق الإيجاب والقبول كاف في عقد الصلح : قدمنا أن عقد الصلح من عقود التراضي ، فيكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول من المتصالحين ( [66] ) .

  522  ولكن الصلح لا يتم عادة إلا بعد مفاوضات طويلة ومساومات وأخذ ورد . فيجب تبين متى تم الاتفاق نهائياً بين الطرفين ، ولا يجوز الوقوف عند أية مرحلة من مراحل التفاوض في الصلح ما دام الاتفاق النهائي لم يتم .

وقد يقبل المضرور من المتسبب في الضرر عطية على سبيل الإحسان أو على سبيل التخفيف من مصابه ، فلا يكون هذا صلحاً . ذلك أن المتسبب في الضرر لم يرد بهذه العطية أن يقر بمبدأ المسئولية ، ولم يرد المضرور بقبولها أن يصالح على حقه في التعويض . فيبقى الباب مفتوحاً لمساءلة المتسبب في الضرر ، ولا يستطيع هذا أن يحتج بأنه تصالح مع المضرور ، كما لا يستطيع المضرور أن يحتج بأن المتسبب في الضرر قد أقر بمسئوليته ( [67] ) .

وتسرى على انعقاد الصلح بتوافق الإيجاب والقبول القواعد العامة في  523  نظرية العقد . من ذلك طرق التعبير عن الإرادة ، والوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره ، وموت من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقده لأهليته ، والتعاقد ما بين الغائبين ، وغير ذلك من الأحكام العامة .

ولابد من وكالة خاصة في الصلح ( [68] ) ، فلا يجوز للمحامي أن يصالح على حقوق موكله ما لم يكن الصلح منصوصاً عليه في عقد التوكيل . وتقول الفقرة الأولى من المادة 702 مدني : ” لابد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة ، ووجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء ” . على أنه إذا كان هناك توكيل عام في أعمال الإدارة ، جاز أن يشمل هذا التوكيل الصلح المتعلق بأعمال الإدارة دون غيرها ( [69] ) .

  524  355 – الصلح القضائي : يقع هذا الصلح بين الخصوم في دعوى مرفوعة بينهم أمام القضاء ، وتصدق عليه المحكمة . وقد نصت المادة 124 من تقنين المرافعات في هذا الصدد على ما يأتي : ” للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة في أية حال تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محاضر الجلسة ، ويوقع عليه منهم أو من وكلائهم . فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ، ألحق المكتوب بمحضر الجلسة ، وأثبت محتواه فيه . ويكون لمحضر الجلسة في الحالين قوة السند التنفيذي واعتباره . وتعطي صورته وفقاً للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام ” . ولا يجوز للمحكمة التصديق على الصلح إلا بحضور الخصمين ، لأن القاضي إنما يقوم بمهمة الموثق ، ولا يجوز توثيق عقد إلا بحضور الطرفين . فإذا غاب أحد الطرفين ، امتنع على القاضي التصديق على الصلح ، حتى لو كان الطرف الغائب قد قبل التصديق على الصلح في غيبته ، ولكن ذلك لا يمنع من اعتبار محضر الصلح الموقع عليه من الطرف الغائب سنداً يصح الحكم بمقتضاه . وإذا حضر الطرفان وعدل أحدهما عن الصلح ، لم يجز للقاضي التصديق عليه ( [70] ) ، ويعتبر القاضي الصلح الذي عدل عنه أحد الطرفين ورقة من أوراق الدعوى يقدر قيمتها بحسب الظروف ( [71] ) . ويعتبر هذا  525  الصلح القضائي ، أو الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ، بمثابة ورقة رسمية ، أي بمثابة سند واجب التنفيذ لتصديق القاضي عليه . ولكنه لا يعتبر حكماً ،فهو لا يخرج عن كونه عقداً ثم بين الخصمين ( [72] ) . ويجوز لكل منهما الطعن فيه ، ولكن ذلك لا يكون بالطرق المقررة للطعن في الأحكام ، لأنه لا يعتبر حكماً كما قدمنا ، وإنما يكون طريق الطعن فيه بدعوى أصلية ( [73] ) . فيجوز لكل من الطرفين أن يطلب في دعوى أصلية إبطال الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح لنقص في الأهلية ( [74] ) ، أو لغلط في الواقع ، أو لتدليس ، أو لغير ذلك من أسباب البطلان ( [75] ) . على انه يجوز أخذ حق اختصاص بموجب هذا الحكم ،  526  لا لأنه حكم بالتطبيق للمادة 1085 مدني ، بل لأنه قد ورد في شأنه نص خاص يجيز أخذ حق الاختصاص ، وهو المادة 1087 مدني وتجري على الوجه الآتي : ” يجوز الحصول على حق اختصاص بناء على حكم يثبت صلحاً أو اتفاقاً تم بين الخصوم . ولكن لا يجوز الحصول على حق اختصاص بناء على حكم صادر بصحة التوقيع ” ( [76] ) .

ويجب تمييز الحكم الاتفاقي ( jugement conenu jugement d expedient ) عن الحكم الصادر بالتصديق على المحضر الصلح ( jungement d homologation ) السابق بيانه . وصورة الحكم الاتفاق هي أن يعمد الخصمان أثناء نظر الدعوى إلى الاتفاق على حسم النزاع ، فإذا كان المدعي يطالب المدعي عليه مثلاً بخمسمائة ، ثم يتفقان على أن يطالبه بأربعمائة ، ويسلم المدعي عليه بالطلبات المعدلة ، فلا يسع القاضي في هذه الحالة إلا أن يقضي بهذه الطلبات ( [77] ) . والحكم الصادر بذلك إنما هو في الواقع نتيجة صلح بين الخصمين واتفاق ، ولذلك سمى بالحكم الاتفاقى . ولكن هذا الحكم يختلف في طبيعته عن الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح ، فإن هذا الحكم الأخير ليس حكماً كما قدمنا بل هو عقد وثقة القاضي في حدود سلطته الولائية ، بينما الحكم الاتفاقي هو حكم حقيقي صدر من  527  القاضي في حدود س لطته القضائية . ومن ثم يسرى على الحكم الاتفاقي طرق الطعن المقررة في الأحكام فلا يطعن فيه بدعوى مستقلة ( [78] ) ، ويخضع في تفسيره للقواعد المقررة في تفسير الأحكام لا في تفسير العقود ، ويجوز أخذ حق اختصاص بمقتضاه بموجب المادة 1085 مدني لا بموجب المادة 1087 ( [79] ) .

356 – إثبات عقد الصلح – نص قانوني : تنص المادة 552 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمي ” ( [80] ) .

  528  ولم يكن التقنين المدني السابق يشتمل على نص مماثل ، ولكن القضاء المختلط كان قد استقر على وجوب الكتابة لإثبات الصلح لأسباب ترجع إلى أن الصلح يتضمن عادة شروطاً واتفاقات معقدة إذ هي ثمرة المساومات الطويلة والأخذ والرد ، فإذا اعتمدنا في إثباتها على شهادة الشهود فإن ذاكرة الشهود قد لا تعي كل ذلك . هذا إلى أن الصلح قد شرع لحسم النزاع فلا يجوز أن يخلق هو نزاعاً آخر قد ينشأ عن إباحة إثباته بالبينة ، والى أن المتصالحين يحرصون عادة على إثبات ما اتفقوا عليه لحسم النزاع في ورقة مكتوبة ( [81] ) .

وقد قنن التقنين المدني الجديد القضاء المختلط في هذا الصدد ، فأوجب أن يكون إثبات الصلح بالكتابة للاعتبارات المتقدمة ، حتى لو كانت قيمة الصلح لا تزيد على عشرة جنيهات .

  529  والكتابة لا تلزم إلا لإثبات الصلح ، فهي غير ضرورية لانعقاده لأن الصلح كما قدمناه من عقود التراضي . ويترتب على ذلك انه إذا لم توجد كتابة لإثبات الصلح ، جاز إثباته بالإقرار وباليمين ، ويجوز استجواب الخصم لاحتمال أن يقر الصلح .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي ، أو إذا فقد السند الكتابي الذي كان معداً من قبل لسبب أجنبي ( م 403 مدني ) .

ويجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ( م 402 مدني ) . وهذه مسألة كان الفقه الفرنسي يذهب فيها مذهباً آخر ( [82] ) ، فكان لا يجيز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ولو مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يكفي لتوضيح المسائل التي تناولها الصلح والاتفاقات التي تمت بشأنها ، فالاعتبارات التي استوجبت الإثبات بالكتابة ونبذ البينة والقرائن لا تزال قائمة حتى مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة . ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت في عدة أحكام مطردة بجواز الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، وفقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشان ( [83] ) . أما في مصر ، فلا محل للشك في جواز إثبات الصلح ،  530  ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، بالبينة وبالقرائن ، إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة . والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي صريحة في هذا المعنى إذ تقول : ” والكتابة لازمة للإثبات لا للانعقاد ، فيجوز الإثبات باليمين والإقرار ، ولكن لا يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن ، ولو في صلح لا تزيد قيمته على عشرة جنيهات ، إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو إذا وجد مانع يحول دون الحصول على الكتابة ” ( [84] ) .

كذلك يجوز إثبات الصلح بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، إذا كان متعلقاً بنزاع تجاري ، ففي المسائل التجارية يجوز الإثبات بجميع الطرق أيا كانت القيمة ( [85] ) .

وغني عن البيان انه في الأحوال التي يجب فيها إثبات الصلح بالكتابة ، تكفي ورقة عرفية للإثبات . ومن باب أولى يكفي لإثبات الصلح المحضر الرسمي الذي تدون فيه المحكمة الصلح الواقع بين الخصوم ( [86] ) ، فإن المحضر الرسمي حجة بما جاء فيه إلى أن يطعن فيه بالتزوير ( [87] ) .

  531  المبحث الثاني

شروط الصحة

357 – الأهلية والخلو من عيوب الرضاء : شروط الصحة في عقد الصلح ، كما في أي عقد آخر ، هي توافر الأهلية في المتصالحين وخلو إرادة كل منهما من العيوب .

المطلب الأول

الأهلية في عقد الصلح

358 – النصوص القانونية : تنص المادة 550 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” يشترط فيمن يعقد صلحاً أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح ” ( [88] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني المختلط السابق المادة 655 ( [89] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري

  532  

م 518 – وفي التقنين المدني الليبي م 549 – وفي التقنين المدني العراقي

م 699 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1036 ( [90] ) .

ونرى من ذلك أن الأهلية الواجب توافرها في كل من المتصالحين هي أهلية التصرف بعوض في الحقوق التي تصالحا عليها ، لأن كلاً منهما ينزل عن جزء من ادعائه في نظير نزول الآخر عن جزء مقابل ، والنزول بمقابل عن حق مدعي به هو تصرف بعوض .

359 – البالغ الرشيد : فإذا بلغ الإنسان الرشد ولم يحجز عليه ، كانت له أهلية كاملة في الصلح على جميع الحقوق .

غير أن هناك حالة خاصة لاحظ فيها المشرع حالة من أدرك سن الرشد وتحاسب مع وصيه السابق في شؤون الوصاية ، وصدر منه تعهد أو مخالصة لمصلحة هذا الوصي في خلال سنة من تاريخ تقديم الوصي للحساب . فقد فرض المشرع في هذه الظروف المريبة أن من أدرك سن الرشد في تلهفه على وضع يده على أمواله خضع لتأثير الولي السابق ، وتصالح معه على شؤون الوصاية ، وانتهي إلى إمضاء مخالصة للوصي أو تعهد عليه . فنصت المادة 52 من قانون الولاية على المال على أنه ” يكون قابلاً للإبطال  533  كل تعهد أو مخالصة تصدر لمصلحة الوصي ممن كان في وصايته وبلغ سن الرشد ، إذا صدرت المخالصة أو التعهد خلال سنة من تاريخ تقديم الحساب المشار إليه في المادة 45 ” . فالمخالصة التي أمضاها من بلغ سن الرشد ، أو التعهد الذي أخذه على نفسه لمصلحة الوصي ، فرض المشرع أنه صلح تم بين الطرفين ، ولكنه صلح فرضه الوصي على من كان قاصراً مستغلاً للظروف التي هو فيها ، فحصل منه على مخالصة أو ابتز منه تعهداً . فإذا صدرت هذه المخالصة أو هذا التعهد خلال سنة من تاريخ تقديم الوصي للحساب ، اكتملت القرينة التي فرضها القانون ، لأن هذه المدة ليست كافية لتخص الشخص من تأثير وصية السابق ، فيجعل المشرع هذه المخالصة أو هذا التعهد – وهذا تعامل ينطوي في حقيقته على صلح – قابلاً للإبطال ، فيجوز لمن كان قاصراً أن يطلب إبطال المخالصة أو التعهد ( [91] ) . ولكن بلغ سن الرشد وأصبح أهلاً للتصالح على جميع حقوقه كما هو أهل للتصرف في هذه الحقوق ، وإنما يرجع الإبطال للظروف التي قدمناها ، فقد أقام المشرع قرينة على أن التعامل في هذه الأحوال إنما يتم تحت الضغط والإكراه ، وهي قرينة قانونية لا تقبل إثبات للعكس ، فالإبطال يرجع إلى عيب في الإدارة وهو الإكراه المفترض ، لا إلى نقص في الأهلية . على أن دعوى الإبطال يرجع إلى عيب في الإدارة وهو الإكراه المفترض ، لا إلى نقص في الأهلية . على أن دعوى الإبطال هذه ، وإن كانت قائمة على أساس إكراه مفترض ، تعتبر  534  من الدعاوى المتعلقة بأمور الوصاية ، فلا تسقط إلا بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه الوصاية ( م 53 / 1 من قانون الولاية على المال ) ،بخلاف دعوى الإبطال للإكراه فإنها تسقط بثلاث سنوات من يوم انقطاع الإكراه أو بخمس عشرة سنة من وقت تمام العقد ( م 140 مدني ) ( [92] ) .

وما ذكرناه في خصوص التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان قاصراً وبلغ سن الرشد لمصلحة وصية السابق ، يسرى أيضاً على التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان محجوراً عليه وفك عنه الحجر لمصلحة القيم السابق .

360 – الصبي المميز والمحجور عليه : والصبي المميز ليست له في الأصل أهلية التصرف في أمواله ، فلا يملك الصلح على الحقوق . ويجوز لوليه إذا كان هو الأب أن يصالح على حقوقه ، ولكن يجب عليه الحصول على إذن المحكمة إذا كان محل الصلح عقاراً أو محلا تجارياً أو أوراقاً مالية تزيد قيمتها عل ثلثمائة جنيه ( م 7 من القانون الولاية على المال ) ، أو كان مالا موروثاً إذا كان مورث القاصر قد أوصى بألا يتصرف وليه في هذا المال فيجب هنا أيضاً الحصول على إذن المحكمة ( م 9 من القانون الولاية على المال ) . فإذا كان الولي هو الجد أو كان النائب عن القاصر وصياً ، فإنه لا يجوز له الصلح على حقوق القاصر إلا بإذن المحكمة ( [93] ) ( م 15 من قانون الولاية على المال للجد و م 39 من نفس القانون للوصي ) ، إلا فيما قل عن مائة جنيه مما يتصل بأعمال الإدارة بالنسبة إلى الوصي وحده ( [94] ) ( م 39 من قانون الولاية على المال ) . والمحجور عليه كالصبي المميز ، وولاية القيم  535  في الصلح على ماله كولاية الوصي في الصلح على مال القاصر ( [95] ) .

على أن الصبي المميز المأذون له في تسلم أمواله وقد بلغ الثامنة عشرة يجوز له الصلح في حدود أعمال الإدارة التي هو أهل لها ( [96] ) ( م 57 من قانون الولاية على المال ) . وكذلك الصبي المميز الذي بلغ السادسة عشرة ، فكانت له أهلية التصرف فيما يكسب من عمله من أجر أو غيره ، له أن يصالح على ما يكون له أهلية التصرف فيه من كسب ( [97] ) ( م 63 من قانون الولاية على المال ) . وللصبي المميز ، أيا كانت سنة ، أن يصالح أيضاً على ما يكون له أهلية التصرف فيه فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته ( م 61 من قانون الولاية على المال ) .

361 – الصبي غير المميز : أما الصبي غير المميز فلا يملك الصلح كما لا يملك التعاقد بتاتاً لانعدام إرادته . ويجوز للولي أو الوصي أن يصالح على حقوقه في الحدود التي بيناها عند الكلام في الصبي المميز ( [98] ) .

  536  

 المطلب الثاني

 عيوب الرضاء في عقد الصلح

362 – وجوب أن يكون الرضاء خالياً من العيوب : ورضاء كل من المتصالحين يجب أن يكون خالياً من العيوب ، فيجب ألا يكون مشوباً بغلط أو بتدليس أو بإكراه أو باستغلال ، شأن الصلح في ذلك شأن سائر العقود . وتستبقي الغلط لبحثه مستقلاً ، لأهمية الخاصة في عقد الصلح .

وإذا شاب الرضاء تدليس ، كان الصلح قابلاً للإبطال لمصلحة من دلس عليه وفقاً للقواعد العامة . فإذا زور شخص مستندات في نزاع قائم بينه وبين آخر ، فاعتقد الآخر صحة هذه المستندات وصالحه على هذا الأساس ، جاز له أن يطلب إبطال هذا الصلح للتدليس ( [99] ) . وإذا ربح سند جائزة وكتم بائع السند عن مشتريه هذا الأمر ، وطالبه بالفسخ لعدم دفع الثمن ، ثم صالحه على الفسخ ، فإن هذا الصلح يكون مشوباً بالتدليس ( [100] ) . وإذا ادعى شخص أنه قد وقع في الحاجة ، فدفع بذلك خصمه إلى قبول الصلح معه ، جاز إبطال الصلح للتدليس ( [101] ) . وإذا  537  دلس التاجر على دائنيه ، فحملهم على الصلح معه حتى يشهروا إفلاسه جاز للدائنين الطعن في الصلح بالتدليس ( [102] ) .

وإذا شاب الرضاء إكراه ، جاز أيضاً إبطال الصلح وفقاً للقواعد المقررة في الإكراه . فإذا هدد شخص آخر بإذاعة سر شائن يحط من قدره إذا لم يقبل صلحاً عرضه عليه ، فقبل الآخر الصلح تحت ضغط هذا التهديد ، جاز له أن يطلب إبطال الصلح للإكراه ( [103] ) .

وقد يشوب الصلح استغلال ،فتتبع القواعد المقررة في الاستغلال مثل ذلك أن يستغل شخص في شخص آخر طيشاً بيناً ، فيدفعه إلى قبول صلح يغبن فيه غلباً فادحاً ،فيجوز في هذا الحالة أن يرفع الطرف المستغل دعوى الاستغلال يطعن بها في الصلح ( [104] ) . 363 – الغلط في القانون في عقد الصلح – نص قانوني : تنص المادة 556 من التقنين المدني على ما يأتي : ” لا يجوز الطعن في الصلح بسب غلط في القانون ” ( [105] ) .

  538  

وهذا النص استثناء صريح من القواعد العامة ، فإن هذه القواعد تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال . وقد نصت المادة 122 مدني في هذا الصدد على أن ” يكون العقد قابلاً للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره ” . وقد قضى القانون فعلاً ، في المادة 556 مدني السالفة الذكر ، بغير ما تقضي به القواعد  539  العامة ، وبأن الغلط في القانون في عقد الصلح لا يجعل الصلح قابلاً للإبطال ( [106] ) .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في تعليل هذا الاستثناء ما يأتي : ” ويجب التمييز ما بين الغلط في فهم القانون ، وهذا لا يؤثر في الصلح علي خلافي القاعدة العامة ، والغلط في الوقائع ، وهذا يؤثر في الصلح سواء وقع في الشخص أو في صفته أو في الشيء محل النزاع أو في الباعث الخ ، ما دام الغلط جوهرياً . والسبب في أن الغلط في فهم القانون لا يؤثر في الصلح ، أن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقها يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع على هذه الحقوق . بل المفروض أنهما يثبتا من هذا الأمر ، فلا يسمع من أحد منهما بعد ذلك أنه غلط في فهم القانون ” ( [107] ) .

وهذا التعليل التقليدي الذي يتردد كثيراً في الفقه الفرنسي ( [108] ) ، ينتقده الفقه الحديث ( [109] ) ، فلا شيء يبرر الخروج على القواعد العامة في الغلط في الصلح وجعل الغلط في القانون لا يؤثر في صحة العقد ( [110] ) . والقول  540  بأن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقهما يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع ، بل المقرض أنهما تثبتا من هذا الأمر ، لا يمنع من أنهما بالرغم من هذا التثبيت يقعان في غلط في القانون . وإذا كان لا بد من تعليل لهذا الحكم ، فالظاهر أن اقرب تعليل هو أن المتصالحين ، ما داما على بينة من الواقع ولم يقعا في غلط فيه ، إنما يتصالحان على حكم القانون في النزاع الذي بينهما . وسواء علما حكم القانون في هذا النزاع أو لم يعلماه ، فهما قد قبلا حسم النزاع بينهما على الوجه الذي اتفقا عليه مهما كان حكم القانون . فلو أن أحدهما كان في غلط في حكم القانون وتبين غلطه قبل أن يبرم الصلح ، لما منعه تبينه للغلط من أن يمضي في الصلح الذي ارتضاه . هذا هو ما أقترضه المشرع ، فجعل الغلط في القانون ليس بالغلط الجوهري في عقد الصلح ، وليس من شأنه إذا علمه من وقع فيه أن يمنع من التعاقد ( [111] ) .

ويتوسع القضاء الفرنسي في استبعاد الغلط في القانون كسبب لإبطال الصلح . من ذلك أنه إذا اختلط الغلط في القانون بغلط في الواقع ، ومن ثم كان ينبغي أن يكون الغلط في الواقع كافياً وحده لإبطال الصلح ، فإن القضاء الفرنسي يستظهر الغلط في القانون ويجعله يجب الغلط في الواقع  541  إذا كان هذا الغلط غير مغتفر ، ومن ثم لا يبطل الصلح إذ يقف عند الغلط في القانون وحده فإذا اصطلح شخصان في شأن سند باطل ، وكانا واقعين في غلط في الواقع وغلط في القانون ، في شأن هذا البطلان ، فإن الصلح مع ذلك لا يبطل للغلط إذا ظهر أنه كان ينبغي أن يدرك المتصالحان بطلان السند ( [112] ) . وإذا غلط أحد المتصالحين في جنسية المتعاقد معه ، فاختلط الغلط في الواقع بالغلط في القانون ، لم يعتد القضاء الفرنسي بالغلط في الواقع ووقف عند الغلط في القانون فلا يبطل الصلح ( [113] ) . وينتقد بعض الفقهاء هذا التوسع ويذهبون إلى أنه لو أن القضاء فسر حكم الغلط في القانون تفسيراً ضيقاً كما ينبغي باعتباره استثناء من القواعد العامة ، ولم يجعله يجب الغلط في الواقع إذا خالطه ، لصعب في العمل أن يوجد غلط في القانون دون أن يخالطه غلط في الواقع ، ولضاقت دائرة الاستثناء إلى حد كبير ( [114] ) .

وقد سار القضاء المصري في عهد التقنين المدني السابق على أن الغلط في القانون لا يكون سبباً في إبطال عقد الصلح ( [115] ) . وأكد التقنين المدني الجديد هذا الحكم بنص صريح ( م 556 مدني السالفة الذكر ) .

  542  

364 – الغلط في الحساب : كانت المادتة ت 536 / 658 من التقنين المدني السابق تنص على أنه ” يجب تصحيح الغلط في أرقام الحساب ” . ولم يحتفظ التقنين المدني الجديد بهذا النص اكتفاء بالنص الوارد في القواعد العامة ، وهو نص المادة 123 مدني ويجري على الوجه الآتي : ” لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب ، ولا غلطات القلم ، ولكن يجب تصحيح الغلط ” .

فإذا وقع في الصلح غلط في الحساب ، وكان هذا الغلط مشتركاً بين المتصالحين ( [116] ) كأن اتفق المتصالحان على الأسس التي يقوم عليها الصلح وتطبيقاً لهذه الأسس وضعا الأرقام المتفق عليها . ثم جمعت هذه الأرقام فوقع خطأ في الجميع ،فكان المجموع الصحيح ، لم يجز لمن وقع في نصيبه هذا المبلغ أن يحتج بهذا الخطأ وأنه إنما رضى بالصلح على أساس أن نصيبه مائتان وخمسون . بل يجب تصحيح الخطأ ، فيكون نصيبه مائتين وثلاثين ، ولا يبطل الصلح لهذا الخطأ ( [117] ) .

  543  

وكالغلط في الحساب غلطات القلم ، فإذا ذكر في عقد الصلح اسم أحد المتصالحين وكان ظاهراً أن المقصود هو المتصالح الآخر وجب تصحيح هذا الخطأ ووضع الاسم الصحيح مكان الاسم الخاطئ ،ولا يبطل الصلح لهذا الغلط ( [118] ) .

365 – الغلط في الواقع : أما الغلط في الواقع في عقد الصلح فيخضع للقواعد العامة ، ويكون سبباً لإبطال الصلح إذا كان جوهرياً أي بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام الصلح ولو لم يقع في هذا الغلط ، وكان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبنه ( م 12 – م 121 مدني ) .

فإذا تسبب شخص في إصابة شخص آخر ، وتصالح المضرور مع المسئول أو شركة التأمين التي أمنت المسئول إذا كان للمضرور دعوى مباشرة ضد هذه الشركة ، فقد يقع المضرور في غلط في جسامة الإصابة وقت الصلح ، فيرضي بمبلغ قليل من المال معتقداً أن الإصابة يسيرة ، ثم يتبين بعد ذلك أن الإصابة من الجسامة بحيث تركت عنده عاهة مستديمة مثلاً ، بل قد تفضي الإصابة إلى موته . ففي مثل هذا الأحوال بجوز للمضرور أو وارثه أن يطلب إبطال الصلح لغلط جوهري وقع فيه ، وهذا الغلط في محل التعاقد ، فقد تصالح على إصابة ظن أنها يسيرة فإذا بها بلغت من الجسامة حداً كبيراً . ويجب أن تكون هذا الجسامة قد تكشفت عن ضرر يختلف في طبيعته عن الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح كحدوث عاهة مستديمة أو موت المصاب ،  544  أما مجرد تفاقم الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح فلا يعدو أن ينتج غبناً والغبن لا يؤثر في الصلح ( [119] ) . وقد عمدت شركات التأمين ،توقياً لإبطال الصلح ، أن تضع شروطاً تقضي بأن المضرور قد قبل الصلح على المبلغ الذي ارتضاه متنازلا عن المطالبة بأي مبلغ إضافي عن أي ضرر آخر تتكشف عنه الإصابة فيما بعد . فإذا عن القضاء الفرنسي لهذه الشروط ، وقضى بأن المضرور لا يستطيع معها أن يطلب إبطال الصلح للغلط ( [120] ) . ولكن الفقه ينتقد بحق هذا القضاء ، فتنازل المضرور عن المطالبة بأي تعويض إضافي لا يمنع من أن المضرور قد وقع في غلط وقت هذا التنازل ،ولا يكفي لافتراض لا يمنع من أن المضرور قد وقع في غلط وقت هذا التنازل ، ولا يكفي لافتراض إجازته لنتائج هذا الغلط أن يكون قد تنازل مقدماً عن أي تعويض إضافي في ورقة مطبوعة قدمتها له شركة التأمين فوقعها دون تدبر ، ولا تصح الإجازة الصادرة ممن وقع في غلط قبل أن يكشف عن هذا الغلط ( [121] ) .

  545  

366 – أمثلة أخرى للغلط في الواقع : وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على موارد أربع هي تطبيقات للغلط في الواقع ، وقد حذفت كلها في لجنة المراجعة لأن أحكامها مستفادة من القواعد العامة .

فكانت المادة 748 من المشروع التمهيدي تنص على أنه ” 1 – يكون الصلح قابلاً للبطلان ، إذا كان قد أبرم تنفيذاً لسد باطل ، وكان المتعاقد يجهل هذا البطلان بسبب غلط مادي . والغلط مفروض لصالح من يدعيه ، إلا إذا أثبت العكس أما من عبارات العقد ذاته أو من إقرار من المدعي أو من نكو له عن اليمين . 2 – أما إذا وقع الصلح صراحة على البطلان السند ذاته ، فإن العقد يكون صحيحاً ” .ويخلص من هذا النص أنه إذا تصالح شخص مع آخر على أساس سند باطل يتمسك به هذا الأخير – وصية عدل عنها الموصي مثلا أو حق اختراع انقضت مدته فوقع في الملك العام_ فان المفروض أن الشخص الأول كان يجهل بطلان السند ، ولو علمه لما أقدم على الصلح . فهو قد وقع في غلط جوهري ، أما في الشيء وإما في الباعث ، ومن ثم يجوز إبطال الصلح للغلط ( [122] ) . ولا يكلف بإثبات غلطة ، لأن إقدامه على إبرام صلح أساسه سند باطل قرينة على أنه لا يعلم بالبطلان . ولا يستطيع الطرف الآخر أن يثبت علم الطرف الأول بالبطلان ليدفع مطالبته إياه بإبطال الصلح ، إلا بإقرار صادر من الطرف الأول أو بيمين وجهت إليه فنكل أو بدليل داخلي من عبارات عقد الصلح ذاته أما إذا كان بطلان السند هو ذاته محل الصلح ، بأن كان أحد الطرفين  546  يتمسك بصحة السند والآخر يتمسك ببطلانه ، فتصالحا ، فإن الصلح يكون صحيحاً ( [123] ) . وما قدمناه – فيما عد حصر أدلة الإثبات – مستفادة من القواعد العامة . فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [124] ) .

وكانت المادة 749 من المشروع التمهيدي تنص على أن ” يكون الصلح قابلاً للبطلان إذا بنى على أوراق ثبت بعد ذلك أنها مزورة ” ( [125] ) . ذلك أن من قبل الصلح بناء على أوراق كان يعتقد وقت الصلح أنها صحيحة ،ثم تبين بعد ذلك أنها مزورة ، يكون قد وقع في الغلط جوهري في الشيء أو في الباعث كما في الحالة السابقة ،ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط ( [126] ) . بل يجوز له أن يطلب إبطال الصلح للتدليس إذا ثبت أن المتعاقد الآخر هو الذي زور هذه الأوراق أو اشترك في تزويرها أو كان عالماً بهذا التزوير  547  وأخفاه عن المتعاقد الآخر ( [127] ) وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [128] ) .

وكانت المادة 750 من المشروع التمهيدي تنص على أن ” يكون الصلح قابلاًِ للبطلان إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم ( [129] ) ذلك أن الصلح إنما جعل لحسم النزاع ، والنزاع سق حسمه بالحكم النهائي الذي صدر فيه ( [130] ) ، فوقع الطرف الذي يجهل ذلك في غلط جوهري في الباعث ، ومن ثم جاز له أن يطلب إبطال الصلح للغلط ( [131] ) . والأدق أن يقال في هذا الصدد أن الصلح باطل ، وليس قابلاً للإبطال فحسب ، لأن أحد مقومات الصلح وهوالنزاع قد انعدم ، فلا يكون الصلح قائماً ( [132] ) . وما قدمناه هنا أيضاً مستفاد من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [133] ) .

وكانت المادة 751 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي :

 ” 1 – إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام ،  548  ثم ظهرت بعد ذلك أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح ، فلا يكون ذلك سبباً في بطلان العقد ، ما لم تكن هذه الأوراق قد أخفيت وكان ذلك بفعل أحد المتعاقدين . 2 – أما إذا لم يتناول الصلح إلا نزاعاً معيناً ، وظهرت بعد ذلك أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، فإن الصلح يكون باطلاً ” ( [134] ) . ففي القرض الأول ، حيث يتناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين ، قصد بالصلح تسوية الموقف بوجه عام ، فلا يكون ظهور أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح بذي بال ، لأن الصلح إنما قصد به حسم جميع المنازعات المتعلقة بما ظهر من أوراق وما لم يظهر . ولكن إذا كانت  549  الأوراق التي ظهرت فيما بعد قد أخفيت بفعل أحد المتعاقدين ، كان هذا تدليساً منه ، وجاز للمتعاقد الآخر أن يطلب إبطال الصلح للتدليس لا للغلط وفي الفرض الثاني ، حيث تناول الصلح نزاعاً معيناً بالذات ،فإن المقصود من الصلح ليس تسوية الموقف بوجه عام بين الطرفين ، بل حسم هذا النزاع . فإذا ظهرت بعد الصلح أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، ولم يكن المتعاقد الآخر يعلم بهذه الأوراق ، فإنه يكون قد وقع في غلط جوهري في الشيء أو في الباعث ، شأنه في ذلك شأن من قبل الصلح بناء على أوراق مزورة ، ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط فإذا كان المتعاقد الآخر هو الذي أخفي هذا الأوراق أو اشترك في إخفائها ، جاز طلب إبطال الصلح للتدليس ( [135] ) . وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف ( [136] ) .

367 – عدم تجزئة الصلح عند بطلانه – نص قانوني : وتنص المادة 557 من التقنين المدني على ما يأتي : ” 1 – الصلح لا يتجزأ ، فبطلان جزء منه يقتضي بطلان العقد كله . 2 – على أن هذا الحكم لا يسري إذا تبين من عبارات العقد ، أو من الظروف ، أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ” ( [137] )

  550  

وعدم تجزئة الصلح عند بطلانه ليس مقصوراً على البطلان بسبب الغلط ، بل هو يشمل جميع وجوه البطلان . فقد يكون الصلح قابلاً فلإبطال لنقص الأهلية أو للتدليس أو للإكراه أو للاستغلال ، وقد يكون الصلح باطلاً لعدم مشروعية المحل أو عدم مشروعية السبب ، فأيا كان السبب الإبطال أو البطلان فإن الصلح إذا أبطل أو قضي ببطلانه ( [138] ) ، وكان يشتمل على أكثر من أمر وأحد ، فالأصل أن بطلان جزء منه يقتضي بطلان جميع الأجزاء ( [139] ) . ولكن هذه القاعدة ليست من النظام العام ،  551  فيجوز أن تتجه نية المتعاقدين ، صراحة أو ضمناً ، إلى اعتبار أجزاء الصلح بعضها مستقلاً عن بعض ، فإذا بطل جزء منه ، بقيت الأجزاء الأخرى قائمة لأنها مستقلة عن الجزء الباطل ، وبذلك يتجزأ الصلح طبقاً لإدارة المتعاقدين ( [140] ) .

فإذا تصالح شخص على أرض ومنزل ، ثم ظهر بعد ذلك أن هناك سندات مزورة تتعلق بالأرض هي التي دفعت المتصالح إلى الصلح عليها ، يطل الصلح في الأرض والمنزل معاً ، إلا إذا تبين من عبارات الصلح أو من الظروف أن المتعاقدين قد توافقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ، وان الصلح قد تم على الأرض ولعى المنزل على أساس استقلال كل منهما عن الآخر ( [141] ) .

وإذا تم الصلح بين عدة أطراف بينهم قاصر ، وطلب القاصر إبطال الصلح لنقص الأهلية فأبطل ، فإن الصلح يبطل أيضاً بالنسبة إلى من بلغوا سن الرشد ( [142] ) ، ما لم يكن هؤلاء قد قصدوا أن يكون الصلح بالنسبة  552  إليهم مستقلاً عنه بالنسبة إلى القاصر ، فيسقط الصلح بالنسبة إلى القاصر ويبقى قائماً بالنسبة إليهم . فإذا أصيب ثلاثة في حادثة واحدة ، وكان أحدهم قاصراً ، وتصالح الثلاثة مع المسئول على المبلغ معين يتقاسمونه بالتساوي ، ثم طلب القاصر إبطال الصلح ، أبطل بالنسبة إليه وحده ، وبقى بالنسبة إلى الاثنين الآخرين ، لأن الظروف يستخلص منها أن صلح هذين الاثنين ليس مرتبطاً بصلح القاصر ( [143] ) .

  553  

وإذا تم الصلح بين الجاني والمجني عليه على مبلغ معين من المال يعطيه الأول للثاني في مقابل أن ينزل المجني عليه من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية ، وكان المقصود من الصلح ربط الدعويين إحداهما بالأخرى والنزول عنهما معاً ، كان الصلح باطلاً فيما يتعلق بالدعوى الجنائية لمخالفته للنظام العام ، ويقسط أيضاً فيما يتعلق بالدعوى المدنية لارتباط هذا الجزء بالجزء الأول . أما إذا تبين أن قصد الطرفين لم يكن ربط الدعويين إحداهما بالأخرى ، وان جزءاً معيناً من المال خصص للنزول عن الدعوى المدنية المستقلة عن الدعوى الجنائية ، بطل الصلح فيما يتعلق بالدعوى الجنائية ، وبقى قائماً فيما يتعلق بالدعوى المدنية ( [144] ) .

  554  

 المحل الثاني

 المحل والسبب في عقد الصلح


( [1] ) وكان الدخل الدائم في القانون الفرنسي القديم يعتبر عقاراً ، إذ يشبه دخل العقار في دوامه . أما في القوانين الحديثة ، فالدخل الدائم نقود أو أشياء مثلية أخرى ، فهو دائماً منقول . ويبقى مخنقولا حتى لو كان مضموناً برهن رسمي ( بودري وفال 23 فقرة 955 ) .

( [2] ) ومن ثم غلب على الدخل الدائم أن يكون عقداً من عقود القانون العام ( جوسران 2 فقرة 1358 ) .

( [3] ) أنظر في كل ذلك بودري وفال 23 فقرة 947 – فقرة 950 .

( [4] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 723 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 573 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 545 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 429 – ص 430 ) .

( [5] ) التقنين المدني السابق : م 479 / 583 : يحوز أن يشترط في عقد الاقتراض بالفائدة أن المقرض ليس له طلب رأس المال أبداً ، وأن للمقترض رده في أي وقت أراد . وفي هذه الحالة يسمى العقد المذكور عقد ترتيب إيراد ، وتسمى الفائدة باسم مرتب ، ومع ذلك يجوز للمقرض أن يستحصل على حكم برد رأس ماله إذا لم يوف المقترض بما التزم به أو إذا امتنع عن أداء التأمينات المشترطة أو أعدمها أو وضع في حالة الإفلاس .

م 481 / 589 : تتبع القواعد المقررة سابقاً في حالة تقرير مرتبات مؤبدة أو مقيدة بمدة الحياة في مقابلة بيع أو عقد آخر أو مجرد تبرع .

( وأحكام التقنين السابق في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [6] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 513 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 544 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 694 ( موافق – الأستاذ حسن الذنون ص 235 ) .

( [7] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” و لا يجوز أن يكون هذا الدخل أعلى من السعر الإتفاقي للفائدة ، لأن الدخل إنما هو فائدة لراس المال الذي تم إقراضه . . . ويؤدى الدخل للمستحق ولخلفائه من بعده على الدوام . ولذلك كانت الحكومات والمصارف هي اصلح الهيئات لترتيب المدخل الدائم ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 429 ) .

( [8] ) أنظر الوسيط 4 فقرة 205 – ثم إنه في الطريقة الأولى لا يجوز أن يزيد الدخل على الحد الأقصى للفوائد الاتفاقية بالنسبة إلى الثمن المقدر في العقد . وأما في الطريقة الثانية فلا يوجد ثمن مقرر في العقد ، والثمن هو الدخل ذاته ، فلا قيد عليه من حيث الحد الأقصى للفوائد الاتفاقية ، إلا إذا قصد بذلك ستر الربا الفاحش ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 354 ) .

( [9] ) بودري وفال 23 فقرة 960 .

( [10] ) بودري وفال 23 فقرة 963 .

( [11] ) بودري وفال 23 فقرة 969 .

( [12] ) انسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ ren constituee فقرة 34 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 362 – ويبدأ سريان التقادم من وقت وجود الالتزام بالدخل الدائم ، لأنه من ذلك الوقت يكون نافذاً ، حعتى قبل حلول أي قسط من أقساط . فإذا انقضى منذ وجود الالتزام بالدخل الدائم خمس عشرة سنة ، سقط الإلتزام . والمفروض في هذه الحالة أن أي قسط من أقساط الدخل لم يدفع ، لأنه لو دفع قسط منها فقد انقطع التقادم ، وبدأ تقادم جديد يسري منذ الانقطاع دون حاجة لانتظار حلول قسط تال . فإذا لم يدفع أي قسط ، فمدة التقادم تسري كما قدمنا منذ وجود الالتزام دون حاجة لانتظار حلول أول قسط منه ، فقد لا يحل إلا بعد سنة ، فيتقادم الالتزام بالدخل بعد خمس عشرة سنة من وجوده ، أي بعد أربع عشرة سنة من حلول أول قسط ( أنظر في هذه المسألة الوسيط 3 فقرة 617 ص 1064 ) .

( [13] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 734 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وحور في لجنة المراجعة تحويراً لفظياً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وحور في لجنة المراجعة تحويراً لفظياً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وصار رقمه 574 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 546 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 431 – 432 ) .

( [14] ) والعبرة بتاريخ تمام التصرف القانونين الذي رتب الدخل ، فإن كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد .

( [15] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 514 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 545 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 695 : 1 – للمدين في الدخل الدائم حق إيفاء العوض الذي تأسس عليه الدخل ، وذلك بعد مضى خمس عشرة سنة على العقد . 2 – ويجوز الاتفاق على ألا يحصل الإيفاء ما دام مستحق الدخل حياً أو لمدة تزيد على خمس عشرة سنة أو تقل عنها . 3 – ولا يستعمل حق الإيفاء إلا بعد إعلان الرغبة في ذلك وانقضاء سنة على هذا الإعلان .

( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري في أن الدخل الدائم في التقنين العراقي لا يكون في الأصل قابلا للاستبدال إلا بعد انقضاء خمس عشرة سنة ، إلا إذا اتفق على مدة أقل أو أكثر أو طول حياة الدائن – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 236 ) .

( [16] ) وحق المدين في الاستبدال لا يزول بالتقادم لأنه رخصة والرخص لا تزول بالتقادم ، فلو بقى المدين بالدخل لا يستعمل حق الاستبدال مدة أطول من خمس عشرة سنة لم يزل حقه ، وجاز له طلب الاستبدال بعد خمس عشرة سنة أو بعد أية مدة أطول من ذلك ( بودري وفال 23 فقرة 978 ) .

( [17] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 120 – وإذا اشترط الدائن على المدين أنه يجوز للدائن أن يطلب الاستبدال بعد انقضاء مدة معينة ، لم يكن هذا دخلا دائماً ، بل قرضاً عادياً جعل وقت الرد فيه لا يحل إلا بعد انقضاء مدة معينة ” بودري وفال 23 فقرة 988 ) .

( [18] ) بودري وفال 23 فقرة 980 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2932 ص 892 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 120 .

( [19] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 .

( [20] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 435 .

( [21] ) أنظر م 546 / 3 مدني .

( [22] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 735 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن العبارة حرف ( ج ) في المشروع التمهيدي كانت على الوجه الآتي : ” إذا أفلس المدين أو أعسر أو صفيت أمواله تصفية قضائية ” ، فحذفت عبارة ” أو صفيت أمواله تصفية قضائية ” في لجنة المراجعة ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين الجديد ، وصار رقمه 575 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 547 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 433 – ص 434 ) .

( [23] ) التقنين المدني السابق م 479 فقرة 2 / 585 : ومع ذلك يجوز للمقرض أن يستحصل على حكم برد رأس ماله إذا لم يوف المقترض بما التزم به ، أو إذا امتنع عن أداء التأمينات المشترطة أو أعدمها أو وقع في حالة الإفلاس .

( وأحكام التقنين السابق في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين الجديد ، إلا أن التقنين السابق لا يشترط تأخر المدين في الدفع سنتين متواليتين ، بل كان تأخره في الدفع ولو أقل من ذلك يكون محل تقدير القاضي وفقاً للقواعد المقررة في الفسخ – والعبرة بتاريخ تمام الدخل ، فإذا كان هذا التاريخ قبل 15 أكتوبر سنة 1949 فأحكام التقنين السابق هي التي تسري ، وإلا فأحكام التقنين الجديد ) .

( [24] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 515 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 546 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 696 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 237 ) .

( [25] ) قارن الأستاذ الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 121 ص 235 ( ويذهب إلى أن هذا ليس بفسخ بل هو سقوط للأجل ) . على أن الفسخ هنا هنا لا يكون للقاضي في الحكم به سلطة تقديرية ، بل يجب أن يحكم بالفسخ ( أنظر بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2933 – وقارن جوسران 2 فقرة 1357 ) .

( [26] ) أنظر آنفاً فقرة 327 . وليس هذا الحكم من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على أن التأخر سنة عن دفع الأقساط يكفي للفسخ ، كما يجوز الاتفاق على أن الفسخ لا يكون إلا إذا تأخر المدين عن الدفع ثلاث سنين أو أكثر ( بودري وفال 23 فقرة 990 )

( [27] ) ومن ثم لا يحتاج الدائن إلى طلب حكم بالفسخ ، ولا يجوز منح المدين نظرة الميسرة إذا ما طلب الدائن من القاضي تقرير أن الأجل قد سقط .

( [28] ) أنظر م 273 / 2 و 3 مدني – والوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 73 – فقرة 74 .

( [29] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وعلى ذلك يجب التفريق بين ما إذا كان انعدام التأمينات أو نقصها يرجع إلى فعل المدين ، فيكون الدائن بالخيار بين الفسخ أو إرجاع التأمينات إلى ما كانت عليه ، وما إذا كان ذلك يرجع لسبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فيكون الخيار له لا للدائن . ويجب أن تفهم التأمينات أيضاً على أنها تشمل كل تأمين خاص ، ولو أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون أو بحكم من القضاء ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 436 ) .

( [30] ) أنظر م 273 / 1 مدني – والوسيط للمؤلف جزء 3 فقرة 72 .

( [31] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 736 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح رقمه 576 في المشروع التمهيدي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 548 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 434 – ص 436 ) .

( [32] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 516 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 547 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 697 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 238 ) .

( [33] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وإذا حق الرد ، سواء لأن المدين اختاره أو لأنه اجبر عليه ، فإن كان رأس المال مبلغاً من النقود ، كان هذا المبلغ هو الواجب الرد ، ويجوز الاتفاق على أن يرد مبلغ أقل . أما الاتفاق على مبلغ أكبر ففيه شبهة الربا الفاحش ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 436 ) .

وتنتفي هذه الشبهة لو أنه اشترط رد مبلغ أكبر ، دون أن تكون الزيادة لو أضيفت إلى ما قبضه الدائن من أقساط الدخل تجاوز الحد الأقصى لسعر الفائدة الاتفاقية ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 122 ) .

( [34] ) أنظر آنفاً فقرة 322 .

( [35] ) مراجع : أوبرى ورو وإسمان الطبعة السادسة جزء 6 – بودري وفال الطبعة الثالثة جزء 23 – بلانيول وريبير وسافاتييه الطبعة الثانية جزء 11 – بلانيول وريبير وبولانجيه الطبعة الثالثة جزء 2 – كولان وكابيتان ودي لامور اندبير طبعة عاشرة جزء 2 – جوسران طبعة ثانية جزء 2 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction جيرو – ( Glraud ) في الصلح رسالة من ليون سنة 1901 – فرويمسكو ( Froimesco ) في الغلط في الصلح رسالة من باريس سنة 1923 – بواييه ( Boyer ) في الصلح رسالة من تولوز سنة 1947 – ميرال ( Merle ) في النظرية العامة في التصرف الكاشف رسالة من تولوز سنة 1949 .

الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة جزء أول – الأستاذ محمد علي عرفة سنة 1949 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي في العقود المسماة سنة 1953 – الأستاذ أكثم أمين الخولي في العقود المدنية سنة 1957 .

( [36] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 737 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً ، أو يتوقيان نزاعاً محتملا ، وذلك بأن ينزل كل منهما عن ادعاء له يتصل برابطة قانونية قائمة بينهما ” وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 577 في المشروع النهائي . . ووافق عليه مجلس النوا بز وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت العبارة الأخيرة من النص ، واستعيض عنها بعبارة يفهم منها أن الصلح يتم بأن ينزل كل من الطرفين على وجه التقابل عن جزء من ادعاء له ، والتعديل يجعل المعنى أدق ، دون أن يغير من جوهر التعريف وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 549 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 439 – ص 441 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق م 532 / 653 : الصلح عقد به يترك كل من المتعاقدين جزءاً من حقوقه على وجه التقابل لقطع النزاع الحاصل أو لمنع وقوعه .

( وتعريف التقنين السابق يتفق مع تعريف التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 517 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 548 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 698 : الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بالتراض ي .

( ولا ينص التعريف على وجوب التضحية من الجانبين ، ولكنه في مجموعة يتفق مع تعريف التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 240 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1035 : الصلح عقد يحسم به الفريقان النزاع القائم بينهما أو يمنعان حصوله بالتساهل المتبادل .

( وتعريف التقنين اللبناني يتفق مع تعريف التقنين المصري ) .

( [37] ) قارب استئناف مختلط 28 يناير سنة 1891 م 3 ص 165 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 440 .

( [38] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1906 م 18 ص 73 . وكانت المادة 750 من المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد تنص على أن ” يكون الصلح قابلا للبطلان إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم ” . فهنا انعدم النزاع لحسمه بالحكم النهائي ، فلا يقوم الصلح بعد ذلك .

( [39] ) استئناف وطني 18 يناير سنة 1894 الحقوق ) ص 69 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 .

( [40] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 ص 1014 – الأستاذ اكثم الخولي فقةر 8 – وقارن الأستاذ محمد على عرفة ص 389 – ص 390 و الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 13 هامش رقم 5 .

( [41] ) والفرق بين النزاع القائم والنزاع المحتمل أن الأول يتضمن أمرين : تعارض المصالح والمطالبة القضائية . أما النزاع المحتمل فيتضمن تعارض المصالح ومجرد إمكان المطالبة القضائية التي توافرت شروطها ولكنها لم تقع فعلا ( بوابيه في الصلح ص 40 – الأستاذ اكثرم الخولي ص 9 هامش رقم 1 ) . فإذا لم يوجد نزاع قائم أو محتمل ، لم يكن العقد صلحاً . ومن ثم لا يعتبر الشرط الجزئي صلحاً ، لأنه شرط اتفق عليه الطرفان لا حسما لنزاع قائم أو لنزاع محتمل توافرت فيه شروط الدعوى دون أن ترفع ، بل هو اتفاق على تعيين مقدار التعويض مقدماً قبل أن تتوافر شروط الدعوى وقبل أن يمكن رفعها ( الأستاذ أكثم الخولي فقرة 5 ص 10 ) .

( [42] ) وقد يكون متأكداً من حقه ، بل ولا يشك في نتيجة التقاضي وأنه سيحصل على حكم لصالحه ، ومع ذلك يقدم على الصلح ، لأنه يريد توقى طول إجراءات التقاضي ، أو يريد أن يتفادى طرح الخصومة أمام القضاء وما قد يستتبع ذلك من علانية وتشهير . ففي هذه الحالة يكفي احتمال قيام النزاع ، دون حاجة إلى قيام الشك حتى في نتيجة التقاضي . وسنرى أنه يكفي في عنصر التضحية من الجانبين أن أحد الجانبين ينزل عن جزء من ادعائه في نظير أن ينزل الآخر عن التقاضي ( أنظر ماي لي فقرة 346 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 7 ) .

( [43] ) بودري وفال 24 فقرة 1202 .

( [44] ) بودري وفال 24 فقرة 1202 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1564 .

( [45] ) استئناف مصر 30 ابريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 86 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة ) .

( [46] ) نقض فرنسي 10 مايو سنة 1903 داللوز 1903 – 1 – 485 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة ) – وقضت محكمة إيتاي البارود بأنه إذا ظهر أن النص في العقد المعنون بالصلح بالتزام كل من المتداعيين بأتعاب محامين كان بعيداً عن أصل الالتزام المراد إنهاؤه صلحاً مع بقاء هذا الالتزام مقراً به برمته ، وجب الفصل في الدعوى على ألا صلح فيه ( 6 ابريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 389 ص 790 ) .

( [47] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 .

( [48] ) بودري وفال 24 فقرة 1210 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1565 – وهذا غير أن يتقدم الطرفان بالصلح إلى المحكمة التصدق عليه ، وسيأتي بيان ذلك فيما يلي .

( [49] ) أنظر في طبيعة هذا النزول المتبادل ، وفي أنه نزول لا حوالة حق متنازع فيه : بواييه في الصلح ص 309 – الأستاذ اكثم الخولي فقرة 7 – وانظر في أن موضوع النزول هو حق الدعوى لا الحق ذاته ولا مجرد الادعاء الأستاذ أكثم الخولي فقرة 8 .

( [50] ) استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 297 – 17 يوليه سنة 1918 الحقوق 33 ص 258 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1563 .

( [51] ) فإذا اقر المدعى عليه بمبلغ الدين كله ، ولكنه اتفق مع المدعى على أن يدفع جزءاً بعد أجل ، فإمهال الدائن لمدينه في دفع جزء من الدين إلى أجل يعد تركا منه لشيء من حقوقه ، ويكون هذا صلحا؟ً ، وتكون المحكمة مخطئة في رفض التصديق عليه بدعوى أن المدين اقر بالدين كله ، وكان ينبغي أن تصدق عليه حتى يتمكن الخصوص من استرجاع نصف ما دفعوه من الرسوم ( مذكرة اللجنة القضائية رقم 32 في 14 مايو سنة 1912 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة ص 499 هامش رقم 1 ) . أنظر أيضاً : نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 8 ص 85 – أما إذا حصل الدائن على إقرار كامل بحقه دون أن ينزل عن شيء منه أو يبذل أية تضحية ، فهذا إقرار من المدين وليس صلحاً ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1918 م 30 ص 162 ) .

( [52] ) ويؤثر بذلك صلحاً يخسر فيه على قضية يكسبها ( Une mauvaise transaction vant mieux qu’un bon process ) ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1566 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 12 ) .

وكما يتحقق الصلح لو أن كلا من الطرفين نزل عن جزء من ادعائه ، كذلك يتحقق لو أن أحد الطرفين نزل عن كل ادعائه في مقابل مال آخر خارج عن موضوع النزاع ، كما إذا تنازع شخصان على ملكية دار ثم اصطلحا على أن يأخذ أحدهما الدار في نيظر أن يعطي للأخر أرضا أو مبلغاً من النقود لم يكن داخلا في النزاع . ويسمى المال الذي أعطى في نظير الصلح بدل الصلح . وإذا كان الصلح كاشفاً بالنسبة إلى الدار الداخلة في النزاع ، فإنه يكون ناقلا بالنسبة إلى بدل الصلح ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1575 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 10 ص 16 – ص 17 ) . . على أنه حتى في هذه الصورة يمكن القول بأن كلا من الطرفين نزل عن جزء من ادعائه ، فمن خلصت له ملكية الدار نزل عن جزء من ادعائه فيها واشترى هذا الجزء الذي نزل عنه بما دفعه إلى الآخر فخلصت له الدار كاملة ، ومن أخذ النقود نزل عن جزء من ادعائه وباع الجزء الآخر الذي لم ينزل عنه بالنقود التي أخذها ( الأستاذ أكثم الخولي ص 16 هامش رقم 2 ) .

( [53] ) ويكون هناك صلح لا تحكيم إذا نزل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه ، وتركا تقدير مدى ما يدفعه كل منهما للأخر إلى خبير بعد أن يحددا في الصلح الأسس التي يبني عليها الخبير تقديره ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1016 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 420 ص 248 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 25 ) .

( [54] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1017 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 29 .

( [55] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 418 ص 243 – جوسران 2 فقرة 1458 .

وقد نصت المادة 539 / 661 من التقنين المدني السابق على أنه ” إذا كان العقد المعنون باسم الصلح يتضمن في نفس الأمر هبة أو بيعاً أو غيرهما ، أياً كانت الألفاظ المستعملة فيه ، فالأصول السالف ذكرها لا تجري إلا إذا كانت موافقة لنوع العقد المعنون بعنوان الصلح ” . وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً مقابلا هو المادة 740 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : ” إذا كان ما يسميه المتعاقدان صلحاً إنما ينطوي ، رغم هذه التسمية ، على هبة أو بيع أو أية علاقة قانونية أخرى ، فإن أحكام العقد الذي يستره الصلح هي التي تسري على الاتفاق من حيث صحته ومن حيث الآثار التي تترتب عليه ” . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذا النص : ” إذا لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة ، بل نزل أحد الطرفين عن ادعائه ولم ينزل الطرف الآخر عن شيء ، كما إذا اعترف حائز العقار بملكيته لمدعيها وأعطاه مبلغاً من النقود نظير التنازل عن الدعوى ، فلا يكون هذا صلحاً بل بيعاً . فإن تنازل المدعى عن دعواه دون مقابل ، كان هذا هبة . وتطبق أحكام البيع والهبة ” . ولكن هذا النص حذف في لجنة المراجعة ، اكتفاء بتطبيق قواعد الصورية ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 444 – ص 445 في الهامش ) .

ونصت المادة 707 من التقنين المدني العراقي على أنه ” إذا كان المدعى به عيناً معينة ، وأقر المدعى عليه بها للمدعى وصالحه عليها بمال معلوم ، صح الصلح وكان حكمه حكم البيع ” . ونصت المادة 708 من نفس التقنين على أنه ” إذا ادعى شخص على آخر عيناً في يده معلومة كانت أو مجهولة ، وادعى عليه الآخر بعين كذلك في يده ، واصطلحا على أن يكون ما في يد كل منهما في مقابلة ما في يد الآخر ، صح الصلح وكان في معنى المقايضة فتجري عليه أحكامها ولا تتوقف صحته على صحة العلم بالعوضين ” . ونصت المادة 709 على أنه ” إذا صالح المدعى خصمه على بعض المدعى فيه ، كان هذا أخذا لبعض حقه وإسقاطاً لباقيه ” . ونصت المادة 701 على أنه ” في جميع الأحوال إذا انطوى الصلح على هبة أو بيع أو أي عقد آخر ، فإن أحكام هذا العقد هي التي تسري على الاتفاق من حيث صحته ومن حيث الآثار التي ترتب عليه ” .

ونصت المادة 1052 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه ” إذا كان العقد الذي سمى مصالحة ينطوي في الحقيقة على هبة أو بيع أو غير ذلك من العقود خلافاً لما يؤخذ من عبارته ، فإن صحته ومفاعيله تقدر وفاقاً للأحكام التي تخضع لها العقد الذي تنطوي عليه المصالحة “

( [56] ) استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 5 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1567 ص 1016 – ص 1017 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 30 – فقرة 31 . من ثم لا يجوز الطعن في القسمة التي تستر صلحاً بالغبن كما يجوز ذلك في القسمة ( انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 167 – فقرة 169 ) .

( [57] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1568 .

( [58] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1659 – وإذا ظهر أن الصلح يستر عقداً آخر ، فأحكام هذا العقد الآخر هي الواجبة التطبيق ( استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 57 ) .

( [59] ) بون فقرة 462 – جيوار فقرة 82 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 22 .

( [60] ) بودري وفال 24 فقرة 1215 .

( [61] ) أنظر في كل ما تقدم بودري وفال 24 فقرة 1206 .

( [62] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 437 – قارن الأستاذ أكثم الخولي فقرة 2 ص 5 : ويعترض بأن الصلح قد يتضمن تنازلا عن حق شخصي فلا يكون إذن وارداً على الملكية . ويدفع هذا الاعتراض أن التنازل عن حق شخصي هو تنازل عن كيان الحق ذاته أو عن ملكيته ، كما أن حوالة الحق هي نقل الملكية الحق من دائن قديم إلى دائن جديد .

( [63] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 437 .

( [64] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 438 .

( [65] ) وأغفل أيضاً نصاً ثالثاً هو المادة 539 / 661 ، وهي المتعلقة بستر الصلح لعقد آخر ، هبة أو بيع أو غير ذلك ، اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ( أنظر آنفاً فقرة 347 في الهامش ) .

( [66] ) وإذا اعترض شخص الصلح على المضرور فلم يقبله هذا ، لم يكن هذا الشخص مقيداً بعرضه ، وجاز له أن يناقش مبدأ المسئولية ذاته ( استئناف مختلط 21 مايو سنة 1908 م 20 ص 241 ) . وإذا رفض شخص الصلح المعروض عليه من آخر ، سقط الإيجاب ، ولم يجز التمسك به بعد ذلك ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . وإذا اظهر الدائن استعداداً للنزول عن جزء من حقه ولم يستجب المدين لهذا العرض ، جاز للدائن بعد رفض المدين أن يطالب بحقه كله ، ولا يحتج عليه بما سبق أن عرضه ورفضه المدين ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . وسكوت أحد الطرفين في مجلس العقد لا يعتبر قبولا ، لأن الحقوق لا تسقط بالاستنتاج والاحتمال ( محكمة مصر الوطنية 2 مارس سنة 1920 المحاماة 5 رقم 375 / 3 ص 438 ) .

والإيجاب بالصلح وحدة لا تتجزأ ، فلا يجوز قبوله جزئياً ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 427 – 25 ابريل سنة 1944 م 56 ص 112 ) . والقبول يجوز أن يكون ضمنياً ، فقبول سند اذني وتظهيره إلى مصر فيتولى تحصيل قيمته يتضمن قبول الصلح الذي هو سبب السند الاذني ( استئناف مختلط 12 مارس سنة 1930 م 42 ص 352 ) . ولا يعتبر قبولا ضمنياً للصلح أن يقبل الشخص جزءاً من حقه المستحق الأداء ، ولو ادعى المدين أنه دفع هذا الجزء على سبيل الصلح ، ما دام الدائن لم يظهر أي قبلو لهذا الصلح المدعى به ( استئناف مختلط 23 مارس سنة 1938 م 50 ص 184 ) . والإيجاب الصادر من الدائن بالصلح لا يقيده ما دام المدين لم يقبله ( استئناف مختلط 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 205 – 8 يونيه سنة 1932 م 44 ص 364 – 31 ديسمبر سنة 1932 م 44 ص 96 ) . وإذا فشل مشروع صلح اعده شخص توسط بين الطرفين ، فلا يحتج على الطرفين بهذا المشروع ( استئناف مختلط 2 مايو سنة 1917 م 29 ص 393 – مستعجل القاهرة 22 ديسمبر سنة 1945 المحاماة 26 رقم 50 ص 687 ) .

( [67] ) انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 47 .

( [68] ) نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 78 ص 219 – وقد قضت أيضاً محكمة النقض بأنه لا يشترط في الصلح أن يكون ما ينزل عنه أحد الطرفين مكافئاً لما ينزل عنه الطرف الآخر . وإذن فمتى كان التوكيل الصادر إلى وكيل المطعون عليهما يبيح له إجراء الصلح والنزول عن الدعوى ، وكان الصلح الذي عقده مع الطاعنين في حدود هذه الوكالة واستوفى شرائطه القانونية ، بأن تضمن نزول كل من الطرفين عن جزء من ادعاءاته على وجه التقابل حسما للنزاع القائم بينهما ، وكان الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذا الصلح ، وإذ قرر أن الوكيل لم يراع فيه حدود وكالته ، أقام قضاءه على أن الصلح الذي عقده فيه غبن على موكليه ، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون . ذلك لأن الغبن على فرض ثبوته لا يؤدي إلى اعتبار الوكيل مجاوزاً حدود وكالته ، وإنما محل بحث هذا الغبن وتحديد مدى آثاره يكون في صدد علاقة الوكيل بموكله لا في علاقة الموكل بمن تعاقد مع الوكيل في حدود الوكالة ( نقض مدني 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 ص 85 ) . وإذا وكل شخص وكيلين عنه في الصلح على أن يعملا معاً ، فانفرد أحدهما بإبرام الصلح ، كان الصلح باطلا ( استئناف مختلط 12 يناير سنة 1905 م 17 ص 76 ) .

( [69] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1571 – وتنص المادة 703 من التقنين المدني العراقي على أن ” الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح ، فإن صالح الدعوى الموكل بالخصومة فيها بلا إذن موكله فلا يصح صلحه ” . ولا يجوز لوكيل بالعمولة أن يصالح على حقوق موكله دون إذن خاص ( استئناف مختلط 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 205 ) .

( [70] ) نقض مدني 28 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 1 رقم 371 ص 1137 استئناف مصر 19 يناير سنة 1933 المحماة 13 رقم 623 ص 122 3 – محكمة مصر الوطنية 19 يناير سنة 1927 المجموعة الرسمية 29 رقم 7 م 2 ص 12 .

( [71] ) استئناف مصر 26 نوفمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 215 ص 495 – 30 ابريل سنة 1930 المحاماة 11 رقم 86 ص 145 . وقد ذهبت محكمة الاستئناف المختلطة إلى أن للقاضي أن يرفض التصديق إذا وجد في الصلح ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة أو ما يضر بمصالح الغير كائدان دخل في التوزيع ولم يكن طرفاً في الصلح ( 15 يونيه سنة 1 937 م 49 ص 265 – وقارن الأستاذ أكثم الخولي ص 41 – ص 42 ) .

( [72] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة ، لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق ، وإذن فهذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليست له حجية الشيء المحكوم فيه ، وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته ( نقض مدني 9 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 58 ص 192 – 19 ابريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 115 ص 721 ) .

( [73] ) لكن إذا قبل الخصم الحكم الابتدائي صلحاً وتنازل بهذا الصلح عن الحق في استئنافه ، ثم استأنفه ، وقدم المستأنف عليه إلى محكمة الاستئناف عقد الصلح محتجاً به على خصمه في قبوله الحكم الابتدائي وتنازله عن الحق في استئنافه ، وطلب مؤاخذته به ، فلا شك أن من حق هذا الخصم ( المستأنف ) أن يطعن في هذا العقد ويدفع حجيته عنه ، ومن واجب المحكمة أن تتعرض له وتفصل في النزاع القائم بشأنه بين الطرفين ، فإن هذا العقد حكمه حكم كل دليل يقدم إلى المحكمة فتقول كلمتها فيه أخذاً به أو اطراحا له ، ولا يجب عليها وقف الاستئناف حتى يفصل في الدعوى المقامة بصحة عقد الصلح ونفاذه ( نقض مدني 5 يونيه سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 211 ص 450 ) .

( [74] ) استئناف مختلط 18 مايو سنة 1 944 م 56 ص 151 .

( [75] ) استئناف مصر 26 نوفمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 215 ص 495 – عكس ذلك استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 317 . ويكون الصلح المصدق عليه قابلا للفسخ كسائر العقود ، ويكون تفسيره طبقاً للقواعد المتبعة في تفسير العقود لا في تفسير الأحكام ( نقض مدني 20 يناير سنة 1949 المجموعة الرسمية 50 رقم 76 – استئناف وطني 6 يناير سنة 1920 المجموعة الرسمية 21 رقم 57 ص 91 ) .

( [76] ) أنظر في الخلاف الذي كان قائماً في عهد التقنين المدني السابق في جواز الحصول على حق اختصاص الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 22 هامش رقم 4 – وانظر في كل ما تقدم الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 فقرة 265 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 376 – ص 378 – الأستاذ أكثم الخولي ص 41 – ص 42 .

( [77] ) وهناك رأي يذهب إلى أنه لا محل لأن يجاري القاضي الخصوم في هذا السبيل الصوري ، فإذا علم بتمام الصلح بين الطرفين وجب عليه أن يصدق على هذا الصلح بمقتضى سلطته الولائية ، لا أن يصدر حكماً متفقاً عليه ( أنظر من هذا الرأي : استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1903 م 15 ص 131 – الأستاذ أكثم الخولي ص 43 هامش 3 – وانظر من الرأي العكسي : استئناف مختلط 14 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 23 – 15 يونيه سنة 1937 م 49 ص 265 ) .

( [78] ) استئناف مختلط 24 مايو سنة 1938 م 50 ص 317 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1583 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 13 .

( [79] ) وهناك رأي يذهب إلى وجوب الجمع بين العنصرين الشكلي والموضوعي والاعتداد بكل منهما في نطاقه ، فلا يجوز الطعن في الحكم الإتفاقي إلا بطرق الطعن في الأحكام وفي المواعيد المقررة لها ، ولكن الطعن في الموضوع يخضع لأحكام الصلح ولأسباب بطلانه ولا يجوز تعديل هذا الحكم جزئياً لأنه من حيث الموضوع صلح تسري عليه قاعدة عدم التجزئة ( الأستاذ أكثم الخولي ص 43 – ص 44 ) .

( [80] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 741 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” 1 – لا يثبت الصلح إلا بالكتابة ، 2 – وإذا تضمن الصلح إنشاء حق عيني على عقار أو نقل هذا الحق أو تعديله أو انهاءه ، وجب تطبيق الأحكام المتعلقة بالتسجيل ” . وأقرت لجنة المراجعة النص بعد حذف الفقرة الثانية ، تحت رقم 580 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن اشتراط الكتابة في إثبات الصلح يوهم بوجوب صدور الكتابة من الطرفين مع أن الصلح قد يثبت في محضر رسمي أمام القاضي ، فأضيفت إلى النص عبارة ” أو بمحضر رسمي ” لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 552 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – ص 448 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن القضاء المختلط كان قد استقر على اشتراط الكتابة لإثبات الصلح . والعبرة بتاريخ تمام عقد الصلح ، فإن كان هذا التاريخ سابقاً على 15 أكتوبر سنة 1949 فالكتابة لا تشترط طبقاً لأحكام التقنين المدني الوطني السابق ، وإلا فالكتابة واجبة طبقاً لأحكام التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 520 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 551 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 711 ( مطابق وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 251 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1041 : عندما تتضمن المصالحة إنشاء حقوق على أموال عقارية أو غيرها من الأموال المقابلة للرهن العقاري ، أو التفرغ عن هذه الحقوق أو إجراء تعديل فيها ، يجب أن تعقد خطأ . ولا يكون لها مفعول إلا إذا سجلت في السجل العقاري . ( والكتابة في التقنين اللبناني مقصورة على الأحوال المشار إليها في النص ) .

( [81] ) استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 32 – 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 262 – قارن استئناف وطني 15 يونيه سنة 1899 الحقوق 14 ص 297 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 – وانظر الأستاذ محمد علي عرفة ص 378 – ص 379 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 19 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 24 .

( [82] ) توجب المادة 2044 / 2 من التقنين المدني الفرنسي الكتابة لإثبات الصلح .

( [83] ) نقض فرنسي 28 نوفمبر سنة 1864 داللوز 65 – 1 – 105 – 19 أكتوبر سنة 1885 داللوز 86 – 1 – 416 – 2 أغسطس سنة 1927 جازيت دي باليه 1927 – 2 – 883 – 13 يونيه سنة 1936 داللوز 1936 – 393 – 9 يونيه سنة 1947 J . C . P . 1947 – 2 – 3931 – أنظر في هذه المسألة بودري وفال 24 فقرة 1222 – بيدان 12 فقرة 357 – جوسران 2 فقرة 1453 ويميلون إلى تأييد محكمة النقض الفرنسية – وانظر بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 – إسمان في أوبرى ورو 6 فقرة 420 ص 247 وهامش رقم 8 – كولان وكابيتان ودي لامور اندبير 2 فقرة 1380 ص 883 ويميلون إلى العكس من ذلك وتأييد الفقه .

( [84] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 447 .

( [85] ) بودري وفال 24 فقرة 1224 – وإذا كان الصلح صورياً يخفي تحته عقداً آخر ، فقواعد إثبات الصورية هي التي تسري ، وبخاصة القواعد الخاصة بورقة الضد ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1585 ) . وإذا نفذ المدعى عليه الصلح تنفيذاً جزئياً ، لم يقبل منه في إثبات الصلح ضده أن يتمسك بانعدام ورقة مكتوبة ( الأستاذ محمد على عرفة ص 379 ) .

( [86] ) أنظر ما جاء في لجنة مجلس الشيوخ من أنه إذا حصل الصلح أمام القاضي وأثبت في المحضر ، فالقاضي يدعو الخصوم إلى التوقيع على هذا المحضر ، فيعتبر الصلح هنا ثابتاً بالكتابة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) .

( [87] ) وإلى هذا تشير العبارة الأخيرة من المادة 552 مدني السالفة الذكر ، إذ تقول . ” أو بمحضر رسمي ” . وقد كانت هذه العبارة غير واردة في المشروع ، فأضيفت في لجنة مجلس الشيوخ ” لأن الصلح يقع أحياناً في المحاكم ويثبت في محاضرها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 448 ) . والذي يقع عادة هو أن يتقدم الخصوم بالصلح الذي تم بينهم موقعاً عليه منهم ، فتدونه المحكمة في محضر وتصدر حكما بالتصديق على محضر الصلح .

( [88] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 738 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 578 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 550 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 442 – ص 443 ) .

( [89] ) التقنين المدني المختلط السابق م 655 : أهلية الصلح في حق من الحقوق هي أهلية التصرف في الحق . ( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

( [90] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 518 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 549 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 699 ( مطابق وانظر أيضاً المواد من 700 إلى 702 ، وهي أحكام خاصة بالتقنين المدني العراقي وقد استمدت من الفقه الإسلامي – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 247 – فقرة 249 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1036 : يجب على من يعقد الصلح أن يكون أهلاً للتفرغ ، مقابل عوض ، عن الأموال التي تشملها المصالحة .

( وحكم التقنين اللبناني يتفق مع حكم التقنين المصري ) .

( [91] ) والنص مقصور على التعهد أو المخالصة التي تصدر ممن كان قاصراً لمصلحة وصيه السابق وتكون خاصة بأمور الوصاية ، ويمكن القول بأن كل تعهد أو مخالصة تصدر ممن كان قاصراً لمصلحة وصية السابق في خلال السنة يفترض فيها إنها متعلقة بأمور الوصاية إلى أن يقيم الوصي السابق في خلال السنة يفترض فيها إنها متعلقة بأمور الوصاية إلى أن يقيم الوصي السابق الدليل على العكس . ولا يسري النص على صلح ابرم بين من كان قاصراً ورثة الوصي السابق ، أو صلح ابرم بين الوصي السابق وورثة من كان قاصراً ، إذ المقصود حماية من كان قاصراً لا حماية ورثته ، من استغلال الوصي بالذات ، لا من استغلال ورثة الوصي ( الأستاذ محمد علي عرفة ص 385 ) .

( [92] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 ص 30 – وقارن الأستاذ محمد علي عرفة ص 384 .

( [93] ) نقض مدني 24 ابريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 142 ص 962 .

( [94] ) فولاية الوصى هنا أوسع من ولاية الجد .

( [95] ) فإذا كان الصلح في حقيقته ابراء للمحجور من جزء من الدين ، كان نافعاً له نفعاً محضاً وجاز للقيم أن يبرمه دون إذن المحكمة . وقد قضت محكمة النقض بأن الاتفاق الذي حصل بمقتضاه القيم على تنازل من جانب الدائن وحده للمحجور عليه المدين من بعض ما عليه من الدين قبل الحجر هو اتفاق فيه نفع محض للمحجور عليه ، إذ هو لم يلتزم فيه بشيء جديد ، بلى نقضت به التزاماته السابقة إلى حد كبير ، فهو والحالة هذه لا يقتضي الحصول في شأنه على إذن من المجلس الحسبي ( نقض مدني 29 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 226 ص 599 ) .

( [96] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 ص 269 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 25 – 26 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 .

( [97] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 ص 29 – وانظر عكس ذلك الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 25 .

( [98] ) أنظر في كل ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 1 فقرة 269 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 379 – ص 387 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 24 – ص 26 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 15 – فقرة 16 .

أما المحكوم عليه بعقوبة جنائية ( م 25 عقوبات ) والتاجر المفلس ( م 216 تجاري ) والمدين بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ( م 257 مدني ) ، والمدين بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية بالنسبة إلى العقارات المبينة في التنبيه ( م 616 مرافعات ) ، فهؤلاء كما لا يجوز لهم التصرف ، كذلك لا يجوز لهم الصلح . ولكن ذلك لا يرجع إلى نقص في الأهلية ، بل إلى اعتبارات خاصة بكل منهم .

( [99] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 .

( [100] ) استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 134 .

( [101] ) استئناف مختلط 7 يونيه سنة 1893 م 5 ص 299 – 6 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 57 – 28 ابريل سنة 1938 م 50 ص 261 .

( [102] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1901 م 13 ص 332 .

( [103] ) وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بإبطال صلح اكره عليه ربان سفينة برفع دعوى عليه لا أساس لها ، وترتب عليها توقيع الحجز على سفينته ومنعها من مغادرة الميناء في اليوم السابق مباشرة على اليوم المحدد لرحيلها ( نقض فرنسي 19 فبراير سنة 1879 داللوز 79 – 1 – 445 – وانظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 27 ) .

( [104] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 – أما مجرد الغبن دون أن يكون مشوباً باستغلال ، فلا يكون سبباً في إبطال الصلح ( استئناف مختلط مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 ) .

( [105] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 747 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” 1 – يجوز الطعن في الصلح بسبب الإكراه أو التدليس . 2 – ولا يجوز الطعن فيه بسبب الغبن أو بسبب غلط في القانون ، ولكنه يكون قابلا للبطلان إذا شابه غلط مادي وقع في شخص المتعاقد الآخر أو في صفته أو في الشيء الذي كان محلا للنزاع ” . وفي لجنة المراجعة عدل النص ، فأصبح مقصوراً على ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، لأن بقية الأحكام التي حذفت مستفادة من القواعد العامة ، وصار النص رقمه 584 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 556 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 458 وص 461 – ص 463 ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق م 533 / 657 : لا يجوز الطعن في الصلح إلا بسبب تدليس أو غلط محسوس واقع في الشخص أو في الشيء أو بسبب تزوير السندات التي على موجبها صار الصلح وتبين بعده تزويرها .

( وكان القضاء في عهد التقنين السابق يفسر هذا النص بأنه يستبعد الغلط في القانون كسبب لإبطال العقد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 524 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 554 : لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط القانون . 2 – ويكون باطلا الصلح الذي تم على أساس وثائق تبين فيما بعد إنها مزورة ، وكذلك الصلح الذي انصب على خصومة تم الفصل فيها بحكم واجب التنفيذ وجهل ذلك أحد المتعاقدين . ( وأحكام التقنين الليبي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي لا مقابل – فيبدو أنه يجوز الطعن في الصلح لغلط في القانون كما يجوز الطعن فيه لغلط في الواقع . ولكن الأستاذ حسن الذنون ( فقرة 268 ) يذهب إلى أن الأصل في التقنين العراقي أنه لا يجوز الطعن في العقد لغلط في القانون ، ويدخل الصلح في هذه القاعدة العامة .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1048 : لا يجوز الطعن في المصالحة بسبب غلط قانونين أو بسبب الغبن . ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [106] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه لا يجوز للمتصالح أن يطعن في الصلح بغلط في القانون وقع فيه شأن مقاصة ، ولو كان هذا الغلط هو الدافع له على الصلح ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1930 م 42 ص 495 ) .

( [107] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 461 .

( [108] ) بون 2 فقرة 681 – لوران 28 فقرة 405 – جيورا فقرة 134 – بودري وفال 24 فقرة 1257 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3231 .

( [109] ) بيدان فقرة 365 – ميرل فقرة 146 – جوسران 2 فقرة 1456 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1600 .

( [110] ) وفي الأعمال التحضيرية للتقنين المدني الفرنسي قيل إن الغلط في القانون لا يجعل العقد قابلا للإبطال في الصلح وفي غيره من العقود ( فينيه 15 ص 108 ) ، وهذا خطأ ظاهر فإن الغلط في القانون يجعل في الأصل العقد قابلا للإبطال كالغلط في الواقع . وهناك تعليلات أخرى في الفقه التقليدي . منها أن لا يجوز إبطال الصلح لغلط في القانون بموجب حكم في الوقت الذي أريد فيه بالصلح أن يقوم مقام الحكم ( لا رومبيير م 1110 فقرة 26 ) . ومنها أنه أريد بالصلح حسم النزاع ، فلو أجزنا إبطاله لغلط في القانون وهو أمر خفي ، لا نفتح الباب واسعاً للنزاع وهو ما أريد بالصلح أن يحسمه ، ولكن يرد على هذه التعليلات بأنها لو كانت كافية ، لوجب أن يغلق الباب دون الطعن في الصلح بأي غلط ، في القانون أو في الواقع ، وبأي وجه من وجوه البطلان الأخرى ( بودري وفال 24 فقرة 1257 ) .

( [111] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 422 ص 264 هامش 1 – 3 – بواييه في الصلح ص 71 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 161 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 11 ص 23 .

( [112] ) نقض فرنسي 19 ديسمبر سنة 1865 داللوز 1866 – 1 – 182 .

( [113] ) نقض فرنسي 25 أكتوبر سنة 1892 داللوز 1893 – 1 – 17 .

( [114] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1600 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 12 – ويذهب بعض الفقهاء ، في سبيل الامعان من التضييق في هذا الاستثناء ، إلى أن الغلط في القانون إذا كان لا ينصب على ذات النزاع كما تصوره الطرفان ، فلا محل لحرمان من وقع فيه من التمسك به لإبطال الصلح . فإذا تنازع الواهب مع الموهوب له في جواز رجوع الواهب في هبته ، وحسما النزاع بالصلح ، ثم تبين أن الهبة باطلة لأنها هبة مكشوفة لم يحكم سترها بعقد آخر ، فالغلط في القانون هنا يكون سبباً في إبطال الصلح لأن هذا الصلح لم يحسم نزاعاً في هذه المسألة ( بواييه في الصلح ص 72 – ص 73 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 15 ص 30 – ص 31 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 12 ص 25 ) .

( [115] ) أنظر 535 / 657 من التقنين المدني السابق في نفس الفقرة في الهامش – استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1943 م 55 ص 200 .

( [116] ) أما إذا انفرد بالغلط أحد المتصالحين وبنى قبوله للصلح على هذا الغلط ، مقدراً مزايا الصلح على أساس حسابه الخاطئ ، كان هذا غلطاً في الواقع إذا اثبته من يدعيه جاز له أن يطلب إبطال الصلح ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1605 ) .

( [117] ) ويشترط أن يكون الغلط المطلوب تصحيحه ظاهراً في الأرقام الثابتة في الكشوف المعتمدة بالصلح ، أو أن تكون هذه الأرقام قد نقلت خطأ من ورقة أخرى معترف بها ، أو غير مطابقة لارقام أخرى ثابتة قانوناً . ومن ثم فطلب إعادة عمل حساب جديد عن المقاولات موضوع النزاع لا يجوز لأن عمل المقاس والحساب النهائي عن كل مقاولة من هذه المقاولات بعد اتمامها هو عمل متفق عليه في أصل عقودها . فإذا ما نفذ الاتفاق بعمل المقاس والحساب فعلا ، ووقع عليه بالاعتماد ، فقد انقضت مسئولية كل عقد عنه ، وأصبح هو ونتيجته ملزماً للطرفين ( نقض مدني 7 نوفمبر سنة 1935 ملحق مجلة القانون والاقتصاد 6 رقم 5 ص 26 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 421 – ص 422 ) .

( [118] ) بودري وفال 24 فقرة 1254 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 422 ص 267 وهامش رقم 10 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1605 .

( [119] ) استئناف مختلط 7 مايو سنة 1936 م 48 ص 267 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 254 – بودري وفال 24 فقرة 1287 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 .

( [120] ) نقض فرنسي 23 فبراير سنة 1891 داللوز 1892 – 1 – 150 – 8 يناير سنة 1900 داللوز 1904 – 1 – 606 – 28 مايو سنة 1906 داللوز 1909 – 1 – 124 – 19 ديسمبر سنة 1932 جازيت دي باليه 1933 – 1 – 406 .

( [121] ) بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 – وانظر عكس ذلك انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ transaction فقرة 183 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 14 – وقارن الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 52 الهامش رقم 4 – ويلاحظ أن قانون أصابات العمل حدد فئات للتعويض تعتبر من النظام العام ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها . هذا وإذا أفضت الإصابة إلى موت المصاب ، فإن تنازله عن المطالبة بأي تعويض إضافي لا يسري بداهة على حق زوجته وأولاده وأقاربه في التعويض عما أصابهم من الضرر بسبب موته ، فإن هذا حقهم الشخصي ولا يمكن أن يتناوله تنازل المضرور ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 )

( [122] ) لكن لو كان اعتقاده بصحة السند راجعاً إلى غلط في القانون ، فلا يعتد بهذا الغلط ولا يجوز له طلب إبطال الصلح ( بودري وفال 24 فقرة 1248 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1602 – جوسران 2 فقرة 1456 . قارن كولان وكابتان 2 فقرة 1383 .

( [123] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 458 – ص 559 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1247 – فقرة 1248 مكررة . بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1602 .

( [124] ) استئناف وطني 12 يونيه سنة 1 918 المجموعة الرسمية 20 ص 63 – أسيوط 31 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 11 ص 968 . استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 – 16 نوفمبر سنة 1 932 م 45 ص 26 .

( [125] ) وجاء في المادة 718 عراقي : ” يكون الصلح موقوفاً : ( 6 ) إذا بنى على أوراقه ثبت بعد ذلك إنها مزورة . . . ” .

( [126] ) وإذا تصالح شخصان على وصية وكان النزاع الذي حسماه بالصلح هو إبطال الوصية لأنها ابتزت من الموصى عن طريق الاستغلال ، فالصلح يكون مع ذلك قابلا للإبطال إذا تبين بعد الصلح أن الوصية ذاتها مزورة ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1603 ) . ولكن إذا تصالح شخصان على ورقة ادعى أحدهما تزويرها ، وكان الصلح واقعاً على هذا التزوير ذاته ، فلا يجوز بعد ذلك الطعن في الصلح بدعوى ظهور أدلة جديدة على التزوير ( استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 ) .

( [127] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 460 – ص 461 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1249 – فقرة 1250 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1603 .

( [128] ) استئناف وطني 12 يونيه سنة 1 918 المجموعة الرسمية 20 ص 63 ( وهو الحكم السابق لاشارة إليه ) – استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 .

( [129] ) وجاء في المادة 718 عراقي : ” يكون الصلح موقوفا . . ( ب ) إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم ” .

( [130] ) ويعتبر الحكم نهائي حتى لو كان قابلا للطعن فيه بطريق غير اعتيادي كالنقض والتماس إعادة النظر ( بودري وفال 24 فقرة 1251 ص 669 ) .

( [131] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 461 في الهامش .

( [132] ) أنظر في هذا المعنى بودري وفال 24 فقرة 1251 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1601 – وانظر آنفاً فقرة 344 في الهامش .

( [133] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1906 م 18 ص 73 – 10 يناير 1935 م 47 ص 101 .

( [134] ) وجاء في المادة 719 عراقي : ” 1 – إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام ، ثم ظهرت بعد ذلك مستندات كتابية لم تكن معروفة وقت الصلح تثبت أن أحد الطرفين كان غير محق فيما يديه ، فلا يكون العقد موقوفاً إلا إذا كانت هذه المستندات قد أخفيت بفعل أحد المتعاقدين . 2 – أما إذا لم يتناول الصلح إلا نزاعاً معيناً ، وظهرت بعد ذلك مستندات كتابية تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق فيما يدعيه ، فإن الصلح يكون موقوفاً . 3 – وإذا مر على ظهور السندات المنوه بها في الفقرتين المتقدمتين ثلاثة أشهر ولم يعترض ذو الشأن من المتعاقدين على الصلح الواقع ، كان الصلح نافذاً ” ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 270 ) .

وجاء في المادة 1047 لبناني : ” يمكن الطعن في عقد المصالحة : أولاً – لوقوع الإكراه أو الخداع . ثانياً – لحدوث غلط مادي يقع على شخص الفريق الآخر أو على صفته أو على الشيء الذي كان موضوعاً للنزاع . ثالثاً – لفقدان السبب عندما تكون المصالحة واقعة : ذ – على صسند مزور . 2 – أو على سبب غير موجود . 3 – أو على قضية انتهت بصلح صحيح أو بحكم غير قابل للاستئناف ولا لإعادة المحاكمة ، وكان أحد الفريقين أو كلاهما غير عالم بوجوده – ولا يجوز طلب الأبطال من أجل الأسباب المتقدم بيانها إلا للفريق الذي كان حسن النية ” . وجاء في المادة 1049 لبناني : ” عندما تعقد المصالحة بوجه عام على جميع الأمور التي كانت قائمة بين المتعاقدين ، لا يكون اكتشاف الإسناد التي كانوا يجهلونها وقت العقد ثم وقفوا عليها بعده ، سبباً لإبطال العقد ما لم يكن هناك خداع من الفريق الآخر . ولا تطبق هذه القاعدة على المصالحة التي عقدها وكيل فاقد الأهلية وكان الدفاع إليها فقدان سند وجد فيما بعد ” .

( [135] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 462 في الهامش – بودري وفال 24 فقرة 1252 – فقرة 1253 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1604 .

( [136] ) استئناف مصر 16 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 ص 183 – أسيوط الكلية 4 مارس سنة 1926 المحاماة 7 ص 226 – استئناف مختلط 16 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 26 .

( [137] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 752 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 484 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 557 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 463 – ص 465 .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 525 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 556 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي 720 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 271 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 1050 : الصلح غير قابل للتجزئة ، فبطلان جزء منه أو إبطاله يؤدي إلى بطلان العقد أو إبطاله كله . على أن هذه القاعدة لا محل لها : أولاً – عند ما يستفاد من عبارة العقد وماهية الاتفاق أن المتعاقدين يعتبرون بنود العقد بمثابة أقسام مستقلة ومنفصلة بعضها عن بعض . ثانياً – عندما يكون البطلان ناتجاً عن عدم أهلية أحد المتعاقدين ، ففي هذه الحالة الأخيرة لا يستفيد من البطلان إلا فاقد الأهلية الذي وضع البطلان لمصلحته ، ما لم يكن هناك نص صريح مخالف . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [138] ) ويجوز طلب بطلان الصلح بدعوى مستقلة . كما يجوز أن يكون ذلك بطريق الدفع ، بان يجدد من يتمسك ببطلان الصلح النزاع ويرفع به دعوى ، فيرد الطرف الآخر على هذه الدعوى متمسكاً بالصلح ، فيدفع الطرف الأول ببطلان هذا الصلح . ويجوز أيضاً أن يتصالح شخصان في الدعوى القائمة بينهما ، فيتدخل شخص ثالث في الدعوى متمسكاً ببطلان هذا الصلح لاضراره بحقوقه ( أنظر بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1598 – الأستاذ محمد عرفة ص 425 ) .

( [139] ) وهذا بخلاف الحكم فإنه يتجزأ ، فيجوز مثلا عند استئنافه أن تؤيد محكمة الاستئناف جزءاً منه وتلغى جزءاً آخر . وتقول المادة 1051 لبناني : ” إن البطلان أو الحل يرجعان المتعاقدين إلى الحالة القانونية نفسها التي كانوا عليها وقت العقد ، ويجعلان لكل من المتعاقدين سبيلا إلى استرداد ما أعطاه لتنفيذ المصالحة مع استثناء الحقوق التي اكتسبها شخص ثالث حسن النية بوجه قانوني ومقابل عوض . وإذا أصبح استعمال الحق المتنازل عنه غير ممكن ، فتسترد قيمة هذا الحق ” .

( [140] ) استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1914 م 26 ص 345 – 17 يناير سنة 1928 م 40 ص 142 – بودري وفال 24 فقرة 1280 – فقرة 1281 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1597 – الأستاذ محمد عرفة ص 422 – ص 425 – الأستاذ محمود جمال الدين زكي فقرة 18 – الأستاذ أكثم الخولي فقرة 23 .

( [141] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 465 .

( [142] ) ولكن ناقص الأهلية وحده هو الذي يجوز له أن يتمسك بالبطلان ، فإذا لم يتمسك به بقى الصلح قائماً بالنسبة إلى الجميع . أما إذا تمسك به فابطل بالنسبة إليه ، فإنه يبطل أيضاً بالنسبة إلى الباقي ( بودري وفال 24 فقرة 1282 – الأستاذ محمد علي عرفة ص 423 ) ويكون هذا استثناء من قاعدة قصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها ، لأن هذه هي النتيجة الطبيعية لعدم التجزئة ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 205 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1051 هامش رقم 1 – هكس ذلك بودري وفال 24 فقرة 1282 ) . ويجوز إني كون الصلح علىمنازعات متعددة وبعقود مستقلة وحدة متماسكة فيحكم ببطلانها جميعاً إذا ابطل أحدها ( أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 421 ص 206 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1597 ص 1051 – الأستاذ محمد عرفة ص 425 ) .

( [143] ) وقد قضت محكمة النقض بتجزئة الصلح المعقود بين جانب متعدد الأطراف فيهم قصر وبين شخص آخر في دعوى تزوير عقد موضوعه ملكية قطعة أرض مملوكة للجانب الأول على الشيوع ، ولم يجز المجلس الحسبي الصلح بالنسبة إلى القصر . فأبقت محكمة النقض لاصلح قائماً بالنسبة إلى غير القصر ” لأن الصلح صحيح بالنسبة إليهم من جهة ، ومن جهة أخرى فإن التجزئة في الحقوق المالية أمر جائز ولا يحول حائل دون حصوله ، إذ من الجائز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير إني تصالح بعض ذوى الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بمطعنهم عليه ، ثم يقضى ببطلانه . ومثل هذا القضاء غير مؤثر في الصلح الذي تم ، والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها ( نقض مدني 20 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 164 ) . والظاهر من ظروف القضية أنه اتضح من نية الطرف الأول أنه يجزئ الصلح ، فإذا ابطل بالنسبة إلى القصر بقى قائماً بالنسبة إلى غير القصر ( أنظر عكس ذلك الأستاذ محمد عرفة ص 423 – ص 424 وهو ينتقد حكم محكمة النقض ويذهب إلى عدم جواز تجزئة الصلح في هذه القضية ، وانظر أيضاً الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 38 هامش رقم 2 ) .

وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان الصلح شاملا لجملة منازعات ، وكان باطلا بالنسبة إلى إحداها ( قسمة مع قاصر ) ، فهذا لا يؤثر في صحته بالنسبة إلى باقي المنازعات ما دام لم ينص في الصلح على تعليق نفاذه القسمة ( 16 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 136 ص 183 ) .

وانظر أيضاً : نقض مدني 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 138 ص 382 ( صلح فيه بلغ وقصر ، وصدق المجلس الحسبي ولم تطعن وزارة العدل بالاستئناف ، ولكنها اعترضت وسلم المتصالح الآخر بعدم سريان الصلح على القصر ، فيتجزأ الصلح : يبطل في حق القصر ويبقى قائماً في حق البلغ ) .

( [144] ) أنظر في عدم تجزئة الصلح في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1893 م 6 ص 457 – 17 يناير سنة 1928 م 40 ص 142 – 12 مارس سنة 1930 م 42 ص 352 – 8 مايو سنة 1940 م 52 ص 249 – وقارن استئناف مختلط 25 ابريل سنة 1944 م 56 ص 112 – الإسكندرية الوطنية 14 يناير سنة 1939 المحاماة 21 ص 726 ( اصطلح شخصان على ان أحدهما ينزل عن جزء من الدين ويقسط الباقي على خمس سنوات في نظير أن الآخر لا يبيع غلاله ببورصة الإسكندرية إلا بوساطة الأول ، فقضت المحكمة ببطلان التزام الآخر لمخالفته لحرية التجارة ، ومع ذلك أبقت الصلح في بقايه ، مع أن عدم التجزئة هنا ظاهر : أنظر الأستاذ محمود جمال الدين زكي ص 38 هامش رقم 2 ) .\

محامي الأردن

منشور في مقال توكيل محامي

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

 تصفية الشركة

 تصفية الشركة

241 – كيف تتم تصفية الشركة – نص قانوني :تنص المادة 532 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” تتم تصفية أموال الشركة وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد .وعند خلوه من حكم خاص تتبع الأحكام الآتية ” ( [1] ) .

  386  

وقد رأينا الشركة تنقضي بأسباب متعددة . فإذا تحقق سبب من أسباب انقضائها ، كأن انتهت مدتها أو انتهي العمل الذي قامت م أجله ، أو هلكت أموالها ، أو مات أحد الشركاء أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب ، أو حلت الشركة حلا قضائياً ، أو انحلت بسبب خروج أحد الشركاء منها ، فإن الشركة تنقضي على الوجه الذي تقدم بيانه فإذا انقضت الشركة دخلت في دور التصفية ( [2] ) .

ويتضمن عقد تأسيس الشركة عادة الطريق التي تصفي بها أموالها وعند ذلك يجب اتباع هذه الطريقة ( [3] ) . على أنه إذا لم ينص عقد تأسيس الشركة على الطريقة التي تتم بها التصفية ، فقد تولي القانون وضع الأحكام التي تجري تصفية الشركة على مقتضاها ، وهذه الأحكام هي التي سنتولى بيانها فيما يلي .

وقد كان التقنين المدني السابق يجمع في الباب المخصص للشركات الأحكام المتعلقة بتصفية الشركة والأحكام المتعلقة بقسمة الأموال الشائعة  387  بوجه عام سواء كان الشيوع سبقه عقد شركة أو كان له سبب آخر . أما التقنين المدني الجديد فقد اقتصر في المكان الذي خصصه لعقد الشركة على بيان أحكام تصفيتها ، وأحال في قسمة أموال الشركة بعد التصفية عندما تصبح أموالاً شائعة بين الشركاء على أحكام قسمة المال الشائع بوجه عام ( م 537 مدني ) ، ووضع هذه الأحكام في المكان الذي خصصه للملكية الشائعة ( [4] ) .

242 – بقاء الشخصية المعنوية للشركة وقت تصفيتها – نص قانوني : وتنص المادة 533 من التقنين المدني على ما يأتي : ” تنتهي عند حل الشركة سلطة المديرين ، أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر اللازم للتصفية والى أن تنتهي هذه التصفية ” ( [5] ) .

  388  

فإذا حلت الشركة بانقضائها ودخلت في دور التصفية ، انتهت سلطة المديرين بمجرد انقضاء الشركة ، وتولي المصفي أعمال التصفية ( [6] ) . ولما كانت هذه الأعمال تقتضي أن تبقي الشركة شخصيتها المعنوية حتى يمكن للمصفي القيام بهذه الأعمال ، فإنه كما سنرى يستوفي حقوق الشركة من الغير ديون ما عليها من الديون وقد يبيع مالها كله أو بعضه ولك هذا يعلمه باسم كشخص معنوي قائم ، فقد صرح القانون ببقاء الشخصية المعنوية للشركة بالرغم من حلها ، وذلك طول الوقت الذي تجري فيه أعمال التصفية والى أن تنتهي هذه الأعمال ( [7] ) . ولولا ذلك لما استطاع دائنو الشركة عند التصفية أن يستخلصوا حقوقهم من مال الشركة دون  389  مزاحمة الدائنين الشخصيين للشركاء ، إذ لو انعدمت الشخصية المعنوية للشركة بمجرد حلها وقبل إجراء التصفية لأصبح مال الشركة مالاً شائعاً بين الشركاء لا مالاً مملوكاً للشركة بعد انعدام شخصيتها ، ولكان للدائنين الشخصيين للشركاء حق التنفيذ عليه فزاحموا دائني الشركة ( [8] ) .

على أن بقاء الشخصية المعنوية للشركة التي دخلت دور التصفية مقصور على أعمال التصفية ، وبالقدر اللازم لهذه الأعمال . فلا يجوز للمصفي بدعوى أن الشخصية المعنوية للشركة لا تزال باقية ، أن يقوم لحساب الشركة بأعمال أخرى غير أعمال التصفية ، فيبدأ مثلاً أعمالاً جديدة ليست لازمة للتصفية ( [9] ) .

  390  

ونتناول الآن الأحكام التي قررها القانون لتصفية الشركة إذا لم ينص عقد تأسيسها على أحكام أخرى ، فتتكلم : ( أولاً ) في تعيين المصفي ، و ( ثانياً ) في أعمال التصفية .

 المبحث الأول

 تعيين المصفي

234 – النصوص القانونية :تنص المادة 534 من التقنين المدني علىما يأتي :

 ” 1 – يقوم بالتصفية ، عند الاقتضاء ،أما جميع الشركاء وإما مصف وأحد أو أكثر تعينهم أغلبية الشركاء ” .

 ” 2 – وإذا لم يتفق الشركاء على تعيين المصفي ، تولي القاضي تعيينه بناء على طلب أحدهم ” .

  391  

 ” 3 – وفي الحالات التي تكون فيها الشركة باطلة ، تعين المحكمة المصفي ، وتحدد طريقة التصفية ، بناء على طلب كل ذي شأن ” .

 ” 4 – وحتى يتم تعيين المصفي يعتبرون المديرون بالنسبة إلى الغير في حكم المصفين ” ( [10] ) ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 449 / 546 ( [11] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 502 – وفي التقنين المدني الليبي م 532 – وفي التقنين المدني العراقي م 653 – وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 623 – 624 ( [12] ) .

  392  

244 – تعيين المصفي بواسطة الشركاء : وقد يكون المصفي معيناً في عقد تأسيس الشركة أو في نظمها المقررة ، أو تكون طريقة تعيينه أو الجهة التي تعينه منصوصاً عليها في العقد أو النظام المقرر ، فعند ذلك يتبع حكم النص ( [13] ) .

أما إذا لم ينص على شيء في هذا الشأن ، فإن الفقرة الأولي من النص السالف الذكر تكل أمر تعيين المصفي إلى الشركاء أنفسهم ، ويكون ذلك بالأغلبية العددية .

فقد تقرر أغلبية الشركاء أن يقوم بالتصفية الشركاء جميعاً ، ويقع ذلك عادة إذا كان عدد الشركاء قليلاً ، لا سيما إذا كان الجميع يتولون إدارة الشركة وفقاً لأحكام المادة 520 مدني ( [14] ) وقد كان التقنين المدني السابق  393  ( م 449 / 546 ) يجعل إجراء التصفية في الشركات المدنية بواسطة جميع الشركاء ،ما لم ينص في عقد تأسيس الشركة على غير ذلك ( [15] ) .

وقد تقرر أغلبية الشركاء أن يقوم بالتصفية وأحد أو أكثر يعينونهم بالذات . وتكفي الأغلبية العددية ،فلا يشترط الإجماع ولا أغلبية خاصة . ولا يشترط فيمن تعينه الأغلبية مصفياً أن يكون شريكاً ، بل يصح أن يكون أجنبياً عن الشركة . وإذا عينت الأغلبية أكثر من مصف واحد ، فقد تشترط أن تكون القرارات التي يتخذها المصفون المتعددون بالإجماع أو بالأغلبية فيجب التزام هذا الشرط ، وقد تعين اختصاص كل مصف فينفرد كل مصف ،بما أختص به فإذا لم تشترط الأغلبية شيئاً ولم تعين اختصاص كل مصف ، جاز لكل من المصفين أن ينفرد بأي عمل من أعمال التصفية ، على أن يكون لكل من المصفين الآخرين الاعتراض على هذا العمل قبل تمامه ، وعندئذ يكون من حق أغلبية المصفين وفض الاعتراض ، فإذا تساوى الجانبان كان الرفض من حق أغلبية الشركاء جميعاً . وهذه هي أحكام تعدد المديرين ( [16] ) . قيست عليها أحكام تعدد المصفين ( [17] ) .

245 – تعيين المصفي بواسطة القضاء : فإذا امتنع الشركاء عن تعيين مصف على الوجه المتقدم الذكر ، أو حاولوا تعيين مصف ولكن لم يحصل  394  أحد من المرشحين على الأغلبية المطلقة ، جاز لكل شريك أن يطلب من القضاء تعيين وصف للشركة .

والقضاء يعين المصفي من الشركاء أنفسهم أو من غيرهم ، ويعني مصفياً أو اكثر بحسب ما يري . وعند تعدد المصفين تكون سلطتهم في التصفية على النحو الذي قدمناه في تعدد المصفين المعينين من أغلبية الشركاء ( [18] ) .

والذي يطلب من القضاء تعيين المصفي يجب أن يكون أحد الشركاء ، فلا يجوز لغير الشريك أن يتقدم بهذا الطلب .ويترتب على ذلك أنه لا يجوز أن يتقدم بهذا الطلب أحد دائني الشركة ، لأن المصفي وكيل عن الشركة والشركاء لا عن دائنيها ( [19] ) . ولكن يجوز لدائن شخصي لأحد الشركاء أن يستعمل حق مدينه الشريك ويطلب إلى القاضي تعيين مصف للشركة باسم هذا الشريك ( [20] ) .

  395  

246 – تعيين المصفي بواسطة القضاء للشركة الباطلة : وإذا كانت الشركة باطلة ، ولكنها قامت فعلاً بأعمالها ، فهي شركة واقعية ( societe de fait ) ، وتجب تصفيتها . وفي هذه الحالة لا يعتد بما ورد في عقد تأسيس الشركة في هذا الخصوص إذا كان هذا العقد قد نص على تعيين مصف أو على طريقة تعيين المصفي ، فإن العقد باطل ولا يعمل بما جاء فيه . والقضاء هو الذي يقوم بتعيين المصفي للشركة الباطلة ، بناء على طلب يتقدم به أحد الشركاء أو أي شخص آخر له مصلحة في ذلك كدائن للشركة . والقضاء أيضاً هو الذي يتولي تعيين الطريقة التي تتم بها التصفية ، ولا يعتد بما عسى أن يكون قد ورد في العقد الباطل في هذا الخصوص ( [21] ) .

247 – كيف يعزل المصفي : وإذا عين مصف للشركة بواسطة أغلبية الشركاء أو بواسطة القضاء على الوجه المتقدم الذكر ، وأتى المصفي بما يسوغ عزله ، كأن ارتكب غشاً أو خطأ أو ظهر عجزه أو حجر عليه أو أفلس ، فإن الجهة التي عينته هي التي تملك عزله . فإذا كانت أغلبية الشركاء هي التي عينته ، فإن هذه الأغلبية نفسها تملك عزله . وإذا كان القضاء هو الذي عينه ، فإن القضاء أيضاً يملك عزله بناء على طلب أحد الشركاء . ولكن يجوز دائماً لأي من الشركاء أن يطلب إلى القضاء عزل المصفي لأسباب تسوع ذلك ، حتى لو كان الذي عين المصفي هو أغلبية الشركاء ( [22] ) .

  396  

248 – سلطة مديري الشركة قبل تعيين المصفي : وتعيين المصفي قد يستغرق وقتاً والشركة تكون قد انحلت سلطة مديريها كما سبق القول ( [23] ) .فتبقى الشركة ، وقد دخلت دور التصفية ، دون مصف ودون مدير . فاحتاج المشرع وواجه في هذه الحالة بنص الفقرة الرابعة من المادة 534 حيث تقول كما رأينا : ” وحتى يتم تعيين المصفي يعتبر المديرون بالنسبة إلى الغير في حكم المصفين ” فيجوز إذن لمديري الشركة ، في الفترة ما بين حل الشركة وتعيين المصفي ، أن يقوموا بالأعمال الضرورية لمواجهة حالات الاستعجال . ومن ثم يصح للغير ممن تعامل مع الشركاء أن يرفع دعوى على الشركة بعد حلها في مواجهة هؤلاء المديرين ، ويعتبر المديرون ممثلين للشركة تمثيلاً صحيحاً في الدعوى المرفوعة .

بل يجب على مديري الشركة ، في هذه الفترة ، أن يقوموا بالإجراءات الضرورية للمحافظة على أموال الشركة ورعاية مصالحها ، وان يباشروا الأعمال المستعجلة التي لا تحتمل تأخيراً . فإذا كانوا مثلاً قبل حل الشركة قد بدأوا عملاً من أعمال الإدارة ولم يتم هذا العمل ، فعليهم أن يتموه أو أن يصلوا به إلى الحد الذي يؤمنون فيه مصالح الشركة ( [24] ) .

  397  

 المبحث الثاني

 أعمال التصفية

249 – تصفية مال الشركة وتوزيع الصافي على الشركاء : فإذا عين المصفي ، قام بالأعمال الواجبة لتصفية الشركة . فيستوفي ما للشركة من حقوق ، ويوفي ما عليها من الديونه ، ويقوم بالأعمال الضرورية التي تستلزمها هذه التصفية . ثم يوزع الصافي من أموال الشركة على الشركاء ( [25] ) .

فنبحث إذن مسألتين : ( 1 ) تصفية مال الشركة ( 2 ) توزيع الصافي من مال الشركة على الشركاء .

 المطلب الأول

 تصفية مال الشركة

250 – النصوص القانونية : تنص المادة 535 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – ليس للمصفي أن يبدأ أعمالاً جديدة للشركة إلا أن تكون لازمة لإتمام أعمال سابقة ” .

  398  

 ” 2 – ويجوز له أن يبيع مال الشركة منقولا أو عقاراً ، إما بالمزاد وإما بالممارسة ، ما لم ينص في أمر تعيينه على تقييد هذه السلطة ” .

وتنص الفقرة الأولي من المادة 536 على ما يأتي :

 ” تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً ، وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم ، وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها ، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة ( [26] )

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 450 / 547 ( [27] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 503 و م 504 / 1 – وفي التقنين المدني الليبي م 533 و م 543 / 1 –  399  وفي التقنين المدني العراقي م 654 و م 655 / 1 – وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 927 – 939 ( [28] ) .

  400  

251 – أعمال إدارة الشركة : فإذا تولي المصفي تصفية الشركة ، فإن مهمته الأساسية هي تصفية أموال الشركة لا إدارتها . وإنما يملك من الإدارة أعمالاً محدودة هي الأعمال الضرورية أو المتعجلة .

  401  

فإذا كان هناك عمل من أعمال الإدارة قد بدأ قبل حل الشركة ولم يتم ، فعلي المصفي أن يتم هذا العمل حتى يكفل أن يعود على الشركة بالنفع . فإذا كانت الشركة شركة نشر مثلا قد تعاقدت على نشر كتاب وحلت قبل طبع الكتاب ، فإن المصفي يملك التعاقد على طبع الكتاب حتى يتم العمل الذي بدأ قبل حل الشركة .

ولكن ليس للمصفي أن يبدأ عملاً جديداً من أعمال الإدارة ، إلا أن يكون هذا العمل لازماً لإتمام عمل سابق . فإذا كانت شركة أراض مثلا باعت أرضاً قبل حلها ، وبعد الحل طلب جاز أخذ هذه الأرض بالشفعة ، فإن المصفي باعتباره ممثلاً للشركة البائعة يشترك في إجراءات الشفعة ( [29] ) .

252 – الأعمال اللازمة لتصفية الشركة : وقد قدمنا أن مهمة المصفي الأساسية هي إجراء الأعمال اللازمة لتصفية أموال الشركة . ويمكن القول بوجه عام أن المصفي يبدأ بأعمال تمهيدية للتصفية ، ويستوفي ما للشركة من حقوق عند الغير ، وفي ما على الشركة من ديون للغير ، وقد يبيع أموال الشركة بالقدر الضروري للتصفية ( [30] ) . فنستعرض كلا من هذه الأعمال المتنوعة ( [31] ) .

  402  

253 – الأعمال التمهيدية للتصفية : يبدأ المصفي باتخاذ الإجراءات اللازمة للتمهيد لأعمال التصفية ، فيجرد أموال الشركة ويحرر قائمة بالجرد ويضع كشفاً تفصيلياً يبين ما للشركة من حقوق وما عليها من ديون ، وذلك بعد أن يتسلم دفاتر الشركة وأوراقها ومستنداتها . ويعاونه في كل ذلك الذين كانوا يقومون بإدارة الشركة قبل حلها .

وتقول المادة 927 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني في هذا الصدد : ” على المصفي القضائي وغير القضائي عند مباشرته العمل أن ينظم بالاشتراك مع مديري الشركة قائمة الجرد وموازنة الحسابات بما لها وما عليها . وعليه أن يستلم ويحفظ دفاتر الشركة وأوراقها ومقوماتها التي يسلمها إليه المديرون ، وان يأخذ علماً بجميع الأعمال المتعلقة بالتصفية على دفتر يومي وبحسب ترتيب تواريخها وفاقاً لقواعد المحاسبة المستعملة في التجارة ، وان يحتفظ بجميع الأسناد المثبتة وغيرها من الأوراق المختصة بالتصفية ( [32] ) ” .

  403  

254 – استيفاء حقوق الشركة : ويعمد المصفي إلى استيفاء حقوق الشركة من الغير ، فيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لاستيفاء هذه الحقوق ويدخل في ذلك مقاضاة المدنيين للشركة ، واتخاذ الوسائل التحفظية بالنسبة إلى هذه الحقوق ، والتنفيذ على المدينين .

وليس له أن يعقد صلحاً أو تحكيماً إلا باتفاق جميع الشركاء ( [33] ) ، ولا أن يتخلى عن تأمينات إلا مقابل تأمينات أخرى معادلة ، ولا أن يبرئ ذمة المدينين ( [34] ) .

255 – وفاء ديون الشركة : ويقوم المصفي في الوقت ذاته بوفاء ما على الشركة من ديون ، فيحصر دائني الشركة وما لهم من حقوق في ذمتها ، وينشر الإعلانات اللازمة لدعوة جميع دائني الشركة إلى التقدم بمستنداتهم .

  404  

فمن كان دينه من هؤلاء المدينين قد حل قبل انقضاء الشركة أو أثناء التصفية ، وفاه حقه فوراً ، وإذا لم يحضر لاستيفاء حقه جاز للمصفي إيداعه خزانة المحكمة على ذمة الدائن . أما الديون المؤجلة فلا تحل بالتصفية كما تحل بالإفلاس ، بل تبقي على آجالها ، فإذا استطاع المصفي أن يوفيها أصحابها بعد اقتطاع ما يقابل الأجل وكان في ذلك مصلحة للشركة فعل ، وإلا اقتطع من أموال الشركة ما يفي بهذه الديون ووضعه في محل أمين حتى يحل الدين فيوفيه ( [35] ) . كذلك الديون المتنازع فيها ، يقتطع لها المصفي ما يفي بها ويضعه في محل أمين حتى ينحسم النزاع . وقد يكون أحد الشركاء دائناً للشركة ، بأن يكون مثلاً قد انفق مصروفات لمصلحة الشركة من حقه أن يستردها منها أو أن يكون قد أقرضها مبلغاً من المال ، فيفي المصفي الشريك الدائن هذه الحقوق ، شأن الشريك في ذلك شأن سائر دائني الشركة ( [36] ) .

وإذا لم تكن أموال الشركة كافية لوفاء الديون المستحقة عليها ، وكان لدائني الشركة أن يرجعوا فيما بقى لهم من حقوق على أموال الشركة الخاصة على النحو الذي بسطناه فيما تقدم ، وجب على المصفي أن يطلب من كل شريك أن يقدم من ماله الخاص ما هو ملتزم به لوفاء ديون الشركة ( [37] ) .

  405  

256 – بيع أموال الشركة بالقدر الضروري للتصفية : وللمصفي أن يبيع أموال الشركة ، منقولات كانت أو عقاراً ، بالمزاد أو بالممارسة ، إذا كان هذا البيع ضرورياً لأعمال التصفية ( [38] ) . فيبيع منقولات الشركة وعقاراتها للوفاء بديونها إذا لم يكن في مال الشركة نقود كافية للوفاء بهذه الديون . وقد كان المشرع التمهيدي للفقرة الثانية من المادة 535 مدني ينص على أن البيع لا يجوز ” إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة ” ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وقد اهتم المشروع أيضاً بأن يذكر صراحة أن سلطة المصفي في بيع أموال الشركة تتحدد بالقدر اللازم لوفاء ديونها ، لأنه إذا تم وفاء تلك الديون ، وأمكن بذلك تحديد الصافي من أموال الشركة ، فإن الغرض من التصفية يكون قد تحقق ، وتزول الشخصية المعنوية للشركة ، ويصبح الشركاء ملاكاً على الشيوع للأموال الباقية التي تجب قسمتها بينهم ” ( [39] ) . ولكن حذف هذا القيد في لجنة مجلس الشيوخ ( [40] ) . فأصبح من الجائز للمصفي أن يبيع منقولات الشركة وعقاراتها لغير وفاء الديون . ويتحقق ذلك إذا كانت عين من أعيان الشركة غير قابلة للقسمة عيناً ، فيبيعها المصفي حتى يوزع ثمنها بين الشركاء ( [41] ) . كذلك يبيع المصفي البضائع التي لا تزال مملوكة  406  للشركة والأدوات .وقد تكون سلطة المصفي المنصوص عليها في قرار تعيينه تمكنه من بيع جميع المنقولات الشركة وعقاراتها ،حتى يتيسر له توزيع هذه الأموال نقداً على الشركاء ، ففي هذا الحالة يجوز له أن يبيع كل أموال الشركة لهذا الغرض ( [42] ) .

ويبدو ،بعد أن حذف من الفقرة الثانية من المادة 535 مدني القيد الذي كان يقضي بان تكون سلطة المصفي في بيع أموال الشركة مقصورة على القدر الضروري لوفاء ديون الشركة ، أنه يجوز للمصفي أن يبيع منقولات الشركة وعقاراتها ، بالمزاد أو بالممارسة ، دون قيد فإذا رأى أن يحول أموال الشركة نقوداً حتى تتيسر له قسمتها على الشركاء فعل ، وذلك ما لم ينص في أمر تعيينه على تقييد هذه السلطة ويؤيد ذلك ما ورد في مناقشات مجلس الشيوخ في هذا الصدد : ” رؤى حذف عبارة :ولكن لا يجوز له أن يبيع إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة ، الواردة في آخر الفقرة الثانية ، لأن الشركة في هذه الحالة تكون في حالة تصفية ، فمن الطبيعي أن يبيع المصفي كل موجودات الشركة ، عقاراً أو منقولاً ، لتحديد الصافي الواجب قسمته بين الشركاء وتحديد نصيب كل منهم ” ( [43] ) .

  407  

257 – حق الشركاء في مراقبة أعمال التصفية :والمصفي باعتباره وكيلاً عن الشركاء يجب أن يقدم لهم حساباً عن أعمال التصفية التي قام بها ( [44] ) . وإذا طلب أحد الشركاء ، أثناء إجراء التصفية ، أن يحصل على معلومات عن هذه الإجراءات ، وجب على المصفي أن يوافيه بمعلومات كافية عن ذلك ، وان يضع تحت تصرفه الدفاتر والأوراق والمستندات المختصة بأعمال التصفية ( [45] ) . وتقول المادة 935 من التقنين اللبناني : ” يجب على المصفي ، عند كل طلب ، أن يقدم للشركاء أو لأصحاب الحقوق الشائعة المعلومات الوافية عن حالة التصفية ، وان يضع تحت تصرفهم الدفاتر والأوراق المختصة بأعمال التصفية ” . وتقول المادة 936 من نفس التقنين : ” إن المصفي ملزم بالموجبات التي تترتب على الوكيل المأجور فيما يختص بتقديم حساباته وإعادة المال الذي قبضه عن طريق وكالته . وعليه أن ينظم عند نهاية التصفية قائمة الجرد وموازنة الموجودات والديون ، ويلخص فيها جميع الأعمال التي أجراها والحالة النهائية التي نتجت عنها ” . وتقول المادة 939 من نفس التقنين : ” بعد نهاية التصفية وتسليم الحسابات يودع المصفي دفاتر الشركة المنحلة وأوراقها ومستنداتها قلم المحكمة أو محلاً آخر أميناً تعينه المحكمة ،ما لم تعين غالبية الشركاء شخصاً  408  لاستلامها . ويجب أن تبقى محفوظة في المحل المذكور مدة خمس عشرة سنة من تاريخ الإيداع . ويحق لذوي الشأن ولورثتهم أو خلفائهم في الحقوق أو للمصفين أن يراجعوا المستندات ويدققوا فيها ” ( [46] ) ولم ترد في التقنين المصري نصوص تقابل هذه النصوص الواردة في التقنين اللبناني ، فلا يسري من هذه الأحكام في مصر إلا ما كان يتفق مع القواعد العامة ،فلا يسري مثلاً وجوب حفظ أوراق التصفية مدة خمس عشرة سنة من وقت الإيداع ، فهذا الحكم لا يقوم إلا بنص خاص 258 – أجر المصفي :ولم يعرض التقنين المدني المصري لأجر المصفي ، فيجب تطبيق القواعد العامة . ولما كان المصفي وكيلاً عن الشركاء ، وكان الأصل في الوكالة ألا تكون مأجورة إلا إذا اتفق على أجر للوكيل ( م 709 مدني ) ، فالظاهر أنه لا بد من النص على أجر للمصفي في قرار تعيينه الصادر من أغلبية الشركاء أو من القضاء ( [47] ) ويغلب أن يعين له أجر ، وبخاصة إذا كان أجنبياً من غير الشركاء ( [48] )

  409  

 المطلب الثاني

توزيع الصافي من مال الشركة على الشركاء

259 – النصوص القانونية :تنص الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة 536 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” ” 2 – ويخص كل وأحد من الشركاء بمبلغ يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال ،كما هي مبينة في العقد أو يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد ، ما لم يكن الشريك قد اقتصر على تقديم عمله أو اقتصر فيما قدمه من شيء على حق المنفعة فيه أو على مجرد الانتفاع به ” .

 ” 3 – وإذا بقى شيء بعد ذلك ، وجبت قسمته بين الشركة بنسبة نصيب كل منهم في الأرباح ” .

 ” 4 – أما إذا يكف صافي مال الشركة للوفاء بحصص الشركاء ، فإن الخسارة توزع عليهم جميعاً بحسب النسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر ” ( [49] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به دون نص .ويقابل في التقنينات المدنية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 504 – وفي التقنين المدني الليبي م 534 – 535 – وفي التقنين المدني العراقي م 655 / 2 – ولا مقابل له في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( [50] ) .

260 – حقوق الشركاء في الصافي من مال الشركة : فإذا تمت تصفية أموال الشركة على الوجه السابق بيانه ، انتهت الشخصية المعنوية للشركة ، فقد كانت هذه الشخصية قائمة مؤقتاً في الحدود اللازمة للتصفية كما سبق القول ، فبانتهاء التصفية تنعدم هذه الشخصية نهائياً .

ومن ثم فإن المال الذي يتبقى ، وهو صافي مال الشركة بعد وفاة ديونها ، يصبح مملوكاً في الشيوع للشركاء ، كل منهم بقدر نصيبه ، سواء في ذلك شمل هذا المال أعياناً معينة بالذات ، أو لم يشمل إلا نقداً إذا باع المصفي منقولات الشركة وعقاراتها لتحويلها إلى نقود على النحو الذي سبق بيانه ( [51] ) .

أما الطريق التي يوزع بها هذا المال الشائع على الشركاء فتكون باختصاص كل وأحد منهم بما يعادل قيمة حصته في رأس المال . فإذا بقى من مال الشركة شيء بعد ذلك ، كان الباقي أرباحاً ، ووزعت هذه  411  الأرباح بالنسبة المتفق عليها في توزيع الأرباح . أما إذا لم يف مال الشركة بحصص الشركاء ، فما نقص عن هذه الحصص فهو خسائر ، توزع بين الشركاء أيضاً بالنسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر ( [52] )

ومن ثم يكون هناك محل ( أولاً ) لتوزيع قيمة الحصص على الشركاء . ( ثانياً ) لتوزيع ما زاد على هذه الحصص باعتبار الزائد أرباحاً . ( ثالثاً ) أو لتوزيع ما نقص عن هذه الحصص باعتبار الناقص خسائر .

261 – توزيع ما يعادل قيمة الحصص على الشركاء : فيبدأ المصفي بأن يخصص من صافي مال الشركة ، لكل شريك ، مبلغاً يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال .

ويغلب أن تكون قيمة حصة كل شريك مبينة في عقد تأسيس الشركة . وعند ذلك يخصص للشريك من صافي مال الشركة ما يعادل هذه القيمة المبينة في العقد .

أما إذا كانت قيم حصص الشركاء غير مبينة في عقد تأسيس الشركة ، وجب على المصفي تقويم هذه الحصص وقت تسليمها للشركة من الشركاء ويرجع في ذلك إلى أوراق الشركة ومستنداتها ودفاترها والي رأي الخبراء وشهادة الشهود عند الاقتضاء . وإذا نازع الشريك في القيمة التي قدرت بها حصته كان له أن يلجأ إلى القضاء ، ولقاضي الموضوع الكلمة الأخيرة في هذا التقدير .

وقد تكون حصة الشريك عملاً قدمه للشركة ، فلا يختص الشريك في هذه الحالة بشيء . ذلك أن حصته في الواقع من الأمر هي استنفاد هذا العمل ، فلا يبقى شيء يسترده . ولكن تقدر قيمة هذا العمل مع  412  ذلك ، لا لتخصيص هذه القيمة للشريك ، ولكن لتقدير النسبة التي يساهم فيها الشريك في الأرباح وفي الخسائر إذا لم تكن هناك نسبة أخرى محددة لذلك ، على ما سيأتي .

قد تكون حصة الشريك حق المنفعة في شيء معين بالذات ( droit dusufruit ) أو مجرد حق شخصي في الانتفاع بشيء معين بالذات ( droit personnel de jouissance ) ، فلا يختص الشريك في هذه الحالة أيضاً بشيء من حصته ، لأن الحصة هنا كما في العمل هي استنفاد منفعة الشيء أو الانتفاع به ، فلا يبقى للشريك شيء يسترده . وتقدر قيمة المنفعة أو حق الانتفاع لمعرفة النسبة التي يساهم بها الشريك في الأرباح وفي الخسائر ، كما رأينا عندما تكون الحصة عملاً ( [53] ) .

262 – توزيع الأرباح بين الشركاء : وعندما يتخصص لكل شريك قيمة حصته على الوجه المتقدم بيانه ، ويبقى بعد ذلك شيء من صافي مال الشركة ، فإن الباقي يعتبر أرباحاً للشركة ، ويوزع بين الشركاء بالنسبة التي توزع بها الأرباح .

وقد قدمنا أن عقد الشركة قد ينص على النسبة التي توزع بها الأرباح بين الشركاء ( [54] ) ، فتلتزم هذه النسبة لقسمة الباقي من صافي مال الشركة بين الشركاء . أما إذا لم يكن عقد الشركة قد نص على النسبة التي توزع  413  بها الأرباح فقد قدمنا أن الأرباح توزع بنسبة حصة كل شريك في رأس المال ( [55] ) . ومن ثم يوزع الباقي من صافي مال الشركة على الشركاء كل منهم بنسبة حصته في رأس المال ( [56] ) .

فإذا فرضنا أن الصافي من مال الشركة هو خمسة آلاف ، وان الشركاء عددهم ثلاثة ، وقدرت حصة الأول في رأس المال بألف وحصة الثاني بثمانمائة ، وحصة الثالث بسبعمائة ، خصص لكل شريك قيمة حصته ، فيكون مجموع الحصص ألفين وخمسمائة ، والباقي من صافي مال الشركة –وهو ألفان وخمسمائة أيضاً – يعتبر أرباحاً . فإذا كانت هناك نسبة متفق عليها لتوزيع الأرباح ،وزع الباقي على الشركاء بهذه النسبة . أما إذا لم تكن هناك نسبة متفق عليها ، وزع الباقي بنسبة الحصص . فيأخذ كل شريك في هذه الحالة حصته مضاعفة ، مرة عن قيمة حصته ومرة أخرى عن نصيبه في الربح ، لأن قيمة الحصص في الفرض الذي نحن بصدده معادلة لقيمة الأرباح .

263 – توزيع الخسائر بين الشركاء :أما إذا لم يف الصافي من مال الشركة بحصص الشركاء ، فإن ما نقص من هذه الحصص يعتبر خسائر ، ويوزع على الشركاء بالنسبة التي توزع بها الخسائر . فإن كان متفقاً على نسبة معينة ، التزمت هذه النسبة في توزيع ما نقص من صافي مال الشركة عن قيمة الحصص . وإن لم يكن متفقاً على نسبة معينة كان التوزيع على كل شريك بنسبة حصته في رأس المال ( [57] ) .

  414  فإذا فرضنا أن الصافي من مال الشركة هو ألفان ، وان الشركاء عددهم ثلاثة ، وقدرت حصة الأول في رأس المال بثلاثة آلاف ، وكانت حصة الثاني منفعة قدرت بخمسمائة ، وكانت حصة الثالث عملا قدر بخمسمائة أخرى ، خصص للشريك الأول من صافي مال الشركة قيمة حصته ، أما الثاني الذي حصته منفعة والثالث الذي حصته عمل فلا يأخذان شيئاً عن حصتيهما ( [58] ) كما سبق القول . فتبين أن صافي مال الشركة لا يفي بحصة الشريك الأول ، إذ الصافي ألفان وحصة الشريك الأولي ثلاثة آلاف ، فيأخذ الشريك الأولي كل الألفين ، وما نقص وهو ألف يعتبر خسائر . فإذا لم تكن هناك نسبة متفق عليها في توزيع هذه الخسائر بين الشركاء ، وزعت عليهم كل بنسبة حصته ومن ثم يوزع الألف ، وهو الخسائر ، على الشركاء الثلاثة بنسبة حصصهم ، أي بنسبة ثلاثة آلاف حصة الأول إلى خمسمائة حصة الثاني إلى خمسمائة حصة الثالث . فيتحمل الشريك الأول ثلاثة أرباع الخسائر ، أي سبعمائة وخمسين من الألف ، ويتحمل كل من الشريكين الآخرين نصف الربع من الخسائر . فيرجع الشريك الأولي على كل منهما بمائة وخمسة وعشرين ، فيكون ما يأخذه منهما معاً مائتين وخمسين ، وذلك إلى جانب الألفين وهو المبلغ الذي سبق أن خصص له في مقابل حصته .

  415  

264 – القسمة بين الشركاء – نص قانوني :وتنص المادة 537 من التقنين المدني على ما يأتي : ” تتبع قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع ( [59] ) .

ويخلص من ذلك أنه متى تحدد نصيب كل شريك في الصافي من مال الشركة على النحو الذي تقدم بيانه ، فتخصص لكل شريك قيمة حصته في رأس المال ، يضاف إليها نصيبه في الأرباح أو ينقص منها نصيبه في الخسائر ، فقد أصبح هذا الصافي من مال الشركة – هو مملوك في الشيوع لجميع الشركاء كما قدمنا – محدداً فيه نصيب كل شريك شائعاً .

فإذا كان صافي مال الشركة نقداً ، تيسر توزيعه على الشركاء ، كل بنسبة نصيبه ، ولا محل في هذه الحالة لإجراء القسمة عيناً

أما إذا كان هذا الصافي أعياناً معينة بالذات ،منقولاً كان أو عقاراً ،  416  أو اشتمل على أعيان معينة بالذات ، بقيت هذه الأعيان شائعة بين الشركاء . وينقضي هذا الشيوع بالقسمة ، شأن كل مال شائع وقد أحالت المادة 537 مدني السالفة الذكر صراحة على القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع . فلكل شريك أن يطالب بالقسمة ،وعندئذ تسرى الأحكام الواردة في المواد 834 إلى 849 مدني ، وبحثها يكون عند الكلام في الملكية الشائعة .


( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 716 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 760 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، لمجلس الشيوخ تحت رقم 532 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 390 – ص 392 ) .

ويقابل في التقنين المدني السابق م 448 / 545 : تقسم بين الشركاء أموال الشركة على حسب المبين في عقدها . ( وحكم التقنين السابق يتفق مع حكم التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 500 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 530 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 651 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 922 : تجري القسمة بين الشركاء في شركات العقد أو الملك ، إذا كانوا راشدين ومالكين حق التصرف في حقوقهم ، وفاقاً للطريقة المعينة في عقد إنشاء الشركة أو الطريق التي يتفقون عليها ، إلا إذا قرروا بالاجماع إجراء التصفية قبل كل قسمة . ( ويبدو من هذا النص أن الشركاء يستطيعون أن يقرروا بالاجماع إجراء التصفية وطريقة هذه التصفية ) .

( [2] ) وإذا طلب أحد الشركاء فسخ الشركة وتصفيتها ، فإن تقدير الرسوم على الدعوى يكون على مجموع أموال الشركة لا على حصة طالب التصفية فقط ، لأن التصفية ما هي إلا قسمة أموال بين الشركاء وقيمة هذه الأموال هي التي تكون موضوع المنازعة بين الخصوم في دعوى التصفية ( نقض مدني 27 يونية سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 71 ص 634 ) .

( [3] ) ولا محل لتصفية الشركة إذا كان عقد تاسيسها ينص على انتقال أموالها إلى الشريك الذي يبقى حياً بين الشركاء ، ويصبح هذا الشريك هو الممثل لصالح الشركة فيما لها وما عليها ، أو إذا قدمت أموالها جملة واحدة حصة في شركة أخرى جديدة أو موجودة من قبل ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1938 م 50 ص 329 – انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ societe civile فقرة 230 ) .

( [4] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وقد تعرض التقنين المصري ( السابق ) في الفصل الخاص بالقسمة لتصفية الشركات وقسمتها ، فذكر كيفية تعيين المصفى وسلطاته ( م 449 – 450 / 546 – 547 ) . ولكن نصوصه جاءت عامة تنطبق على كل أنواع القسمة ، سواء كانت خاصة بشركات أو بغيرها . أما المشروع فقد تكلم على قواعد القسمة على العموم في باب الملكية الشائعة . . ولذلك رأى من المناسب أن يتبع الطريق الذي سلكه المشروع الفرنسي الإيطالي والتقنين البولوني ، فينظم تصفية الشركة وقسمتها تنظيماً موجزاً عاماً ، ثم يحيل في قسمتها على قواعد القسمة في الملكية الشائعة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 391 ) .

( [5] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 717 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 561 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 533 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 392 – ص 394 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 501 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 531 : عندما تحل الشركة يحتفظ الشركاء المديرون بمناصبهم في الإدارة في حدود العمليات المستعجلة إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للتصفية . ( ولم يصرح التقنين الليبي بالشخصية المعنوية للشركة أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش ، ولم يتكلم هنا عن بقاء هذه الشخصية بالقدر اللازم للتصفية – وقرر بقاء المديرين في حدود الأعمال المستعجلة إلى أن يتولى المصفى أعمال التصفية ، وهذا الحكم الأخير لا يخالف القواعد العامة ) .

التقنين المدني العراقي م 652 ( مطابق – وانظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 153 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 921 : لا يجوز للمديرين بعد انحلال الشركة إني شرعوا في عمل جديد غير الأعمال اللازمة لاتمام الأشغال التي بدئ بها . وإذا فعلوا كانوا مسئولين شخصياً بوجه التضامن عن الأعمال التي شرعوا فيها . ويجري حكم هذا المنع من تاريخ انقضاء مدة الشركة أو من تاريخ إتمام الغرض الذي من أجله عقدت أو تاريخ وقوع الحادث الذي أدى إلى انحلال الشركة بمقتضى القانون . ( ولما كان التقنين اللبناني لا يقر للشركة المدنية بالشخصية المعنوية – أنظر آنفاً فقرة 194 في الهامش – فإنه لم يتكلم عن بقاء هذه الشخصية بالقدر اللازم للتصفية . أما انتهاء سلطة المديرين بانقضاء الشركة فمتفق مع الحكم الوارد في التقنين المصري ) .

( [6] ) استئناف مختلط 24 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 – وذلك في حدود سلطته المدة المحددة للتصفية ، فإذا اتفق الشركاء على تعيين مصف لشركتهم التجارية وكان تعيينه لمدة معينة ، فليس لها الأخير أن يرفع دعوى بصفته نائباً عن الشركة بعد انقضاء هذه المدة ( استئناف وطني 26 مايو سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 119 ص 231 ) . والمصفى هو الذي يتولى طلب تسلم أعيان الشركة ، دون الشخص الذي طلب الحكم بتعيين مصف ( محكمة مصر الوطنية 23 ابريل سنة 1904 الاستقلال 3 ص 112 ) .

( [7] ) جوسران 2 فقرة 1340 .

( [8] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 385 ص 70 – ص 71 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1069 – فورنييه فقرة 130 .

( [9] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 392 – ص 393 – وقد قضت محكمة النقض بأن الشركة متى انتهت وفاة أحد الشريكين زال شخصها المعنوي ، ووجب الامتناع عن إجراء أي عمل جديد من أعمالها ، ولا يبقى بين الشركاء من علاقة إلا كونهم ملاكاً على الشيوع لموجوداتها ، ولا يبقى للشركة مال منفصل عن الأموال الشخصية للشركاء . على أنه لما كان الأخذ بها القول على إطلاقه يضر به الشركاء ودائنو الشركة على السواء ، إذ يضطر كل شريك إلى مطالبة كل مدين للشركة بنصيبه في الدين ، ويضطر كل دائن الىمطالبة كل شريك بنصيبه في الدين إلى غير ذلك ، لهذا وجب بطبيعة الحال ، لتجنب هذه المضار ، اعتبار الشركة قائمة محتفظة بشخصيتها حكماً لا حقيقة ، لكي تمكن تصفيتها ( نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر رقم 4 125 ص 338 ) . وقضت أيضاً بان من المقرر مراعاة لمصلحة الشركاء ولدائني الشركة ومدينيها أن انتهاء الشركة لا يمنع من اعتبارها قائمة محتفظة بشخصيتها المعنوية لحاجات التصفية حتى تنتهي التصفية ، وإذن فإن كل موجودات الشركة بما فيها الدفاتر تعتبر أثناء التصفية مملوكة لها لا ملكاً شائعاً بين الشركاء ، فلا يصح لأحدهم أن يوقع الحجز الاستحقاقي على شيء من ذلك ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم ) ص 15 ) – وانظر أيضاً استئناف مصر 26 أكتوبر سنة 1944 المجموعة الرسمية 45 رقم 126 ) . وقضت محكمة النقض الجنائية بأن تعتبر الشركة مالكة للحصص والاموال والمنقولات ، وليس لأي من الشركاء أثناء قيامها أو حال تصفيتها إلا الحق في الإستيلاء على الربح . ومن المقرر مراعاة لمصلحة الشركاء ولدائني الشركة ومدينيها أن انتهاء عقد الشركة لا يمنع من اعتبارها قائمة محتفظة بشخصيتها المعنوية لحاجات التصفية حتى تنقضي التصفية ، وبذا تكون كل موجوداتها في غضون هذه الفترة مملوكة للشركة لا ملكاً شائعاً بين الشركاء ، فلا يصح لأحدهم أن يتصرف في شيء منها ، مما لا يسبيل معه إلى القول بوجود نوع من القسمة يجعل تصرف شريك في المال مرتبطاً بنتائجها ( نقض جنائي 4 يونية سنة 1956 المحاماة 37 رقم 504 ص 1250 ) . وانظر أيضاً : نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 125 ص 338 – 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 382 – 11 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 244 ص 504 – 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 12 ص 63 – استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 30 – 3 ابريل سنة 1895 م 7 ص 205 – 25 مايو سنة 1898 م 10 ص 291 – 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 179 – 2 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 11 – 24 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 – 2 فبراير سنة 1938 م 50 ص 120 – أول مايو سنة 1 946 م 58 ص 144 – استئناف وطني 25 يونيه سنة 1924 المجموعة الرسمية 27 رقم 4 ص 5 .

( [10] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 718 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 562 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 534 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 395 – ص 397 ) .

( [11] ) التقنين المدني السابق م 449 / 546 : إذا لم يصرح في العقد عن كيفية القسمة ، يكون اجراؤها في الشركات المدنية بمعرفة جميع الشركاء ، وفي الشركات التجارية بمعرفة من يعين لتصفية الشركة بأغلب آراء الشركاء سواء كان واحداً أو أكثر أو بمعرفة من تعينه المحكمة عند عدم اتفاق أغلبية الشركاء على التعيين ( والتقنين المدني السابق يجعل تصفية الشركات المدنية بواسطة جميع الشركاء . والعبرة بتاريخ انقضاء الشركة ، فالشركات التي انقضت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 تسري عليها أحكام التقنين المدني السابق ، أما التي انقضت بعد ذلك فتسري عليها أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [12] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 502 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 532 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 653 ( مطابق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 154 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 923 : يحق لجميع الشركاء ، حتى الذين ليس لهم يد في الإدارة ، أن يشتركوا في التصفية . وتجري النصفية بواسطة جميع الشركاء أو بوساطة مصف يعينونه بالاجماع إذا لم يكن قد سبق تعيينه بمقتضى عقد الشركة . إذا لم يتفق ذوو الشأن على اختيار المصفى ، أو إذا كان ثمة أسباب مشروعة تحول دون تسليم التصفية للأشخاص المعينين في عقد الشركة ، تجري التصفية بواسطة القضاء بناء على أول طلب يقدمه أحد الشركاء .

م 924 : يعد المديرون – ريثما يتم تعيين المصفى – أمناء على أموال الشركة ، ويجب عليهم إجراء المسائل المستعجلة .

م 926 : إذا وجد عدة مصفين ، فلا يحق لهم العمل منفردين إلا إذا اجيز لهم ذلك بوجه صريح .

م 940 – إذا خلا مركز أحد المصفين أو مراكز عدة منهم بسبب الوفاة أو الإفلاس أو الحجر أو العدول أو العزل ، عين الخلف على الطريقة الموضوعة لتعيينهم .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يجعل التصفية ، إذا لم يجمع الشركاء على المصفى أو حال سبب مشروع دون اعتماد المصفى المعين في عقد الشركة ، في يد القضاء . ويوجب في حالة تعدد المصفى أن يعمل الكل ، فلا يجوز لأحد الانفراد إلا إذا اجيز ذلك صراحة ) .

( [13] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 395 – ص 396 .

( [14] ) أنظر آنفاً فقرة 209 وما بعدها .

( [15] ) أنظر آنفاً فقرة 243 في الهامش .

( [16] ) أنظر م 517 مدني آنفاً فقرة 207 . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي وهي تقول : ” وفي حالة تعيين أكثر من مصف واحد ، يكون تحديد سلطاتهم في حالة عدم النص ، بالقياس على ما ذكرناه في تحديد سلطة المديرين ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 ) .

( [17] ) ولكن إذا نص عقد تأسيس الشركة على أن يكون المصفى أحد الشركاء ، وكان الخلاف مستحكما بين الشركاء بحيث يتعذر التعاون بينهم ، جاز للقضاء تعيين مصف أجنبي ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1935 م 47 ص 133 ) .

( [18] ) واشترط قانون البورصة أن يكون السمسار رجلا لا يسري على المصفى الذي لا يمنع القانون من أن يكون امرأة ( نقض مدني 17 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 92 ص 701 ) .

( [19] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 – استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1941 م 53 ص 163 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1070 . وينبني على أن المصفى وكيل الشركاء أن يده كيد الشريك هي يد أمين لا تجيز له التمليك بمضى المدة ، ولا يجوز له أن يتمسك بتغيير صفة يده إلا إذا جابه الشركاء مجابهة جلية تدل دلالة حازمة على أنه مزمح إنكار حق الشركاء ( استئناف مصر 12 نوفمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 164 ) . وتقول محكمة مصر الكلية إن حكم المصفى في مباشرة عمله كحكم الشريك وإن اختلف عنه في بعض النواحي القانونية ، منها أن الشريك يمثل الدائن والمدين ويعتبر وكيلاً عنهما ، بخلاف المصفى فإنه يعتبر وكيلاً عن الشركة دون الشركاء ودون دائني الشركة ( 13 مايو سنة 1954 المحاماة 36 رقم 20 ص 111 ) .

( [20] ) ويبدو أن هذا الحق يكون أيضاً لدائن الشركة باعتباره دائناً شخصياً للشريك في الحدود التي يجوز فيها لدائن الشركة أن يرجع على الشريك في ماله الخاص .

( [21] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 .

( [22] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” ولم ير المشروع حاجة النص على كيفية عزل المصفى كما فعل المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 563 / 3 ) ، لأنه يكفى في ذلك تطبيق القواعد العامة ، ومؤداها أن الحق في عزل المصفى يرجع إلى السلطة التي تملك تعيينه ، مع جواز الالتجاء دائماً إلى القضاء لطلب عزله بناء على وجود مبرر شرعي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 397 ) .

( [23] ) م 533 مدني وانظر آنفاً فقرة 244 .

( [24] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 396 – ص 397 .

( [25] ) وبدخول الشركة في دور التصفية تنتهي سلطة المديرين وتزول عنهم صفتهم في تمثيل الشركة ، ويصبح المصفى هو صاحب الصفة في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها التصفية . وقد قضت محكمة النقض بأنه يترتب على حل الشركة ودخولها في دور التصفية إنهاء سلطة المديرين ، وذلك كنص المادة 533 من القانون المدني ، فتزول عنهم صفتهم في تمثيل الشركة ، ويصبح المصفى الذي يعين للقيام بالتصفية صاحب الصفة الوحيد في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية وكذلك في جميع الدعاوى التي ترفعها من الشركة أو عليها ، فإذا كان الطعن قد رفع من عضو مجلس الإدارة المنتدب بصفته ممثلا للشركة وذلك بعد حلها وتعيين المصفى ، فإنه يكون غير مقول لرفعه من غير ذى صفة . ولا يغير من ذلك أن يكون الطعن قد رفع بإذن المصفى طالما أنه لم يرفع باسمه بصفته ممثلا للشركة ( نقض مدني 24 نوفمبر سنة 1960 مجموعة أحكام النقض 11 رقم 93 ص 591 ) .

( [26] ) تاريخ النصوص :

م 535 : ورد هذا النص في المادة 719 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، إلا أن المشروع التمهيدي كان يشتمل في آخر الفقرة الثانية على العبارة الآتية : ” ولكن البيع لا يجوز له إلا بالقدر اللازم لوفاء ديون الشركة ” . وأقرت لجنة المراجعة النص تحت رقم 563 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة ” ولكن البيع لا يجوز إلخ ” الواردة في آخر الفقرة الثانية ” لأن الشركة في هذه الحالة تكون في حالة نصفية ، فمن الطبيعي أن يبيع المصفى كل موجودات الشركة عقاراً أو منقولا لتحديد الصافي الواجب قسمته بين الشركاء وتحديد نصيب كل منهم ” . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 535 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 398 – ص 401 ) .

م 536 : ورد هذا النص في المادة 720 / 1 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 564 / 1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 536 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 402 و ص 404 – ص 405 ) .

( [27] ) التقنين المدني السابق م 450 / 547 : وللمأمور بالتصفية الحق في أن يبيع مال الشركة ، سواء كان بالمزاد العام أو بالتراضي إذا كانت مأموريته ليست مقيدة في سند تعيينه . ( وأحكام التقنين السابق تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين الجديد ) .

( [28] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 503 و م 504 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 533 و م 534 / 1 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 654 ( موافق – فيما عدا أن بيع مال الشركة مقيد بوفاء الديون في التقنين العراقي ) .

م 655 / 1 ( موافق ) . أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 157 وما بعدها .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 927 : على المصفى القضائي وغير القضائي عند مباشرة العمل أن ينظم بالاشتراك مع مديري الشركة قائمة الجرد وموازنة الحسابات مالها وما عليها . وعليه أن يستلم ويحفظ دفاتر الشركة وأوراقها ومقوماتها التي يسلمها إليه المديرون ، وأن يأخذ علما بجميع الأعمال المتعلقة بالتصفية على دفتر يومي وبحسب ترتيب تواريخها وفقاً لقواعد المحاسبة المستعملة في التجارة ، وأن يحتفظ بجميع الإسناد المثبتة وغيرها من الأوراق المختصة بالتصفية .

م 928 : إن المصفى يمثل الشركة الموضوعة تحت التصفية ويدير شؤونها . وتشمل وكالته جميع الأعمال الضرورية لتصفية مالها وإيفاء ما عليها ، وتشمل خصوصاً صلاحية استيفاء الديون وإتمام القضايا التي لا تزال معلقة ، واتخاذ جميع الوسائل الاحتياطية التي تقتضيها المصلحة المشتركة ، ونشر الإعلانات اللازمة لدعوة الدائنين إلى إبراز اسنادهم ، وإيفاء الديون المحررة والمستحقة على الشركة ، والبيع القضائي لأموال الشركة غير المنقولة التي لا تتسنى قسمتها بسهولة ، وبيع البضائع الموجودة في المستودع وبيع الأدوات – كل ذلك مع مراعاة القيود الموضحة في الصك الذي أقامه مصفياً ومراعاة القرارات التي يتخذها الشركاء بالإجماع في أثناء التصفية .

م 929 : إذا لم يحضر أحد الدائنين المعروفين ، حق للمصفى إيداع المبلغ المستحق له إذا كان الإيداع متحتما . أما الديون المستحقة أو المتنازع عليها فيجب عليه أن يحتفظ لها بمبلغ من النقود كاف لإيفائها وأن يضعه في محل أمين .

م 930 : إذا لم تكن أموال الشركة كافية لإيفاء الديون المستحقة ، وجب على المصفى أن يطلب من الشركاء المبالغ اللازمة إذا كان هؤلاء ملزمين بتقديمها بمقتضى نوع الشركة أو إذا كانوا لا يزالون مديونين بجميع حصتهم في رأس المال أو بقسم منها . وتوزع حصص الشركاء المعسرين على سائر الشركاء بنسبة ما يجب عليهم التزامه من الخسائر .

م 931 : للمصفى أن يقترض ويرتبط بموجبات أخرى حتى عن طريق التحويل التجاري ، وأن يظهر الإسناد التجارية ويمنح المهل ويفوض ويقبل التفويض ويرهن أموال الشركة ، كل ذلك على قدر ما تقتضيه مصلحة التصفية ، ما لم يصرح بالعكس في صك توكيله .

م 932 : لا يجوز للمصفى عقد الصلح ولا التحكيم ولا التخلى عن التأمينات إلا مقابل بدل أو تأمينات أخرى معاده لها . كذلك لا يجوز له أن يبيع جزافاً المحل التجاري الذي فوضت إليه تصفيته ، ولا أن يجري تفرغاً بلا عوض ، ولا أن يشرع في أعمال جديدة ما لم يرخص له في ذلك صراحة . وإنما يحق له أن يقوم بأعمال جديدة على قدر ما تقتضيه الضرورة لتصفية الأشغال المعلقة . فإن خالف هذه الأحكام ، كان مسئولا شخصياً عن الأعمال التي شرع فيها . وإذا كان هناك عدة مصفين ، كانوا متضامنين في التبعة .

م 933 : يجوز للمصفى أن يستنيب غيره في إجراء أمر أو عدة أمور معينة ، ويكون مسئولا عن الأشخاص الذين يستنبيهم وفقاً للقواعد المختصة بالوكالة .

م 934 : لا يجوز للمصفى ، وإن كان قضائياً أن يخالف القرارات التي اتخذها ذو الشأن بالاجماع فيما يختص بإدارة شؤون المال المشترك .

م 935 : يجب على المصفى ، عند كل طلب ، أن يقدم للشركاء أو لأصحاب الحقوق الشائعة المعلومات الوافية عن حالة التصفية ، وأن يضع تحت تصرفهم الدفاتر والأوراق المختصة بأعمال التصفية .

م 936 : إن المصفى ملزم بالواجبات التي تترتب على الوكيل المأجور فيما يختص بتقديم حساباته وإعادة المال الذي قبضه عن طريق وكالته . وعليه أن ينظم عند نهاية التصفية قائمة الجرد وموازنة الموجودات والديون ، ويلخص فيها جميع الأعمال التي أجراها والحالة النهائية التي نتجت عنها .

م 937 : لا تعد وكالة المصفى دون مقابل ، وإذا لم تعين اجرته ، فللقاضي أن يحدد مقدارها ، ويبقى لأصحاب الشأن حق الاعتراض على القيمة المقررة .

م 938 : ليس للمصفى الذي دفع من ماله ديوناً مشتركة إلا حق إقامة الدعاوى المختصة بالدائنين الذين اوفى دينهم . وليس له حق الرجوع على الشركاء أو على أصحاب الحقوق الشائعة إلا بنسبة حصصهم .

م 939 : بعد نهاية التصفية وتسلم الحسابات يوزع المصفى دفاتر الشركة المنحلة وأوراقها ومستنداتها قلم المحكمة أو محلا آخر أمينا تعينه المحكمة ، ما لم تعين غالبية الشركاء شخصاً لاستلامها . ويجب أن تبقى محفوظة في المحل المذكور مدة خمس عشرة سنة من تاريخ الإيداع . ويحق لذوى الشأن ولورثتهم أو خلفائهم في الحقوق أو المصفين أن يراجعوا المستندات ويدققوا فيها . ( وهذه الأحكام التفصيلية تتفق في مجموعها مع المبادئ العامة للتقنين المصري ) .

( [29] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 .

( [30] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 – وبديهي أنه إذا تضمن عقد تأسيس الشركة أو القرار الصادر بتعيين المصفى من أغلبية الشركاء أو من القضاء بياناً لسلطة المصفى في إجراء هذه الأعمال ، لم يجز للمصفى إني خرج عن الحدود المرسومة له . فإذا لم يكن هناك نص على تحديد سلطته ، اتبعت القواعد التي سنتولى بسطها .

( [31] ) وقد ينص عقد تأسيس الشركة ، وبخاصة إذا لم يكن في الشركة غير شريكين اثنين ، أنه إذا انحلت الشركة كان لأحدهما الحق أن يوفى الشريك الآخر مبلغاً معيناً أو قيمة نصيب مقدرة حسب دفاتر الشركة ، ويستأثر هو بمال الشريك ( أنظر م 919 لبناني آنفاً فقرة 711 في الهامش – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 62 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1071 مكررة ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان الأصل في تصفية الشركات عند انقضائها هو قسمة أموالها بحسب سعر بيعها أو توزيع هذه الأموال عيناً على الشركاء كل بنسبة حصته في صافي أموالها إن أمكن ، إلا أنه من الجائز للشركاء أن يتفقوا مقدماً فيما بينهم على أنه عند انقضاء مدة الشركة تنحل من تلقاء نفسها وتصبح أصولها وخصومها والتوقيع عنها من حق أحد الشريكين على أن يتحمل بجميع ديونها ويعطي الشريك الآخر ما يخصه في موجوداتها بحسب ما تسفر عنه الميزانية التي تعمل بمعرفة الطرفين . ولفظ الميزانية إذا ذكر مطلقاً من كل قيد ينصرف بداهة إلى ميزانية الأصول والخصوم الجاري العمل بها في الشركات أثناء قيامها والتي تقدر فيها الموجودات بحسب قيمتها الدفترية ، لا بحسب سعرها المتداول في السوق ( نقض مدني 24 يونيه سنة 1954 مجموعة أحكام لانقض 5 رقم 154 ص 991 ) .

( [32] ) أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش – ولا توضع الأختام على أموال الشركة ، إذ أن ذلك يعطل أعمال التصفية . ولكن يجوز لدائني الشركة إني حصلوا على أمر من القضاء بوضع الأختام كإجراء تحفظي محافظة على حقوقهم ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 545 ) . كذلك يجوز وضع الشركة وهي في حالة التصفية تحت الحراسة كإجراء تحفظي مؤقت . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين مما جاء في الحكم أن المحكمة قد أقامت قضاءها بالحراسة على أموال الشركة استناداً إلى ما تجمع لديها من أسباب معقولة تحسست معها الخطر العاجل من بقاء المال تحت يد حائزه ، وكان ما يدعيه الطاعن من أن الشركة قد حلت وأصبحت لا وجود لها مردوداً بان شخصية الشركة تبقى قائمة بالقدر اللازم للتصفية وحتى تنتهي هذه التصفية ، ولما كانت مأمورية الحارس هي تسلم وجرد أموال الشركة بحضور طرفي الخصوم للمحافظة على حقوق الطرفين المتنازعين بإثبات ما تكشفت عنه أوراق الشركة وما هو ثابت في السجلات العامة من حقوق أو ديون أو ما يصل إلى علم الحارس من أي طريق كان لمعرفة الحقوق المالية التي تصلح عنصراً للتصفية وليس من شأنه الأضرار بأي من الطرفين إذ أنه لا يقتضي البحث في سند حق كل منهما ، فإن الحكم لا يكون مخالفاً للقانون ( نقض مدني 30 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 12 ص 63 ) .

( [33] )  أنظر عكس ذلك فورنييه فقرة 133 ص 157 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ societe civile فقرة 246 .

( [34] ) وتقول المادة 932 من التقنين اللبنانين في هذا الصدد : ” لا يجوز للمصفى عقد الصلح ولا التحكيم ولا التخلى عن التأمينات إلا مقابل بدل أو تأمينات أخرى معادلة لها . كذلك لا يجوز له أن يبيع جزافاً المحل التجاري الذي فوضت إليه تصفيته ، ولا أن يجرى تفرغاً بلا عوض . . . ” ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [35] ) وهذا ما لم ير من المصلحة أن يوفى الديون المؤجلة فوراً إذا كان الأجل لمصلحة الشركة فينزل عن الأجل . وإذا تخلف بعض دائني الشركة عن التقدم لاستيفاء حقوقهم ، وقسمت أموال الشركة بعد التصفية على الشركاء كان لدائني الشركة حق تتبع أعيان الشركة بيد الشركاء ، فيتقدمون فيها على الدائنين الشخصيين للشركاء ، وإلا فإن دائني الشركة يرجعون على الشركاء في أموالهم الخاصة ويزاحمهم فيها دائنو الشركاء الشخصيون ( فورنييه فقرة 137 ) .

( [36] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 403 – وانظر المادة 929 من التقنين اللبناني آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [37] ) استئناف مختلط 30 ابريل سنة 1941 م 53 ص 163 – وانظر م 930 من التقنين اللبناني آنفاً فقرة 723 في الهامش . وانظر عكس ذلك الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 549 .

( [38] ) وقد تقتصر تصفية الشركة على المنقول وترجأ تصفية العقار المتنازع فيه . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم إذ قصر تصفية الشركة على المنقول وأرجأ تصفية العقار حتى يفصل نهائياً في النزاع الجدى الذي قام على ملكيته بين الشركة وبين الشركاء الموصين ، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 19 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 155 ص 1163 ) .

( [39] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 399 .

( [40] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 400 – ص 401 – و أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [41] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن لكل مصف الحق في بيع أعيان الشركة ، سواء كان بالمزاع العمومي أو بالممارسة متى كانت ورقة التعيين لا تمنع ذلك ، وما دام حصول القسمة المادية غير ممكن ، فالبيع لازم لأجل إتمام التصفية ( استئناف وطني 3 أكتوبر سنة 1899 الحقوق 14 ص 375 ) .

( [42] ) وتقول المادة 928 من التقنين اللبناني في هذا الصدد : ” إن المصفى يمثل الشركة الموضوعة تحت التصفية ، ويدير شؤونها . وتشمل وكالته جميع الأعمال الضرورية لتصفية مالها وإيفاء ما عليها ، وتشمل خصوصاً . . البيع القضائي لأموال الشركة غير المنقولة التي لا تتسنى قسمتها بسهولة ، وبيع البضائع الموجودة في المستودع وبيع الأدوات . كل ذلك مع مراعاة القيود الموضحة في الصك الذي أقامه مصفياً ، ومراعاة القرارات التي يتخذها الشركاء بالإجماع في أثناء التصفية ” ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [43] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 400 – وانظر آنفاً فقرة 723 في الهامش – هذا ويجوز للمصفى أن يعهد إلى الغير ببعض أعمال التصفية ، وأن يستأنس برأي الخبراء في الأعمال التي يقوم بها ، ولكنه يبقى هو المسئول وحده أمام الشركاء . ولكن لأي جوز له أن يعهد للغير بأني قوم بجميع أعمال التصفية ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1917 م 29 ص 300 ) ، لأن شخصية المصفى ملحوظة وقت تعيينه ، فيجب أن يقوم هو بنفسه بأعمال التصفية إلا ما يحتاج فيه إلى معاونة الغير أو إلى رأي خبير . وتقول المادة 933 من التقنين اللبناني في هذا الصدد : ” يحق للمصفى أن يستنيب غيره في إجراء أمر أو عدة أمور معينة ، ويكون مسئولا عن الأشخاص الذين يستنيبهم ، وفاقاً للقواعد المختصة بالوكالة ” ( أنظر آنفاً فقرة 723 في الهامش ) .

( [44] ) ويبدو أن مسئوليته تكون كمسئولية الوكيل ، فتزيد هذه المسئولية إذا كان بأجر ( أنظر في مسئولية المصفى فرونييه فقرة 139 ) .

( [45] ) فورنييه فقرة 132 ص 154 .

( [46] ) أنظر في كل هذه النصوص آنفاً فقرة 723 في الهامش .

( [47] ) قارن فورنييه فقرة 131 ص 152 .

( [48] ) ومع ذلك فقد قضت محكمة مصر الكلية بأن المصفى يعتبر وكيلاً عن الشركة بأجر ، وبأنه إذا حكمت المحكمة بحل شركة وبتعيين مصف وقدرت له أمانة يدفعها المدعى ، ثم أحجم طرفا الدعوى عن دفع الأمانة ، فإن ذلك لا يحول دون أن تسير المحكمة في تنفيذ حكمها بإجراء التصفية وبتكليف المصفى مباشرة عمله في الحدود التي رسمها له الحكم على أن يتقاضى أجره من مال الشركة بالقدر المعين في الحكم أو بما يزيد عنه حسب قيامه بعمله وتقدير المحكمة له مستقبلا . ولا تقاس حالة المصفى على المادة 227 مرافعات من أنه إذا لم تودع أمانة الخبير من الخصم المكلف بإيداعها ولا من غيره من الخصوصم ، فلا يلزم الخبير بأداء مأموريته ، للخلاف الكبير بين عمل الخبير العادي والمصفى ( مصر الكلية 13 مايو سنة 1954 المحاماة 36 رقم 30 ص 111 ) .

( [49] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 720 / 2 و 3 و 4 على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدين الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 564 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 536 / 2 و 3 و 4 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 402 – ص 405 ) .

( [50] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 504 / 2 و 3 و 4 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 534 / 2 و 3 و 4 ( مطابق ) .

م 535 : 1 – يحق للشركاء الذين ساهموا بتقديم أشياء لمجرد الانتفاع بها استردادها بالحالة التي هي عليها . 2 – أما إذا هلكت هذه الأشياء أو تضررت لسبب يرجع إلى القائمين بالإدارة ، فيحق للشركاء أن يطالبوا بالتعويض عن الضرر على حساب أموال الشركة ، دون المساس بالحق في ملاحقة المديرين . ( وهكذا الحكم يتفق مع القواعد العامة ) .

التقنين المدني العراقي م 655 / 2 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 160 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل ، ولكن نصوص التقنين المصري تتفق مع القواعد العامة فيمكن تطبيقها في لبنان .

( [51] ) أنظر آنفاً فقرة 731 .

( [52] ) فورنييه فقرة 142 .

( [53] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الثانية من المادة 536 مدني : ” والفقرة الثانية تبين كيفية قسمة رأس المال بين الشركاء . فإذا كانت الحصة التي قدمها الشريك هي مال معين ، فله ما يعادل قيمتها المبينة بالعقد ، أو قيمتها وقت تسليمها إن لم تكن مبينة بالعقد : م 588 من التقنين البولوني . وإذا كان الشريك قد اقتصر على تقديم عمله أو كانت حصته هي حق المنفعة بمال أو مجرد الانتفاع به ، فإنه لا يتصور استرداده لقيمة الحصة في هذه الحالة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 403 ) .

( [54] ) أنظر آنفاً فقرة 189 وما بعدها .

( [55] ) أنظر آنفاً فقرة 192 وما بعدها .

( [56] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 404 .

( [57] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 404 .

( [58] ) ولكن يسترد الشريك الذي حصته منفعة العين المنتفع بها ، ويستردها بالحالة التي هلي عليها . وإذا هلكت أو تعيبت بخطأ المديرين ، رجع الشريك بالتعويض على الشركة ، دون إخلالاً بمسئولية المديرين . أما إذا هلكت بسبب أجنبي ، فالهلاك على الشريك . أنظر في هذا المعنى م 535 ليبي آنفاً فقرة 259 في الهامش ، وانظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 385 ص 68 – جوسران 2 فقرة 1337 .

وإذا كانت حصة الشريك هي الانتفاع بترخيص ( Permis ) أو بالتزام ( concession ) ، كان لهذا الشريك استرداد الترخيص أو الالتزام عند تصفية الشركة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1937 م 49 ص 163 ) .

( [59] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 721 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 565 في المشروع النهائي ، ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 537 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 406 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 505 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 536 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 656 ( مطابق ) . وانظر في شركة الوجوه وشركة المضاربة وشركة الأعمال في التقنين المدني العراقي المواد 658 إلى 683 من هذا التقنين .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : يورد أحكام قسمة الأموال الشائعة تفصيلا في المواد 941 إلى 949 – ذلك أن هذا التقنين قد جميع بين شركة الملك ( أي المال الشائع ) وشركة العقد ، فصح أن يورد أحكام قسمة المال الشائع في كتاب الشركات بهذا المعنى الواسع .

محامي الأردن

منشور في مقال توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

 أسباب حل الشركة بحكم من القضاء

 أسباب حل الشركة بحكم من القضاء

233 – حالتان : قد تحل الشركة بحكم من القضاء ، ويتحقق ذلك  375  في حالتين ( 1 ) يطلب أحد الشركاء من القضاء حل الشركة لسبب يبرر ذلك .

( 2 ) يطلب أحد الشركاء فصل شريك آخر لسبب يسوغ ذلك ، أو يطلب الشريك إخراجه من الشركة مستنداً إلى أسباب معقولة وهنا تنحل الشركة .

 المطلب الأول

 حل الشركة بحكم قضائي

234 – النصوص القانونية : تنص المادة 530 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر لا يرجع إلى الشركاء ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل ” .

 ” 2 – ويكون باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك ” ( [1] ) .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 446 / 543 ( [2] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 498 – في التقنين المدني الليبي المادة 524 – وفي التقنين المدني العراقي  376  المادة 649 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 914 ( [3] ) .

235 – الأسباب التي تسوغ حل الشركة قضائياً : قد يطلب أحد الشركاء إلى القضاء حل الشركة لسبب يرجع إلى خطأ شريك آخر ، ويكون هذا بمثابة الفسخ القضائي للشركة ( [4] ) . ومن الأسباب التي ترجع لخطأ أحد الشركاء ألا يفي هذا الشريك بما تعهد به نحو الشركة ، كأن يقصر في العمل الذي تعهد بالقيام به لمصلحة الشركة ، أو يكون غير  377  كفء له أو ألا يسلم للشركة حصته من رأس المال ( [5] ) . كذلك إذا كان الشريك مديراً غير قابل للعزل ، فأهمل في إدارته أو خالف أغراض الشركة او نظمها أو أحكام القانون ، فإن هذا سبب يرجع إلى خطأ الشريك ، ويسوع لأي شريك آخر أن يطلب حل الشركة من القضاء وإذا ثبت على أحد الشركاء غش أو تدليس أو خطأ جسيم يبرر حل الشركة ، جاز لأي من الشركاء أن يطلب من القضاء حل الشركة لهذا السبب . ولا حصر للأسباب التي ترجع إلى خطأ أحد الشركاء ، فوجود السبب وتقدير خطورته وهل هو يبرر حل الشركة أمر متروك تقديره إلى القاضي ( [6] ) .

فإذا ثبت على أحد الشركاء خطأ يبرر حل الشركة ، لم يجز لهذا الشريك المخطئ أن يطلب هو الحل ، ولكن يجوز لأي شريك آخر أن يطلب الحل كما قدمنا ، فإذا قدر القاضي أن السبب كاف لحل الشركة قضى بحلها ، وجاز له أن يحكم على الشريك المخطئ بالتعويض ( [7] ) .

  378  

وقد يكون السبب الذي يطلب أحد الشركاء حل الشركة من أجله غير راجع إلى خطأ أي شريك آخر مثل ذلك أن يمرض أحد الشركاء مرضاً خطيراً يعجزه عن القيام بعمله في الشركة ، أو يستحيل عليه معه الوفاء بالتزاماته نحو الشركة ، أو يهلك الشيء الذي قدمه حصة في الشركة قبل تسليمه تسبب أجنبي ويعتبر سوء التفاهم المستحكم بين الشركاء ( [8] ) ،ووقوع حوادث طارئة غير متوقعة يجل من العسير على الشركة الاستمرار في نشاطها ، أسباباً تسوغ طلب حل الشركة من القضاء .وهنا أيضاً يترك للقاضي تقدير خطورة السبب ، وما إذا كان يبرر حل الشركة ( [9] ) .

وإذا كان السبب لا يرجع إلى خطأ أحد من الشركاء ، جاز لكل شريك أن يطلب من القضاء حل الشركة ،ولا تجوز المطالبة بتعويض إذ لا تقصير في جانب أحد من الشركاء ( [10] ) .

236 – الأثر الذي يترتب على حل الشركة قضائياً : وحل الشركة قضائياً هو فسخ لها . وشأن الشركة في ذلك شأن كل عقد ينشئ التزامات متقابلة ، إذا لم ينفذ جانب ما عليه من التزامات ، كان للقاضي أن يفسخ العقد . غير أنه لما كان عقد الشركة عقداً زمنياً كعقد الإيجار ، فإن الفسخ لا يكون له أثر رجعي ( [11] ) .

  379  

237 – حق طلب الحل القضائي من النظام العام وهو حق شخصي للشريك : وحق الشريك في طلب حل الشركة حلا قضائياً يعتبر من النظام العام ، فكل اتفاق بين الشركاء يقضي بغيره يكون باطلاً ، ولا يجوز للشريك أن يتنازل عنه قبل حدوث سببه ( م 530 / 2 مدني ) ( [12] ) .وهو حق شخصي للشريك ، يترك إلى تقديره الخاص ، فلا يجوز لدائنيه استعماله بطريق الدعوى غير المباشرة ( [13] ) .

 المطلب الثاني

 فصل أحد الشركاء أو طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة

238 – النصوص القانونية :تنص المادة 531 من التقنين المدين على ما يأتي :

 ” 1 – يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أي من  380  الشركاء يكون وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ، على أن تظل الشركة قائمة فيما بين الباقين ” .

 ” 2 – ويجوز أيضاً لأي شريك ، إذا كانت الشركة معينة المدة ، أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفي هذه الحالة تنحل الشركة ما لم يتفق باقي الشركاء على استمرارها ( [14] ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ( [15] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 499 – وفي التقنين المدني الليبي م 527 و م 529 – وفي التقنين المدني العراقي م 650 –وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 – 915 و م 918 – 919 ( [16] ) .

  382  

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن هناك حالتين 😦 1 ) طلب أحد الشركاء فصل الشريك آخر ( 2 ) طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة د

239 – طلب أحد الشركاء فصل شريك آخر : قدمنا أن للشريك أن يطلب من القضاء حل الشركة إذا وجدت أسباب تبرر هذا الحل ، والقضاء يقدر خطورة هذه الأسباب وما إذا كانت تسوغ الحكم بالحل . وقد يكون هذه الأسباب آتية من جهة أحد الشركاء كعدم وفاء هذا الشريك بالتزاماته أو صدور غش منه أو خطأ جسيم . ولكن قد يرى الشركاء أنه يكفي فصل الشريك المعترض عليه دون حل الشركة ، إذ تكون الشركة ناجحة في أعمالها أو على وشك النجاح ، وان وجود هذا الشريك فيها هو وحده محل الاعتراض . فأجاز القانون لأي من الشركاء في هذه الحالة أن يطلب من القضاء ، لا حل للشركة ، بل فصل الشريك الذي تكون تصرفاته محل اعتراض ، ، على أن تظل الشركة قائمة بين باقي الشركاء والقاضي هو الذي يقدر ما إذا كان سبب الاعتراض على الشريك يبرر فصله ( [17] ) .

  383  

وقد يكون الشريك المعترض عليه قد وفي بجميع التزاماته ولم يصدر منه غش أو خطأ يبرر فصله ، ولكنه عندما طلب إليه الشركاء الموافقة على مد أجل الشركة لم يقبل المد وللم يبد أسباباً معقولة لهذا الرفض .فيجوز لأي شريك آخر في هذه الحالة أن يطلب من القضاء فصل هذا الشريك من الشركة ، حتى يتمكن سائر الشركاء من مد الشركة إلى أجل جديد .

وإذا حكم القضاء بفصل الشريك المعترض عليه ، بقيت الشركة قائمة بين باقي الشركاء واستمرت في أعمالها طبقاً لنظمها .أما الشريك المفصول فيصفي نصيبه في الشركة على الوجه الذي رأيناه في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني ، فيقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم الفصل ويدفع له نقداً ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق ، إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على الفصل ( [18] ) .

240 – طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة : وكما يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء فصل شريك آخر لمبررات تسوغ ذلك على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، كذلك يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة . ومن الأسباب المعقولة التي يستند إليها الشريك في طلب إخراجه من الشركة أن تضطرب حالته المالية بحيث يصبح محتاجاً إلى تصفية نصيبه في الشركة ليستعين به على إصلاح حاله ، أو أن تستدعي حالته الصحية أو ظروفه الخاصة اعتزال العمل فيعمد إلى تصفية أعماله ويدخل في ذلك تصفية نصيبه في الشركة . والقضاء هو الذي يقدر ما إذا كانت الأسباب التي يتقدم بها الشريك  384  لإخراجه من الشركة أسباباً تبرر إجابته إلى هذا الطلب وقد كان من الممكن ، من غير هذا النص ، أن يطلب الشريك إخراجه من الشركة بموافقة سائر الشركاء ، ويتفق باقي الشركاء على إبقاء الشركة فيما بنهم .ولكن قد يعتذر على الشريك الذي يريد الخروج من الشركة أن يحصل على موافقة شركائه على ذلك ، فأضيف هذا النص في لجنة المراجعة ( [19] ) حتى يستطيع الشريك أن يلجأ إلى القضاء في هذه الحالة ويطلب الحكم بإخراجه .

ويلاحظ أنه يشترط لجواز استعمال الشريك هذا الحق في إخراجه من الشركة أن تكون الشركة معينة المدة أو محددة العمل ، بحيث أنها لا تنقضي إلا بانتهاء المدة أو بانتهاء العمل ،فيجد الشريك أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ، فالشريك الذي يريد الخروج من الشركة مندوحة من طلب ذلك إلى القضاء ، إذ يستطيع في هذه الحالة أن ينسحب من الشركة بان يعلن إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء ، على ألا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير لائق ، وذلك تطبيقاً لأحكام الفقرة الأولي من المادة 529 مدني ، وقد سبق بيان ذلك ( [20] ) .

فإذا ما أقر القضاء الشريك على طلب إخراجه من الشركة ، صفي نصيب هذا الشريك على الوجه المقرر في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني التي تقدم ذكرها ، فيقدر النصيب بحسب قيمته يوم القضاء بالإخراج ويدفع له نقداً ، ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة علي القضاء بالإخراج ( [21] )  385  ثم أن القضاء بإخراج الشريك من الشركة يترتب عليه حلها ، كما يترتب حل الشركة على خروج أحد الشركاء بأي سبب آخر ، كانسحاب أو موته أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه . ولكن يجوز مع ذلك لباقي الشركاء أن يتفادوا في هذه الحالة ، وفي غيرها من الحالات الأخرى كما سبق القول ، حل الشركة ، وان يتفقوا على استمرارها فيما بينهم وحدهم دون الشريك الذي خرج

منشور في مقال توكيل محامي


( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 714 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 558 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 530 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – ص 386 ) .

( [2] ) التقنين المدني السابق م 446 / 543 : يجوز للمحاكم أن تفسخ الشركة بطلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك آخر بما تعهد به ، أو لوقوع منازعة قوية بين الشركاء تمنع جريان اشغال الشركة ، أو لأي سبب قوي آخر غير ذلك .

( وأحكام التقنين المدني السابق تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [3] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 498 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 524 : يجوز أن تنطق بحلى الشركة السلطة القضائية بناء على طلب أحد الشركاء ، وذلك إذا أخل الشركاء الآخرون بواجباتهم أو الأسباب جسيمة أخرى لا يد للشركاء فيها . ويقع باطلا كل شرط يقضي بخلاف ذلك .

( وأحكام التقنين الليبي تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 649 : يجوز للمحكمة أن تحل الشركة بناء على طلب الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به ، أو لأي سبب آخر تقدر المحكمة أن له من الخطورة ما يسوغ حل الشركة . ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المدني – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 150 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 : يحق لكل من الشركاء أن يطلب حل الشركة حتى قبل الأجل المعين ، إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام اختلافات هامة بين الشركاء ، أو عدم إتمام أحدهم أو عدة منهم للموجبات الناشئة عن العقد ، أو استحالة قيامهم بها . ولا يجوز للشركاء أن يعدلوا مقدما عن حقهم في طلب حل الشركة في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [4] ) ويستوى أن تكون الشركة محددة المدة أو تكون مدتها غير محددة ، ولا يغني في الحالة الأخيرة حق الشريك في الانسحاب عن حقه في طلب الفسخ القضائي ( بودري وفال 23 فقرة 458 ) . وإذا اشترط في عقد شركة أن من يطلب فسخ العقد بلا سبب يكون ملزماً بدفع مبلغ بصفة تعويض ، فهذا التعويض لا يكون واجباً على الذي فسخ العقد بسبب مخالفات أو خيانة صدرت من شريك آخر إضراراً بالشركة ( استئناف وطني 15 نوفمبر سنة 1904 الاستقلال 14 ص 40 ) .

( [5] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان يبين من نصوص عقد الشركة أن الشركة قد تكونت فعلا منذ حرر عقدها وأصبح لها كيان قانونين وقامت فور توقيع الشركاء على العقد المنشيء لها ، كما باشرت نشاطها من اليوم المحدد في العقد ، فإن الشرط الوارد بالعقد والذي يقضي بأنه في حالة تخلف أحد الشركاء عن دفع حصته في رأس المال في الموعد المحدد تسقط حقوقه والتزامات 8 – هذا الشرط لا يعدو أن يكون شرطاً فاسخاً يترتب على تحققه لمصلحة باقي الشركاء انفصال الشريك المتخلف من الشركة قضاء أو رضاء ، ولا يعتبر قيام الشركة معلناً على شرط واقف وهو قيام الشركاء بالدفع . وعلى ذلك فإن تحقق الشرط الفاسخ لا يؤدى إلى انفساخ العقد ما دام أن من شرع لمصلحته هذا الشرط لم يطلب الفسخ ( نقض مدني 13 ديسمبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 139 ص 975 ) .

( [6] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 349 .

( [7] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – ص 386 – بودري وفال 23 فقرة 468 وفقرة 472 – فورنييه فقرة 128 ص 146 .

( [8] ) بودري وفال 23 فقرة 464 – فورنييه فقرة 128 .

( [9] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – واضطراب الحالة المالية للشركة ، وانعدام الأرباح ، وانعدام النقد اللازم لتسيير أعمال الشركة ، كل ذلك يصح أن يكون سبباً للحق القضائي ( بودري وفال 23 فقرة 462 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 348 – فورنييه فقرة 128 ) .

( [10] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 385 – بودري وفال 23 فقرة 469 وفقرة 472 ) .

( [11] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : ” وإذا حكم القاضي بالفسخ ، فإنه خلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي . والشركة إنما تنحل بالنسبة للمستقبل ، أما قيامها وأعمالها في الماضي فإنها لا تتأثر بالحل ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 386 – وانظر أيضاً بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 350 ) .

( [12] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 350 – قارن بردري وفال 23 فقرة 467 .

( [13] ) أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 67 – بودري وفال 23 فقرة 470 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1065 ص 349 . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وحق الشريك في طلب الحل القضائي لوجود مبرر شرعي يدعو إليه يعتبر من الحقوق المتعلقة بالنظام العام ، ولذلك لا يجوز التنازل عنه قبل وقوع سببه ، ويكون باطلا كل اتفاق يحرم الشريك من هذا الحق . كما يلاحظ أيضاً أن هذا الحق شخصي محض ، فلا يستطيع دائنو الشريك ، ولا دائنو الشركة ، طلب الحل بناء على هذا النص ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 386 ) . فادائنو الشركة لا يستطيعون أيضاً طلب حلها قضائياًن ولكن لهم أن ينفذوا بحقوقهم على أموالها ، وأن يشهروا إفلاسها أو إعسارها ( الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 537 ص 605 – أنظر عكس ذلك فورنييه فقرة 128 ص 146 ) .

( [14] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 715 من المشروع التمهيدي مقصوراً على القرة الأولى منه . وفي لجنة المراجعة أضيفت الفقرة الثانية . وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 599 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 531 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 387 – ص 389 ) .

( [15] ) ولذلك يكون التقنين المدني الجديد قد استحدث هذه الأحكام ، ولا تسري على الشركات المدنية التي تكون قد تأسست قبل يوم 156 أكتوبر سنة 1949 فهذه تسري عليها أحكام التقنين المدني السابق .

( [16] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون الشركات الأردني

التقنين المدني السوري م 499 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 527 : 1 – يجوز أن يفصل الشريك لأسباب جسيمة تتعلق بإخلاله بالالتزامات التي يفرضها القانون أو عقد الشركة أو لفقدان الشريك أهليته القانونية أو حرمانه من مزاولة مهنته أو أي مأمورية أو لصدور حكم بعقوبة يترتب عليها حرمانه ولو مؤقتاً من الوظائف العامة . . . 4 – وتقرر فصل الشريك أغلبية الشركاء ، ولا يحسب في هذه الأغلبية الشريك المراد فصله . ويسري الفصل بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغه إلى الشريك المفصول . 5 – ويكون للشريك المفصول أن يرفع اعتراضاً على الفصل إلى المحكمة الابتدائية . ويجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الفصل .

م 529 : 1 – إذا انتهت العلاقة المشتركة إزاء شريك واحد فقط ، لا يحق له أو لورثته إلا مبلغ من النقود يعادل قيمة حصته . وتجرى تصفية الحصة على أساس حالة الشركة المالية يوم انتهاء العلاقةز 2 – وإذا وجدت أعمال لازالت قائمة ، يدخل الشريك أو ورثته في الأرباح أو الخسائر المترتبة على الأعمال ذاتها . ويجب أن يتم دفع الحصة المستحقة للشريك خلال ستة أشهر اعتباراً من اليوم الذي انتهت فيه العلاقة المشتركة . ويظل الشريك أو ورثته مسئولين قبل الغير عن التزامات الشركة إلى اليوم الذي تعد فيه العلاقة منتهية . ويجب أن يبلغ هذا إلى علم الغير بالوسائل الملائمة ، وإلا فقد قوة الاحتجاج به على الغير الذي جهله دون خطأ منه . ( والتقنين الليبي يجعل الفصل بأغلبية الشركاء وللشريك المفصول حق الاعتراض أمام القضاء )

التقنين المدني العراقي م 650 : يجوز للشركاء أن يطلبوا من المحكمة أن تقضي بفصل شريك يكون وجوده في الشركة قد آثار اعتراضاً على مد أجلها ، أو قد تكون تصرفاته مما يكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ، علىان تبقى الشركة قائمة فيما بين الباقين . ( أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 151 – ولم يتكلم التقنين العراقي في طلب الشريك إخراجه من الشركة ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 914 : يحق لكل من الشركاء أن يطلب حل الشركة حتى قبل الأجل المعين ، إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام اختلافات هامة بين الشركاء أو عدم إتمام أحدهم أو عدة منهم للموجبات الناشئة عن العقود أو استحالة قيامهم بها . ولا يجوز للشركا أن يعدلوا مقدماً عن حقهم في طلب حل الشركة في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة .

م 918 : في الحالة المنصوص عليها في المادة 914 وفي جميع الأحوال التي تنحل فيها الشركة بسبب وفاة أحد الشركاء أو غيبته أو الحجر عليه أو إعلان عدم ملاءمة أو بسبب قصر أحد الورثة ، يجوز لسائر الشركاء أن يداموا على الشركة فيما بينهم باستصدار حكم من المحكمة يقضي بإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة ، وفي هذه الحالة يحق للشريك المخرج أو لورثة المتوفى أو غيرهم من الممثلين القانونين للمتوفى أو المحجور عليه أن الغائب أو المعسر ، أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح بعد أن تجرى تصفيتها في اليوم الذي تقرر فيه الإخراج ، ولا يشتركون في الأرباح والخسائر التي تحصل بعد هذا التاريخ إلا بقدر ما تكون ، أي الأرباح والخسائر ، نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال التي سبقت إخراج الشريك الذي يخلقونه أو غيبته أو وفاته أو إعساره . ولا يحق لهم المطالبة بأداء نصيبهم إلا في التاريخ المعين للتوزيع بمقتضى عقد الشركة .

م 919 : إذا كانت الشركة مؤلفة بين اثنين ، جاز للشريك الذي لم يتسبب بانحلالها في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 914 و 915 أن يحصل على إذن من القاضي في إبقاء الشريك الآخر والمداومة على استثمار الشركة أخذا لنفسه مالها وما عليها . ( أنظر م 915 آنفاً فقرة 4705 الهامش ) . و ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [17] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الفقرة الأولى من المادة 531 مدني : ” اقتبس المشروع هذا النص من المادة 561 / 2 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهو نص جديد لا نظير له في التقنين الحالي ( السابق ) . وقد صدر المشروع به أن يقضي على النزاع القائم في الفقه والقضاء فيما يتعلق بصحة اشتراط الحق للشركاء في استبعاد شريك بالاجماع أو بموافقة الأغلبية . . وقد يكون في السماح للشركاء بفصل واحد منهم لسبب جدى ( أنظر م 727 من التقنين الألماني ر م 573 من التقنين البولوني ) مدعاة لخلق جو من عدم الثقة والتشكك فيما بينهم . مع أنه من ناحية أخرى لا يصح أن يقصر حق الشركاء في هذه الحالة على إمكان طلب الحل من القضاء إذ يترتب على ذلك تحمل الشركاء للنتائج المترتبة على تقصير واحد منهم خصوصاً إذا كانت الشركة ناجحة موفقة . لذلك رأينا من المناسب أن نقرر للشركاء الحق في طلب فصل الشريك إذا وجدت أسباب مبررة لذلك . والقاضي هو الذي يقرر وجاهة تلك الأسباب ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 388 ) .

( [18] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

( [19] ) أنظر آنفاً فقرة 239 في الهامش – و مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 388 .

( [20] ) أنظر آنفاً فقرة 232 .

( [21] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

محامي الأردن

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

 حقوق دائني الشركة والدائنين الشخصيين للشركاء

 حقوق دائني الشركة والدائنين الشخصيين للشركاء

 المطلب الأول

 حقوق دائني الشركة

 217 – النصوص القانونية :تنص المادة 523 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – إذا لم تف أموال الشركة بديونها ، كان الشركاء مسئولين عن هذه الديون في أموالهم الخاصة ، كل منهم بنسبة نصيبه في خسائر الشركة ما لم يوجد اتفاق على نسبة أخرى ، ويكون باطلاً كل اتفاق يعفي الشريك من المسئولية عن ديون الشركة ” .

 ” 2 – وفي كل حال يكون لدائني الشركة حق مطالبة الشركاء كل بقد الحصة التي تخصصت له في أرباح الشركة ” .

وتنص المادة 524 على ما يأتي :

 ” 1 – لا تضامن بين الشركاء فيما يلزم كلا منهم من ديون الشركة ، ما لم يتفق على خلاف ذلك ” .

 ” 2 – غير أنه إذا أعسر أحد الشركاء ، وزعت حصته في الدين على الباقين كل بقدر نصيبه في تحمل الخسارة ” ( [1] ) .

  340  

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 249 / 522 و 443 / 540 و 444 / 541 ( [2] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 491 – 492 – وفي التقنين المدني الليبي م 516 – 519 – وفي التقنين المدني العراقي م 643 – 644 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 906 – 908 ( [3] ) .

  341  

218 – حقوق دائني الشركة على أموال الشركة : لما كانت الشركة شخصاً معنوياً ، فأموالها ملك لها خاصة لا للشركاء .ومن ثم تكون هذه الأموال هي الضمان العام لدائني الشركة ، شأن الشركة في ذلك شأن كل  342  مدين .ويكون لدائني الشركة أن يتقاضوا حقوقهم من أموال الشركة بالطرق القانونية المقررة ، ولا يزاحمهم في ذلك الدائنون الشخصيون للشركاء لأن أموال الشركة ليست للشركاء كما قدمنا .وإذا كانت أموال الشركة لا تفي بجميع حقوق دائنيها ، قسمت هذه الأموال بينهم قسمة الغرماء ، مع مراعاة حقوق الدائنين الذين لهم قانون التقدم على سائر الدائنين .

ولا يجوز لدائن الشركة أن ينفذ بحقه على أموال الشركاء الخاصة قبل أن ينفذ على أموال الشركة ، وإلا ينفذ بحقه على أموال الشركاء الخاصة قبل أن ينفذ على أموال الشركة ، وإلا كان للشركاء حق طلب التجريد ( [4] ) . فدائن الشركة يتقاضي حقه أولاً من أموال الشركة ، فإن بقى له شيء رجع به في أموال الشركاء الخاصة ( [5] ) على النحو الذي سنبينه .

219 – حقوق دائني الشركة على أموال الشركاء الخاصة : فإذا فرض أن دائناً للشركة بمبلغ ألفين لم يستوف من مال الشركة غير ألف ، فإنه يرجع بالأف الباقية على الأموال الخاصة للشركاء . ونفرض أن الشركاء أربعة ، وان أنصبتهم في خسائر الشركة متساوية ، فيكون لدائن الشركة في هذه الحالة أن يرجع على كل من الشركاء الأربعة بنسبة نصيبه في خسائر الشركة ( م 523 / 1 مدني ) ، فيرجع على كل منهم بمائتين وخمسين ( [6] ) . ولا يكون هؤلاء الشركاء الأربعة متضامنين نحو دائن الشركة ،  343  إلا إذا كان التضامن مشترطاً ، فعندئذ يستطيع الدائن أن يرجع علي أي من الشركاء بالأف كلها ويرجع من دفع الأف على سائر الشركاء كي بقدر حصته طبقاً لقواعد التضامن .أما إذا كان التضامن غير مشترط ( [7] ) ، فإن دائن الشركة لا يرجع على كل شريك إلا بمائتين وخمسين كما قدمنا ( م 524 / 1 مدني ) ،ولكن إذا أعسر أحد هؤلاء الشركاء فلم يستطيع دائن الشركة أن يتقاضى منه شيئاً ، فإن حصته في الدين ، وهي مائتان وخمسون ، توزع على الثلاثة الباقين كل بقدر نصيبه في تحمل الخسارة ( م 524 / 2 مدني ) . فيرجع دائن الشركة على كل من الثلاثة الباقين بثلاثمائة وثلاثين وثلث ، ويكون الشركاء هم الذين تحملوا تبعة إعسار صاحبهم ، ولم يتحمل الدائن هذه التبعة ، وهذه هي إحدى فوائد التضامن أثبتها القانون لدائن الشركة دون أن يثبت له بقية الفوائد . وإذا أعسر شريكان من الأربعة ، وزع نصيباهما على الاثنين الباقيين ، ورجع دائن الشركة على كل من هذين الاثنين بخمسمائة .

وقد يتفق الشركاء على أن يكون نصيب كل منهم في مسئوليته عن ديون الشركة في ماله الخاص غير نصيبه في تحمل خسائر الشركة ، فيكون نصيب الشريك في تحمل خسائر الشركة مثلاً الربع ونصيبه في المسئولية عن ديون الشركة الثلث ، وعند ذلك يراعى هذا الاتفاق ، ويرجع دائن الشركة على هذا الشريك بثلث ما بقى من حقه لا بالربع فقط .

ويلاحظ أن دائن الشركة إذا رجع على أحد الشركاء في ماله الخاص بنسبة معينة وفقاً للقواعد المتقدم ذكرها ، زاحمه الدائنون الشخصيون لهذا الشريك ، لأن مملوك لمدينهم فيدخل في ضمانهم ، فإذا لم يف مال الشريك الخاص بحقوق دائن الشركة ودائنيه الشخصيين ، فما نقص من  344  حق دائن الشركة يرجع به هذا على بقية الشركاء كل بقدر نصيبه في الخسارة ، لأن هذا إعسار جزئي من أحد الشركاء يتحمله الباقون بهذه النسبة كما سبق القول .

ولا يجوز أن يتفق الشركاء على إعفاء أحدهم من مسئوليته في ماله الخاص عن ديون الشركة ، ويكون هذا الاتفاق باطلاً ، ولا يستطيع الشريك الذي أعفي أن يتمسك بهذا الإعفاء ، لا قبل دائن الشركة ولا قبل سائر الشركاء . والبطلان هنا لنفس الأسباب التي سبق ذكرها عند الكلام في بطلان شركة الأسد ( [8] ) . وإنما يجوز كما قدمنا أن يتفق الشركاء على أن يكون نصيب شريك منهم في مسئوليته عن ديون الشركة في ماله الخاص اقل أو أكبر من نصيبه في تحمل خسائر الشركة .

220 – حقوق دائني الشركة على حصص الشركاء في الأرباح :

على أن هناك جزءاً من أموال الشركاء الخاصة يتميز بان دائني الشركة يستطيعون أن ينفذوا عليه كله دون تقيد بنصيب الشريك في مسئوليته عن الديون ، وذلك هو ما يصيب الشريك من أرباح الشركة . ذلك أن الشريك لا يجوز أن يخلص له ربح من الشركة قبل أن يستوفي دائنو الشركة حقوقهم كاملة ، وإلا كان مثرياً على حساب الدائنين . وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 523 مدني ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : ” يطابق هذا النص ما ورد بالمادة 444 / 541 من التقنين الحالي ( السابق ) . والحكم الوارد به هو تطبيق للقواعد العامة ، إذ لا يجوز أن يثرى شخص بلا سبب على حساب الغير . وعلى ذلك يجوز  345  دائماً للدائن أن يرجع على الشريك بقدر ما عاد عليه من أرباح الشركة ( [9] ) . ونفرض ، تطبيقاً لهذا النص ، أن شريكاً نصيبه في خسائر الشركة هو الثلث ، وقد حصل من أرباحها على أربعمائة ، وان دائناً للشركة بقى له من حقه بعد أن استنفد مال الشركة ستمائة . فالدائن له أن يرجع في هذه الحالة على هذا الشريك في ماله الخاص بثلث ما بقى للدائن ، أي بمائتين .ولكن الدائن يستطيع أيضاً أن يرجع على الشريك بالأربعمائة كلها التي حصل عليها الشريك من أرباح الشركة ، لأن هذا الجزء من مال الشريك الخاص مسئول عن كل ما بقي من ديون الشركة كما قدمنا . فإذا استوفي الأربعمائة من الشريك لم يرجع عليه بشيء آخر لأنه استوفي أكبر القيمتين ، قيمة الثلث وقيمة نصيب الشريك من الأرباح . ويرجع دائن الشركة على بقية الشركاء بالمائتين الباقيتين بعد أن استوفي الأربعمائة ، ويستطيع هنا أيضاً أن يستوفي المائتين من أنصبة بقية الشركاء في الأرباح على النحو الذي قدمناه .

ويلاحظك أن دائن الشركة إذا رجع فيما بقى له من حقه على نصيب شريك في أرباح الشركة ، فإن هذا النصيب وهو مملوك للشريك يزاحمه فيه دائنو الشريك الشخصيون . ففي المثل المتقدم إذا رجع الدائن بالستمائة الباقية له على الشريك في الأربعمائة التي هي نصيبه في الربح ، ولم يكن للشريك ما ل خاص غير ذلك ، وكان له دائن شخصي بستمائة ، زاحم هذا الدائن دائن الشركة في الأربعمائة ، وأخذ كل منهما مائتين . ويرجع دائن الشركة بما بقى له بعد ذلك على الشركاء الآخرين وفقاً للقواعد التي تقدم ذكرها .

ويرجع الدائن على الشريك فيما حصل عليه من أرباح الشركة بسبب  346  العقد الذي أبرمه الدائن مع الشركة ، حتى لو كان هذا الدائن قد تعاقد مع مدير للشركة جاز حدود سلطته أو مع شخص ليست له سلطة الإدارة أصلاً . فما دام هذا التعاقد قد عاد بربح على الشريك ، كان للدائن أن يرجع عليه بمقدار هذا الربح ، إذ يكون الشريك قد أثرى على حساب الدائن فتنطبق قواعد الإثراء بلا سبب .وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وينطبق هذا النص على حالة الشريك الذي تعدى سلطته في الإدارة أو الذي لم تكن له سلطة الإدارة ، ولكنه تعاقد باسم الشركة ، ففي الحالتين لا يسأل الشركاء إلا إذا كان قد عاد عليهم ربح من عمل هذا الشريك ، وبقدر هذا الربح ” ( [10] ) .

ا المطلب الثاني

 حقوق الدائنين الشخصين للشركاء

221 – النصوص القانونية : تنص المادة 525 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” إذا كان لأحد الشركاء دائنون شخصيون ، فليس لهم أثناء قيام الشركة أن تقاضوا حقوقهم مما يخص ذلك الشريك في رأس المال ، وإنما لهم أن يتقاضوا مما يخصه من الأرباح . أما بعد تصفية الشركة فيكون لهم أن يتقاضوا حقوقهم من نصيب مدينهم في أموال الشركة بعد استنزال ديونها ، ومع ذلك يجوز لهم قبل التصفية توقيع الحجز التحفظي على نصيب هذا المدين ” ( [11] ) .

  347  ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكنه متفق مع القواعد العامة .

ويقابل في القنينات المدنية العربية الأخرى :في التقنين المدني السوري م 943 – وفي التقنين المدني الليبي م 520 – 521 – وفي التقنين المدني العراقي م 645 – وفي التقنين الموجبات والعقود اللبناني 909 ( [12] ) .

222 – لا حقوق للدائنين على أموال الشركة :الدائن الشخصي للشريك لا حقوق له على مال الشركة ، إذ أن هذا المال ملك للشركة لا للشريك مدينه كما سبق القول . فهو لا يستطيع أن ينفذ على  348  مال الشركة ، ولو بقدر حصة مدينه في رأس المال . وإذا كان مديناً للشركة فإنه لا يستطيع أن يقاص الدين الذي عليه للشركة بالدين الذي له في ذمة الشريك ، فهو مدين للشركة ودائن للشريك ، والشريك غير الشركة ، فلا تقع المقاصة ( [13] ) .

على أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع أن يستعمل حقوق مدينة الشريك قبل الشركة بطريق الدعوى غير المباشرة . فيستطيع مثلاً أن يطالب باسم الشريك بنصيب هذا في أرباح الشركة ، وإذا كان الشريك دائناً للشركة بحق آخر استطاع دائنه أن يطالب باسمه الشركة بهذا الدين . ويجوز للشريك كذلك أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد الشركة على ما يكون للشريك من حقوق في ذمتها ، كنصيبه في الأرباح أو ديون أخرى .

223 – حقوق الدائنين الشخصيين على أموال الشريك الخاصة المستمدة من الشركة : وللدائن الشخصي للشريك بداهة أن ينفذ على الأموال الخاصة للشريك مدينة فهذه الأموال ضمانه العام . وهو في تنفيذه على هذه الأموال يزاحمه فيها دائن الشركة إذا كان لهذا حق الرجوع على أموال الشريك الخاصة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

ويجوز لدائن الشريك أن ينفذ على أموال الشريك الخاصة التي يستمدها من الشركة ، فيجوز له أن ينفذ على الأرباح التي يقبضها الشريك من الشركة ، ويزاحمه فيها دائماً دائن الشركة بما يتبقى له من حقوق يرجع بها على أموال الشريك الخاصة ، وقد سبق بيان ذلك .

وإذ صفيت التركة أصبح رأس مالها ملكاً شائعاً بين الشركاء ، وأصبح للشريك المدين جزء شائع في هذا المال يدخل ضمن أمواله الخاصة . ومن  349  ثم يملك دائنه الشخصي في هذه الحالة أن ينفذ بحقه على هذا الجزء الشائع ، ولا تتصور مزاحمة دائني الشركة له في هذا الجزء ، فإن التصفية تقتضي أن تكون ديون الشركة قد وفيت جميعاً وما بقى من مال الشركة فهو ملك خالص للشركاء . على أن ذائن الشريك يستطيع قبل التصفية وسداد ديون الشركة أن يتخذ الإجراءات التحفظية بالنسبة حصة الشريك المدين ، فيحجز مثلاً حجزاً تحفيظاً تحت يد المصفي على حصة الشركة ي ، حتى إذا صفيت الشركة وسددت ديونها كان له أن ينفذ على هذه الحصة بعد أن أصبحت ملكاً خالصاً للمدين ( [14] ) .

 الفصل الثالث

 انقضاء الشركة

224 – أسباب انقضاء الشركة وتصفيتها : هناك أسباب تنقضي بها الشركة ، فإذا ما انقضت صفيت أموالها وقسمت ما بين الشركاء . أما القسمة فلا تكون إلا بعد التصفية ، وقد أصبح المال شائعاً بين الشركاء ، فتتبع في قسمته القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع ( م 537 مدني ) .

والكلام في قسمة المال الشائع يكون عند الكلام في الملكية على الشيع فيبقي أن نبحث موضوعين ( 1 ) أسباب انقضاء الشركة ( 2 ) تصفية الشركة .

 الفرع الأول

 أسباب انقضاء الشركة

225 – نوعان من الأسباب : هناك أسباب إذا قامت انقضت الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون ، وهناك أسباب أخرى تبيح لكل شريك أن يطلب من القضاء حل الشركة .

 المبحث الأول

 أسباب انقضاء الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون

226 – أسباب ترجيع إلى محل الشركة وأسباب ترجع إلى الشركاء : الأسباب التي تنقضي بها الشركة من تلقاء نفسها بحكم القانون بعضها يرجع إلى محل الشركة من عمل تقوم به أو مال تستغله ، وبعضها يرجع إلى الشركاء  351  أنفسهم إذا مات أحدهم أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب من الشركة .

 المطلب الأول

 أسباب الانقضاء التي ترجع إلى محل الشركة

227 – انتهاء الميعاد أو العمل وهلاك المال : محل الشركة هو العمل الذي تقوم به والمال الذي تستغله في هذا العمل . فإذا زال هذا المحل زالت الشركة بزواله من تلقاء نفسها بحكم القانون . فنستعرض إذن : ( 1 ) انتهاء ميعاد الشركة أو انتهاء عملها .

( 2 ) هلاك مال الشركة .

228 – انتهاء ميعاد الشركة أو انتهاء عملها – نص قانوني :

تنص المادة 526 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها ، أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله ” .

 ” 2 – فإذا انقضت المدة المعينة أو انتهي العمل ، ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها ” .

 ” 3 – ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ، ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه ( [15] ) ” .

  353  

ويخلص من هذا النص أن الشركة قد يتحدد وقت قيامها بمدة معينة أو بعمل معين . فإذا انتهت هذه المدة أو فرغت الشركة من هذا العمل ، انقضت الشركة بمجرد انتهاء المدة أو بمجرد الفراغ من العمل . فإذا تألفت شركة وحددت مدتها بعشر سنين مثلاً ، فبانتهاء عشر السنين تنقضي الشركة ( [16] ) . وإذا تألفت لبيع أراض محددة ، وفرغت من بيع كل هذه الأراضي ، انتهي عملها فانقضت . وتنقضي الشركة في الحالتين ، ولو كان هذا ضد رغبة الشركاء ، وما عليهم إذا أرادوا الاستمرار في العمل إلا أن يتفقوا على إنشاء شركة جديدة ( [17] ) .

على أنه إذا تحدد لقيام الشركة مدة معينة ، وقبل انتهاء هذه المدة اتفق الشركاء جميعاً على مدها ، امتدت الشركة ذاتها إلى ما بعد المدة المحددة بمقدار ما امتد منها ( [18] ) . فإذا كانت مدة الشركة خمس سنوات مثلاً ، وبعد  354  أربع سنوات اتفق الشركاء على مد المدة ثلاث سنوات أخرى ، بقيت الشركة قائمة إلى ان تنتهي الثمانو السنوات ، خمس هي المدة الأصلية وثلاث امتدت لها الشركة . أما إذا انتهت الخمس السنوات ، فانقضت الشركة بانتهائها ، وأراد الشركاء الاستمرار في العمل ، فإن الشركة التي يؤلفونها عند ذلك تكون شركة جديدة غير الشركة الأولي ، وتحتاج في إنشائها إلى إعادة الإجراءات من كتابة ونشر وغير ذلك . وكذلك أن انتهي العمل الذي ألفت من أجله الشركة ، بأن فرغت الشركة مثلاً من بيع الأراضي المحددة التي تألفت لبيعها ، وأراد الشركاء الاستمرار في العمل بشراء أراض جديدة وبيعها ، كانت الشركة التي يؤلفونها عند ذلك هي أيضاً شركة جديدة غير الشركة الأولي ( [19] ) .

فامتداد الشركة إذن غير تجديدها : الامتداد هو استمرار للشركة  355  الأصلية .والتجديد أما أن يكون تجديداً صريحاً ضمنياً كما في عقد الإيجار . فالتجديد يكون صريحاً إذا اتفق الشركاء صراحة ، بعد انتهاء الشركة الأصلية بانقضاء مدتها أو انتهاء عملها ، على إنشاء شركة جديدة تمضي في نفس الأعمال التي كانت الشركة الأصلية تقوم بها . ويكون التجديد ضمنياً إذا انتهت مدة الشركة أو انتهي عملها ، ومع ذلك استمر الشركاء يقومون بأعمال من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة .ويختلف التجديد الضمني عن التجديد الصريح في شيئين : ( أولاً ) يعتبر استمرار الشركاء في العمل في التجديد الضمني اتفاقاً على إنشاء الشركة الجديدة ، فلا حاجة إلى اتفاق صريح مكتوب كما في التجديد الصريح ( [20] ) ، ولكن يجب النشر في التجديد الضمني كما في التجديد الصريح . ( ثانياً ) في التجديد الصريح يتفق الشركاء على مدة الشركة الجديدة ، أما في التجديد الضمني فقد تكفل المشرع بتحديد هذه المدة إذ تتجدد الشركة الأصلية سنة فسنة بالشروط ذاتها ( [21] ) . وقد كانت الفقرة الأولي من المادة 711 من المشروع التمهيدي واضحة في هذا المعنى ، إذ كانت تجري على الوجه الآتي : ” إ]ذا مد أجل الشركة بعد انقضاء المدة المحددة لها ، كانت هناك شركة جديدة . أما إذا حصل المد قبل انقضاء المدة المحددة ، كان ذلك استمراراً للشركة الأولي ( [22] ) ”  356  

وسواء امتدت الشركة أو تجددت ، فإن الدائن الشخصي للشريك ، إذا لم يجد في الأموال الخاصة لمدينه وفاء بحقه ، كان له أن يعترض على الامتداد أو التجديد ،وان يطلب تصفية نصيب مدينه في الشركة حتى يتمكن من التنفيذ عليه . فيقف أثر الامتداد أو التجديد في حق دائن الشريك ، بل أن الامتداد أو التجديد لا يتم في هذه الحالة بين باقي الشركاء إلا باتفاق جديد يصدر منهم . وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثالثة من المادة 526 مدني كما رأينا ( [23] ) .

229 – هلاك مال الشركة – نص القانوني :تنص المادة 527 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – تنتهي الشركة بهلاك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث لا تبقى فائدة من استمرارها ” .

 ” 2 – وإذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناً بالذات وهلك هذا الشيء قبل تقديمه ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء ( [24] ) ” .

  358  

ويخلص من هذا النص أن الشركة تنقضي بهلاك مالها ، بأن يتلف أو يضيع أو تستنفده الخسائر ( [25] ) ،دون أن يتفق الشركاء على تعويض ما هلك منه بزيادة الحصص ،ودون أن تعوض الشركة عن الهلاك ( [26] ) .

فإذا هلك مال الشركة على هذا الوجه ( [27] ) ، لم تجد ما تستطيع أن تستمر به في أعمالها ، ويتحتم أن تنقضي بمجرد هلاك المال . وليس من الضروري أن يكون هلاك المال مادياً ، بل يصح أن يكون معنوياً كما لو سحبت الرخصة التي تتيح للشركة القيام بعملها أو أبطل حق الاختراع الذي تستغله ( [28] ) .

وليس من الضروري أن يهلك كل المال ، بل يكفي أن يهلك جزء كبير منه بحيث لا يكفي الباقي بأن تقوم الشركة بعمل نافع . فإذا هلكت مباني الشركة بسبب حريق مثلاً ،وكانت المباني هي العنصر الأساسي في رأس المال ولا تستطيع الشركة بعد حريق المباني أن تواصل عملها ، انقضت ، إلا إذا كانت المباني مؤمناً عليها وقبضت الشركة مبلغ التأمين فإنها تبقى وتعيد المباني . وليس هناك حد ثابت للهلاك الجزئي يجب الوصول إليه لانتهاء الشركة والأمر متروك تقديره إلى القاضي عند الخلاف بين الشركاء ، فإذا رأى أن الشركة لا تستطيع مواصلة العمل بالباقي من مالها حكم بأن الشركة قد انقضت .وقد ينص عقد تأسيس الشركة على نسبة معينة للهلاك الجزئي ،  359  كأن يتفق على أنه هلك تصف أموال الشركة أو ثلثها اعتبرت الشركة منقضية ( [29] ) .

ويلحق بهلاك مال الشركة أن تهلك حصة أحد الشركاء إذا كانت الحصة شيئاً معيناً بالذات تعهد الشريك بتقديمه ملكية أو منفعة ، وهلك قبل تسليمه للشركة ( [30] ) . وقد رأينا أن تبعة هلاك الشيء المعين  360  بالذات الذي تعهد أحد الشركاء بتقديمه حصة في الشركة تكون قبل التسليم على الشريك . ولكن الشريك فقي هذه الحالة لا يلزم بتقديم يدل عن الشيء الذي هلك ، وإذا هو لم يتفق مع سائر الشركاء على تقديم هذا البدل فلا إجبار عليه في ذلك ،وله أن ينسحب من الشركة . فتصبح الشركة على هذا النحو في وضع لم تستكمل فيه جميع رأس مالها ، ويترتب على ذلك انعدام عنصر أساسي من عناصر الشركة وهو مساهمة كل شريك بحصة في رأس المال ( [31] ) . وهذا لا يمنع من أن يتفق باقي الشركاء على بقاء الشركة فيما بينهم بالرغم من انسحاب الشريك الذي هلكت حصته ، بل لا يوجد ما يمنع كما قدمنا من الاتفاق مع هذا الشريك على أن يبقى ويقدم حصة بدلاً من الحصة التي هلكت .

ويلاحظ أن هلاك حصة الشريك قبل تسليمها للشركة يجعل الشركة تنحل ، حتى لو كانت الحصص الباقية كافية ليقام الشركة بأعمالها أما هلاك هذه الحصة ذاتها بعد تسليمها للشركة فلا يجعل الشركة تنحل ، إذا كان الباقي من مال الشركة كافياً لاستمرارها في العمل . والفرق بين الفرضين أنه في حالة هلاك حصة الشريك قبل تسليمها للشركة يصبح الشريك غير المساهم في رأس مال الشركة ، لأن الحصة تهلك عليه لا على الشركة . أما بعد تسليم الحصة للشركة ، فهلاكها على الشركة لا عليه ، ويصبح هو مساهماً في رأس مال الشركة بالرغم من هلاك الحصة .

 المطلب الثاني

 أسباب الانقضاء التي ترجع إلى الشركاء

230 – طائفتان من الأسباب : وأسباب انقضاء الشركة التي ترجع  361  إلى الشركاء تنقسم إلى طائفتين من الأسباب ( 1 ) موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه ( 2 ) انسحاب أحد الشركاء من الشركة أو إجماع الشركاء على حلها .

231 – موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه : نص قانوني :تنص المادة 528 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” ” 1 – تنتهي الشركة بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإعساره أو بإفلاسه ” .

 ” 2 – ومع ذلك يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثته ، ولو كانوا قصراً ” .

 ” 3 – ويجوز أيضاً الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء أو حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو انسحب وفقاً لأحكام المادة التالية ، تستمر الشركة فيما بين الباقين من الشركاء . وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة ، ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته وقت وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة ويدفع له نقداً .ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق ، إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على ذلك الحادث ” ( [32] ) .,

  363  

ويخلص من هذا النص أن الشركة تنقضي إذا مات أحد الشركاء فلا تحل ورثته محله ، إذ أن شخصية الشريك في الشركات المدنية تكون  364  دائما محل اعتبار وتقوم الشركة على الثقة الشخصية ما بين الشركاء والشركاء إنما تعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك الشخصية لا إلى صفات الورثة ( [33] ) . على أنه لا يوجد ما يمنع من أن ينص في عقد الشركة على أنه في حالة موت أحد الشركاء تبقي الشركة قائمة ، ويحل الورثة محل الشريك الذي مات ( [34] ) . فيتبين عندئذ أن الشركاء لم يتعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك ، وأنه لا مانع عندهم من أن يحل محل الشريك ورثته .وقد يكون هذا الاتفاق ضمنياً ، كما إذا اتفق الشركاء في عقد الشركة على جواز تنازل الشريك عن حقه في الشركة لأجنبي وإحلال المتنازل له محله في الشركة ( [35] ) ، فيفهم من ذلك أنه لا يوجد مانع عند الشركاء من أن يحل محل الشريك غيره ، وإذا جاز للأجنبي أن يحل محل الشريك فأولي أن يحل محله الورثة ( [36] ) فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على هذا النحو ( [37] ) ومات أحد الشركاء لا تنقضي بل تبقى قائمة ، ويحل محل  365  الشريك الذي مات ورثته ، ولو كان هؤلاء الورثة قصراً دون حاجة إلى إذن من المحكمة ( [38] ) . ويمثل الورثة القصر في الشركة الولي أو الوصي ( [39] ) . وقد يعترض على الحكم بأن ورثة الشريك يصبحون شركاء دون رضائهم ، ولكن يسهل دفع هذا الاعتراض إذا لوحظ أن الورثة يؤول إليهم من مورثهم حقه في الشركة لا الأعيان والأموال المملوكة للشركة ، فيجدون أنفسهم شركاء وقد دفع مورثهم الحصة عنهم . ” وهذا الوضع لا ينبغي أن يتغير بسبب قصر ورثة الشريك ، وفي الإجراءات المقررة في قانون المحاكم الحسبية ( قانون الولاية على المال ) والأحكام الأخرى الواردة في باب الشركات ما يكفل حمايتهم . على أنه يلاحظ أن هذا الحكم لا يسري إلا باتفاق خاص ( [40] ) ، والشريك لا يرتضى ذلك إلا إذا كان لديه من الاعتبارات ما يجعله مطمئناً إلى مستقبل وارثه ، أما ترك الأمر لتقدير الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر فلا يتمشى مع استقرار التعامل ” ( [41] ) .

  366  

وكما يجوز أن ينص في عقد تأسيس الشركة أن الشركة تبقى مع ورثة من يموت من الشركاء ، كذلك يجوز النص على أن الشركة تبقى بين الباقي من الشركاء وحدهم ( [42] ) . وفي هذه الحالة الأخيرة يأخذ الورثة نصيب مورثهم في الشركة نقداَ ، وقدر هذا النصيب بحسب قيمته وقت موت الشريك ، ولا يكون للورثة نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على موت الشريك ( م 528 / 3 مدني ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” كذلك يمكن الاتفاق على أن الشركة لا تنحل بوفاة أحد الشركاء … بل تستمر بين بقية الشركاء ،ويقصد بهذا الشرط تفادي حل الشركة ناجحة وقسمتها قسمة عينية . فيستولي ( ورثة ) الشريك . . على قيمة الحصة نقداً ، حتى لو لم يذكر ذلك صراحة في الشرط . وتقدر الحصة باعتبار قيمتها النقدية يوم الوفاة . .ولا ينظر إلى ما يتم بعد ذلك من عمليات إلا إذا كانت نتيجة لازمة لعمليات سابقة . ولما كان هذا التقدير يتطلب مصاريف باهظة ، كما أن الوفاة بقيمة الحصة دفعة واحدة يؤثر في مركز الشركة المالي ، فإنه غالباً ما يتفق في العمل على تقدير الحصة بحسب آخر جرده ( [43] ) عمل قبل تحقق الحادث الذي أدى إلى خروج الشريك  367  ( الوفاة ) ، كما يتفق على أن تدفع قيمة الحصة على أقساط سنوية ” ( [44] ) ويخلص من النص المادة 528 مدني سالف الذكر أيضاً أن الشركةك تنقضي بالحجر على أحد الشركاء ( [45] ) أو بإعساره أو بإفلاسه ( [46] ) ، فلا يحل القيم محل المحجور عليه في الشركة أو يحل السنديك محل الشريك المفلس وانقضاء الشركة بالحجر أو الإعسار أو الإفلاس إنما يقوم على نفس الاعتبارات التي يقوم عليها انقضاء الشركة بموت أحد الشركاء ، فكما لا يجوز أن تحل الورثة محل الشريك في الشركة لأن الشريك قد لوحظت شخصيته ، كذلك لا يجوز أن يحل محل الشريك القيم أو السندات أو غير ذلك من الممثلين . هذا إلى أنه بالإعسار أو الإفلاس تجب تصفية أموال المعسر أو المفلس ،ويدخل في ذلك نصيبه في الشركة ، فيخرج هذا الشريك ، ومن ثم تنحل الشركة بخروجه . بل لا يجوز هنا أن يتفق الشركاء في عقد تأسيس الشركة على أنه في حالة الحجر على أحد الشركاء أو إعساره أو إفلاسه تبقى الشركة قائمة بين باقي الشركاء وممثل هذا الشريك ، كما جاز ذلك عند موت أحد الشركاء وبقاء الشركة مع ورثة هذا الشريك . ذلك أن الشريك يستطيع أن يلزم ورثته بالحلول محله في الشركة ، ولكنه لا يستطيع أن يلزم ممثله بذلك إذا هو حجر عليه أو أعسر  368  أو أفلس ، فضلا عن وجوب تصفية أموال المعسر أو المفلس كما سبق القول .وإنما يجوز أن ينص في عقد الشركة على أنه إذا حجر على أحد الشركاء أو اعسر أو أفلس ، أو انسحب من الشركة وفقاً للمادة 529 / 1 مدني وسيأتي ذكرها ، تبقى الشركة قائمة بين باقي الشركاء وحدهم ( [47] ) .وفي هذه الحالة يعطي لممثل الشريك الذي حجر عليه أو أعسر أو أفلس أو للشريك الذي انسحب ،نصيبه في الشركة نقداً مقدراً بحسب قيمته يوم الحجر أو الإعسار أو الإفلاس أو الانسحاب ، وتتبع في ذلك قواعد التي سبق أن ذكرناها في إعطاء ورثة الشريك الذي مات نصيب مورثهم في الشركة ، فلا يكون للشريك الذي خرج من الشركة نصيب فيما يستجد من الحقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على خروج الشريك ، ويصبح الاتفاق على تقدير نصيب الشريك بحسب آخر جرد عمل قبل خروجه ، كما يصح الاتفاق على أن تدفع قيمة النصيب على أقساط سنوية ( [48] ) .

232 – انسحاب أحد الشركاء أو إجماع الشركاء على حل الشركة – نص قانوني :

تنص المادة 529 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1 – تنتهي الشركة بانسحاب أحد الشركاء إذا كانت مدتها غير معينة ، على أن يعلن الشريك إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله ، وألا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير لائق ” .

 ” 2 – وتنتهي أيضاً بإجماع الشركاء على حلها ” ( [49] ) ” .

  370  

ويخلص من هذا النص أنه إذا كانت الشركة غير معينة المدة ، جاز لأي شريك أن ينسحب منها بشروط معينة ، ويترتب على انسحابه انقضاء الشركة .

فيجب إذن لجواز انسحاب الشريك أن تكون الشركة غير معينة المدة فإذا كانت مدتها معينة من حيث الوقت أو من حيث العمل ، بأن كانت مدتها مثلاً خمس سنوات أو كان العمل الذي تقوم به هو بيع أراض محددة ، لم يجز للشريك أن ينسحب مها ، ووجب عليه البقاء إلى انتهاء المدة أو إلى انتهاء العمل . وليس له في هذه الحالة إلا أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفقاً للفقرة الثانية من المادة 531 مدني وسيأتي بيانها . أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ، فقد أجاز القانون لكل شريك ، كما قدمنا ،  371  أن ينسحب منها .إذا لا يجوز لشخص أن يرتبط بالتزام يقيد حريته إلى أجل غير محدد ، لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التي هي من النظام العام ، وكل اتفاق على خلاف ذلك يكون باطلاً ( [50] ) . وتقاس هذه الحالة على عقد العمل غير محدد المدة ( م 694 / 2 مدني ) أو على عقد الإيجار غير محدد المدة ( م 563 مدني ) ، حيث يجوز لكل من المتعاقدين أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإخطار يصدره منه وحده . وتعتبر الشركة غير معينة المدية إذا حددت لها مدة حياة الشركاء ، أو مدة طويلة تستغرق العمر العادي للإنسان ( [51] ) . وقد تكون الشركة غير معينة المدة ومع ذلك لا يجوز للشريك أن ينسحب منها ، إذا كان له الحق في التنازل عن نصيبه في الشركة دون قيد أو شرط . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” لأن القصد من تقرير هذا الحق للشريك هو السماح له بأن يتحلل في أي وقت يشاء من الالتزام الذي يقيد حريته لمدة غير محددة . وإذا كان يجوز له في أي وقت بلا قيد ولا شرط أن يخرج من الشركة عن طريق التنازل عن حصته ، فإنه لا يمكن مطلقاً تبرير حقه في الانسحاب بمجرد إرادته المنفردة بذلك على الشركة . والفقه والقضاء مجمعان على هذا الرأي :استئناف مختلط 22 مايو سنة 1920 م 32 323 ” ( [52] ) .

  372  

فإذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة العمل ولم يكن للشريك حق التنازل عن نصيبه في الشركة دون قيد أو شرط ، جاز له ، كما قدمنا ، أن ينسحب من الشركة . ولكن يشترط لجواز انسحابه أن يعلن إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء قبل حصوله ، وان يكون حسن النية في الانسحاب ، وألا ينسحب في وقت غير لائق ( [53] ) . أما إعلان الانسحاب فليس له شكل خاص ، فيصح أن يكون على يد محضر . كما يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل ، بل يصح أن يكون شفوياً ( [54] ) لكن عبء الإثبات يقع عليه ( [55] ) . ولا ميعاد للإعلان ، وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يحدد له ميعاداً ثلاثة أشهر قبل حصول الانسحاب ( [56] ) ،ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذا الميعاد واكتفت بألا يكون الانسحاب في وقت غير لائق ” لأن قيد المدة قد يكون مرهقاً لا يتفق مع قواعد العدالة ( [57] ) . وأما أن يكون الشريك المنسحب حسن النية في انسحابه ، فذلك حتى لا يسئ استعمال حقه في الانسحاب ، فيكون مترقباً مثلا صفقة تدخل في أعمال الشركة ولو بقى فيها عادت أرباح  373  الصفقة على الشركة ، فيعمد إلى الانسحاب ثم يعقد هذه الصفقة وحده حتى ينفرد بالأرباح ( [58] ) . وأما أن يكون الانسحاب غير واقع في وقت غير لائق ، فذلك حتى لا تضطرب أعمال الشركة وتضار بخروج الشريك وانحلال الشركة في وقت أزمة مثلا أو في وقت كانت الشركة تنتظر فيها أرباحاً قريبة ، أو في وقت شرعت الشركة فيه في عمل فأصبح من مصلحتها أن يؤجل انحلالها .وتحديد ذلك مرتبط بالظروف ، والمراجع فيه تقدير القاضي عند اختلاف الشركاء ( [59] ) .

فإذا توافرت الشروط المتقدمة الذكر في انسحاب الشريك من الشركة ، ترتب على انسحابه انقضاء الشركة بحكم القانون .ولكن يجوز لباقي الشركاء أن يتفقوا على بقاء الشركة فيما بينهم وحدهم ، وذلك تطبيقاً للمادة 528% 3 مدني ، وقد سبق بيان ذلك ( [60] ) .

  374  

ويلاحظ أخيراً ،كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، ” أن حق الشريك في الانسحاب من الشركة بإرادته المنفردة هو حق شخصي محض ، ولذلك لا يجوز لدائنيه استعماله عن طريق الدعوى غير المباشرة ” ( [61] ) .

وسواء كانت الشركة مدتها معينة أو غير معينة ، فإنه يجوز للشركاء أن يجمعوا على حلها ( م 529 / 2 مدني سالفة الذكر ) . وهذا الحكم بديهي ، فإن الشركاء هم الذين أنشأوا الشركة باتفاقهم ، فيستطيعون باتفاقهم أن يحلوها . فإذا كانت الشركة معينة المدة ، كان لهم أن يحلوها قبل انتهاء هذه المدة ، إذ يستطيعون باتفاقهم أن يقصروا أجل الشركة كما يستطيعون أن يمدوا هذا الأجل ( [62] ) . وإذا كانت الشركة غير معينة المدة ، فإن انسحاب الشركاء منها كاف لحلها كما قدمنا ، فأولي أن تحل بانسحاب جميع الشركاء ( [63] )


( [1] ) تاريخ النصوص :

م 523 : ورد هذا النص في المادتين 706 و 707 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة ادمجت المادتان في مادة واحدة ، وأصبح رقمها 551 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة ” يقضي بغير ذلك ” ، واستعيض عنها بعبارة ” يعفى الشريك من المسئولية عن ديون الشركة ” ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم 523 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 357 – ص 359 ) .

م 524 : ورد هذا النص في المادة 708 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة حور بعض تحويرات طفيفة فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 552 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 524 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 360 – ص 362 ) .

( [2] ) التقنين المدني السابق م 429 / 522 : ما يستحقه أحد الشركاء على الشركة واجب أداؤه له من جميع الشركاء ، فإن أعسر أحدهم وزع ما يخصه على باقي الشركاء .

م 443 / 540 : وإذا كان الشريك مأذوناً بالمعاملة مع الغير باسم الشركاء أو باسم الشركة ، كان كل واحد من الشركاء ملزماً لهذا الغير بحصة مساوية لحصة الآخر ، لا على وجه التضامن لبعضهم إلا إذ وجد شرط بخلاف ذلك .

م 444 / 541 : ولهذا الغير في كل الأحوال مطالبة كل من الشركاء بقدر حصته في الربح الحاصل من العمل . ( وأحكام التقنين السابق في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين الجديد ، إلا أن فكرة الشخصية المعنوية للشركة لا تظهر ظهوراً واضحاً في نصوص التقنين القديم ) .

( [3] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 491 – 492 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 516 ( مطابقة للفقرة الأولى من المادة 523 مصري ) .

م 517 : 1 – يجوز لدائني الشركة أن يتمسكوا بحقوقهم على أموالهم . ويكون الشركاء الذين تعاملوا باسم الشركة وعلىحسابها مسئولين بالتضامن شخصياً عن التزامات الشركة ، ويكون مسئولا أيضاً الشركاء الآخرون ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك . 2 – ويجب أن يعني باعلام الغير بذلك الاتفاق بالطرق المفيدة ، وإلا فقد قوة الاحتجاج به على من لم يعلمه .

م 518 : عندما يطلب من الشريك الوفاء بديون الشركة ، يحق له أن يتمسك بتجريد أموال الشركة أولاً ، ولو كانت الشركة تحت التصفية ، مبيناً مقوماتها التي يستطيع الدائن استيفاء حقه منها بلا صعوبة .

م 519 : من دخل شريكاً في شركة تم تأسيسها يكون مسئولاً مع الشركاء الآخرين عن التزامات الشركة السابقة لاكتسابه صفة الشريك .

( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري : ( 1 ) في أن التقنين الليبي لم يذكر رجوع دائن الشركة على الأرباح التي حصل عليها الشريك من الشركة ، ولكن هذا الرجوع ليس إلا تطبيقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب . ( 2 ) وفي أن التقنين الليبي جعل الشركاء مسئولين في مالهم الخاص إذا كانوا هم الذين تعاملوا مع الدائن وجعلهم متضامنين ، أما الشريك الذي لم يتعامل مع الدائن فيكون أيضاً مسئولا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ) .

التقنين المدني العراقي م 643 – 644 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 128 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 907 : لدائني الشركة أن يقموا الدعاوى على الشركة الممثلة في أشخاص مديريها وعلى الشركاء أنفسهم . على أن تنفيذ الحكم الذي يصدر في مصلحتهم يجب أن يتنازل أولاً مملوكات الشركة . وتكون لهم الأولية في هذه الأموال على دائني الشركة الخصوصيين .

م 908 : إذا لم تكف أموال الشركة ، امكنهم أن يرجعوا على الشركاء لاستيفاء ما بقى لهم من الدين على الشروط التي يقتضيها نوع الشركة . ويجوز حينئذ لكل من الشركاء أن يدلى ، تجاه الشركة ، بأوجه الدفاع المختصة به من وبالشركة أيضاً ، وتدخل المقاصة في ذلك .

م 906 : من يدخل في شركة مؤسسة يرتبط على القدر الذي يستلزمه نوعها بالموجبات التي عقدت قبل دخوله فيها وإن يكن اسم الشركة أو عنوانها قد تغير . وكل اتفاق مخالف يكون لغوا بالنظر إلى الغير .

أنظر أيضاً المواد 901 – 905 من تقنين الموجبات في العقود اللبناني .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [4] ) أنظر م 518 ليبي آنفاً فقرة 217 في الهامش .

( [5] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 357 – ص 358 .

( [6] ) وهذا هو الحكم حتى لو كان أحد هؤلاء الشركاء دخل الشركة بعد تأسيسها وكان حق الدائن على الشركة قد ثبت قبل دخول هذا الشريك ( أنظر م 519 ليبي آنفاً فقرة 217 في الهامش ) .

( [7] ) مصر 18 يناير سنة 1902 الحقوق 17 ص 37 .

( [8] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [9] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [10] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 358 .

( [11] ) تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 709 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 553 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 525 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 362 – ص 363 ) .

( [12] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 493 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 420 : 1 – يجوز لدائن الشريك الشخصي أن يتمسك بحقه في الأرباح المستحقة للمدين ما دامت الشركة قائمة ، وأن يتخذ الإجراءات التحفظية على الحصة التي تؤول لمدينه من التصفية . 2 – وإذا لم تكن أموال المدين الأخرى كافية لاتسفاء حقوقه ، فيجوز للدائن الشخصي أن يطالبه كذلك في أي وقت بتصفية حصة مدينه . ويجب أن تصفى الحصة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الطلب ما لم يتقرر حل الشركة .

م 521 : لا تجري المقاصة بين ما تطلبه الشركة من ديون على شخص أجنبي عن الشركة وما يطلبه هو من ديون على الشريك .

( والتقنين الليبي يختلف عن التقنين المصري في أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع في التقنين الليبي إذا لم يجد وفاء لحقه في الأموال الخاصة لمدينه أن يطلب تصفية حصة هذا الشريك ) .

( والتقنين الليبي يختلف عن التقنين المصري في أن الدائن الشخصي للشريك يستطيع في التقنين الليبي إذا لم يجد وفاء لحقه في الأموال الخاصة لمدينه أن يطلب تصفية حصة هذا الشريك ) .

التقنين المدني العراقي م 645 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 909 : لا يجوز لدائني أحد الشركاء الشخصين أن يستعملوا حقوقهم مدة قيام الشركة إلا في قسم هذا الشريك من الأرباح المحققة بحسب الموازنة ، لا في حصته في رأس المال . وبعد انتهاء الشركة أو حلها يحق لهم أن يستعملوا تلك الحقوق في حصته من ممتلكات الشركة بعد إسقاط الديون . بيد أنه يجوز لهم أن يلقوا حجزاً احتياطياً على هذه الحصة قبل كل تصفية .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [13] ) أنظر هذا المعنى م 521 من التقنين الليبي آنفاً فقرة 221 في الهامش .

( [14] ) وهذه الأحكام قد نصت عليها المادة 525 مدني سالفة الذكر . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا ما يأتي : ” إذا قامت الشركة باستيفاء الوضع القانوني الصحيح ، كانت لها شخصية معنوية مستقلة عن الشركاء ، وذمة منفصلة عن ذممهم ، وأموال الشركة تعتبر ضماناً عاما لدائنيها وحدهم ، كما أن ذمة الشريك هي الضمان العام لدائنيه الشخصيين . وحقوق الشريك قبل الشركة ، إن كانت تدخل في ذمته ، إلا إنها مندمجة في الشركة . ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لدائني الشريك أثناء قيام الشركة أن يزاحموا دائنيها ، فإذا ما انحلت الشركة وتمت التصفية جاز لدائني الشريك التنفيذ على حصته . وعلى أنه يجوز لدائني الشريك أثناء قيام الشركة : ( 1 ) أن ينفذوا بديونهم على حصته من الأرباح . ( 2 ) أن يتخذوا الإجراءات التحفظية ، سواء فيما يتعلق بنصيبه في الأرباح أو حصته في الشركة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 363 ) .

( [15] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( أو ب ) والمادة 771 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي م 710 ( أو ب ) ” تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( ا ) بانقضاء الميعاد المحدد للشركة ( ب ) بانتهاء العمل الذي قامت الشركة من أجله – م 711 : ” 1 – إذا مد أجل الشركة بعد انقضاء المدة المحددة لها ، كانت هناك شركة جديدة أما إذا حصل المد قبل انقضاء المدة المحددة كان ذلك استمراراً للشركة الأولى . 2 – إذا انقضت المدة المحددة للشركة ، أو انتهى العمل الذي قامت الشركة من أجله ، ثم استمر الشركاء يقومون بأعمال من نوع الأعمال التي تالفت لها الشركة ، كان هناك امتداد ضمني للشركة ، من سنة إلى سنة ، بالشروط الأولى ذاتها . 3 – يجوز لدائني أحد الشركاء أن يعترض على امتداد الشركة ويترتب على اعتراضه وقف أثر الامتداد في حقه ” . وفي لجنة المراجعة عدلت هذه النصوص حتى أصبحت مطابقة لما استقرت عليه المادة 526 من التقنين المدني الجديد ، وذلك تحت رقم 554 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 526 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 365 – ص 366 – وص 370 – 371 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 445 / 542 أولاً وثانيا : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية :

أولاً – بانقضاء الميعاد المحدد للشركة .

ثانياً – بانتهاء العمل الذي انعقدت الشركة لأجله . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 494 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( ا و ب ) : تنحل الشركة للأسباب التالية :

( أ ) بانقضاء الميعاد المعين لها .

( ب ) ببلوغها غرضها المشترك أو استحالة تحقيقه .

م 523 : 1 – تمتد الشركة ضمناً ولأجل غير معين إذا استمر الشركاء في القيام بأعمال الشركة بعد انقضاء المدة التي عينت لها . 2 – ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ، ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه . ( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري في أن التجديد الضمني في التقنين الليبي يجعل مدة الشركة غير معينة ، أما في التقنين المصري فيجعلها سنة فسنة ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( ا و ب ) و م 647 ( موافق – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 132 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( أولاً وثانيا ) : تنتهي الشركة : أولاً : بحلول الأجل المعين لها أو بتحقق شرط الإلغاء . ثانياً – إتمام الموضوع الذي عقدت لأجله أو باستحالة إتمامه .

م 912 : إن الشركة المنحلة حتما بانقضاء المدة المعينة لها أو بإتمام الغرض الذي عقدت لأجله ، بعد أجلها ممداً تمديداً ضمنياً إذا داوم الشركاء على الأعمال التي كانت موضوع الشركة بعد حلول الأجل المتفق عليه أو إتمام العمل المعقودة لأجله ، ويكون هذا التجديد الضمني سنة فسنة .

م 913 : يحق لدائني أحد الشركاء الخصوصيين أن يعترضوا على تمديد أجل الشركة . على أنه لا يكون لهم هذا الحق إلا إذا كان مبلغ دينهم معيناً بموجب حكم اكتسب صفة القضية المحكمة . وهذا الاعتراض يوقف حكم تمديد الشركة بالنظر إلى المعترضين ، ويجوز لسائر الشركاء أن يقرروا إخراج الشريك الذي من أجله وقع الاعتراض . وقد عينت المادة 918 مفاعيل هذا الإخراج . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يشترط لاعتراض دائن الشريك على تجديد الشركة تجديداً ضمنياً أن يكون بيده حكم قد كسب قوة الأمر المقضي ، ولا يشترط التقنين المصري ذلك ) .

( [16] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه وفقاً للمادة 445 من القانون المدني القديم تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المحدد لها بقوة القانون ، فإذا أراد الشركاء استمرار الشركة وجب أن يكون الاتفاق على ذلك قبل انتهاء الميعاد المعين في العقد ، أما إذا كانت المدة قد انتهت دون تحديد فلا سبيل إلى الاستمرار في عمل الشركة القديمة إلا بتأسيس شركة جديدة ، ولا يغير من ذلك أن يكون قد نص في عقد الشركة الجديدة على أن الغرض منها هو الاستمرار في الشركة السابقة ( نقض مدني 16 مايو سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 155 ص 1163 ) .

( [17] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [18] ) وقد تحدد مدة للشركة في عقد تأسيسها ، وينص في هذا العقد أنه إذا انقضت هذه المدة دون أن يخطر في وقت معين أحد الشركاء الآخرين بانتهاء الشركة امتدت الشركة إلى مدة أخرى مساوية للمدة الأولى . ففي هذه الحالة تمتد الشركة مدداً متوالية إلى أن يخطر أحد الشركاء الآخرين في الميعاد ابنتهاء الشركة ( استئناف مختلط 11 مارس سنة 1931 م 43 ص 289 ) . فإذا لم يكن هناك ميعاد محدد للإخطار ، جاز لكل شريك أن يخطر الباقي بانتهاء الشركة في أي وقت قبل انقضاء المدة ( استئناف مختلط 24 مارس سنة 1937 م 49 ص 163 ) .

( [19] ) بودري وفال 23 فقرة 375 – الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 517 – وقد يكون للشركة عمل معين وتتحدد لها مدة معينة على وجه تقريبي باعتبار أن هذا العمل لا يستغرق عادة مدة أطول ، فتبقى الشركة في هذه الحالة إلى أن ينتهي العمل ولو جاوز ذلك المدة المعينة ، لأن الاتفاق يجب تفسيره وفقاً لنية المتعاقدين . كذلك يكون للشركاء الاتفاق على تقصير الأجل ، فيتفقون على حل الشركة قبل انتهاء أجلها . وتنحل الشركة قبل حلول أجلها كذلك إذا اجتمعت كل الحصص في يد شخص واحد ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1949 م 61 ص 125 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 63 – فورينيين فقرة 129 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1052 ص 331 – وتنص المادة 522 ( هـ ) من التقنين المدني الليبي على أنه : ” تنحل الشركة للأسباب التالية . . . ( هـ ) إذ زال تعدد الشركاء ولم يكون من جديد خلال ستة أشهر ” . أنظر ف يكل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [20] ) ولكن تسرى القواعد العامة في الإثبات ( بودري وفال 23 فقرة 373 ) .

( [21] ) أنظر م 526 / 2 مدني ، ويلاحظ أن هذا النص يقول : ” امتد العقد ” ، والمقصود أنه يتجدد .

( [22] ) أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” هذا النص خاص بالشركات المحددة المدة . وقد اهتم المشروع ، تفادياً للنزاع القائم في الفقه والقضاء ، بتحديد الحالات التي يمتد فيها عقد الشركة ، وتلك التي ينتهي فيها وتقوم بدلها شركة جديدة . . . فتستمر الشركة الأولى قائمة إذا كان الامتداد قد حصل قبل انقضاء الأجل المتفق عليه . فإن كان قد اتفق على الامتداد ( اقرأ التجديد ) بعد انقضاء المدة المحددة ، فإن الشركة التي تقوم بعد ذلك هي شركة جديدة متميزة عن الأولى ، لأن انقضاء الشركة يقع بحكم القانون بمجرد حلول أجلها . كذلك في حالة امتداد ( اقرأ التجديد ) الضمني عن طريق الاستمرار في العمليات بعد انتهاء المدة ، تقوم شركة جديدة بنفس الشروط ، كما هو الحال بالنسبة للإيجار المجدد . . ولكن النص يحدد مدة الشركة الجديدة بسنة واحدة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 – ص 370 ) .

( [23] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ما يأتي : ” والفقرة الثالثة مقتبسة من المادة 893 من تقنين طنجة والمادة 913 من التقنين اللبناني . وإذا كان دائن الشريك لا يستطيع قبل حصول القسمة ( اقرأ التصفية ) أن ينفذ بحقه على نصيب الشريك ، فلا أقل من أن نسمح له بان يمنع الشريك من أن يؤخر استعماله لحقه في التنفيذ على أموال المدين ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 370 ) .

( [24] ) تاريخ النص : ورد ذها النص في المادة 710 ( ج ) والمادة 712 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي :

م 710 ( ج ) : ” تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( ج ) بهلاك جميع مال الشركة أو هلاك جزء كبير منه بحيث لا تبقى هناك فائدة في بقاء الشركة ” . م 712 : ” 1 – إذا كان أحد الشركاء قد تعهد أن يقدم إلى الشركة شيئاً معيناً بالذات ، وهلك هذا الشيء قبل تقديمه إلى الشركة ، أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء . 2 – وتنحل الشركة أيضاً في جميع الأحوال بهلاك الشيء المعين إذا كان ما قدمه الشريك هومجرد الانتفاع بذلك الشيء مع احتفاظه بالملكية لنفسه ” . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 555 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 527 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 372 – ص 374 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 542 ثالثاً : تنتهي الشركة بأحد الأمور الاتيةك ( ثالثاً ) بهلاك جميع مال الشركة أو هلاك معظمه بحيث لا تمكن إدارة عمل نافع بالباقي . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 495 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( ج ) : تنحل الشرة للأسباب الآتية : ( ج ) بهلاك مالها كالياً أو بقدر جسيم بحيث لا تبقى فائدة في استمرارها .

م 527 . . . 2 – وكذلك يجوز فصل الشريك إذا قدم حصته عملا في الشركة أو على أساس الانتفاع بشيء ما إذا أصبح غير صالح للقيام بعمله أو هلك الشيء الذي قدمه لسبب خارج عن المديرين . 3 – كما يجوز فصل الشريك الذي التزم بتقديم ملكية شيء إذا هلك ذلك الشيء قبل اكتساب ملكيته من قبل الشركة . ( ويختلف التقنين الليبي عن التقنين المصري في أن التقنين الأول يقضي بأنه إذا هلكت حصة الشريك قبل تسليمها أو هلك الشيء المنتفع به ولو بعد تسليمه ، فإن الشريك وحده هو الذي يفصل ولا تنحل الشركة ) .

التقنين المدني العراقي 646 ( ج ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( ج ) بهلاك جميع مال الشركة أو بهلاك جزء كبير منه بحيث لا تبقى هناك فائدة من بقاء الشركة . ( وأحكام التقنين العراقي تتتفق مع أحكام التقنين المصري – أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 136 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( ثالثاً ) : تنتهي الشركة . . ( ثالثاً ) بهلاك المال المشترك أو بهلاك قسم وافر منه لا يتسنى بعده القيام باستثمار مفيد .

م 911 : إذا قدم أحد الشركاء للشركة حق الانتفاع بشيء معين ، فهلاك هذا الشيء قبل تسليمه أو بعده يقضى بحل الشركة بين الشركاء . ويجرى حكم هذه القاعدة عندما يستحيل على الشريك الذي وعد بتقديم صنعته أن يقوم بالعمل . ( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [25] ) حتى لو لم يكن هناك خطأ أو تقصير أو سوء إدارة من أحد ( استئناف مختلط 2 يناير سنة 1935 م 47 ص 82 ) .

( [26] ) إذ قد تعوض عن الهلاك كما لو كانت مؤمنة على المال فتقبض مبلغ التأمين ، أو اكن هناك مسئول عن هلاك المال فترجع عليه الشركة بالتعويض .

( [27] ) استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1935 م 37 ص 379 .

( [28] ) بودري وفال 23 فقرة 379 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1053 ص 332 .

( [29] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 367 .

( [30] ) أما إذا كان ما قدمه الشريك هو تمكين الشركة من الانتفاع بالشيء المعين بالذات ، ( وهو التزام شخصي بالقيام بعمل ) ، فإن الشركة تنحل إذا هلك هذا الشيء ، سواء كان الهلاك قبل تسليمه للشركة أو بعد التسليم . ذلك أن الشريك في الحالتين يتحمل تبعة الهلاك ، فلا يعود ، بعد الهلاك ولو بعد التسليم ، مساهماً بحصة في رأس المال ، فتنحل الشركة . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً خاصاً في هذا المعنى هو الفقرة الثانية من المادة 712 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” وتنحل الشركة أيضاً في جميع الأحوال بهلاك الشيء المعين ، إذا كان ما قدمه الشريك هو مجرد الانتفاع بذلك الشيء ، مع احتفاظه بالملكية لنفسه ” ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : ” والفقرة الثانية خاصة بحصة الشريك التي تكون مجرد الانتفاع بمال ما ، مع احتفاظه بالملكية . في هذه الحالة يكون على الشريك التزام مستمر هو أن يمكن الشركة من الانتفاع بالشيء المدة المتفق عليها ، فإذا هلك الشيء أصبح مستحيلا عليه الوفاء بالتزامه هذا ، وتنعدم حصته في الشركة . وعلى ذلك تنحل الشركة في كل الحالات ، سواء أكان الهلاك بعد تقديم الشيء للشركة أم قبل ذلك ، ما دام الهلاك قد حصل بقوة قاهرة ، كما هو الحال بالنسبة لانتهاء الإيجار لهلاك العين المؤجرة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 374 ) .

كذلك تنحل الشركة إذا كانت حصة أحد الشركاء عملا وعجز الشريك ، قبل قيام الشركة أو بعد قيامها ، من أن يقوم بهذا العمل ( أنظر م 527 / 2 ليبي و م 919 لبناني آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .

أما إذا كانت حصة الشريك حقاً عينياً هو حق المنفعة في الشيء ، فهلاك الشيء قبل التسليم يكون على الشريك وتنحل الشركة ، وهلاكه بعد التسليم يكون على الشركة ولا تنحل ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1054 ) .

( [31] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1917 م 29 ص 156 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 373 – أنظر آنفاً فقرة 656 .

( [32] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( د ) والمادة 713 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : م 710 ( د ) :

 ” تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . . ( د ) بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بانهاء إعساره أو إفلاسه أو بتصفية أمواله تصفية قضائية ” – م 713 : ” يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء أو أشهر إفلاسه أو إعساره أو صفيت أمواله تصفية قضائية أو انسحب من الشركة ، فإن الشركة تستمر بين الباقي من الشركاء ، وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة ، وبقدر نصيبه حسب قيمته وقت وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة ، ويدفع إليه نقداً . ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من علميات سابقة على ذلك الحادث ” . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 556 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ ، وقد جاء في ملحق لتقريرها ما يأتي : ” اقترح أن تضاف إلى الفقرة الثانية من المادة 528 عبارة : ما لم تر الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر غير ذلك ، توخياً لحماية حقوق ناقص الأهلية . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن جواز الاتفاق على استمرار الشركة مع ورثة الشريك مسألة مبدئية يجب أن يفصل فيها لذاتها أولاً . وما من شك في أن الاتفاق على استمرار الشركة مع ورثة الشريك مسألة مبدئية يجب أن يفصل فيها لذاتها أولاً . وما من شك في أن الاتفاق على استمرار الشركة مع البالغين من ورثة الشريك جائز ولا اعتراض عليه ، فالوارث يؤول إليه من مورثه حقه في الشركة لا في الأعيان والاموال المملوكة للشركة ، مادامت فكرة التشخيص المعنوي للشركات قد تقررت . وهذا الوضع لا ينبغي أن يتغير بسبب قصر ورثة الشريك ، وفي الإجراءات المقررة في قانون المحاكم الحسبية والأحكام الأخرى الواردة في باب الشركات ما يكفل حمايتهم . على أنه يلاحظ أن هذا الحكم لا يسري إلا باتفاق خاص . والشريك لا يرتضى ذلك إلا إذا كان لديه من الاعتبارات ما يجعله مطمئناً إلى مستقبل وارثه . أما ترك الأمر لتقدير الجهة المختصة بالنظر في شؤون القصر ، فلا يتمشى مع استقرار التعامل ” . ثم وافق مجلس الشيوخ على النص تحت رقم 528 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 376 و ص 378 – ص 381 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 542 ( رابعاً ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( رابعاً ) بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإفلاسه إذا لم يشترط في عقد الشركة شيء في شأن ذلك ، مع عدم الإخلال بالأصول الخصوصية المتعلقة بالشركات التجارية التي لا تنفسخ بموت أحد الشركاء الغير المتضامن أو إفلاسه أو الحجر عليه . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 496 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 525 : في حالة وفاة شريك يجب على الشركاء الآخرين أن يصفوا حصة الورثة ، ما لم يفضلوا حل الشركة أو الاستمرار فيها مع الورثة أنفسهم إذا وافقوا عليه ، ما لم يوجد نص في عقد الشركة يقضي بخلاف ذلك .

م 528 : 1 – يفصل بقوة القانون كل شريك أشهر إفلاسه . 2 – وكذلك يفصل بقولة القانون كل شريك تحصل دائن من دائنيه الخصوصيين على تصفية حصته بمقتضى المادة 520 . وانظر أيضاً المادة 529 وسيأتي ذكرها ( أنظر ما يلي فقرة 711 في الهامش ) .

( ويختلف التقنين الليبي في أن الإفلاس أو الإعسار لا تنحل به الشركة ، ولكن يفصل الشريك المفلس أو المعسر وتبقى الشركة قائمة بين سائر الشركاء . وجعل التقنين الليبي الحجر على أحد الشركاء سببا في فصله : أنظر م 527 / 1 ليبي ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( د ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( د ) بموت أحد الشركاء أو بالحرج عليه أو باشهار إفلاسه . م 648 ( موافقة للفقرتين 2 , 3 من المادة 528 مصري ) . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري : أنظر الأستاذ حسن الذنون فقرة 137 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( رابعاً وخامساً ) : تنتهي الشركة : . . . ( رابعاً ) بوفاة أحد الشركاء أو بإعلان غيبته أو بالحجر عليه لعلة عقلية ، ما لم يكن هناك اتفاق على استمرا الشركة مع ورثته أو من يقوم مقامه أو على استمرارها بين الأحياء من الشركاء . ( خامساً ) بإعلان إفلاسه أحد الشركاء أو تصفيته القضائية .

م 916 : إذا نص على أن الشركة تداوم بعد وفاة أحد الشركاء على أعمالها مع ورثته ، فلا يكون لهذا النص مفعول إذا كان الوارث فاقد الأهلية . على أنه يحق للقاضي ذى الصلاحية إني أذن للقاصرين أو لفاقدي الأهلية في مواصلة الشركة إذا كان لهم في ذلك مصلحة ذات شأن ، وأن يأمر في هذه الحالة بجميع التدابير التي تقتضيها الظروف لصيانة حقوقهم .

م 918 : في الحالة المنصوص عليها في المادة 914 وفي جميع الأحوال التي تنحل فيها الشركة بسبب وفاة أحد الشركاء أو غيبته أو الحجر عليه أو إعلان عدم ملاءته أو بسبب قصر أحد الورثة ، يجوز لسائر الشركاء أن يداوموا على الشركة فيما بينهم باستصدار حكم من المحكمة يقضي بإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة . وفي هذه الحالة يحق للشريك المخرج أو لورثة المتوفى أو غيرهم من الممثلين القانونيين للمتوفى أو المحجور عليه أو الغائب أو المعسر ، أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح بعد أن تجرى تصفيتها في اليوم الذي تقرر فيه الإخراج . ولا يشتركون في الأرباح والخسائر التي تحصل بعد هذا التاريخ إلا بقدر ما تكون ، أي الأرباح والخسائر ، نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال التي سبقت إخراج الشريك الذي يخلفونه أو غيبته أو وفاته أو إعساره . ولا يحق لهم المطالبة بأداء نصيبهم إلا في التاريخ المعين للتوزيع بمقتضى عقد الشركة .

م 920 : إن ورثة الشريك المتوفى ملزمون بالموجبات التي تترتب على ورثة الوكيل .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها متفقة مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يتطلب إذناً من الجهة المختصة لجواز استمرار ورثة الشريك القصر في الشركة ، وينص على أن الحجر يكون لعلة عقلية ، وينص على الغيبة ، ويستلزم استصدار حكم من المحكمة لإخراج الشريك الذي كان السبب في حل الشركة حتى يتمكن باقي الشركاء من استبقاء الشركة فيما بينهم . ويلزم ورثة الشريك المتوفى بما يلزم به ورثة الوكيل ) .

( [33] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه وإن كان المقرر قانوناً أن شركة الأشخاص تنقضي بوفاة أحد الشركاء ، فإن المقرر لعما وعملا أنه عقب الوفاة يجب تعيين مصف للشركة ، فإن لم يعين كان باقي الشركاء هم المصفون لها . ويحدث هذا خصوصاً إذا كانت الشركة مكونة من شخصين ، فوفاة أحدهما تجعل الثاني مصفياً لها . فإن استمر الثاني في أعمال الشركة ولم يصفها فهو مسئول عن عمله هذا ، ولورثة الشريك الحق في التصديق على تصرفه أو في عدم اجازته . فإذا لم تتم التصفية تعتبر الشركة قائمة بين الشركاء أو بين ورثتهم من قبيل التجاوز للمصلحة ، وإلا ضاعت حقوق الشركاء ( 21 نوفمبر سنة 1940 المجموعة الرسمية 43 رقم 60 ) .

( [34] ) استئناف مصر 12 نوفمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 164 .

( [35] ) بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1058 ص 34 – ص 341 .

( [36] ) وقد يبقى الشركاء في الشركة بعد موت أحدهم ، فيكون هذا منهم اتفاقاً ضمنياً على بقاء الشركة ، فتكون الشركة قد انحلت بالموت تم حصل اتفاق ضمني على استمرارها بين الشركاء ( قارن محكمة الإسكندرية الوطنية 19 ديسمبر سنة 1930 الجريدة القضائية رقم 152 ص 13 ) .

( [37] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – ص 369 .

( [38] ) استئناف مختلط 14 مارس سنة 1923 م 35 ص 293 – انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ SOCIETE CIVILE فقرة 149 – وينقسم النصيب على الورثة إلا إذا نص عقد الشركة إني كون غير قابل للانقسام بالنسبة إلى الشركة : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 3081 .

( [39] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 وص 377 .

( [40] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يصح القول باستمرار الشركة بعد وفاة احدالشركاء إلا باتفاق صريح ، أو إذا كانت طبيعة عمل الشركة والغرض من إنشائها يتحتم معه استمرارها رغم موت أحد الشركاء حتى يتم العمل الذي أنشئت من أجله . واذن فإذا قال الحكم باستمرار الشركة بناء على أن الاتفاق على استمرارها مستفاد من الفكرة في إنشاء المحل التجراي الذي هومحلها والغرض الذي توخاه الشريكان ونوع التجارة وما بين الشريكين من صلة الأخوة والثقة المتبادلة إلخ إلخ ، فكل ما قاله من ذلك لا يصح أن يترتب عليه وجوب استمرار الشركة ، وخصوصاً إذا كان من بين ورثة الشريك المتوفى قصر لا أهلية لهم ( نقض مدني 27 ابريل سنة 1944 مجموعة عمر رقم 125 ص 338 ) .

( [41] ) أنظر ملحق تقرير مجلس الشيوخ في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 380 – ص 381 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – بودري وفال 23 فقرة 394 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1058 – وإذا استمر أحد الورثة دون الباقي ، كان استمراره هذا ساريا ً عليه وحده لا على سائر الورثة إلا إذا قبل هؤلاء ( استئناف وطني 13 ابريل سنة 1899 الحقوق 14 ص 538 ) . و قد ينص على أن الشركة تبقى مع أحد الورثة أو بعضهم دون الباقي ، فيصح ذلك ويكون هذا اشتراطاً لمصلحة هؤلاء الورثة إذا اقروه نفد ، ولا يجبرون عليه وإلا كان ذلك تعاملا في تركة مستقبلة ( بلانيول ويبير وبولانجيه 2 فقرة 3098 ) .

( [42] ) وقد ينص في عقد الشركة أنه عند موت أحد الشركاء يكون باقي الشركاء بالخيار ، إما في حل الشركة ، وإما في بقائها فيما بينهم وحدهم ، وإما في بقائها مع ورثة الشريك الذي مات ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1060 ) .

( [43] ) أنظر في تقدير النصيب بحسب آخر جرد بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1057 ( 2 ) – فقرة 1057 ( 5 ) .

( [44] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 377 – ص 378 .

( [45] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : ” والحجر أيضاً يترتب عليه بحكم القانون انحلال الشركة ، ويستوى في ذلك أن يكون الحجر قانونياً بناء على عقوبة جنائية أو قضائياً لعته أو جنون أو سفه ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 ) .

وانظر أيضاً بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1061 .

( [46] ) وكالإفلاس التصفية القضائية ( بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1062 – بودري وفال 23 فقرة 424 ) . وإذا أفلس أحد الشريكين فانحلت الشركة بإفلاسه قبل ميعادها ، جاز للشريك الآخر الرجوع عليه بتعويض لأنه تسبب في حل الشركة قبل الميعاد ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 53 ) .

( [47] ) ويجوز في فرنسا الاتفاق على بقاء الشركة بين كل الشركاء بالرغم من الحجر على أحدهم ، ويمثل المحجور عليه القيم ( بودري وفال 23 فقرة 418 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1061 ) .

( [48] ) بودري وفال 23 فقرة 407 – فقرة 408 .

( [49] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 710 ( هـ – و – ز ) من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . ( هـ ) بانسحاب أحد الشركاء إذا كانت مدة الشركة غير محددة ، على أن يعلن الشريك إدارته في الانسحاب وأن يتم هذا الإعلان قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وعلى إلا يكون الشريك قد انسحب عن غش أو في وقت غير لائق . ( و ) بإجماع الشركاء على حلها . ( . ) بحكم قضائي يصدر بحل الشركة ” . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح متفقاً مع مااستقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع بقى يتضمن وجوب أن يتم إعلان إرادة الشريك في الانسحاب قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وصار النص رقمه 557 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النوا بز وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت مدة الثلاثة الأشهر واكتفى بان الشريك الذي يريد أن ينسحب قبل الانسحاب بثلاثة أشهر ، وصار النص رقمه 557 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت مدة الثلاثة الأشهر واكتفى بأن الشريك الذي يريد أن ينسحب من شركة غير معينة المدة يعلن انسحابه إلى سائر الشركاء قبل حصوله دون تقيد بزمن ، على إلا يكون الانسحاب واقعاً عن غش أو في وقت غير لائق ، لأن قيد المدة قد يكون مرهقاً لا يتفق مع قواعد العدالة ، وصار النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 529 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 382 – ص 384 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 445 / 541 ( خامساً وسادساً ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : ( خامساً ) بإرادة أحد الشركاء . ( سادساً ) بانفصال أحد الشركاء من الشركة إذا كانت مدة الشركة ليست معينة ، بشرط إلا يكون هذا الانفصال مبنياً على غش ولا في غير الوقت اللائق له . ( وأحكام التقنين السابق تتفق مع أحكام التقنين الجديد ) .

منشور في مقال توكيل محامي

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 497 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 522 ( د ) : تنحل الشركة للأسباب الآتية : . . . ( د ) بإجماع الشركة على حلها .

م 526 : 1 – يجوز لكل شريك أن ينسحب من الشركة إذا كانت مدتها غير محددة بزمن أو موقوفة على حياة أحد الشركاء . 2 – ويجوز له أيضاً أن ينسحب من الشركة في الأحوال التي ينص عليها عقد الشركة أو إذا ظهر سبب مبرر لذلك . وفي الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من هذه المادة يجب على الشريك أن يعلن ارادته إلى الشركاء الآخرين قبل ثلاثة أشهر على الأقل من انسحابه . ( وأحكام التقنين الليبي في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين الليبي يجعل ميعاد إعلان الانسحاب ثلاث أشهر ) .

التقنين المدني العراقي م 646 ( هـ – و ) : تنتهي الشركة بأحد الأمور الآتية : . . . ( هـ ) بانسحاب أحد الشركاء من الشركة إذا كانت مدة الشركة غير محددة ، على أن يعلن الشريك إدارته في الانسحاب لسائر الشركاء قبل حصوله بثلاثة أشهر ، وعلى إلا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير مناسب . ( و ) بإجماع الشركاء على حلها . ( وأحكام التقنين العراقي تتفق مع أحكام التقنين المصري فيما عدا أن التقنين العراقي استبقى مدة إعلان الانسحاب ثلاثة أشهر – أنظر الأستاذ حسن الذنون ص 145 وما بعدها ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 910 ( سادساً وسابعاً ) : تنتهي الشركة . . . ( سادساً ) باتفاق الشركاء ، ( سابعاً ) بعدول شريك أو أكثر ، إذا كانت مدة الشركة غير معينة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل الذي جعل موضوعاً للشركة .

حق الأولوية في نظام الشركات السعودي – Saudi Contracts

م 915 – إذا لم يكن مدة الشركة معينة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل ، كان لكل من الشركاء أن يعدل عن الشركة بابلاغه هذا العدول إلى سائر الشركاء ، بشرط أن يكون صادراً من نية حسنة وألا يقع في وقت غير مناسب . لا يعتبر العدول صادراً عن نية حسنة إذا كان الشريك الذي عدل يقصد الاستئثار بالمنفعة التي كان الشركاء عازمين على اجتنائها بالاشتراك ، ويكون العدول واقعاً في وقت غير مناسب إذا حصل بعد الشروع في الأعمال فأصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها ، وفي جميع الأحوال لا يكون للعدول مفعول إلا منذ انتهاء سنة الشركة ، ويجب أن يصرح به قبل هذا التاريخ بثلاثة أشهر على الأقل ، ما لم يمكن ثمة أسباب هامة . وانظر أيضاً م 919 فيما يلي فقرة 238 في الهامش .

( وأحكام التقنين اللبناني في مجموعها تتفق مع أحكام التقنين المصري ، إلا أن التقنين اللبناني يحدد مدة إعلان الانسحاب ثلاثة أشهر أو يجعل الانسحاب لا يتم إلا بعد انتهاء سنة الشركة التي تم فيها الإعلان ، وذلك ما لم يكن ثمة أسباب هامة ) .

( [50] ) لوران فقرة 396 – جيوار فقرة 332 – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 64 . الأستاذ محمد كامل مرسي في العقود المسماة 2 فقرة 533 – عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 438 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 ص 345 .

( [51] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – وانظر أيضاً لوران فقرة 359 – جيوار فقرة 324 وما بعدها – أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ( 13 و 14 ) – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 – فورنييه فقرة 127 – وانظر عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 440 – فقرة 441 .

( [52] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 368 – ص 369 – وانظر عكس ذلك بودري وفال 23 فقرة 446 .

( [53] )  استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 43 – بني سويف أول يونيه سنة 1925 المحاماة 6 رقم 445 / 3 ص 731 – فإذا لم تتوافر هذه الشروط لا يكون لانسحاب الشريك من أثر ، ويبقى بالرغم من انسحابه شريكا ( جوسران 2 فقرة 1339 ) .

( [54] ) جيوار فقرة 331 – بودري وفال 23 فقرة 453 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1064 .

( [55] ) ولما كان إعلان الانسحاب تعبيراً عن الإرادة ، فهوتصرف قانونين يشترط لاثباته الكتابة أو ما يقوم مقامها فيما يزيد على عشرة جنيهات ( جيوار فقرة 33 – لوران 26 فقرة فقرة 399 – وقارن بودري وفال 23 فقرة 452 – فقرة 353 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1064 ) .

( [56] ) أنظر أيضاً م 526 ليبي و م 915 لبناني آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [57] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 383 – ص 384 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [58] ) جيوار فقرة 328 – بودري وفال 23 فقرة 449 – وفي هذا المعنى تقول المادة 915 / 2 لبناني : ” لا يعتبر العدول صادراً عن نية حسنة إذا كان الشريك الذي عدل يقصد الاستئثار بالمنفعة التي كان الشركاء عازمين على اجتنائها بالاشتراك ” ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” ولم يحدد المشروع حسن النية بل ترك تقديره للظروف ، ومن المقرر في هذا الصدد أن الشريك لا يعتبر حسن النية إذا كان لم ينسحب من الشركة إلا لكي يتمكن من الانفراد بربحها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 ) .

( [59] ) وتقول المادة 915 / 3 لبناني في هذا المعنى : ” ويكون العدول واقعاً في وقت غير مناسب إذا حصل بعد الشروع في الأعمال ، فأصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها ” ( أنظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) . وتقو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : ” . . . . ألا يحصل الانسحاب في وقت غير لائق إذا حدث مثلا إبان أزمة ، أو أثناء الفترة الأولى لاستقرار الشركة وقبل حصولها على أرباح قريبة منتظرة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 ) . وانظر بودري وفال 23 فقرة 450 . ومن يدعى من الشركاء أن انسحاب الشريك كان في وقت غير لائق أو أن انسحابه لم يكن بحسن نية يحمل عبء الإثبات ( بودري وفال 23 فقرة 451 مكررة ) .

( [60] ) أنظر آنفاً فقرة 231 .

( [61] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 369 – وانظر أوبرى ورو وإسمان 6 فقرة 384 ص 65 – بلانيول ويبير وليبارنيير 11 فقرة 1063 ص 345 .

( [62] ) أنظر آنفاً فقرة 228 .

( [63] ) واجماع الشركاء على حل الشركة هو تفاسخ من الشركة للشركة ، ويثبت وفقاً لقواعد الإثبات . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت القرائن التي استفادت منها محكمة الموضوع أن شركة فسخت عقب صدورها قد ورددت بين الطرفين وسلم بها كل منهما ، فلا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الإثبات باعتمادها على القرائن في إثبات التفاسخ الضمني بين الشركاء ، خصوصا إذا كان الخصم لم يمانع خصمه في إثبات العدول عن التشارك أو فسخ الشركة بالقرائن ، فإن هذا وحده يسقط حقه في الطعن على الحكم بتلك المخالفة ( نقض مدني ) يناير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 313 ص 1040 )

محامي الأردن