جرائم الشيك ووسائل حماية حامل الشيك

الشيك في القانون الأردني: جرائم الشيك ووسائل حماية حامل الشيك

يُعتبر الشيك أداة مالية حيوية في الأردن، إذ يلعب دورًا هامًا في المعاملات التجارية والشخصية. ولتعزيز الثقة في هذه الأداة وتنظيم استخدامها، وضع المشرع الأردني قوانين صارمة تحمي حقوق حامل الشيك وتعاقب على الجرائم المتعلقة به.

جرائم الشيك في القانون الأردني:

يعاقب قانون العقوبات الأردني على عدة جرائم تتعلق بالشيك، بهدف ردع كل من يحاول استغلال هذه الأداة المالية بطرق غير مشروعة. ومن أبرز هذه الجرائم:

  1. إصدار شيك بدون رصيد: يعتبر إصدار شيك بدون وجود مقابل وفاء كافٍ في حساب الساحب جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة. ويُشدد العقاب في حالة تكرار هذه الجريمة.
  2. سحب الرصيد بعد إصدار الشيك: يُعد سحب الرصيد بعد إصدار الشيك بقصد الإضرار بحامل الشيك وعدم تمكينه من الحصول على قيمة الشيك جريمة يعاقب عليها القانون.
  3. إصدار أمر بوقف صرف الشيك: لا يجوز إصدار أمر بوقف صرف الشيك إلا في حالات استثنائية محددة قانونًا، مثل فقدان الشيك أو سرقته. ويعاقب القانون على إساءة استخدام هذا الحق.
  4. تظهير شيك بدون رصيد: يُعاقب القانون على تظهير شيك (أي نقله إلى شخص آخر) مع العلم بعدم وجود مقابل وفاء له، حيث يعتبر هذا الفعل مشاركة في جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
  5. تحرير شيك بصورة تمنع صرفه: يُعاقب القانون على أي تلاعب أو تغيير في بيانات الشيك يهدف إلى منعه من الصرف، مثل تزوير التوقيع أو تغيير المبلغ أو التاريخ.

وسائل حماية حامل الشيك في القانون الأردني:

يمنح القانون الأردني حامل الشيك العديد من الوسائل القانونية لحماية حقوقه وضمان حصوله على قيمة الشيك، ومن هذه الوسائل:

  1. الرجوع على الساحب والمظهرين: في حالة عدم وفاء الشيك، يحق لحامله الرجوع على الساحب والمظهرين (الأشخاص الذين قاموا بتظهير الشيك إليه) للمطالبة بقيمة الشيك بالإضافة إلى الفوائد والمصاريف.
  2. رفع دعوى قضائية: يمكن لحامل الشيك اللجوء إلى القضاء لرفع دعوى قضائية ضد الساحب أو المظهرين للمطالبة بحقوقه.
  3. اللجوء إلى دائرة التنفيذ: في حالة صدور حكم قضائي لصالح حامل الشيك، يمكنه اللجوء إلى دائرة التنفيذ لتنفيذ الحكم والحصول على قيمة الشيك، وبالتالي إصدار طلب قضائي بحق الساحب..
  4. الحجز التحفظي: يجوز لحامل الشيك أن يطلب من المحكمة وضع حجز تحفظي على أموال الساحب لضمان حقه في الحصول على قيمة الشيك.

ختامًا، يوفر القانون الأردني حماية شاملة لحامل الشيك، من خلال تجريم الأفعال التي تضر بحقوقه وتوفير وسائل قانونية فعالة لتمكينه من الحصول على قيمة الشيك في حالة عدم الوفاء. وتعد هذه الحماية القانونية ضرورية لتعزيز الثقة في الشيك كأداة وفاء وتعزيز استخدامه في المعاملات المالية والتجارية.

المدة الزمنية للدعاوى القضائية

المدة الزمنية للدعاوى القضائية: نظرة تفصيلية على الإجراءات والتفاوت في المدة مع التركيز على القضايا التجارية والمالية

تختلف المدة الزمنية التي تستغرقها الدعاوى القضائية بشكل كبير، وتتأثر بعدة عوامل، منها نوع الدعوى وتعقيدها وازدحام المحكمة والإجراءات المتبعة. تتضمن الدعاوى القضائية مراحل عامة، لكل منها مدة زمنية تقديرية، إلا أن هذه المدة قد تتفاوت بشكل كبير في الواقع العملي.

مراحل الدعوى القضائية:

  1. تسجيل الدعوى: تبدأ هذه المرحلة بتقديم لائحة الدعوى إلى قلم المحكمة وتسجيلها رسميًا، وقد تستغرق بضعة أيام إلى أسبوع.
  2. تبادل اللوائح: بعد تسجيل الدعوى، يتبادل المدعي والمدعى عليه اللوائح التي تتضمن دفوعهما ومستنداتهما. قد تستغرق هذه المرحلة بضعة أسابيع إلى أشهر، حسب طبيعة الدعوى وتعقيدها.
  3. التبليغ: يتم تبليغ المدعى عليه بأمر الدعوى وتحديد موعد الجلسة. قد تستغرق هذه المرحلة أيامًا أو أسابيع، حسب طريقة التبليغ ومدى تعاون المدعى عليه.
  4. الجلسات: تعقد المحكمة عدة جلسات لسماع أقوال الشهود ومرافعات المحامين. قد تستغرق هذه المرحلة من عدة أشهر إلى سنوات، حسب عدد الجلسات وتعقيد الدعوى وازدحام المحكمة.
  5. الحكم: تصدر المحكمة حكمها في الدعوى بعد انتهاء الجلسات، وقد يستغرق صدور الحكم من أسابيع إلى أشهر.
  6. الاستئناف (إن وجد): إذا لم يرض أحد الأطراف بالحكم، يمكنه استئنافه أمام محكمة أعلى. قد تستغرق هذه المرحلة من عدة أشهر إلى سنوات.

أمثلة على المدة الزمنية للقضايا التجارية والمالية:

  • دعاوى الإيجار التجاري: قد تستغرق من عدة أشهر إلى سنة أو أكثر، خاصة إذا كانت هناك خلافات حول شروط العقد أو قيمة الإيجار.
  • دعاوى المطالبات المالية: تختلف المدة الزمنية بشكل كبير حسب المبلغ المطالب به وتعقيد الإجراءات، وقد تستغرق من عدة أشهر إلى سنوات. على سبيل المثال، قد تستغرق دعوى مطالبة مالية بسيطة بضعة أشهر، بينما قد تستغرق دعوى تتعلق بصفقات تجارية معقدة سنوات.
  • دعاوى الإفلاس: قد تستغرق إجراءات الإفلاس عدة أشهر إلى سنوات، حسب حجم الشركة وتعقيد الديون.
  • دعاوى الملكية الفكرية: قد تستغرق دعاوى انتهاك العلامات التجارية أو براءات الاختراع عدة أشهر إلى سنوات، حسب طبيعة الانتهاك وتعقيد الأدلة.
  • دعاوى التحكيم التجاري: يمكن أن تكون إجراءات التحكيم التجاري أسرع من التقاضي أمام المحاكم، وقد تستغرق بضعة أشهر إلى سنة، حسب طبيعة النزاع وتعقيد الإجراءات.

التقاضي السريع:

في بعض الحالات، يمكن اللجوء إلى التقاضي السريع، وهو نظام يهدف إلى تسريع إجراءات التقاضي في بعض الدعاوى البسيطة، مثل دعاوى الإيجار البسيطة وبعض الدعاوى التجارية. عادةً ما يتم تحديد جلسة خلال أسبوع من قيد الدعوى، ويمكن الحكم فيها خلال ثلاثة أشهر.

ملخص:

لا يمكن تحديد المدة الزمنية الدقيقة التي تستغرقها الدعوى القضائية، حيث تتأثر بالعديد من العوامل. ومع ذلك، يمكن القول إن الدعاوى البسيطة قد تستغرق بضعة أشهر، في حين أن الدعاوى المعقدة قد تستغرق سنوات. يهدف التقاضي السريع إلى تسريع الإجراءات في بعض الدعاوى البسيطة، ولكن يبقى عامل الوقت متغيرًا في النظام القضائي.

Photo by Mikhail Nilov on Pexels.com

محامي قضايا الأموال وشركات الاستثمار

محامي قضايا الأموال وشركات الاستثمار 2024

لا شك أن للمحامي دورًا هامًا في حماية الأفراد والشركات من الوقوع ضحايا لقضايا الأموال والاستثمار، وذلك من خلال خبرته وتقديم الاستشارات القانونية. سنتناول في هذا المقال كل ما يتعلق بمحامي قضايا الأموال وشركات الاستثمار من خلال العناصر الرئيسية التالية:

أولًا: ماهية الجرائم المالية:

الجرائم المالية هي مجموعة من الجرائم التي تقع على المال، إما أن تنقصه في الذمة المالية أو تزيده بصورة غير مشروعة. وتشكل هذه الجرائم خطرًا كبيرًا على الأفراد والمجتمعات، حيث تؤثر سلبًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتؤدي إلى انهيار النظم المالية، كما أنها ترتبط غالبًا بجرائم العنف والإرهاب.

تتطور الجرائم المالية باستمرار مع مرور الزمن، وتشمل جرائم ترتكب من قبل العاملين ضد الشركات أو القطاعات التي يعملون بها، مثل الاختلاس والتزوير، وجرائم ترتكبها الشركات ضد الدولة، مثل التهرب الضريبي، وجرائم ترتكبها الإدارة ضد المالك، مثل تضخيم صافي الربح.

1- الجرائم الاقتصادية:

الجريمة الاقتصادية هي كل فعل غير مشروع يضر بالاقتصاد القومي، وقد نص على تجريمها في قانون العقوبات أو في قوانين خاصة بخطط التنمية الاقتصادية. وتشمل هذه الجرائم مجموعة واسعة من الأفعال، مثل التهريب وغسل الأموال والفساد المالي.

2- جرائم غسل الأموال:

جريمة غسل الأموال هي كل فعل ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها بقصد إخفاء مصدرها غير المشروع أو تمويه طبيعتها الحقيقية. وتعتبر هذه الجريمة من أخطر الجرائم التي تؤثر على الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وقد بذلت الدول جهودًا كبيرة لمكافحتها من خلال الاتفاقيات الدولية والإقليمية.

ثانيًا: علاقة جرائم الأموال بالاقتصاد وأثرها على الاستثمار:

تؤثر الجرائم المالية بشكل كبير على الاقتصاد والاستثمار، حيث تؤدي إلى انخفاض مستوى النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمارات الأجنبية. ويرجع ذلك إلى أن المستثمرين يفضلون الاستثمار في الدول المستقرة اقتصاديًا وسياسيًا، والتي تتمتع بمناخ أعمال ملائم.

ثالثًا: المحامي المتخصص في قضايا الأموال وشركات الاستثمار:

يعتبر محامي قضايا الأموال وشركات الاستثمار من أهم التخصصات القانونية، حيث يقوم بتمثيل الشركات في جميع المعاملات القانونية وحل القضايا المتعلقة بالاستثمار والمضاربة والاحتيال المالي. ويتطلب هذا التخصص خبرة وكفاءة عالية نظرًا لتعقيد هذه القضايا وارتباطها بفروع قانونية متعددة.

مهام المحامي:

  • تقديم التوصيات القانونية للشركات وصياغة القوانين والقواعد الداخلية.
  • حضور الاجتماعات الدورية للشركة والاتفاقيات والمناقصات والمفاوضات.
  • تمثيل الشركة في القضاء وهيئة التحكيم وعمليات التفاوض.
  • عقد حل وتصفية الشركة في حالة انقضائها، وحضور عملية دمج الشركة مع شركة أخرى.

حقوق وواجبات المحامي:

  • يحق للمحامي أن يُعامل بالاحترام الواجب وأن يطلع على أوراق ومستندات الدعوى.
  • يجب على المحامي الالتزام بمبادئ الشرف والنزاهة والاستقامة، وبذل العناية في الدفاع عن مصالح موكله، والحفاظ على أسراره.

رابعًا: المحكمة المختصة بنظر دعاوي قضايا الأموال:

تختلف المحكمة المختصة بنظر قضايا الأموال حسب نوع الجريمة وشروطها، فقد تكون المحكمة الاقتصادية أو الجنائية أو محكمة أمن الدولة. أما الدعاوي المتعلقة بشركات الاستثمار فتحدد المحكمة المختصة حسب اتفاق الأطراف، وقد تكون المحاكم الوطنية أو هيئة التحكيم أو القضاء الدولي.

خامسًا: السوابق القضائية:

توجد العديد من السوابق القضائية لقضايا الأموال وشركات الاستثمار، وتساعد هذه السوابق في فهم كيفية تطبيق القانون على هذه القضايا وتحديد العقوبات المناسبة للمتهمين. انظر أفضل محامي في الأردن

ختامًا:

يعتبر محامي قضايا الأموال وشركات الاستثمار ركنًا أساسيًا في حماية الشركات والأفراد من الوقوع ضحايا للجرائم المالية، ويساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار المالي.

Photo by CQF-Avocat on Pexels.com

أحكام عقد السمسرة

أحكام عقد السمسرة

يلعب عقد السمسرة دورًا هامًا في تسهيل إبرام العقود والمعاملات التجارية وكذلك المدنية، وذلك عبر استعانة الأشخاص سواء كانوا اعتباريين أو طبيعيين بالسماسرة والوسطاء التجاريين الذين تنحصر مهمتهم بمقتضى عقد السمسرة الذي أُبرم بينهم وبين العملاء بالبحث عن شخص يرتضي التعاقد مع العميل أو الدخول في مفاوضات مع الغير بهدف إبرام العقد بين كل من العميل والغير.

ومهمة السمسار تنتهي عند نجاحه بالمهمة التي كُلف بها، وذلك دون أن يكون السمسار طرفًا في العقد قام بالتوسط في إبرامه، وليس بصفته وكيلًا أو تابعًا أو نائبًا لأي من طرفي العقد.

يشار إلى أننا قمنا بالتفصيل في التزامات عقد السمسرة في مقال مفصل يرجى الرجوع إليه.

أولًا: تعريف عقد السمسرة

ثانيًا: أهمية عقد السمسرة

ثالثًا: أطراف عقد السمسرة

رابعًا: خصائص عقد السمسرة

خامسًا: الشروط الموضوعية العامة لانعقاد عقد السمسرة

سادسًا: شروط مزاولة مهنة السمسرة

سابعًا: المواد التي تناولت عقد السمسرة في القانون الأردني

ثامنًا: بعض أحكام محكمة التمييز التي تتعلق بعقد السمسرة

أولًا: تعريف عقد السمسرة

السماسرة عملهم الرئيس هو التوسط بين طرفين، فالسمسار هو البادئ بالمساعدة على إبرام عقد مقابل عمولة.

وعقد السمسرة هو: ” العقد الذي يلتزم السمسار بمقتضاه بالسعي في إتمام صفقة معينة لمن وسطه ذلك مقابل أجر”.

ويعرف آخر عقد السمسرة بأنه : ” عقد يلتزم بمقتضاه شخص يسمى السمسار قبل شخص آخر يسمى مصدر الأمر أو مفوض السمسار بإيجاد متعاقد لإبرام صفقة معينة مقابل أجر”.

وعرفه آخر بأنه : ” عقد يتعهد بمقتضاه السمسار بالتوسط لدى متعاقد آخر لإقناعه بإتمام صفقة”.

وتعريف عقد السمسرة قائم على معنى الوساطة الموسع، وعناصر عقد السمسرة هي أطراف العقد أي كل من السمسار والعميل وموضوع العقد.

والجدير بالإشارة أن موضوع العقد في عقد السمسرة يتمثل في أن يقوم السمسار بالتفاوض نيابة عن العميل لإقناع الغير بإبرام العقد معه والأجر الذي يتقاضاه السمسار، وقد يتمثل موضوع العقد في عقد السمسرة بالبحث عن شخص يرتضي إبرام عقد مع العميل الذي كلف السمسار.

وقد عرف قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966 وفي المادة (99/1) منه عقد السمسرة بما يلي: ” السمسرة هي عقد يلتزم به فريق يدعى السمسار لأن يرشد الفريق الآخر إلى فرصة لعقد اتفاق ما أو أن يكون وسيطًا له في مفاوضات في التعاقد وذلك مقابل أجر”.

وقد عرف قانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 عقد السمسرة في المادة (192) منه بما يلي : ” السمسرة عقد يتعهد بمقتضاه السمسار لشخص بالبحث عن طرف ثان لإبرام عقد معين والتوسط في إبرامه”.

وبالتنقيب في التشريعات الأردنية الخاصة نجد أن بعضها استخدم مصطلح الوساطة للدلالة على عقد السمسرة كقانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم (28) لسنة 2001، بحيث نجد أنه قد عرف الوساطة في المادة رقم (2) منه بما يلي: ” هي قيام شخص بالوساطة بين طرفين لعقد العقود أو لتسهيل عقد المعاملات التجارية وما يتفرع عنها لقاء أجر دون أن يتحمل تبعتها”.

من هو السمسار؟

هو وسيط تجاري يعمل على تقريب وجهات النظر لإتمام الصفقات التجارية بين البائع والمشتري مقابل الحصول على عمولة_ وهي مبلغ من المال متفق عليه _عند إتمام الصفقة، وقد تكون العمولة من كلا الطرفين أو أحدهما حسب الاتفاق.

هل السمسرة حلال أم حرام؟

بالرجوع إلى الجهات المختصة بالإفتاء فإن السمسرة حلالاً لما فيها من نفع لأطراف العقد على أنه يجب على السمسار التحلي بالقيم والأخلاق وعدم التلاعب والاستغلال وألا يتعامل بما هو محرم أو ما يحرم التعامل به.

ثانيًا: أهمية عقد السمسرة

لعقد السمسرة أهمية كبيرة في المجال الصناعي والتجاري، ونظرًا لهذه الأهمية، فقد عرف منذ القدم، حيث يتم الاستعانة بطائفة السماسرة الذين كانت مهمتهم تنحصر في تقريب وجهات النظر بين التجار من مختلف الجنسيات، وحماية الأجانب ،وتحرير العقود ،وترجمتها.

ونظرًا للأهمية الكبيرة لعقد السمسرة فقد أصبح هنالك تخصص في أعمال السمسرة، بحيث أصبح كل سمسار يتخصص بنوع معين من المعاملات منها السمسرة في التصرفات القانونية الخاصة بالعقارات، والسمسرة في البورصات المالية، والسمسرة في عقود التأمين… إلخ.

وقد حظي عقد السمسرة بعناية كبيرة من قبل المشرع الأردني بحيث أنه تم تنظيم أحكام هذا العقد في قانون التجارة الأردني وذلك في ( المواد من 99 حتى 105).

ثالثًا: أطراف عقد السمسرة

أطراف عقد السمسرة هي السمسار والعميل.

1_ السمسار:

السمسار باعتباره الطرف الأول الذي يرتكز عليه نجاح عقد السمسرة حيث تقتصر مهمته على التوسط بين شخصين يريدان إبرام عقد دون أن يكون طرفًا في هذا العقد أو نائبًا عن أحد أطرافه، فيتوسط بين البائع والمشتري وبين العامل ورب العمل وبين المؤمن له والمؤمن وبين الشاحن والناقل… الخ. حتى إذا ما تكللت جهوده بالنجاح وتم الاتفاق تنتهي مهمة السمسار واستحق عنها عمولة أو أجرة.

والجدير بالذكر أن مصطلح سمسار في التشريع الأردني هو مصطلح مرادف للوسيط والدلال، وهذا ما تؤكد عليه محكمة التمييز الأردنية في عديد قراراتها.

2_ العميل:

العميل هو ذلك الشخص الذي يعهد للسمسار مهمة البحث عن متعاقد يقبل التعاقد، أو أن يقوم بالدخول في مفاوضات مع الغير لأجل أن يتم إقناعه بإبرام العقد، وذلك في مقابل عمولة يتعهد أن يدفعها للسمسار.

والعميل يُمكن أن يكون شخصًا طبيعيًا أو شخصًا اعتباريًا، بالإضافة أنه قد يكون تاجرًا، أو غير تاجر، أو رجلًا، أو امرأة.

رابعًا: خصائص عقد السمسرة

هناك عديد الخصائص لعقد السمسرة، ويمكن إجمال أهم تلك الخصائص فيما يلي:

1_ عقد السمسرة من الرضائية

فلا يشترط القانون لانعقاد السمسرة شكلًا محددًا، وإنما يكفي لانعقاده تطابق كل من الإيجاب والقبول، وكذلك توافر الشروط العامة لصحة العقد من رضا وأهلية ومحل وسبب للعقد، باستثناء حالة أن أتفق على خلاف ذلك بين المتعاقدين (العميل والسمسار).

2- عقد السمسرة من عقود المعاوضة

وعقود المعاوضة هي العقود التي يأخذ فيها كل طرف من المتعاقدين مقابلًا لما يعطيه، فنجد أنه في عقد السمسرة يأخذ كل من السمسار والعميل عوضًا عما أعطاه، فيأخذ السمسار الأجر أو العمولة، في حين يحصل العميل على متعاقد يكون لديه رغبة في التعاقد مع العميل.

3_ عقد السمسرة من العقود الملزمة للجانبين

بحيث أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدين، فنجد أن التزام السمسار بالبحث عن متعاقد آخر يرتضي التعاقد مع العميل، يقابله التزام من العميل بدفع العمولة أو الأجر للسمسار.

4_ عقد السمسرة من العقود التجارية

بحسب المادة السادسة من قانون التجارة الأردني نجد أن قانون التجارة الأردني قد أقر بالصفة التجارية لعقد السمسرة، فبحسب تلك المادة تُعتبر السمسرة عملًا تجاريًا وذلك بحكم ماهيتها الذاتية وبغض النظر عن طبيعة العمليات التي تتم من خلالها.

أما بحسب المادة الخامسة من قانون التجارة المصري نجد أنه اشترط لإضفاء الصفة التجارية على عقد السمسرة أن تتم السمسرة على وجه الاحتراف من قبل السمسار.

ونستنتج مما سبق أن المشرع الأردني يُعتبر عقد السمسرة عقدًا تجاريًا بالنسبة للسمسار حتى وإن مارس السمسرة لمرة واحدة لكون النص جاء مطلقًا سواء أكان السمسار محترفًا أم لا.

ونشير أخيرًا أنه قد ذهب البعض إلى أن الصفة التجارية لعقد السمسرة وفقًا لأحكام القانون الأردني لا يُمكن أن تثبت إلا في حال ممارستها في إطار مشروع.

5_ عقد السمسرة من العقود الاحتمالية

وذلك لأن الالتزام الواقع على السمسار والذي يتمثل في البحث عن سمسار يرتضي بالتعاقد مع العميل ومن ثم نجاح مساعي ومحاولات المسار في توصل المتعاقدين لإبرام العقد من الأمور الاحتمالية بحيث أنه قد ينجح السمسار أو إيجاد متعاقد أو إقناع المتعاقدين أو لا ينجح، فإن نجح في مسعاه يكون مستحقًا للأجر والعمولة، وإن فشل فإنه لا يستحق الأجر أو العمولة.

6_ ممارسة العمل على وجه الاستقلال

بحيث أن السمسار يكون غير ملزم بالتعليمات التي تصدر له من الشخص الذي وسطه في كيفية ممارسته لمهنته فهو يقوم بتنظيم نشاطه وإجراء اتصالاته مع عملائه كيفما يشاء، بيد أنه يقع عليه التزام بمراعاة تعليمات الموسط التي تتعلق بشروط محل الالتزام، أي تلك الشروط التي على أساسها يقوم ببذل جهوده في سبيل أن يجد الشخص الذي يرغب في التعاقد وفقًا لهذه الشروط.

خامسًا: الشروط الموضوعية العامة لانعقاد عقد السمسرة

يُعتبر عقد السمسرة كغيره من العقود المدنية أو التجارية ينبغي لانعقاده توافر الأركان والشروط التي يحددها المشرع وفقًا للقواعد العامة في القانون المدني وهي : التراضي، والمحل، والسبب.

1_ التراضي:

أ_ الأهلية:

يجب أن تتوافر الأهلية في أطراف عقد السمسرة (السمسار والعميل)، والجدير بالذكر أن أطراف عقد السمسرة قد يكونوا أشخاصًا طبيعيين أو اعتباريين، والجدير بالإشارة إن أهلية الشخص الطبيعي تختلف عن أهلية الشخص الاعتباري، وذلك ما سنبحثه فيما يلي:

أهلية الشخص الطبيعي :

بالعودة لقانون التجارة الأردني يتبين لنا أن المشرع الأردني لم يضع أهلية تجارية خاصة لها وجه من الاختلاف عن الأهلية المدنية الواردة في القانون المدني، ولكنه أخضع الأهلية التجارية لأحكام القانون المدني.

ومن ثم فإن الأهلية المدنية وكذلك الأهلية التجارية في القانون الأردني هي أهلية واحدة تخضع للقانون المدني، بحيث يُمكن القول إنه من بلغ سن الرشد وكان متمتعًا بقواه العقلية ولم يتم الحجر عليه كامل الأهلية ليباشر حقوقه المدنية، وفيما يتعلق بسن الرشد فهو (18) سنة شمسية تامة، وذلك بحسب ما جاء في نص (المادة 43) من القانون المدني الأردني.

ويتضح مما سبق أن أهلية كلًا من السمسار والعميل في القانون المدني الأردني هي (18) عامًا، فمن يبلغ هذا العمر من أطراف عقد السمسرة يكون حائزًا للأهلية لإبرام هذا العقد، ما لم يرد نص خاص في القانون على خلاف ذلك.

بيد أنه بالرجوع إلى الأنظمة والقوانين التي تعالج أحكام بعض الأنواع الخاصة لعقد الوساطة أو السمسرة، يتضح لنا أن المشرع الأردني لا يكتفي بسن الرشد الوارد في القانون المدني، بالنسبة للسمسار بحيث أنه يضع سنًا أو عمرًا أعلى من ذلك.

فعلى سبيل المثال نجد أن نظام الدلالين والسماسرة يشترط مثل هذا الشرط، وذلك بحسب (المادة 2) من النظام، وهو ألا يقل عمر السمسار المزاول لمهنة السمسرة عن (20) عامًا.

أهلية الشخص الاعتباري:

من الوارد أن يكون أحد أطراف عقد السمسرة أو كلاهما من الأشخاص الاعتباريين،  بل ويمكن أن يشترط المشرع أن يكون الوسيط أو السمسار شخصًا اعتباريًا كما هو الحال بالنبة للوسيط المالي في بوصة الأوراق المالية، بحيث يتم تداول الأوراق المالية عبر الوسطاء الماليين.

وبغض النظر أكان السمسار شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا فهو مسؤول عن التحقق من أهلية عميلة وذلك بحسب ما نصت عليه (المادة 103) من قانون التجارة الأردني.

ب_ الرضا

يُعتبر عقد السمسرة من العقود الرضائية، التي يشترط لانعقادها توافر إرادتين، وذلك وفقًا للقواعد العامة للعقود التي تشترط الرضا الصحيح الخالي من العيوب بالنسبة لطرفي العقد.[7]

ويجب أن يكون رضا طرفي العقد صحيحًا وخاليًا من كافة العيوب كالغلط، أو التغرير، أو الإكراه، أو الغبن، والتي يترتب عليها أن يكون العقد باطلًا.

2_ المحل

عقد السمسرة كغيره من العقود يجب أن يكون له محل، والمحل يجب أن يكون مشروعًا وغير مخالف للنظام العام وإلا عُد باطلًا.

ومحل عقد السمسرة ينصب على العقد الذي يتوسط في إبرامه السمسار، بغض النظر أكان عقد بيع، أو شراء، أو عقد نقل ،أو عقد تأمين ،أو عقد إيجار، والذي يتعين أن يكون مشروعًا وغير مخالف للنظام العام.

3_ السبب

يتعين أن يكون لكل عقد سبب، والسبب هنا هو الغرض المباشر المقصود من العقد، والذي يتعين أن يكون موجودًا ومباحًا وصحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب العامة.

فسبب التزام السمسار في عقد السمسرة بالبحث عن متعاقد يرتضي التعاقد مع العميل هو الحصول على الأجرة أو العمولة، في حين أن سبب التزام العميل، بدفع العمولة أو الأجرة، هو إيجاد السمسار لشخص يرتضي التعاقد معه بالشروط التي وضعها الأخير وبشكل عام يتعين أن يكون الباعث أو الدافع لإبرام العقد مشروعًا حيث يفترض مشروعية السبب في عقد السمسرة وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يثبت ادعاءه.

سادسًا: شروط مزاولة مهنة السمسرة

يشترط فيمن يريد أن يزاول مهنة السمسرة سواء كان شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا عدة شروط سنتناولها فيما يلي:

1_ الجنسية

 يُشترط في الوسيط أو السمسار سواء كان شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا أن يكون متمتعًا بالجنسية الأردنية كشرط لمزاولة مهنة السمسرة.

وقانون الجنسية الأردني رقم 6 لسنة 1954 قد حدد من هم الأشخاص الذين يتمتعون بالجنسية الأردنية.

وبالرجوع لقانون الشركات الأردني  رقم 22 لسنة 1997 في (المادة4) نجد أنه قد حدد كيفية اكتساب الشركة للجنسية الأردنية، فالشركة التي تؤسس وتسجل بمقتضى هذا القانون ووفقًا لأحكامه شخصًا اعتباريًا أردني الجنسية ويكون مركزها الرئيسي في الأردن.

أما بالنسبة للشركة التي ترغب في ممارسة مهنة الوساطة التجارية، فإن قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم 28 لسنة 2001 قد اشترط الآتي في (المادة 3) :

“يجب أن يكون الوكيل التجاري أو الوسيط التجاري أردنيا اذا كان شخصا طبيعيا أو شركة أردنية مسجلة وفق أحكام هذا القانون”.

ويُلاحظ أن المشرع في اشتراطه الجنسية الأردنية في الشخص الذي لديه الرغبة في ممارسة مهنة السمسرة أو الوساطة بغض النظر أكان شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا إنما يهدف إلى ما يُمكن أن نسميه “أردنه” مهنة السمسرة كغيرها من المهن كأعمال التأمين والوكالات التجارية وحصرها فيمن يتمتع بالجنسية الأردنية فقط.

2_ السن

بالرجوع للتشريعات الأردنية التي تعالج عقد السمسرة أو الوساطة نجد أنها تشترط في الشخص الطبيعي الذي يقوم بممارسة مهنة الوساطة التجارية أو السمسرة ألا يقل عمره عن (20) عامًا، بينما نجد أن المشرع المصري يشترط أن يكون السمسار بالغًا سن الرشد.

3_ التمتع بأهلية الأداء

يشترط في الشخص الطبيعي الذي يقوم بمزاولة مهنة السمسرة أو الوساطة التجارية تمتعه بأهلية الأداء الواجبة حتى يباشر التصرفات القانونية وحتى يكون حائزًا للثقة في التعامل مع العملاء، ويُمكن أن نعرف أهلية الأداء بأنها: “صلاحية الإنسان لإصدار إرادة صحيحة تترتب عليها آثار قانونية”.

ويُقصد بأهلية الأداء ألا يكون مجنونًا أو معتوهًا أو سفيهًا أو من ذوي الغفلة، والجدير بالإشارة أن المشرع قد اعتبر كل من المجنون والمعتوه محجورين لذاتهم، أما السفيه وذو الغفلة فيحجر عليهما ويرفع الحجر عنهما وفقًا لإجراءات وقواعد محددة ينص عليها القانون، وهذا الشرط مستفاد من أحكام القانون المدني الأردني.

4_ التعليم والخبرة

لم يشترط المشرع الأردني مثل هذا الشرط فيمن يزاول مهنة السمسرة على الإطلاق، بل اشترط ذلك في بعض السماسرة ولم يشترط في البعض الآخر منهم وذلك حسب أهمية السمسرة أو الوساطة التي يزاولها الوسيط أو السمسار، انطلاقًا من أن جميع أنواع السمسرة لا تحتاج إلى مثل هذا الشرط فمثًلا نجد أن المشرع لم يشترط مثل هذا الشرط في سمسار العقارات ولا في الوسيط التجاري، حيث إنه اشترط مثل هذا الشرط في الوسيط المالي وفي وسيط التأمين.

5_ حسن السيرة والسلوك غير محكوم عليه بجناية أو جنحة أو مفلسًا إلا إذا رد إليه اعتباره

تمتع الأشخاص الطبيعيين بالأمانة وحسن السيرة والاستقامة والسلوك وألا يكون محكوم عليهم بجنحة مخلة بالشرف والأمانة أو بالإفلاس ولم يرد إليهم اعتبارهم هي شروط اشترطها نظام الدلالين والسماسرة وتعليمات ترخيص وسطاء التأمين فيمن يزاولون مهنة السمسرة.

6_ تقديم الكفالة التي يتطلبها القانون

بعض القوانين والأنظمة والتعليمات التي تنظم بعض أنواع السمسرة كقانون الأوراق المالية وكذلك تعليمات ترخيص وسطاء التأمين قد اشترطت فيمن يزاول مهنة السمسرة أن يقوم بتقديم كفالة مصرفية أو عقدًا لتأمين ما يترتب على عقده من التزامات واجبة التنفيذ بموجب القانون أو تجاه الغير ، أو ما يترتب عليه من خطأ أو سهو غير متعمد.

7_ الحصول على ترخيص من الجهة المختصة

يأتي الحصول على ترخيص بمزاولة مهنة السمسرة أو الوساطة سواء كان ذلك للشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري “الشركة” كمحصلة لاستيفاء الشروط التي يحددها المشرع في القوانين والأنظمة والتعليمات المنظمة لمهنة السمسرة والتي حددت بدورها جهات مختصة لمراقبة استيفاء مثل هذه الشروط وأعطاها المشرع صلاحية التنسيب بالموافقة على منح الترخيص أو عدم الموافقة ويكون القرار بالنتيجة للجهة التي حددها القانون إما الموافقة على الترخيص أو رفضه.

8_ القيد في السجل المعد لذلك

وفقًا للقانون أو النظام أو التعليمات المنظمة لشروط مزاولة المهنة فإنه يتعين على الشخص الطبيعي أو الشركة التي ترغب في مزاولة مهنة السمسرة أو الوساطة أن يقوم بتسجيل الاسم في السجل المعد لذلك، والجدير بالذكر أن القيد يختلف من حيث الجهة التي يوجد لديها مثل هذا السجل وكذلك من حيث نوع الوساطة أو السمسرة.

سابعًا: المواد التي تناولت عقد السمسرة في القانون الأردني

جاء في قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 في (المادة 99) ما يلي:

  1. السمسرة هي عقد يلتزم به فريق يدعى السمسار لان يرشد الفريق الآخر إلى فرصة لعقد اتفاق ما أو أن يكون وسيطا له في مفاوضات التعاقد، وذلك مقابل اجر .
  2. تسري قواعد الوكالة بوجه عام على السمسرة.

ونصت (المادة 100) من نفس القانون على ما يلي:

  1. إذا لم يكن اجر السمسار معينا بالاتفاق أو بموجب تعريفة رسميه فيحدد وفقا للعرف أو تقدر المحكمة قيمته بحسب الظروف .
  2. وإذا ظهر أن الأجر المتفق عليه لا يتناسب مع ماهية العملية والجهود التي تستلزمها فيحق للمحكمة أن تخفضه إلى مقدار الأجر العادل للخدمة المؤداة.

ومن ذات القانون نصت (المادة 101) على الآتي:

1 . يستحق السمسار الأجر بمجرد أن تؤدي المعلومات التي أعطاها أو المفاوضة التي أجراها إلى عقد الاتفاق.

 2 .واذا انعقد الاتفاق معلقا على شرط واقف فلا يستحق الأجر إلا بعد تحقيق الشرط.

 3 . وإذا اشترط إرجاع النفقات التي صرفها السمسار فترجع له ، وان لم يتم الاتفاق.

وجاء في (المادة 102) الآتي:

يفقد السمسار كل حق في الأجر وفي استرجاع النفقات التي صرفها إذا عمل لمصلحة المتعاقد الآخر بما يخالف التزاماته أو إذا حمل هذا المتعاقد الآخر على وعده باجر ما في ظروف تمنع فيها قواعد حسن النية من أخذ هذا الوعد.

و(المادة 103) نصت على ما يلي:

لا يحق للسمسار أن يتوسط لأشخاص اشتهروا بعدم ( مادتهم ) أو يعلم بعدم أهليتهم .

بينما نصت (المادة 104) على ما يلي:

  1. يجب على السمسار أن يسجل جميع المعاملات التي عقدت بواسطته مع نصوصها وشروطها الخاصة وان يحفظ الوثائق المختصة بها ويعطي عن كل ذلك صورة طبق الأصل لكل من يطلبها من المتعاقدين .
  2. وفي البيوع بالعينة يجب عليه أن يحتفظ بالعينة إلا أن تتم العملية.

وجاء نص (المادة 105) بما يلي:

إن عمليات التوسط والسمسرة في بورصات الأوراق المالية وفي بورصات البضائع تخضع على قدر الحاجة لتشريع خاص.

ثامنًا: بعض أحكام محكمة التمييز التي تتعلق بعقد السمسرة

جاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 41 لسنة 1997 المبدأ الآتي:

بما أن المميز ضده مرخص لتعاطي أعمال شراء وبيع الأراضي والعقارات والتوسط في بيعها وشرائها لنفس العام الذي تم فيه شراء المميزين للعقار الذي يطلب المميز ضده أتعابه عن التوسط في شرائه فبالتالي فإن عدم ورود عبارة سمسار في تلك الوثائق لا يعني أن المميز ضده لا يستحق المبلغ الذي يطالب به ذلك لأن لفظ وسيط له نفس مدلول لفظ سمسار.

كما جاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1435 لسنة 2018 ما يلي:

نصت المادة (99/1) من قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966 نجد إنها تنص على )السمسرة هي عقد يلتزم به فريق يدعى السمسار لأن يرشد الفريق الآخر إلى فرصة لعقد اتفاق ما أو أن يكون وسيطاً له في مفاوضات التعاقد وذلك مقابل أجر) .كما نصت المادة (101/1) من القانون ذاته على (يستحق السمسار الأجر بمجرد أن تؤدي المعلومات التي أعطاها أو المفاوضة التي أجراها إلى عقد الاتفاق).وحيث أن الثابت من البينة المقدمة والمستمعة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن تمييزاً (المدعي) صاحب مكتب عقاري وأن مكتبه مرخص بالرخصة السارية حتى تاريخ 31/12/2005 والمجددة بالرقم (863) تاريخ 20/3/2006 للعام (2006) وأن عقود البيع موضوع الدعوى المنظمة لدى دائرة تسجيل أراضي شمال عمان قد أبرمت على التوالي بتواريخ 12/2/2006 و 14/2/2006 و21/2/2006 و 12/3/2006 من خلال مكتب الطاعن تمييزاً الأمر الذي يستحق فيه أجور سمسرة وفقاً للمادة (101/1) سالفة الإشارة.

وجاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1210 لسنة 2018 ما يلي:

وكان من المقرر قانوناً بمقتضى المادتين 99 و 101 من قانون التجارة أن السمسرة عقد يلتزم فيه السمسار لأن يرشد الفريق الآخر إلى فرصة لعقد اتفاق ما أو أن يكون وسيطاً له في مفاوضات التعاقد مقابل أجر ويستحق السمسار الأجر بمجرد أن تؤدي المعلومات التي أعطاها أو المفاوضة التي أجراها إلى عقد الاتفاق ومن المقرر أن السمسار لا يستحق أجراً عن وساطته إلا إذا أدت هذه الوساطة إلى إبرام العقد بين الطرفين وتكون العبرة في استحقاق السمسار أجرة بإبرام العقد ولو لم ينفذ إلا إذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك وأنه إذا لم يعين أجر السمسار في القانون أو الاتفاق عين وفقاً لما يقضي به العرف.

 بما مفاده أنه إذا حدد أجر السمسار باتفاق صريح ومسبق بينه وبين عميله فإنه يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح وساطته بإبرام الصفقة نتيجة مساعيه وبإبرام الصفقة التي أرادها العميل موضوع السمسرة يفترض معه أن السمسار قام بمهمته بما يكفي لاستحقاق أجرة المتفق عليه وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ في قضائها بما ترتاح إليه وتطرح ما عداه باعتبارها صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها في الدعوى من أدلة وفي فهم ما يكون فيها من قرائن إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاص ما تقتنع به سائغاً وأن تكون الأسباب التي أوردتها في صدد هذا الدليل من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه.

 ولما كان البين أن أعمال السمسرة أدت إلى إبرام العقد بين البائعة والمشتري كما هو ثابت من العقد المؤرخ في 6/3/2013 أن الثمن المتفق عليه للمبيع هو (400000 ) دينار وتم الاتفاق على أن يدفع كل منهما للمدعي الوسيط (2% ) من قيمة العقار .

وإن القيمة سجلت في عقد البيع بمبلغ 294000 دينار وعليه فإن المدعي (المميز ضده) يستحق الأجر عن المبلغ المتفق عليه كثمن حقيقي وقدره 400000 دينار وليس الثمن الوارد في عقد البيع الرسمي بالإضافة إلى ضريبة المبيعات وهو المبلغ الذي توصلت إليه محكمة الاستئناف وقدره 9280 ديناراً وعليه فإن السببين الثاني والثالث لا يردان على الحكم المميز .

كتابة : حسام محمد

المراجع

 أليكس أدامز، القانون لطلبة الأعمال (التجارة) إنجلترا، 2000، ص 201.

 القليوبي، السمسرة في التشريع الكويتي، مجلة القضاء والتشريع، 1979، ص22.

سامي، شرح القانون التجاري الأردني، ط1، ص305

 شفيق، الموجز في القانون التجاري، ص81.

 أنظر العطير، الوسيط في شرح القانون التجاري الأردني، ص468.

عمرو، الجانب القانوني لدور الوسيط في سوق عمان المالي، ص101

 العموش، أحكام عقد السمسرة في التشريع الأردني، ص 45

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

أحكام عقد السمسرة

محامي عقود

محامي عقود

للعقود القانونية أكثر من نوع فيمكن أن تتواجد على شكل العقود الرضائية أو العقود العينية أو العقود الشكلية. وكتابة العقود القانونية تحتاج لدقة في الصياغة وذلك لتجنب أي خطأ قد يقع على العقد وبالتالي يؤثر على مصلحة المتعاقدين نتيجة خطأ الصياغة، ولهذا السبب عند صياغة أي عقد من العقود القانونية سواء كان عقد رضائي أو شكلي أو عيني يجب الاستعانة بمحامي عقود متخصص في صياغة العقود القانونية ليقوم بعملية الصياغة القانونية الصحيحة للعقد.

تعريف محامي العقود:

محامي العقود هو تخصص في مهنة المحاماة، حيث إن محامي العقود يختص في صياغة ومراجعة العقود القانونية.

مفهوم محامي العقود:

تعتبر العقود القانونية فصياغة العقود هي حجر الأساس الذي تقوم عليه أي معاملة سواء كانت معاملة مدنية أو تجارية، ونتيجة للتطور والتوسع الكبير في المجتمعات أصبح تواجد العقود الشفوية أمر نادر الحدوث ولابد من صياغة المعاملة سواء كانت مدنية أو تجارية في شكل عقد كتابي وذلك لحفظ حقوق جميع الأطراف.

ونتيجة لما سبق بالإضافة لوجود تلاعب باستخدام القوانين والثغرات الموجود في القانون وعدم كفاءة وتخصص المحامين ظهر مفهوم محامي العقود.

فالأسباب السابق ذكرها وأهمها أهمية كتابة العقد، هي ما أدت لنشأة مفهوم أو فكرة محامي العقود الذي يقوم بصياغة أو كتابة العقود القانونية، كما يقوم بمراجعة العقود القانونية، ويستطيع المحامي المحترف أن يتقن كتابة العقد في ثماني خطوات.

أهمية محامي العقود:

للعلم بأهمية محامي العقود يجب أن نعلم أولا بأهمية العقود القانونية، فالعقود القانونية هي أساس أي علاقة وبالتالي تنشأ التزامات على أطراف العقد ومن هنا تظهر أهمية العقود والمحامي القائم على صياغة العقد أو كتابته.

مميزات محامي العقود:

محامي العقود له خبرة ومعرفة في كيفية كتابة العقد ، وله أيضا خبرة بما يلي :

خبرته في صياغة العقود القانونية

خبرة في صياغة العقود التجارية الدولية

قدرته على اختيار الألفاظ القانونية المناسبة للعقد

الخبرة على استخدام القانون بشكل صحيح في العقد

القدرة على إغلاق الثغرات القانونية في العقد والتي يمكن أن تستغل فيما بعد

قدرته على رؤية نقاط الخلاف أو النزاع في العقد.

فيجب علي المحامي الذي يقوم بكتابة أن يعرف في صياغة العقد القانوني أن يكون متخصص في كتابة وصياغة العقود، وذلك لأنه كلما زاد تخصصه في مجال كتابة أو صياغة العقود كلما كان أكثر تمرسا لكتابة أو صياغة العقد القانوني.

كما أنه يمكن للمحامي العادي أن يقوم بمهمة كتابة العقد أو صياغة بنوده، ولكن لن يكون بنفس الدرجة من القوة والقدرة التي يمتلكها المحامي المتخصص في كتابة العقود.

مميزات محامي العقود:

التحليل القانوني:

مهارة التحليل القانوني أحد أهم المهارات الموجودة في المحامين بشكل عام وفي المحامين المختصين بكتابة العقود بشكل خاص.

فيجب أن تعلم أن مهمة محامي الصياغة القانونية أو المختص بكتابة العقود تبدأ من وقت مقابلته للعميل حيث يعلم برغبات أطراف التعاقد ويقوم بصياغتها على شكل بنود قانونية في عقد قانوني بين أطراف التعاقد.

فيجب أن يقوم العميل بتوضيح العلاقة التي يرغب أن تتم ترجمتها لعقد قانوني محكم من حيث الكتابة للمحامي المختص بكتابة العقود وذلك حتى يتمكن المحامي من وضع أطار صحيح في شكل عقد قانوني لهذه العلاقة. ومكتب المحامي مؤيد من العشر وفقا لموقع أفضل عشرة في الأردن .

التفاوض:

فمهارة التفاوض على شروط العقد لا يشترط تواجدها في أي من المحامين، بل يجب أن تتواجد خصيصا في المحامي المختص بالكتابة القانونية، ومثل هذا الأمر يكون متطلبا في العقود التجارة مثل عقد الفرنشايز الذي له جوانب قانونية معقدة وكذلك يترتب على عقد الفرنشايز آثار متنوعة، وينطبق ذلك على عقد استثمار الأموال، لذلك كتابة عقد الاستثمار أو أي عقد يتعلق بالأموال تتطلب وجود محامي محرف في صياغة عقد الفرنشايز.

وهذا تبعا لأهميتها الكبرى لمحامي المختص في كتابة العقود يجب أن يقوم بعملية التفاوض مع العملاء الخاصين به وهذا حتى ينتهي من كتابة العقد القانوني. فمهارة الصياغة القانونية ليست وليدة ساعة أو سنة، بل تتطلب خبرة طويلة لمعرفة أساسيات كتابة العقد.

وللانتهاء من كتابة العقد القانوني يجب أن يمر المحامي بالعديد من مراحل التفاوض مع العملاء حتى الوصول للشكل النهائي للعقد القانوني بدأ من مرحلة المفاوضات وكتابة مسودة العقد. ولذلك فالأفضل استشارة محامي عقود، لمعرفة نقاط الخلل في أي عقد، والنقاط المهمة التي يتوجب مراعاتها.

الصياغة القانونية الصحيحة:

من أهم المميزات التي يجب أن تتواجد في محامي العقود هي الصياغة والكتابة القانونية الصحيحة، فالصياغة القانونية ليست ميزة مقتصرة علي محامي العقود فقط، بل تمتد لتشمل المحامين، ولكن يختص بها محامي العقود على شكل خاص.

فيجب أن يتمتع المحامي بميزة الصياغة القانونية الصحيحة ليقوم بصياغة العقود القانونية بشكل صحيح وكتابة البنود الخاصة بها بشكل صحيح وذلك لكي يقوم بصياغة رغبة أطراف العقد في شكل عقد قانوني صحيح وملزم لأطرافه.

فيمكن أن يترتب نتيجة لخطأ الصياغة القانونية التزامات على أطراف التعاقد لا يجب أن تتواجد أو يرتب وجود تعاقد غير صحيح ولهذا فلابد من الاهتمام بكتابة العقد وبشكل خاص صياغة البنود القانونية الخاصة به.

تنظيم الأفكار وتجميعها:

يجب أن يتمتع محامي العقود بالملكة الخاصة بالقدرة على تجميع أفكاره وتنظيمها، وذلك ليستخدم هذه الأفكار في كتابة العقود القانونية وصياغة البنود الخاصة بالعقد.

رؤية المخاطر التعاقدية:

يجب علي محامي العقود أن يتمتع أيضا بالقدرة على معرفة نقاط النزاع الخاصة بالعقد وأين يمكن أن ينشأ النزاع مستقبلا بين أطراف العقد.

فكلما قام محامي العقود بتغطية المخاطر والأخطاء الخاصة بالعقد كلما قلت النزاعات التي تنشأ نتيجة للتعاقد في المستقبل.

أهم النقاط التي يركز فيها المحامي عند كتابة العقد:

يركز محامي العقود عند كتابة أو صياغة العقد القانوني وعقد الاتفاق المالي وبالأخض في بعض أنواع العقود مثل عقد التمويل المالي، على عدة أمور:

أن يحافظ على مصلحة العميل الخاص به.

تحقيق أفضل مصلحة ممكنة وقانونية للعميل.

الحفاظ على الصفقة محل التعاقد.

معاملة المحامي للعميل الجيدة والحفاظ علي العميل.

الحفاظ على مبدأ التوازن في العقد.

اتفاق العقد من بنود القانون الخاصة به حتى يكون ملزما وبعيدا عن البطلان. انظر أفضل محامي في الأردن

وأن كنت تحتاج لمزيد من المعلومات عن محامي العقود أو أي استشارات قانونية تخص العقود القانونية أو صياغة العقود القانونية، أو كنت بحاجة لصياغة عقد شراكة في مطعم أو مصنع مثلا، فنحن نملك محامين عقود ، محامي الأردن.مختصين وخبرة في صياغة العقود القانونية، ونحن نقدر الأتعاب بطريقة معقولة فأتعاب محامي العقود ،توكيل محامي تعتمد على تعقيدات العقد نفسه، فلا تتردد بالتواصل معنا.

عقــد العارية

عقــد العارية

1507 تمهيــــد ( * )

823- التعرف بعقد العارية – نص قانوني : تنص المادة 635 من التقنين المدني على ما يأتي :

“العارية عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين ، على أن يرده بعد الاستعمال”( [1] ) .

$1508 ويخلص من النص المتقدم الذكر أن عقد العارية محله يكون شيئاً غير قابل للاستهلاك يسلمه المعير للمستعير ليستعمله دون عوض ، على أن يرده عيناً عند نهاية العارية . وسيأتي بيان كل ذلك تفصيلا .

824- خصائص عقد العارية : ونقف هنا من عقد العارية عند الخصائص الآتية ، وهي خصائص يمكن استخلاصها من المادة 635 سالفة الذكر . فعقد العارية عقد رضائي ، ملزم للجانبين ، وهو دائماً من عقود التبرع .

1- فالعارية عقد رضائي ، لأنها تتم بمجرد توافق الإيجاب والقبول دون حاجة إلى شكل خاص ، وذلك بالرغم من أن العارية من عقود التبرع دائماً . فعقد التبرع الشكلي هو عقد الهبة لأنه ينقل الملكية ، ولا يقتصر كعقد العارية على ترتيب التزام شخصي .

والعارية ليست بعقد عيني ، لأنه لا يشترط في انعقادها تسليم الشيء المعار إلى المستعير ، والتسليم ليس ركناً في العارية ، بل هو مجرد التزام في ذمة المعير ينشأ بعد أن تنعقد العارية( [2] ) . ولم يكن الأمر كذلك في التقنين المدني السابقة ، إذ كانت العارية في هذا التقنين عقداً عينياً لا يتم إلا بالتسليم . وكان التقنين المدني السابق يسير في ذلك على غرار التقنين المدني الفرنسي ، وكلا التقنينين ورث عينية عقد العارية عن القانون الروماني . وقد كانت العينية مفهومة في القانون الروماني ، $1509 إذ أن هذه القانون من يسلم بأن التراضي وحدة كافٍ لانعقاد العقد إلا في عدد محصور من العقود سمي بالعقود الرضائية ، وليست العارية من بينها . وكانت العقود  في هذا القانون شكلية في الأصل ، ثم استغنى عن الشكل بالتسليم في العقود العينية ومنها العارية . أما اليوم فقد أصبحت القاعدة أن التراضي كافٍ لانعقاد العقد ، فلم يعد هناك مقتض لإحلال التسليم محل الشكل . وكان الواجب أن تتخلص العارية من مخلفات عن الماضي لم يعد لها اليوم مبرر ، وهذا ما تم في التقنين المدني الجديد ، وقد اقتفى في ذلك أثر بعض التقنيات الحديثة كالتقنين المدني الألماني وتقنين الالتزامات السويسري( [3] ) .

2- والعارية عقد ملزم للجانبين ، فالمعير يلتزم بتسليم الشيء المعار للمستعير وسنرى أنه يلتزم ببعض التزامات أخرى ، وذلك المستعير يلتزم باستعمال الشيء في الغرض المعد له وبالمحافظة عليه وبرده عند انتهاء العارية . وليست العارية عقداً ملزماً للجانبين منذ أصبحت عقداً رضائياً فحسب ، بل هي في نظرنا كانت ملزمة للجانبين حتى لما كانت عقداً عينياً في التقنين المدني السابق . ذلك أن العارية لما كانت عقداً عينياً كانت تنشئ التزاماً في ذمة المعير ، لا بالتسليم فإن هذا كان ركناُ لا التزاماً ، بل بالامتناع عن استرداد الشيء المعار قبل نهاية العارية . يؤكد ذلك ما ورد في المادة  636  مدني من أنه “يلتزم المعير أن يسلم لاشيء المعار . . وأن يتركه للمستعير طول  مدة العارية” . فالالتزام بتسليم الشيء المعار مكان في التقنين المدني السابق ركناً التزاماً كما سبق القول ، أما الالتزام بترك الشيء المعار للمستعير والامتناع عن المطالبة برده إلا عند نهاية العارية فهذا التزام قائم في ذمة المعير سواء كانت العارية عقداً رضائياً أو عقداً عينياً . ويتبين من ذلك أن العارية ، عندما كانت عقداً عينياًً ، كانت تنشئ التزاماً في جانب المعير بترك لاشيء المعار للمستعير إلى نهاية العارية ، يقابله في جانب المستعير التزام بالمحافظة على الشيء المعار . فإذا أخل المستعير بهذا الالتزام وقصر في المحافظة على الشيء المعار ، جاز للمعير أن يتحلل من التزامه المقابل عن طريق فسخ العقد واسترداد ما أعاده قبل انتهاء $1510 العارية . هذا التحليل يفسر ما انعقد عليه الإجماع من أن قاعدة الفسخ تسري على عقد العارية ، فلا نكون في حاجة إلى القول مع بعض الفقهاء إن قاعدة الفسخ تسري على العقود الملزمة لجانب واحد كما تسري على العقود الملزمة للجانبين ، ولا إلى مسايرة فقهاء آخين في تسمية الفسخ في عقد العارية بالإسقاط ( decheance ) . بل يبقى الفسخ على طبيعته مقصوراً على العقود الملزمة للجانبين ومنها عقد العارية حتى لو كان عقداً عينياً . وهذا التحليل لا يزال ضرورياً حتى بعد أن أصبحت العارية عقداً رضائياً ، وذلك أن المعير إذا فسخ العارية في حالة إخلال المستعير بالتزامه من المحافظة على الشيء ، فإن المعير لا يتحلل بذلك من الالتزام بالتسليم ، بل نم الالتزام بالامتناع عن المطالبة بالاسترداد إلى نهاية العارية .

3- والعارية من عقود التربع . وقد جاء في المادة 635 سالفة الذكر أن المستعير يستعمل الشيء المعار “بلا عوض” . ولو كان هناك عوض للعارية لانقلبت إيجاراً( [4] ) ، إذ أن العوض هو الفرق ين الإيجار والعارية . والعارية تبرع بالنسبة إلى المعير لأنه لا يأخذ شيئاً من المستعير في مقابل استعمال هذا الشيء المعار ، وتبرع بالنسبة إلى المستعير لأنه لا يعطي شيئاً للمعير في مقابل هذا الاستعمال( [5] ) . ويميز الفقه عادة في عقود التبرع بين عقود التفضل ( actes de bienfaisance ) والهبات ( liberalites ) ، فعقود التفضل يولي المتبرع فيها المتبرع له فائدة دون أن يخرج عن ملكية ماله ، أما الهبات فيخرج فيها المتبرع عن ملكية المال المتبرع به . ومن ثم تكون العارية عقد تفضل ، لأن المعير يتبرع بمنفعة العين دون أن يخرج عن ملكيتها( [6] ) .

$1511 825- تمييز العارية عن بعض ما تلتبس به من العقود : والعارية نسبتها إلى الإيجار كنسبة الهبة إلى البيع . فالبيع إعطاء الملك معاوضة ، أما الهبة فإعطاء الملك تبرعاً . وكذلك الإيجار هو إعطاء المنفعة معاوضة ، أما العارية فإعطاء المنفعة تبرعاً . فلزم تمييز العارية عما يقابلها وهو الإيجار ، وعما يناظرها وهو الهبة . كذلك يلزم تمييز العارية عن القرض ، وقد كان التقنين المدني القديم – متابعاً في ذلك التقنين المدني الفرنسي – يجمعهما معاً تحت اسم العارية ، ثم يميز بين عارية الاستعمال وهذه هي العارية في لغة التقنين المدني الجديد وعارية الاستهلاك وهذا هو القرض .ويلزم أخيراً تمييز العارية عن الوديعة ، فكل من المستعير والمودع عنده يحفظ الشيء ، ولكن الأول يستعمله لمصلحته والآخر يحفظ دون استعمال لمصلحة المودع .

فتتماثل العارية مع الإيجار في أن كلا منهما يلزم صاحب الشيء أن سلمه لآخر ينتفع به ويرده عند نهاية العقد . ولكن العارية تكون بغير عوض( [7] ) ، أما الإيجار فبعوض وهو الأجرة( [8] ) . ولكن العوض يجب أن يكون جدياً $1512 لا رمزياً حتى يكون العقد إيجاراً ، فإذا أجرت الحكومة لمؤسسة أرضاً لمدة طويلة في مقابل أجرة تافهة فالعقد عارية لا إيجار . وإذا تقاضى الأجير عدا أجرة مسكناً لا يدفع فيه أجرة ، فالمسكن هو جزء من أجره ، ويكون انتفاعه بأجر ، ومن ثم يكون العقد إيجاراً أو هو عقد عمل ولكنه لا يكون عارية . ولو باع شخص داراً على أن يبقى ساكناً فيها مدة سنة بعد البيع ، فسكنى البائع الدار قد روعي في تقدير الثمن وأنقص منه بمقدار ما يقابل السكنى ، فلا يكون شرط بقاء البائع ساكناً الدار سنة عقد عارية بل هو عقد إيجار( [9] ) .

وتتماثل العارية مع الهبة في أن كلا منهما يلزم صاحب الشيء أن يعطيه لآخر دون مقابل . ولكن الذي يعطي في العارية هو مجرد الانتفاع بالشيء ، أما الذي يعطي في الهبة فملكية الشيء ذاتها . والعارية لا ترتب التزاماً بنقل حق عيني ، وترتبه الهبة . فإذا أعطي شخص حق انتفاع ( usufruit ) وهو حق عيني لآخر جون مقابل ، فقد نقل له حقاً عينياً ، ويكون العقد هبة لا عارية . ويلاحظ أن الهبة عقد شكلي أو عيني ، أما العارية فقعد رضائي .

وتتماثل العارية مع القرض في أن كلا منهما يلزم صاحب الشيء أن يعطيه لآخر على أن يسترده منه عند نهاية العقد . ولكن الذي يرد في العارية هو عين الشيء ، وأما الذي يرد في القرض فهو مثل الشيء لا عينه . ذلك أن العارية لا تنقل ملكية الشيء والقرض ينقلها ، ومن ثم كان القرض من عقود التصرف والعارية من عقود  الإدارة ، ووجب رد عين الشيء في العارية ولم يجب إلا رد مثله في القرض . ويستوجب ذلك أن يكون محل العارية غير قابل للاستهلاك حتى إذا استعمل أمكن رده بعينه بعد الاستعمال ، أما محل القرض فيكون قابلا للاستهلاك لأنه يستهلك بالاستعمال فيرد مثله . وسنرى( [10] ) . أن المقصود بأن يكون الشيء قابلا للاستهلاك هو أن يكون مثلياً ، وبأنه غير $1513 قابل للاستهلاك هو أن يكون قيميا ، كما قدم ذلك عند الكلام في عقد القرض( [11] ) .

وتتماثل العارية مع الوديعة في أن كلا من المستعير والمودع عنده يتسلم شيئاً للغير يحفظه عنده ويرده إليه عند نهاية العقد . ولكن المستعير في العارية يتسلم الشيء لينتفع به فالعقد لمصلحته ، أما في الوديعة فالمودع عنده يتسلم الشيء ليحفظه لصاحبه دون أن يستعمله فالعقد ليس لمصلحته بل لمصلحة المودع . ومن ثم إذا أودع شخص بضائع في مخزن لآخر وسمح له باستعمالها ، فالعقد عارية لا وديعة . وكذلك يكون العقد عارية إذا  أودع شخص عند آخر أسهماً أو سندات وسمح له في أن يرهنا لدين في ذمة المودع عنده ، أو إذا أودع شخص منتجات في أحد المعارض وأذن لمدير المعرض في عرضها( [12] ) .

826- التنظيم التشريعي لعقد العارية : قدمنا عند الكلام في القرض( [13] ) . أن التقنين المدني السابق كان يجمع بين القرض والعارية في باب واحد . ولما كانت الصلة مفقودة بين العقدين ، فالعارية ترد على المنفعة والقرض يرد على الملكية ، فقد فصل بينهما التقنين المدني الجديد ،وجعل القرض في مكانه بين العقود الواردة على الملكية والعارية إلى جانب الإيجار وهما العقدان اللذان يردان على الانتفاع بالشيء . واتبع في ترتيب أحكام العارية النهج الذي سار عليه في غيرها من العقود المشابهة لها . فعرفت العارية ، ثم ذكرت التزامات المعير ، فالتزامات المستعير ، وختم الموضوع بأسباب انتهاء العارية .

827- أهم الفروق بين التقنين المدني الجديد والتقنين المدني القديم في العارية : وتختلف أحكام التقنين المدني الجديد في العارية عن أحكام التقنين $1514 المدني القديم في مسائل أهمها – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – ما يأتي :

1- جعل التقنين المدني الجديد العارية عقداً رضائياً ، وهو عيني في التقنين المدني القديم ، وذلك تمشياً مع التطور الحديث ، وطبقاً لما أخذ به في عقد القرض .

2- بين التقنين المدني الجديد في وضوح أن العارية عقد ملزم للجانبين .

3- وضع التقنين المدني الجديد أحكاماً للمصروفات التي يقوم بها المستعير ، فبين حكم المصروفات الضرورية والنافعة ، ونفقات الصيانة ، والنفقات اللازمة لاستعمال الشيء ، كما بين حكم ضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية .

4- عيَّن التقنين المدني الجديد مقدار العناية الواجبة على المستعير في المحافظة على العارية ، واقتضى منه العناية التي يبذلها في المحافظة على الشيء المملوك له . غير أنه اكتفى بأن يرد المستعير العارية بالحالة التي تكون عليها وقت الرد ، لأنه يتسلمها بالحالة التي تكون عليها وقت انعقاد العارية .

5- بيَّن التقنين المدني الجديد أسباب انتهاء العارية ، وعني بإعطاء المعير الحق في إنهاء العارية إذا احتاج إلى الشيء المار ، أو أساء المستعير استعمال ذلك الشيء ، و أصبح في حالة إعسار( [14] ) .

لا : ونبحث العارية في فصول ثلاثة ، فنبحث أركان العارية في الفصل الأول ، ثم آثار العارية في الفصل الثاني ، ثم انتهاء العارية في الفصل الثالث . وهذا هو نفس السبب الذي اتبعناه في بحث عقد الإيجار .

الفصل الأول

أركان العارية

829- أركان ثلاثة : لعقد العارية ، شأنه في ذلك شأن سائر العقود ، أركان ثلاثة : التراضي والمحل والسبب .

الفرع الأول

التراضي في عقد العارية

830- شروط الانعقاد وشروط الصحة : نتكلم في شروط الانعقاد ثم التراضي ، ثم في شروط صحة التراضي .

المبحث الأول

شروط الانعقاد

831- توافق الإيجاب والقبول كاف في عقد العارية : قدمنا أن العارية عقد رضائي ، فيكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول من المعير والمستعير ، فلا هو عقد عيني كما كان في الماضي حتى يستلزم التسليم لانعقاده ، ولم يكن في أي وقت عقدا شكليا حتى يستوجب استيفاء شكل معين .

ولا توجد أحكام خاصة بعقد العارية في هذا الصدد ، ومن ثم تنطبق القواعد العامة المقررة في نظرية العقد ، فإذا أعطي شخص آخر شيئاً وقصد أن يكون عارية ، واعتقد الآخر أنه هبة ، لم يتوافق الإيجاب والقبول ، فلا ينعقد العقد لا باعتباره هبة ولا باعتباره عارية( [15] ) . وتسري الأحكام المتعلقة $1516 بطرق التعبير عن الإرادة تعبيراً صريحا أو تعبراً ضمنيا ، والوقت الذي نتج فيه التعبير عن الإرادة أثره ، وموت من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقده لأهليته ، والتعاقد ما بين الغائبين ، والنيابة في التعاقد ، وغير ذلك من الأحكام .

والذي يملك أن يعبر هو من له حق التصرف في الانتفاع بالشيء المعار . فيجوز للمالك أن يعبر ملكه ، وكذلك يجوز للنائب عن المالك ، وكيلا كان أو وليا أو وصياً أو قيما . ويجوز الصحب حق الانتفاع ( usufruitier ) أن يعبر الشيء الذي تقرر له عليه هذا الحق . وكذلك تجوز الإجارة من المستأجر( [16] ) ، ومن المرتهن رهن حيازة( [17] ) ، ومن صاحب حق الحكر . ولهؤلاء جميعاً أن يعبروا الشيء حتى للمالك  نفسه( [18] ) ، أما المستعير فلا تجوز منه الإعارة من الباطن إلا بإذن العبر ، وسيأتي بيان ذلك( [19] ) . ويجوز لمن لا يملك الشيء وليس له حق التصرف في الانتفاع أن يعيره ، ولكن العارية لا تنفذ في حق المالك الحقيقي . ومن ثم يجوز للسارق أن يعير الشيء المسروق وتكون العارية ملزمة له ، ولكنها لا تنفذ في حق المسروق منه( [20] ) .

$1517 ومنذ أصبحت العارية عقدا رضائيا ، صار الوعد بالعارية يعدل العارية نفسها ، ولم تعد هناك أهمية للتمييز بينهما( [21] ) .

832- إثبات العارية : والأصل في العارية أن تكون عقدا مدينا ، ما لم تكن تابعة لعمل من أعمال التجارة فتعتبر عندئذ عقدا تجارياً ، كما إذا أعرا أمين النقل لعميله آلات رافعة لنقل البضائع( [22] ) .

فإذا كانت قداً تجارياً ، جاز *إثباتها بجميع الطرق ، وتدخل في ذلك البينة والكائن ، أيا كانت قيمة العارية ، ولو زادت على عشر جنيهات .

أما ذا كانت العارية عقداً مدنياً ، وجب التقيد بالقواعد المقررة في الإثبات ، فلا يجوز إثبات العارية إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت قيمة العارية على عشرة جنيها( [23] ) . ومن  المهم أن تكون في يد المعير كتابة تثبت العارية ، حتى لا يصطدم بدعوى المستعير من أن الشيء قد سلم له على سبيل الهبة اليدوية ، والظاهر يؤيده في ذلك لأنه حائز للشيء . كذلك من المهم أن يكون في يد المستعير كتابة تثبت العارية ، حتى يدفع دعوى المعير في المطالبة بأجرة أو بتعويض عن الانتفاع بالشيء إذا أدعي هذا الأخير أن القد إيجار أو أكر أن هناك عقد عارية( [24] ) .

المبحث الثاني

شروط الصحة

833- الأهلية في عقد العارية : العارية ، وإن كانت من عقود التبرع ، $1518 هي عقد تفضل لا عقد هبة إذ هي لا تنقل الملكية كما قدمنا( [25] ) . فهي إذن ليست من عقود التصرف ، بل من عقود الإدارة .

وينبني على ذلك أن الأهلية الواجب توافرها في المعير يكفي أن تكون أهلية الإدارة( [26] ) . فتجوز الإعارة من القاصر الذي له حق إدارة ماله ، كما تجوز من الولي والوصي والقيم نيابة عن القاصر أو المحجور عليه . أما القاصر الذي ليس له حق إدارة  ماله فلا تجوز منه الإعارة حتى لو كان صبيا مميزا أو محجورا عليه للغفلة أو السفه .

ولما كانت العارية عقداً نافعاً نفعاً محضاً للمستعير ، فيكفي أن تتوافر فيه أهلية التعاقد دون أهلية الإدارة . ومن ثم يجوز للصبي المميز أو للمحجور عليه للغفلة أو السفه ا يستعير ، حتى لو لم يكن مأذوناً له في الإدارة . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 111 مدني على أنه “إذا كان الصبي مميزاً ، كانت تصرفاته المالية صحيحة متى كانت نافعة نفعاً محضاً . .” . ونصت الفقرة الأولى من المادة 115 على أنه “إذا صدر  تصرف من ذي الغفلة أو من السفيه بعد تسجيل قرار الحجر ، سرى على هذا التصرف ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام”( [27] ) .

834- عيوب الإرادة في عقد العارية : ولا توجد أحكام يختص بها عقد العارية في صدد عيوب الإرادة ، فتسري القواعد العامة المقررة في هذا الشأن .

ولكن يلاحظ أن العار تبرع للمستعير ، ومن ثم يغلب أن تكون شخصيته ملحوظة في العقد ، فتبطل للغلط في شخص المستعير أو في صفة جوهرية فيه .

الفرع الثاني

المحل والسبب في عقد العارية

835- الشروط الواجب توافرها في الشيء المعار : المحل في عقد العارية هو لاشيء المعار . أما المدة فليست لها في العاري الأهمية التي لها في الإيجار ، فقد لا يكون هناك سبيل لتعيين مدة العارية ، وعند ذلك يجوز للمعير أن يطلب إنهاء العقد في أي وقت ( م 643/2 مدني ) . وأما الأجرة التي هي ركن في الإيجار فلا وجود لها في العارية ، وقد سبق القول إن العارية عقد تبرع لا أجرة فيه .

ويجب أن تتوافر في الشيء المعار الشروط العامة التي يجب توافرها في المحل . يجب أن يكون الشيء موجوداً ، معيناً أو قابلا للتعيين ، غير مخالف للنظام العام ولا للآداب . فلو كان الشيء المراد إعارته قد هلك قبل التعاقد ، انعدم المحل ولا تنعقد العارية . كذلك يجب أن يكون الشيء المعار معيناً تعييناً كافياً نافياً للجهالة الفاحشة أو قابلا للتعيين ، وتتبع في ذلك القواعد العامة المقررة في هذا الشأن . وإذا كان الشيء غير قابل للتعامل فيه بأن كان مخالفاً للنظام العام أو الآداب ، لم تجز إعارته . والمقصود هنا أن تكون القابلية للتعامل متعلقة بالانتفاع بالشيء لا متعلقة بملكيته . فالملك العام لا يجوز بيعه ، ولكن تجوز إعارته . فهو قابل للتعامل من ناحية الانتفاع به ، ولكنه غير قابل للتعامل من ناحية تملكه . وينبني على أن الشيء يجب أن يكون قابلا للتعامل فيه أنه لا تجوز إعارة الأسلحة غير المرخص فيها ، ولا الكتب المنوعة ، ولا الأشياء المهربة( [28] ) .

ويجب ، إلى جانب هذه الشروط العامة ، أن يكون الشيء المعار غير قابل $1520 للاستهلاك . ذلك أن المستعير يأخذ الشيء ليستعمله وليرده بعينه ، فإذا كان قابلا للاستهلاك واستعمله المستعير فإنه يستهلكه بالاستعمال ولا يستطيع أن يرده بعينه . ومع ذلك قد يكون لاشيء قابلا للاستهلاك وتجوز إعارته . مثل ذلك أن يعير شخص صرافاً مبلغاً من النقود يعوض به عجزاً عنده ، على أن يرد الصراف هذا المبلغ بالذات إلى المعير بعد انتهاء التفتيش . ومثل ذلك أيضاً أن يعير شخص صيرفياً قطعة من النقود على أن يردها بذاتها ( prêt ad pompem et ostenationem ) ، وأن يعير شخص آخر أسهماً ينتفع بفوائدها على أن يرد الأسهم بالذات( [29] ) . ففي كل هذه الأمثلة اعتبر الشيء القابل للاستهلاك لذاته ، فأصبح غير قابل للاستهلاك . والأصح أن  يقال إن الشيء القابل للاستهلاك يكون مثلياً في العادة ، فإذا اعتبر لذاته تحول من مثلى إلى قيمي . فتجوز إعارته ، لا لأنه غير قابل للاستهلاك إذ هو في الواقع قابل للاستهلاك بطبيعته ، بل لأنه أصبح قيماً في نظر المتعاقدين . فالشروط الواجب توافره في الشيء المعار هو إذن أن يكون قيمياً ، لا أن يكون غير قابل للاستهلاك . وقد قدمنا في القرض أن الشيء المقترض يجب أن يكون مثلياً ، لا أن يكون قابلا للاستهلاك( [30] ) . فالعبرة إذن في الشيء لا بأن يكون قابلا للاستهلاك فيجوز إقراضه ، أو غير قابل للاستهلاك فتجوز إعارته . بل العبرة فيه بأن يكون مثلياً فيجوز إقراضه ، أو قيمياً فتجوز إعارته( [31] ) .

836- الأشياء التي تجوز إعارتها : ونرى ما تقدمان أي شيء توافرت فيه الشروط سالفة الذكر تجوز إعارته ، ويستوي في ذلك المنقول والعقار( [32] ) . ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 )  

فتجوز إعارة المنقول ، وهذا هو الغالب . فكثيراً ما تعار الآلات الزراعية $1521 وغيرها من الآلات الميكانيكية ، والآلات الموسيقية ، وماكينات الخياطة ، وأجهزة الراديو والتليفزيون ، وأجهزة التبريد والتدفئة ، والملابس الجاهزة ، والمفروشات ، وأدوات المائدة والأدوات المنزلية بوجه عام ، والمركبات والسيارات ، والمواشي والخيل والدواب ، والساعات والمجوهرات والمصاغ ، والعوامات والدهبيات واللانشات ، والكتب والصحف والمجالات .

ولا يوجد ما يمنع من إعارة العقار ، وإن كان هذا لا يقع كثيراً . فتجوز إعارة قاعة لإلقاء محاضرة فيها أو لعقد اجتماع ، كما تجوز إعارة قبو و مخزن أو جراج لاستعماله في تخزين الأشياء أو في إيداع السيارات . بل تجوز إعارة دار للسكنى دون مقابل   ، فإذا ما دفع مقابل كان هذا أجرة وكان العقد إيجاراً .

837- السبب في عقد العارية : والسبب في عقد العارية ، طبقاً للنظرية الحديثة ، هو الباعث الدافع إلى التعاقد . وقد كانت النظرية التقليدية للسبب تجعل السبب في العارية – وكانت عقداً عينياً بحسب هذه النظرية – و التسليم . على أن هذه النظرية التقليدية ، بعد أن أصبحت العارية عقداً ملزماً للجانبين في التقنين المدني الجديد ، تجعل سبب التزامات المستعير هو الالتزامات المقابلة لها في ذمة المعير . وقد بينا أنه يجب استبعاد النظرية التقليدية ، والأخذ بالنظرية الحديثة التي تقوم على الباعث الدافع إلى التعاقد( [33] ) .

وإذا كان هذا الباعث غير مشروع ، كانت العارية باطلة . مثل ذلك أن يعير شص شخصاً آخر سلاحاً ليرتكب به جريمة قتل ، أو أدوات ليسطو بها على منزل فيسرقه ، أو مفروشات ليؤثث بها منزلا للدعارة أو نادياً للقمار( [34] ) .

$1522 الفصل الثاني

آثار العارية

838- التزامات المعبر والتزامات المستعير : العارية كما قدمنا عقد ملزم للجانبين ، فينشئ التزامات في جانب المعير وأخرى في جانب المستعير .

الفرع الأول

التزامات المعير

839- التزامات ثلاثة : يلتزم المعير بأن يسلم الشيء المعار المستعير ، وبأن يرد له المصروفات التي أنفقها على الشيء المعار ، وبأن يضمن له الاستحقاق والعيوب الخفية في حدود ضيقة .

المبحث الأول

التسليم

840- نص قانوني : تنص المادة 636 من التقنين المدني على ما يأتي :

“يلتزم المعير أن يسلم المستعير الشيء المعار بالحالة التي يكون عليها وقت انعقاد العارية ، وأن يتركه للمستعير طول مدة العارية”( [35] ) .

ولا مقابل للص في التقنين المدني القديم ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها في عهد هذا التقنين فيما عدا أن التسليم كان ركنا في العارية لا التزاما ينشأ عنها .

$1523 ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 603 – وفي التقنين المدني الليبي م 635 – وفي التقنين المدني العراقي م 848 – ولا مقابل للنص في تقنين الموجبات والعقود اللبناني( [36] ) .

841- التسليم التزام في ذمة المعير : قدنا أن العارية في التقنين المدني الجديد عقد رضائي لا عيني ، يكون التسليم التزاما في ذمة المعير لا ركنا في العقد .

وتسري ، كقاعدة عامة ، على التزام المعير بتسليم الشيء المعار للمستعير القواعد المقررة في التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر ، وفي التزام البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري ، وفي التزام المقض بتسليم الشيء المقترض للمقترض ، أي قواعد التسليم بوجه عام( [37] ) .فمحل التسليم هو الشيء المعار المعين على الوجه المبين في العقد . ويسلم بالحلة التي يكون عليها وقت انعقاد العارية ، وهذا بخلاف الإيجار فقد رأينا أن المؤجر يلتزم بتسليم العين في حالة صالحة للانتفاع بها . ويرجع السبب في ذلك إلى أن الإيجار عقد معاوضة وقد دفع المستأجر مقابلا للانتفاع بالشيء فوجب أن يتسلمه في حالة صالحة للانتفاع به ، أما العارية فعقد تبرع لا يدفع المستعير فيها مقابلا للانتفاع بالشيء فاقتصر التزام $1524 المعير على أن يسلمه في الحالة التي هو عليها وقت انعقاد العارية . ويتم التسليم بوضع الشيء المعار تحت تصرف المستعير في الزمان والمكان المعينين . ويتبع يفي طريقة التسليم ووقته ومكانه ما سبق أن أوردناه من القواعد في تسليم المؤجر العين المؤجرة للمستأجر . وإذا أخل المعير بالتزامه بالتسليم ، جاز للمستعير أن يطلب التنفيذ عينا ، لأن العاري عقد ملزم للمعير ولا يمنع من ذلك كونها عقد تبرع ، فإن كان الوفاء عينا غير ممكن جاز المطالبة بالتعويض( [38] ) . أما الفسخ فلا مصلحة للمستعير في طلبه ، فإنه لم يدفع مقابلا للعارية حتى يسترده بالفسخ ، فإذا فسخ حرم نفسه من الانتفاع بالعين وتحمل الخسارة وحده .

وقد يعسر المستعير قبل التسليم ، فعند ذلك لا يلتزم المعير بتسليمه لاشيء المعار . ويرجع ذلك إلى أن المادة 644 مدني تقضي كما سنرى ، بأنه يجوز للمعير أن يطلب إنهاء الإعارة “إذا أعسر المستعير بعد انعقاد العارية أو كان معسرا قبل ذلك دون علم من المعير” . فإذا أعسر المستعير قبل التسليم ، سواء كان الإعسار بعد انعقاد العارية أو قبل الانعقاد بشرط أن يكون ذك دون علم من المعير ، كان من العبث أن يلزم المعير بتسليم الشيء المعار ثم يسترده فوراً بإنهاء العارية ، فالمعقول إذن هو ألا يلزم بتسليم لاشيء المعار منذ البداية . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وإذا أعسر المستعر بعد انعقاد العارية ، جاز كذلك للمعير أن يطلب إلغاء العقد ، فيمتنع من التسليم إن من يكن قد فعل ، ويسترد الشيء إن كان قد سلمه دون أن يعلم بالإعسار ، وكلك إذا كان الإعسار سابقا على العقد ولم يعلم به المعير إلا بعد التسليم . أما إن سلمه بعد العلم بالإعسار ، فلا يجوز له الإلغاء”( [39] ) .

842- تبعة هلاك الشيء المعار : ولما كانت العارية لا تنقل ملكية لاشيء المعار إلى المستعير ، بل يستبقي المعير ملكية الشيء ويسترده عيناً عند انتهاء العارية ، لذلك إذا هلك الشيء قبل التسليم أو بعده بسبب أجنبي ، كان هلاكه على المالك أي على المعير . وهذا ما قررناه بالنسبة إلى المؤجر إذا هلكت العين المؤجرة بسبب أجنبي قبل التسليم أو بعده .

$1525 وسنرى أنه إذا هلك الشيء المعار بخطأ من المستعير ، كان هذا مسئولا عن الهلاك( [40] ) .

843- التزام المعير بترك الشيء للمستعير طول مدة العارية : وقد رأينا المادة 636 مدني تقضي بأن المعير يلتزم بأن يترك الشيء المعار للمستعير طول مدة العارية ، فلا يجوز له إذن أن يطالبه برده قبل انقضاء مدة العارية إلا إذا كان في حالة من الحالات التي يجيز فيها القانون طلب الرد وسيأتي بيانها( [41] ) . فالمادة 636 مدني سالفة الذكر تفرض إذن – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي( [42] ) –  على المعير التزامين : الالتزام الأول التزام ايجابي بتسليم الشيء إلى المستعير . والالتزام الثاني التزام سلي بترك الشيء للمستعير طول مدة العارية ، ويقضي عليه هذا الالتزام بألا يسترد الشيء قبل الميعاد المتفق عليه ، وألا يتعرض للمستعير في استعماله لذلك الشيء ، بحيث إذا تعرض للمستعير أو طالبه بالرد قبل الميعاد رفضت دعواه وجاز إلزاما بالتعويض .

وقد أحسن التقنين المدني الجديد صنعاً هنا – كما أحسن صنعاً عندما عرض لعقد القرض – في إبراز هذا الالتزام السلبي . فهو التزام في ذمة المستعير دائماً ، سواء كانت في التقنين المدني السابق( [43] ) . أو عقداً رضائياً كما أصبحت في التقنين المدني الجديد . وإيراد $1526 هذا الالتزام السلبي في جانب المستعير يفسر في وضوح كيف يجري فسخ العارية إذا أخل المستعير بالتزامه من المحافظة على العين ومن استعمالها على الوجه المقرر . فهذان الالتزامان متقابلان ، فإذا أخل المستعير بالتزامه جاز للمعير أن يطلب فسخ العارية فيتحلل من التزامه بعدم المطالبة برد الشيء قبل انتهاء العارية . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك( [44] ) ، وتقدم مثل هذا في عقد القرض( [45] ) .

المبحث الثاني

رد المصروفات

844 – نص قانوني : تنص المادة 637 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- إذا اضطر المستعير إلى الإنفاق للمحافظة على الشيء أثناء العارية ، التزم المعير أن يرد إليه ما أنفقه من المصروفات” .

“2- أما المصروفات النافعة فتتبع في شأنها الأحكام الخاصة بالمصروفات التي ينفقها من يجوز  الشيء وهو سيء النية( [46] )” .

ويقابل هذا النص في التقنين المدني القديم المادة 471/573( [47] ) .

ويقابل في التقنيات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $1527 لا مقابل – وفي التقنين المدني الليبي م 636 – وفي التقنين المدني العراقي م 849 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 749 و 751( [48] ) .

845- أنواع المصروفات التي يقوم المستعير بإنفاقها : تتنوع المصروفات التي  يقوم المستعير بإنفاقها على الشيء المعار ، ولكل نوع حكمة .

فهناك مصروفات يقتضيها استعمال الشيء المعار الاستعمال المعتاد ، وكذلك مصروفات صيانة الشيء الصيانة المعتادة ، وهذه كلها يتحملها المستعير وفقاً لأحكام المادة 640 مدني وسيأتي بيانها( [49] ) . وأقر نظير لها في عقد الإيجار هي المصروفات التي تقتضيها الترميمات التأجيرية ، والمستأجر كالمستعير هو الذي يتحمله . ويكن اعتبار بعض هذه المصروفات نظيراً للترميمات الضرورية للانتفاع بالعين ، ولكن المستعير هو الذي يتحملها لا المعير ، بخلاف الإيجار فالمؤجر هو الذي يتحملها لا المستأجر ، ويرجع ذلك إلى أن العارية تبرع والإيجار معاوضة .

وهناك مصروفات ضرورية لحفظ الشيء المعار من الهلاك ، ونظيرها في $1528 الإيجار المصروفات الضرورية لحفظ العين المؤجرة من الهلاك . وهذه المصروفات في الحالتين يتحملها المعير أو المؤجر .

وهناك مصروفات نافعة ينفقها المستعير ، دون أن يقتضيها استعمال الشيء الاستعمال المعتاد أو صيانته الصيانة المعتادة ، وإنما قصد المستعير من ورائها تحسين الشيء وجعله  أكثر صلاحية للانتفاع به . وهذه يرجع بها المستعير على المعير في حدود ضيقة سنبينها فيما يلي . ونظير هذه المصروفات في الإيجار هي المصروفات النافعة التي ينفقها المستأجر على العين  المؤجرة ، وقد وردت أحكاما في المادة 592 مدني وسبق تفصيلها( [50] ) .

وتتولى هنا بيان حكم المصروفات الضرورية لحفظ لاشيء المعا رمن الهلاك ، وحكم المصروفات النافعة( [51] ) . أما غير ذلك من المصروفات فسنبحثه عند الكلام في التزاما المستعير( [52] ) .

846- المصروفات الضرورية لحفظ الشيء من الهلاك : هذه يستردها المستعير كاملة ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 637 مدني سالفة الذكر على هذا الحكم صراحة ، فقضت بأنه “إذا اضطر المستعير إلى الإنفاق للمحافظة على الشيء أثناء العارية ، التزام المعير أن يرد إليه ما أنفقه من المصروفات” .

ويقال عادة إن هذا الالتزام في ذمة المعير برد المصروفات الضرورية لا ينشأ من عقد العارية ، وإنما ينشأ من واقعة مادية هي واقعة الإنفاق ذاتها ، فهو ليس بالتزام عقدي ولكنه التزام مصدره الإثراء بلا سبب( [53] ) . ولكن الأولى $1529 أن نربط هذا الالتزام بعقد العارية ، إذ النص صريح في أن المعير يلتزم برد المصروفات الضرورية ، وهو إنما يلتزم به بوصف أنه معير ، فعقد العارية إذن هو الذي يرتب هذا الالتزام في ذمته( [54] ) .

847- المصروفات النافعة : وهذه ورد في شأنها نص عام هو الفقرة الثانية من المادة 980 مدني ، وتجري بما يأتي : “أما المصروفات النافعة فيسري في شأنها أحكام المادتين 924 و 925” . والمادة 924 مدني تعرض لحالة من يحوز الشيء وهو سيء النية ، وتعرض المادة 925 مدني لحالة من يحوز الشيء وهو حسن النية . فجاءت الفقرة الثانية من المادة 637 مدني تبين بأية الحالتين نأخذ إذا انفق المستعير على الشيء المعار مصروفات نافعة ، فهي كما رأينا تقول : “أما المصروفات النافعة فتتبع في شأنها الأحكام الخاصة بالمصروفات التي ينفقها من يحوز الشيء وهو سيء النية” . فتسري إذن على هذه المصروفات أحكام المادة 924 مدني . ذلك لأن المستعير – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – “يعلم أنه ليس مالكاً للشيء ، وأنه لا يجوز له أن يقوم بالمصروفات التي ليست إلا نافعة دون أن يعرض نفسه لتحمل تبعة ذلك( [55] )” .

وتنص المادة 924 مدني ، الواجبة التطبيق في المصروفات النافعة كما قدمنا ، على ما يأتي : “1- إذا أقام شخص بمواد من عند منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض ، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه ، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت ، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة $1530 الإزالة ، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت . 2- ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقي المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة” . فيسترد المستعير إذن من المعير ، في مقابل ما أنفقه من المصروفات النافعة ، اقل القيمتين ، قيمة ما أنشأه مستحق الإزالة أو مبلغ يساوي ما زاد في قيمة الشيء بسبب ما قام بإنشائه . على أنه يجوز له ا يطلب نزع ما أنشأه على نفقته ، إن كان ذل لا يلحق بالشيء المعار ضرراً ولم يختر المعير استبقاء ما أنشأه المستعير مع رد أقل القيمتين السالف ذكرهما . ويجوز دائماً للمعير ، بدلا من أن يدفع اقل القيمتين ، أن يطلب من المستعير أن يزيل على نفقته ما أنشأه ، مع التعويض إن كان له وجه .

ويقال عادة إن التزام المعير برد اقل القيمتين مصدره ليس عقد العارية ، بل واقعة مادية هي واقعة الإنفاق ذاتها . فالالتزام هنا ، كالالتزام برد المصروفات الضرورية ، ليس بالتزام عقدي ولكنه التزام مصدره الإثراء بلا سبب . ولكن الأولى – هنا كما في المصروفات الضرورية – أن نربط هذا الالتزام بعقد العارية فيكون مترتبا على هذا العقد( [56] ) .

848- حق الحبس : وتقضي الفقرة الثانية من المادة 246 مدني بأن يكون لحائز الشيء ، إذا انفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة ، أن يحبسه حتى يستوفي ما هو مستحق له . فيجوز إذن للمستعير أن يحبس الشيء المعار ، حتى يسترد من المعير منا أنفقه من المصروفات الضرورية أو أقل القيمتين السالف ذكرهما في حالة المصروفات النافعة . وقد  كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً خاصاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 855 من المشروع تجري بما يأتي : “للمستعير أن يحبس الشيء تحت يده حتى يستوفي ما يستحقه بمقتضى المادتين السابقتين من مصروفات وتعويضات” . والمقصود بالمصروفات الضروري منها والنافع ، والمقصود بالتعويضات ما يستحق بسبب ضمان الاستحقاق والعيوب الخفية . وقد حذف هذا النصف في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة( [57] ) ، وقد رأينا القواعد العامة تقضي بثبوت حق الحبس وفقاً للمادة 246/2 مدني .

$1531 المبحث الثالث

ضمان الاستحقاق والعيوب الخفية

849- نص قانوني : تنص المادة 638 م التقنين المدني على ما يأتي :

“1- لا ضمان على المعير في استحقاق الشيء المعار ، إلا أن يكون هناك اتفاق على الضمان ، أو أن يكون المعير قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق” .

“2- ولا ضمان عليه كذلك في العيوب الخفية ، غير أنه إذا تعمد إخفاء العيب أو إذا ضمن سلامة الشيء منه ، لزمه تعويض المستعير عن كل ضرر يسببه ذلك( [58] )

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولن هذه الأحكام تتفق مع القواعد العامة .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية : في التقنين المدني السوري م 604 – وفي التقنين المدني الليبي م 637 – وفي التقنين المدني العراقي م 850 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 749 – 751( [59] ) .

$1532 850- الأصل عدم ضمان المعير للاستحقاق وللعيوب الخفية : ويخلص من النص المتقدم الذكر أن الأصل هو عدم ضمان المعير لاستحقاق الشيء المعار وعدم ضمانه لما يوجد فيه من عيوب خفية . فالعارية عقد تبرع ، والمفروض أن المعير إنما التزم بترك المستعير ينتفع بالشيء المعار لا بتمكينه من هذا الانتفاع ، وهذا بخلاف الإيجار إذ العقد معاوضة فيلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة . ولهذا رأينا المعير يسلم الشيء المعار بالحالة التي هو عليها وقت انعقاد العارية ، ونراه هنا لا يضمن استحقاق الشيء المعار ولا يضمن ما ينطوي عليه من عيوب خفية . أما المؤجر فقد رأيناه يسلم العين في حالة صالحة للانتفاع بها ، ويضمن الاستحقاق والعيوب الخفية .

والعارية في ذلك كالهبة ، وكلاهما عقد تبرع . فإن الواهب لا يضمن الاستحقاق ولا العيوب الخفية ، إلا إذا وجد اتفاق على الضمان أو تعمد الواهب إخفاء سبب الاستحقاق أو إخفاء العيب أو كانت الهبة بعوض( [60] ) .

851- حالتان استثنائيتان يضمن فيهما المعير الاستحقاق والعيوب الخفية : على أن المعير يضمن الاستحقاق والعيوب الخفية في حالتين استثنائيتين :

( الحالة الأولى ) إذا كان المعير قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو تعمد إخفاء العيب . ولا يكفي في ذلك أن يقرر للمستعير أنه يملك حق التصرف في المنفعة أو أن الشيء غير معيب ، بل يجب ا يتعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو إخفاء $1533 والعيب . ويجب من جهة أخرى أن يكون المستعير غير عالم بسبب الاستحقاق أو بالعيب الخفي ، إذ لو علم بذلك وقبل العارية بالرغم من علمه يكون قد  نزل ضمنا عن حقه . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “نظرا لأن المعير متبرع بالمنفعة ، ضيق المشروع من التزامه بضمان الاستحقاق أو بضمان العيوب الخفية ، فجعله غير مسئول عن الإضرار التي تصيب المستعير بسب استحقاق الشيء المعار أو بسبب وجود عيب خفي فيه ، إلا  إذا كان عالما بسبب الاستحقاق أو بالعيب الخفي وتعمد إخفاء على المستعير أو إذا ضمن سلامة الشيء من العيوب . ويفرض في ذلك طبعا أن المستعير غير عالم بسب الاستحقاق أو بالعيب الخفي وتعمد إخفاءه على المستعير أو إذا ضمن سلامة الشيء من العيوب . ويفرض في ذلك طبعا أن المستعير غير عالم بسبب الاستحقاق أو بالعيب الخفي ، إذا علم فلا محل لمسئولية المعير”( [61] ) .

وعبء الإثبات يقع على المستعير ، فعليه أن يثبت أن المعير قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو تعمد إخفاء العيب . ومتى اثبت ذلك ، رجع على المعير بالتعويض .

ولكن في ضمان  العيوب الخفية لا يلزم المعير بتعويض المستعير إلا عن الضرر الذي يسببه العيب ، فلا يعوض المستعير إذن عن العيب ذاته أي عن نقص الانتفاع بالعين بسب العيب . وإنما يعوضه عما سببه العيب من الأضرار ،  كأن كان الشيء المعار حيوانا مصاباً بمرض معد خفي فأعدي حيوانات المستعير ، أو كان آلة ميكانيكية بها عيب خفي فأتلفت مالا للمستعير بسبب هذا العيب ، أو كان داراً إنهدمت بسبب عيب خفي فيها فألحق انهدامها ضرراً بمال للمستعير وضعه في هذه الدار . وكان المشروع التمهيدي لنص الفقرة الثانية من المادة 638 مدني يلزم المعير بتعويض المستعير عن الضرر الذي يلحقه بسبب العيب ، ولكن لجنة مجلس الشيوخ أدخلت تعديلا في هذه العبارة ، فصار المعير ملزما بتعويض المستعير عن كل ضرر يسببه العيب ، حتى لا يكون العيب نفسه محلا للتعويض ، بل يكون التعويض عن الضرر الذي يسببه العيب( [62] ) .

$1534 ( الحالة الثانية ) إذا كان المعير قد اتفق مع المستعير على أن يضمن له استحقاق الشيء أو يضمن سلامته من العيوب . ففي هذه الحالة يكون المعير ضمانا ، ويحدد شروط ضمانه ومدى هذا الضمان ومدى التعويض الاتفاق الذي تم بينه وين المستعير . ويجب ألا يتوسع في تفسير هذا الاتفاق ، والشك يفسر لمصلحة المعير ، لا لأنه هو المدين بالضمان فحسب ، بل أيضاً لأن الأصل في العارية عدم الضمان كما سبق القول .

852- حق الحبس : وقد قدمنا أن المشروع التمهيدي كان يقضي في المادة 855 منه بأن للمستعير أن يحبس الشيء المعار تحت يده حتى يستوفي التعويضات المستحقة له بسبب ضمان المعير ، وأن هذا النص قد حذف في لجنة المراجعة “اكتفاء بالقواعد العامة”( [63] ) . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ليس في التقنين الحالي ( القديم ) ولا في أغلب التقنينات اللاتينية القديمة نص على حق المستعير في حبس الشيء المعار إلى أن يسترد ما أنفقه في المحافظة على الشيء ، وذلك بالرغم من أن بوتييه كان يعترف بحق الحبس في هذه الحالة : بوتييه في الالتزامات نبذة 43 ونبذة 82 ، وقد أقرت هذا الحق بعض التقنينات الحديثة : تقنين كوبيك م 1770 والتقنين المراكشي م 846 ، وجعلته مقصورا على المصروفات التي يجوز للمستعير أن يستردها دون التعويضات التي تجب له بسب الاستحقاق أو العيوب الخفية . ولما لم يكن هناك من سبب للتفرقة بين المصروفات والتعويضات في هذا الشأن ، فقد قرر المشروع حق الحبس في الحالتين ، متمشيا في ذلك مع ما ذهب إليه التقنين اللبناني في المادة 751”( [64] ) .

ولما كان النص سالف الذكر قد حذف في لجنة المراجعة وتقرر الاكتفاء $1535 بالقواعد العامة؛ فإن هذه القواعد يتضمنها نص الفقرة الأولى من المادة 246 مدني ويجري بما يأتي : “لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به ، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كافٍ للوفاء بالتزامه هذا” . كذلك تنص المادة 161  مدني على أنه “في العقود الملزمة للجانبين ، إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء ، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به” . فبموجب حق الحبس بوجه عام المقرر في النص الأول ، وبموجب الدفع بعدم التنفيذ المقرر في النص الثاني ، يجوز للمستعير أن يحبس الشيء المعار تحت يده فيوقف تنفيذ التزامه برده حتى يستوفي التعويض المستحق له بسب العيب ، أو بسبب الاستحقاق على أن يكون الاستحقاق جزئياً حتى يحبس المستعير ما لم يستحق من الشيء ، أما إذا كان الاستحقاق كليا فلا سبيل إلى الحبس .

الفرع الثاني

التزامات المستعير

853- التزامات ثلاثة : يلتزم المستعير بأن يستعمل الشيء المعار على الوجه الواجب ، وبالمحافظة عليه ، وبرده عند انتهاء العارية .

المبحث الأول

استعمال الشيء المعار على الوجه الواجب

854- نصوص قانونية : تنص المادة 639 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- ليس للمستعير أن يستعمل الشيء المعار إلا على الوجه المعين وبالقدر المحدد ،وذلك طبقاً لما يبينه العقد أو تقبله طبيعة الشيء أو يعينه العرف . ولا يجوز له دون إذن المعير أن ينزل عن الاستعمال للغير ، ولو على سبيل التبرع” .

“2- ولا يكون مسئولا عما يلحق الشيء من تغيير أو تلف يسببه الاستعمال الذي تبيحه العارية” .

$1536 وتنص المادة 640 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- إذا اقتضى استعمال الشيء نفقة من المستعير ، فليس له استردادها ، وهو مكلف بالنفقة اللازمة لصيانة الشيء صيانة معتادة” .

“2- وله أن ينزع من الشيء المعار كل ما يكون قد أضافه إليه ، على أن يعيد الشيء إلى حالته الأصلية”( [65] ) .

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني القديم المواد 469 – 471/570 – 573( [66] )

وتقابل في التقنيات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 605 – 606 – وفي التقنين المدني الليبي م 638 – 639 – وفي التقنين المدني العراقي 851 – 856 و م 859 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 735 – 739 و من 743 و م 746 و من 753( [67] ) .

$1538 855- كيفية استعمال الشيء المعار : للمستعير حق استعمال الشيء المعار إلى أن ينتهي العارية ، وهذا هو الغرض الأساسي الذي قصد إليه من العقد . على أنه يتقيد في استعمال الشيء المعار بالوجه المعين وبالقدر المحدد . ويتبين ذلك أولا من الرجوع إلى العقد . فإذا كان المعير قد قيد في العارية نوع الاستعمال أو وقته أو مكانه ، فليس لمستعير أن يستعمل الشيء المعار في غير الوجه المبين في العقد أو في غير الوقت أو المكان المعين . فإذا لم يبين العقد كيفية الاستعمال ، وجب الرجوع إلى طبيعة الشيء ، فسيارة الركوب لا تستعمل للنقل ، والجراج لا يستعمل مخزناً ، والأواني المنزلية لا تستعمل إلا للأغراض التي أعدت لها بطبيعتها . وقد يعين العرف كيفية الاستعمال ووقته ومكانه ، ويقع ذلك في إعارة الآلات الزراعية والآلات الميكانيكية والمجوهرات والمصاغ وغيرها من الأشياء الثمينة . وتقول المادة 852 مدني عراقي في هذا الصدد : “إذا أطلق المعير للمستعير الانتفاع في الوقت والمكان ونوع الاستعمال ، جاز له أن ينتفع بالعارية في أي وقت وفي أي مكان وبأي استعمال أراد ، بشرط ألا يجاوز المعود المعروف ، فإن جاوزه ولكت العارية ضمنها”( [68] ) .

$1539 وما دام المستعير لم يخرج في استعمال العارية عن الوجه المعين وبالقدر المحدد على النحو الذي أسلفناه ، فإنه لا يكون مسئولا عما يلحق بالشيء المعار من تغيير أو تلف بسب هذا الاستعمال ( م 639/2 مدني ) . وتقول المادة 859 مدني عراقي في هذا الصدد : “إذا حدث في استعمال العارية عيب يوجب نقصان قيمتها ، فلا ضمان على التسعير إذا استعملها استعمالا معتاداً”( [69] ) .

856- مصروفات الاستعمال ومصروفات الصيانة : وقد يقتضي استعمال الشيء المعار مصروفات ، فهذه يتحملها المستعير . مثل ذلك أن يستعير شخص سيارة أو آلة زراعية ، فمصروفات البنزين للسيارة ومصروفات تشغيل الآلة الزراعية تكون كلها على المستعير . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وكذلك تجب عليه ( المستعير ) النفقات اللازمة لاستعمال الشيء . فإذا أنفق على الشيء المعار ما يلزم لإعداده للاستعمال ، فإنه لا يجرع بهذه النفقات ، إلا إذا كانت تلك النفقات غير متكافئة بحال مع استعمال العارية وكان المستعير قد اضطر للقيام بها بسبب حاجته إلى الشيء المعار واعتماده على $1540 العارية دون أن يعلم بما يلزم من نفقات لإعداد الشيء للاستعمال”( [70] ) . فإذا استعار شخص سيارة لرحلة هامة ، وكانت السيارة في حاجة إلى إصلاحات جسيمة ليكن استعمالها ، ولم يكن المستعير على علم بذلك ، ولا هو يستطيع تأخير رحلته ، فاضطر إلى القيام بهذه الإصلاحات فجشمته نفقات لا تتكافأ بحال مع المنفعة التي أفادها من السيارة ، فإنه يجرع بهذه النفقات على المعير ، لا باعتبارها مصروفات ضرورية لأنها ليست ضرورية لحفظ الشيء من الهلاك ، ولا باعتبارها مصروفات نافعة وإلا لما استطاع الرجوع بها كاملة ، وإنما باعتبارها مصروفات غير عادية لاستعمال الشيء المعار( [71] ) .

كذلك يتحمل المستعير مصروفات الصيانة المعتادة ، فتشحيم السيارة وتزييتها عليه ، وكذلك مؤونة الدواب والمواشي ، وأعمال الصيانة اللازمة للآلات الزراعية ، وما إلى ذلك .

وقد قدمنا أن هناك نوعين آخرين من المصروفات ، المصروفات الضرورية لحفظ الشيء من الهلاك والمصروفات النافعة . وهذه وتلك غير مصروفات الاستعمال ومصروفات الصيانة التي نحن بصددها ، وقد بينا أحكامها فيما تقدم( [72] ) .

وإذا اقتضى استعمال الشيء المعار أن يضيف المستعير إليه شيئاً من عنده ، كما إذا استعار شخص قاعة لإلقاء سلسلة من المحاصرات فاقتضى الأمر أن يجهز القاعة بأثاث أضافه إليها أو بمقاعد ثابتة في الأرض فإن له بعد انتهاء العارية أن ينزع ما أضافه على أن يعيد القاعة إلى حالتها الأصلية ( م 640/2 مدني ) . وكذلك لو استعار سيارة فاشترى لها عجلة جديدة أو بطارية للكهرباء ، فيجوز له عند انتهاء العارية أن ينزع العجلة أو البطارية .

857- عدم جواز النزول عن الاستعمال للغير : ولما كانت العارية تراعى فيها عادة شخصية المستعير إذ هي تتمحض تبرعاً له ، فد قضت $1541 العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 639 مدني بأنه  يجوز “دون إذن المعير أن ينزل عن الاستعمال للغير ، ولو على سبيل التبرع” . فلا يجوز إذن للمستعير ، دون إذن المعير ، أن يؤجر الشيء المعار ا يرهنه أو يعيره أو ينزل عن استعماله لشخص آخر بأي حال . فإذا فعل ، جاز للمعير فسخ العارية والرجوع عليه بالتعويض( [73] ) .

وإذا حصل المستعير على إذن المعير فأعار الشيء المعار أو أجره أو رهنه ، فإن العلاقة ما بين المعير والمستعير من الباطن أو المستأجر أو المرتهن لا تكون علاقة مباشرة ، بل يتوسط بينهما المستعير كما تقضي القواعد العامة( [74] ) .

المبحث الثاني

المحافظة على الشيء المعار

858- نص قانوني : تنص المادة 641 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- على المستعير أن يبذل في المحافظة على الشيء العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله دون أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد” .

“2- وفي كل حال يكون ضامناً لهلاك الشيء إذا نشأ الهلاك عن حادث مفاجئ أو قوة قاهرة وكان في وسعه أن يتحاشاه باستعمال شيء من ملكه الخاص ، أو كان بين أن ينقذ شيئاً مملوكاً له أو الشيء المعار فاختار أن ينقذ ما يملكه( [75] )” .

$1542 ويقابل النص في التقنين المدني القديم المادتين 468 – 469/569 – 570( [76] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 607 – وفي التقنين المدني الليبي م 640 – وفي التقنين المدني العراقي م 857 – 858 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 734 و م 739 و م 747 – 748 و م 753( [77] ) .

859- التزام المستعير بالمحافظة على الشيء التزام ببذل عناية : كانت نظرية تدرج الخطأ ( gradation des fautes ) ، وهي نظرية قديمة مهجورة ، تقسم الخطأ العقدي غير العمد إلى أقسام ثلاثة : خطأ جسيم وخطأ يسير وخطأ تافه . وتقسم العقود إلى طوائف ثلاث : عقد لمنفعة الدائن وحدة كالوديعة وفيه لا يسأل المودع عنده إلا عن الخطأ الجسيم ، وعقد لمنفعة المتعاقدين معاً كالإيجار وفيه يسأل المستأجر عن الخطأ اليسير ، وعقد لمنفعة المدين وحده كالعارية وفيه يسأل المستعير حتى عن الخطأ التافه . فنظرية تدرج الخطأ تجعل إذن المستعير مسئولاً ، في المحافظة على الشيء المعار ، عن خطأه الجسيم وعن خطأه اليسير وعن خطأه التافه جميعاً ، وذلك لأن العقد لمنفعة وهو محض تبرع له .

$1544 ولكن هذه النظرية منتقدة ، وقد هجرت منذ عهد طويل( [78] ) . وأخذ التقنين المدني الجديد بالنظرية الحدية ، وهي التي تقسم الالتزام إلى التزام بتحقيق غاية والتزام ببذل عناية . في الالتزام بتحقيق غاية يكون المدين مسئولا إذا لم تتحقق الغاية ، ولو لم يثبت خطأ في جانبه ، لأن عدم تحقق الغاية يعتبر هو الخطأ ذاته ، ولا تنتفي مسئوليته إلا بإثبات السبب الأجنبي ، والسبب الأجنبي لا ينفي الخطأ وإنما ينفي علاقة السببية . وفي الالتزام ببذل عناية ، يكون المدين قد نفذ التزامه إذا هو بذل العناية التي يتطلبها منه القانون . والأصل في هذه العناية أن تكون عناية الرجل المعتاد ، وقد تزيد ا تنقص طبقاً للاتفاق أو لنص في القانون . وقد نص القانون في الإيجار على عناية الرجل المعتاد لأن المستأجر يدفع أجراً ، ونص في الوديعة بغير أجر على عناية المودع عنده في المحافظة على ماله دون أن يكلف أزيد من عناية الرجل المعتاد لأن المودع عنده متبرع ، ونص في العارية كما رأينا على عناية الرجل المعتاد دون أن ينزل عن عنايته بماله لأن المستعير متبرع له( [79] ) .

860- الجمع في العارية بين المعيارين الشخصي والمادي : ونرى من ذلك أن القانون وضع ، لقياس العناية المطلوبة من المستعير في المحافظة على الشيء المعار ، معيارين أدهما مادي والآخر شخصي ، وأخذه بالأعلى من هذين المعيارين . فالمستعير يجب عليه أولا أن يبذل عناية الرجل المعتاد ، وهذا هو المعار المادي . ثم إذا هو كان معروفاً بالإفراط في المحافظة على ماله إلى حد يعلو عن عناية الرجل المعتاد ، وجب عليه أن يرتفع إلى هذا الحد ، وهذا هو المعيار الشخصي . أما إذا كان معروفاً بالتفريط في المحافظة على ماله إلى حد يقل عن عناية الرجل المعتاد ، لم يجز له أن ينزل إلى هذا الحد  ، بل يجب أن يلتزم المعيار الأعلى وهو عناية الرجل المعتاد . فهو إذن بين المعيارين – المعيار المادي وهو عناية الرجل المعتاد والمعيار الشخصي وهو عنايته في المحافظة على ماله – يؤخذ بالأعلى مهما كما سبق القول . والمعير في ذلك ينتفع بحرص المستعير إذا كان معروفاً بالإفراط ، ولا يضار من تقصيره إذا كان معروفاً $1545 بالتفريط . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ، بعد أن استعرضت المذاهب المختلفة في هذه المسألة المشدد منها والميسر والمتوسط( [80] ) : “لذلك أخذ المشروع بحل وسط ، يلزم المستعير كبير العناية بمثل ما يبذله في المحافظة على ماله الشخصي ، ويلزم المستعير متوسط العناية أو قليل العناية بما يبذله الرجل المعتاد من العناية . فيستفيد المعير بهذا النص إذا كانت عناية المستعير المعتادة فوق المتوسط ، ولا يضار إذا كانت تلك العناية دون المتوسط( [81] )” .

ومن ثم يكون المستعير مسئولا عن هلاك الشيء المعار أو تلفه أو تعيبه ، إلا إذا أثبت أنه بذل في المحافظة عليه العناية المطلوبة منه : عناية الرجل المعتاد أو عنايته هو في المحافظة على ماله . فإذا أساء استعمال الشيء المعار ، أو استخدمه لغير ما أعد له أو لمدة أطول ، أو أهمل اتخاذ الحيطة اللازمة لصيانته ، أو تصرف فيه لشخص آخر دون إذن المعير ، أو عهد في حفظه إلى شخص آخر دون ضرورة تدعو إلى ذلك ، كان هذا  تقصيرا من جانبه يستوجب مسئوليته عن تعويض التلف ( م 734 و 747 لبناني ) . وإن غصب الشيء المعار غاصب ولم يقدر المستعير على دفعه فلا مسئولية عليه ، وإذا قصر المستعير في رفع يد $1546 الغاصب وكان ذلك ممكنا كان مسئولا ( م 858 عراقي ) . وإذا كان المستعير قاصراً لم تطلب منه إلا عناية الشخص القاصر( [82] ) . وإذا تعدد المستعيرون لم يكونوا متضامنين في المسئولية ، لأن مسئوليتهم عقدية لا تقصيرية ولم ينص القانون على التضامن( [83] ) .

861- حالة القوة القاهرة : والمستعير لا يكون مسئولا عن القوة القاهرة ، ولو ثبت أنه لم يبذل العناية المطلوبة . ذلك أن القوة القاهرة تنفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر ، فيكون الضرر منسوبا إلى سبب أجنبي لا إلى خطأ المستعير ، ومن ثم لا يكون هذا مسئولا .

وهذه هي القاعدة العامة في العارية وفي سائر العقود . إلا أن القانون قد أورد في العارية استثناء لهذه القاعدة أراد فيه التشدد في مسئولية المستعير لأن العارية متمحضة تبرعا له ، فنص في الفقرة الثانية من المادة 641 مدني كما رأينا : “وفي كل حال يكون ضامنا لهلاك الشيء إذا نشأ الهلاك عن حادث مفاجئ أو قوة قاهرة وكان في وسعه أن يتحاشاه باستعمال شيء من ملكه الخاص ، أو كان بين أن ينقذ شيئاً مملوكا له أو الشيء المعار فاختار أن ينقذ ما يملكه” .

فلو استعار شخص مظلة من صديق له لرحلة في يوم عاصف بعد أن تفقد مظلته فلم يجدها ، ثم وجدها قبل الخروج للرحلة ولكنه آثر الخروج بالمظلة التي استعارها ، فاقتلعتها عاصفة وأتلفتها ، كان المستعير هنا مسئولا ولو أن التل فكان بقوة قاهرة ، إذ كان في وسعه أن يتحاشى تلف مظلة المعير باستعمال مظلته( [84] ) .

ولو استعار شخص عينا وحملها معه في البحر فأوشكت السفينة على الغرق ، فركب زورق النجاة ولم يكن يستطيع أن يأخذ معه في الزورق إلا العين التي استعارها أو عينا أخرى يملكها ، فأخذ العين التي يملكها ، فإنه يكون أيضاً مسئولا ، لأنه كان بين أن ينقذ شيئاً مملوكا له أو الشيء المعار ، فاختار أن ينقذ $1547 ما يملكه . ويجب أن يكون متمكنا من اخذ العين المعارة بدلا من العين المملوكة له فلم يأخذها وآثر إنقاذ ملكه ، حتى لو كانت العين التي يملكها أكبر قيمة من العين المعارة( [85] ) . أما إذا كان وهو في عجلته لركوب زورق النجاة أخذ معه ما وجده أمامه دون أن يتخير ، فكان ما أخذه هو العين المملوكة له دون العين المعارة ، فإنه لا يكون مسئولا لأنه لم يتعمد أن ينقذ ما يملكه بتضحية الشيء المعار( [86] ) .

وقد كانت القواعد العامة تقضي بعدم مسئولية المستعير في الأحوال المتقدم ذكرها لانتفاء علاقة السببية كما قدمنا . ولا شك في أن القانون يطلب من المستعير في هذه الأحوال أكثر من عنايته بماله الخاص وأكثر من عناية الرجل المعتاد ، إذ يطلب منه بذلك ماله لإنقاذ مال المعير .ويبرر ذلك أن المعير ذو مروءة ، فوجب على المستعير أن يقابل المروءة بمثلها . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ويفهم من ذلك أن المشروع لا يكتفي في حالة القوة القاهرة والحادث المفاجئ باشتراط أقصى ما يبذله المستعير عادة من عناية في يحفظ ماله ، بل يفرض عليه مقابل تبرع المعير أن يؤثر إنقاذ مال المعير على إنقاذ مال نفسه”( [87] ) .

862- الاتفاق على تعديل قواعد المسئولية : وغني عن البيان أن ما قدمناه من القواعد في مسئولية المستعير لا يتعلق بالنظام العام ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفه ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : “وكل ذلك نص عليه المشروع باعتبار مقررا لنية الطرفين ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفه”( [88] ) .

ومن ثم يجوز الاتفاق على تشديد مسئولية المستعير ، فيكون مسئولا حتى عن القوة القاهرة وفي غير الفرضين السابق ذكرهما . كما يجوز الاتفاق على $1548 التخفيف من هذه المسئولية ، فلا يكون مسئولا أصلا إذا وقع الهلاك بقوة قاهرة ولو في الفرضين المتقدمين ، أو لا يكون مسئولا إلا عن عنايته هو في حفظ ماله دون أن يلتزم عناية الرج المعتاد ، أو لا يكون مسئولا حتى عن تقصيره . فخطأه في جميع هذه الأحوال خطأ عقدي لا تقصيري ، فيجوز الاتفاق على الإعفاء من المسئولية عنه ، إلا إذا كان غشا أو خطأ جسيما( [89] ) .

المبحث الثالث

رد الشيء المعار

863- نص قانوني : تنص المادة 642 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- متى انتهت العارية وجب على المستعير أن يرد الشيء الذي تسلمه بالحالة التي يكون عليها ، وذلك دون إخلال بمسئوليته عن الهلاك أو التلف” .

“2- ويجب رد الشيء في المكان الذي يكون المستعير قد تسلمه فيه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك”( [90] ) .

ويقابل النص في التقنين المدني القديم المادة 472 فقرة أولى / 574( [91] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 608 – وفي التقنين المدني الليبي م 641 – وفي التقنين المدني العراقي م 860 و م 856 – وفي تقنين الموجبات ت والعقود اللبناني م 740 و م 744 – 745( [92] ) .

$1549 864- تطبيق القواعد العامة : والتزام المستعير برد الشيء المعار تسري فيه القواعد العامة . فيجب عليه أن يرد الشيء ذاته ، لا شيئاً غيره ولو كان أكبر قيمة( [93] ) . ويرد معه ملحقاته وتوابعه وزياداته ، كما لو كان الشيء المعار ماشية فيردها مع نتاجها . ومصروفات الرد تكون عليه ، لأنه هو المدين بهذا الالتزام( [94] ) .

ويرد لاشيء المعار في الحالة التي يكون عليها وقت الرد ، غير أنه إذا كان قد هلك أو تلف أو تعيب ، لم يستطع أن يتخلص من المسئولية عن ذلك إلا إذا أثبت أنه قد بذل العناية المطلوبة منه ، أو أثبت أن الهلاك أو التلف أو التعيب كان بسبب أجنبي في غير الفرضين المعروفين ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . أما إذا كان الشيء قد ضاع ، فلأن الالتزام بالرد التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية $1550 بخلاف الالتزام بالحفظ ، وقد قررنا ذلك في الإيجار ، فإن المستعير يكون مسئولا عن الضياع إلا إذا اثبت السبب الأجنبي ، ولا يكفي أن يثبت أنه بذل العناية المطلوبة .

865- متى وأين يكون الرد : ويكون الرد عند انتهاء العارية ، وقيل ذلك لا يجيز المستعير على الرد . وسنرى أن العارية تنتهي بانقضاء أجلها أو بسقوط الأجل أو الفسخ .

ويقع الرد في المكان الذي تسلم فيه المستعير الشيء المعار ، ما لم يتفق على غير ذلك ( م 642/ 2 مدني ) . وكانت القواعد العامة تقضي بأن يكون الرد في موطن المدين بالالتزام أي في موطن المستعير ، كما هي الحال في عقد القرض حيث يلتزم المقترض برد القرض في موطنه . ولكن لوحظ أن العارية قد يكون محلها عقاراً ، أو منقولا كبير الكفة في نقله ، فأوجب القانون على المستعير أن يقوم بنقله إلى المكان الذي تسلمه فيه لرده إلى المعير في هذا المكان . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وقد أوجب المشروع في العارية أن يكون الرد في المكان الذي حصل فيه التسليم أولا ، ما لم يتفق على غير ذلك . وهذا بخلاف ما نص عليه في عقد القرض ، إذ أن محل القرض يغلب فيه أن يكون نقوداً أو أشياء مثلية تنتقل ملكيتها إلى المقترض ويرد مثلها . أما في العارية فيمكن أن يكون محلها عقاراً أو منقولا كبير الكلفة في نقله ، فلا يجبر المعير على تسلمه في موطن المستعير ، وإنما يكون الرد في المكان الذي حصل فيه التسليم . وهذا أيضاً باعتباره مطابقاً لنية الطرفين ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفه”( [95] ) .

866- دعاوي المعير لاسترداد العارية : وللمعير أن يسترد الشيء المعار بدعوى العارية ، وهي دعوى شخصية ترفع ضد المستعير وورثته ، ولا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة . وله  كذل ، إذا كان مالكاً ، أن يرفع دعوى المكية( [96] ) ، وهي دعوى عينية ترفع ضد المستعير وضد أي شخص يكون الشيء المعار في $1551 حازته . ولا تسقط دعوى الملكية بالتقادم المسقط ، ولكن يجوز أن تكسب ملكية الشيء المعار إذا انتقل إلى حائز بالتقادم المكسب الطويل أو القصير . أما إذا بقي الشيء في يد المستعير أو ورثته ، فالحيازة مشوبة بالغموض ، ومن ثم لا تؤدي إلى كسب الملكية إلا إذا غير الحائز نيته وبيّن في وضوح أنه يحوز الشيء كمالك . وإذا كان الشيء منقولا وانتقل إلى حائز حسن النية ، ملكه هذا بالحيازة( [97] ) .

وفي جميع الأحوال التي يفقد فيها  المعير ملكية الشيء ، يجوز له الرجوع بالتعويض على المستعير بدعوى العارية . وكذلك يكون المستعير مرتكباً لجريمة خيانة الأمانة إذا هو بدد الشيء المعار ، إذ العارية من العقود التي ترد فيها هذه الجريمة( [98] ) .

$1552 الفصل الثالث

انتهاء العارية

867- العارية لا تلزم المستعير وتلزم المعير : العارية لا تلزم المستعير فيجوز له إنهاؤها في أي وقت ، ولو قبل انقضاء الأجل المعين لها . ذلك أن هذا الأجل إنما تقرر لمصلحته ، فيجوز له النزول عنه ، ورد الشيء المعار إلى المعير في أي وقت شاء . غير أنه إذا اختار المستعير قبل انقضاء الجل وقتا يرد فيه الشيء المعار ، وكان الرد في هذا الوقت يضر المعير ، كأن يكون على أهبة سفر أو لم يتوقع الرد فلم يستعد لتسلم الشيء ، فإنه لا يجبر على قبول الرد ، ويجب على المستعير التريث واختيار الوقت المناسب . وتقول الفقرة الثالثة من المادة 643 مدني في هذا الصدد : “وفي كل حال يجوز للمستعير أن يرد الشيء المعار قبل انتهاء العارية ، غير أنه إذا كان الرد يضر المعير فلا يرغم على قبوله” .

ولكن العارية تلزم المعير . فلا يستطيع إجبار المستعير على الرد قبل انتهاء العارية . وتنتهي عادة بانقضاء الأجل المعين لها وقد تنتهي قبل انقضاء الجل ، ويكون ذلك إما بسقوط الأجل ، وإما بفسخ العارية( [99] ) .

الفرع الأول

انتهاء العارية بانقضاء الأجل

868- نص قانوني : تنص المادة 643 من التقنين المدني على ما يأتي :

$1553 “1- تنتهي العارية بانقضاء الأجل المتفق عليه . فإذا لم يعين لها اجل ، انتهت باستعمال الشيء فيما أعير من أجله” .

“2- فإن لم يكن هناك سبيل لتعيين مدة العارية ، جاز للمعير إنهاؤها في أي وقت” .

“3- وفي كل حال يجوز للمستعير أن يرد الشيء المعار قبل انتهاء العارية ، غير أنه إذا كان هذا الرد يضر المعير فلا يرغم على قبوله”( [100] ) .

ويقابل النص في التقنين المدني القديم م 472/574 – 575( [101] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 609 – وفي التقنين المدني الليبي م 642 – وفي التقنين المدني العراقي م 861 – وفي  تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 740 – 741( [102] ) .

869- فروض ثلاثة لانقضاء الأجل : وهناك فروض ثلاثة لانقضاء الأجل استعرضها النص المتقدم الذكر :

$1554 أولا – أن يكون للعارية اجل معين اتفق عليه المتعاقدان ، كما إذا أعار شخص شخصاً آخر كتابا أو سيارة لمدة أسبوع . فتنتهي العارية بانقضاء الأسبوع ، سواء انتهى المستعير من قراءة الكتاب أو تحقيق الغرض الذي استعار من أجله السيارة أولم ينته من ذلك .

ثانيا – ألا يكون المتعاقدان قد اتفقا على أجل معين ، ولكنهما اتفقا على الغرض الذي أعير من اجله الشيء . فقد يتفقان على إعارة السيارة ليسافر المستعير بها إلى بلد معين ، أن هناك اتفاقا ضمنيا على أن يكون الغرض من العارية بانتهاء استعمال الشيء فيما أعير من أجله . فتنتهي عارية السيارة برجوع المستعير من السفر في غير إبطاء لا مبرر له ، وتنتهي عارية الكتاب بإتمام المستعير قراءة في وقت معقول( [103] ) .

ثالثاً – ألا يتفق المتعاقدان لا على اجل ولا على غرض معين . فإذا أعار شخص شخصاً آخر داراً ليسكنها دون أن يعين مدة أو غرضا ، ولم يكن هناك سبيل آخر لتعيين مدة تنتهي باقتضائها العارية ، فإن العارية في هذه الحالة تنتهي في أي وقت يريده المعير( [104] ) ، بعد إمهال المستعير مدة معقولة للإخلاء ، دون أن يتقيد المعير بالمواعيد القانونية المقررة في الإيجار . ونرى من ذلك أن العارية في الفرض الذي نحن بصدده لا تلزم المعير ولا تلزم المستعير ، فيجوز لأي منهما إنهاؤها في أي وقت . ولا يعترض على ذلك بأن التزام كل من المتعاقدين معلق على شرط إرادي ، فالشرط هنا فاسخ لا واقف .

$1555 الفرع الثاني

انتهاء العارية قبل انقضاء الأجل

سقوط الأجل وفسخ العارية

870- نصوص قانونية : تنص المادة 644 من التقنين المدني على ما يأتي :

“يجوز للمعير أن يطلب في أي وقت إنهاء العارية في الأحوال الآتية”  :

” ( أ ) إذا عرضت له حاجة عاجلة للشيء لم تكن متوقعة” .

” ( ب ) إذا أساء المستعير استعمال الشيء أو قصر  الاحتياط الواجب للمحافظة عليه” .

” ( ج ) إذا أعسر المستعير بعد انعقاد العارية ، أو كان معسراً قبل ذلك دون علم من المعير” .

وتنص المادة 645 من التقنين المدني على ما يأتي :

“تنتهي العارية بموت المستعير ، ما لم يوجد اتفقا يقضي بغيره”( [105] ) .

ولا مقابل لهذه النصوص في التقين المدني القديم ، ولكن أحكامها تتفق مع القواعد العامة .

وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري $1556 م 610 – 611 – وفي التقنين المدني الليبي م 643 – 644 – وفي التقنين المدني العراقي م 862 – 863 – تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 742 و م 752( [106] ) .

ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أنه إذا اتفق على اجل معين للعارية أو على غرض معين ، فإن العارية مع ذلك تنهي قبل انقضاء الأجل أو قبل تحقيق الغرض ، إما بسقوط الأجل إذا طرأت حاجة للمعير أو أعسر المستعير و مات ، وإما بفسخ العارية إذا أساء المستعير استعمال الشيء أو قصر في المحافظة عليه . أما إذا لم يتفق على أجل معين ولا على غرض معين ، فإن العارية كما قدمنا تنتهي في أي وقت يرده المعير ، فلا حاجة لسقوط الأجل ولا لفسخ العارية .

871- انتهاء العارية بسقوط الأجل : وأسباب سقوط الأجل ثلاثة ، واحد يرجع إلى المعير وهو أن تعرض له حاجة للشيء المعار ، واثنان يرجعان إلى المستعير وهما إساره وموته .

1- فقد تعرض للمعير حاجة عاجلة للشيء لم تكمن متوقعة ، فيجوز له عندئذ إنهاء العارية قبل انقضاء أجلها واسترداد الشيء المعار . وقد رأينا أن الحكم في الإيجار يختلف ، وأنه لا يجوز للمؤجر أن ينهي الإيجار إذا جدت له حاجة شخصية للعين إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك ( م 607 مدني ) . ويرج السبب $1557 إلى أن المستأجر بدفع مقابلا لانتفاعه بالشيء ، ولا يدفع المستعير شيئا فتقدم حاجة المعير . ويشترط في الحاجة أن تكون عاجلة غير متوقعة ، فإذا كمان المعير يستطيع الانتظار حتى ينقضي اجل العارية ، أو كان يتوقع هذه الحاجة وقت انعقاد العارية ومع ذلك أقدم على التعاقد ، لم يجز له إنهاء العارية قبل انقضاء أجلها . بل لو كانت الحاجة عاجلة غير متوقعة ، وكان المعير مقصراً يف إبرام العارية ، دون تبصر بحاجته إلى الشيء المعار ، أو كان إنهاء العارية يلحق بالمستعير ضرراً يفوق ما يصيب المعير من ضرر ، جاز للقاضي أن يرضي الحكم بإنهاء العارية( [107] ) .

2- وقد يعسر المستعير بعد انعقاد العارية ، أو يكون معسراً قبل انعقادها دون أن يعلم المعير بذلك ، فيجوز للمعير إنهاء العارية قبل انقضاء أجلها إذ يكون الأجل قد سقط بالإعسار . ويمتنع المعير عن تسليم الشيء المعار إن لم يكن قد فعل ، ويسترده إن كان قد سلمه دون أن يعلم بالإعسار . أما إن سلمه بعد العلم بالإعسار ، فلا يجوز له إنهاء العارية( [108] ) .

3- وقد يموت المستعير قبل انقضاء أجل العارية ، فتنتهي العارية بموته ، لأن شخصيته محل اعتبار في العقد ، وقد قصد المعير أن يعيره هو فلا تنتقل العارية إلى ورثته ، إلا إذا وجد إنفاق على غير ذلك . والالتزامات التي تكون قد نشأت $1558 في ذمة المستعير بسبب العارية ، كالالتزام بالرد والالتزام بتعويض المعير إذا كان المستعير قد قصر في المحافظة على العارية أو في استعمالها ، تبقى في تركة المستعير يطالب المعير بها . أما موت المعير فلا ينهي العارية ، وتنتقل حقوق المعير إلى ورثته ، وكذلك تنتقل التزاماته في حدود تركته( [109] ) .

872- انتهاء العارية بالفسخ : وتنتهي العارية “إذا أساء المستعير استعمال الشيء أو قصر في الاحتياط الواجب للمحافظة عليه ” (  م 644 حرف ب مدني  ) .

وهنا يتجلى في وضوح أن العارية عقد ملزم للجانبين ، لأن الفسخ لا يرد إلا في العقود الملزمة للجانبين . بل إن العارية عقد ملزمة للجانبين حتى لما كانت عقداً عينياً في التقنين المدني القديم ، كما سبق القول( [110] ) . فإن التزام المستعير باستعمال الشيء على الوجه الواجب وبالمحافظة عليه ، يقابله التزام المعير بترك المستعير ينتفع بالشيء المعار طول مدة العارية . فإذا أخل المستعير بالتزامه ، وأساء استعمال الشيء أو قصر في الاحتياط الواجب للمحافظة عليه ، كان للمعير أن يفسخ العقد ، فيتحلل من التزامه بترك المستعير ينتفع بالشيء طول مدة العارية ، ويسترده قبل انقضاء هذه المدة . وهذا التحلي ليستقيم ، بل هو ضروري ، سواء اعتبرت العارية عقداً عينياً كما كانت في التقنين المدني القديم ، أو اعتبرت عقداً رضائياً كما أصبحت في التقنين المدني الجديد .


( * ) مراجع في عقد العارية : بودري وفال في الشركة العارية والوديعة الطبعة الثالثة سنة 1907 – جيوار في العارية والوديعة والحراسة طبعة ثانية – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 الطبعة الثانية سنة 1954 – أوبري ورو وإسمان 6 الطبعة السادسة سنة 1951 – دي باج ود يكر في القانون المدني البلجيكي 5- بلانيول وريبير وبولانجيه 2 الطبعة الثالثة – كولان وكابيتان ودي لامور أنديير 2 الطبعة العاشرة – جوسران 2 الطبعة الثانية – أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ ( prêt ) .

محمد كامل مرسي في العقود المدنية الصغيرة طبعة ثانية سنة 1938 – محمد كامل مرسي وسيد مصطفى في عارية الاستعمال وعارية الاستهلاك والإيرادات المرتبة سنة 1923 – محمود جمال الدين زكي في الصلح والهبة والقرض والدخل الدائم والعارية سنة 1953 .

( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 851 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 663 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 662 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 635 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 665 – ص 667 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني القديم : م 464/565 : فالعارية بالاستعمال فقط هي أن المعير يسلم إلى المستعير شيئاً يبيح له الانتفاع به ، ويلتزم المستعير برده بعد الميعاد المتفق عليه .

م 466/567 : إذا لم يصرح في العقد بنوع العارية ، يكون تعيينه بحسب أحوال المتعاقدين والشيء المعار .

م 467/568 : عارية الاستعمال تكون بلا مقابل أبداً .

( والتقنين المدني القديم يتفق مع التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن العارية في التقنين المدني القديم كانت عقداً عينياً ، وهي في التقنين المدني الجديد عقد رضائي ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 602 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 634 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 847 : لإعارة عقد به يسلم شخص لآخر شيئاً غير قابل للاستهلاك يستعمله بلا عوض ، على أن يرده بعد الاستعمال . ولا تتم الإعارة إلا بالقبض .

( ويختلف التقنين العراقي عن التقين المصري في أن العارية في الأول عقد عيني ، وفي الثانية عقد رضائي ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 729 : قرض الاستعمال أو الإعارة  هو عقد  بمقتضاه يسلم شخص ( يسمى المعير ) شيئاً إلى شخص آخر ( يقال له المستعير ) كي يستعمله لحين من الزمن أو لوجه معين بشرط أن يرد إليه ذلك الشيء نفسه . وفي الإعارة يبقى المعير مالكاً للعارية وواضعاً اليد عليها في نظر القانون ، وليس للمستعير سوى الحيازة والاستعمال .

م 730 : الإعارة في الأساس مجانية .

م 732 : تتم الإعارة برضا الفريقين وبتسليم العارية إلى المستعير .

( ويختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري في أن العارية في التقنين الأول عقد عيني ، وهي في التقنين الثاني عقد رضائي ) .

( [2] )  وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “يفهم من هذا التعريف ( الوارد بالمادة 635 مدني ) أن العارية عقد رضائي لا عيني ، فاستغنى فيه عن التسليم باعتباره ركناً ضرورياً لانعقاد العقد ، وأصبح العقد ينشئ التزاماً بالتسليم : التقنين الألمان م 598 – والتقنين السويسري م 305 – والتقنين الصيني م 464 – والتقنين البولوني م 419 ، ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 666 ) .

( [3] )  انظر في انتفاء العينية في القانون الفرنسي بالنسبة إلى عقد القرض – وينطبق ذلك على عقد العارية – وفي أنه لا توجد أهمية عملية من القول بأن العارية عقد عيني لا يتم إلا بالتسليم ، فحتى لو كانت عقداً عينياً لأمكن الوصول إليها عن طريق الوعد بالعارية : الوسيط 5 فقرة 266 .

( [4] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وأنها عقد تبرع ، إذ لو كانت بأجر انقلبت إيجاراً” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 666 ) .

( [5] )  والعارية تخول المستعير أن يستعمل الشيء لا أن يستغله ، فيده عليه بد عارضة ، والثمار والحيازة القانونية تكون للمعير ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 666 ) . وطابع التبرع في العارية هو الذي أملى كثيراً من أحكامها ، كاشتراط عناية كبيرة في المحافظة على الشيء المعار إلى حد أن يطلب من المستعير أن يضحي بماله لإنقاذ الشيء من الهلاك ، وكعدم ضمان المعير للاستحقاق وللعيوب الخفية إلا في حدود ضيقة ، وكجواز إنهاء العارية إذا جدت للمعير حاجة للشيء ( انظر في هذا المعنى أوبري ورو وإسمان 6 فقرة 391 ص 136 ) .

( [6] )  الوسيط 1 فقرة 59 – وقد يكون الدافع إلى العارية هو مصلحة المعير نفسه ، كما إذا أعار الخطيب خطيبته مجوهرات تتحلى بها ليحتفظ بمظهره أمام الناس ، وكما إذا دعا شخص مغنياً ليحي حفلة أقامها فيعيره آلة موسيقية يستعملها عند الغناء ( بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 607 ) . وقد يكون الدافع هو مصلحة المعير والمستعير معاً ، كما هو الأمر في “الدوطة” . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد بنت حكمها برد مبلغ الدوطة على أن الدوطة تدفعها الزوجة للزوج ليستغلها في شؤون الزوجية مادامت قائمة ، فإذا انقضت أصبحت واجبة الرد ، فإن حكمها يكون سليما قانوناً ، إذ أن مبلغ الدوطة يكون في هذه الحالة مسلما على سبيل أنه عارية استعمال واجبة الرد عند حلول الظرف المتفق عليه طبقاً للمادة 464 مدني ( قديم ويقابلها م 635 مدني جديد ) وقض مدني 27 مايو سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 64 ص 170 ) . وإذا سلم شخص شيئاً لآخر لتجربته قبل شرائه ( وهذا ما يقابل القبض على رسوم النظر في القه الإسلامي – انظر م 548/2 مدني عراقي ) ، فالعقد عارية قد يعقبها بيع ، والعارية هنا لمصلحة كل من المعير والمستعير . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلط بأن هناك عارية إذا سلم شخص لآخر آلة ميكانيكية بقصد تجربتها بضعة أيام لفحصها وتقدير قيمتها تمهيداً لبيعها له ، وتنتهي العارية بانتهاء الغرض الذي من أجله تمت أي بانتهاء التجربة ( استئناف مختلط 22 فبراير سن 1900م 12 ص 127 ) .

( [7] )  استئناف مختلط 17 فبراير سنة 1931م 12 ص 229 .

( [8] )  ويمكن القول إن العارية بالنسبة إلى الإيجار بمثابة الوديعة غير المأجورة بالنسبة إلى الوديعة المأجورة ، وبمثابة الوكالة غير المأجورة بالنسبة إلى الوكالة المأجورة ، ولو سرنا في التشبيه إلى نهايته لقلنا إن الإيجار هو أيضاً عارية مأجورة .

( [9] )  انظر في كل ذلك آنفاً فقرة 5 – وإذا أعطي تاجر المشتري شيئاً يضع فيه السلعة التي اشتراها على أن يرده للتاجر بعد نقل السلعة إلى منزله ، فاقعد فيما يتعلق بهذا الشيء ليس عارية إذ هو ليس تبرعاً  بل هو عقد غير مسمى ، أو هو إيجار الأجرة فيه جزء يسير من ثمن السلعة ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1127 ص 447 . ومع ذلك انظر نقض فرنسي 3 أبريل سنة 1933 سيريه 1933 – 1- 334 ) .

( [10] )  انظر ما يلي فقرة 835 .

( [11] )  انظر في ذلك وفي الفروق ما بين القرض والعارية الوسيط 5 فقرة 173 – بودري وفال في الشركة العارية والوديعة فقرة 602 .

( [12] )  بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 1012 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1127 – ويكون العقد عارية أيضاً لا وديعة إذا أعطي شخص لآخر شيئاً ليراه أو أوراقاً ليطلع عليها ثم يردها بعد ذلك( بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 1012 ، أنسيكليوبيدي داللوز 4 لفظ Prêt فقرى 32 ),

( [13] )  الوسيط 5 فقرة 274 .

( [14] )  المذكرة الإيضاحية للمروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 664 – ص 665 .

( [15] )  وكذلك لو أعطي شخص شيئاً لآخر على أنه هبة وقبله الآخر على أنه عارية ، لم يكن هناك لا عقد هبة ولا عقد عارية لأن الإيجاب والقبول لم يتوافقا على ماهية العقد ( بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 614 جيوار فقرة 26 – انظر عكس ذلك وأن صاحب الشيء وقد قصد الهبة يكون قد قبل ضمناً العارية وهي أقل من الهبة ترولون فقرة 195 – ديفروجييه فقرة 139 وما بعدها ) .

وإذا سكن شخص مكانا مدة طويلة معتقداً أنه ملكه وكان صاحب المكان قد تبرع بسكناه للشخص الأول ، فليست هناك عارية ، لعدم توافق الإرادتين ، ويكون الشخص الأول قد شغل المكان دون سند ،وقد نزل صاحب المكان عن حقه في التعويض ( قرب استئناف مختلط 9 مايو سنة 1912م 24 ص 338 ) .

( [16] )  بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2889 .

( [17] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وإن العقد يتم بين المستعير والمعير ، سواء أكان المعير مالكاً أم غير مالك ، كالمنتفع والمستأجر والمرتهن الخ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 666 ) .

( [18] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 617 – أوبري ورو وإسمان 6 فقرة 391 هامش 3 .

( [19] )  انظر ما يلي فقرة 857 .

( [20] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 620 – فقرة 621 – بيدان 12 فقرة 232 بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 889 ) .

( [21] )  انظر في ذلك بالنسبة إلى عقد القرض الوسيط 5 فقرة 279 ص 435 .

( [22] )  نقض فرنسي 2 مايو سنة 1930 جازيت دي باليه 1930 – 2 – 155 – بوردو 3 يناير سنة 1952 داللوز 1952 – 219 – بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 681 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة  1127 ص 447 .

( [23] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 630 .

( [24] )  بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1130 .

( [25] )  انظر آنفاً فقرة 824 .

( [26] )  ديرانتون 17 فقرة 509 وما بعدها – بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 615 – أوبري ورو وإسمان 6 فقرة 391 ص 137 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1129 – ويذهب بعض الفقهاء إلى اشتراط أهلية التبرع في المعير : ديفرجييه فقرة 26 – لوران 26 فقرة 458 – جيوار فقرة 20 – هيك فقرة 154 – محمود جال الدين زكي فقرة 125 ص 239 – ص 240 ( ويقول : فتكون العارية باطلة إذا كان المعير ناقص الأهلية ولو كان مأذوناً بالإدارة ، حتى لو قام بإبرامها نائبه ، وليا كان أو وصياً ، أو قيماً وإن كان كل أولئك يجوز له إعارة مال المشمول بالولاية أو الوصاية أو القوامة “لأداء واجب إنساني أو عائلي وبإذن المحكمة” ) . وتنص المادة 732 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه “يجب في الإعارة أن يكون المعير أهلا للتفرغ عنها بلا مقابل . فلا يجوز للوصي أو القيم أو الولي على مال الغي أن يعيروا الأشياء التي عهد إليهم في إدارتها” .

ويذهب فقهاء آخرون إلى أنه إذا طالت مدة العارية وكانت واقعة على مال ذي قيمة كبيرة ، فإنها تكون بمنزلة التصرف ، فتجب أهلية التصرف في المعبر ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1129 ) .

( [27] )  انظر عكس ذلك وأنه يجب توافر أهلية الإدارة في المستعير : بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 618 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1129 – أوبري ورو وإسمان 6 فقرة 391 ص 137 – أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prêt فقرة 67 – محمود جمال الدين زك فقرة 125 ص 239 .

( [28] )  بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 625 – فقرة 626 .

( [29] )  بودري وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة  600 0 أوبري ورو وإسمان 6 فقرة391 هامش 4 – بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1127 ص 446 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1210 – جوسران 2 فقرة 1321 – استئناف مختلط 20 مايو سنة 1948م 60 ص 122 ( وقد قضي هذا الحكم بأن على المستعير أن يؤدي حساباً عن الاكتتاب في إصدار جديد من الأسهم رخص به لحاملي الأسهم القديمة بنفس القيمة الاسمية الأصلية ) .

( [30] )  الوسيط فقرة 273 .

( [31] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 601 – جوران 2 فقرة 341 .

( [32] )  وتنص المادة 731 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على أنه “يجوز أن يكون موضوع الإعارة أموالا منقولة أو ثابتة” .

( [33] )  الوسيط 1 فقرة 277 ومن بعدها .

( [34] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 628 .

( [35] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 852 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة عدل النص تعديلا لفظياً فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 664 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 663 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 636 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 668 – ص 669 ) .

( [36] )  التقنينات الدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 603 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 635 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 848 : يلتزم المعير بترك المستعير ينتفع بالشيء المعار أثناء الإعارة ، وليس له أن يطلب أجرة بعد الانتفاع .

( والتقنين العراقي يتق في أحكامه مع التقنين المصري ، غير أنه لما كانت العارية عقداً عينياً في التقنين العراقي ،  فإن التسليم ليس التزاماً في ذمة المعير بل هو ركن في العارية لا تنعقد بدونه . ويبقى في ذمة المعير التزام سلبي بأن يترك المستعير ينتفع بالشيء المعار أثناء الإجارة . فالعارية إذن ترتب التزامات في ذمة المعير تقابل التزامات المستعير ، وهذا قاطع في أن العارية ، حتى عندما تكون عقداً عينياً ، تكون عقداً ملزماً للجانبين ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لا مقابل – ولا يوجد في التقنين اللبناني التزام بالتسليم في ذمة المعير ، لأن العارية في هذا التقنين عقد عيني فالتسليم ركن لا التزام . وقد قدمنا أن المادة 732 لبناني تنص على أن “تتم العارية برضا الفريقين وبتسليم العارية إلى المستعير” .

( [37] )  وتكون مصروفات التسليم إذن على المعير لأنه هو المدين بالتسليم . ومع ذلك قد قضى التقنين المدني العراقي ( م 856 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 745 ) بأن تكون مصروفات التسليم على المستعير لأنه لا يدفع أجراً .

( [38] )  وتقول المذكرة الإيضاحية  للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “تفرض هذه المادة على المعير . . . الالتزام بتسليم الشيء إلى المستعير . فإذا لم يقم به المعير مختاراً ، أكره على ذلك إن كان الوفاء العيني ممكناً ، وغلا حكم عليه بالتعويض” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 668 – ص 669 ) .

( [39] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 689 – ص 690 .

( [40] )  انظر ما يلي فقرة 860 .

( [41] )  انظر ما يلي فقرة 870 – فقرة 872 .

( [42] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 668 – 669 .

( [43] )  انظر في القانون الفرنسي – حيث العارية عقد عيني – في أن التزام المعير بتر المستعير ينتفع بالشيء ليس إلا الالتزام العام الواجب على كل متعاقد في أن يحترم ما تعاقد عليه ، فإذا استرد المعير الشيء من المستعير قبل انتهاء العارية كان هذا منه غشاً : بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 605 وفقرة 663 ص 400 – أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ Prêt  فقرة 162 . وظاهر أن المعير لا يرتكب غشاً في استرداد الشيء المعار إلا إذا كان ملتزماً بتركه للمستعير ينتفع به ، فوجب إذن إيجاد هذا الالتزام أولا في ذمة المعير حتى نصل منه إلى الغش .

( [44] )  انظر آنفاً فقرة 824 .

( [45] )  الوسيط 5 فقرة 299 – قارن محمود جمال الدين زكي فقرة 130 .

( [46] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 853 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 665 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 664 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 637 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 670 – ص 672 .

( [47] )  التقنين المدني القديم م 471/573 : للمستعير الحق في طلب المصاريف الضرورية المستعجلة التي اضطر لصرفها قبل إمكان إخبار المعير بها ، وعليه المصاريف اللازمة لوقاية الشيء المستعار .

( وأحكام التقنين المدني القديم تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المدني الجديد . وينوه التقنين المدني القديم بإخبار المعير بما يقوم بع المستعير من مصروفات ضرورية قبل الإنفاق إذا تمكن من ذلك . والمقصود بالمصروفات اللازمة لوقاية الشيء المعار المصروفات اللازمة لصيانته الصيانة المعتادة ، ولذلك جعلت على المستعير ) .

( [48] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري : لا مقابل ( ومن ثم تطبق القواعد العامة الواردة بالمادة 931 مدني سوري ، وهي تؤدي إلى نفس النتائج التي أخذ بها التقنين المصري ) .

التقنين المدني الليبي  م 636 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 849 : إذا انفق المستعير على الشيء المعار مصروفات اضطرارية لحفظه من الهلاك ، التزم المعير أن يرد إليه هذه المصروفات . ( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصري . وقد سكت التقنين العراقي عن المصروفات النافعة اكتفاء بتطبيق القواعد العامة الواردة في المادة 1167/2 منه ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني 749 : يحق للمستعير أن يقيم دعوى العطل والضرر على المعير في الحالتين الآتيتين : ( أولا ) إذا انفق نفقات ضرورية لأجل صيانة العارية . ( ثانيا ) . . .

م 751 : للمستعير أن حبس العارية إلى أن يستوفي من العين التعويضات الواجبة له .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري . وقد سكت التقنين اللبناني عن المصروفات النافعة اكتفاء بالقواعد العامة ) .

( [49] )  انظر ما يلي فقرة 856 .

( [50] )  انظر آنفاً فقرة 430 وما بعدها .

( [51] )  وتبقى المصروفات الكمالية التي ينفقها المستعير على الشيء المعار ، وهذه تسري عليها أحكام الفقرة الثالثة من المادة 980 مدني ، وتجري بما يأتي : “فإذا كانت المصروفات كمالية فليس للحائز أن يطالب بشيء منها ، ومن ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدث من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى ، إلا إذا اختار المالك أن يستبقيها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة” .

( [52] )  انظر ما يلي فقرة 854 وما بعدها .

( [53] )  ولما كان الالتزام على هذا القول لا ينشأ من عقد العارية ذاته ، فإن الاستناد إليه للقول بأن العارية – عندما كانت عقداً عينياً في التقنين المدني القديم وبفرض أنها كانت إذ ذاك عقداً ملزماً لجانب واحد على غير ما نراه – عقد ملزم للجانبين غير تام ( contrat synallagmatique imparfait ) استناد غير سديد ( بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 605 ص 367 – الوسيط 1 فقرة 57 .

( [54] )  كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1216 – وتقول المذكرة الإيضاحية المشروع التمهيد : “لما كانت ملكية العارية وأعارها للمعير ، وجب عليه أن يتحمل النفقات الضرورية للمحافظة على الشيء ، فإذا اضطر المستعير إلى القيام بهذه النفقات كي يحفظ الشيء إلى أن يرده ، وجب على المعير أن يرد إليه هذه النفقات ، ما لم يكن المستعير قد تسبب بخطأه في حدوث ما أوجب ضرورة هذه النفقات” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 671 ) .

ويلتزم المعير برد= المصروفات الضرورية حتى لو هل لاشيء دون خطأ من المستعير ، وحتى لو أراد المعير ترك الشيء ( abandon ) _ بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 668 أنسيكلوبدي داللوز 4 لفظ prêt  فقرة 168 ) .

( [55] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 671 .

( [56] )  انظر آنفاً فقرة 846 .

( [57] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 673 في الهامش .

( [58] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 854 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي في العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية كان يجري على الوجه الآتي : “لزمه تعويض المستعير عن كل ضرر يلحقه بسبب ذلك” . وفي لجنة المراجعة أدخلت تعديلات لفظية على النص ، وصار رقمه 666 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 665 . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية على الوجه الآتي : “لزمه تعويض المستعير عن كل ضرر يسببه ذلك” . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وصار رقمه 638 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 672 – ص 674 ) .

( [59] )  التقنينات ا لمدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 604 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 637 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 850 ( مطابق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 749 : يحق للمستعير أن يقيم دعوى العطل والضرر على المعير في  الحالتين الآتيتين : أولا-  . . . ثانياً – إذا كانت العارية ذات عيوب أفضت إلى الإضرار بمستعملها .

م 750 : على أن المعير لا يكون مسئولاً : أولا – إذا كان جاهلا السبب الذي أدى إلى انتزاع العارية بدعوى الاستحقاق أو جاهلا عيوبها الخفية . ثانياً – إذا كانت العيوب أو المخاطر ظاهرة إلى حد أنه كان يسهل على المستعير أن يعرفها . ثالثاً – إذا كان المعير قد نبه المستعير إلى وجود تلك العيوب أو المخاطر أو إلى خطر انتزاعها بدعوى الاستحقاق . ربعاً – إذا كان الضرر لم ينجم إلا عن خطأ المستعير أو إهماله .

م 751 : للمستعير أن حبس العارية إلى أن يستوفي من المعير التعويضات الواجبة له .

( ويختلف أحكام التقنين اللبناني عن أحكام التقنين المصري في أن الأصل  في التقنين اللبناني أن ضمن المعير الاستحقاق والعيب الخفي ، ولكنه استثناء يعفى المعير من الضمان إذا كان يجهل سبب الاستحقاق أو العيب ، أو كان المستعير يعلم سبب الاستحقاق أو العيب عن طريق المعير أو عن طريق أنها ظاهرة بحيث يسهل عليه أن يعرفها ، أو كان هناك خطأ من المستعير ) .

( [60] )  الوسيط 5 فقرة 108 وما بعدها .

( [61] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 673 .

( [62] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 674 وانظر آنفاً 849 في الهامش – وقد تقدم مثل ذلك تماماً في ضمان الواهب للعيوب الخفية في الموهوب ، حي أجرى نس التعديل في لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ( انظر الوسيط 5 فقرة 115 ) . فأرادت لجنة مجلس الشيوخ أن تنسق النصوص ، فأجرت من التعديل في ضمان المعير للعيوب الخفية ما سبق أن أجرى من تعدل في ضمان الواهب لهذه العيوب . ولما كان التضييق في التزام الضمان إلى هذا الحد سببه تبرع المعير ، فإذا ثبت – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – أن العارية إنما عقدت استثناء لمصلحة المعير ، فلا يستفيد المعير من هذا التضييق في التزامه ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 674 – وانظر بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 674 – محمود جما الدين زكي فقرة 132 ) .

( [63] )  انظر آنفاً فقرة 848 .

( [64] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 673 في الهامش .

( [65] )  تاريخ النصوص :

م 639 : ورد هذا النص في المادة 856 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخل تعديل لفظي طفيف ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التنين المدني الجديد ، وصار رقمه 667 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 666 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 639 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 675 – ص 677 ) .

م 640 :  ورد هذا النص في المادة 857 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخلت تعديلات لفظية فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وصار رقمه 668 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 667 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 640 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 677 – ص 679 ) .

( [66] )  التقنين المدني القديم م 469/570 – 571 : يجب على المستعير القيام بحفظ العين المستعارة والاعتناء بصيانتها اعتناءاً تاماً ولا يجوز له أن يستعملها إلا فيما أعدت له على حسب الاتفاق بينه وبين المعير .

م 470/572 : إذا استعمل المستعير الشيء المستعار في غير ما أعد له ، أو استمله بعد الزمن المتفق عليه ، كان ملزماً بتعويض مساو لقيمة الأجرة ، مع تعويض التلف الحاصل من الإفراط في استعماله .

م 471/573 : للمستعير الحق في طلب المصاريف الضرورية المستعجلة التي اضطر لصرفها قبل إمكان إخبار المعير بها ، وعليه المصاريف اللازمة لوقاية الشيء المستعار .

( وأحكام التقنين المدني القديم تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [67] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 506 – 606 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني الليبي م 638 – 639 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني العراقي م 851 : إذا قيد المعير نوع الاستعمال أو وقته أو مكانه ، فليس المستعير أن يستعمل العارية في يغير الوقت والمكان المعينين . وليس له مخالفة نوع الاستعمال المأذون به ومجاوزته إلى ما فوقه ضرراً ، وإنما له استعماله استعمالا مماثلا لما قيد أو اخف ضرراً .

م 852 : إذا أطلق المعير للمستعير الانتفاع في الوقت والمكان ونوع الاستعمال . جاز له أن ينتفع بالعارية في أي وقت وفي أي مكان وبأي استعمال أراد ، بشرط ألا يجاوز المعهود المعروف ، فإن جاوزه وهلكت العارية ضمنها .

م 853  : 1- إذ أطلق المعير للمستعير الإذن بالانتفاع ولم يعين منتفعاً ، جاز للمستعير أن ينتفع بنفسه بالعين المعارة وأن يعيرها لمن شاء ، سواء كانت مما يختلف باختلاف المستعمل أولا ، ما لم يكن قد استعملها بنفسه وكانت مما يختلف بالاستعمال فليس له بعد ذلك إعارتها إلى غيره . 2- وإن قيدها المعير وعين منتفعاً ، يعتبر تعيينه . فإذا خالف المستعير القيد وهلكت العارية ضمن . 3- وإذا نهي المعير المستعير عن إعارة العين لغيره فأعارها وهلكت العارية ، يضمن المستعير .

م 854 : يجوز للمستعير أن يودع العارية في يكل موضع يملك فيه الإعارة ، فإن هلكت عند الوديع بلا تعديه فلا ضمان . ولا يجوز له الإيداع في جميع المواضع التي لا يملك فيها الإعارة ، فإن أودعها فهلكت عند الوديع فعلى المستعير ضمانها .

م 855 : 1- ليس للمستعير أن يؤجر العارية ولا أن يرهنها بدون إذن المعير . 2- فإن أجرها بلا إذنه فهلكت في يد المستهلك أو تعيبت . فللمعير الخيار إن شاء ضمن المستعير وإن شاء ضمن المستأجر . فإن ضمن المستعير فلا رجوع له على أحد بما ضمنه ، وإن ضمن المستأجر فله الرجوع على المستعير إذا لم يعلم وقت الإجارة أنها عارية في يده . وإن رهنا بلا إذن المعير وهلكت في يد المرتهن وضمن المعير المستعير ، يتم الرهن فيما بين المستعير الراهن وبين المرتهن .

م 856 : مؤونة العارية ومصاريف حفظها وتسليمها وردها تكن على المستعير .

م 859 : إذا حدث في استعمال العارية عيب يوجب نقصان قيمتها ، فلا ضمان على المستعير إذا استعملها استعمالا معتاداً .

( وأحكام التقنين العراقي لا تختلف في مجموعها عن أحكام التقنين المصري إلا في بعض التفصيلات ، أهمها أن المستعير في التقنين العراقي له أن يعير العارية ما لم يمنعه المعير ، أما في التقنين المصري فلا يجوز أن يعير العارية إلا بإذن المعير ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبنانية م 735 : لا يجوز للمستعير أن يخرج في استعمال العارية عن الوجه والحد المنصوص عليهما في العقد أو المستفادين من العرف .

م 736 : يجوز للمستعير أن يستعمل العارية بنفسه ، وأن يعيرها أو يتنازل عن استعمالها لشخص آخر بلا مقابل ، ما لم تكن الإجارة معقودة لاعتبار يرجع إلى شخص المستعير أو لاستعمال معين خاص ، يحول دون تصرفه على هذا المنوال .

م 737 : يجوز للمستعير أن يؤجر أو يرهن العارية أو يتصرف فيها إلا بإذن من المعير .

م 738 : يجب على المستعير أن يتحمل : 1- النفقات العادية لصيانة العارية . 2- النفقات اللازمة لاستعمال العارية .

م 739 : إذا استعار الشيء جملة أشخاص معاً ، كانونا مسئولين عنه بالتضامن .

م 743 : إذا تنازل المستعير عن استعمال العارية أو تصرف فيها على وجه آخر لمصلح شخص ما ، فللمعير أن يقيم على هذا الشخص مباشرة الدعوى التي كان يحق له أن يقيمها على المستعير .

م 746 : لا يكون المستعير مسئولا عن هلاك العارية أو تعيبها إذا كان ناشئين عن استعماله إياها استعمالا عاديا منطبقا على الاتفاق المعقود بين الفريقين . وإذا ادعى المعير أن المستعير أساء استعمالها ، لزمه أن يقيم البينة .

م 753 : إن حق المعير في مقاضاة المستعير وحق المستعير في مقاضاة المعير في الدعاوي الناشئة عن أحكام المواد 734 و 735 و 737 يسقطان بحكم مرور الزمن بعد انقضاء ستة أشهر . وتبتدئ هذه المهلة فيما يختص بالعير من يوم رد العارية إليه ،  وفيما يختص بالمستعير من يوم انتهاء العقد .

( وأهم الفروق بين التقنين اللبناني والتقنين المصري أن المستعير في التقنين اللبناني يستطع أن يعير العارية دون إذن المعير ، ما لم تكن العارية معقودة لاعتبار شخصي فيه أو لاستعمال معين خاص ، ويكون للمعير دعوى مباشرة قبل المستعير من الباطن ، وإذا تعدد المستعيرون كانوا متضامين ، وتسقط دعوى العارية في بعض الحالات بانقضاء ستة أشهر من يوم رد العارية بالنسبة إلى المعير أو من يوم انتهاء العقد بالنسبة إلى المستعير ) .

( [68] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيد في هذا الصدد : “فإذا كان الشيء معاراً لاستعمال معين ، اقتصر حق المستعير على هذا الاستعمال بحيث لو جاوزه إلى غيره اعتبر مجاوزاً لحقه ، لبل مخلا بواجب التقيد بذلك الاستعمال . وذلك الحال لو أن العارية حدت بوقت معين ، فلا يجوز المستعير أن يستعمل الشيء بعد ذلك الوقت . أما إذا لم يعين العقد استعمالا أو وقتاً ما ، فلا يجوز للمستعير أن يستعمل لاشيء إلا فيما تقبله طبيعته أو يحدده العرف ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 676 ) .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا أعار شخص لآخر آلة ميكانيكية بقصد تجربتها بضعة أيام لفحصها وتقدير قيمتها تمهيداً لبيعها له ، فاستبقاءها المستعير عنده عدة أشهر دون مقتض ، فإنه يكون مسئولا عن تعويض يماثل أجرتها في هذه المدة ، كما يكون مسئولا عما أصاب الآلة من التلف بسبب الإفراط في الاستعمال ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1900م 12 ص 127 ) .

( [69] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وما دام المستعير مراعياً حدود الاستعمال الذي يبيحه له الاتفاق ، فإنه لا يسأل عما يصيب الشيء بسبب ذلك الاستعمال المباح من تغيير أو تلف أو نقصان ( استهلاك تدريجي ) ، لأن ذلك يعتبر ملازماً لطبيعة العارية ويجب على المعير أن يتوقعه ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 676 ) .

والعارية تنقل إلى المستعير حراسة الشيء ، فيكون مسئولا عما يحدثه الشيء من الضرر للغير ، كما إذا استعار شخص سيارة فدهس بها أحد المارة ( بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1131 فقرة 450 ) .

( [70] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 678 .

( [71] )  ويقول الأستاذ محمود جمال الدين زكي في هذا الصدد : “ولا نرى من جانبنا لهذا الاستثناء أساساً قانونياً ، وكان الأولى وضعه ين نصوص المادة 640 بدلا من إيراده تعليقا عليها في المذكرة التفسيرية ( محمود جمال الدين زكي فقرة 135 ) . على أن النص ليس إلا تفسيراً مقبولا لنية المتعاقدين ، فإن قصدا غير ذلك وجبت مراعاة ما قصداه .

( [72] )  انظر آنفاً فقرة 845 – فقرة 847 .

( [73] )  والتقنينات العرقي واللبناني على خلاف ذلك ، ففيهما يجوز للمستعير بغير إذن المعير أن يعير من الباطن الشيء المعار ” ما لم تكن الإعارة معقودة لاعتبار يرجع إلى شخص المستعير أو لاستعمال معين خاص يحول دون تصرفه على هذا المنوال” ( م 736 لبناني ) . ولكن ، حتى في هذين التقنينين ، لا يجوز للمستعير أن يرهن الشيء المعار أو أن يؤجره بدون إذن المعير .

( [74] )  وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني نص خاص يوجد هذه العلاقة المباشرة ، فقد نصت المادة 743 من هذا التقنين على أنه “إذا تنازل المستعير عن استعمال العارية أو تصرف فيها على وجه آخر لمصلحة شخص ما ، فللمعير أن يقيم على هذا الشخص الدعوى التي كان يحق له أن يقيمها على المستعير” .

( [75] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 858 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة أدخل عليه تعدي طفيف فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 669 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 668 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 641 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 680 – ص 683 ) .

( [76] )  التقنين المدني القديم م 468/569 : المستعير ضامن لضياع الشيء المستعار أو نقصان قيمته الحاصل بتقصيره ، ولو كان التقصير يسيراً .

م 469 / 570 : يجب على المستعير القيام بحفظ العين المستعارة والاعتناء بصيانتها اعتناء تاماً . ولا يجوز له أن يستعملها إلا فيما أعدت له على حسب الاتفاق بينه وبين المعير .

( والمعيار الذي اتخذه التقنين المدني القديم ليقيس به العناية المطلوبة من المستعير غير واضح ، فهو في نص يجعله مسئولا عن التقصير اليسير فيكون المعيار هو عناية الرجل المعتاد ، وفي نص آخر يتطلب منه أن يتعين بصيانة الشيء المعار هو عناية الرجل المعتاد ، وفي نص آخر يتطلب منه أن يعتني بصيانة الشيء المعار “اعتناء تاماً” مما يحمل على القول بأن العناية المطلوبة أعلى من عناية الرجل المعتاد . أما التقنين المدني الجديد فواضح ، إذ هو يطلب عناية الرجل المعتاد على ألا تنزل عن عناية المستعير بماله الخاص . ثم يطلب فوق ذلك من المستعير أن يضحي بماله لإنقاذ الشيء المعار ) .

( [77] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري  م 607 ( مطابق ) .

 التقنين المدني الليبي  : م 640 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 875 : العارية أمانة في يد المستعير ، فإن هلكت أو ضاعت أو نقصت قيمتها بلا تعد منه ولا تقصير لا يلزمه الضمان .

م 858 : 1- إذا كان في إمكان المستعير منع التلف عن العارية بأي وجه ولو بتضحية من ماله ولم يمنعه ، وجب عليه الضمان . وإن أخذ العارية غاصب ولم يقدر المستعير على دفعه ، فلا ضمان عليه . 2- وإذا قصر المستعير في رفع يد الغاصب وكان ذلك ممكناً ، فعليه الضمان .

( ويبدو أن التقنين العراقي يأخذ بمعيار الرجل المعتاد ، دون أن يشترط كالتقنين المصري عدم النزول عن عناية المستعير بماله . ولكن التقنين العراقي يتفق مع التقنين المصري في إيجاب أن يضحي المستعير بماله لإنقاذ الشيء المعار ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 734 : يجب على المستعير أن يسهر باهتمام على حفظ العارية . ولا يجوز له أن يعهد في حفظها إلى شخص آخر إلا عند الضرورة الماسة . وإذا خالف حكم الفقرة السابقة ، فهو لا يضمن خطأ هذا اشخص فقط ، بل يضمن أيضاً الطوارئ الناجمة عن القوة القاهرة .

م 739 : إذا استعار الشيء جملة أشخاص معاً ، كانوا مسئولين عنه بالتضامن .

م 747 : يكون المستعير مسئولا عن تعيب العارية وعن هلاكها الناجمين عن قوة قاهرة : أولا – إذا أساء استعمالها . ثانياً – إذا استخدمها لغير ما عينت له بطبيعتها وبمقتضى الاتفاق ، ثالثاً – إذا كان في حالة التأخر عن الرد . رابعاً – إذا أهمل اتخاذ الحيطة اللازمة لصيانة العارية أو تصرف فيها لمصلحة شخص آخر بلا إذن من المعير في حين أن الإعارة عقدت لاعتبار يرجع إلى شخصه .

م 748 : كل اتفاق يلقي على المستعير تبعة الطوارئ الناجمة عن قوة قاهرة ، فيما خلا الحالات المنصوص عيها في المادة السابقة ، يكون باطلا ، ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بإعفائه مقدما من تبعة خطأه أو إهماله .

م 753 : إن حق المعير في مقاضاة المستعير وحق المستعير في مقاضاة المعير في الدعاوي الناشئة عن أحكام المواد 734 و 735 و 737 تسقط بحكم مرور الزمن بعد انقضاء ستة أشهر . وتبتدئ هذه المهلة فيما يختص بالمعير من يوم رد  العارية إليه ، وفيما يختص بالمستعير من يوم انتهاء العقد .

( ويبدو أن التقنين اللبناني يطلب من المستعير ، كالتقنين الفرنسي ، عناية الرجل المعتاد ، ولكنه ، خلافاً للتقنين الفرنسي والتقنين المصري ، لا ينص على وجوب تضحية المستعير بماله لإنقاذ الشيء المعار . ويوجب التقنين اللبناني التضامن فيما بين المستعيرين المتعددين ، وبسقط دعوى المسئولية بستة أشهر ،  ويجعل الاتفاق على تشديد المسئولية أو على تخفيفها باطلا ، وفي هذا كله يختلف عن التقنين المصري حيث لا يوجد نص في هذه المسائل فتسري القواعد العامة وتؤدي هذه القواعد إلى عكس هذه الحلول .

( [78] )  انظر في عدم صحة النظرية الوسيط 1 فقرة 430 .

( [79] )  انظر في ذلك الوسيط 1 فقرة 438 .

( [80] )  وتقول المذكرة في هذا الشأن : “ذهبت الشرائع في تحديد واجب المستعير في المحافظة على الشيء المعار مذاهب شتى ، فاكتفى التقنين الفرنسي وما تفرع عنه من تشريعات بأن  أوجب على المستعير عناية رب الأسرة ، أو العناية المعتادة من رج لمتوسط العناية . التقنين الفرنسي م 1990 ، والتقنين الايطالي م 1808 ، والتقنين الهولندي م 1781 فقرة أولى ، وتقنين كويبك م 1766 ، المشروع الفرنسي الإيطالي م 625 . وقضت تشريعات أخرى بأن المستعير تجب عليه العناية التي يبذلها عادة في المحافظة على ماله : التقنين البرتغالي م 1514 – 1515 ، والتقنين البرازيلي م 1251 . غر أن العناية التي تعودها المستعير في أمواله قد تزيد أو تنقص عن عناية الرجل المعتاد ، فإن نقصت فإنه يكون من الإجحاف على المعير وهو متبرع أن يتحمل نتائج أخطاء من المستعير لا يرتكبها متوسط الناس عناية . وهناك فريق ثالث من التشريعات قد راعى أن العارية في مصلحة المستعير وحده ، فتشدد فيما فرضه عليه من عناية ، إذ اقتضاه اكبر عناية ممكنة : التقنين الأرجنتيني م 2300 . ويكن أن تفسر عبارة التقين الحالي ( القديم ) – م 468 – 469 / 569 – 570 – بأن المشرع المصري اخذ بذلك أيضاً . غير أن هذا  المذهب بالغ في الشدة على المستعير ، إذ أنه يلزم المستعير – الذي يمكن أن يكون عادة قليل العناية بماله هو – ليس فقط بالعناية المعتادة التي يبذلها متوسط الناس ، بل بأقصى ما يتصور من العناية  ، وفي هذا إرهاق له قد يصل إلى حد التعجيز” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 681 – ص 682 ) .

( [81] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 682 .

( [82] ) الوسيط 1 فقرة 529 ص 784 .

( [83] )  انظر عكس ذلك حيث يوجد نص على التضامن المادة 739 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .

( [84] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 640 .

( [85] )  بوتييه فقرة 56 – بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 643 – جيوار فقرة 39 – هيك 11 فقرة 160 – بون 1 فقرة 95 – ترولون فقرة 117 – عكس ذلك ديراننون 17 فقرة 527 – ديفرجييه فقرة 68 – لوران 26 فقرة 474 .

( [86] )  بوتييه فقرة 56 – جيوار فقرة 39 – بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 642 .

( [87] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 682 .

( [88] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 682 .

( [89] )  انظر عكس ذلك وأنه لا يجوز الاتفاق على التشديد في المسئولية أو على التخفيف منها فتكون هذه القواعد من النظام العام : تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 748 ( انظر آنفاً فقرة 858 في الهامش ) .

( [90] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 859 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 670 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 669 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 642 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 683 – ص 685 ) .

( [91] ) التقنين المدني القديم م 472 فقرة أولى / 574 : وعليه أن يرد الشيء المستعار في الميعاد المعين للرد ، ولا يجوز أن يجبر على رده قبل هذا الميعاد .

( وأحكام التقنين المدين القديم تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [92] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 608 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 641 ( مطابق )

التقنين المدني العراقي م 860 : 1- متى انتهت الإعارة ، وجب على المستعير أن يرد العارية إلى المعير بنفسه أو على يد أمينه . فإن كانت من الأشياء النفيسة سلمها ليد المعير نفسه ، وإلا فلمن يقضي الاتفاق أو العرف بتسليمها الهي . 2- وإذا أخل المستعير بالالتزام المتقدم ذكره وتلفت العارية أو نقصت قيمتها ، لزمه الضمان .

م 856 : مؤونة العارية ومصاريف حفظها وتسليمها وردها تكون على المستعير .

( وأحكام التقنين العراقي تتفق في مجموعها مع أحكام التقنين المصري ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 740 : يجب على المستعير أن يرد في الأجل المتفق عليه العارية نفسها وجميع التوابع والزيادات التي لحقت بها منذ تاريخ الإعارة .

م 744 : على المستعير أن يرد العارية في المكان الذي استلمها فيه ، ما لم يكن هناك نص مخالف .

م 745 : على المستعير أن يقوم بنفقات استلام العارية وردها .

( وتتفق أحكام التقنين اللبناني مع أحكام التقنين المصري ) .

( [93] )  قارن بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1132 ص 451 ( ويقولون إنه يبدو أن المعير لا يصح له أن يرفض استرداد شيء جديد مطابق للشيء المعار الذي استعمله المستعير ويريد الاحتفاظ به لمصلحة مشروعة ، مادام المعير لا مصلحة له في هذا الرفض . ويستشهدون بحكم محكمة السين في 11 يونيه سنة 1951 جازيت دي باليه 1951 – 2- 220 ) .

( [94] )  انظر م 856 مدني عراقي و من 745 تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفاً فقرة 863 في الهامش .

( [95] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 684 .

( [96] )  وللمستعير إذا انتقلت إليه الملكية من المعير أن يسترد كمالك الشيء المعار ممن يكون قد نقل له منفعة هذا الشيء ( استئناف مختلط 21 أبريل سنة 1897م 9 ص 280 ) .

( [97] )  بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 661 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1215 ص 797 .

( [98] )  بلانيول وريبير وسافاتييه 11 فقرة 1134 .

( [99] )  ولا تنتهي العارية ببيع المعير للعين المعارة إذا كان للعارية تاريخ ثابت على البيع ، وهذه هي القاعدة التي تقررت في بيع العين المؤجرة ، وقد تقدم أنها مجرد تطبيق للمبدأ المقرر في انتقال الحقوق والالتزامات للخلف الخاص ، فتسري على العارية كما تسري على سائر العقود ( انظر بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 679 : ويبينان عدم انتهاء العارية على حق المستعير في حبس العين لينتفع بها حتى انتهاء العارية – ولكن هذا الحق شخصي لا يجوز التمسك به إلا تجاه المعير ، فالتمسك به ضد الخلف الخاص يقتضي الاستناد إلى نظرية الاستخلاف على الحقوق -= قارن بيدان 12 فقرة 231 – أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ prêt   فقرة 29 ) .

( [100] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 860 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 671 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 670 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 643 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 676 – ص 688 ) .

( [101] )  التقنين المدني القديم م 472/574 – 575 : وعليه ( المستعير ) أن يرد لاشيء المستعار في الميعاد المعين للرد ، ولا يجوز أن يجبر على رده قبل هذا الميعاد . وفي حالة عدم تعيين الميعاد ، يلزم رده بعد انتهاء الاستعمال المستعار لأجله .

( وأحكام التقنين المدني قديم تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

( [102] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 609 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 642 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 861 ( موافق ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 740  : يجب على المستعير أن يرد في الأجل المتفق عليه العارية نفسها وجميع التوابع والزيادات التي لحقت بها منذ تاريخ الإعارة .

م 741 : إذا كانت الإعارة لأجل غير معين ، وجب على المستعير أن يرد العارية بعد استعمالها وفاقاً للغاية المتفق عليها أو للعرف . وإذا كان الغرض المقصود منها لم يعين ، فللمعير أن يطلبها في كل آن ، ما لم يكن هناك عرف مخالف .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ) .

( [103] )  وقد يحدد المتعاقدان للعارية عرضاً ميعناً وأجلا معيناً في وقت واحد ، فيعير شخص شخصاً آخر كتاباً ليقرأه في مدة شهر ، فالمفروض هنا أن المدة غنما عينت كحد أقصى للعارية ، فإذا قرأ المستعير الكتاب قبل انقضاء الشهر انتهت العارية ووجب عليه رده ( بوتييه فقرة 46 – جيوار 2 فقرة 46 – بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 652 ) .

( [104] )  وتكون العبرة في تحديد قيمة الشيء المعار بوقت طلب الرد ( استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1946م 58 ص 79 ) .

( [105] )  تاريخ النصوص :

م 644 :  ورد هذا النص في المادة 861 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع  ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة مع تحرير لفظي طفيف تحت رقم 672 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 671 . ووافقت عليه لجنة مجلس الشيوخ بعد إدخال تعديل فظي أصبح معه النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد وصار رقمه 644 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 688 – ص 690 ) .

م 645 : ورد هذا النص في المادة 862 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : تنتهي العارية بموت المستعير ، ويبقى في تركته ما نشأ عنها من التزامات ، وهذا ما لم يوجد اتفقا يقضي بغير ذلك” . وفي لجنة المراجعة عدل النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 673 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 672 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 645 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 691 – ص 692 ) .

( [106] )  التقنينات العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 610 – 611 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني الليبي م 643 – 644 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني العراقي م 862 ( توافق م 644 مصري ) .

م 863 : 1- تنتهي الإعارة بموت المستعير ، ولا تنتقل إلى ورثته إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك . 2- فإن مات المستعير مجهلا العارية ولم توجد في تركته ، تكون ديناً واجباً أداؤه من التركة . ( وأحكام هذه المادة تتفق مع أحكام المادة 845 مصري ) .

تقنين الموجبات والقعود اللبناني م 742 : يجوز للمعير أن يطلب رد العارية إليه حتى قبل انتهاء المدة أو قبل الاستعمال المتفق عليهما ، وذلك في الأحوال الآتية : أولا – إذا احتاج هو إلى العارية احتياجاً شديداً وغير منتظر . ثانياً – إذا أساء المستعير استعمالها أو استعملها لغير الغرض المنصوص عليه في العقد . ثالثاً – أذا لم يصرف إليها العناية اللازمة .

م 752 : ينحل عقد الإعارة بوفاة المستعير . على أن الموجبات الناشئة عنه تنتقل إلى ورثته .

( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري . ولم يذكر التقين اللبناني إعسار المستعير كسبب لسقوط الأجل ، ولكن القواعد العامة تقضي بذلك ) .

( [107] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “بما أن المعير متبرع ، فإذا عرضت له بعد عقد العارية حاجة إلى الشيء المعار عاجلة ولم تكن متوقعة وقت العقد ، فله أن يطلب إلغاء العقد ، ويسترد العارية إن كان قد سلمها  أو يمتنع عن تسليمها عن لم يكن قد فعل . وذلك لأنه أولى من المستعير بالانتفاع بماله . ويكون للقاضي في هذه الحالة تقدير كون حاجة المعير إلى الشيء المعار عاجلة غير متوقعة : انظر التقنين الفرنسي م 1889 – وتقنين كويبك م 1774 – وعكس ذلك التقنين النمساوي م 976 . فإذا وجد القاضي أن المعير مقصر في عقد العارية دون تبصر بحاجته إلى الشيء المعار ، أو  أن إلغاء العارية يلحق بالمستعير ضرراً يفوق ما يصيب المعير من ضرر ، جاز له أن يرفض إلغاء العارية ( مجموع الأعمال التحضيرية 4 ص 689 ) . وانظر أيضاً بودي وفال في الشركة والعارية والوديعة فقرة 656 – أنسيكلوبيدي داللوز 4 لفظ prêt  فقرة 117 .

( [108] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “وإذا أعسر المستعير بعد انقضاء العارية ، جاز كذلك للمعير أن يطلب إلغاء العقد ، فيمتنع عن التسليم إن لم يكن قد فعل ، ويسترد الشيء إن كان قد سلمه دون أن يعلم بالإعسار ، وكذلك إذا كان الإعسار سابقاً على العقد ولم يعلم به المعير إلا بعد التسليم . أما إن سلمه بعد العلم بالإعسار ، فلا يجوز له الإلغاء” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 689 – ص 690 ) .

( [109] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “لما كانت العارية تبرعاً ، فالغالب أن يكون شخص المستعير اعتبار خاص عند المعير . فإذا مات المستعير تنتهي العارية ، إلا إذا وجد اتفاق على غير ذلك . ومتى انتهت العارية بموت المستعير ، فإن التزامات المستعير ، كالالتزام برد العارية وغيره ، تبقى في تركته وتعتب رديناً عليه . أما موت المعير فلا ينهي العارية ، وتبقى في تركته التزاماته وحقوقه الناشئة عن العارية” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 6911 ) .

( [110] )  انظر آنفاً فقرة 824 وفقرة 843 .’

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

محامي الأردن

توكيل محامي

مواضيع متعلقة بالعقود ننصح بالاطلاع عليها:

كتابة العقود في المملكة العربية السعودية 

كيفية أحصل على نماذج عقود

  محامين سعوديين متخصصين في العقود

مراجعة العقود محامي في السعودية 

محامي سعودي متخصص في كتابة العقود

  الصياغة القانونية للعقود القانونية وعقود الاتفاق 

محامين كتابة وصياغة  العقود في المملكة العربية  السعودية 

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

عقد الإجارتين وعقد خلو الانتفاع

عقد الإجارتين وعقد خلو الانتفاع

§ 1- عقد الإجارتين

819- خاصية عقد الإجارتين – نص قانوني : تنص المادة 1013 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- عقد الإجارتين هو أن يحكر الوقف أرضاً عليها بناء في حاجة إلى الإصلاح ، مقابل مبلغ منجز من المال مساو لقيمة هذا البناء وأجرة سنوية للأرض مساوية لأجر المثل . 2- وتسري عليه أحكام الحكر إلا فيما نصت عليه الفقرة السابقة”( [1] ) .

$1497 ويتبين من هذا النص أن خاصية عقد الإجارتين أنه حكر يقع على أرض مشغولة ببناء في حاجة إلى الإصلاح . فهو حكر من نوع خاص ، إذ أن الحكر يقع على أرض فضاء ، سواء كانت أرضا زراعية أو أرض بناء . وإذا وقع الحكر على أرض بناء ، قام المحتكر بالبناء عليها ، حتى لو كانت الأرض مشغولة من قبل ببناء متهدم ، فإن المحتكر يزيل هذه الأنقاض ويبني على الأرض من جديد . أما في عقد الإجارتين فالمحتكر يجد البناء قائماً فعلا على الأرض ولكنه بناء في حاجة إلى الإصلاح( [2] ) . فلا يهدمه ليعيده من جديد ، بل يصلحه . ويدفع المحتكر للمحكر مقابلين . المقابل الأول مبلغ منجز من المال مساو لقيمة البناء ، أي يدفع ثمن مثل البناء ، ومن ثم يكون مالكا له عن طريق الشراء . ولما كان البناء موقوفا كالأرض ، فإن هذا الشراء يعد من قبيل استبدال الوقف ، وقد أذن فيه القاضي ضمنا عند إعطائه الإذن في عقد الإجارتين ذاته . والمقابل الثاني أجرة سنوية للأرض هي أجرة المثل ، وهذه هي أجرة حق الحكر الذي كسبه على الأرض الموقوفة . فالمحتكر يعتبر مالكا للبناء عن طريق الشراء بثمن الثمل ، وصاحب حق حكر في الأرض الموقوفة يدفع في مقابله أجر المثل( [3] ) .

ويخلص من كل ذلك أن عقد الإجارتين هو عقد حكر من نوع خاص . ويتميز عن الحكر العادي في أنه لا يقع إلا على أرض بناء موقوفة ، والحكر العادي يقع على أرض بناء وعلى أرض زراعية . والبناء في عقد الإجارتين $1498 يكون قائماً على الأرض فلا يحتاج المحتكر إلا إلى إصلاحه ، أما في الحكر العادي فيحتاج إلى إقامة البناء . وفي الحالتين يكون المحتكر هو مالك البناء ، في الإجارتين عن طريق الشراء وفي الحكر العادي عن طريق الإنشاء . وتقول المذكورة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “خاصية عقد الإجارتين أن الأرض المحتكرة لا بد أن تكون أرضا موقوفة وعليها بناء في حاجة إلى الإصلاح . فيشتري صاحب الإجارتين البناء بمبلغ منجز مساو لقيمته ، ثم يدفع أجرة سنوية مساوية لأجرة المثل”( [4] ) .

820- الأحكام التي تسري على عقد الإجارتين : وفيما عدا الخصائص التي تقدم ذكرها وهي التي تميز عقد الإجارتين عن عقد الحكر ، تسري سائر أحكام عقد الحكر على عقد الإجارتين . فلا يجوز عقد الإجارتين إلا بإذن من المحكمة ، ويجب أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة ، ويجب شهره وفقا لأحكام قانون تنظيم الشهر العقار . ولا يقع عقد الإجارتين إلا على أرض موقوفة كعقد الحكر في عهد التقنين المدني الجديد ، ولا يجوز أن تزيد مدته على ستين سنة ، ولا أن تكون الأجرة اقل من أجرة المثل وتغيير زيادة أو نقصا تبعا للتصقيع ، هذا إلى أن ثمن البناء يجب أيضاً أن يكون ثمن المثل . وللمحتكر في عقد الإجارتين كما في عقد الحكر حقان ، حق ملكية تامة في البناء المقام على الأرض وحق عيني هو حق الحكر في الأرض المحتكرة . ويلتزم المحتكر في عقد الإجارتين كما في عقد الحكر بأن يدفع الأجرة في بنهاية كل سنة ولا يفسخ العقد إلا إذا تأخر عن الدفع ثلاث سنوات متواليات ، كما يلتزم بإصلاح البناء القائم على الأرض ويجعله صالحاً للاستغلال . وينتهي عقد الإجارتين بالسباب التي ينتهي بها عقد الحكر : بانقضاء الأجل ، وبموت المحتكر قبل أن يبدأ إصلاح البناء ، وبزوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة وبصدور قرار إداري بإنهاء الحق القائم على وقف خيري ، وباتحاد الذمة ، وينزع ملكية العين للمنفعة العامة ، وبعدم الاستعمال .

مواضيع متعلقة بالعقود ننصح بالاطلاع عليها:

كتابة العقود في المملكة العربية السعودية 

كيفية أحصل على نماذج عقود

  محامين سعوديين متخصصين في العقود

مراجعة العقود محامي في السعودية 

محامي سعودي متخصص في كتابة العقود

  الصياغة القانونية للعقود القانونية وعقود الاتفاق 

محامين كتابة وصياغة  العقود في المملكة العربية  السعودية 

$1499 § 2- عقد خلو الانتفاع

821- خاصية عقد خلو الانتفاع – نص قانوني : تنص المادة 1014 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- خلو الانتفاع عقد يؤجر  به الوقف عينا ولو بغير إذن القاضي مقابل أجرة ثابتة لزمن معين . 2- ويلتزم المستأجر بمقتضى هذا العقد أن يجعل العين صالحة للاستغلال ، ويحق للوقف أن يفسخ العقد في أي وقت بعد التنبيه في الميعاد القانوني طبقاً للقواعد الخاصة بعد الإجارة ، على شرط أن يعوض الوقف المستأجر عن النفقات طبقا لأحكام المادة 179 . 3- وتسري عليه الأحكام الخاصة بإيجار العقارات الموقوفة ، دون إخلال بما نصت عليه الفقرتان السابقتان”( [5] ) .

ويتبين من هذا النص أن خاصية عقد خلو الانتفاع( [6] ) ، أنه عقد إيجار $1500 للوقف من نوع خاص ، وليس بعقد حكر أصلا . فهو عقد إيجار للوقف لأنه لا يقع إلا على عين موقوفة ، أرضاً مبنية كانت أو أرضاً فضاء للبناء أو أرضا زراعية ، ولا يترتب عليه إلا حق شخصي للمستأجر في ذمة المؤجر ( الوقف ) في مقابل أجرة ثابتة لا تتغير ، ومن ثم لا حاجة فيه لإذن القاضي لأنه من عقود الإدارة لا من عقود التصرف . ولكنه عقد إيجار للوقف من نوع خاص ، فالعين المؤجرة فيه تحتاج إلى الإصلاح ويلتزم المستأجر بإصلاحها( [7] ) ، والمدة فيه غير معينة ومن ثم يجوز إنهاؤه بأن ينبه أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء في المواعيد القانونية المبينة بالمادة 363 مدني ، وإذا نبه الوقف على المستأجر بالإخلاء فانتهى الإيجار وجب على الوقف أن يعوض المستأجر عن النفقات التي صرفها في إصلاح العين بموجب قواعد الإثراء بلا سبب ( م 179 مدني ) ( [8] ) .

$1501 وعقد خلو الانتفاع ليس بعقد حكر أصلا( [9] ) ، فلا حاجة فيه إلى إذن المحكمة( [10] ) كما قدمنا ، ولا يشهر ، ولا يجوز أن تكون له مدة معينة ، ولا تتغير أجرته تبعا لتغير أجرة الثمل فلا تصقيع فيه كما يصقع الحكر ، وليس للمستأجر أن حق عيني لا على الأرض ولا على ما فوقها من بناء أو غراس بل كل ذلك ملك للوقف ، وليس له إلا حق شخصي في ذمة الوقف( [11] ) ، وينتهي بالأسباب التي ينتهي بها عقد إيجار الوقف لا عقد الحكر ، وأخص هذه الأسباب التنبيه بالإخلاء في المواعيد القانونية .

$1502 822- الأحكام التي تسري على عقد خلو الانتفاع : ونرى من ذلك أن الأحكام التي تسري على عقد خلو الانتفاع هي أحكام إيجار الوقف لا أحكام عقد الحكر ، وأن وضع خلو الانتفاع إلى جانب عقد الإجارتين باعتبارهما نوعين خاصين من الحكر هو إقحام لقعد خلو الانتفاع في مكان غير مكانه ، فإن طبيعته تختلف عن طبيعة كل من الحكر وقعد الإجارتين . وإذا صح أن عقد الإجارتين هو عقد حكر من نوع خصا ، فإن عقد خلو الانتفاع ليس بعقد حكر أصلا بل هو عقد إيجار للوقف من نوع خاص كما سبق القول .

ولقعد خلو الانتفاع أحكام خاصة يتميز بها عن عقد إيجار الوقف كما قدمنا ، فهو يقع على عين في حاجة إلى الإصلاح ، وينفق المستأجر على إصلاحها ، ويسترد عند انتهاء العقد أقل القيمتين ، قيمة ما عاد على الوقف من منفعة بسبب الإصلاح وقيمة ما أنفقه المستأجر ، وذلك طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب( [12] ) . ومدته غير معينة ، فيجوز إنهاؤه بتنبيه بالإخلاء في المواعيد القانونية من أحد الطرفين على الآخر ، وبذلك يحتفظ الوقف بحق استرداد العين في أي وقت يشاء ، فيستردها متى رأى أن أعمال الإصلاح المرجوة قد تمت ، ومتى توافر عنده المال اللازم لتعويض المستأجر على الوجه الذي قدمناه( [13] ) .

$1503 وفيما عدا الأحكام المتقدمة الذكر ، فإن سائر أحكام إيجار الوقف هي التي تسري . وتسري بوجه خاص الأحكام المتعلقة بمن له الحق في إيجار الوقف فيؤجر العين الناظر دون المستحق ، والأحكام المتعلقة بمن له الحق في استئجار الوقف فلا يجوز لناظر الوقف أن يكون هو المستأجر ولا يجوز لأصوله ولا لفروعه أن يستأجروا بأقل من أجر المثل ، والأحكام المتعلقة باجرة الوقف فلا يجوز أن يكون في الأجرة غبن فاحش وتبقى الأجرة ثابتة لا تتغير . أما الأحكام المتعلقة بمدة الإيجار ، فقد قدمنا أن المدة في عقد خلو الانتفاع غير معينة ولا تنقضي إلا بالتنبيه بالإخلاء في المواعيد القانونية ولو بقي المستأجر في العين أكثر من ثلاث سنوات قبل صدور هذا التنبيه . وهذه أحكام يشترك فيها عقد خلو  الانتفاع مع عقد إيجار الوقف إذا أوجر الوقف لمدة غير معينة . ( [14] ) .


( [1] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1277 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1091 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1088 ، ثم مجلس الشيوخ رقم 1013 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 616 – ص 617 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامه كانت معمولا بها في عهد هذا التقنين ( انظر الإيجار للمؤلف فقرة 161 – فقرة 162 ) – ويلاحظ أن التوارث في عقد الإجارتين الصادر من وزارة الأوقاف كان خاضعاً لقواعد خاصة ، فقد نصت المادة 18 من التقنين المدني القديم على أن “حق المنفعة المعطي من ديوان الأوقاف ( بمقتضى عقد الإجارتين ) قابل للانتقال من يد إلى أخرى بمقتضى اللائحة المؤرخة في 7 صفر سنة 1284 ( 10 يونيه سنة 1867 ) ، ويجوز تأجيره أو إعطاؤه بالغاروقة” . انظر في هذه اللائحة محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 فقرة 337 و ص 373 هامش 2 .

( [2] )  استئناف مختلط 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 .

( [3] )  استئناف مختلط 24 مارس سنة 1881 المجموعة الرسمية المختلطة 6 ص 116 – 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 .

( [4] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 617 .

( [5] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1278 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق مع ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة استبدلت كلمة “خلو” بكلمة “حلول” في أول الفقرة الأولى ، ونقلت عبارة “على شرط أن يرد النقاط” إلى آخر الفقرة الثانية ، واستبدلت كلمتا “بإيجار الأطيان” بكلمتي “بأجرة الأعيان” في الفقرة الثالثة ، وصار رقم المادة 1092 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1089 . وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت كلمة “العقارات” بكلمة “الأطيان” الواردة في الفقرة الثالثة ، واستعيض بعبارة “على شرط أن يعوض الوقف المستأجر عن النفقات طبقاً لأحكام المادة 179” عن عبارة “على شرط أن يرد النفقات” ، حتى يكون أساس التقدير واضحاً منضبط الحدود . وقد روعي في التعديل أن يواجه النص حالة النفقات التي يصرفها المستأجر ويكون قد استفاد منها إلى حد ما ، فإطلاق النص على قيام جهة الوقف بدفع النفقات قد يؤدي إلى تحميل الوقف وفاء كل النفقات دون نظر إلى استفادة المستأجر مما استحدثه استفادة تؤدي إلى خفض قيمة النفقات المطالب بردها ، ورؤى أن تستند القاعدة في رد النفقات إلى أحكام الإثراء المقررة في المادة 179 . وصار رقم المادة 1014 .ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 617 – ص 620 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكام عقد “حلول الانتفاع” في عهد هذا التقنين كانت مقاربة للأحكام التي أخذ بها التقنين المدني الجديد ( الإيجار للمؤلف فقرة 163 – فقرة 164 ) .

( [6] )  يبدو أن هناك عقد الخلو وهو الذي سبق أن أشرنا إليه ( انظر آنفاً فقرة 795 في الهامش ) ، والعقد الذي نحن بصدده ويسمى “حلول الانتفاع” لا “خلو الانتفاع” ( انظر ما يلي نفس الفقرة في الهامش ) . وقد سار المشروع التمهيدي على هذا التعبير ، لكن لجنة المراجعة استبدلت كلمة “خلو” بكلمة “حلول”  ) انظر آنفا نفس الفقرة في الهامش وانظر مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 619 ) . واستقر تعبير “خلو الانتفاع” في التقنين المدني الجديد ، فلم يبق إلا التزامه .

( [7] )  استئناف مختلط 28 ديسمبر سنة 1899م 12 ص 53 .

( [8] )  وهذا كله قريب مما جرى عليه العمل في يعهد التقنين المدني القديم . وقد قضت محكمة استئناف مصر في ذلك العهد بأن الخلو عقد يخول فيه الواقف أو الناظر لشخص وضع يده على عين موقوفة والانتفاع بها مقابل قدر من المال يدفع للواقف أو للناظر لعمارة عين الوقف . ويكون لصاحب الخلو حق القرار في خلوه ، وله التصرف مادام يدفع أجرة المثل ، فلا يؤجر العقار لغيره ، ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 )    وإن أخرج فله طلب الخلو . وكما يصح أن يدفع صاحب الخلو مبلغاً من المال ، يصح أن يقوم بتعمير عين الوقف وتحسينها على ألا يخرجه الواقف أو الناظر إلا بعد أن تدفع له قيمة ما أنفقه على عمارة عين الوقف وتحسينها ( استئناف مصر 22 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 39 ص 101 – وانظر أيضاً استئناف مختلط 23 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 39 ص 101 – وانظر أيضاً استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة1915م 28 ص 78 – 6 أبريل سنة 1916م 28 ص 241 – 10 أبريل سنة 1923م 35 ص 350 ) . والظاهر أن هناك خلطاً بين عقد الحكر وهذا العقد وصحة تسميته “حلول الانتفاع” لا “خلو الانتفاع” ، وقد ذكره الأستاذ عزيز خانكي في كتابه مسائل الأوقاف باسم “خلو الانتفاع” ، ودرج الفضاء الوطني على هذه التسمية الأخيرة ، أما القضاء المختلط فيسميه بعقد “حلول الانتفاع” .

وقد جاء في حكم قديم لمحكمة الاستئناف المختلطة ما يأتي : “حيث إن حلول الانتفاع مشابه لعقدي التحيكر والإجارتين في أنه يقبل التوارث فيه والفراغ عنه للغير ، ويختلف عنهما في أن به صاحب حلول الانتفاع ليست مؤبدة ، إذ يجوز لجهة الوقف الرجوع عنه ، ويختلف أيضاً في أي محل حلول الانتفاع ليس إنشاء عمارة جديدة أو عمارة موجودة بالفعل ، بل محله عمارة متخربة محتاجة للمرمة الضرورية . وقد بحث العلامة ابن عابدين في هذا العقد وفي ماهيته ، كما بحثت فهيا أيضاً فتوى العلامة نصر الدين وكتاب الأشباه والنظائر وكتاب العلامة نور الدين . وقد صرح العلامة ابن عابدين أن يد صاحب حلول الانتفاع ليست يداً مؤبدة ، وأن جهة الوقف يجوز لها أن تخرج صاحب الحلول من العين . فمن العبث إذن البحث في مشروعية هذا العقد أو عدم مشروعيته مادام نظار الأوقاف في مصر قد عقدوه مراراً وتكراراً ، وقد جرى عرف البلد على احترامه  وتأييده . والظاهر أن الغرض من هذه العقود الثلاثة المحافظة على أعيان الوقف التي ليس لها مال ولا ريع ، أو لها ولكنه يضيق عن الصرف على الإنشاء والعمارة والتجديد والترميم . وبناء عليه لا يمكن القول بأن الواقف وحده له دون الناظر حق إمضاء وقبول مثل هذه العقود . وإذا تقرر أن حلول الانتفاع لا يعطي لصاحبه حق وضع اليد مؤبداً على أرض الوقف ، وأن جهة الوقف تملك الرجوع فيه ، تعين القول بأن جهة الوقف باستردادها أعيان الوقف من صاحب حلول الانتفاع ملزمة بأن تدفع له مبلغاً مساوياً لما زاد في ثمن العقارات بسبب العمارة التي أجراها صاحب حلول الانتفاع . وهذا مستفاد صراحة من الباب الخامس والثلاثين من كتاب خليل بن اسحق الذي ترجمه العلاقة بيرون ، حيث نص على أن “من شيد بناء على أرض موقوفة كانت له ملكية ما بناه ، ويبقى للباني الخيار بين هدم ما بناه أو قبض قيمة الأنقاض مستحقة القلع إذا استطاع الوقف دفع قيمتها وكان البناء غير لازم أو نافع للوقف . أما إذا كانت العمارة ضرورية أو نافعة ، فيخصص من ريع الوقف مبلغ لسداد قيمتها” ( استئناف مختلط 24 ماس سنة 1881 المجموعة الرسمية المختلطة 6 ص 115 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي ص 152 – ص 153 ) .

( [9] )  وهو لا شبه الحكر إلا في أن العين الموقوفة في حاجة إلى الإصلاح فيقوم المستأجر بإصلاحها ، ولكن بأجرة ومدة وشروط وأحكام تختلف عن تلك التي تقررت للحكر .

( [10] )  وكان القضاء المختلط في عهد التقنين المدني القديم يتطلب ورقة رسمية لانعقاد “حلول الانتفاع” ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1884 المجموعة الرسمية المختلطة 9 ص 75 ) .

( [11] )  استئناف مختلط 28 يناير سنة 1884 المجموعة الرسمية المختلطة 9 ص 75 – وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم .

( [12] )  انظر في عهد التقنين المدني القديم : استئناف مختلط 24 مارس سنة 1881 المجموعة الرسمية المختلطة 6 ص 115 – 116 فبراير سنة 1882 المجموعة الرسمية المختلطة 10 ص 106 – 24 ديسمبر سنة 1885 المجموعة الرسمية المختلطة 9 ص 21 – 23 مارس سنة 1887 المجموعة الرسمية المختلطة 12 ص 109 – 2 يونيه سنة 1887 المجموعة الرسمية المختلطة 12 ص 173 – 28 ديسمبر سنة 1899م 12 ص 53 – 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 – 27 ماس سنة 1913م 25 ص 266 – 23 ديسمبر سنة 1915م 28 ص 78 – 29 نوفمبر سنة 1932م 45 ص 43 .\

توكيل محامي

( [13] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في عهد التقنين المدني القديم بأنه يجوز فسخ العقد إذا تأخر المستأجر عن فع الإيجار ، أو إذا لم يقم بالإصلاحات اللازمة ( استئناف مختلط 4 ابريل سنة 1889م 1 ص 147 ) – وجاء في كتاب الإيجار للمؤلف : “ويلاحظ انه مادام الوقف فسخ العقد  بلا قيد ، فمن غير المفيد النص على جواز الفسخ للتأخر عن دفع الأجرة أو للامتناع  عن إجراء الإصلاحات اللازمة ، إلا إذا أريد من جواز الفسخ في هذه الحالة أنه يمكن أيضاً أن يكون المستأجر مسئولا عن تعويضات” ( الإيجار للمؤلف فقرة 164 ص 212 ) .

( [14] )  انظر آنفاً فقرة 790 في آخرها .

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

محامي الأردن

عقود الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع

عقود الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع

794- الإيجارات طويلة المدة : إلى جانب الإيجار الموقت الذي كان محل البحث إلى هنا وهو إيجار محدود المدة في بداية أمره على الأقل ، توجد إيجارات طويلة المدة يعرفها كثير من الشرائع ، وكان بعضها عند نشأته التاريخية إيجاراً دائمياً . والإيجار الدائمي أو طويل المدة يسد حاجة اقتصادية وحاجة اجتماعية . أما الحاجة الاقتصادية فهي تعمير الأراضي والمباني الخربة التي لا يستطيع الملاك تصليحها ، فيؤجرونها إلى من يستطيع ذلك ، ويميل المستأجر في الغالب إلى أن يكون الإيجار دائمياً أو لمدة طويلة حتى يطمئن إلى أن الأموال $1434 التي سينفقها في التصليح والتعمير ستثمر ولو بعد زمن طويل ثمرة يساهم في جنيها . والحاجة الاجتماعية هي رغبة طبقة الملاك أن يبقوا ملاكاً ، مع جعل حق الملكة يتجزأ بينهم وبين من هم أكثر صلاحية منهم لاستغلالها( [1] ) .

وقد عرفت مصر والبلاد العربية الأخرى ، ولا تزال تعرف حتى اليوم ، ضروباً من هذه الاجارات الدائمية أو طويلة المدة . كما عرفت ذلك ولا تزال تعرفه البلاد الغربية .ونستعر في عجالة سريعة بعضاً مما تعرف البلاد العربية وما تعرفه فرنسا باعتبارها البلد الغربي الذي يتصل بمصر اتصالا قانونياً وثيقاً . ثم نتفرغ بعد ذلك لبحث هذه الإجارات في مصر .

يعرف التقنين المدني السوري حق السطحية ( م 994 – 997 مدني سوري ) وحق الإجارتين ( م 1004 – 1016 مدني سوري ) وحق المقاطعة أو الإجارة الطويلة ( م 1017 – 1027 مدني سوري ) . فحق السطحية هو حق المالك في أبنية أو منشآت أو أغراس قائمة على أرض هي لشخص آخر ، ويسقط هذا الحق بهدم الأبنية أو المنشآت أو نزع الأغراس القائمة على الأرض . وقد نصت المادة 997 من التقنين المدني السوري على أن “يظل ممنوعاً إنشاء حق سطحية جديد . وعقد الإيجارتين “عقد يكتسب بموجبه شخص ما ، بصورة دائمة ، حق استعمال عقار موقوف واستغلاله ، مقابل تأدية ثمنه . ويقوم هذا الثمن بمبلغ معين من المال يعتبر كبدل إيجار معجل معادل لقيمة الحق المتفرغ عنه ، ويضاف إلى ذلك المبلغ مرتب دائم بمعد 3 بالألف من قيمة العقار حسبما تحد القيمة المذكورة بالتخمين المتخذ أساساً لجباية الضريبة العقارية” . ولصاحب الإجارتين الحق في استعمال العقار واستلاله كمالك حقيقي ، وله أن يشتري في أي وقت ملكية العقار المجردة مقابل بدل معادل لقيمة ثلاثين قسطاً سنوياً . والإجارة الطويلة “عقد يكتسب به صاحبه ، مقابل بدل معين ، حق إحداث ما شاء من الأبنية وغرس ما شاء من الأعراس في عقار موقوف” .ولا يكون عقد الإجارة الطويلة إلا بالمقاطعة ، أي ببدل سنوي مقطوع ، ويكون هذا البدل مبلغاً معينا من المال معادلا لقيمة الحق المتفرغ عنه مضافاً إلى ذلك المبلغ مرتب دائم بمعدل 2 .5 بالألف من قيمة العقار كما هي محددة فالتخمين المتخذ $1435 أساساً لجباية الضريبة للعقارية . وصاحب حق المقاطعة مالك لكل الأبنية المشيدة ولكل الأغراس المغروسة في العقار الموقوف ، ويجوز له أيضاً أن يشتري الملكية المجردة للأرض ذاتها في أي وقت مقابل بدل معادل لقيمة ثلاثين قسطاً سنويا . وإذا لم يبق في الأرض أثر للأبنية أو للأغراس ، سقط عن صاحب المقاطعة حقه إذا من يجدد هذه الأبنية أو الأغراس بعد إنذار موجه إليه من متولي الوقف .

ويعرف التقنين المدني العراقي حق المساطحة ( م 1266 – 12270 مدني عراقي ) ، وهو حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناء أو منشآت أخرى غير الغراس على أرض الغير بمقتضى اتفاق بينه وبين صاحب الأرض ، ويحدد هذا الاتفاق حقوق المساطح والتزاماته . ولا يجوز أن تزيد مدة حق المساطحة على خمسين سنة ، ويملك المساطح ملكا خاصاً ما أحدث على الأرض من بناء أو منشآت أخرى ، وله أن يتصرف فيه مقترنا بحق المساطحة ، وتنتقل ملكية  البناء والمنشآت الأخرى عند انتهاء حق المساطحة إلى صاحب الأرض ، على أن يدفع للمساطح قيمتها مستحقة للهدم ، ما لم يوجد شرط يقضي بغير ذلك .

وتعرف القوانين الفرنسية ضروبا مختلفة من الإجارات طويلة المدة ، وهي مبنية على العرف والعادات الفرنسية ، وتختلف باختلاف الأقاليم( [2] ) . وأهم هذه الاجارات وأكثرها انتشاراً هو عقد الأمفتيوز( [3] ) ، وهو شبيه بالحكر( [4] ) ، ويقال إن الحكر مأخوذ عنه( [5] ) . وعقد الأمفتيوز منشأه القانون الروماني . $1436 وانتقل إلى القانون الفرنسي القديم ، وكان من الجائز في هذا القانون أن يكون دائميا ، حتى صدر قانون 18 ديسمبر سنة 1790 في عهد الثورة الفرنسية فقضى بأن تكون أقصى مدته تسعا وتسعين سنة أو ثلاثة أجيال . ولم يتعرض تقنين نابليون لذكره . ولكن صدر قانون 25 يونيه سنة 1902 ( م 937 – 950 من التقنين الزراعي ) ينظم هذا العقد ويختلف عن عقد الإيجار العادي في أن مدته طويلة لا تقل عن ثماني عشرة سنة ولكن لا تزيد على تسع وتسعين ، وفي أن المستأجر ( emphyteote ) يلتزم عادة بتصليح العقار أو الأرض يجعلها قابلة للزراعة ، وفي أن الأجرة ( canon ) نظراً لوجود هذا الالتزام مضافا إليها تكون زهيدة ، وفي أن حق المستأجر حق عيني ويستطيع أن يرهنه وأن يبيعه وأن يرتب له أو عليه حق ارتفاق . وعند نهاية الأمفتيوز يرد المستأجر العقار خاليا من كل تصرف ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 )   ، ولا يدفع المؤجر شيئاً مقابل ما استحدثه المستأجر من الإصلاحات . ويجوز فسخ العقد إذا لم يقم أحد المتعاقدين بالتزاماته ، ولكن إذا تأخر المستأجر عن دفع الأجرة فلا يجوز فسخ العقد إلا إذا كانت الأجرة المتأخرة أجرة سنتين على الأقل . وأهم ما يفترق فيه الأمفتيوز ع الحكر هو أن الأجرة في الأمفتيوز ثابتة ، أما في الحكر فهي أجرة المثل فتختلف زيادة أو نقصاً ومن ثم يجوز تصقيع الحكر إذا زادت أجرة المثل كما سنرى .

795- منشأ الإجارات طويلة المدة في مصر وفي البلاد الإسلامية الأخرى : ويبدو أن مصر والبلاد الإسلامية الأخرى قد عرفت الاجارات الدائمية الطويلة المدة بسبب قيام نظام الوقف فيها . فالأعيان الموقوفة ، وهي خارجة عن التداول؛ تنتهي عادة إلى أن تكون أراضي بوراً أو مباني مخربة ، دون أن يستطيع الوقف أن يصلحها . ولما كانت القيود على إيجار الوقف كثرة كما رأينا ، ولا يمكن إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات إلا بإذن القاضي ، وقبل أن يوجد مستأجر يقبل هذه القيود ويغامر بالكثير من النفقات لإصلاح العين ثم يخرج منها دون طائل . ولما كان يندر أن يكون للوقف مال يصلح به أعيانه المخربة ، ولا يستطيع أن يبيعها إلا عن طريق الاستبدال ، ولا يجد مشتريا إلا بأقل الأثمان ، وتنقطع بذلك صلة الوقف بالعين نهائيا . ومن أجل ذلك $1437 نشأت فكرة إيجار العين الموقوفة المخربة إيجارا دائميا أو لمدة طويلة ، فيأخذ الوقف أجرة زهيدة – حتى لا تنقطع صلته بالعين – من شخص يقوم على إصلاح العين ثم استغلالها بعد ذلك فيسترد ما دفع من نفقات كبيرة على المدى الطويل . وقد قامت على هذه الفكرة الأساسية عقود مختلفة ، منها الخلو( [6] ) . والمرصد ( [7] ) . $1438 والجدك( [8] ) . والكر دار( [9] ) ، وأهمها الحكر وما ينطوي تحته من صورتين خاصتين هما عقد الإجارتين وخلو الانتفاع . وقد تكون هذه العقود تأثرت بأحكام عقد الأمفتيوز المعروف في القانون الروماني ، ولكن الباعث على إيجارها دائماً هو التحايل على أحكام الوقف الجامدة ، وتلمس ثغرة تنفذ منها يد الإصلاح إلى الأعيان الموقوفة المخربة . وقد كان الوقف ، عند صدور $1439 التقنين المدني الجديد ، قائماً بقسميه الأهلي والخيري ، فاحتفظ هذا التقنين من هذه الإجارات بالحكر والإجارتين وخلو الانتفاع . وأضاف إليها مشروع التقنين المدني حقاً جديداً استقاه من مصادر أجنبيه هو حق القرار ، ولكن النصوص المتعلقة بهذا الحق في المشروع حذفت في لجنة نجلس الشيوخ على ما سنرى . ونقول كلمة موجزة عن حق القرار كما نظم في مشروع التقنين المدني ، ثم كلمة تمهيدية في حقوق الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع وهي الحقوق التي وردت في التقنين المدني ذاته .

796- حق القرار في مشروع التقنين المدني : جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في صدد الموازنة بين حق الحكر وحق القرار ، وقد تضمن المشروع كليهما ، ما يأتي : “هذان حقان يشتركان في أن كلا منهما حق عيني يترتب لصاحبه على أرض للغير ، ويراد به الانتفاع بهذه الأرض مدة طويلة ، وهذا ما يدعو إلى أن يكون الحق عينيا حتى يكن له من الاستقرار والبقاء ما ليس للحق الشخصي الذي يعطيه القانون للمستأجر . ولكن الحقين يختلفان أحدهما عن الآخر في المصدر وفي الغض الاقتصادي . أما في المصدر فحق الحكر مأخوذ من الشريعة الإسلامية ، وحق القرار مستمد من التقنينات الأجنبية . وأما في الغرض الاقتصادي ، فالغرض من الحكر أرض في حاجة إلى الإصلاح إلى شخص يصلحه وينتفع بها مدة طويلة ، حتى يتمكن من استثمار الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض المحكرة وقفا مخربا ، وإن كان يجوز تحكير الأعيان غير الموقوفة . والغرض من حق القرار إيجاد طريقة أكثر استقراراً من الإيجار لاستغلال الأرض بالبناء عليها أو بالغرس فيها ، والقرار يفضل الإيجار من حيث الاستقرار بأنه حق عيني وبأن مدته تكون عادة طويلة . وليس الغرض من القرار استصلاح أرض مخربة كما هو الأمر في الحكر”( [10] ) . وتقول المذكورة الإيضاحية في ناحية أخرى : “استحدث المروع حق القرار لمواجهة حالة خاصة ، فقد يحتاج شخص للانتفاع بأرض مدة طويلة ، يبني فيها أو يغرس ، ولا يكفيه في $1440 ذلك أن يستأجر الأرض فإن حق المستأجر لا يكفل له القدر الكافي من الاستقرار ، ولا يريد صاحب الأرض أن يحكرها فإن الحكر تصرف خطير لا يبرره إلا أن الأرض مخربة والحكر هو الوسيلة إلى استصلاحها ، يختار الطرفان عقد القرار ليكون  وسطاً بين الإيجار والحكر ، وليترتب للمنتفع بالأرض حق عيني لمدة طويلة . والمهم في حق القرار هو تسوية علاقة مالك الرقبة بصاحب القرار عند انتهاء الحق ، وتحديد مصير ما أحدثه صاحب القرار على الأرض من بناء أو غراس ، وهذا ما تكفلت ببيانه المادة  . . من المشروع”( [11] ) .

وقد عرفت المادة 1279 من المشروع حق القرار بأنه حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناء أو غرسا على أرض الغير . وينشأ حق القرار بعقد رضائي . فهو يختلف عن الحكر في ذلك ، ويختلف عنه أيضاً في أنه لا يبيح لصاحبه إلا البناء أو الغراس ، وفي أنه ليس من الضروري أن تكون الأجرة في القرار هي أجرة المثل فلا محل للتصقيع فيه . ولا يجوز أن تزيد مدة حق القرار على خمسين سنة . ولا ينتهي حق القرار بزوال البناء أو الغراس ، وينتقل هذا الحق بالميراث . وإذا تأخر صاحب القرار عن دفع الأجرة مدة سنتين ، كان لمالك الرقبة أن يطلب فسخ العقد . ويملك صاحب القرار ملكا خاصاً ما أقام عل الأرض من بناء أو غراس ، وله أن يتصرف فيه وحدة أو مقترنا بحق القرار . وتنتقل ملكية البناء أو الغراس ، عند إنهاء حق القرار ، إلى مالك الرقبة ، على أن يدفع هذا لصاحب القرار قيمة البناء أو الغراس وق انتقال ملكيتهما . ولمالك الرقبة أن يطلب من صاحب القرار أن يبقى طوال المدة التي يمكن فها الانتفاع بالبناء أو الغراس ، فإن رفض صاحب القرار ذلك سقط حقه في المطالبة بقيمة البناء أو الغراس ولم يكن له إلا أن ينزعهما على أن يعيد الأرض إلى حالتها الأولى( [12] ) .

وقد اجتازت نصوص حق القرار مراحل التشريع واحدة بعد أخرى ، حتى وصلت إلى لجنة مجلس الشيوخ . فاعترض عليها في هذه اللجنة ، “ورؤى أن حق القرار حق جديد على المصريين ، ولا يوجد ما يبرره في البيئة المصرية ، ويغني $1441 عنه حق الحكر والإيجار” . فرد على ذلك بأن “هناك فرقاً بين حق الحكر وحق القرار ، وأن حق الحكر له وظيفة اقتصادية هي تعمير أرض مخربة ، أما حق القرار فلا يشترط فيه أن تكون الأرض مخربة ، وإنما هو يفترض أن شخصاً عجز عن استغلال ملكه فاتفق مع آخر على أن يستعمل هذا الملك بأن رتب له حق قرار على الأرض” . وبعد مناقشة رؤى حذف المواد الخاصة بحق القرار “تفادياً من وضع أحكام مختلفة لصور متقاربة ، ولأن نظام الحكر في مصر يواجه بعض الحاجة ، والإجارة الطويلة بما تتضمنه مشروط تواجه الباقي ، وإذا وجدت بعض مصلحة فهي يسيرة لا تتطلب استبقاء أحكام هذا الحق”( [13] ) .

797- حقوق الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع : هذه الحقوق مأخوذة من الشريعة الإسلامية ، وقد اقتصر التقنين المدني الجديد على أن تقنين أحكام الشريعة الإسلامية فيها على الوجه الذي قرره القضاء المصري من وطني ومختلط ، ووضعها في مكانها لا مع عقد الإيجار بل بين الحقوق العينية .

وكان معمولا بهذه الحقوق ، في عهد التقنين المدني القديم ، ولم يكن منصوصاً عليها في هذا التقنين( [14] ) . فكان القضاء ينقل أحكام الشريعة الإسلامية ويطبقها في أقضيته( [15] ) . ومن ثم كان الحكر عقداً يؤجر به مالك العقار( [16] ) عقاره لمستأجر إلى الأبد أو لمدة طويلة في مقابل أجرة المثل( [17] ) . والعادة أن العقار المحكر يكون وقفاً مخرباً ، ولا يكفي ريعه لتصليحه ، ولا يمكن استبداله ، فيلجأ ناظر الوقف $1442 إلى تحيكره( [18] ) بعد أخذ إذن القاضي ، لأن الحكر يعتب رمن أعمال الإدارة إذ أنه يعطي للمحتكر حقاً عينياً على العقار المحتكر( [19] ) . ولكن كان من الجائز أيضاً أن يكون الحكر موضوعه عقار غير موقوف( [20] ) .

وإذا كان التقنين المدني الجديد ق قنن أحكام الشريعة الإسلامية كما قررها القضاء ، فإنه مع ذلك “استرشد في الحكر بسياسة عامة هي العمل على تحديد انتشاره والتضييق فيه . فهو قيد خطير على حق الملكية ، بل هو ملكية تقوم على الملكية الأصلية ، مما يجعل أمر الاستغلال والتصرف في الأرض المحكرة من الأمور غير الميسرة . فقصر التقنين المدني الجديد الحكر على الأرض الموقوفة ، وحدد من مدة الحكر وجعل أقصاها ستين سنة ، وجعل لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يشفع في حق الآخر ، ونص على أن أحكام الحكر هذه تسري على الأحكار القائمة على أرض غير موقوفة في وقت العمل بهذا القانون . كما ذكر التقنين نوعين خاصين من الحكر ، هما حق الإجارتين وحق خلو الانتفاع ، وكل منهما لا يكون إلا على عين موقوفة ، ولكن أولهما حق عيني والآخر حق شخصي”( [21] ) .

وقد طاوع الظروف التي تلت صدور التقنين المدني الجديد سياسة هذا التشريع في التضييق من الحكر ، إذ صدر القانون رقم 180 لسنة1952 بحل الأوقاف الأهلية ، فنجم عن ذلك انتهاء حق الحكر الذي كان مترتباً على الأعيان $1443 الموقوفة طبقاً للمادة 1008/3 وهي الكثرة الساحقة من الأحكار . ولم يعد باقياً من الأحكار القديمة إلا تلك المترتبة على الأوقاف الخيرية وعلى الأعيان غير الموقوفة . ثم صدر القانون رقم 649 لسنة 1953( [22] ) فأجاز بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف أن ينهي الأحكار المترتبة على الأوقاف الخيرية إذا اقتضت المصلحة ذلك . ويخلص من كل هذا أن الحكر قد أصبح الآن ، بفضل هذه التشريعات المتعاقبة ، ذا مجال ضيق محدود . فهو منذ صدور التقنين المدني الجديد ، لا يمكن ترتيبه على أرض موقوفة . والأرض الموقوفة التي يمكن ترتيب حق الحكر عليها قد انحصرت في الوقف الخيري بعد إلغاء الوقف الأهلي . وحتى في هذا المجال الضيق – الوقف الخيري – يندر ترتيب حكر جديد ، وما هو قائم من أحكار قديمة يمكن إنهاؤه بقرار إداري .

المبحث الأول

عقد الحكر

§ 1- أركان عقد الحكر

798- أركان أربعة : للحكر نفس الأركان الأربعة التي للإيجار : التراضي والعين المحتكرة والمدة والأجرة . ولكن لكل من هذه الأركان الأربعة في الحكر أحكام خاصة به يختلف فيها الحكر عن الإيجار .

799- ( 1 ) التراضي في الحكر – نص قانوني : تنص المادة 1000 منن التقنين المدني على ما يأتي :

“لا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة وبإذن من المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها الأرض كلها أو أكثرها قيمة . ويجب أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة أو من يحيله عليه من القضاء أو الموثقين . ويجب شهره وفقاً لأحكام تنظيم الشهر العقاري”( [23] ) .

$1445 ويخلص من هذا النص أن الحكر عقد شكلي ، فلا ينعقد إلا بتوثيق رسمي .ولما كان ، من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، لا يجوز إنشاء الحكر إلا على عين موقوفة ، فيجب قبل التوثيق استصدار إذن بإنشائه من المحكم الكلية( [24] ) . التي تقع في دائرتها الأرض كلها أو أكثرها قيمة . ذلك أن الحكر ينشئ حقاً عينياً على العين المحتكرة ، فيعتبر تصرفاً في عين موقوفة ، ولا يجوز التصرف في الوقف إلا بإذن من القاضي . والذي يطلب الإذن في التحكير هو ناظر الوقف . ويجب أن يثبت أن تحكير الوقف أمر اقتضته الضرورة بأن كان الوقف مخرباً ولا مال له يستصلح به ، أو أملته مصلحة الوقف بأن يكون المحتكر أقدر بكثير من الوقف على استصلاح الأعيان التي يراد تحكيرها . فلحكر ليس حقاً عينياً عادياً كحق المنفعة يزول حتما بموت المنتفع ، بل هو حق طويل ألمد ، ويصح أن يبقى ستين سنة . فهو إذن تصرف خطير ، ومن ثم وجب إذن المحكمة في إنشائه .

ومتى أذنت المحكمة ، وجب أن يكون إنشاؤه ، لا بموجب ورقة رسمية عادية توثق في مكتب التوثيق ، بل بأن يستصدر المتعاقدان ، ناظر الوقف والمحتكر ، حجة به على يد رئيس المحكمة التي أنت في إنشاءه ، وهي المحكمة التي يقع في دائرتها العين المحتكرة كلها أو أكثرها قيمة ، أو على يد من يحيل رئيس المحكمة عليه من القضاء أو المؤثقين من كتبة المحكمة . فلا ينعقد الحكر إذن إلا بعد الإذن على الوجه المتقدم ، وبهذا الضرب من التوثيق سالف الذكر .

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “يكون $1446 الحكر بورقة رسمية إشعارً بخطره  ، والرسمية شرط للانعقاد . فإن كانت العين موقوفة ، وهو الغالب( [25] ) ، فلا تكفي الرسمية العادية ، بل يجب أن يستصدر ناظر الوقف من المحكمة الشرعية ( المحكمة الوطنية الآن ) التي تقع في دائرتها الأرض الموقوفة حجة شرعية ، لأن الحكر ضرب من ضروب التصرف ، ولا يجوز التصرف في الوقف إلا بإذن من القاضي . ويجب أن يقدم الناظر مبرراً للتحكير ، بأن يثبت أن إنشاء الحكر أمر تقتضيه المحافظة على العين الموقوفة ، ويكون ذلك عادة بإثبات أن الوقف مخرب ولا يكفي ريعه لإصلاحه ، فيحكر حتى يستصلحه المحتكر( [26] )

ولما كان الحكر حقاً عينياً كما قدمنا ، وهو حق عيني أصلي ، فإنه لا ينشأ ، لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير ، إلا إذا سجل وفقاً لأحكام المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري ، وإلا فلا يكون لعقد الحكر غير المسجل من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن( [27] ) .

والحكر على هذا النحو لا يجوز إثباته إلا بالورقة الرسمية التي ينعقد بها . فهو ، كالرهن الرسمي والهبة والوقف ، تصرف شكلي ولكن الاحكار القديمة التي أنشئت على أعيان غير موقوفة ، إذا لم تكن هناك أوراق لإثباتها( [28] ) ، فإنه يكفي أن يكون قد مضي على المحتكر وهو واضع يده على الحكر ويدفع أجرته لغير مالك العقار مدة التقادم ، حتى يكسب الحق بالتقادم الطويل أو بالتقادم $1447القصير على حسب الأحوال( [29] ) . وهذا لا ينطبق على الحكر الذي ينشأ منذ العمل بالتقنين المدني الجديد ، فإن هذا الحكر لا يترتب إلا بموجب عقد شكلي . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً هو المادة 1258 من المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “يجوز أن يكسب حق الحكر بالتقادم” . وجاء في المذكر الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “كسب الحكر بالتقادم مبدأ سار عليه القضاء المختلط . فإذا وضع شخص يده على أرض موقوفة باعتباره محتكراً دون أن يكون له هذا الحق ، واستمر يدفع أجرة الحكر ثلاثاً وثلاثين سنة ، كسب حق الحكر بالتقادم . أما إذا كان الأرض غير موقوفة ، فإنه يملك حق الحكر بالقادم الطويل في خمس عشرة سنة ، أو بالتقادم القصير في خمس سنوات ( استئناف مختلط 15 مايو سنة 1901م 13 ص 308 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193(  . على أن كسب الحكر بالتقادم فيه نظر ، لأن الحق في الأرض الموقوفة لا ينشأ إلا بعد استصدار حجة شرعية . . والأصل أن الحق الذي لا ينشأ إلا بعد مراعاة إجراءات شكلية موضوعة لا يكسب بالتقادم ، كما هو الحال في الرهن الرسمي وفي الوقف . وقد أصبح هذا الأصل أولى بالإتباع بعد أن قرر المشرع الرسمية في تقرير الحكر . . لذلك يحسن أن يحذف هذا النص من المشروع ، ويستبدل به نص ييسر إثبات الحكر إذا كان قديماً ، فيفي ببعض $1448 الأغراض التي أريد تحقيقها بالنص القائم” . وقد حذف هذا النص فعلا في لجنة المراجعة ، وفقاً لتوجيه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي( [30] ) .

800- ( 2 ) العين المحتكرة – نص قانوني : تنص المادة 1012 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 الفقرة الثالثة . 2- والأحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون  تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة”( [31] ) .

ويتبين من هذا النص أن العين المحتكرة لا بد أن تكون عيناً موقوفة ، $1449 فلا يجوز إنشاء حق الحكر على عين غير موقوفة . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد على خلاف ذلك ، إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 1257 من هذا المشروع تجري على الوجه الآتي : “يجوز ترتيب الحكر على عين موقوفة أو على عين غير موقوفة( [32] )” . فحذف هذا النص في لجنة المراجعة( [33] ) ، إذ رأت هذه اللجنة قصر الحكر على الأرض الموقوفة ، وأقرت نصاً في هذا المعنى هو الفقرة الأولى من المادة 1074 من المشروع النهائي على الوجه الآتي : “الحكر عقد به يكسب المحتكر حقاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر وذلك في مقابل أجرة معينه” . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذه القرة “لوضوح حكمها بالنسبة إلى حقوق المحتكر ، ولأن الحكم الخاص بقصر الحكر على الأرض الموقوفة قد ورد في المادة 1012( [34] )”  . وبقيت بذلك المادة 1012 مدني وحدها هي التي تقضي بأن الحكر لا يجوز ترتيبه على أرض غير موقوفة ، ومعنى ذلك بدلالة مفهوم العكس أن الأرض الموقوفة وحدها هي التي يجوز ترتيب حق الحكر عليها . وقد ضاق بذلك نطاق تطبيق الحكر ، وبخاصة بعد أن ألغيت الأوقاف الأهلية ، ثم بعد أن أصبح أمر إلغاء الحكر على الوقف الخيري منوطاً بقرار إداري كما سبق القول( [35] ) . وقد قدمنا أنه لا بد أن تكون هناك ضرورة أو مصلحة في تحكير العين الموقوفة . فلا يكفي أن تكون العين موقوفة حتى يجوز تحكيرها ، بل يجب فوق ذلك أن تكون مخربة أو في القليل في حاجة إلى الإصلاح ، وليس لها ريع بكيفي لإصلاحها ، ولا يوجد من يقبل استئجارها عن طريق الإيجار العادي ، في يبقى أمام ناظر الوقف إلا أن يطلب الإذن من المحكمة في تحكيرها( [36] ) .

ولم يكن هذا هو الحكم في عهد التقنين المدني القديم . فقد كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تطبق في ذلك العهد ، وهذه تجيز تحكير الوقف وغير $1450 الوقف . فجرى القضاء على جواز تحكير الأعيان غير الموقوفة ، ولم يعترضه في ذلك أن حق الحكر حق عيني والحقوق العينية في التقنين المدني القديم مذكورة على سبيل الحصر وليس حق الحكر من بينها ، فقد كان هذا الحق مستمداً من قانون معمول به في نطاقه المخصص له وهذا القانون هو الشريعة الإسلامية( [37] ) . فانبنى على ذلك أن أنشئت أحكار على أعيان غير موقوفة ، وإن كان الغالب أن الحكر حتى في ذلك العهد يترتب على الوقف .

ولما كان التقنين المدني الجديد لا يجيز ، كما رأينا ، ترتيب الحكر إلا على الوقف ، فإن هذا الحكم المستحدث لا يكون له أثر رجعي ، ولا يعمل به إلا ابتداء من العمل بالتقنين المدني الجديد ، أي ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 ، فمن ذلك اليوم لا يجوز إنشاء الحكر إلا على أرض موقوفة . وقد حرص التقنين المدني الجديد على أن ينص على ذلك صراحة ، فقضت الفقرة ألأولى من المادة 1012 ، كما رأينا ، بأنه “من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 الفقرة الثالثة” . وسنرى أن الفقرة الثالثة من المادة 1008 مدني تقضي بانتهاء حق الحكر “إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، إلا إذا كان زوال هذه الصفة بسبب رجوع الوقف في وقفه أو إنقاصه لمدته ، ففي هذه الحالة يبقى الحكر إلى انتهاء مدته” . فإذا أصبحت العين الموقوفة المحكرة ملكا حراً ، وكان ذلك بسبب رجوع الواقف في وقفه أو بسبب إنقاصه لمدته ، فإن الحكر يبقى مع ذلك على الأرض بالرغم من أنها أصبحت ملكا لا وقفاص ، وذلك لأن الواقف بعد أن وقف رجع في وقفه رجوعاً كلياً أو رجوعاً جزئياً ، فيكون قد نقض ما تم من جهته ، فيرد ذلك عليه ، ويبقى الحكر الذي رتبه على الأرض عندما كانت موقوفة باقيا عليها بالرغم من أنها أصبحت ملكا وذلك إلى نهاية مدة الحكر .

ومقتضى ألا يكون للتقنين المدني الجديد أثر رجعي أن الأحكار القائمة على أراضي غير موقوفة قبل 15 أكتوبر سنة1949 تبقى صحيحة قائمة حتى بعد $1451 صدور التقنين المدني الجديد ، ولا يمس من صحتها أنها قائمة على أراضي غير موقوفة ، وتسري عليها جميع الأحكام التي أوردها التقنين المدني الجديد في شأن الحكر( [38] ) فيما عدا وجوب أن تكون العين المحتكرة أرضاً موقوفة . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 1012 مدني على هذا الحكم صراحة ، إذ تقول كما رأينا : “والأحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة” . ومن باب أولى تسري الأحكام الواردة في التقنين المدني الجديد على الاحكار القائمة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 على أراضي موقوفة ، بل إن الأحكام هنا لا يستثنى منها حتى الحكم  القاضي بأن تكون العين المحتكرة أرضاً موقوفة . ومن ثم تخضع جميع الأحكار القائمة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، سواء قامت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، لجميع أحكام الحكر التي نتولى بحثها الآن . وذلك فيما عدا الحد الأقصى للمدة ، فسنرى أن هذه الأحكار لا تخضع في مدتها لحد أقصى إلى أن يصدر في شأنها تشريع خاص( [39] ) .

801- ( 3 ) المدة في الحكر – نص قانوني :  تنص المادة 999 من التقنين المدني على ما يأتي :

“لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة . فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقودا لمدة ستين سنة( [40] ) .

$1452 ويتبين من هذا النص أن الحد الأقصى لمدة الحكر في التقنين المدني الجديد هو ستون سنة . ولم يكن لمدة الحكر في عهد التقنين المدني القديم حد أقصى ، بل كان يصح أن يعقد الحكر لمدة غير معينة وفي هذه الحالة يبقى الحكر ما بقي البناء أو الغراس في الأرض وما بقي المحتكر يدفع الأجرة . وتقضي المادة 702 من مرشد الحيران بأنه “لا يكلف المحتكر برفع بنائه ولا قلع غراسه وهو يدفع أجر المثل المقرر على ساحة الأرض خالية من البناء والغراس” . كما تقضي المادة 704 بأنه “يثبت للمستحكر حق القرار في الأرض المحتكرة ببناء الأساس فيها أو بغرس شجرة بها ، ويلزم بأجر مثل الأرض ما دام أس بنائه وغراسه قائماً فيها ، ولا تنزع منه حيث يدفع أجر المثل” . فكان الحكر على هذا النحو يصح أن  يكون دائميا( [41] ) .

$1453 فحدد المشروع التمهيدي لمدة الحكر حداً أقصى للتضييق منه جرياً على سياسته ، وكانت هذه المدة تسعا وتسعين سنة .وخفضت لجنة مجلس الشيوخ هذه المدة إلى ستين سنة ، “توخيا لإبراز معنى توقيت الحكر . ولا سيما بعد أن أصبح تعمير العين المحكرة واستبدالها ميسورين في مدة اقصر من المدة التي كان يقتضيها تحقيق هذين الغرضين في الزمن الماضي”( [42] ) . فأصبحت الاحكار التي يصح أن تنشأ ابتداء من يوم 15 أكتوبر سنة 1949  على أراض موقوفة لا يجوز أن تزيد مدتها على ستين سنة . فإذا اتفق المتعاقدان على مدة أقل جاز ذلك ، وإن اتفقا على مدة اكبر انقضت المدة إلى ستين سنة . وإذا  أغفل المتعاقدان تحديد المدة ، أو ذكرا أن المدة غير معينة ، كانت المدة في الحالتين ستين سنة .

أما الأحكار التي أنشئت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، سواء أنشئت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، فهذه تبقى خاضعة للأحكام التي كانت سارية وقت إنشائها . فإذا لم تكن لها مدة محددة ، بقيت ما دام البناء أو الغراس قائما في الأرض وما دام المحتكر يدفع الأجرة( [43] ) . وقد كانت هذه المسألة مثاراً لمناقشات طويلة أثناء المراحل التشريعية التي اجتازها التقنين المدني الجديد . وكاد يستقر الأمر في لجنة مجلس الشيوخ على إقرار النص الآتي : “1- في الأحكار القائمة وقت العمل بهذا القانون ، إذا مضي على عقد الحكر ستون سنة على الأقل من وقت إنشائه ولم تكن مدته قد  انقضت ، جاز لكل من المحتكر والمحكر أن يطلب إنهاء العقد . 2- فإذا كان المحتكر هو الذي يطلب ذلك طبقت أحكام المادة السابقة ( 1010 مدني ) ، إلا إذا اختار تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب . 3- وأما إذا كان من يطلب إنهاء الحكر هو المحكر ، ألزم بأن يدفع إلى المحتكر ما فات هذا من فائدة بسبب إنهاء العقد قبل حلول الأجل المعين لانتهاء أو قبل انقضاء تسع وتسعين سنة إذا لم يكن $1454 للعقد أجل معين ، بشرط ألا تنقص المدة التي تحسب عنها الفائدة في الحالة الأخيرة عن خمس عشرة سنة ، وبأن يدفع فوق ذلك قيمة البناء أو الغراس مستحقي الإزالة أو قيمتهما مستحقي البقاء أيهما أقل ، وذلك كله في مقابل تملكه للبناء أو الغراس . كل هذا ما لم يطلب المحتكر تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب” . وقد بنت لجنة مجلس الشيوخ الأحكام الواردة في النص المتقدم على أساس ثلاثة  : ( أولها ) أن يكون حكم النص قاصراً على الأحكار القائمة وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، ففي هذه الأحكار إذا كان قد انقضى على عقد الحكر ستون سنة من وقت إنشائه  ولم تكن مدته قد انقضت ثبت لكل من المتعاقدين حق طلب إنهاء الحكر . ( الأساس الثاني ) أنه جعل للمحتكر حق تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب أيا كان صاحب الرغبة في إنهاء الحكر ، لأن المحتكر يبذل عادة في استغلال العين من الجهد ما هو خليق بالتشجيع . ( والأساس الثالث ) هو إلزام المحكر بأن يدفع للمحتكر ما فاته من فائدة بسبب إنهاء العقد قبل حلول أجله ، لأن العدالة تقتضي احترام الحق المكتسب الذي ثبت للمحتكر قبل العمل بالتقنين الجديد( [44] ) .

$1455 ولكن لجنة مجلس الشيوخ لم تثبت نهائياً على هذا النص ، وانتهت إلى حذفه دون أن تستعيض عنه بنص آخر “حتى لا تقطع بالرأي في مسألة تعارضت فيها المصالح والحقوق تعارضاً يستعصى على التوفيق ، وبحسن أن تترك هذه $1456 الحقوق والمصالح على حالها إلى أن يصدر في شأنها تشريع خاص”( [45] ) .

وإلى أن يصدر هذا التشريع الخاص ، تبقى الأحكار القديمة على الأعيان غير الموقوفة سارية لمدتها ولو زادت على ستين سنة ، بل لو كانت مؤبدة . أما بالنسبة إلى الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً فقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 بإنهاء الحكر على هذه الأعيان ، وأعقبه القانون رقم 295 لسنة 1954 فالقانون رقم 92 لسنة 1960 ، وسنورد أحكام هذه القوانين عند الكلام في انتهاء الحكر( [46] ) .

802- ( 4 ) الأجرة في الحكر – نصوص قانونية : تنص المادة 1004 من التقنين المدني على مايأتي :

“1- لا يجوز التحكير بأقل من أجر المثل . 2- وتزيد هذه الأجرة أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً ، على أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير” .

وتنص المادة 1005 على ما يأتي :

“يرجع في تقدير الزيادة والنقص إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير . ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها ، بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس ، ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ، ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار” .

وتنص المادة 1006 على ما يأتي  :

“لا يسري التقدير الجديد إلا من الوقت الذي يتفق الطرفان عليه ، وإلا فمن الأرض يوم رفع الدعوى”( [47] ) .

$1457 ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن الأجرة في حكر الأرض الموقوفة $1458 لا يجوز أن تكون اقل من أجر المثل وقت التحكير ، وهذا الحكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ( قانون العدل والإنصاف م 332 و 335 و 336 ) . فينطبق الحكم على الأحكار الجديدة التي تنشأ منذ 15 أكتوبر سنة 1949 على أعيان موقوفة ، كما ينطبق على الأحكار القديمة التي أنشئت قبل ذلك على أراض موقوفة( [48] ) . وإذا لم يبين كتاب الوقف قيمة الحكر ، جاز للمحكمة انتداب خبير لتقديره( [49] ) . ولما كان الحكر لا بد فيه من إذن المحكمة ، فالمحكمة لا تأذن إلا إذا كان بأجر المثل . ولكن إذا وقع خطأ وحكرت العين الموقوفة بأقل من أجر المثل ، وجب رفع الأجرة إلى أجر المثل .

ولا يكفي أن يكون الحكر بأجر المثل وقت التحكير ، بل إن هذا  الأجر يزيد وينقص تبعاً لزيادة أجرة المثل أو نقصه( [50] ) ، وهذا ما يسمى بتصقيع الحكر . وهو أيضاً حكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ( قانون العدل والإنصاف م 336 و 337 )  ،  فينطبق على جميع الأحكار المنشأة على أعيان موقوفة ، جديدة ، كانت أو قديمة . وتصقيع الحكر  مختلف فيه ، فلم تتفق عليه كل المذاهب ، ولا تقول به المالكية ، ويقول به الصاحبان في المذهب الحنفي وهو الرأي الراجح في المذهب ، وبه أخذ التقنين المدني الجديد ومن قبل ذلك سار عليه القضاء المصري كما سنرى ، وقد وضع له التقنين المدني الجديد ضوابط فأوجب ألا تزيد أجرة الحكر أو تنقص $1459 إلا “كلما بلغ التغيير في أجر المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً ، على أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير” ( م 1004/2 مدني . فليس أي تغيير في أجر المثل يجيز تصقيع الحكر . بل يجب أن يكون ذلك غير راجع إلى تحسين أو تلف أحدثه المحتكر بالأرض المحتكرة ، وغير راجع إلى ما أنشاه المحتكر في الأرض من بناء أو غراس ، كما سنرى عند الكلام في طريقة تصقيع الحكر ، وأن يكون التغيير فاحشاً وقد قدره التقنين المدني الجديد كما رأينا بما يزيد على الخمس قياساً على الغبن الفاحش . وتقول المادة 703 من مرشد الحيران في هذا الصدد : “إذا زاد أجر مثل الأرض المحتكرة بسبب بناء المستحكر أو غراسه فلا تلزمه الزيادة ، فإن زاد أجر المثل في نفسه زيادة فاحشة لزمته الزيادة . فإن امتنع من قبولها أمر برفع البناء والغراس ، وتؤجر لغيره بالأجرة الزائدة” . و يصقع الحكر إلا كل ثماني سنوات ، حتى يكون هناك شيء من الاستقرار في التعامل ، فلا تكون الأجرة عرضة للتغيير في كل وقت . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد لا يضع حداً زمنياً ، بل قال “كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبيراً زيادة أو نقصاً” . ثم وضع المروع النهائي حداً زمنياً ثلاث سنوات ، فقال : “على أن يكون قد مضي ثلاث سنوات على آخر تقدير” . ثم رفعت لجنة مجلس الشيوخ ثلاث السنوات إلى ثماني سنوات “تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقدير الضرائب الخاصة بالعقارات”( [51] ) . وإذا صقع الحكر بأن يعاد تقديره في المواعيد المقررة قانوناً – أي كل ثماني سنوات – وتبين أن أجرة الثمل قد زادت أو نقصت بما يجاوز الخمس ، فإن التقدير الجديد لا يسري على المحتكر من تلقاء نفسه ، بل يجب أن يقبل المحتكر الزيادة أو يقبل المحكر النقص ، ومن يوم الاتفاق على الزيادة أو النقص يسري التقدير الجديد . فإذا لم يتم الاتفاق ، وجب الرجوع إلى القضاء ، لأن التصقيع لا يكون إلا برضاء أو قضاء . ويسري التقدير الجديد ، إذا صدر به حكم ، لا من يوم الحكم بل من يوم رفع الدعوى ، طبقاً للقاعدة التي تقضي بأن الحكم يستند إلى يوم رفع الدعوى ( م 1006 مدني )( [52] ) .

$1460 وتسري أحكام تصقيع الحكر المتقدمة الذكر ، وكذلك الطريقة التي يتم بها التصقيع وهي التي سنبينها فيما يلي ، على كل حكر جديد أو قديم ، أنشئ على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، “إلا أن الأراضي غير الموقوفة – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي( [53] ) – يمكن الاتفاق في تحكيرها على غير أجرة المثل وعلى بقاء الأجرة دون تغيير” . وقد كان المروع التمهيدي يتضمن نصاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 1266 من المروع تجري على الوجه الآتي : “تسري على الأراضي غير الموقوفة الأحكام الخاصة بالأراضي الموقوفة من حيث تقدير الأجرة وزيادتها ونقصها ، ما لم يوجد شرط يقضي بغير ذلك” . وحذف هذا النص في لجنة المراجعة دون بيان سبب الحذف( [54] ) ، ولكن الظاهر أنه حذف اكتفاء بالقواعد العامة . ويتبين من ذلك أن تقدير أجرة الحكر بأجر المثل ، وتغير هذه الأجرة زيادة أو نقصاً أي تصقيع الحكر ، يعتبر من النظام العام إذا كانت الأرض المحتكرة موقوفة( [55] ) ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه . ولا يعتبر من النظام العام إذا كانت الأرض المحتكرة غير موقوفة ، فيكون هو القاعدة الواجبة الإتباع إلا إذا اتفق المتعاقدان على خلاف ذلك( [56] ) .

8703- طريقة تصقيع الحكر : بقي أن نعرف الطريقة التي تصقع بها الحكر . وقد كانت هذه الطريقة محل خلاف شديد حتى حسمت محكمة النقض هذا الخلاف قبل صدور التقنين المدني الجديد ، وقد أخذ هذا التقنين بالرأي الذي أقرته محكمة النقض .

فقد كان لطائفة المحتكرين نظرية تعرف بنظرية “النسبة” راعوا فيها مصلحتهم ، وجارتهم عليها كثير من المحاكم . وتقضي هذه النظرية بالرجوع إلى $1461 النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت ، ثم تزاد الأجرة بالنسبة التي زادت بها قيمة الأرض وقت التصقيع . فإن كانت الأجرة وقت التحكير جنيهاً مثلا وكانت قيمة الأرض ألف جنيه ، ثم زادت قيمة الأرض وقت التصقيع إلى عشرة آلاف ، وجبت زيادة الأجرة إلى عشرة أمثالها ، أي تكون أجرة الحكر بعد التصقيع في هذه الحالة عشر جنيهات . وظاهر أن هذه الطريقة هي في مصلحة المحتكرين ، وقد طالبوا بها أمام لجنة مجلس الشيوخ( [57] ) ، إذ أن أجرة الحكر وقت التحكير تكون في العادة زهيدة جداً ، فمضاعفتها ولو عشر مرات أو أكثر لا يعود على المحركين بفائدة محسوسة( [58] ) .

$1462 وكان لطائفة المحكرين ، وعلى رأسهم وزارة الأوقاف ، نظرية أخرى راعوا فيها هم الآخرون مصلحتهم . وتتلخص هذه النظرية في أن يقدر الحكر وهو حق مالك الرقبة بالثلث ، وحق المحتكر وهو صاحب المنفعة بالثلثين ، وذلك من قيمة أجرة الأرض المحكرة حرة خالية من البناء ، وأن تحسب هذه الرجة باعتبار 5% من ثمن الأرض حرة ، وألا يعدل عن هذه القاعدة إلا في الأحوال التي يقضي فيها صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص عن القدر المتقدم ذكره . ففي المثل سالف الذكر ، وقد بلغت قيمة الأرض وقت التصقيع $1463 عشرة آلاف من الجنيهات ، تحسب الأجرة بمقدار 5% من هذه القيمة فتكون خمسمائة جنيه . ويكون نصيب حق المحكر من هذه الأجرة هو الثلث ، فتكون أجرة الحكر بعد التصقيع هي  جنيهاً بدلا من 10 جنيهات بحسب نظرية طائفة المحتكرين . وظاهر أن الفرق كبير بين التقديرين ، وأحدهما يستهدف مصلحة المحتكرين ، والآخر يرعى مصلحة المحكرين( [59] ) .

$1465 وقد حسمت محكمة النقض هذه المسألة بحكم لها معروف ، صدر في 14 يونيه سنة 1934( [60] ) . وقد رفضت المحكمة كلتا النظريتين ، نظرية المحتكرين ونظرية المحكرين . وأخذ بالنظرية التي تقضي بها الشريعة الإسلامية كما هي مبسوطة في المواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل الإنصاف لقدري باشا ، مؤيدة بالمادتين 20 و 23 من لائحة إجراءات وزارة الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يونيه سنة 1895 . فلا ينظر إلى قيمة الأرض وقت التصقيع لأخذ نسبة منها تقدر الأجرة على مقتضاها ، وإنما تقدر الأجرة وقت التصقيع على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء ، وعلى أساس ألا يلاحظ فيها سوى حالة الصقع ( أي الجهة والناحية ) ورغبات الناس ، وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر . ذلك أن البناء الذي يقيمه المحتكر في أرض الوقف من شأنه أن يقلل من قيمة الحكر وهي أجر المثل إذا كان له دخل ما في تحسين صقع الجهة التي فيها أرض الوقف ، بحيث أن قاضي الموضوع ، متى اقتطع من أجل المثل قدراً ما مقرراً أنه ثبت له أن بناء المحتكر قد زاد في الصقع بقدر هذه الحطيطة التي يقتطعها ، فلا رقابة لأحد عليه( [61] ) . ونطبق هذه الطريقة هنا $1467 أيضاً على المثل المتقدم الذكر . فنغفل من حسابنا أن الأرض المحتكرة قد بلغت قيمتها عشرة آلاف من الجنيهات وقت التصقيع ، وتقدر القيمة الإيجارية لهذه الأرض وقت التصقيع على اعتبار ا ،ها حرة خالية من البناء ، وقد يقدر الخبر هذه القيمة بما يبلغ مائة وخمسين جنيها . ولما كان الواجب ألا نلاحظ في تقدير أجرة الحكر سوى حالة الصقع ورغبات الناس بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر ، ويجوز اقتطاع قدر معين من أجر المثل في مقابل هذا التحسين ، فقد يرى قاضي الموضوع أن يقتطع ثلث القيمة الإيجارية أو نصفها بحسب تقديره وبعد الاستئناس برأي الخبير ، فتهبط القيمة الإيجارية من مائة وخمسين إلى مائة أو إلى خمسة وسبعين . وتكون أجرة الحكر بحسب نظرية محكمة النقض متراوحة بين مائة جنيه $1467 وخمسة وسبعين ، بينما هي عشرة بحسب نظرية المحتكرين و  حسب نظرية المحكرين :

وتوجه محكمة النقض النظر بعد ذلك إلى مسألتين هامتين .

( المسألة الأولى ) أن تحسب القيمة الإيجارية للأرض دون تأثر بما للمحتكر عليها من حق القرار . فلا يجوز في المثل المتقدم الذكر ، وقد حسبنا القيمة الإيجارية للأرض من خمسة وسبعين إلى مائة وهي غير مشغولة بحق القرار ، أن نعيد حسابها باعتبار الأرض مشغولة بحق القرار ، فتبقى أجرة الحكر متراوحة بين مائة وخمسة . ذلك  أن دفع أجرة المثل هو السبب في استمرار حق البقاء والقرار ، فإذا اقتطعنا من القيمة الإيجارية ما يقابله سقط الحق نفسه ، أو كما تقول محكمة النقض : “فإذا زال السبب سقط المسبب وهو حق البقاء . ونظرية الوزارة ( وزارة الأوقاف ) تقلب الوضع ، فتجعل حق البقاء حقاً أساسياً أصلا يكون لصاحبه ثلثا الأجرة بدون أن تبين لهذا الاستحقاق سبباً . وكأنها تقول إن المحتكر ، بمجرد حصوله على عقد الاحتكار ودفعه الأجرة أول مرة ووضع أس بنائه في الأرض ، يسقط عنه حتما ثلثا الأجرة في المستقبل ، وهذا قول بيِّن الفساد”( [62] ) .

( للمسألة الثانية ) أن تقدير الأجرة على مثل أرض الوقف يقتضي معرفة ماذا كانت عليه حالة أرض الوقف عند التحكير ، “فربما كانت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلا أو أنقاضاً متهدمة ، فردمها المحتكر أو أزال التل والأنقاض بنفقة من طرفه $1469 حتى أصبحت صالحة للبناء أو الغراس ، فمثل هذه الأرض عند تقدير أجرتها لابد من أن يكون التقدير باعتبار أنها بكرة أو قاع أو تل أو أنقاض متراكمة . وبما أن كثيراً من الأوقاف المحتكرة تصعب معرفة أصل حالتها عند التحكير لمضي الزمن ، فالمحتكر هو المكلف بإثبات حالتها تلك القديمة ، إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر ، وقاضي الموضوع متى تحري وحقق وقدر للأرض حالة أصلية خاصة ، أو متى قدر الخبير لها حالة خاصة ، واعتمدها القاضي وبيَّن في حكمه علة اعتباره إياها على هذه الحالة الخاصة في مبدأ التحكير ، كان رأيه في ذلك طبعاً من مسائل الموضوع التي لا رقابة عليه فيها”( [63] ) . ومؤدى ذلك أننا لو فرضنا في المثل المتقدم أن قاضي الموضوع ثبت له أن الأرض المحتكرة كانت بركة مثلا وقت التحيكر ، وجب عليه أن يحسب قيمتها الإيجارية يوم التصقيع على اعتبار أنها لا تزال بركة ، لا على أنها قد ردمت وأصبحت صالحة للبناء أو الغراس ، وقد ينزل هذا بالقيمة الإيجارية إلى عشين جنيهاً أو خمسة وعشرين بدلا من مائة أو خمسة وسبعين . وعبء إثبات أن الأرض كانت بركة وقت التحكير يقع على المحتكر ، لأنه يدعي خلاف الظاهر كما تقول محكمة النقض( [64] ) .

وقد اخذ التقنين المدني الجديد كما قدمنا بنظرية محكمة النقض ، فنصت المادة 1005 مدني كما رأينا على أنه “يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى مالا للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير . ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها ، بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس ، ودون $1470 اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ، ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار” . فنبذ بذلك نظرية المحكرين وهي الاعتداد بقيمة الأرض وقت التصقيع وحساب أجرتها على أساس 5% من هذه القيمة وتخصيص الثلث من هذه الأجرة لحق الحكر ، وإذا كان هناك وجه لهذا الحساب فإنما يكون في تقدير قيمة حق الحكر عند الاستبدال ، وقد نوهت بذلك محكمة النقض في حكمها السالف الإشارة إليه( [65] ) . ونبذ التقنين المدني الجديد أيضاً نظرية المحتكرين ، فلم يأخذ بالنسبة بين أجرة الحكر عند التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت ، واستبقاء هذه النسبة بين الأجرة وقيمة الأرض عند التصقيع . وما دار من المناقشات في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الصدد قاطع في أن التقنين المدني الجديد قد نبذ هذه النظرية متعمداً نبذها ، بعد أن تقدم بها إلى اللجنة مندوب عن المحتكرين( [66] ) . إذا كان قد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إشارة صريحة إلى ألأخذ بهذه النظرية ، وقد نسبت خطأ في هذه المذكرة إلى محكمة النقض( [67] ) ، فقد نسخ ذلك ما جرى بعد هذا $1471 من تعديلات أدخلت على النص في لجنة الشيوخ ، وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة لعدم الأخذ بنظرية “النسبة” التي تقدم بها مندوب المحتكرين كما سبق القول .

§ 2- آثار الحكر

804- حقوق المحتكر والتزاماته : يتبين من النصوص الواردة في التقنين المدني في هذا الموضوع أن المحتكر له حقوق ولعيه التزامات . فحقوقه تنحصر في حق عيني يثبت له في العين المحتكرة هو حق الحكر ، وحق ملكية تامة فيما أحدثه على الأرض المحتكرة من بناء أو غراس .ويلتزم بالوفاء بالأجرة للمحكر ويجعل الأرض المحتكرة صالحة للاستغلال .

مواضيع متعلقة بالعقود ننصح بالاطلاع عليها:

كتابة العقود في المملكة العربية السعودية 

كيفية أحصل على نماذج عقود

  محامين سعوديين متخصصين في العقود

مراجعة العقود محامي في السعودية 

محامي سعودي متخصص في كتابة العقود

  الصياغة القانونية للعقود القانونية وعقود الاتفاق 

محامين كتابة وصياغة  العقود في المملكة العربية  السعودية 

805- حق الحكر في الأرض المحتكرة – نص قانوني : تنص المادة 1001م التقنين المدني على ما يأتي :

“للمحتكر أن يتصرف في حقه ، وينتقل هذا الحق بالميراث”( [68] ) .

وعقد الحكر ينشئ للمحتكر حقاً عينياً أصلياً في الأرض المحتكرة ، هو حق الحكر( [69] ) . ويخول له هذا الحق الانتفاع بالأرض بجميع وجوه الانتفاع ، بشرط $1472 أن تكون الأعمال التي يجريها في الأرض من شأنها أن تؤدي إلى تحسينها . وله بوجه خاص أن يقيم على الأرض بناء أو غراساً ، وله حق القرار في الأرض ببنائه أو غراسه إلى أن ينتهي حق الحكر . وله أن يحدث تصليحات في الأرض ، وأن يغير فيها بشرط ألا ينقص من قيمتها . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصا هو المادة 1260 منه ، وكانت تجري بما يأتي : “للمحتكر الحق في أن يعلو بالبناء القائم على الأرض المحكرة ، وفي أن يحدث به زيادة أو تعديلا ، ما لم ينص السند المنشئ لحق الحكر على غير ذلك” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة( [70] ) ، وهو ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة . فلمحتكر أن يعلو بالبناء ما شاء من طبقات( [71] ) ، أما إذا كان الحكر مقصوراً على الطابق الأرضي ، فلا يجوز للمحتكر أن يبني فوق هذا الطابق أطباقاً أخرى ، لأن حقه لم يتعلق إلا بالسفل وحق العلو لا يزال مملوكاً لجهة الوقف أو للمحكر( [72] ) .

وللمحتكر أن يتصرف في حق الحكر بجميع أنواع التصرفات ، فله أن يبيعه أو يهبه( [73] ) ، أو يرتب له أو عليه حق ارتفاق ، أو يرتب عليه حق انتفاع ، وله أن يؤجره ، بل له أن يقفه وقفاً خيرياً ولو كانت الأرض المحتكرة ليست وقفاً( [74] ) ، وأن يحكر حق حكره فينشئ حق حكر على حق الحكر( [75] ) . ويجوز له أن يوصي به ، وينتقل عنه بالميراث ، فحق الحكر بخلاف حق الانتفاع يبقى بعد موت صاحبه ولا ينقضي حتما بالوفاة ، وهذا ما يجعل حق الحكر أقوى من حق الانتفاع( [76] ) . والمحتكر يعد بالاختصار مالكاً مع المالك الأصلي ، فيقوم إلى جانب $1473 حتى ملكية الرقبة للمحكر حق الحكر يقترن بحق الرقبة . فهناك إذن نوع من التدخل ( juxtaposition ) ما بين الحقين( [77] ) .

ويترتب على أن حق المحتكر هو حق عيني عكس النتائج التي قررتاها بالنسبة إلى حق المستأجر وهو حق شخصي( [78] ) .

فيكون حق المحتكر عقاراً دائما لأنه حق عيني مترتب على عقار ، بخلاف المستأجر فهو منقول دائماً كما قدمنا( [79] ) .  ويترتب على ذلك أنه يجوز للمحتكر أن يرهن حق الحكر رهنا رسمياً ، ما لم يكن هذا الحق موقوفاً ، ولا يستتبع كون العين المحتكرة وقفا أن يكون حق الحكر ذاته موقوفاً ، فقد يوم حكر غير موقوفا على أرض موقوفة كما يقوم على أرض غير موقوفة ، وقد يوقف حق الحكر وهو قائم على أرض غير موقوفة( [80] ) . والحجز على حق الحكر يكون حجزاً عقارياً لا حجزاً على منقول . ويجب تسجيل حق الحكر كما قدمنا لأنه حق عيني أصلي قائم على عقار ، وكذلك يجب تسجي كل تصرف ناقل $1474 له كما إذا بيع أو وهب . والمحكمة المختصة بنظر قضايا الحكر هي محكمة العقار المحتكر .ويستطيع المحتكر أن يرفع ضد المتعرض له جميع دعاوي الحيازة ( actions posse )  ، والمستأجر في ذلك مثله كما قدمنا( [81] ) . ولكن المحتكر يستطيع فوق ذلك أن يرفع دعاوي الملكية ( actions petitoires ) فيسترد العقار ممن يغتصبه( [82] ) . دون حاجة إلى توسيط المحكر( [83] ) .

ويترتب كذلك على أن حق المحتكر حق عيني أن عقد الحكر يعتبر من أعمال التصرف ، وليس كالإيجار من أعمال الإدارة . فيجب أن تتوافر في الحكر أهلية التصرف ، ولا يدخل التصرف بالحكر في سلطة الوكيل وكالة عامة بل يجب فيه توكيل خاص( [84] ) . وظهور حق حكر على عقار يوجب ضمان الاستحقاق ، حتى في عهد التقنين المدني القديم حيث لا يضمن إلا استحقاق الحق العيني( [85] ) .

ولم يكن للمحتكر في عهد التقنين المدني القديم حق الأخذ بالشفعة كالمالك( [86] ) . ولكن التقنين المدني الجديد ( م 936 ) أثبت الحق في الأخذ بالشفعة “لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر ، وللمستحكر إذا بيعت الرقبة” . فيكون ذلك سبا من أسباب انقضاء حق الحكر عن طريق اتحاد $1475 الذمة ، جريا على السياسة التي اختطها التقنين المدني الجديد في التضييق من حق الحكر والتخلص منه بقدر الإمكان( [87] ) .

806- حق الملكية في البناء والغراس – نص قانوني : تنص المادة 1002 من التقنين المدني على ما يأتي :

“يملك المحتكر ما أحدثه من بناء أو غراس أو غيره ملكا تاما ، وله أن يتصرف فيه وحده أو مقترنا بحق الحكر( [88] ) .

ويتبين من النص المتقدم الذكر أن المحتكر إذا بني أو غرس في الأرض المحتكرة ، كان البناء أو الغرس ملكا له دون اتفاق على ذلك مع المحكر ، هذا بخلاف المستأجر إذا بني أو غرس في العين المؤجرة فإن البناء أو الغراس يصبح ملكا للمؤجر عن طريق الالتصاق ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك ( م 592 مدني ) .

ويكون للمحتكر في هذه الحالة حقان يتميزان أحدهما عن الآخر : حق عيني في الأرض المحتكرة وهو حق الحكر سالف الذكر ، وحق ملكية تامة في البناء أو الغراس الذي أحدثه في العين المحتكرة . ويجوز له أن يتصرف في كل حق مستقلا عن الحق الآخر . فيبيع مثلا البناء أو الغراس مع استبقاء حق الحكر ، ويجب على المشتري في هذه الحالة أجر مثل الأرض المحتكرة دون التفات إلى القيمة المقررة في عقد الحكر الأول( [89] ) . ويبيع حق الحكر مع استبقاء البناء $1476 أو الغرس ، وفي هذه الحالة يكون عليه هو أن يدفع أجر المثل لمن اشترى حق الحكر . ولكن يغلب أن يتصرف في الحقين معاً ، فيبيع البناء أو الغراس مقترنا بحق الحكر ، ويحل المشتري في هذه الحالة مكانه في كل من الحكر والبناء أو الغراس ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ما يقيمه المحتكر على الأرض من بناء أو غراس يملكه ملكا خالصا ، وتتميز هذه الملكية عن حق الحكر . وينبني على ذلك أن للمحتكر أن يتصرف في البناء أو الغراس منفصلا عن حق الحكر ، كما إذا باع البناء لمشتر واكتفى بأن يؤجر له حق الحكر ، فيكون للعقار في هذه الحالة ملاك ثلاثة ، صاحب الرقبة والمحتكر وصاحب البناء ، ويفي المحتكر بأجر الحكر لصاحب الرقبة ويستوفي الأجرة المشترطة من صاحب البناء . كما يجوز أن يتصرف المحتكر في حق الحكر دون البناء أو الغراس ، ويصبح هو المستأجر لحق الحكر في هذه الحالة مع بقائه مالكا للبناء أو الغراس . ولكن الغالب أن يتصرف المحتكر في حقيه مجتمعين ، لأن كلا منهما مكمل للأخر”( [90] ) .

وإذا انقضى حق الحكر وكان البناء أو الغراس لا يزال قائماً في الأرض ، فسنرى أن للمستحكر أن يطلب إزالتهما أو استبقاءهما مقابل دفع اقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء ( م 1010 مدني ) .

807- التزام المحتكر بدفع الجرة – نص قانوني : تنص المادة 1003 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- على المحتكر أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المحكر ، 2- وتكون الأجرة مستحقة الدفع في نهاية كل سنة ، ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك”( [91] ) .

$1477 ويخلص من النص المتقدم الذكر أن عقد الحكر يرتب في ذمة المحتكر التزاما شخصياً بدفع الأجرة للمحكر( [92] ) . ويكون للمحكر إذن حقان : حق عيني في الأرض المحكرة وهو ملكية الرقبة مجردة من حق الانتفاع الذي هو حق الحكر ، وحق شخصي في ذمة المحتكر بأن يدفع له الأجرة المتفق عليها . ويجب التمييز بين هذين الحقين . فالحق الأول حق عيني كما قدمنا ، وأي نزاع يقع عليه يكون النظر فيه من اختصاص محكمة العقار المحتكر . ويترتب على ذلك أن الدعوى بتصقيع الحكر تكون دعوى عينية لأنها متفرعة من أصل حق المحكر ، وهو يطلب فيها تعديلا في يحقه كمحكر يزيد المقابل لهذا الحق وهو أجر المثل ، ويكون نظر هذه الدعوى من اختصاص محكمة العقار المحتكر . أما الحق الثاني ، وهو حقه في استيفاء الأجرة عن مدة معينة ، فحق شخصي نظر النزاع فيه من اختصاص محكمة المدعي عليه أي المحتكر( [93] ) .

$1478 وأجرة الحكر تزيد أو تنقص تبعاً لزيادة أجرة المثل أو نقصها ، وقد سبق تفصيل ذلك عند الكلام في تصقيع الحكر( [94] ) . والأجرة تكون زهيدة في العادة( [95] ) . ، وفي الأحكار القديمة المنشأة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 تعد إيراداً دائماً إذا كان الحكر مؤبداً .

وتخضع الأجرة في الحكر للواعد العامة التي تسري على الأجرة بوجه عام . فتكون واجبة الدفع في موطن المحتكر ، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك . وتتقادم بخمس سنوات( [96] ) . ولكنها ، خلافاً للأجرة في اعقد الإيجار ، تكون مستحقة الدفع كل سنة ، وفي نهاية السنة أي تكون مؤجلة لا معجلة ، وذلك كله ما للم يقض الاتفاق بغيره ( م 1003/2 مدني ) .

وإذا لم يدفع المحتكر الأجرة في الميعاد القانوني ، جاز للمحكر مطالبته بها والتنفيذ عيناً مع طلب التعويض إذا كان له مقتض . ولكن لا يجوز للمحكر أن يطلب فسخ عقد الحكر لعدم الوفاء بالجرة ، إلا إذا تأخر المحتكر عن الدفع $1479 ثلاث سنوات متواليات .فقد نصت المادة 1009 من التقنين المدني ، في هذا المعنى ، على أنه “لا يجوز للمحكر ، إذا لم تدفع له الأجرة ثلاث سنين متوالية ، أن يطلب فسخ العقد( [97] )” . فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بفسخ عقد الحكر لتأخر المحتكر في دفع الأجرة سنة أو سنتين ، أو ثلاث سنوات غير متواليات كما لو تأخر سنتين ثم دفع السنة الثالثة وبعد ذلك تأخر في الوفاء بأجرة السنة الرابعة . وكل ما يملك المحكر في هذه الحالة هو أن يطلب الحك على المحتكر بالأجرة المتأخرة ، وينفذ بها على أمواله ، مع التعويض إن كان له محل . ذلك أن الحكر “يختلف عن الإجارة العادية في أنه حق عيني يكلف المحتكر نفقات كثيرة ، ومن ثم فلا يصح أن يهدد بالفسخ إلا بعد الفترة الملائمة من الزمن”( [98] ) .

808- التزام المحتكر بجعل الأرض صالحة للاستغلال- نص قانوني : تنص المادة 1007 من التقنين المدني على ما يأتي :

$1480 “على المحتكر أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لجعل الأرض صالحة للاستغلال ، مراعياً في ذلك الشروط المتفق عليها ، وطبيعة الأرض ، والغرض الذي أعدت له ، وما يقضي به عرف الجهة( [99] ) .

ويخلص من النص المتقدم أن عقد الحكر يرتب في ذمة المحتكر التزاماً ثانياً ، هو الغرض الأساسي من التحكير ، وذلك بإلزام المحتكر أن يصلح الأرض المحتكرة ، فإن المحكر لم يكن ليقبل تثقيل الأرض بحق الحك ، وهو حق خطير يكاد يستغرق حق الملكية ، في مقابل أجرة زهيدة كأجرة الحكر ، إلا لأن المحتكر سيقوم باتخاذ الوسائل اللازمة لجعل الأرض صالحة للاستغلال . فيردمها إذا كانت منخفضة . ويرممها إذا كانت في حاجة إلى الترميم ، ويعيد بناءها إذا كانت خربة ، ويسوي سطحها لجعلها صالحة للزراعة إن كانت أرضاً زراعية مع تطهير الترع والمصارف أو حفر ما يلزم الأرض من ذلك إذا لم يكن موجوداً .

ويراعى المحتكر في ذلك الشروط المتفق عليها . فإذا لم تكن هناك شروط ، وجب أن راعى طبيعة الأرض ، فالأرض الزراعية غير أرض البناء . ثم يراعى بعد ذلك  الغرض الذي أعدت له الأرض ، فالأرض التي أعدت لزراعة الفاكهة غير الأرض التي أعدت لزراعة الزهور وغير الأرض التي أعدت للمحصولات العادية . ويراعى أخيراً ما يقضي به عرف الجهة ، فقد يقتضيه العرف عناية خاصة أو مسلكاً خاصاً في استغلال الأرض .

$1481 وإذا لم يقم المحتكر بهذا الالتزام ، وجب تطبيق القواعد العامة . فيجوز للمحكر أن يطلب التنفيذ العيني أو الفسخ ، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض . ولم يتطلب القانون شرطاً خاصاً لطلب الفسخ ، بخلاف التأخر في دفع الأجرة حيث تطلب القانون كما رأينا أن يكون التأخر عن أجرة ثلاث سنوات متواليات . فيترك الأمر لتقدير القاضي إذا طلب منه الفسخ ، يستجيب إلى ها الطلب أولا يستجيب ، ولا يشترط في ذلك أن يثبت إهمال جسيم في يجانب المحتكر . وقد كان المروع التمهيدي يتضمن نصاً يشترط الإهمال الجسيم ، فكانت المادة 1270 من هذا المشروع تنص على أنه “إذا وقع من المحتكر إهمال جسيم في القيام بما يجب عليه من تحسين الأرض ، فللمحتكر أن يطلب فسخ العقد” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بالمادة 1007 سالفة الذكر( [100] ) ، أي أن المسألة تركت للقواعد العامة ، فلا يشترط إذن في طلب الفسخ الإهمال الجسيم .

§ 3- انتهاء الحكر

809- أسباب انتهاء الحكر : ينتهي الحكر بانقضاء الأجل . وقد ينتهي قبل انقضاء الأجل ، ويكون ذلك إما لأسباب خاصة بالحكر وإما لأسباب ترجع إلى القواعد العامة .

فالأسباب الخاصة بالحكر هي : ( 1 ) موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس . ( 2 ) زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة . ( 3 ) صدور قرار إداري بإنهاء الحكر القائم على وقف خيري .

ومن الأسباب التي ترجع إلى القواعد العامة : ( 1 ) اتحاد الذمة . ( 2 ) هلاك الأرض المحتكرة أو نزع ملكيتها . ( 3 ) عدم الاستعمال .

$1482 ( 1 ) انتهاء الحكر بانقضاء الأجل

810- الأحكار الجديدة المنشأة منذ العلم بالتقنين المدني الجديد – – نص قانوني : تنص الفقرة الأولى من المادة 1008 من التقنين المدني الجديد على ما يأتي :

“ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المعين له”( [101] ) .

وقد قدمنا أن أقصى مدة لحق الحكر في الأحكار الجديدة التي تنشأ منذ العمل بالتقنين المدني الجديد ، أي منذ 15 أكتوبر سنة1949 ، هي ستون سنة . فينتهي حق الحكر بانقضاء المدة المعينة له إن كانت هذه المدة ستين سنة أو أقل من ذلك . أما إذا كانت المدة المعينة أكثر منن ستين سنة ، انتهى حق الحكر حتما بانقضاء ستين سنة .

ولما كانت الأحكار الجديدة لا يمكن أن تقام إلا على أراض موقوفة ، فإن جهة الوقوف ، عند انتهاء الحكر بانقضاء مدته ، تخير ، فيما إذا كان للمحتكر بناء أو غراس لا يزال قائماً على الأرض المحتكرة ، بين طلب إزالته أو طلب استبقائه على الوجه الذي سنبينه فيما يلي :

811- الأحكار القديمة المنشأة قبل العمل بالتقنين المدني الجديد : وقد قدمنا( [102] ) أن الأحكار القديمة التي أنشئت قبل 15 أكتوبر سن 1949 ، سواء أنشئت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، تبقى خاضعة من حيث $1483 المدة للأحكام التي كانت سارية وقت إنشائها ، فيجوز أن تكون مؤيدة فلا تنتهي بانقضاء أجل ما( [103] ) . ويجوز أن تكون لمدة محددة ، كما يجوز ألا تكون هناك مدة معينة ، وفي الحالتين  ينتهي الحكر ، حتى لو انقضت المدة المحددة ، ما دام البناء أو الغراس قائماً  في الأرض وما دام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، وهذا كله ما لم يتفق على غيره . وقد كان نص المشروع التمهيدي في هذا المعنى ، إذ كان يجري على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المحدد له إن كان البناء الذي أقامه المحتكر قد تهدم أو الغرس الذي أحدثه قد تلف  ، وإلا فإن حق الحكر يبقى ما دام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، ما لم يتفق على غير ذلك” . ولكن النص عدل في لجنة المراجعة ، فأصبح نص المادة 1008 كما استقر في التقنين المدني الجديد لا ينطبق على الأحكار القديمة . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك( [104] ) .

ولا تثار في الأحكار القديمة مسألة تسوية حساب البناء والغراس عند انقضاء مدة الحكر ، فقد تقدم أن الحكر لا ينتهي ما دام البناء أو الغراس قائماً في الأرض . وإنما تثار في حالة استبدال الحكر ، وقد كان هذا الاستبدال في مشروع التقنين المدني إجبارياً إذا انقضت مدة معينة على الحكر ، ولكن النص الذي يشتمل على هذا الحكم حذف في لجنة مجلس الشيوخ ولم يستعض عنه بنص آخر ، فيكون الاستبدال اختيارياً بحسب اتفاق المحتكر والمحكر( [105] ) .

( ب ) انتهاء الحكر لأسباب خاصة به

812- ( 1 ) موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس – نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 1008 من التقنين المدني على ما يأتي :

$1484 “ومع ذلك ينتهي هذا الحق قبل حلول الأجل إذا مات المحتكر قبل أن يبني أو يغرس ، إلا إذا طلب جميع الورثة بقاء الحكر”( [106] ) .

ويفترض النص أن المحتكر قد مات قبل أن يبدأ تنفيذ التزاماه من البناء أو الغراس في الأرض المحتكرة . ففي هذه الحالة قد تتضرر الورثة من بقاء الحكر ، إما لعجزهم عن البناء أو الغراس ،وإما لعدم اتفاقهم على ذلك . فجعل القانون الخيار للورثة ، وما لم يطلبوا جميعاً بقاء الحكر فيلتزموا بالبناء وبالغراس ويحلوا محل مورثهم في ذلك ، ينتهي الحكر بموت المحتكر وقبل انقضاء أجل الحكر . وهذا الحكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ، ولكنه ورد في المادة 705 من مرشد الحيران على الوجه الآتي : “إذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المحتكرة ، انفسخت الإجارة ، وليس لورثته البناء أو الغراس فيها بدون إذن الناظر” . فالنص هنا لا يكتفي باتفاق الورثة ، بل يوجب أيضاً إذن الناظر ، حتى لا ينفسخ الحكر بموت المحتكر .

ويلاحظ أنه في سبب الانتهاء الذي نحن بصدد – موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس – لا تثار مسألة تسوية حساب البناء أو الغراس ، إذ المفروض أن شيئاً من هذا لم يبدأ .

813- ( 2 ) زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة – نص قانوني : تنص الفقرة الثالثة من المادة 1008 من التقنين المدني على ما يأتي :

“وينتهي حق الحكر أيضاً قبل حلول الأجل إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، إلا إذا كان زوال هذه الصفة بسبب رجوع الواقف في وقه أو إنقاصه لمدته ، ففي هذه لحالة يبقى الحكر إلى انتهاء مدته”( [107] ) .

$1485 ويرجع السبب في وضع هذا النص إلى أن قانون الوقف كان يجعل الوقف موقوتا في بعض الحالات ، فينتهي بانقضاء المدة المعينة له ، أو بانقراض الطبقات المعينة ، أو بصيرورة نصيب المستحقين قليل القيمة . فإذا انتهى الوقف لسبب من هذه الأسباب ، أو أبطل أو استبدل ، وزالت صفة الوقف عن الأرض ، وجب النظر في مصر الحكر الذي قد يكون مترتباً عليا . وقد جرى التقنين المدني الجديد على السياسة التي توخاها من التضييق في حق الحكر والعمل على إنهائه ما أمكن ذلك ، فنص على أنه إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، سواء حكرت بعد العمل بالتقنين المدني الجديد أو قبل العمل به انتهى الحكر بزوال صفة الوقف . وهنا يجب النظر في تسوية حساب البناء أو الغراس الذي قد يكون قائماً في الأرض بعد انتهاء الحكر ، وسنعرض لهذه المسألة في الفقرة التالية .

واستثنى المشرع سببين لم يجعل فيهما زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة مفضيا إلى انتهاء حق الحكر ، هما رجوع الواقف في وقفه وإنقاصه لمدته . ففي هاتين الحالتين يكون الواقف “ناقضا لما تم من جهته ، فيتعين أن يرد عليه سعيه”( [108] ) . ومن ثم يبقى الحكر قائما على الأرض ، حتى بعد أن زالت عنها صفة الوقف برجوع الواقف في وقفه أو إنقاصه لمدته . ويستمر الحكر قائماً على الأرض وقد أصبحت مملوكة ، وذلك إلى انقضاء مدته أو إلى أن ينتهي بسبب آخر غير انقضاء المدة .

وصدر بعد ذلك المسوم بقانون رقم 180 لسن 1952 بإلغاء نظام الوقف $1486 على غير الخيرات ، وقد نصت المادة الثانية منه بأن “يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصا لجهة من جهات البر” . فزالت بذلك صفة الوقف عن جميع الأراضي الموقوفة وقفا أهليا ، واستتبع ذلك انتهاء الأحكار التي كانت قائم على هذه الأراضي بزوال صفة الوقف عنها . وقد أكدت المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 هذا الحكم : إذ نصت على ما يأتي : “يعتبر منتهيا بسبب زوال صفة الوقف كل حكر كان مرتبا على أرض انتهى وقفها وفقاً لأحكام هذا القانون . وفي هذه الحالة تتبع الأحكام المقررة في المواد 1008 وما بعدها من القانوني المدني” . وقد قصد بوجه خاص ، من مواد التقنين المدني المشار إليها ، المادة 1010 التي تنظم تسوية حساب البناء أو الغراس الذي يكون قائماً بالأرض عند انتهاء الحكر . وهذا ما ننتقل الآن إليه .

814- تسوية حساب البناء أو الغراس عند انتهاء الحكر – نص قانوني : تنص المادة 1010 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- عند فسخ العقد أو انتهائه يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء أو الغرس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء .وهذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره . 2- وللمحكمة أن تمهل المحكر في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر الإمهال ، وفي هذه الحالة يقد المحكر كفالة لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته”( [109] ) .

$1487 وتطبيق هذا النص يكون في إحدى حالتين :

( الحالة الأولى ) إذا فسخ عقد الحكر ، ويفسخ كما رأينا لتأخر المحتكر في دفع الأجرة ثلاث سنوات متواليات ، أو إذا أهمل في إصلاح الأرض . ففسخ الحكر يستوجب ، إذا كان في الأرض بناء أو غراس قائم ، تسوية حسابه .

( الحالة الثانية ) إذا انتهى الحكر بانقضاء أجله في الأحكار الحديثة المنشأة منذ 15 أكتوبر سنة 1949( [110] ) ، أو بزوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة( [111] ) . فانتهاؤه بأحد هذين السببين يستوجب هنا أيضاً ، إذا كان في الأرض بناء أو غراس ، تسوية حسابه .

فإذا اقتضى الأمر تسوية حساب البناء أو الغراس في حالة من الحالتين المتقدمتى الذكر ، كان الخيار للمحكر . فله أن يطلب إزالة البناء أو الغراس من الأرض ، حتى يسترد الأرض خالية . وله أن يطلب استبقاء البناء أو الغراس ، وفي هذه الحالة يدفع للمحتكر أقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء ، فقد تكون قيمتاهما مستحقي البقاء اقل من قيمتيهما مستحقي الإزالة وذلك إذا كانت متخلفات البناء أو الأشجار بعد الهدم أو القلع لها قيمة وهي مفصولة عن الأرض أعلى من قيمتها وهي باقية فيها . وقد تكون القيمة الواجبة الدفع للمحتكر عالية لا يستطيع المحكر دفعها مرة واحدة ، فأجاز القانون للمحكمة ، إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذك ، أن تمنح المحكر أجلا للدفع ، أو أن تجعل الدفع على أقساط ، بشرط أن يقدم للمحتكر كفالة أو رهنا لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته .

$1488 وهذه الأحكام تسري إذا لم يوجد اتفاق بين المحكر والمحتكر على غيرها . فقد يتفقان على أن يترك المحتكر البناء أو الغراس دون تعويض ، أو يتفقان على تعويض اكبر أو اقل مما يقرره القانون .

815- ( 3 ) صدور قرار إداري بإنهاء الحكر القائم على وقف خيري : بعد أن زالت الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفا أهليا على النحو الذي رأيناه فيما تقدم ، لم تبق إلا الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً والاحكار القائمة على الأراضي غير الموقوفة . وقد عالج المشرع من هذه الأحكار تلك التي تقوم على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً ، فنص على إجراءات حاسمة لإنهائها كما سنرى .وبقيت الأحكار القائمة على الأراضي غير الموقوفة دون علاج ، فلا يجوز بوجه عام إنهاؤها قبل انقضاء مدتها إلا بالتراضي بين المحكر والمحتكر ، ويهون من أمرها أنها قلة ضئيلة .

أما الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً ، فقد تعاقبت في شأنها تشريعات ثلاثة تجعلها تنتهي بقرار إداري من وزير الأوقاف : القانون رقم 649 لسنة 1953 والقانون رقم 925 لسنة 1954 والقانون رقم 92 لسنة 1960 .

وقد قدمنا( [112] ) أن القانون رقم 649 لسنة 1953 أجاز لوزير الأوقاف في إنهاء الحكر القائم على وقف خيري . فبعد أن حلت الأوقاف الأهلية ، ولم تبق إلا الأوقاف الخيرية وأكثرها تحت نظارة وزارة الأوقاف ، رؤى ، تمشياً مع السياسة التي تقضي بأنه يجوز لوزير الأوقاف ، بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف ، أن ينهي بقرار منه أي حكر يقوم على وقف خيري إذا اقتضت مصلحة الوقف ذلك( [113] ) . فإذا كان على الأرض بناء أو غراس للمحتكر ، فإن القانون المشار إليه يقضي بتسوية الحساب على الوجه الآتي :

$1489 تختص وزارة الأوقاف بثلاث أرباع ثمن الأرض ، ويختص المحتكر بالربع الباقي من ثمن الأرض وبكل ثمن البناء والغراس . أما إذا لم يكن في العين بناء ولا غراس ، فإنها يقسم بين وزارة الأوقاف والمحتكر ، للأولى ثلاث أرباع الثمن وللأخيرة الربع .

ويلاحظ أن القانون رقم 649 لسنة 1953 المشار إليه قد تحيف حق المحتكر ، إذ قدره بربع ثمن الأرض ، مع أن وزارة الأوقاف نفسها كانت كما رأينا( [114] ) تعتنق نظرية تذهب فيها إلى أن حق المحتكر بقدر بالثلثين ، وقد أخذت محكمة النقض ، كما سنرى في الفقرة التالية ، بهذه النسبة في تقدير قيمة استبدال الحكر .

ثم صدر القانون رقم 295 لسنة 1954 يتضمن أحكاماً قصد منها تبسيط الإجراءات التي رسمها القانون رقم 649 لسنة 1953 وتيسيرها ، ومنها أن تقوم المحكمة عند عدم الاتفاق بين وزارة الأوقاف والمحتكر على ثمن الأرض ببيع العين الموقوفة وفقاً للأحكام المقررة للبيع الاختياري في قانون المرافعات .

“وعلى أثر صدور هذا القانون ( قانون رقم 295 لسن 1954 ) – كما تقول المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 92 لسنة 1960 الذي حل محله كما سنرى – أوجدت الوزارة ( وزارة الأوقاف ) من التسهيلات ما يمكن المحتكر من الاستبدال ، فقررت أن يكون الاستبدال مقسطاً بأن يدفع المحتكر خمس الثمن والباقي على خمس عشرة سنة . إلا أنه رغماً عن ذلك فإن هذا القانون لم يحقق الغاية المرجوة ، وسارت عملية الاستبدال في بطء شديد حتى كادت تتوقف . . وذلك بسبب ما صادف الوزارة من عقبات ومسائل استعصى حلها . ومن ذلك تعدد المحتكرين ، وقد يكون المحتكر وقفاً أهلياً انتهى على مستحقين كثيرين غير معروفين للوزارة ، ومن الصعوبة بمكان بل من المتعذر في كثير من الأحوال إعلانهم بقرار إنهاء الحكر ، وإن أعلنوا فقد يقبل البعض الاستبدال دون البعض الآخر . . .” .

وانتهى الأمر إلى صدور القانون رقم 92 لسنة 1960 يلغي القانون رقم 295 لسنة 1954 ويحل محله . وتنص المادة الأولى منه على أن “ينتهي حق الحكر $1490 على الأعيان الموقوفة بقرار يصدره وزير الأوقاف إذا اقتضت المصلحة ذلك ، على أن يتم إنهاء جميع الأحكار خلال مدة لا تزيد على خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون” . وتنص المادة الثانية على أن “يختص الوقف مالك الرقبة بثلاث أخماس ثمن الأرض والمحتكر بباقي الثمن . .” . وتنص المادة الثالثة على أنه “يخطر المحتكر بالقرار الصادر بإنهاء الحكر بخطاب موصي عليه بعلم الوصول ، كما ينشر القرار المذكور في الجريدة الرسمية وفي جريدتين يوميتين ويلصق لمدة أسبوع على الباب الرئيسي لمقر البوليس أو العمدة في المدينة أو القرية التي يوجد في دائرتا العقار . . .” . وتنص المادة السادسة على أن “تشكل لجنة الأحكار العليا من مدير إدارة الشؤون القانونية ومن مدير قسم الأملاك والأحكار ومدير قسم الأعيان والاستبدال بالوزارة وعضو من إدارة الفتوى والتشريع المختصة بمجلس الدولة وتكون الرياسة لأعلاهم درجة . وتختص هذه اللجنة بالمسائل التي تحال إليها من لجان شؤون الأحكار ( وهي اللجان التي تتولى فحص الأوراق والمستندات المتعلقة بالعقارات المحتكرة ) ، ويجوز لها أن تقرر التصرف في ثلاثة أخماس الأرض إما بالاستبدال إلى المنتفع الظاهر لها أو إلى بعض المحتكرين أو أحدهم . . كما يجوز لها أن تقرر فرز وتجنيب هذا النصيب . ويعتبر المحتكر في هذه الحالة مالكاً لخمسي الأرض ويحل محل الوزارة في جميع حقوقها .وتسري على العلاقة بين المشتري والمحتكر أحكام عقد الإيجار . وتتبع بالنسبة للمنشآت المقامة على الأرض أحكام المواد 924 و 925 و 926 من القانون المدني” . وتنص المادة السابعة على أن “يكون فرز وتجنيب نصيب الوزارة في الرقبة طبقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم55 لسنة 1960 المشار إليه . وإذا رأت لجنة القسمة بيع العقار جمعيه بالمزاد العلني لعدم إمكان قسمته بغير ضرر أو تعذر قسمته بسبب ضآلة الأنصباء ، وكانت الأرض مقاماً عليها منشآت ، فعلى لجنة القسمة تقدير ثمن للمنشآت والأرض كل على حدة ليجري البيع على أساسه . فإذا زاد أو نقص الثمن الراسي به المواد للعقار جميعه عن هذا التقدير ، وزرع الفرق بين المنشآت والأرض بنسبة الثمن الأساسي الذي قدر لكل منهما” . وتنص المادة التاسعة على أن “يتم الاستبدال بالتوقيع على العقد من وزير الأوقاف أو من ينيبه ويشهر العقد” .

$1491 ويلاحظ أن قيمة حق المحتكر قد ارتفعت في هذا القانون الأخير من الربع إلى الخمسين ، ولكنها لا تزال دون الثلثين .

( ج ) انتهاء الحكر لأسباب ترجع إلى القواعد العامة

816- ( 1 ) اتحاد الذمة : كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 1272 منه على ما يأتي : “ينتهي حق الحكر باتحاد الذمة ، إذا تملك صاحب الرقبة المنفعة ، أو إذا تملك صاحب المنفعة الرقبة” . وقد حذف هذا النصف في لجنة المراجعة ، لأنه مجرد تطبق لأحكام اتحاد الذمة( [115] ) .

فإذا ملك المحكر حق الحكر أو ملك المحتكر حق الرقبة ، كأن ورث أحدهما الآخر ، انتهى الحكر باتحاد الذمة ، وأصبح المحكر أو المحتكر باعتبارها مالكاً لها ، ويمتنع عن دفع أجرة الحكر ، وتكون حيازته للأرض كمالك خالية من الغموض ، فيتملك الرقبة بالتقادم ، وذلك بانقضاء ثلاث وثلاثين سنة إذا كانت الأرض وقفاً( [116] ) وخمس عشرة سنة إذا كانت الأرض ليست بوقف( [117] ) . وقد يصبح $1492 المحتكر مالكاً للرقبة بالتقادم ، فإن حق الحكر يزول باتحاد الذمة في شخص المحتكر( [118] ) .

وقد يشتري المحتكر حق الرقبة ، فإذا كانت الأرض موقوفة كان الشراء بطريق الاستبدال . وعندئذ يصبح مالكاً للأرض ملكية تامة ، ويزول حق الحكر باتحاد الذمة في شخصه . وكذلك يجوز أن يشتري المحكر حق الحكر ، فإذا كان هذا الحق موقوفاً كان الشراء بطريق الاستبدال . وعندئذ يصبح مالكاً للأرض خالية من حق الحكر ، ويزول هذا الحق باتحاد الذمة في شخصه . ويطلق على انتهاء حق الحكر بطريق الشراء “استبدال الحكر” . وقد قدمنا أن استبدال الحكر كان في مشروع التقنين المدني الجديد إجبارياً بعد انقضاء مدة معينة على الحكر ، ولكن النص القاضي بذلك حذف في لجنة مجلس الشيوخ( [119] ) . فأصبح الاستبدال اختيارياً ، وذلك فيما يتعلق بالأحكار القائمة على أراض غير موقوفة ، لأن الأحكار القائمة على أراض موقوفة وقفاً أهلياً قد زالت كما قدمنا( [120] ) ، والأحكار القائمة على أراض موقوفة وقفاً خيرياً يجوز إنهاؤها بقرار من وزير الأوقاف كما رأينا( [121] ) . وإذا وقع استبدال الحكر القائم على أرض غير موقوفة بالاتفاق بين المحكر والمحتكر ، جاز تطبيق قواعد استبدال الحكر الواردة في النصوص المحذوفة ، لأنها تتضمن الأحكام الواردة في لوائح وزارة الأوقاف ، وقد أقرتها محكمة النقض في حكمها المعروف( [122] ) .

$1494 وقد يشفع المحتكر في حق الرقابة إذا بيعت ، أو يشفع المحكر في حق الحكر إذا بيع ، وفي الحالتين يزول حق الحكر باتحاد الذمة ، في شخص المحتكر في الحالة الأولى ، وفي شخص المحكر في الحالة الثانية( [123] ) .

817- ( 2 ) علام الأرض  المحتكرة أو نزع ملكيتها : كان المشرع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 1275 منه على ما يأتي : “1- ينتهي حق الحكر بهلاك الأرض المحكرة . 2- وإذا نزعت ملكية الأرض المحكرة للمنفعة العامة ،  يوزع التعويض ين حق الرقبة وحق الحكر بنسبة كل منهما محسوبة على الأساس المبين في المادة السابقة ، وعلى هذا الأساس يوزع التعويض عن أي ضرر يلحق بالرقبة والحكر على السواء” . وحذفت هذه المادة في لجنة مجلس الشيوخ ، “أن في القواعد العامة ما يغني عن الأحكام الواردة( [124] ) بها” والمادة السابقة التي يشير إليها النص هي المادة 1274 من المشروع التمهيدي ، وهي التي تقضي بأنه لتعيين ثمن الرقبة وثمن حق الحكر تتخذ القيمة الإيجارية للأرض أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشرين سنة ، يختص حق الرقبة منه بالثلث وحق الحكر بالثلثين( [125] ) .

ولما كانت القواعد العامة الواجبة التطبيق في هذه المسألة تقضي بأن هلاك العين المحتكرة أو نزع ملكيتها للمنفعة العامة ينهي حق الحكر ولا يكون للمحتكر الرجوع بتعويض عن حقه ، فإن نصوص المشروع التمهيدي المحذوفة ، وهي متعارضة مع القواعد العامة كما نرى ، لا يجوز تطبيقها بعد أن حذفت . فإذا هلكت الأرض المحكرة ، وهذا لا يكون إلا نادراً كما إذا أكلها البحر ، انتهى بطبيعة الحال كل من حق الرقبة وحق الحكر . والصورة العملية لهلاك الأرض المحكرة هي الهلاك المعنوي بأن تنزع ملكيتها للمنفعة العامة وعند ذلك تصبح الأرض ملكاً عاماً ، وينتهي حق الحكر ، ولا يكون للمحتكر إلا التعويض عن $1495 البناء أو الغراس الذي قد يون قائما في الأرض المحكرة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لما كانت الشريعة الإسلامية تقضي بأنه إذا خرب البناء المحتكر أو جف شجره ، ولم يبق لهما أثر في أرض الوقف ، ومضت مدة الاحتكار ، فإن الأرض تعود إلى جهة الوقف ، ولا يكون للمحتكر ولا لورثته حق البقاء وإعادة البناء ، وبأنه إذا لم يمكن الانتفاع بالعين المؤجرة فإن العقد ينفسخ وتسقط عن المحتكر أجرة المدة الباقية . لما كان ذلك كان نزع ملكية الأرض المحكورة هي وما عليها من بناء للمنفعة العامة يترتب عليه حتما أن يفسخ عقد الاحتكار ، ويسقط ما كان للمحتكر من حق البقاء والقرار ، ولا يكون له إلا ثمن بنائه  ، أما الوقف فيكون له كل ثمن الأرض( [126] ) .

818- ( 3 ) عدم الاستعمال – نص قانوني : تنص المادة 1011 من التقين المدني على ما يأتي :

“ينتهي حق الحكر بعدم استعمال مدة خمس عشرة سنة ، إلا إذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة”( [127] ) .

وقد قدمنا( [128] ) ، أن حق الحكر منفصل عن حق الرقبة ، وأن أحدهما قد $1996 يكون موقوفاً دون الآخر . فقد تكون الأرض موقوفة وهذا هو الغالب ، ويكون حق الحكر عليها موقوفاً هو أيضاً أو يكون غير موقوف . ولا يلزم من إنشاء الحكر على أرض موقوفة أن يكون الحكر نفسه موقوفاً ، بل هو ينشأ غير موقوف ، وإذا أريد وقفه وجب إنشاء الوقف بتصرف مستقل . وقد تكون الأرض غير موقوفة ، ويكون حق الحكر عليها موقوفاً أو يكون غير موقوف . فيمكن إذن أن نتصور حق حكر موقوف على أرض غير موقوفة ، كما يمكن أن نتصور حق حكر موقوف على أرض موقوفة .

والذي يعتد به في انتهاء الحكر بعدم الاستعمال هو حالة حق الحكر ذاته لا حالة الأرض المحكرة . فإذا كان حق الحكر غير موقوف ، انتهى بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة( [129] ) ، ولو كانت الأرض المحكرة موقوفة ، وذلك وفقا للقواعد العامة المقررة في سوط الحق بعدم الاستعمال . وإذا كان حق الحكر موقوفاً ، انتهى بعدم الاستعمال مدة ثلاث وثلاثين سنة ، ولو كانت الأرض المحكرة غير موقوفة ، وذلك وفقاً للقواعد العامة المقررة في شأن الوقف .


( [1] )  الإيجار للمؤلف فقرة 150 ص 198 هامش 2 .

( [2] )  ونذكر من هذه الضروب ما يأتي :

Bail a covenant ou a domaine congeable – Bail a complant – contrat de champart – Bail a rente, a colonage ou a locatairie perpeiuelle .

انظر في  ذلك بودريي وفال 1 فقرة 1464 – فقرة 1527 – بلانيول وريبير 10 فقرة 693 – فقرة 715 .

( [3] )  انظر في الأمفتيوز ( emphyteose ) في القانون الفرنسي بودري وفال 1 فقرة 1443 – فقرة 1463 – بلانيول وريبير 10 فقرة 684 – فقرة 692 و 3 فقرة 1000 – فقرة 1001 .

( [4] )  مصر الكلية الوطنية استئنافي 30 يونيه سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 97 ص 215 .

( [5] )  يرى الأستاذ جرانمولان ( العقود فقرة 459 ) أن أحكام الحكر في الشريعة الإسلامية مأخوذة من أحكام عقد الأمفتيوز التي كانت معروفة في القانون الروماني ، ويؤيد الرأي أن صاحب كتاب مطلع الدراري لما تكلم في الحكر ( ص 152 ) قال : في الأمفتيوز أو الحكر ( الإيجار للمؤلف فقرة 152 ص 201 هامش 3 ) .

( [6] )  م 708 مشد الحيران : “الخلو المتعارف في الحوانيت هو أن يجعل الواقف أو المتولي أو المالك على الحانوت قدراً ميعناً من الدراهم ، ثم يؤخذ من الساكن ويعطيه به تمسكاً شرعياً ، فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي ثبت له الخلو ولا إجارة الحانوت لغيره ما لم يدفع له المبلغ المرقوم” .

( [7] )  م 709 مرشد الحيران : “المرصد هو دين مستقر على جهة الوقف للمستأجر الذي عمر من ماله عمارة ضرورية في مستغل من مستغلات الوقف للوقف بإذن ناظره ، عند عدم مال حاصل في الوقف وعدم من يستأجره بأجرة معجلة يمكن تعميره منها” – م 710 مرشد الحيران : “لا يجوز لصاحب المرصد أن يبعه ولا يبيع البناء الذي بناء للوقف ، وإنما له مطالبة المتولي بالدين الذي لصاحب المرصد أن يبيعه ولا يبيع البناء الذي بناه للوقف ، وإنما له مطالبة المتولي بالدين الذي له إن من يرد استقطاعه من أصل أجر المثل”م . 711 مرشد الحيوان : “يجوز لصاحب المرصد ولورثته حبس العين المأجورة إلى حين استيفاء المرصد . فإذا مات المتولي الذي أذن بالعمارة ، فلصاحب المرصد وورثته الرجوع على تركة المتولي بما يكون مستحقاً لهم من المرصد ، وتطالب ورثته  المتولي المتوفى من خلفه في نظارة الوقف لأجل  أداء المرصد من غلة الوقف” . – وقد صدر في هذا الموضوع أحكام كثيرة من محكمة الاستئناف المختلطة ، نذكر منها ما يأتي : “إذا احتاجت عقارات الوقف للتعمير الضروري ولا مال في الوقف جاز للناظر أن يأذن المستأجر في تعميرها والصرف عليها من ماله وما صرفه يكون مرصداً له على الوقف يخوله حق حبس العين الموقوفة تحت يده والانتفاع بها إلى أن يستوي دينه من غلة الوقف وإلى حين اقتطاعه من أصل الأجرة . لهذا يجوز لناظر الوقف أن يؤجر عقار الوقف لمدة مستطيلة لحين وفاء دين المستأجر ، ولا يجوز للدائنين الآخرين أن يحجزوا تحت يد هذا المستأجر على إيجار ذلك العقار ( استئناف مختلط 6 أبريل سنة 1898م 10 ص 230 ) – الإيجار المعقود من ناظر الوقف ، والذي يقر فيه المستأجر بمبلغ صرف على إعادة بناء الوقف في مقابل أن يسكن المستأجر في العين الموقوفة في نظير أجرة يستنزل بعضها من أصل الدين ويدفع بعضها لجهة الوقف ، هو عقد إيجار صحيح يجب احترامه ، ومثل هذا العقد يعرف في الشريعة الإسلامية بالمرصد . ويجوز لناظر الوقف أن يتخلص من الالتزام الناشئ عن عقد المرصد بأن يدفع الدين من غلة العقارات الأخرى الموقوفة ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1911م 23 ص 143 ) – في العقد المعروف في الشريعة الإسلامية بالمرصد للمستأجر الذي صرف على الوقف بإذن الناظر مصروفات ضرورية ونافعة أن يطالب الناظر بدفع الدين الذي له من غلة الوقف ، هذا إذا لم يختر أن يستنزل هو الدين من الأجرة المستحقة عليه ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 127 ) – من استأجر من الوقف عقاراً عليه أبنية قديمة ، واشترط لنفسه الحق في إقامة أبنية جديدة تخصم مصروفاتها جزئياً من الأجرة المستحقة بشروط معينة ، لا يصبح مالكاً للأبنية الجديدة التي صارت ملكاً لجهة الوقف بشرط أن تدفع له ما تكلفه من المصروفات في البناء . وإذا اتفق على غير هذا بدون إذن القاضي كان الشرط باطلا ، ولكن هذا البطلان لا يعفي الوقف من التزامه بتعويض المستأجر لما صرفه على العقار لأنه ليس لأحد أن يثري على حساب الغير ، وللمستأجر وقد أصبح دائناً بموج عقد المرصد أن يحبس العين حتى ستوفي قيمة الأبنية التي أفاد بها الوقف ( استئناف مختلط 21 يناير سنة 1915م 27 ص 133 ) .

( [8] )  م 706 مشد الحيران : “يطلق الكدك على الأعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار كالبناء ، أولا على وجه القرار كآلات الصناعة المركبة به . ويطلق أيضاً على الكر دار في الأراضي ، كالبناء والغراس فيها” – م 707 : “والكدك المتصل بالأرض بناء أو غراساً أو تركيباً على وجه القرار هو أموال متقومة تباع وتورث ، ولأصحابها حق القرار ، ولهم استبقاؤها بأجر المثل” . وقد قضت محكمة  الاستئناف المختلطة بأن الكدك يطلق على ما يبنيه مستأجر أرض الوقف من ماله لنفسه بإذن المتولي ، سواء جعل بناءه حانوتاً للتجارة أو للصناعة . ويون الكدك على الأرض الموقوفة ، فمن ادعى أن له كدكاً على أرض انطوى تحت دعواه إقرار منه بأن الأرض وقف ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1901م 13 ص 140 ) . وانظر في الكدك أيضاً استئناف مختلط 30 مارس سنة 1926م 38 ص 315 .

( [9] )  إذا كبس إنسان أرض وقف بتراب مملوك لنفسه ، أو أحدث بناء أو غرس أشجاراً فيها ، بإذن المتولي عليها ، سمي ذلك كرداراً . وحكم الشريعة الإسلامية الغراء فيه هو أنه لا يصح نزع الأرض من يد من أجرى فيها ذلك متى كان قائماً بدفع أجر المثل وقام التنازع فيه ، كانت المحاكم الأهلية هي المختصة بنظره ، إذ يكون نظرها في ذلك ليس واقعاً في أصل الوقف ولا ماساً بحكم المحاكم الشرعية الذي لم يتعرض لتعيين أجر المثل ( محكمة طنطا الاستئنافية 10 يونيه سنة 1898 القضاء 4 ص 411 ) . وقد جاء في حيثيات الحكم : “حيث إن الكردار على ما هو مذكور في القاموس وغيره من كتب اللغة هو مثل الأشجار والكبس إذا كبسه من تراب نقله من مكان كان يملكه الكباس . وحيث إن المنصوص عليه في تنقيح الفتاوى الحامدية من باب مشد السكة أن صاحب الكردار يثبت له حق القرار بأجرة مثل الأرض خالية عن الكردار حيث لا ضرر على الوقف ، وإن لأبى الناظر ، نظراً لجهة صاحب الكردار وجهة الوقف . وهذا إذا ثبت أن الكردار وضع بإذن المتولي على الأرض . . . وحيث إنه مذكور في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتاب الإجارة نمرة 129 ما مضمونه أنه إذا تنازع الناظر على أرض الوقف وصاحب البناء فيها في أجر المثل ، بأن ادعى صاحب البناء أن ما يدفعه في دكانه هو أجر المثل والناظر يدعي أن أجر المثل زائد عما يدفعه صاحب البناء ، ولا بينة للناظر ، فالحكم أن القول يكون لصاحب البناء ، وعلى الناظر إثبات ما أدعاه من الزيادة” .

( [10] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 560 .

( [11] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 561 في الهامش .

( [12] )  انظر في كل ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 561 – ص 566 .

( [13] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 560 ص 561 .

( [14] )  استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 القضاء 5 ص 7 .

( [15] )  استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – وقد وردت هذه الأحكام في المواد 700 – 705 من مرشد الحيران . وكان لقضاء محكمة الاستئناف المختلطة وقضاء محكمة النقض شأن عظيم في بسط هذه الأحكام وتطبقها تطبيقاً علمياً على الأحكار في مصر ، وكانت إذا ذاك ذات أهمية كبيرة من حيث العدد ومن حيث القيمة .

( [16] )  ولا يملك المستأجر تحكير العين ، لأن الحكر حق عيني لا يملك منحه إلا من يملك التصرف في الملك ( مصر الوطنية 14 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 643 ص 1269 ) .

( [17] )  استئناف وطني 2 مايو سنة 1902 الحقوق 17 ص 211 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894م 7 ص 35 – 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 – جرانمولان في العقود فقرة 457 – الإيجار للمؤلف فقرة 151 ص 200 .

( [18] )  وقد نصت المادة 332 من قانون العدل والإنصاف لقدري باشا على ما يأتي : “إذا خربت دار الوقف وتعطل الانتفاع بها بالكلية ، ولم يكن للوقف ريع تعمر به ، ولم يوجد أحد يرغب في استئجارها مدة مستقبلة باجرة معجلة تصرف في تعميرها ، ولم يمكن استبدالها ، جاز تحكيرها بأجر المثل . وكذلك الأرض الموقوفة إذا ضعفت عن الغلة ، وتعطل انتفاع الموقوف عليهم بالكية ، ولم يوجد من يرغب في استئجارها لإصلاحها أو من يأخذها مزارعة ، جاز تحكيرها” . وعرفته محكمة الاستئناف الوطنية بأنه عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والغرس أو لأحدهما ، والمحكر مؤجر والمحتكر مستأجر ( استئناف وطني 4 فبراير سنة 1897 الحقوق 12 ص 115 ) . ولكنه يختلف عن الإيجار في طبيعته وفي أغراضه ، فهو عقد قائم بذاته ( sui generic ) ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1921م 33 ص 402 – وانظر استئناف مختلط 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 ) .

( [19] )  استئناف مختلط 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 344 – دي هلتس 4 ص 392 فقرة 16 .

( [20] )  استئناف مختلط 25 ابريل سنة1900م 12 ص 215 – 10 ماس سنة 1909 م 21 ص 249 – مصر الوطنية 26 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 رق 619 ص 751 .

( [21] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 561 – ص 567 .

( [22] )  وأعقبه القانون رقم 295 لسنة 1954 الذي حل محله القانون رقم 92 لسنة 1960 – وسنورد أحكام هذا القانون الأخير عند الكلام في انتهاء الحكر ( انظر ما يلي فقرة 814 ) .

( [23] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 1257 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- يجوز ترتيب الحكر على عين موقوفة أو على عين غير موقوفة . 2- ويجب أن يكون إنشاء الحكر بورقة رسمية . فإذا كانت الأرض التي ترتب عليها حق الحكر عيناً موقوفة ، وجب على الناظر أن يستصدر من المحكمة الشرعية التي تقع في دائرتها هذه الأرض حجة شرعية ، بعد أن يقيم الدليل على أن إنشاء الحكر أمر تقتضيه المحافظة على العين الموقوفة” . وفي لجنة المراجعة عدل النص على الوجه الآتي : “1- يكون إنشاء الحكر بورقة رسمية . 2- ولا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة وبإذن من المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها تلك الأرض ،  ويجب أن يصدر به شهادة على يد رئيس المحكمة أو أحد قضاتها أو مأذون من قبله” ، وأصبح رقم المادة 1075 في المشروع النهائي . وفي اللجنة التشريعية لمجلس النواب ، عدلت الفقرة الثانية تعديلا يتسق مع المادة 2 م مشروع قانون الوقف كما أقرها مجلس النواب أخيرا . ووافق مجلس النواب على المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 1072 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الأولى لأن في الفقرة الثانية ما يغني عنها ، واستبدلت في الفقرة الثانية بكلمة “إشهاد” كلمة “عقد” لأن العرف جرى بإطلاق الإشهاد على ما يعقد من التصرفات بإرادة واحدة والمسألة تتعلق بعقد يتم بتعبيرين صادرين عن إرادتين ، ثم أضيفت إلى الفقرة الثانية العبارة الآتية : “ويجب شهره وفقاً لأحكام قانون تنظيم الشهر العقار” لتبرز فكرة أن حق الحكر حق عيني تتبع في شهر القواعد التي تتبع في شهر غيره من الحقوق العينية . ووافق على النص مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم المادة 1000 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 – ص 572 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم . والذي جرى عليه القضاء المختلط في عهد هذا التقنين التمييز بين ما إذا كانت الأرض المحتكرة وقفاً فيصبح الحكر في هذه الحالة عقداً شكلياً ولا يكون إلا بالكتابة ويجب تسجيله في المحكمة الشرعية ( استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1890م 2 ص 114 – 9 مايو سنة 1900م 12 فبراير سنة 1912 م 24 ص 164 – 3 يناير سنة 1917م 29 ص 133 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193 – 6 فبراير سنة 1923م 35 ص 191 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 455 ) ، وبين ما إذا كانت الأرض المحتكرة غير وقف فينعقد الحكر بمجرد الإيجاب والقبول بلا حاجة إلى كتابة ولا إلى إذن من القاضي ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 ) . أما القضاء الوطني فلم يكن يعتبر عقد الحكر حتى على أرض موقوفة عقداً شكلياً ، فقد نصت محكمة النقض بأن محل العمل بأحكام المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي تنص على منع سماع دعوى الوقف إلا إذا كان ثابتاً بإشهاد ممن يملكه على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وكان مقيداً بدفتر إحدى المحاكم الشرعية أن يكون النزاع في أصلي الوقف . أما إذا كان النزاع قاصراً على المطالبة بالحكر ، فيكفي فيه تقديم الدليل على التحكير ( نقض مدني 2 يوليه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 ) . ولكن محكمة استئناف مصر اشترطت أن يكون الحكر بإذن القاضي إذا كانت الأرض المحتكرة موقوفة ( استئناف مصر 16 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 32 ص 83 : وقد قضي هذا الحكم بأنه إذا أجر ناظر الوقف الأرض لمدة 33 سنة قابلة للتجديد وتعهد بدفع قيمة ما تساويه المباني يوم الإخلاء ، فهذا العقد لا يكون حكراً لأن لائحة الإجراءات الداخلية للمحاكم الشرعية المعدلة بقانون رم 23 لسنة 1921 صريحة في أن الإذن بالتحكير يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية فلابد من إذن القاضي الشرعي في التحيكر ، ويكون العقد في الحالة التي نحن بصددها إيجاراً عادياً لأرض موقوفة فلا يجوز إيجارها هذه المدة الطويلة إلا بإذن القاضي ) . انظر أيضاً استئناف وطني 12 يناير سنة 1912 المجلة القضائية 132 ص 6 .

لما كان التقنين المدني الجديد لا يجيز ترتيب الحكر إلا على أرض موقوفة ، فالحر في هذا التقنين أصبح دائماً عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بتوثيق رسمي . وبديهي أن الاحكار التي ترتبت في عهد التقنين المدني القديم على أعيان غير موقوفة بغير توثيق رسمي تبقى قائمة وفقاً للأحكام التي كانت تسري وقت إنشائها ، ولكنها تخضع من حيث الآثار والانتهاء لأحكام التقنين المدني الجديد كما سنرى ( م 1012/2 مدني ) .

( [24] )  ويقول النص “المحكمة الابتدائية الشرعية” ولما كانت المحاكم الشرعية قد ألغيت ، وأصبحت المحكمة الوطنية هي المحكمة ذات الاختصاص العام في جميع المسائل ، فقد حلت بذلك المحكمة الابتدائية الوطنية محل المحكمة الابتدائية الشرعية في الاختصاص بالإذن في إنشاء الحكر على العين الموقوفة .

( [25] )  كان هذا صحيحاً في المشروع التمهيدي ، أما في المروع النهائي فقد أوجبت لجنة المراجعة ، كما سنرى ، ألا يكون إنشاء الحكر إلا على عين موقوفة . واستقر هذا الحكم في التقنين المدني الجديد .

( [26] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 572 – ص 573 .

( [27] )  وكان الحكر ، في عهد التقنين المدني القديم ، واجب التسجيل حتى يكون نافذاً في حق الغير ( مصر المختلطة 19 فبراير سنة 1912 مجموعة التشريع الدائمة باتشي وسستو في تقنين أحكام الوقف تحت المادة 332 فقرة 33 – سليمان مرقس فقرة 329 ص 627 هامش 1 ) .

( [28] )  وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز إثبات الحكر على أرض موقوفة ، إذا فقدت الحجة الشرعية ، بأوراق أخرى لا تدع أي شك في وجوده ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1913م 25 ص 266 – 31 يناير سنة 1933م 45 ص 150 – 13 فبراير سنة 1934م 46 ص 162 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 – 17 مارس سنة 1936م 48 ص 193 ) .

( [29] )  استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 319 ص 625 – استئناف مختلط 15 مايو سنة 1901م 13 ص 308 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193 – ولكن إذا كسب شخص حق الحكر من المالك الحقيق ، فلا يجوز له أن يكسب ملكية العقار نفسه بالتقادم بمجرد امتناعه عن دفع أجرة الحكر ، لأنه وضع يده على العقا كمحتكر لا كمالك ( نقض مدني 22 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 – 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 ) ، وهذا ما لم يغير واضع اليد نيته فيضع يده كمالك ويثبت ذلك من الظروف ( استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 29 ص 59 : ويقضي هذا الحكم بأن عدم دفع المحتكر أجرة الحكر لجهة الوقف مدة ثلاث وثلاثين سنة يسقط حق الوقف في المطالبة بأجرة الحكر ويجعل واضع اليد مالكاً ملكية تامة لا مجرد محتكر – استئناف مختلط أو لفبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 28 مايو سنة 1940م 52 ص 286 – 4 مارس سنة 1941م 53 ص 124 – 20 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – احمد فتحي زغلول ص 291 – الإيجار للمؤلف فقرة 160 ) .

( [30] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 – ص 572 في الهامش .

( [31] )  تاريخ النص : لم يكن لهذا النص مقابل في المشروع التمهيدي . وفي لجنة المراجعة رؤى ، لمعاجلة الاحكار القائمة على أرض غير موقوفة من وقت العمل بالقانون ، إضافة النص الآتي : “الاحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة” ، وأصبح رقمه المادة 1090 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1087 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت فقرة جديدة – جعلت الفقرة الأولى – لإبراز فكرة المشرع في تحريم الاحتكار على الأرض غير الموقوفة ولو أنها مستفادة من تعريف الحكر الوارد في المادة . . ( ولكن النص الذي ورد فيه تعريف الحكر بأنه لا يكون إلا على أرض موقوفة حذف في نفس لجنة مجلس الشيوخ لأنه من قبيل التعريفات ولأن الحكم الذي تضمنه من قصر الحكر على الأرض الموقوفة قد وردف في المادة 1012 – فأصبحت المادة 1012/1 وحدها هي التي تنص على أن الحكر لا يكون ، من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، إلا على أرض موقوفة ) . وجرت الفقرة الأولى الجديدة التي أضيفت إلى المادة على الوجه الآتي : “من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 فقرة ثالثة” . فأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1012 . وقالت اللجنة في تقريرها : “أضافت اللجنة إلى هذه المادة فقرة أولى . . وقد راعت في هذه الإضافة أن سبل استغلال الأراضي المملوكة ميسرة ، وأن الحكر حق لا ينبغي التوسع في تطبيقه ولهذا قصرت استعماله على الوقف ، إلا أنها رأت أن تستثني الحالة التي يكون فيها الحكر قد رتب على أرض موقوفة زالت عنها فيما بعد صفة الوقف لسبب لا يفضي إلى انتهاء الحكر . وحكم النص الذي أضافته اللجنة لا يسري على الماضي رعاية للحقوق المكتسبة ، ولكنه ينصرف على المستقبل فلا يطبق إلا من وقت العمل بهذا القانون” . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 613 – ص 615 ) .

( [32] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 .

( [33] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 573 .

( [34] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 569 .

( [35] )  انظر آنفاً فقرة 797 .

( [36] )  انظر آنفاً فقرة 799 .

( [37] )  استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 10 مارس سنة 1909م 21 ص 249 – مصر الوطنية 26 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 619 ص 751 – انظر عكس ذلك مصر الوطنية 14 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 643 ص 1296 .

( [38] )  وكان مقتضى ألا يكون للتقني المدني الجديد أثر رجعي أن الحكر المعقود قبل 15 أكتوبر سنة 1949 يخضع للأحكام التي كانت سارية وقت انعقاده ، فلا يخضع إذن لأحكام التقنين المدني الجديد . ولكن لما كانت أحكام التقنين المدني الجديد لا تختلف كثيراً عن الأحكام السابقة عليها ، وكثيرا من هذه الأحكام تعتبر من النظام العام فتسري بأثر فوري حتى على الاحكار المعقودة قبل العمل بها ، فقد رؤى ، إخضاع جميع الاحكار لقواعد واحدة هي قواعد التقنين المدين الجديد ، حتى لا تتعدد الأحكام في نظام عتيق هو الآن في سبيله إلى الزوال .

( [39] )  انظر ما يلي فقرة 801 .

( [40] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1256 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “الحكر عقد يكسب المحتكر بمقتضاه حقاً عينيا يخوله الانتفاع بأرض ، بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس و لأي غرض آخر ، وذلك في مقابل أجرة معينة . 2- لا يجوز الاتفاق على التحكير لمدة تزيد على تسع وتسعين سنة ، فإذا اتفق على مدة أطول ، أو على مدة غير محدودة ، أو أغفل الاتفاق تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة تسع وتسعين سنة” . وفي لجنة المراجعة رؤى قصر الحكر على الأرض الموقوفة وتعديل المادة على الوجه الآتي : “1- الحكر عقد به يكسب المحتكر قحاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عيها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر ، وذلك في مقابل أجرة معينة . 2- ولا يجوز الاتفاق على التحكير لمدة تزيد على تسع وتسعين سنة . فإذا اتفق على مدة أطول أو على مدة غير معينة أو أغفل الاتفاق تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة تسع وتسعين سنة” . وأصح رقم المادة 1074 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1071 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الأولى لوضوح حكمها بالنسبة إلى حقوق المحتكر ، ولأن الحكم الخاص بقصر الحكر على الأرض الموقوفة قد ورد في المادة 1012 . وعدلت الفقر الثانية على الوجه الآتي : “لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة . فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة ستين سنة ، إلا إذا أنهى الوقف قبل ذلك” . وقد راعت اللجنة في هذا التعديل أن تخفض المدة التي لا يجوز الاتفاق على مجازتها في التحكير ، توخياً لإبراز معنى توقيت الحكر ، ولا سيما بعد أن أصبح تعمير العين المحكرة واستبدالها ميسورين في مدة أقصر من المدة التي كان يقتضيها تحقيق هذين الغرضين في الزمن الماضي . وأريد بإضافة عبارة “إلا إذا انهي الوقف قبل ذلك” مواجهة حالة انتهاء الوقف الأهلي الموقت إذ قد ينتهي قبل ستين سنة . وفي جلسة أخرى حذفت اللجنة العبارة الأخيرة “إلا إذا انتهى الوقف قبل ذلك” على أن يتضمن حكمها مادة أخرى هي المادة 1008 .وأصبح رقم المادة 999 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 568 – ص 570 ) .

ولا يقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولم يكن لمدة الحكر في عهد هذا التقنين حد أقصى ، بل كان يصح أن يكون الحكر دائمياً .

( [41] )  انظر آنفاً م 335 من قانون العدل والإنصاف – استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 212 ص 603 – وقضي بأنه إذا نص في عقد تأجير الأراضي الموقوفة على أن التأجير لمدة سنة واحدة ، وعلى أن للمؤجر حق تسلم الأرض ولو في خلال هذه السنة ، كما نص فيه على أن المستأجر ليس له حق البقاء والقرار ، فقد انتفى اعتبار العقد تحكيراً ، لأن هذه النصوص منافية لخصائص الحكر الرئيسية ( عابدين 11 ديسمبر سنة 1949 لمحاماة 30 رقم 174 ص 207 ) .

( [42] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 570 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [43] )  انظر تفصيل ذلك فيما يلي فقرة 811 .

( [44] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 605 – ص 606 في الهامش – وكان المروع التمهيدي يتضمن النص الآتي ( م 1273م المشروع ) : “إذا بقي حق الحكر أكثر من تسع وتسعين سنة بسبب قيام البناء أو الغراس ، كان لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يطلب شراء حق الآخر في أي وقت بعد انقضاء هذه المدة ، وإذا طلب كل مهما الشراء أجيب طلب المحتكر وحده” . وكان هذا النص مقصوداً به أن يسري على كل حكر ، سواء أنشئ قبل العمل بالتقنين المدني الجديد أو أنشئ بعد ذلك . وفي تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تضمن المروع نصاً آخر ( م 1274 ) يجري على الوجه الآتي : “في تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تتخذ القيمة الإيجارية للأرض بالحالة التي هي عليها أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشرين سنة ، إلا إن كان صقع الأرض لا يسمح لصاحبها بأن يحصل على ثمنها في تلك المدة وإنما يتطلب لذلك مدة أطول ، ففي هذه الحالة تقدر الأجرة عن المدة الأطول ، ويكون ذلك ثمناً للعين كلها ، يختص حق الرقبة منه بالثلث ، وحق الحكر بالثلثين” . وفي لجنة المراجعة عدلت المادة 1273 على الوجه الآتي : “1- إذا بقي حق الحكر أكثر من خمسين سنة ، كان لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يطلب شراء حق الآخر في أي وقت بعد انقضاء هذه المدة ، وإذا طلب كل منهما الشراء أجيب طلب المحتكر وحده” . والحكمة في هذا التعدي لهي أن يكون هناك مبرر قوي للشراء وهو طول المدة الباقية على استمرار حالة الحكر . ثم نوقش النص مرة أخرى في اللجنة ،  وحضر مفتي وزارة الأوقاف المناقشات وقال : “إن الشريعة لا تعترف بأن الحكر يقلل من قيمة الأرض المحكرة ، والدليل على ذلك أن ناظر الوقف وحده له من حق التحكير بدون أخذ رأي القاضي ، وقال إنه لو كانت قيمة العين تنقص بالتحكير لما أباحت الشريعة الإسلامية ذلك” . وختم كلامه قائلا : “إن المحتكر لم يدفع أي ثمن لحق البقاء والقرار ، وإنما كل ما دفعه هو أجرة انتفاعه بالأرض ، وهذا لا يكسبه إلا حق الأولوية في الإيجار ، وهو بذلك لم يكسب أي حق عينين على العين الموقوفة” . فلم تجار اللجنة هذا الرأي ، وبعد مناقشة وافقت على أن تكون مدة التحكير في الأحكار الجديدة ستين سنة ، وأن يقتصر النص على الأحكار القائمة وقت العمل بالتقنين المدين الجديد ، على أنه بعد مضي ستين سنة على الأقل من وقت إنشاء الحكر يكون لكل من المحكر والمحتكر الحق في طلب إنهائه مقابل تعويض عادل ، وعند التزاحم يفضل المحتكر ويكون شراؤه للأرض المحتكرة نوعاً من استبدال الر الموقوفة تجيزه الشريعة . ثم ناقشت اللجنة النسبة التي يوزع بها ثمن العين بين المحكر والمحتكر ، فلوحظ عليها أنها نسبة تحكمية وفيها ظلم كبير للمحكر لأن ارتفاع قيمة ألأرض لا يرجع دائماً إلى ما أدخله البناء عيها من تحسين وإنما قد يكون بسبب ظروف أخرى ، ففي كثير من الصور يرجع ارتفاع قيمة العقار المحكر لتغير الصقع أو إحداث منشآت عامة ويكون أثر الحكر في زيادة هذه القيمة ضئيلا ، كما أن قيمة حق المحتكر تتغير بتغيير المدة الباقية من الحكر . فليس من العدل التزام النسبة التحكمية ، الثلث والثلثين ، بالرغم من إقرار محكمة النقض لها ، بل العدل أن يختص حق الرقبة وحق الحكر من الثمن بالقدر الذي يتناسب مع كل منهما حسب ظروف كل حالة ، ويترك الأمر للقضاء ويجري التوزيع طبقاً لما تقتضيه العدالة . وفي جلسة تالية قدمت الحكومة نصاً يشتمل على ما انتهت إليه اللجنة من أحكام ، وهو النص الذي أقرته اللجنة أولا وقد ورد ذكره في المنازعات ، ثم عدلت عن إقرارها إياه وحذفته دون أن تستعيض عنه بنص آخر “حتى لا تقطع بالرأي في مسألة تعارضت فيها المصالح والحقوق . .” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 600 – ص 6067 في الهامش ) .

والمصالح المتعارضة هي مصالح طائفة المحكرين ومصالح طائفة المحتكرين . فالطائفة الأولى تمثلها وزارة الأوقاف ، وقد رأينا مفتي هذه الوزارة يقول : “إن الشريعة لا تعترف بأن الحكر يقلل من قيمة الأرض المحكرة  . . . ( و ) إن المحتكر لمي يدفع أي ثمن لحق البقاء والقرار ، وإنما كل ما دفعه هو أجرة انتفاعه بالأرض ، وهذا لا يكسبه إلا حق الأولوية في الإيجار ، وهو بذلك لم يكسب أي حق عيني على العين الموقوفة” . وطائفة المحتكرين تنادي بأن الحكر بيع مستتر ، وقد تملك المحتكر الأرض المحتكرة تحت شرط فاسخ هو تعميرها ، فالاستبدال “بناء على ذلك لا يكون على رقبة العين المحكرة ، بل على ملكية الشرط الفاسخ” ( انظر في هذا المعنى عثمان فهمي : الحكر في مصر ) .

وهكذا لم تقطع لجنة مجلس الشيوخ برأي في هذه المسألة الدقيقة ، وحذفت النص المقترح دون أن تستعيض عنه بنص آخر .

( [45] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 606 في الهامش – وانظر نقض مدني 25 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 107 ص 816 .

( [46] )  انظر ما يلي فقرة 814 .

( [47] )  تاريخ النص :

م1004 : ورد هذا النص في المادة 1263 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- لا يجوز تحكير الأراضي الموقوفة بأقل من أجرة المثل . 2- وتزيد هذه الأجرة أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبراً ، زيادة أو نقصاً” . وفي لجنة المراجعة عدلته الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “لا يجوز التحكير  بأقل من أجرة المثل” . وأضيفت عبارة “على أن يكون قد مضي ثلاث سنوات على آخر تقدير” في آخر الفقرة الثانية . وأصبح رقم المادة 1079 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب عليها تحت رقم 1076 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، جعلت المدة التي يصقع الحكر بعد انقضائها ثماني سنوات بدلا من ثلاث ، تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقرير الضرائب الخاصة بالعقارات ، وعدلت المادة بحيث أصبحت مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمها 1004 ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 581 – ص 584 ) .

م 1005 : ورد هذا النص في المادة 1264 من المروع التمهيدي على الوجه الآتي : “يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى القيمة الإيجارية للأرض وقت التقدير ، على أن يراعى في ذلك الغرض الذي أعدت له الأرض وحالتها عند التحكير وموقعها ورغبات الناس فيها ، دون اعتبار لما أحدثه المحتكر في الأرض من تحسين أو إتلاف ، وبغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس” . وأقرته لجنة المراجعة بتعديل لفظي طفيف ، وأصبح رقمه 1080 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1077 . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدل النص تعديلا من شأنه ألا يدخل في الحساب ما يقع من تحسين أو نقص في الصقع ذاته إذا كان راجعاً إلى فعل المحتكر ، وألا يدخل في الحساب ما يقع من تحسين أو نقص في الصقع ذاته إذا كان راجعاً إلى فعل المحتكر ، وألا يكون ثمة اعتبار لما للمحتكر من حق القرار على الأرض ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 1005 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته – وكانت لجنة مجلس الشيوخ في إحدى جلساتها قد  استمعت لمندوب عن المحتكين ذكر أن المادة التي أقرتها اللجنة “تضع قاعدة في تقدير الزيادة أو النقص ترجع إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير مع مراعاة صقع الأرض ، وهذا الحكم سيؤدي إلى خراب كثير من المستحكرين وهم أغلبية عظيمة ، وأن القاعدة العادلة هي التقدير حسب وقت التحكير . ثم قال إنه يقترح تعديل المادة . . الخاصة بالتصقيع على الوجه الآتي : يكون التصقيع على أساس النسبة بين قيمة الأرض وقت التحكير وقيمتها الحالية وقيمة الحكر وقت إنشائه وقيمته وقت التصقيع . . وعلى الأقل حذف الجزء الأخير من المادة . . ونصه : ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار مع حذف كلمة إيجارية . . إذ ليس هناك إيجار ولا أجرة وإن 30 بارة و 8 قناديل زيت ليست أجرة” . فرد عليه بأن “نظرية المادة التي وافقت عليها اللجنة تصرف النظر عن الماضي كما  تصرف النظر عما أصاب الأرض من إتلافا وتحسين أدخل على الأرض بسبب البناء ، فلا يضار به المحكر ، وكذلك يجب ألا يستفيد من التحسين . . ( و ) لا يمكن التسليم بنظرية  . . أن الحكر بيع مستتر” . وبعد مناقشة سلم المندوب بوجهة نظر اللجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 588 – 589 ) .

م 1006 : ورد هذا النص في المادة 1265 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1081 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1078 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 1006 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 589 – ص 591 ) .

( [48] )  استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1889م 1 ص 216 – 6 يونيه سنة 1889 المجموعة الرسمية المختلطة 14 ص 222 – 24 نوفمبر سنة 11892م 5 ص 25 – 12 ماس سنة 1896م 8 ص 165 – 17 نوفمبر سنة 1897م 10 ص 9 – 18 نوفمبر سنة 1897م 10 ص 15 – 14 مايو سنة 1908م 20 ص 231 – 14 ديسمبر سنة 1915م 28 ص 55 – 9 مارس سنة 1916م 28 ص 193 – 25 أبريل سنة 1916م 28 ص 277 – 27 أبريل سنة 1916م 28 ص 282 – 7 مارس سنة 1918م 30 ص 270 – استئناف وطني 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 494 ص 809 .

( [49] ) مصر الوطنية 24 يونيه سنة 1904 عزيز خانكي رقم 366 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 313 ص 350 هامش 3 .

( [50] )  استئناف مختلط 14 مايو سنة 1908م 20 ص 231 – 21 فبراير سنة 1924م 36 ص 240 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 453 – 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – 6 ديسمبر سنة 1932م 45 ص 54 – 12 مارس سنة 1946م 58 ص 118 .

ومن ذلك نرى تدرجاً في أحكام الشريعة الإسلامية من حيث تغير الأجرة أثناء مدة الإيجار . فهي ثابتة لا تتغير في الإيجار العادي للأعيان غير الموقوفة . وتتغير في الإيجار العادي للأعيان الموفقة زيادة لا نقصاً . وتتغير زيادة أو نقصاً في الحكر .

( [51] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 582 – ص 584 – وانظر نفس الفقرة في الهامش .

( [52] )  استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 الحقوق 12 ص 185 – 2 مايو سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 74 ص 199 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1924م 36 ص 345 – 31 يناير سنة 1937م 45 ص 150 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 251 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 .

( [53] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 585 .

( [54] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 590

( [55] )  استئناف مصر 19 ديسمبر سنة 1922 المحاماة 5 رقم 205 ص 221 .

( [56] )  استئناف وطي 21 مايو سنة 1894 عزيز خانكي 373 ( الحكر المقرر على أرض مملوكة لا تقبل الزيادة حتى لو تصقعت الأرض إذا لم يحفظ المالك لنفسه حق طلب زيادة الحكر في عقد التحكير ) .

( [57] )  انظر آنفاً فقرة 802 في الهامش .

( [58] )  وقد أخذت محكمة استئناف مصر بهذه النظرة وقالت في يحكمها : “بالرجوع إلى المادة 331 من كتاب قانون العدل والإنصاف يتبين أن الحكر عقد إجارة يقصد به استيفاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والتعلي أو للغراس ما دام المحتكر يدفع أجرة المثل . وقد قيل عن كيفية تقديرها إنه يحصل قياسها على أجرة عين مثل الأرض المحكرة ، سبق تحكيها وقبل قيمة الحكر كل من المحكر والمحتكر وأجاز لهما القاضي التحكير . وهذه الأجرة تزيد وتنقص على حسب الزمان والمكان كما جاء بالمادة 336 ، وبالقيود والشروط المبينة تفصيلا بالمادة 337 التي يتبين منها أن الشارع لم يجز رفع الحكر إلا إذا كانت الزيادة في قيمة الأرض فاحشة وجاءت للأرض نفسها لكثرة رغبات الناس في الصقع ، وهي شروط تجعل الزيادة في دائرة ضيقة جداً يجب التقيد بها وعدم التوسع فهيا . فالمادة 337 قضت صراحة بوجوب رفع الحكر حتى تتم أجرة المثل ، ولكنها لم تبين كيفية تقديرها ، فوجب حتما الرجوع إلى أرض مماثلة للأرض المحكرة ومعرفة قيمتها . على أنه قد يتعذر العمل بهذه القاعدة ، بل ويستحيل أحيانا ، فيجع الأمر في ذلك إلى تقدير وهمي قد يخطئ وقد يصيب . ولذا ترى المحكمة أن أعدل طريق لتقدير الزيادة يكون بالرجوع إلى النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ، خصوصاً إذا لوحظ أن منشئ الحكر هو الذي وضع هذه النسبة ، وأقره عليها القاضي الرعي عندما أجاز التحكير ، وأن هذه النسبة هي التي تحقق مبدأ الزيادة التي تجيء من نفس صقع الأرض . وعدم وجود حجة التحكير لا يمنع من الالتجاء إلى القواعد العامة في طرق الإثبات لمعرفة أصل التحكير والثمن ( استئناف مصر 6 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 471 ص 940 – وانظر في نفس المعنى مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 ) . وقد قضي بأنه إذا هبطت قيمة الأرض المحكرة هبوطاً عظيماً بسبب مضي زمن مديد أو بسبب حادث من الحوادث القهرية ، وجب أن ينقص الحكر بسبب نقصان قيمة الأرض المحكرة ، ويراعى في التقدير الجديد النسبة بين قيمة ما تساوي الأرض من الإيجار اليوم وبين ما كانت تساوي وقت تقرير الحكر عليها ( عزيز خانكي 372 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 315 ص 358 ) .

وبهذه النظرية أخذ القضاء المختلط في كثير من أحكامه ، فقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الزيادة لا تجوز إلا إذا زاد صقع الأرض زيادة محسوسة ليس للمحتكر شأن فيها ، ولا يدخل عمله في تحسين صقعها ، وأن صفة الدوام الموصوف بها الحكر تقتضي دوام النسبة التي قررها المنشئ وقت ربط الحكر بين قيمة الأرض ومقدار الحكر وقت التحكير ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 19025م 37 ص 453 – 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – 6 أبريل سنة 1926م 38 ص 322 – 12 يونيه سنة 1928م 40 ص 422 – 16 ديسمبر سنة 1930م 43 ص 86 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 250 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 – 20 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – وقد جاء في حكم لمحكمة الاستئناف المختلطة : “قد يجوز الشك في القول بأن الحكر في الأصل كان كريع الامفتيوز مقدراً تقديراً جزافاً مدة واحدة . وقد جري العمل على هذا في مذهب الحنفية الذي قرر بأن الحكر المبين قدره في حجة الإنشاء لا يمكن أن يزاد بأية حال من الأحوال ( انظر مطلع الدراري ) . ولكن مذهب الحنفية قد توسع في هذا ، وقبل مبدأ تغيير الحكر ، ولكنه تردد كثيراً في قبول هذا المبدأ ( انظر فتاوى الأجهورية ) . وحيث إن مقدار الحكر الأصلي كان سبعة قروش ونصفاً والإيراد من الإيجار لهذه الأرض المحتكرة كان 1200 أي بنسبة  ، بناء عليه فإن كل زيادة تكون تبعاً لهذه النسبة” ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – المحاماة 8 ص 116 وهو الحكم السابق  الإشارة إليه .

وقد جاء في حكم لمحكمة مصر الوطنية : “ومن حيث إن القاعدة . . هي وجوب المحافظة على التسمية بين مقدار الحكر في وقت إنشائه وثمن الأرض في ذلك الوقت” ( مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 وهو الحكم السابق الإشارة إليه – وانظر في نفس المعنى في القضاء الوطني : استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 المحاكم 8 ص 301 – 2 مايو سنة 1902 الحقوق 17 ص 211 – 16 أبريل سنة 1903 عزيز خانكي 123 – 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 494 ص 809 ) .

ومع ذلك فقد صدر حكم من محكمة الاستئناف المختلطة يقضي بأنه يجب ألا يكون لقيمة الحكر الأصلية تأثير كبير في تقدير أجر المثل بحيث يجعل قيمة الحكر زهيدة جداً بدرجة لا تتناسب مطلقاً مع القيمة الحقيقية للأرض المحكرة . وقد رفعت المحكمة الحكر من سبعة قروش في السنة إلى ثلثمائة جنيه ( استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1924م 36 ص 433 ) .

( [59] )  وقد تقلبت وزارة الأوقاف على نظريات متباينة تنقض بالواحدة الأخرى . فكانت في بداية الأمر تكتفي بأجر زهي للحكر ( 2 .5 في الألف من قيمة الأرض المحتكرة ) . ثم أصدرت منشوراً في 11 سبتمبر سنة 1921 تجعل فيه الحكر كل ريع الأرض ، ثم تتشدد ثانياً في 30 أكتوبر سنة 1922 فتجعل أجرة الأرض حرة 9% من ثمنها وأجرة الحكر 3% من ثمنها . ثم عادت في سنة 1925 واقترحت جعل أجرة الأرض حرة 6% وحكرها 2% ، وتقدمت باقتراحها إلى مجلس الأوقاف الأعلى . فقرر هذا المجلس في 12 يناير سنة 1926 ( المحاماة 6 رقم 12 ص 667 ) أن يقدر في الحكر حق مالك الرقبة بالثلث وحق صاحب المنفعة بالثلثين من قيمة الأرض حرة خالية من البناء ، وأن حساب ريع الأرض بواقع 9%  من ثمنها لا يتفق مع الحالة الاقتصادية ، لأن رؤوس الأموال المستثمرة في العقارات تعطي عادة بين 5% و 6% ، فرأي المجلس أن يحسب مجموعة الجرة 5% إلا إذا قضى صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص ، ويكون نصيب الحكر من مجموع الأرجة الثلث ( أي  % من قيمة الأرض حرة خالية من البناء ) . وقد أخذ المجلس بالاعتبارات الآتية : إن الذي يتفق مع القواعد الشرعية والمبادئ الاقتصادية هو أن تقرر أجرة المثل على الأرض المحكورة ، ملاحظاً عند تقديرها غض النظر عن جميع الأعمال التي عملها المحتكر في الأرض من بناء وغيره والتي عملها حولها أيضاً لتحسينها . وينظر فقط إلى الأرض نفسها بالنسبة إلى صقعها الذي هي فيه ، والى رغبات الناس العامة فيها ، والى حالتها باعتبارها مشغولة بحق المحتكر ، وتجعل أجرة المثل مدة عشرين سنة هي القيمة التي يصح الاستبدال بها ، إلا إذا كانت الأرض  في صقع لا يمكن مالك أرض فيه أن يستغل ثمن أرضه في تلك المدة ، بل يحتاج إلى مدة أطول ، ففي هذه الحالة تضرب أجرة المثل في عدد السنين التي يستغل المالك فيها ثمن أرضه – هذا عن قيمة استبدال الحكر . أما عن تقسيم الأجرة بين حق الرقبة ( أجرة الحكر ) وحق المنفعة بنسبة الثلث إلى الثلثين – فقد بني المجلس رأيه على ما يأتي : إن القانون المدني ( القديم ) في المادة 11 منه عرف الملكية بأنها هي الحق للمالك في الانتفاع بما يملكه والتصرف فيه بطريقة مطلقة ، ويكون بها للمالك الحق في جميع ثمرات ما يملكه سواء كانت طبيعية أو عارضية وفي كافة ما هو تابع له . وأنه يؤخذ من هذا التعريف أن حق الملكية يتكون من ثلاثة عناصر : أولا  : حق الاستعمال – ثانياً – حق الانتفاع – ثالثاً – حق التصرف . ولما كان حق الحكر الذي يقرره المالك على العين يعطي المحتكر حق البقاء والقرار ما دام يدفع المحتكر خشية من زوال حقه وهدم مبانيه التي يكون قد صرف عليها مصاريف باهظة تفوق ثمن الأرض وزيادة . وفوق ذلك فإن إعطاء الحكر يحرم صاحب الرقبة نهائياً من حق استعمالها لمصلحته . ولم يبق له بعد ما تقدم إلا حق التصرف في العين . وهذا الحق معيب  ، وهذه العيوب لها تأثيرها من الوجهة الاقتصادية ، فإنه لا يمكن التصرف في العين المملوكة عامة إلا لصاحب المنفعة ، ومن النادر أن يقدم شخص على شراء عين محكورة لأنه لا فائدة له من هذا الشراء إلا إذا أخذ قيمة الحكر وهي مما لا يطمع فيه لمن يريد الاستغلال . فلهذه الاعتبارات يقدر حق مالك الرقبة بالثلث وحق صاحب المنفعة بالثلثين من قيمة الأرض حرة خالية من البناء .

وقد أخذ بالرأي المتقدم محكمة استئناف مصر حيث قالته : لتقدير قيمة الحكر ترى المحكمة الأخذ بالقاعدة التي قدرتها وزارة الأوقاف من أن للملكية عناصر ثلاثة : حق الاستعمال وحق الانتفاع وحق التصرف ، وأن للمحتكر الحقين الأولين وللمحكر الحق الأخير باعتباره مالكاً للرقبة . وعلى ذلك يحق للمحكر مطالبة المحتكر بثلث أجر المثل الحاضر الذي يجب تقديره طبقاً 336 و 337  من كتاب قدري باشا . ولا ترى المحكمة الأخذ بالطريقة الأخرى التي ترجع تقدير قيمة الأرض لوقت إنشاء الحكر لمعرفة نسبة الحكر إلى قيمتها في ذلك الحين ، ثم تقدير قيمتها في الوقت الحاضر ورفع قيمة الحكر على أساس هذه النسبة . وفي الطريقة الأولى  تحقيق لقواعد الفقه المقررة ، وفي الثانية صعوبات عملية قد يستحيل معها التقدير عن أوقات مضت وانقضت معها ظروفها ( استئناف مصر 30 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 210 ص 416 ) .

ولكن محكمة استئناف مصر ، في حكم آخر قبل ذلك وقد سبقت الإشارة إليه ، رفضت الأخذ بنظرية وزارة الأوقاف قائلة : إن وزارة الأوقاف لم تثبت على مبدأ واحد في تقدير الحكر ، وبالتالي في تقدير الزيادة الواجبة إضافتها إلى الحكر القديم ، فلا محل حينئذ للقول بأن للوزارة قاعد تسير عليها حتى أصبحت عرفاً أقرها عليه القضاء وأصبحت واجبة الاحترام ، والقاعدة الأخيرة التي تريد الوزارة أن تتبعها قاعدة تخالف الحكة المقصودة من الحكر ، إذ كان أساس هذه القاعدة النظر إلى قيمة الأرض حرة ، مع أن الواجب افتراض أرض توافرت فيها الشروط التي تبيح الحكر ، أي أرض خربة أو سبخة ضعيفة فاتت منفعتها ولا سبيل لاستغلالها . هذا فضلا عن أن تقسيم الريع إلى ثلاثة أقسام هو تقسيم تحكمي ، فقد جعل تبعاً للحقوق الثلاثة التي على العين ( حق الرقبة وحق المنفعة وحق الاستعمال9 . وليس حتما أن تكون هذه الحقوق متساوية فيما بينها في القيمة ، حتى يصح أن يقسم الريع بينها بالتساوي . ويظهر ذلك جلياً في قطعة أرض صغيرة المساحة يقام عليها مبان شاهقة قيمة . فحق الرقبة لا يمكن أن يساوي حق المنفعة أو الاستعمال ( استئناف مصر 6 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 471 ص 940 – وقد قدمنا أن هذا الحكم أخذ بنظرية النسبة التي سبق بيانها ) . ورفض الأخذ بنظرية وزارة الأوقاف أيضاً ، مع الأخذ بنظرية النسبة ، محكمة مصر الوطنية ، إذ قالت في حكم سبقت الإشارة إليه : إن وزارة الأوقاف  ، بتحديدها الثلث والثلثين على الوجه الذي أشارت به ، لم ترتكن على أية قاعدة اقتصادية أو قانونية ، بل جاء تقديرها بهذا التحديد جزافاً أيضاً ، ولا يمكن الاعتداد به ما دام غير مبني على أساس قانوني أو اقتصادي صحيح ، بل بنته على مجرد حلول افتراضية تختلف بحسب نظر واضعيها . والقاعدة المنطقية التي تتفق مع المبادئ القانونية والقواعد الشرعية هي وجوب المحافظة على النسبة بين مقدار الحر في وقت إنشائه وثمن الأرض في ذلك الوقت بحيث إذا زادت قيمة الأرض أو نقصت زاد الحكر أو نقص تبعا لذلك وبمقداره ( مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 ) .

( [60] )  مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 – انظر أيضاً نقض مدني 21 أبريل سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 115 ص 331 حيث رددت المحكمة حكمها ، فتكتفي بالإشارة إلى الحكم الأول .

( [61] )  وهذا أهم ما جاء في أسباب الحكم متعلقاً بتقدير أجرة الحكر : “وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقاعدة القديمة الواجبة المتابعة في تقدير الحكر الواردة في المادتين 336 و 337 من قانون العدل والإنصاف ، تلك القاعدة التي قضت على أساسها محكمة أول درجة ، وهي تقدير قيمة الأرض المحكرة وقت إنشاء الحكر وتقدير نسبة الحكر إليها ثم تقديرها إلى الوقت الحاضر ورفع قيمة الحكر بنسبة ما ارتفعت إليه قيمة الأرض ( كذا ) – وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه تبين أن محكمة الاستئناف قد صدرت حكمها بالقاعدة التي رأت اعتبارها أساساً لتقدير الحكر الواجب دفعه سنوياً فقالت : “حيث إن الاحتكار شرعاً هو عقد إيجار يبيح للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة مادام يدفع أجرة المثل لمالك رقبتها ، وهذه الأجرة يجب أن يراعى في تقديرها حالة الأرض المحكورة باعتبارها مشغولة بحق المحتكر وحالة صقعها ورغبات الناس فيها . ثم استعرضت أقوال كل من طرفي الخصوم ، فذكرت القاعدة التي ترى وزارة الأوقاف وجوب السير على مقتضاها وهي أن يقدر الحكر ( وهو حق مالك الرقبة ) بالثلث وحق المحتكر ( وهو صاحب المنفعة ) بالثلثين ، وذلك من قيمة أجرة الأرض المحكورة حرة خالية من البناء ، وأن تحتسب هذه الأجرة باعتبار 5% من ثمن الأرض حرة ، وألا يعدل عن هذه القاعدة إلا في الأحوال التي يقضي قيها صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص عن القدر المتقدم ذكره ، كما ذكرت القاعدة التي يرى المحتكر إتباعها وهي ما قضت محكمة أول درجة على مقتضاها وأشير إليها في مبنى هذا الطعن – ذكرت هاتين القاعدتين ، ثم قالت بفسادهما وعدم إمكان العمل بهما ، وخلصت إلى القول بأن “أقوم سبيل صح إتباعه لتقدير الحكر هو الرجوع إلى ما تقضي به الشريعة الغراء التي نشأ بمقتضاها هذا النوع من أنواع التأجير ، وأن القاعدة الشرعية هي ما سبق تقريرها بصدر هذا الحكم ، أي وجوب مراعاة حالة الأرض المحكرة باعتبارها مشغولة بحق المحتكر وحالة صقعها ورغبات الناس العامة فيها” – خلصت إلى ذلك ، ثم رأت أن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة بحكمها التمهيدي الصادر في 14 أبريل سنة 1930 قد راعى هذه الاعتبارات جميعاً ، فعدلت الحكم المستأنف وفقاً لنتيجة تقريره –  . . وحي إن الاحتكار من وضع فقهاء الشرع الإسلامي ، وهو عندهم – كما قالت محكمة الاستئناف – عقد إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة مادام يدفع أجرة المثل . ولما كانت هذه الأجرة تزيد وتنقص على حسب الزمان والمكان ، فقد اهتم الفقهاء ببيان طريقة تقديرها ، فأوجبوا : ( أولا ) أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء . ( ثانياً ) ألا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع ( أي الجهة أو الناحية ) الذي فيه الأرض المحكورة ورغبات الناس فيها ، وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو تصقيع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر ( مفهوم المواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل والإنصاف ) . وهذه المبادئ الشرعية في تقدير الحكر قد أخذ بها الشارع المصري ، وأيدها في المادتين 20  و 23 من لائحة إجراءات وزارة الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يوليه سنة 1895 وصبهما : المادة 20 – الأعيان التي تعطي بالاحتكار يراعى في تحكيرها رغبة الراغبين وأجرة مثل الأرض خالية عن البناء ، وبذكر في حجج تحكيرها أن الأجرة تكون دائماً أجرة مثل الأرض خالية عن البناء بحسب الزمان والمكان بحيث لا يؤثر على ذلك حق البقاء والقرار ، وأن المستحكر ملزم بحفظ العين لأجل وقفها – المادة 23 – على ديوان الأوقاف أن ينظر في كل حكر متعلق بوقف في إدارته ، وتقديره على المحتكر بحسب أجر المثل في الحال بقطع النظر عما أحدث ( أي المحتكر ) في أرض الوقف أو بنائه ، وبقطع النظر عما أحدث ( أي المحتكر ) في أرض الوقف أو بنائه ، وبقطع النظر عما هو مقدر في صك التحكير ، فإن قبله المحتكر يصير تقديره عليه ، وإن لم يمتثل يحال الأصل في ذلك على المحكمة المختصة – وواضح أن نص المادتين المذكورتين يقرر عناصر تقدير الحكر الواجب على المحتكر دفعه على مثال ما تقرره الشريعة الغراء الوارد حكمها في هذا الصدد بالمواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل والإنصاف السابق ذكرها . بل إن المادة 20 تنص صراحة على أن حق البقاء والقرار الذي للمحتكر لا تأثر له في تقدير الحكر – وحيث إنه متى كانت هذه هي المبادئ التي قررها الفقهاء وأكدها قانون سنة 1895 الجاري عليه العمل الآن ، وألا محيص من ابتاعها ، فيكون الحكم المطعون فيه قد أصاب إذ قضي بعدم إمكان العمل بأية القاعدتين التي يرى كل من الخصوم السير على مقتضى واحدة منها لتقدير الحكر ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 ) .

ثم استطردت محكمة النقض في نفس الحكم ترد على نظرية وزارة الأوقاف في توزيع ريع الأرض مثالثة بين المحكر والمحتكر للأول الثلث وللثاني الثلثان ، قائلة : “أما ما ذهبت إليه وزارة الأوقاف من أن الحكر الواجب دفعه سنوياً على المحتكر الواجب دفعه سنوياً على المحتكر هو ثلث أجرة المثل ، وما أسست عليه مذهبها هذا من أن للملكية عناصر ثلاثة هي حق الاستعمال وحق الانتفاع وحق التصرف ، وأن جهة الوقف غير باق لها في الأرض المحتكرة سوى حق التصرف ، وأما الحقان الآخران – الاستعمال والانتفاع – فهما للمحتكر ، وأن أجرة الأرض تجب قسمتها بين أرباب هذه الحقوق الثلاثة ، فيكون للوقف الثلث لأن له حقاً واحداً منها ، وللمحتكر الثلثان لأن له حقين إلى آخر ما تقول في مذكرتها – ما ذهبت إليه الوزارة من ذلك غير سديد ، وإذا كانت محكمة الاستئناف قد تابعت الوزارة على هذه النظرية في بعض أحكامها ، كحكمها المستشهد به الآن ، فليس هذا حجة على الحقيقة القانونية ، بل هو في غير محله : ( أولا ) لأن دفع أجرة المثل هو اسبب في استمرار حق البقاء والقرار ، فإذا زال هذا السبب سقط المسبب وهو حق البقاء . ونظرية الوزارة تقلب الوضع ، فتجعل حق البقاء حقاً أساساً أصيلا يكون لصاحبه ثلثا الأجرة بدون أن تبين لهذا الاستحقاق سبباً . وكأنها تقول إن المحتكر بمجرد حصوله على عقد الاحتكار ودفعه الأجرة أول مرة ووضع أسس بنائه في الأرض يسقط عنه حتما ثلثا الأجرة في المستقبل ، وهذا قول بين الفساد . على أنه – كما أسلفنا – يصطدم مع النص الصريح في المادة 20 من لائحة يوليه سنة 1985 . ( ثالثا ) لأن التحليل والتوزيع الذي تعمله الوزارة لعناصر الملكية مبني على تصور خاطئ ، إذ جهة الوقف إذا كان لها حق الرقبة أو حق التصرف في الرقبة كما تشير إليه عبارة الوزارة هي والحكم الذي تستشهد به – إذا كان هلا هذا الحق ، فإن لها أيضاً الأجرة تأخذها من المحتكر ، والأجرة من فوائد الأرض ومن ثمرتها المدنية ( fruit civit ) . فجهة الوقف لها حق التصرف ثم حق الانتفاع بأرضها واستغلالها بطريق التأجير ، ولا يفهم إذن كيف يكون للمحتكر حق الاستعمال وحق الانتفاع ولا يكون للوقف سوى حق التصرف في الرقبة . ( ثالثاً ) إن تلك الحقوق هي حقوق معنوية ، فالوزارة توزعها بين المحكر والمحتكر ذلك التوزيع المشوش ، ثم تجعلها أموراً متساوية في القيمة ، ثم تقسم الأجرة بين أربابها قسمة ميكانيكية ، وكل هذا لا يحتمله العقل” ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 446 – ص 447 ) .

( [62] )  وقد أكدت محكمة النقض هذا المبدأ في حكم آخر ، إذ قضت بأن حكم القانون في تقدير أجر الحكر هو أنه لا يعتد فيه بحق البقاء والقرار الذي للمحتكر ، فإن حق البقاء والقرار هو في مقابل الأجرة المحكرة وصاحبه لا يحصل عليه إلا بهذا المقابل ، فلا يمكن أن يكون لهذا الحق أثر في تقدير المقابل له . ومن ثم يكون المحتكر ملزماً دائماً ولا بد بأجرة المثل كاملة غير منقوصة . أما القول بتقدير القيمة على أساس نسبة الثلث إلى الثلثين من قيمة الأرض على ما ورد في قانون رسم الأيلولة على التركات ، فحله إنما يكون عند تقدير حق كل من المحكر والمحتكر بعد أن يكون المحتكر قد حصل على حق البقاء والاستقرار مقابل الأجرة ، سواء لتحصيل الضريبية المستحقة عليهما أو في حالة استبدال الأرض المحكرة ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 62 ص 150 ) .

( [63] )  وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه في تقدير الحكر لا ينظر إلى الزيادة التي نشأت عن عمل المحتكر كالبناء الذي أقامه على الأرض المحتكرة أو الغراس الذي غرسه فيها ، بل ينظر في صقع الأرض في ذاتها بمراعاة ما يجاورها . فمثلا لا يزاد الحكر على الأرض المحتكرة لو كانت مواتاً فأحياها المحتكر بعمله ، ولكن إذا كان الإحياء ناشئاً عن حفر الحكومة لترع أو مصارف في الجهة التي فيها الأطيان فيزاد الحكر ، وكذلك لو كانت الأرض المحتكرة في حي قاص ثم زادت الرغبة فيه بسب إنشاء مواصلات جديدة بينه وبين وسط المدينة يزاد الحكر ( استئناف وطني 14 ديسمبر سنة 1915 الشرائع 3 رقم 58 ص 240 ) .

( [64] )  وقد رجعت محكمة النقض في حكم آخر لها تؤكد وجوب  الاعتداد “بحالة الأرض عند إنشاء الحكر مع وجوب اقتطاع ما يقابل الزيادة بعمل المستحكر من حاصل هذا التقدير” ، ولكن دون إغفال” ما طرأ بعد ذلك على أجرة المثل من تغيير” ( نقض مدني أول مارس سنة1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 74 ص 4029 .

( [65] )  نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 – وانظر ما يلي فقرة 814 في الهامش .

( [66] )  انظر آنفاً فقرة 802 في الهامش .

( [67] )  فقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ما يأتي : “بقى أن يعرف كيف تتعدل الأجرة تبعاً لتغير أجرة المثل ، وفي هذا قنن المشروع القضاء المصري والشريعة الإسلامية فنص في المادة 1264 على انه . . وهذا ما يسمى بتصقيع الحكر . والقاعدة في التصقيع هي ما قرره قانون العدل والإنصاف في المواد 336 و 337 و 339 ( مؤيداً بالمادتين 20 و 23 من لائحة إجراءات وزار الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يوليه سنة 1895 ) ، وأقرته محكمة النقض في يحكمها الصادر في 14 يونيه سنة 1934( مج نقض 1 ص 349 رقم 198 ) ، من أنه يجب أولا تقدير قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير . . فإذا قدرت قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير على هذا النحو ، نسبت إليها الأجرة التي اتفق عليها وقتذاك . ثم تقدر قيمة الأرض وقت التصقيع . . وتكون النسبة ما بين الأجرة الجديدة والقيمة التي قدرت للأرض وقت التصقيع هي نفس النسبة ما بين الأجرة القديمة والقيمة التي قدرت للأرض وقت ابتداء التحكير” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 585 – ص 586 ) . وظاهر أن المذكرة الإيضاحية أخذت بنظرية “النسبة” ، ونسبتها خطأ إلى محكمة النقض – وقد رأينا أن حكمة النقض قد نبذت صراحة هذه النظرية ( قارن سليمان مرقس فقرة 331 ص 632 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 318 ص 362 : وقد فسرا نص المادة 1005 مدني بأنه أخذ بنظرية “النسبة” ، متمشيين في ذلك مع ما ورد في المذكرة الإيضاحية ونسب خطأ إلى محكمة النقض ) .

( [68] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1259 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- للمحتكر الحق في أن ينتفع بالأرض المحكرة ، فله أن يقيم عليها بناء أو غراساً ، كما له أن يستعملها في أي غرض آخر ، بشرط أن تكون الأعمال التي يجريها في هذه الأرض من شأنها أن تؤدي إلى تحسينها ، 2- وله أن يتصرف في حقه ، ولو بالوقف ، أو أن يسترده إذا اغتصب ، وينتقل هذا الحق بالميراث” . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الأولى ، وعدلت الفقرة الثانية على الوجه الآتي : “للمحتكر أن يتصرف في حقه ، وأن يسترده إذا اغتصب وينتقل هذا الحق بالميراث” . وأصبح رق المادة 1076 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1073 .وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة “وأن يسترده إذا اغتصب” لأن هذا الاسترداد يثبت لكل صاحب حق وفقاً للقواعد العامة ولا حاجة لنص خاص . وقد أصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1001 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 575 – ص 577 ) .

( [69] )  استئناف مختلط 26 يناير سنة 1911م 23 ص 139 – 26 ديسمبر سنة 1916م 30 ص 125 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 – مصر الوطنية 30 يونيه سنة 1930 المحاماة 13 رقم 637 ص 1254 .

( [70] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 575 – ص 576 في الهامش .

( [71] )  استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1935م 47 ص 230 .

( [72] )  استئناف مختلط 6 يناير سنة 1910م 22 ص 86 .

( [73] )  استئناف مختلط 2 يونيه 1898م 10 ص 595 – 21 يناير سنة 1909م 21 ص 122 – 21 يوليه سنة 1909م 21 ص 122 – 6 يناير سن 1910م 22 ص 86 – 6 أبريل سنة 1926م 38 ص 322 – وإذا باع المحتكر حقه ، وجب على المشتري أن يدفع للمحكر الأجرة التي كان المحتكر يدفعها ، حتى لو كان المحتكر قد أخبر المشتري بأجرة أقل ويرجع المشتري على البائع ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1940م 52 ص 265 ) .

( [74] )  استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1928م 41 ص 144 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 251 .

( [75] )  استئناف مختلط 17 ابريل سنة 1934م 46 ص 251 .

( [76] )  استئناف مختلط 27 مايو سنة 1914م 26 ص 397 – 26 ديسمبر سنة 1946م 29 ص 125 .

( [77] ) استئناف مختلط 17 نوفمبر سنة 1892م 4 ص 12 – 24 نوفمبر سنة 1892م 5 ص 25 – 5 ديسمبر سنة 1894م 6 ص 330 – 5 ديسمبر سنة1894م 7 ص 34 – 13 مارس سنة 1896م 8  ص 165 – 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 9 مايو سنة 1900م 12 ص 242 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 – سنة 1900م 12 ص 242 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 – وكما تقول محكمة الاستئناف المختلة يكون للمحتكر الملكية الفعلية ( domaine utile ) وللمحكمة الملية العليا ( domaine eminent ) أو الملكية القانونية ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1916م 28 ص 95 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 453 ) – وتقول أحكام أخرى للمحكر الرقبة وللمحتكر حق المنفعة المطلق ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 ) .

هذا والإقرار بالحكر للمحتكر يستوجب توكيلا خاصاً ، ولا يكفي التوكيل العام ، لأن الحكر من أعمال التصرف ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 ) .

( [78] )  انظر آنفاً فقرة 442 وما بعدها .

( [79] )  انظر آنفاً فقرة 443 .

( [80] )  وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “ويجوز له ( للمحتكر ) أن يقفه ( حق الحكر ) ، فإذا كان الحكر قائماً على أرض موقوفة كان كل من الحكر والرقبة موقوفاً” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 576 ) .

ويخلص مما تقدم صور أربع : ( 1 ) حكر غير موقوف على أرض موقوفة . ( 2 ) حكر غير موقوف على أرض غير موقوفة . ( 3 ) حكر موقوف على أرض موقوفة . ( 4 ) حكر موقوف على أرض غير موقوفة .

( [81] )  انظر آنفاً فقرة 446 – وانظر استئناف مختلط 3 يناير سنة 1917م 29 ص 123 .

( [82] )  استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894م 7 ص 35 – 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – 27 مايو سنة 1914م 26 ص 397 – 26 ديسمبر سنة 1916م 29 ص 125 .

( [83] )  انظر المادة 1259 من المشروع التمهيدي آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “وللمحتكر دعاوي الملكية والحيازة ككل ذي حق عيني” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 576 )

( [84] )  استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 .

( [85] )  استئناف مختلط 10 مارس سنة 1909م 21 ص 249 – 22 يونيه سنة 1910م 22 ص 283 – 26 يناير سنة 1911م 23 ص 139 – 25 مايو سنة 1916م ص 365 – 31 يناير سنة1918م 30 ص 187 – أول مارس سنة 1927م 29 ص 284 .

( [86] )  استئناف مختلط 4 يناير سنة 1906م 18 ص 87 – أول فبراير سنة 1906م 18 ص 107 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 ص 203 هامش 3 – عكس ذلك استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 المحاكم 4 ص 2 .

( [87] )  ولا يقاس على المحتكر المستأجر الذي يقيم بناء على الأرض المؤجرة . وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان للمحتكر أن يشفع ببنائه ، إلا أنه لا يصح أن تقاس حالته على حالة المستأجر الذي يقيم بناء على الأرض التي استأجرها . ذلك أن المحتكر له حق عيني تتحمله العين في يد كل حائز لها ، ويراد به استبقاء الأرض للبناء تحت يد المحتكر له حق عيني تتحمله العين في يد كل حائز لها ، ويراد به استبقاء الأرض للبناء تحت يد المحتكر مادام قائماً بدفع أجر المثل ، بخلاف المستأجر فإن عقد الإيجار لا يخوله إلا حقاً شخصياً قبل المؤجر فلا يثبت له حق الشفعة بوصفه جاراً مالكاً للبناء ( نقض مدني 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 77 ص 599 ) .

( [88] )تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1261 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1077 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1074 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 1002 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 578 – ص 579 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها فيعهد هذا التقنين .

( [89] )  فتوى شرعية 3 ذي الحجة سنة 1317 المحاماة 5 ص 781 .

( [90] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 578 – ص 579 .

( [91] )  تاريخ النص : ورد هذا النصف في المادة 1262 من المروع التمهيدي على وجه يطابق ما استقر عليه التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يجري في الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “على المحتكر أو من يخلفه أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المحكر أو من يخلفه” . وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “على المحتكر أو من يخلفه في حق الحكر أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المؤجر أو من يخلفه” . وأصبح رقم المادة1078 في المشروع النهائي . ووافق عيه مجلس النواب تحت رقم 1075 .وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارتان “أو من يخلفه في حق الحكير” و “أو من يخلفه” في الفقرة الأولى لأن القواعد العامة تقضي دائما بالتزام الخلف بما يلتزم به السلف .وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1003 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 579 – ص 581 ) .

( [92] )  وينتقل هذا الالتزام الشخصي إلى خلف كل من المحكر والمحتكر ، عاماً كان هذا الخلف أو خاصاً ،وفقاً للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 581 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .

( [93] )  وقد قضي بأن الدعوى بمتأخر الحكر تكون كلية أو جزئية تبعاً لمقدار المبلغ المطالب به ، دون الالتفات إلى اعتبار الحكر إيراداً مؤبداً يقدر باعتبار كل سبعة منه في مقام مائة عملا بحكم المادة 346 من قانون المرافعات ( القديم ) ، لأنه يجب التمييز بين الدعوى بأصل الحكر والدعوى بمتأخر الحكر ، فالأولى عينية وتكون خاصة بحق الوقف في الأرض المحكورة والثانية شخصية . كالفرق بين دعوى الملكية ودعوى الإيجار . وطلب ما يستجد من الحكر حتى السداد لا يعتبر طلباً مجهول القيمة يحق استئناف الحكم الصادر به ، لأن العبرة في تقدير مثل هذه الدعاوي بمقدار الطلب الأصلي مضافاً إليه ما يستجد من الأجر  أو الريع أو الفوائد لغاية تاريخ إقفال باب المرافعة والقضية أمام محكمة أول درجة ( المنصورة الكلية 3 فبراير سنة 1927 المحاماة 7 ص 510 ) . وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 157 ص 204 هامش 3 .

ولكن إذا أثير نزاع ، في الدعوى بمتأخر الحكر ، في أصل الحق أي في حق المحكر في العين المحتكرة ومن ثم في استحقاقه لمتأخر الحكر ، فإن النزاع يصبح عندئذ نزاعاً في أصل الحق ، وتكون الدعوى من اختصاص محكمة العقار ( استئناف مختلط 2 نوفمبر سنة 1899م 12 ص 19 ) . وبهذا المعنى يجب تأويل حكمين آخرين صدرا من محكمة الاستئناف المختلطة ، الأول في 14 يونيه سنة 1900 ( م 12 ص 336 ) والثاني في 30 أبريل سنة 1914 ( م 26 ص 366 ) وما جاء في كتاب الإيجار للمؤلف فقرة 157 ص 204 .

وقد نصت المادة 33 مرافعات على أنه “إذا كانت الدعوى بطلب تقدير قيمة معينة للحكر أو بزيادتها إلى قيمة معينة ، قدرت بالقيمة السنوية المطلوب تقديرها أو بقيمة الزيادة في نسبة مضروباً  كل منهما في عشرين” . أما في تقنين المرافعات القديم فتحسب ، في الأحكار المؤبدة ، الأجرة السنوية باعتبار أنها 7% من الأصل شأن كل إيراد مؤبد ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1889م 1 ص 222 – 5 يناير سنة 1914م 27 ص 102 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الدعوى بطلب الزيادة في مربوط الحكر ( تصقيع الحكر ) ، كالدعوى بأصل الحكر ، تقدر على اعتبارها دعوى بإيراد مؤيد ، فتحتسب فيها كل سبعة بمقام مائة( بحسب قانون المرافعات القديم ) . وذلك لأنها في الواقع تتضمن تعدي ل النسبة بين مقدار ما كان قد ربط من الحكر وقيمة الأرض المحكرة وقت إنشاء الحكر ، وما تكون عليه هذه النسبة بينهما وقت المطالبة بالزيادة . فهي دعوى ينطوي فيها بحث ماهية الاستحكار وأثر تغير صقع الأرض المحكرة في قيمة الحكر المقدر وأثر فعل المستحكر في تحسين الصقع ، مما هو في صميم الحكر ومرتبط بأصله ( نقض مدني 26 يناير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 161 ص 485 ) .

( [94] ) انظر آنفاً فقرة 802 – فقر 803 .

( [95] )  استئناف مختلط 9 ماس سنة 1916م 28 ص 193 – مصر الوطنية 3 أبريل سنة 1894 القضاء 1 ص 147 .

( [96] )  نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 . استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1890م 3 ص 103 – 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 .

( [97] )  تاريخ النص ورد هذا النص في المادة 1269 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1084 في المروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رق 1081 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، اعترض على تعليق طلب الفسخ على عدم دفع الأجرة ثلاث سنين متوالية بدعوى أن هذه المدة طويلة ، فرد على هذا الاعتراض بأن هذا هو ما استقر عيه القضاء ، على أنه يجوز للمحكر أن ينفذ على المحتكر تنفيذً عينياً في أي وقت شاء ، ويتخذ من الإجراءات الأخرى ما يكفل له استيفاء مقابل الحكر ، ولكن لا يجوز له طلب الفسخ إلا بعد ثلاث سنين ، لأن الحكر يختلف عن الإجارة العادية في أنه حق عيني يكلف المحتكر نفقات كثيرة ، ومن ثم فلا يصح أن يهدد بالفسخ إلا بعد هذه الفترة الملائمة من الزمن . وقد أقرت اللجنة النص تحت رقم 1009 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 596 – ص 598 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به في عهد هذا التقنين .

( [98] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 598 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وقد رأينا في عقد الامفتيوز أنه يكفي التأخر سنتين في دفع الأجرة حتى يحق فسخ العقد .

وكان الفسخ للتأخر في دفع الأجرة ثلاث سنوات متواليات ، في عهد التقنين المدني القديم ، يقع دون حاجة لإعذار طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ( نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 204 ص 467 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – جرانمولان في العقود فقرة 165 هام 5 – الإيجار للمؤلف فقرة 158 ) . ولكن التقنين المدني الجديد ترك المسألة تخضع للقواعد العامة ، ومقتضى تطبيق هذه القواعد أنه لابد من الإعذار ، وأن للقاضي سلطة تقديرية في إجابة المحكر إلى طلب الفسخ ( سليمان مرقس فقرة 337 ص 637 ) .

( [99] )   تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1267 من المروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا خلافاً لفظياً طفيفاً . وفي لجنة المراجعة أدخل تعديل لفظي على النص فأصبح مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1082 في المشروع النهائي . وواف عليه مجلس النواب تحت رقم 1079 . وفي لجنة مجلس الشيوخ سأل احد الأعضاء عن الجزاء المترتب على حكم النص وهل يكون الفسخ ، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا قصر الفسخ في حالة دفع الأجرة على التأخر في الدفع ثلاث سنوات متواليات؟ فأجيب بأن الجزاء المترتب على النص هو ما تقضي به القواعد العامة في الإخلال بالعقود ، فقد يكون الجزاء الفسخ أو التنفيذ ، أما الحكم الخاص بعدم دفع الأجرة فقد قصد به تحديد المدة التي يكون للمحكر بعدها طلب الفسخ . وأقرت اللجنة النص تحت رقم 1007 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 591 ص 593 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها في عهد هذا التقنين .

( [100] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 597 في الهامش .

( [101] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1268 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المحدد له إن كان البناء الذي أقامه المحتكر قد تهدم أو الغرس الذي أحدثه قد تلف ، وإلا فإن حق الحكر يبقى مادام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، ما لم يتفق على غير ذلك” . وفي  لجنة المراجعة عدل النص بحيث أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1083/1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1008/1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 593 – ص 596 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وكان المعمول به في عهد هذا التقنين هو ما ورد في نص المروع التمهيدي قبل تعديله في لجنة المراجعة .

( [102] )  انظر آنفاً فقرة 801 .

( [103] )  وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه متى كان الاحتكار في أرض الوقف مطلقاً غير موقت لأجل معين ، كان مؤبداً وللمحتكر حق القرار فيه ( استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 892 الحقوق 7 ص 344 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكر عقد إيجار مؤبد لا يجوز الرجوع فيه ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 ) . ويجب التمييز بين الحكم الموقت ويبقى إلى أطول الأجلين انقضاء مدته وزوال البناء أو الغراس ، والحكر الدائم وهو عقد دائمي لا ينتهي ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1929م 41 ص 392 ) .

( [104] )  انظر آنفاً فقرة 801 .

( [105] )  انظر آنفاً فقرة 801 .

( [106] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المروع التمهيدي ، وقد أضافته لجنة المراجعة تحت رقم 1083/2 في المشروع النهائي تحت رقم 1008/2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص ص595 – ص 596 ) .

ولا مقابل لهذا النصف في التقنين المدني القديم . ولكن الحكم منصوص عليه في المادة 705 من مرشد الحيران على الوجه الآتي : “إذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المحتكرة ، انفسخت الإجارة ، وليس لورثته البناء أو الغراس فيها بدون إذن الناظر” .

( [107] )  تاريخ النص : لمي رد هذا النصف في المشروع التمهيدي ، ولم تعرض له لجنة المراجعة ولا مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ ضيف النص كفقرة ثالثة للمادة 1008 . وقد راعت اللجنة هذه الإضافة أن تجعل زوال صفة لوقف مفضياً إلى زوال حق الحكر ، وذلك لمواجهة أحكام قانون الوقف التي تجعل الوقف موقوتاً في بعض حالاته ينتهي بانتهاء المدة أو بانقراض الطبقات أو بصيرورة نصيب المستحقين قليل القيمة . وهذه الأحكام تتطلب مواجهة حالة الأحكار المقررة على هذه الأعيان التي تزول عنها صفة الوقف لسبب أو أكثر من هذه الأسباب . فنص على انتهاء الحكر لهذا السبب ، على أن تواجه القواعد العامة ما يترتب على ذلك من حيث التعويضات وكيفية توزيعها . ولكن اللجنة استثنت حالة زوال صفة الوقف بسبب رجوع الواقف في وقفه أو إنقاصه لمدته ، وهو بهذا يكون ناقضاً لا تم من جهته فيتعين أن يرد عليه سعيه . وأصبح رقم النص 1008/3 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ كما وضعته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 595 – ص 596 وص 614 ) .

ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، وهو نص مستحدث لمواجهة حالات انتهاء الوقف وفقاً لأحكام قانون الوقف .

( [108] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 596 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [109] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1271 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- عند فسخ العقد أو انتهائه يجوز للمحكر أن يطلب إزالة البناء والغرس ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغر ذلك . 2- فإذا كان من شأن الإزالة أن تلحق ضرراً جسيماً بالأرض ، فله أن يستبقي البناء والغرس في مقابل دفع قيمتيهما مستحق الإزالة ، وللمحكمة أن تمهله في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذلك” . وأقرته لجنة المراجعة بعد تعديل لفظي طفيف تحت رقم 1085 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1082 . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن النص لم يتعرض إلا للإزالة ، فأضيف إليه حق المحكر في استبقاء البناء أو الغراس مع دفع  قيمته مستحق الإزالة أو البقاء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية . أما الإضافة التي تقضي بوجوب تقديم كفالة ، فذلك لضمان الوفاء حتى تكون مقابل الإمهال . وجاء في تقرير اللجنة ما يأتي : “عدلت اللجنة الفقرة الأولى من هذه المادة ، وجعلت للمحكر عند فسخ العقد أو انتهائه أن يطلب إما إزالة البناء والغراس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء . وقد رأت اللجنة أن تقر هذا الخيار لتيسر الانتفاع بما أقامه المحتكر في الأرض ، وخالفت المشروع في قصر حق المحكر في استبقاء البناء أو الغراس على الحالة التي يكون فيها من شأن الإزالة أن تلحق ضرراً جسيماً بالأرض . على هذا الأساس رأت اللجنة أن تعدل الفقرة الثانية من المادة نفسها ، وأن تقصر حكمها على تخويل المحكمة حق إمهال المحكر في الدفع إذا كانت هناك ظروف تبرر الإمهال ، وأوجبت في هذه الحالة أن يقدم المحكر كفالة لضمان ما يجب عليه أداؤه للمحتكر” . وأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1010 . ووافق عيه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 599 – ص 608 ) .

( [110] )  انظر آنفاً فقرة 810 .

( [111] )  انظر آنفاً فقرة 813 .

( [112] )  انظر آنفاً فقرة 797 .

( [113] )  وكانت محكمة مصر الكلية الشرعية قد قضت قبل ذلك بأنه متى تبين أن الحكر من شأنه الإضرار بالوقف ، فإنه يجوز الحكم في أي وقت بإنهائه ( مصر الكلية الرعية 6 مارس سنة 1934 المحاماة الشرعية 6 ص 661 ) – وانظر استئناف وطني 15 يونيه سنة 893 الحقوق 8 ص 257 – سليمان مرقس فقرة 342 ص 639 .

( [114] )  انظر آنفاً فقرة 803 .

( [115] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 599 – ص 600 في الهامش .

( [116] )  استئناف مختلط 22 مايو سنة 1945م 57 ص 135 .

( [117] )  استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 9 ص 59 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 30 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – استئناف وطني 30 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 319 ص 625 – احمد فتحي زغلول ص 91 – الإيجار للمؤلف فقرة 160 – وانظر آنفاً فقرة 799 في الهامش – ولابد من تغيير صفة وضع اليد حتى يتملك المحتكر الرقبة بالتقادم ، وتغيير الصفة في وضع اليد لا يكون إلا بعم مادي أو قضائي مجابه لصاحب الحق . فإذا باع المحتكر العين دون أن يشير في العقد إلى أنها محكرة ، فذلك منه لا يعد تغييراً في الصفة لأنه لم يحصل في مواجهة الوقف ( نقض مدني 14 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 157 ص 444 – وانظر أيضاً نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 – استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1932م 45 ص 54 – 15 يناير سنة 1935 47 ص 104 – 7 يونيه سنة 1938م 50 ص 354 – 10 أبريل سنة 1945م 57 ص 117 .

وإذا وقف المحتكر بناءه القائم على الأرض المحتكرة مقترناً بحق الحكر ، وأقر في حجة إنشاء الوقف بأنه محتكر للأرض التي يقوم عليها البناء ، فهذا الإقرار يمنع من تملكه رقبة الضرورة المحكرة بالتقادم ، ولا يؤثر في ذلك سكوت المحكر عن مطالبة المحتكر بالحكر السنوي مدة طويلة ، لأن وضع اليد سببه معلوم من حجة الوقف ولم يطرأ عليه تغيير ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 – 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص 1098 – استئناف مختلط 12 ماس سنة 1896م 8 ص 165 ) .

( [118] )  سليمان مرقس فقرة 340 ص 638 هامش 2 .

( [119] )  انظر آنفاً فقرة 801 في الهامش .

( [120] )  انظر آنفاً فقرة 797 .

( [121] )  انظر آنفاً فقرة 815 .

( [122] )  الحكم الصادر في 14 يونيه سنة 1934 ( مجموع عمر 1 رقم 198 ص 439 – انظر آنفاً فقرة 803 ) – وقد استطرد هذا الحكم إلى بيان أن نظرية وزارة الأوقاف من توزيع ربع الأرض مثالثة بين المحكر والمحتكر ، للأول الثلث والثاني الثلثان ، غير صحيحة فيما يتعلق بتقرير أجرة الحكر ، ولكن لها أساس من الصحة في تقدير قيمة استبدال الحكر ، فقالت : “على أن نظرية وزارة الأوقاف ، إذا كانت غير صحيحة فيما يتعلق بالأجرة السنوية التي يجب على المحتكر دفعها ، فلها أساس من الصحة فيما يتعلق بتقدير الحكر من إرادة استبدال الأرض المحكورة ، ذلك الحكر الذي تكون قيمته في عشرين سنة على الأقل هي قيمة البدل الذي يدفعه المحتكر . حقاً إن في هذه الصورة يمكن تماماً القول بأن للمحتكر حق البقاء والقرار في الأرض ، وأن هذه الأرض معيبة بقدر هذا الحق الذي عليها ، وأن صاحبها ، وهو الوقف ، لا يستطيع عند البيع أخذ ثمنها كما لو كانت حرة خالية من هذا الحق العيني المقرر عليها للمحتكر ، بل يجب أن يترك من ثمنها للمحتكر ما يقابل حقه العيني ذاك . وهذا النظر ليس جديداً ، بل إن الشرع أشار إليه في المادة 18 من لائحة سنة 1895 التي نصها : “ديوان الأوقاف يقبل استبدال الأراضي المحكورة بقيمة تعادل أجر مثلها في الحكر مدة عشرين سنة على الأقل بمراعاة تصقيع . . الخ” ز فقوله “أجر مثلها في الحكر” لا يفهمه أحد ممن يعرفون العربية إلا على اعتبار أن لفظي “في الحكر” هما حال وقيد أو وصف للفظ “مثلها” ، وكأنه قال “أجر مثلها محكوراً” . ومن المقرر أن المثل إذا كان محكوراً أي مقرراً عليه حق البقاء والقرار الذي للمحتكر ، فإن أجره ينقص بقدر ما هو معيب بهذا الحق العيني . وإذا كانت وزارة الأوقاف تقدر ما يخص الوقف صاحب الرقبة بالثلث من الأجرة وما يخص المحتكر بالثلثين ، ثم تأخذ قيمة هذا الثلث عشرين مرة وتجعله هو قيمة البدل الذي في مقابله تتنازل عن الأرض للمحتكر تنفيذاً لقرار مجلسها الأعلى المقدم ضمن مستنداتها ، فإن القانون كما نرى يقر ما رآه مجلس الأوقاف الأعلى من جهة جعل قيمة الأجرة التي تقدر بقصد الاستبدال منقوصة ملاحظا في تنقيصها للمحتكر حقاً على الأرض يعيبها ويقلل من قيمتها . أما كون هذه الأجرة التي للوقف تكون الثلث من كامل الأجرة ، فهذا مالا أسس له سوى التحكم الذي لا بد منه .ولكن ربما كان تحكماً قريباً من الصواب ، إذ قانون المرافعات في تقدير قيمة الدعاوي يقدر رقبة العين بنصف قيمة الكل ، كما يقدر حق الانتفاع بنصف قيمة الكل . وإذا كان انتفاع المحتكر ممكناً أن يدوم بدوام دفعه أجرة المثل ، أمكنان يقال إن قيمته يصح أن تكون أكثر من قيمة حق الانتفاع العادي الذي أكثر ما يطول يكون على قدر مدة حياة المنتفع . هذا وغن منازعات الخصوم في هذه الدعوى هي التي جعلت المحكمة تستطرد لهذا البحث الخاص بتقرير الحكم لأجل الاستبدال ، حتى يتميز عن التقدير لأجل الدفع السنوي وهو موضوع الدعوى” ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 448 – ص 449 ) .

وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً لتقدير “الحكر لأجل الاستبدال”قنن فيه الأحكام التي أشارت إليها محكمة النقض فيما تقدم ، وذلك بعد أن أورد المشروع الحالة التي يكون فيها استبدال الحكر إجبارياً ( انظر آنفاً 801 في الهامش ) ، فنصت المادة 1274 من المشروع على ما يأتي : “في تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تتخذ القيمة الإيجارية للأرض بالحالة التي هي عليها أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشين سنة ، إلا إن كان صقع الأرض لا يسمح لصاحبها بأن يحصل على ثمنها في تلك المدة وإنما يتطلب ذلك مدة أطول ، ففي هذه الحالة تقدر الأجرة عن المدة الأطول . ويكون ذلك ثمناً للعين كلها ، يختص حق الرقابة منه بالثلث ، وحق الحكر بالثلثين” .

انظر في استبدال الحكر استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 250 – 17م 28ص 95 – 16 ديسمبر سنة 1930م 43 ص 85 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 .

( [123] )  ولكن لا يجوز للمحتكر أن يأخذ بالشفعة عقاراً مجاوراً للأرض المحتكرة ، حتى لو كان هو المالك الوحيد للمباني المقامة على الأرض المحتكرة ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1946م 58 ص 183 ) .

( [124] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 606 – ص 608 في الهامش .

( [125] )  انظر آنفاً فقرة 801 في الهامش .

( [126] )  نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 23 ص 52 – 25 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 107 ص 816 – المحكمة العليا الشرعية 7 مارس سنة 1938 المحاماة 18 رقم 489 ص 130 – محكمة الإسكندرية المختلطة 8 يناير سنة 1944م 56 ص 119 – سليمان مرقس فقرة 341 ص 639 هامش 1 .

( [127] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1276 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة” ، وأصبح رقمه 1089 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1086 . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن حق الحكر ، ولو كان على أرض موقوفة ، ليس وقفاً حتما ، فلا محل لأن يؤخذ في انتهائه بالمدة المقررة للأرض الموقوفة . وأعيد النص إلى ما كان عليه في المشروع التمهيدي ، وجعل الأصل في حق الحكر أن ينتهي بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة عوضاً عن ثلاث وثلاثين سنة أخذاً بالقواعد العامة في التقادم المسقط ، وتستثنى من ذلك الحالة التي يكون فيها الحر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثون سنة . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلت لجنته تحت رقم 1011 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 608 – ص 612 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامه كان معمولا بها في عهد هذا التقنين لأنها تتفق مع القواعد العامة .

( [128] )  انظر آنفاً فقرة 805 .

( [129] )  استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 29 ص 59 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 .

محامي الأردن

توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

إيجار الوقف

إيجار الوقف

781- أحكام إيجار الوقف مصدرها الشريعة الإسلامية : عرض التقنين المدني الجديد لإيجار الوقف في مواد سبع ( م 628 – 634 ) ، وقد أخذ هذه النصوص من الشريعة الإسلامية ، وهي مصدر النظام القانوني للوقف وما يتعلق به من أصل وإدارة . ولا يوجد مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني القديم ، فلم يعرض هذا التقنين لإيجار الوقف على أهميته العلمية في العهد الماضي . بل ترك الأمر للقضاء ، وطبق القضاء المختلط دون القضاء الوطني أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك( [1] ) ، وقنن التقنين المدني الجديد هذه الأحكام كما طبقها القضاء المختلط . 

$1405 لذلك عندما اقترح بعض مستشاري محكمة النقض أمام لجنة مجلس الشيوخ ، عند النظر في مشروع التقنين المدني الجديد ، حذف هذه النصوص لأنها تقنين للشريعة في أحكام إيجار الوقف ، بدعوى أن قضاء محكمة النقض استقر في أحكام عديدة على سريان أحكام القانون المدني على معاملات الوقف ومنها الإيجار ، وبدعوى أنه لا مبرر للتمييز في المعاملة بين مستأجري العقارات الموقوفة ومستأجري غيرها( [2] ) ، رفضت اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح . ولاحظت بحق “أن هناك دعوى إلى اقتباس أحكام الشريعة الإسلامية ، وحي نقتبسها في مواضيعها يطلب حذف هذا الاقتباس”( [3] ) . وجاء في تقرير اللجنة في هذا الصدد : “لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن للوقف نظاماً خاصاً روعيت فيه مصلحته ، وتقنين أحكام الشريعة في المشروع أكفل برعاية هذه المصلحة . ويلاحظ أن قضاء محكمة النقض في صدد الوقف بني على اجتهاد مرجعه غموض التشريع الحالي ( القديم ) ونقصه ، وهو بعد اجتهاد لا يمنع من تضارب الأحكام واختلاف المحاكم فيما بعد . وإذا لم يكن بد من منع هذا الخلاف وذلك التضارب من طريق التصريح بالحكم ، فأحكام الفقه الإسلامي هي الخليقة وحدها بأن تكون مرجعا للتقنين ، لأن الناس ألفواها منذ مئات السنين ، فضلا عن صدورها عن إدراك دقيق لحاجات الوقف وما ينبغي له من حماية .ويراعى من ناحية أخرى أن الوقف أحوج إلى الحماية من غيره . والاعتراض على التفريق بين مستأجري العقارات الموقوفة ومستأجري غيرها هو اعتراض على أساس التشريع وحكمته في الحماية ، وهو من هذا الوجه لا يختلف عن الاعتراض على التفريق بين مشتري عقار البالغ ومشتي عقار القاصر”( [4] ) .

782- نطاق تطبيق أحكام إيجار الوقف – نص قانوني : والأحكام التي أوردها التقنين المدني في إيجار الوقف يقتصر تطبيقها على حالة ما إذا كان الشيء المؤجر عينا موقوفة ، وفي المسائل التي عرضت لها هذه الأحكام . فإذا $1406وجدت مسألة في إيجار الوقف لم يعرض لها نص من النصوص الواردة في هذا الصدد ، سرت على هذه المسألة أولا أحكام عقد الإيجار بوجه عام ، ثم تسري بعد ذلك أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً من مصادر القانون .

وتنص المادة 634 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي : “تسري أحكام عقد الإيجار على إجارة الوقف ، إلا إذا تعارضت مع النصوص السابقة”( [5] ) . ويخلص من هذا النص أن إجارة الوقف تسري عليها المصادر الآتية بالترتيب الآتي :

أولا – نصوص المواد 628 إلى 634 من التقنين المدني ، وهي النصوص الخاصة بإيجار الوقف .

ثانياً – فإن لم يوجد نص من ذلك ، سرت أحكام قانون إيجار الأماكن فيما إذا كانت التعين الموقوفة من المباني ، وسرعت أحكام قانون الإصلاح الزراعي والنصوص المتعلقة بإيجار الأراضي الزراعية وبالمزارعة فيما إذا كانت العين الموقوفة أرضاً زراعية .

ثالثاً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سرت أحكام عقد الإيجار بوجه عام ، ثم أحكام العقد بوجه عام .

رابعاً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سري العرف .

خامساً – فإن لم يوجد عرف ، سرت مبادئ الشريعة الإسلامية في الوقف ثم في الإيجار بوجه عام .

$1407 سادساً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سرت مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة .

والذي يعنينا بحثه هنا من كل هذه المصادر هو المصدر الأول ، وهو المواد 628 إلى 634 من التقنين المدني الخاصة بإيجار الوقف . وتعرض هذه النصوص : ( 1 ) لمن له الحق في إيجار الوقف . ( 2 ) ومن له الحق في استئجاره . ( 3 ) وكيف تقدر أجرة الوقف . ( 4 ) ولاية مدة يجوز إيجار الوقف .

وقبل بحث هذه المسائل على هذا الترتيب ، نلاحظ أن موضوع إيجار الوقف ، وإن كان من الموضوعات الهامة في الماضي ، قد  فقد كثيراً من أهمية بعد إلغاء الوقف الأهلي . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ( المعدل بالمسوم بقانون رقم 342 لسنة 1952 ) على أن “يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر” . ولم يعد هناك إلا الوقف الخيري ، إذ نصت المادة الأولى من المسوم بقانون سالف الذكر على أنه “لا يجوز الوقف على غير الخيرات” . ونصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من نفس المرسوم بقانون على ما يأتي : “فإذا كان الواقف قد شرط في وقف لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر ، اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات” .

فلم يعد خاضعاً للحكام التي سنتولى بحثها الآن إلا إيجار الوقف الخيري( [6] ) .

§ 1 – من له الحق في إيجار الوقف

783- ولاية إيجار الوقف – نص قانوني : تنص المادة 628 $1408 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- للناظر ولاية إجارة الوقف . 2- فلا يملكها المقوف عليه ولو انحصر فيه الاستحقاق ، إلا إذا كان متولياً من قبل الواقف ، أو مأذوناً ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض”( [7] ) . وهذا النص مأخوذ من المادة 681 من مرشد الحيران ، وتجري على الوجه الآتي : “للناظر ولاية إجارة الوقف ، فلا يملكها الموقف عليه إلا إذا كان متولياً من قبل الواقف أو مأذوناً ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض” . وقد نص فقهاء الشريعة الإسلامية على أن إجارة مستغلات الوقف لا يملكها إلا الناظر ، فلا يملكها الموقوف عليهم ولو كان واحداً وانحصر الاستحقاق فيه ، على ما عليه الفتوى( [8] ) .

فالذي يملك إيجار الوقف إذن هو الناظر وحده( [9] ) . ويشترط ألا يكون $1409 قد نصب ناظراً لعمل معين غير الإجارة تنتهي نظارته به ، كما إذا عين شخص ناظراً على وقف لاسترداد عين من أعيانه تحت يد الغير وحفظها عنده على ذمة الوقف دون أن يكون له الحق في إيجارها( [10] ) .

ولا يملك إيجار الوقف الموقوف عليه ، أي المستحق فيه( [11] ) ، ولو كان المستحق واحداً وانحصر فيه الاستحقاق . ذلك أنه ، وإن كان له في هذه الحالة ريع الوقف ، لا يملك إدارته ، فلا يملك إيجاره ، والذي يملك ذلك هو النظار دون غيره وقد يكون المستحق متولياً من قبل الواقف ، فيملك الإيجار بصفته متولياً لا بصفته مستحقاً . وقد يأذن الناظر أو القاضي للمستحق في إجارة الوقف فتجوز إجارته ، لا بصفته مستحقاً بل بصفته وكيلا عن الناظر أو متولياً من القاضي( [12] ) .

وإذا أجر الناظر الوقف ، صحت إجارته . وتبقى سارية حتى لو مات الناظر $1410 أو عزل قبل انقضاء مدة الإيجارة . وفي هذه الحالة يسري الإيجار في حق الناظر الذي يأتي بعده . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني تضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 849 من هذا المشروع  ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “لا تنتهي إجارة الوقف بموت الناظر ولا بعزله” . فحذف هذا النص في لجنة المراجعة( [13] ) . ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ، فيعمل به بالرغم من هذا الحذف( [14] ) .

784- ولاية قبض الأجرة – نص قانوني : تنص المادة 629 من التقنين المدني على ما يأتي : “ولاية قبض الأجرة للناظر لا للموقوف عليه ، إلا إن أذن له الناظر في قبضها( [15] )” . والنص مأخوذ من المادة 682 من مرشد الحيران .

ونرى منه أن الذي يملك قبض الأجرة قبضاً مبرئاً للذمة هو ناظر الوقف( [16] ) . فلا يجوز للمستأجر أن يعطي الأجرة لغيره ، ولو كان هذا الغير هو $1411 المستحق في الوقف وقد انحصر فيه الاستحقاق( [17] ) . فهذا المستحق إنما يستحق ريع الوقف ولا يملك إدارته كما قدمنا ، وقبض الأجرة عمل من أعمال الإدارة فلا يملكه . وإذا أذن له الناظر في قبض الأجرة ، جاز له قبضها ولكن كوكيل عن الناظر( [18] ) . وإذا دفع المستأجر الأجرة لغير ناظر الوقف لم يكن هذا الدفع $1412 مبرئاً لذمته ، وجاز للناظر أن يرجع عليه بالأجرة ، وللمستأجر أن يرجع على من دفع له .

وللناظر ولاية قبض الأجرة حتى لو كان المؤجرة غيره ، كأن كان المؤجر ناظراً سبقه .

ولكن ليس للناظر المعزول قبض الأجرة ولو أن عن إيجار عقده بنفسه وقت أن كان ناظراً ، بل للناظر الذي حل محله قبض هذه الأجرة كما قدمناه . فلو دفعها المستأجر للناظر المعزول ، أجبر على دفعها مرة ثانية للناظر المنصوب ، ورجع بها على الناظر المعزول( [19] ) . ويجب أن يعلم الناظر بعزله حتى ينعزل ، وعلى ذلك يكون جميع التصرفات التي باشرها بعد العزل وقبل العلم به صحيحة متى كان مسلطاً عليها شرعاً( [20] ) .

ويجوز للناظر أن يقبض الأجرة معجلة ، بشرط ألا يجاوز المقبوض مقدماً حدود الناظر في الإيجار ، بمعنى ألا تزيد الأجرة المقبوضة مقدماً على مجموع أجرة الثلاث السنوات الجائز للناظر أن يؤجر فيها الأعيان الموقوفة( [21] ) . فإذا $1413 ما أصيب المستحق بضرر من قبض الناظر الأجرة معجلا في هذه الحدود ، فله الرجوع على الناظر أو على تركته ،ولا يجبر المستأجر على دفع الأجرة مرة ثانية إلا إذا ثبت أن المستأجر كان سيء النية ومتواطئاً مع الناظر( [22] ) .

§ 2- من له الحق في استئجار الوقف

785- أي مستأجر يتعاقد معه الناظر : ويجوز إيجار الوقف لأي مستأجر يتعاقد معه الناظر ، مع مراعاة القيود التي سيأتي ذكرها من حيث الأجرة والمدة .  فيجوز إذن ، مع مراعاة هذه القيود ، أن يستأجر الوقف مستحق فيه ، وبذلك يكون المستحق مديناً للوقف بالأجرة ودائناً بمقدار استحقاقه ، وقد تقع المقاصة بين الدينين إذا توافرت شروطها( [23] ) .

وقد كان المروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى ، هو المادة 844 من هذا المروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “يجوز للموقوف عليه أن يستأجر الوقف ، دون إخلال بالقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة السابقة” ، أي دون إخلال بأن تكون الأجرة هي أجرة المثل إذا كان الموقوف عليه المستأجر هو أحد أصول الناظر أو أحد فروعه . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “أما من له حق استئجار الوقف فمن يتعاقد معه الناظر على الإيجار ، ولو كان مستحقاً في الوقف”( [24] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمة وارد في النص السابق عليه( [25] ) .

789- الأحكام الخاصة بناظر الوقف وأصوله وفروعه – نص قانوني : وتنص المادة 630 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف ولو بأجر المثل . 2- ويجوز له أن يؤجر الوقف لأصوله وفروعه ، على أن يكون ذلك بأجر المثل”( [26] ) . ونرى من ذلك أن هناك فريقين من الأشخاص يخضعان لأحكام خاصة في استئجار  الوقف :

$1415 ( الفريق الأول ) ناظر الوقف نفسه ( أو ولده الذي هو في ولايته ) . فهذا ليس له أن يستأجر الوقف ولو باجر المثل ، بل ولو بأكثر من أجر المثل . ويعللون ذلك بأن الناظر هو المؤجر فلو جاز له استئجار الوقف لكان مستأجراً من نفسه ، فعلقت به التهمة . والواحد لا يتولى طرفي العقد إلا في مسائل مخصوصة ، ليست هذه منها . ولهذا لو قبل الإجارة من القاضي صحت ، لانتفاء ما ذكر( [27] ) . أما لو استأجر الناظر أعيان الوقف من نفسه ، لا من القاضي ، فإن الإيجار يكون باطلا ، ويجبر على الإخلاء مع دفع أجر المثل عن المدة التي بقي فيها بأعيان الوقف مع التعويض إن كان له مقتض ، وكذلك يجوز عزله من النظارة على الوقف .

( والفريق الثاني ) أصول ناظر الوقف وفروعه . وهؤلاء يجوز لهم استئجار الوقف من الناظر ، بشرط أن يدفعوا أجر المثل ، فلا يجوز الغبن اليسير ، وذلك نفياً للتهمة( [28] ) . وهذا هو قول الصاحبين ، وبه أخذ التقنين المدني . أما الإمام أبو حنيفة فيقول بوجوب أن تكون الأجرة أكثر من أجر المثل( [29] ) ، وقد أخذ بهذا القول قبل صدور التقنين المدني الجديد المحكمة العليا الشرعية . فقض بأنه من موجبات عزل ناظر الوقف إجارته لمن لا تقبل شهادته له من أصوله وفروعه ، بدون أن يكون للإجارة خير للوقف ولو كان بأجر المثل( [30] ) .

$1416 أما أقارب ناظر الوقف غير الأصول والفروع ، كالأخ والعم والخال وابن الأخ وابن العم وابن الخال ، فتصح الإجارة لهم ، كما تصح لغير الأقارب أصلا ، إن كانت بأجر المثل أو بغبن يسير كما سنرى .

ونرى مما تقدم تدرجاً ملحوظاً : فناظر الوقف لا يصح له استئجار الوقف أصلا . أما أصوله وفروعه فيصح لهم استئجار الوقف ، بشرط أن يدفعوا أجر المثل . وأما الأقارب الآخرون وغير الأقارب فيصح لهم استئجار الوقف بأجر المثل أو بغبن يسير . ولا يصح الغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف كما سيأتي .

§ 3- أجرة الوقف

787- نصوص قانونية : تنص المادة 631 من التقنين المدني على ما يأتي : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين” .

وتنص المادة632 من التقنين المدني على ما يأتي :

“1- في إجارة الوقف تكون العبرة في تقرير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” .

“2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد”( [31] ) .

$1417 ونبادر إلى ملاحظة أن المادتين 631 و 632 سالفتي الذكر وقع في ترتيبهما خطأ مادي . فقد كانتا في المشروع النهائي للتقنين المدني مادة واحدة من فقرات ثلاث ، الفقرة الأولى منها هي المادة 631 ، والفقرتان الأخريان هما المادة 632 $1418 بفقرتها . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقرر إفراد الفقرة الثانية – أي الفقرة الأولى من المادة 632 – بمادة خاصة . فأصبحت الفقرة الثالثة – أي الفقرة الثانية من المادة 632 – فقرة ثانية في المادة 631 . فكان الواجب أن تكون المادة 631 من فقرتين ، وتكون فقرتها الثانية هي الفقرة الثانية من المادة 632 ، وأن تكون المادة 632 من فقرة واحدة هي فقرتها ألأولى . ويكون الترتيب الصحيح للنصوص هو على الوجه الآتي :

م 631 : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين – 2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” .

م 632 : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” .

وهذا هو الترتيب الطبيعي للنصوص . أما الترتيب الذي جاء في التقنين المدني فغير طبيعي ، وهو نتيجة خطأ مادي وقع عند نقل النصوص . ويتبين ذلك من الرجوع إلى الأعمال التحضيرية ، وقد أثبتناها في هامش هذه الفقرة .

788- لا يجوز أن يكون في الأجرة غبن فاحش : ويخلص من النصوص التي قدمناها أن الناظر لا يجوز له إيجار الوقف بغبن فاحش( [32] ) . والغبن الفاحش  في الشريعة الإسلامية هو ما يزيد على الخمس( [33] ) ، وقد كان المشروع $1419 التمهيدي ينص صراحة على أنه “لا تصح إجارة الوقف بأقل نم أربعة أخماس أجر المثل” ، وكان المشروع النهائي ينص كذلك على أن “الغبن الفاحش هو ما يزيد على خمس أجرة المثل” . ولكن لجنة مجلس الشيوخ رأت ألا تعين نسبة الغبن الفاحش في النص وتركت تقديرها لأحكام الشريعة الإسلامية( [34] ) . فإذا كانت أجرة المثل للعين الموقوفة عشرين جنيها مثلا ، جاز للناظر أن يؤجرها بعشرين وبأكثر وبأقل بحيث لا تنقص الجرة عن ستة عشر جنيها( [35] ) .

وقد قدمنا أنه إذا أجر الناظر العين لأحد من أصوله أو فروعه ، لم يجز حتى الغبن اليسير ، ووجب أن تكون الأجرة هي أجرة المثل أو أكثر ، فتكونن عشرين جنيها أو أكثر ولا تنزل عن ذلك .

وكما يجب ألا تكون ألأجرة فيها غبن فاحش ،  كذلك يجب ألا تكون مجهلة . فإذا أجر الناظر أرض الوقف وجعل الأجرة تقصيب الأرض وتصليحها ، كان ذلك موجبا للجهالة في مقدار الأجرة ، لأن ما يصرف على التقصيب والتصليح في كل سنة غير مقدر في العقد ولا هو معروف عادة ، لاختلافه باختلاف حالة الأطيان المراد تصليحها وباختلاف الزمان وباختلاف ما يستعمل في التصليح من الماشية والآلات ، وذلك موجب لفساد الإجارة( [36] ) .

ويستثنى من عدم جواز أن يكون بالأجرة غبن فاحش أن يكون الناظر $1420 الذي أجر العين بالغبن الفاحش هو المستحق الوحيد في الوقف( [37] ) ، لأن الضرر في هذه الحالة لا ينال أحد غيره ، وقد قبله ونزل عن حقه في تكملة الأجرة فيصبح ذلك( [38] ) . ولكن إذا تعدى الضرر إلى غيره ، بأن مات قبل أن ينتهي الإيجار ، كان للناظر الذي يليه أن يطلب تكملة الأجرة من وقت موته مراعاة لحق المستحقين التالين . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 631 إذ تقول كما رأينا : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق يليه من المستحقين”,

وإذا أجر الناظر بالغبن الفاحش في غير الاستثناء المتقدم ، لم يقع العقد باطل ، بل يطلب الناظر من المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل من وقت العقد( [39] ) ، ولا يكفي أن يكمل الأجرة إلى أربعة أخماس أجر المثل( [40] ) . فإن رفض $1421 المستأجر ذلك ، جاز للناظر طلب فسخ العقد( [41] ) . ومما يوجب عزل الناظر أن يؤجر الوقف بغبن فاحش وهو متعمد ذلك . فإن كان غير متعمد ، بل أجر بغبن فاحش لسلامة نيته ، كان مأمونا ، جاز للقاضي أن يبقيه في وظيفته( [42] ) . ولا يملك المستحقون أن يرفعوا دعوى على المستأجر مباشرة بتكملة الأجرة للغبن( [43] ) ، وإنما يملكون طلب عزل الناظر الذي أجر بغبن فاحش ، فإذا عزل ونصب ناظر جديد طلب هذا من المستأجر تكملة الجرة . وإذا بقي الناظر ولم يعزل لسلامة نيته ولأنه مأمون ، فالظاهر أنه بصفته ممثلا للوقف تكون له صفة في رفع دعوى تكملة الأجرة ولو كان هو الذي صدر منه الإيجار( [44] ) .

789- يقدر أجر المثل وقت العقد ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك : وتقدير أجر المثل لمعرفة ما إذا كان في الأجرة غبن فاحش أو غبن يسير إنما يكون وقت إبرام عقد الإيجار ، ولا يعتد بما يطرأ على أجر المثل بعد ذلك من نقص أو زيادة ( م 632/1 مدني ) . فإذا أجر الناظر بأجر المثل وقت إبرام العقد ، وفي أثناء الإجارة تغير هذا الأجر نقصاً أو زيادة ، فإن نقص أجر المثل مما كان $1422 عليه وقت الإيجار ، ألزم المستأجر بدفع الأجرة المتفق عليها ، ولا يجاب إلى إنقاص الأجرة ولا إلى فسخ العقد ، لما يترتب على ذلك من الضرر بالوقف ، ولأن الناظر لا يمك الإقالة إلا إذا كان فيها خير للوقف( [45] ) . وإن زاد أجر المثل ، فلا يلتفت إلى الزيادة اليسيرة وهي التي تدخل تحت تقويم المقومين( أو لا تزيد على خمس المبلغ المتفق عليه ) . أما إذا كانت الزيادة فاحشة ولم تكن نتيجة تعنت بأن يقصد أحد الناس ألإضرار بالمستأجر فيعرض أجرة كبيرة بل كان هذا نتيجة طبيعية لكثرة الرغبات في العين المؤجرة ، فإن هذه الزيادة لا يعتد بها أيضاً وتبقى الأجرة على حالها إلى انتهاء المدة ، وهذا هو ما يقضي به صريح النص في التقنين المدني الجديد إذ تقول المادة 632/1 مدني كما رأينا : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقف الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” وقد أخذ التقنين المدني الجديد في هذا برأي مرجوح في الشريعة الإسلامية مراعاة للاستقرار( [46] ) . ولكن الرأي الراجح في الشريعة الإسلامية هو أنه يعتد بهذه9 الزيادة مراعاة لمصلحة الوقف ، ويخير المستأجر بين قبول الزيادة أو فسخ العقد( [47] ) . وفي عهد التقنين $1423 المدني القديم ، حيث لم يكن هناك نص صريح كنص المادة 632/1 من التقنين المدني الجديد ، أخذ القضاء مع ذلك بالرأي المرجوح الذي أخذ به التقنين المدني الجديد ، فلم يعتد بزيادة أجرة المثل أثناء مدة الإيجار( [48] ) . ولا شك في أن هذا الرأي هو الذي يحقق استقرار التعامل ، وقد أحسن التقنين المدني الجديد صنعا في الأخذ به بنص صريح( [49] ) .

§ 4- مدة إيجار الوقف

790- لا يجوز أن تزيد مدة إيجار الوقف على ثلاثة سنوات – نص قانوني : تنص المادة 632 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- لا يجوز للناظر ، بغير إذن القاضي ، أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول أنقصت إلى ثلاث سنين . $  1424 2- ومع ذلك إذ كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال يحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين”( [50] ) . ويتبين من النص المتقدم الذكر أنه لا يجوز للناظر إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات . ويستوي في ذلك أن تكون العين المؤجرة من المباني أو من الأراضي الزراعية .

والشريعة الإسلامية تميز بين ما إذا كانت العين من المباني أو من الأراضي . والقول المعول عليه فيها ألا تزيد مدة الإجارة على سنة في الدار والحانوت ، وعلى ثلاث سنين في الأراضي ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت أو النقص في إجارة الأرض( [51] ) . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 847 من هذا المشروع ، وكانت $1425 تجري على الوجه الآتي : “إذا أهمل الواقف تعين مدة الإجارة في كتاب الوقف ، تؤجر الدار والحانوت وما إليها سنة ، والأرض ثلاث سنين ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت ، أو النص في إجارة الأرض” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بنص المادة 633 مدني( [52] ) . وما دام حذف النص كان للاكتفاء بنص المادة 633 مدني ، وجب الرجوع إذن إلى هذه المادة . وقد رأينا أنها تقضي بأنه لا يجوز إيجار أعيان الوقف – دون تمييز بين ما إذا كانت العين من المباني أو من الأراضي – لمدة تزيد على ثلاث سنوات( [53] ) . ومن ثم يجوز إيجار المباني لمدة تزيد على سنة ، $1426 كما يجوز إيجار الأراضي لمدة تقل عن ثلاث سنوات ، وذلك فيما عدا الأراضي الزراعية فلا يجوز إيجارها لمدة تقل عن ثلاث سنوات وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي ولا لمدة تزيد على ثلاث سنوات وفقاً لأحكام إيجار الوقف فيجب إذن أن تكون مدة إيجارها ثلاث سنوات دائماً .

والمهم ألا تزيد مدة إيجار العين الموقوفة ، مبني كانت أو أرضاً ، عن ثلاث سنوات( [54] ) . ويستوي أن يكون ذلك بعقد واحد أو بعقود مترادفة . فلا يجوز إيجار الوقف لمدة أربع سنوات في عقد واحد . كما لا يجوز إيجاره في عقدين مترادفين يتخللهما وقت قصير ، ويكون العقد الأول مدته سنتان ، والعقد الثاني مدته سنتان أيضاً تبدآن بعد السنتين الأوليين . فهذه طريقة للتحايل على القانون ، تفادي بها الناظر أن يبرم عقداً واحداً مدته أربع سنوات( [55] ) . كذلك يعتبر تحايلا على القانون أن يبرم الناظر عقداً لمدة ثلاث سنوات ، ويجدده قبل انقضاء مدته الأولى بوقت طويل لمدة ثلاثة سنوات أخرى( [56] ) . ولكن إذا جدد الإيجار قبل انتهائه بمدة قصيرة تقدر حس ب الظروف ، جاز ذلك ، ولو كانت المدة السابقة والمدة الجديدة تزيدان معاً على ثلاث سنوات ، $1427 إذا كان هذا التجديد يستدعيه حسن الإدارة( [57] ) . وإذا جدد الإيجار قبل نهاية مدته ، لم يجز إنقاص مجموع المدة إلى ثلاث سنوات إذا لم ترفع الدعوى بذلك إلا  بعد البدء في تنفيذ الإيجار الجديد( [58] ) . وإذا أجر الناظر العين الموقوفة لمدة سنة تمتد سنة بعد أخرى إذا لم ينبه أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء قبل انقضاء السنة بشهرين مثلا ، جاز ذلك ، حتى لو بقي المستأجر في العين مدة أكثر  من ثلاث سنوات لأن تنبيهاً بالإخلاء لم يصدر من أي من الطرفين . كذلك إذا أجر الناظر العين الموقوفة دون أن يعين مدة ، على أن تدفع الأجرة كل شهر أو كل سنة ، فاعتبرت المدة شهراً أو سنة بحسب مواعيد دفع الأجرة على أن ينتهي الإيجار إذا نبه أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء في المواعيد القانونية ، فإن ذلك يجوز حتى لو بقي المستأجر في العين أكثر من ثلاث سنوات بسبب عدم صدور التنبيه بالإخلاء .

وتراعى في كل ما تقدم أحكام قانون إيجار الأماكن وقانون الإصلاح الزراعي من حيث امتداد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدته الأصلية .

791- حكم إيجار الوقف إذا زادت مدته على ثلاث سنوات : فإذا أجر الناظر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، سواء كان ذلك بطريق مكشوف أو بطريق مستتر تحايلا على القانون ، لم يقع العقد باطلا ، ولكن تنقص مدته إلى ثلاث سنوات( [59] ) . ولما كان الناظر بعمله هذا قد جاوز حدود سلطته ، $1428 فإنه يمكن طلب عزله أو ضمن ناظر إليه . فإذا عزل أو انضم إليه ناظر آخر ، كان الذي يطلب إنقاص المدة هو الناظر الجديد الذي يخلفه أو الناظر المنضم إليه( [60] ) بحسب الأحوال . ولا نرى ما يمنعن إذا لم يعزل الناظر الذي صدر منه العقد ولم ينضم إليه ناظر آخر لثبوت حسن نيته ، من أن يتولى هذا الناظر نفسه طلب إنقاص المدة بالرغم من صدور العقد منه( [61] ) . ذلك أنه لا يمثل نفسه بل يمثل الوقف ، سواء في إبرام الإيجار أو في طلب إنقاص المدة ، فيكون الوقف هو الذي يطلب إنقاص المدة وهذا من حقه دون شك( [62] ) .

ولا يجوز للمستحقين طلب إنقاص المدة ، لنهم ليسوا طرفاً في عقد الإيجار . وإنما يجوز لهم أن يطلبوا من المحكمة عزل الناظر الذي جاوز حدود سلطته معتمداً ، وتعيين ناظر آخر مكانه . والناظر الجديد هو الذي يطلب إنقاص المدة كما سبق القول . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في عهد التقنين المدني القديم ، بأن ناظر الوقف هو الممثل الشرعي الوحيد للوقف بالنسبة إلى الغير فيما يتعلق بأعمال الإدارة ، فلا يجوز للمستحقين أن يطلبوا إبطال الإجارات الصادرة منه ، وليس لهم إلا دعوى مباشرة ضد الناظر للمطالبة باستحقاقهم . أما في حالة سوء تصرف الناظر ، فلهم أن يطلبوا عزله وتعيين آخر مكانه من الجهة المختصة( [63] ) .

$1429 792- استثناءان يجوز فيهما إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات : وهناك استثناءات نصت عليهما المادة 633 مدني سالفة الذكر يجوز فيهما إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات :

( الاستثناء الأول ) نصت عليه الفقرة الأولى من المادة مدني ، إذ تقول كما رأينا : “لا يجوز للناظر بغير إذن القاضي أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين . .” . فيجوز إذن للناظر أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات إذا أذن القاضي له في ذلك . ويأذن القاضي إذا وجد مسوغ للإذن . ويقع ذلك غالباً إذا كانت العين الموقوفة مخربة ، ولا يجد الناظر من يصلحها ويعمرها إلا بشرط استئجارها لمدة طويلة( [64] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ومع ذلك يجوز الإيجار لمدة أطول من ثلاث سنوات في حالتين : ( أ ) إذا أذن القاضي : ويأذن للضرورة كما لو كان الوقف محتاجاً للعمارة . .” ( [65] ) .

( والاستثناء الثاني ) نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 633 مدني ، إذ تقول كما رأينا : “ومع ذلك إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له $1430 أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين” .

فإذا كان ناظر الوقف هو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر أعيان الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات بلا حاجة إلى إذن القاضي( [66] ) . وذلك لنفس الاعتبارات التي قدمناها في جواز إيجار الناظر للوقف بغبن فاحش إذا كان هو المستحق الوحيد ، فالضرر من زيادة المدة على ثلاث سنوات لا ينال أحداً غيره ، وقد قبله فيصح ذلك( [67] ) . ولكن إذا تعدى الضرر إلى غيره ، بأن مات قبل أن ينتهي الإيجار ، كان للناظر الذي يليه أن يطلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنوات مراعاة لحق المستحقين التالين( [68] ) . فإذا أجر ناظر الوقف الذي هو المستحق الوحيد الوقف لمدة خمس سنوات مثلا ، ومات بعد سنتين ، لم يسر الإيجار في حق الناظر الذي يخلفه إلا لمدة سنة واحدة لاستكمال الثلاث السنوات ، ويكون لهذا الناظر الحق في إنقاص المدة من خمس سنوات إلى ثلاث . وإذا مات الناظر المؤجر بعد ثلاث سنوات أو أربع من بدء الإيجار ، لم تسر بقية المدة في حق الناظر الخلف وجاز لهذا أن يطلب الإخلاء فوراً لأن المستأجر قد استوفى مدة الثلاث السنوات التي تسري في حق هذا الناظر( [69] ) .

$1431 وإذا كان ناظر الوقف هو الواقف نفسه ، سواء كان هو المستحق الوحيد أو لم يكن ، فإنه يجوز له أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات بلا حاجة إلى إذن القاضي . والأصل في ذلك أنه يجوز ، في الشريعة الإسلامية ، أن يؤجر الواقف أعيان وقفه أكثر من ثلاث سنوات( [70] ) ، بل له أن يعين مدة إجارة وقفه في كتاب الوقف . فإن عينها لم يكن للناظر مخالفته ، إلا  إذا رخص الواقف في ذلك المنفعة الوقف كأن يشترط عدم إيجار أعيان وقفه لمدة تزيد على سنة إلا إذا كانت مصلحة الوقف في مدة أطول من ذلك ، ففي هذه الحالة يجوز للناظر الإيجار لمدة أطول دون رجوع إلى القاضي . أما إذا لم يرخص الواقف في الاستثناء ، فلا يجوز للناظر الإيجار لمدة أطول من سنة ، حتى لو تحققت مصلحة الوقف في ذلك ، ويجب عليه الرجع إلى القاضين وه الذي يؤجرها للمدة التي يرى فيها مصلحة الوقف . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 846 من هذا المشروع تنص على أنه “1- يراعى شرط الواقف في إجارة وقفه ، فإن عين الواقف مدة الإجارة اتبع شرطه وليس للمتولي مخالفته . 2- إذا كان لا يغب في استئجار الوقف المدة التي عينها الواقف ، أو كانت الإجارة أكثر من تلك المدة أنفع للوقف ، جاز للناظر ، بعد $1432 استئذان القاضي ، أن يؤجر الوقف لمدة أطول ، إذا لم يكن مأذوناً في ذلك من قبل بكتاب الوقف” .وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بنص المادة 633 مدني( [71] ) . فوجب إذن الرجوع إلى هذه المادة لمعرفة مقدار المدة التي يستطيع الناظر أن يصل إليها في إيجار الوقف إذا كان الناظر هو الواقف نفسه . وقد رأينا أن الفقرة الثانية من هذه المادة تقضي بأنه إذا كان الناظر هو الواقف ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي . فإذا أجر الوقف لمدة ست سنين مثلا ، سرت هذه المدة ما دام الواقف حياً . فإذا مات بعد خمس سنين مثلا ، كان للناظر الذي يخلفه أن ينقض الإجارة في السنة السادسة( [72] ) . أما إذا مات بعد سنتين ، بقي المستأجر في العين سنة أخرى حتى يستكمل الثلاث السنوات التي تنقص إليها المدة فتصبح ثلاثا بدلا من ست .

793- العبرة في هذه القيود بأن تكون العين وقفاً عند إبرام الإيجار : والعبرة في القيود التي قدمناها متعلقة بمدة إيجار ، وكذلك في القيود التي سبق ذكرها فيما يتعلق بالأجرة ، بأن تكون العين المؤجرة وفقاً عند إبرام الإيجار ، أي بأن يكون الإيجار واقعاً منذ البداية على عين موقوفة . أما إذا كان واقعاً على ملك ثم وقف هذا الملك أثناء الإيجار ، فلا تطبق هذه الأحكام . فإذا أجر المالك ملكه لمدة تسع سنوات بأجرة فيها غبن فاحش وكان هذا الإيجار صحيحاً عند إبرامه ، فإنه يسري لمدته وبأجرته ، حتى لو وقف المالك العين أثناء الإيجار . ولا يجوز في هذه الحالة لناظر الوقف ، سواء كمان هو الواقف نفسه أو غيره ، أن يطل إنقاص $1433 مدة الإيجار إلى ثلاث سنوات ، أو تكملة الأجرة إلى أجر المثل . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى بأنه إذا أجر المالك ملكة بعقد إيجار ثابت التاريخ ، ثم وقف هذا الملك ، فلا يجوز لناظر الوقف بعد انعقاد الوقف أن يطلب تنقيص مدة الإيجار ، ولا أن يطلب رفع سعر الإيجار ، بناء على أن أعيان الوقف لا يجوز إيجارها لمدة طويلة كما لا يجوز إيجارها بغبن على جهة الوقف ، لأن العبرة بتاريخ انعقاد الإجارة ، والإجارة انعقدت في يوقت كان للمالك أن يتصرف في ملكه كيف يشاء( [73] ) .

وعلى العكس من ذلك ، إذا أجر ناظر الوقف العين الموقوفة لمدة تسع سنوات بأجرة فيها غبن فاحش ، وحل الوقف بعد سنة طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ، فأصبحت العين المؤجرة ملكاً ، فإن المستحق الذي أصبح مالكاً للعين ، ولو كان هو نفسه ناظر الوقف الذي أجر العين عدما كانت وقفاً ، يستطيع أن يطلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنوات فلا يبقى لانقضاء مدة الإيجار غير سنتين ، كما يستطيع أن يطلب تكملة الأجرة إلى أجر المثل منذ بداية الإيجار إلى انقضاء الثلاث السنوات ، وذلك كله بالرغم من أن العين قد أصبحت ملكاً . إذ العبرة ، كما قدمنا ، في كون العين ملكاً أو وقفا ، بوقت إبرام الإيجار .


( [1] )  كان القضاء المختلط في عهد التقنين المدني القديم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – 5 ديسمبر سنة 1912م 25 ص 52 – 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – 18 أبريل سنة 1917م 29 ص 381 – 5 يناير سنة 1932م 44 ص 201 – 17 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 13 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى بأنه يجب الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ، لأن هذه الأحكام متصلة اتصالا تاماً بطبيعة الوقف وبالوظيفة التي يؤديها وهو نظام إسلامي محض ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 142 : في هذه القضية طلب أحد الخصوم تطبيق القانون المدني فيما يتعلق باجرة الأعيان الموقوفة ، وليس في القانون ما يسمح بالفسخ أو تكملة الثمن للغبن في الإيجار على العموم . فلم تأخذ المحكمة بهذا الرأي ، وطبقت الشريعة الإسلامية ، وهذه تقضي بأن أجرة الأعيان الموقوفة يجب أن تكون أجرة المثل ) . ومع ذلك انظر استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1939م 51 ص 261 .

وأخذ بعض أحكام القضاء الوطني بالشريعة الإسلامية في إيجار الوقف : مصر الكلية الوطنية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 64 ص 138 – العطارين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 901 – ولكن القضاء الوطني في مجموعه لم يكن يأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ، بل كان يطبق قواعد القانون المدني : استئناف مصر 9 مارس سنة 1937 المحاماة 17 رقم 118 ص 594 – 28 يناير سنة 1947 المحاماة 31 رقم 130 ص 3487 – طنطا الكلية 19 مارس سنة 1928 المحاماة 9 رقم 63 ص 101 – منفلوط 29 يناير سنة 1945 المحاماة 28 رقم 457 ص 1099 – عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285 ص 530 – وكان القضاء الوطني يستبعد بوجه خاص من أحكام الشريعة الإسلامية الحكم القاضي بعدم جواز الغبن الفاحش في الأجرة . فقضت محكمة استئناف مصر بأنه “وأن كان علماء الشرع قالوا إنه إذا أجر المتولي على الوقف بغبن فاحش بتجاوز الخمس نقصاً في أجرة المثل تكون الإجارة فاسدة ، وجرت المحاكم المختلطة دائما على تطبيق هذه القاعدة ، إلا أن هذه المحكمة ترى أن القانون المدني الذي نظم بين الأفراد المعاملات على اختلاف نوعها من بيع وإيجار وغيرهما لم يخرج إجارة الوقف من سلطان أحكامه . فهي لذلك خاضعة له ، إذ لو أردا الشارع إخراجها عن نطاق هذه الأحكام ، لأحال الفصل فيها على أحكام الشريعة الإسلامية كما فعل حينما انتزع بمقتضى المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية دعاوي معينة من اختصاص هذه المحاكم وجعل مناط الفصل فيها للمحاكم الشرعية . ومع كنه أورد من ضمنها الدعاوي المتعلقة بأصل الوقف ، لم يذكر شيئاً عن إجارة الأعيان الموقوفة مع علمه بأن لها عند علماء الشرع أحكاما تخالف نظيراتها في باب الإجارة في القانون المدني” ( استئناف مصر 28 يناير سنة 1947 المحاماة 31 رقم 130 ص 347 وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه ) . وظاهر من هذا الحكم أن المحكمة  تجعل الاختصاص التشريعي ملازما للاختصاص القضائي ، مع أن هذا التلازم غير ضروري ، فقد تكون المحكمة الوطنية هي المختصة اختصاصا قضائياً دون المحكمة الشرعية ، ومع ذلك تطبق المحكمة الوطنية أحكام الشريعة الإسلامية إذ هي القانون المختص اختصاصاً تشريعياً ، فتختص المحاكم الوطنية أو المحاكم المختلطة بنظر قضايا إيجار الوقف وتطبق فيها أحكام الشريعة الإسلامية . وهذا ما أدركه القضاء المختلط .

هذا وقد استبعدت محكمة النقض هي الأخرى حكم الشريعة الإسلامية القاضي بعدم جواز الغبن الفاحش في إيجار الوقف ، وإن كانت لم تستبعد الحكم الذي يقضي بأن الناظر لا يملك الإيجار للمدة الطويلة إلا بإذن القاضي ، وقد جاء في حكمها ما يأتي : “إن النزاع في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن فيه هو بطبيعته نزاع مدني صرف يخضع لحكم القانون المدني ، والإيجار لا يفسده الغبن في هذا القانون . ذلك بأنه كلما كان مدار البحث في صدد الوقف هو القانون الواجب التطبيق ، فالتفرقة واجبة بين الوقف من حيث ذاته وبين نشاطه في ميدان التعامل . فأما المرجع في تعرف ذات الوقف وتقصي مقوماته فهو الشريعة الإسلامية ، وأما متى وجد الوقف وبدا منه نشاط في ميدان التعامل فباع أو ابتاع وأجر أو استأجر فشأنه في هذا كله شأن أشخاص القانون كافة حقيقيين كانوا أو اعتباريين ، من حيث خضوعهم جميعاً لأحكام القانون المدني دون الشريعة الإسلامية . إذ هذه الشريعة كانت في مصر الشريعة العامة التي تحكم المعاملات وغيرها ، ثم استبدل بها القانون المدني بالنسبة إلى المعاملات ، فأصبح هذا القانون وحده دونها هو الواجب التطبيق على كل ما هو داخل في دائرة التعامل ، بقطع النظر عن طبيعة الأشخاص المتعالمين . والشارع المصري فيما شرعه من أحكام عامة للعقود عند وضعه القانون المدني قد نحا نحو الشرائع التي غلبت سلطان الإرادة . فجاء في ذلك شبيهاً بالشريعة الإسلامية والشريعة الفرنسية من حيث أن الأصل عنده – كالأصل عندهما – أن الغبن ليس سبباً للطعن في العقود . بيد أنه مع ذلك خالف هاتين الشرعيتين ، فم يورد كل ما أوردناه من استثناء على هذا الأصل . والحالة الوحيدة المستثناة في القانون المدني هي حالة بيع عقار القاصر بغبن يزيد على خمس الثمن ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 )   ، ومع ذلك فإنه لم يرتب للقاصر في هذه الحالة حق نقض العقد ، بل رتب له الحق في طلب تكملة الثمن مشترطاً إقامة الدعوى بهذا الحق في غضون سنتين من وفاة البائع أو بلوغه سن الرشد وإلا سقط الحق فيه . ثم إن المنازعة في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن الفاحش لا يصح اعتبارها منازعة في ولاية الناظر على الوقف مما يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية . لن حكم ولاية الناظر على الإيجار – وفق ما هو مقرر في الشرعية وفي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية معاً – هو أنه لا يملك الإيجار للمدة الطويلة إلا بإذن القاضي ، مما يفيد أنه مستقل به في الإيجار للمدة غير الطويلة . وإذا كانت الشريعة الإسلامية تقول بعدم لزوم عقد الإيجار المشوب بالغبن الفاحش ، فإن ذلك ليس سببه أن ولاية الناظر في الإيجار تنحل عنه حين يعقد العقد بالغبن ، إذ تصرفه في هذه الحالة ، في الرأي المختار ، هو تصرف صادر من أهله في محله ، بل سببه أن الغبن في ذاته سبب لفسخ العقود كافة متى كانت واقعة على مال القاصر أو الوقف أو اليتيم ، مما لا دخل له في ولاية الناظر ( نقض مدني 23 يناير سنة 1947 مجمعة عمر 5 رقم 141 ص 305 – وانظر أيضاًً نقض مدني 20 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 158 ص 354 ) .

وقد أضافت محكمة النقض بحق في الحكم سالف الذكر أن “القول في الفقه الإسلامي بفساد إجارة الوقف بسبب الغبن إذا جاوز الخمس نقصاً في أجر المثل إنما هو تفريع من قول الفقهاء في باب المعاملات إن الغبن لا يؤثر في سلامة العقود ما لم يصاحبه تغرير ، إلا إذا كن فاحشاً ووقع على مال اليتيم أو الوقف أو بيت المال” . ولم يقل فقهاء الشريعة الإسلامية ذلك إلا بعد أن رتبوا أحكام الوقف واليتيم وبيت المال ، فوجدوا الحاجة قائمة لحماية هؤلاء الأشخاص ، الطبيعي منهم والمعنوي . فمنع إيجار الوقف بالغبن الفاحش يدخل في ولاية الناظر ، كما دخل في ولايته منعه من إيجار للمدة الطويلة . والحكمان لصيقان بالوقف لا ينفصلان عنه ، بل لعل الحكم المتعلق بالغبن الفاحش أكثر التصاقاً ، فإن الواقف – كما سنرى – يجوز أن يؤجر أعيان وقفه للمدة الطويلة ولا يجوز له إيجارها بالغبن الفاحش . فإذا تقرر وجوب إتباع أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بمدة الإيجار في الوقف ، وجب من باب أولى إتباع أحكامها المتعلقة بالغبن .

على أن محكمة النقض قضت بعد ذلك بأن القول بأن ناظر الوقف له أن يؤجر أعيانه ولو بغبن فاحش إنما هو خاص بتحديد العلاقة بين المستأجر وبين الناظر المؤجر له ومن يخلفه في النظر ، ولا يتعدى ذلك إلى المستحقين ولا يسري عليهم ، لأن الناظر إذا كان يتقاضى أجراً يعتبر مسئولا عن تقصيره وفقاً للقواعد الخاصة بعقد الوكالة . وقالت المحكمة في أسباب حكمها . “وإن كان القانون المدني الذي أجرت أطيان الوقف وقت سريانه في 27/6/1947 لم ينص عند تحديد العلاقة بين المؤجر والمستأجر على فسخ عقد الإيجار لغبن فاحش ، أو تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، إلا أن العلاقة بين ناظر الوقف والمستحق تحكم وفقاً لحكم المادة 50 من القانون رقم 48 لسنة 1946 ولأحكام الوكالة التي تقضي بمسئوليته ناظر الوقف الذي يتقاضى أجراً عن خطأه ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 213 ص 1551 ) .

( [2] )  ولم يتضمن القانون رقم 48 لسنة 1946 الذي قنن أحكام الوقف نصوصاً تتعلق بإيجار الوقف .

( [3] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 647 .

( [4] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 646 – ص 647 .

( [5] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 850 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وصار رقمه 662 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 661ن ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 634 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 661 – ص 663 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وقد قدمنا كيف كان يجري القضاء المختلط والقضاء الوطني في عهد هذا التقنين 0اف 781 في الهامش ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 601 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 633 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني  : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

( [6] )  وحتى الوقف الخيري قد يكون في طريقه إلى الزوال فيما يتعلق بالأراضي الزراعية ، إذا صح أن هناك مشروعاً يقضي بتوزيع الأراضي الزراعية الموقوفة وقفاً خيرياً على صغار الفلاحين في مقابل سندات على الحكومة تغل ريعاً هو الذي يصرف على جهات البر . فلا يبقى عندئذ إلا المباني الموقوفة وقفاً خيرياً هي التي يسري عليها أحكام إيجار الوقف .

( [7] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 841 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وصار رقمه 657 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 656 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 628 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 648 – ص 649 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة 65 ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 595 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 627 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراق : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

( [8] )  مباحث الوقف للشيخ محمد زايد ص 62 . وقال الفقيه أبو جعفر : لو انحصر الاستحقاق في واحد ولم يكن الوقف محتاجاً إلى ى العمارة ، ملك إجارته في الدور والحوانيت . وأما الأراضي ، فإن شرط الواقف تقديم الشعر والخراج وسائر المؤن وجعل للموقوف عليه الفاضل ، لم يكن له أن يؤجرها ، لأنه لو جاز كان كل الأجر له بحكم العقد فيفوت شرط الواقف . ولو لم يشترط يجب أن يجوز ، ويكن الخراج والمؤن عليه ( مباحث الوقف ص 87 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 65 هامش 2 ) .

( [9] )  ولو كان ناظراً على حصته ( استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1889م 2 ص 67 ) . وكما يملك الناظر الإيجار ، يملك كذلك إقالة المستأجر من عقد الإجارة ، لكن بشرط أن يكون فيها خير للوقف ، سواء أكان الناظر هو الذي باشر العقد أم باشره ناظر قبله ، وسواء أعجلت الأجرة أم لم تعجل ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 63 ) . ولناظر الوقف كذلك الحق في طلب إخلاء المستأجر ، ولا تتوقف مارسته لهذا الحق على إذن القاضي ( نقض مدني 27 أكتوبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 188 ص 1397 – 3 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 192 ص 14233 ) . وقد صدر القانون رقم 657 لسنة 1953 معدلا لقانون إيجار الأماكن ، وهو يجيز لناظر الوقف إخلاء المكان المؤجر إذا أجره المستأجر من الباطن ، أو تنازل عن الإيجار  ، وقد تقدم تفصيل ذلك ( انظر آنفاً فقرة 644 وما بعدها ) .

( [10] )  استئناف مختلط 16 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – وإذا شرط الواقف عدم إيجار أطيان الوقف وشرط زراعتها ، وجعل لنفسه ولكل من ذريته الشروط العشرة وتكراراها ، فإذا خالف الناظر وهو من ذرية الواقف هذا الشرط وأجر الأرض المشترط زراعتها ، لا يعد ذلك منه خيانة لأنه يملك تغيير هذا الشرط ( قرار شرعي رقم 30 يوليه سنة 1903 مجلة الأحكام الشرعية السنة الثانية عدد 7 ص 148 ) .

( [11] )  هنا وفي كل ما يأتي ، عندما يجيء ذكر المستحق في الوقف ، فإنما يكون ذلك عن الماضي ، فقد ألغي الوقف الأهلي كما قدمنا وألغيت معه طبقة المستحقين في الوقف . والوقف الخيري لا مستحق فه إلا جهة الخير التي رصد عليها .

( [12] )  فتوى شرعية 15 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 ص 642 – استئناف وطني 24 نوفمبر سنة 1913 ( دفتر قيد الخلاصات والأحكام – مسائل الوقف لعزيز خانكي فقرة 325 ) – استئناف مختلط 3 يناير سنة 1900م 12 ص 61 .

ومع ذلك قد يملك الوقوف عليهم حق الإيجار إذا قسمت الأعيان بينهم قسمة مهايأة ، ولا يملك الناظر في هذه الحالة إيجار الأعيان الموقوفة . وإذا أجر لا ينفذ إيجاره ، ويرجع عليه المستأجر بالتعويض ( استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1898م 11 ص 43 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي قرة 323 الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 85 هامش 1 ) .

( [13] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 659 في الهامش .

( [14] )  انظر م 699 من مرشد الحيران – وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “أما من له حق إيجار الوقف فهو الناظر . ولا ينتهي الإيجار بموته أو بعزله ، بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يأتي بعده . أما المستحق ، ولو انحصر فيه الاستحقاق ، فلا يملك الإيجار ، إلا إذا أذن له في ذلك الواقف أو الناظر أو القاضي” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 661 – ص 662 ) .

( [15] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 842 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عله في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 658 في المشروع النهائي . ووافق عله مجلس النواب تحت رقم 657 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 629 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 649 – ص 650 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 86 ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 596 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 628 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

( [16] )  ولكن الأجرة تستحق لمستحقين من وقت حلولها ، فلو كان الوقف على الفقراء ، وتحققت صفة الفقرة في مستحق قبل حلول الأجرة ، وانتفت عنه وقت الحلول ، لم يعتبر مستحقا . وبعكس ذلك يكون مستحقاً لو كان فقيرا وقت حلول الأجرة ، وإن انتفت عنه هذه الصفة وقت الاستحقاق ( الإيجار للمؤلف فقرة 67 ص 91 ) – ومع ذلك فقد قضت محكمة لانقض بأنه إذا توفي المستحق في وقف قبل حلول قسط إيجار أعيان الوقف ، كان لورثته الحق في جزء من الإيجار مناسب للمدة التي انقضت حتى وفاته ، أما باقي الإيجار فيكون من حق المستحق اللاحق ، إذ حق المستحق في الوقت هو حق انتفاع عينين وصاحب حق الانتفاع له ما يقابل مدة انتفاعه في أجرة العين محل الانتفاع ( نقض مدني 21 أبريل سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 130 ص 1006 – انظر عكس ذلك استئناف وطني 25 ديسمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 37 ص 68 – 19 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 663 ص 812 – 17 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 214 ص 434 – المادتين 366 و 382 من قانون العدل والإنصاف ) .

وليس للمستحق أن يرجع باستحقاقه على المستأجر لأنه لا يملك قبض الأجرة ، ولأن المستأجر مدين بالأجرة للوقف لا لمستحق بالذات ، والمستحقون يرجعون باستحقاقهم على ناظر الوقف ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 101 – ص 102 ) . ولكن يجوز للمستحقين أن يحجوا تحت يد المستأجرين لأعيان الوقف حجز ما للمدين لدى الغير حجزاً حفيظاً أو تنفيذيا ، حتى يستوفوا استحقاقهم ، وهو ثابت في ذمة ناظر الوقف والمستأجرون مدينون لهذا الأخير بالأجرة ( الإيجار للمؤلف فقرة 67 ص 91 هامش 2 ) .

ودائنو المستحق لا حق لهم فيما قبضه الناظر من أجرة قبل استحقاقها إذا مات المستحق قبل الاستحقاق ( استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1931م 44 ص 24 ) .

كذلك ليس للمستأجر أن يخصم الأجرة من دين له في ذمة أحد المستحقين . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أجرت بعض أعيان الوقف إلى شخص ليستد من الأجرة ديناً شخصياً له على أحد المستحقين في هذا الوقف ، ثم حكم بفسخ التأجير وعادت الأرض إلى حوزة الوقف ، فإن الوقف لا يكون مسئولا قبل الدائن عن ذلك الدين المستحق ( نقض مدني 16 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 349 ص 1095 ) .

( [17] )  استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1935م 48 ص 15 – وإذا دفع المستأجر الأجرة لأحد نظار الوقف برئت ذمته ، إذ لكل ناظر ولاية قبض الأجرة ( استئناف وطني 3 أبريل سنة 1906 محمود عياشي الأولى ص 59 ) .

( [18] )  استئناف وطني 10 ديسمبر سنة 1896 عزيز خانكي فقرة 114 – استئناف مختلط 28 يناير سنة 1919 جازيت 9 رقم 182 ص 103 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “والناظر هو الذي يقبض الأجرة ، حتى لو كان المؤجر غيره ، إلا إذا أذن الناظر في القبض لغيره” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 664 ) .

( [19] )  الخبرية تاب الإجارة ص 109 .

( [20] )  مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 81 .

( [21] )  استئناف وطني 23 أبريل سنة 1903 عزيز خانكي فقرة 75 – استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1894م 6 ص 168 – وقد صدر في هذا المعنى فتوى شرعية نصها ما يأتي : “تصرف الواقف الناظر على وقفه بتأجير أعيان الوقف للمدة المعينة بالسؤال – ثلاث سنوات – وقبضه أجرتها مقدماً صحيح معتبر شرعاً . وليس للناظر بعده مطالبة المستأجر بمبلغ الإجارة الذي أقر  الناظر السابق بقبضه منه ، كما يعلم ذلك مما جاء بصحيفة 226 من الجزء الأول من تنقيح الحامدية طبعة أميرية سنة 1300 هجرية ، حيث قال جواباً عن سؤال ما نصه\ : ليس للناظر الجديد مطالبة المستأجر بدفع أجرتين للناظر . وللناظر الجديد مطالبة تركة الناظر السابق بالأجرة المذكورة ، لأن لمتولي الوقف مطالبة من بذمته شيء من غلة الوقف ، وذلك ما لم يحقق أنه صرفها في مصارف الوقف أو أنه مات مجهلا لها بالمعنى المشار إليه ، فإنه لا يضمن على ما أفتى به العلامة خير الدين الرملي ونقله عنه صاحب الفتاوى المهدية صحيفة 676 من الجزء الثاني” ( فتوى شرعية بتاريخ 28 شوال سنة 1340 المحاماة 3 ص 357 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 86 هامش 2 ) .

ويجوز لناظر الوقف أن يحول الأجرة للغير في حدود الثلاث السنوات ، وتكون الحوالة ضماناً لمبلغ قبض من المحال له ( استئناف مختلط 29 يناير سنة 1946م 58 ص 31 ) . وتجوز حوالة الجرة إلى مستحق في مقابل نصيبه في الاستحقاق ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة1900م 13 ص 90 ) .

( [22] )  استئناف مختلط أول مايو سنة 1923م 35 ص 417 – أما إذا قبض الناظر الأجرة معجلا مجاوزاً حدوده في الإيجار ، لم يجز للمستأجر أن يحتج بهذا الدفع على المستحق  . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلط بأنه لا يصح لمستأجر أعيان الوقف أن يحتج على المستحق الجديد بأنه دفع إلى ناظر الوقف إيجار خمس سنوات عجلا ، لا سيما إذا كان دفع الإيجار حصل قبل تسلم أعيان الوقف بسنة تنفيذاً لعقود جددت إيجارات سابقة قبل انتهاء آجالها بخمس سنوات . فمثل هذه الأعمال خارجة عن حد التصرفات الجائزة للنظار شرعاً ، لأنها لست أعمالا متعلقة بالإدارة ، بل أعمالا فيها تصرف في الوقف لا يقع صحيحاً إلا إذا صدر به إذن من القاضي الشرعي لضرورة تسوغها مصلحة الوقف ( استئناف مختلط 7 أبريل سنة 1897م 10 ص 244 ) . وواضح من ظروف القضية أن هناك فوق ذلك تواطؤ بين الناظر والمستأجر .

( [23] )  الإيجار للمؤلف فقرة 66 ص 88 هامش 3 .

( [24] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 .

( [25] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 651 في الهامش – وفي الشريعة الإسلامية توجد حالة يتعين فيها على الناظر أن يؤجر لمستأجر بالذات ، وذلك إذا كان هذا المستأجر قد سبق أن استأجر الوقف وثبت له حق القرار في العين من بناء أو غراس قائم بحق ، فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجرة الثمل . وقد أخذت بهذا الحكم ، في عهد التقنين المدني القديم ، محكمة الاستئناف المختلطة ، فقضت بأنه لا يكون للباني أو الغارس في أرض الوقف حق أولوية استئجار العين الموقوفة إلا إذا بني أو غرس بإذن الناظر ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1901م 13 ص 106 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 ) . ولكن التقنين المدني الجديد لم ينقل هذا الحكم فيما نقله من أحكام الشريعة الإسلامية . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ولم ينقل المشروع المادة 693 من مرشد الحيران ونصها ما يأتي : إذا انقضت مدة الإجارة تؤجر بأجر المثل لمن يرغب فيها ولو كان غير المستأجر الأول ، ما لم يكن للمستأجر الأولى حق القرار في العين المستأجرة . فإن كان له حق القرار من بناء أو غراس قائم بحق ، فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجر المثل – فيكون المستأجر الذي بني أو غرس في أرض الوقف خاضعاً للأحكام العامة فيعقد الإيجارة” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) . وهنا نرى مثلا لمسألة لم يرد فيها نص من النصوص المتعلقة بإيجار الوقف في التقنين المدني . ولا تسري على هذه المسألة أحكام الشريعة الإسلامية رأساً ، بل تسري عليها أولا أحكام القانون المدني في عقد الإيجار . وقبل ذل تسري أحكام قانون إيجار الأماكن إذا كانت العين المؤجرة من المباني فيكون للمستأجر حق البقاء عن طريق امتداد الإيجار بحكم القانون بعد انتهاء مدته ، أو تسري أحكام قانون الإصلاح الزراعي في الأرض الزراعية فيمتد الإيجار في نصف المساحة بحكم القانون دون حاجة لأن يكون المستأجر قد غرس في الأرض . فإذا كانت العين المؤجرة أرضاً فضاء غير زراعية ، فتسري أحكام عقد إيجار بوجه عام ، فلا يكون للمستأجر حق البقاء في الأرض ولو بني فيها أو غرس . وهذا ما  تشير إليه المذكرة الإيضاحية عندما قالت : “فيكون المستأجر الذي بني أو غرس في أرض الوقف خاضعاً للأحكام العامة في عقد الإيجار” .

( [26] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 843 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عيه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 659 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 658 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 630 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 650 – ص 653 ) .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة66 )ز

ويقابل النص في التقنين المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 597 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 629 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

( [27] )  مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 64 – أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 115 – استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1917م 29 ص 520 .

( [28] )  فإذا استأجر أحد من هؤلاء الوقف بغبن فاحش أو بغبن يسير ، لم يقع العقد باطلا ، بل يلزم المستأجر بدفع أجر المثل وإلا فسخ العقد . ويجوز كذلك عزل الناظر .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز أن يؤجر الناظر الوقف لولده عن طريق المزاد ( استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 25 ) . ولكنها قضت من جهة أخرى بأن يكون إيجار الوقف بأجر المثل ولو تم التأجير من طريق المزاد ( استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1937م 50 ص 12 ) . ومعنى ذلك أنه يجوز للناظر أن يؤجر الوقف لولده عن طريق المزاد ، بشرط أن تبلغ الأجرة التي رسا بها المزاد أجر المثل على الأقل .

( [29] )  أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 116 .

( [30] )  المحكمة العليا الشرعية 30 أبريل سنة 1917 المحاماة 8 رقم 396 ص 607 .

( [31] )  تاريخ النصوص  : ورد هذان النصان معاً ( م 631 و م 632 ) في المادة 845 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بأقل من أربعة أخماس أجر المثل ، ولو كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، هذا مع عدم الإخلال بالغبن الوارد بالفقرة الثانية من المادة 843 . 2 – إذا أجر المتولي الوقف بأقل من أربعة أخماس أجر المثل ، كان للمستأجر أن يطلب الفسخ أو أن يدفع أجر المثل” . وفي لجنة المراجعة اقترح تعديل الفقرة الأولى بما يجعل حكم إجارة المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف جائزة بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . فوافقت اللجنة على ذلك ، وأصبح نص المادة كما يأتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . 2- والغبن الفاحش هو ما يزيد على خمس أجرة المثل . والعبرة  في تقدير أجرة المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك . 3- وإذا أجر المتولي الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أربعة أخماس أجرة المثل ، وإلا فسخ العقد” . وأصبح رقم المادة 660 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 659 . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقرر إفراد الفقرة الثانية من النص بمادة خاصة تالية تجري على الوجه الآتي : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” . وبذلك أصبحت الفقرة الثالثة من النص فقرة ثانية ، وعدلت على الوجه الآتي” : “وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . ورأت اللجنة ألا تعين نسبة الغبن الفاحش في هذه النصوص ، وتركت تقدير هذه النسبة لأحكام الشريعة الإسلامية . وأصبح هناك مادتان لا مادة واحدة . الأولى هي المادة 631 ، وتضم الفقرتين الأولى والثالثة ، فتجري على الوجه الآتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . 2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . والثانية هي المادة 632 ، وتقتصر على الفقرة الثانية ، فتجري على الوجه الآتي : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” . ووافق مجلس الشيوخ على المادتين بها الترتيب ، وعلى الوجه الذي عدلتهما به لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 652 – ص 658 ) .

وعند نقل هذه النصوص ، وقع خطأ مادي في نقلها . إذ جاءت المادة 631 مقصورة على فقرتها الأولى دون الفقرة الثانية ، ومع ذلك رقمت في الطبعة الرسمية للتقنين المدني برقم 1 ، دون أن تتلوها فقرة تحمل رقم 2 . وهذا يؤكد أن المادة631 نقلت غير كاملة ، وتنقصها الفقرة الثانية . وهذه الفقرة الثانية التي تنقص المادة 631 نقلت خطأ إلى المادة 632 ، وأدرجت فيها على أنها الفقرة الثانية .

ولا مقابل للنصين في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامهما كانت معمولا بها في القضاء المختلط دون القضاء الوطني ( انظر آنفاً فقرة 781 في الهامش – الإيجار للمؤلف ص 67 ) .

ويقابل النصان في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 598 – 599 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني الليبي م 630  ، 631 ( مطابقتان ) .

التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في الموضوع .

( [32] )  انظر في عهد التقنين المدني القديم : استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1912م 35 ص 51 – 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – 18 أبريل سنة1917م 29 ص 381 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 – 17 يناير سنة 1928م 40 ص 1 – 5 يناير سنة 1932م 44 ص 201 – 17 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 13 – مصر الكلية الوطنية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 64 ص 138 – العطارين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 901 .

انظر آنفاً فقرة 781 في الهامش .

( [33] )  أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 136 في الهامش – استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1917م 29 ص 381 .

( [34] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 655 – وانظر آنفاً فقرة 787 في الهامش .

( [35] )  ويلاحظ وجوب تطبيق قانون إيجار الأماكن في المبنى الموقوف ، وقانون الإصلاح الزراعي في الأرض الموقوفة ، فلا يجوز إيجار العين الموقوفة باجرة تزيد على الحد الأقصى الذي فرضه هذان التشريعان .

( [36] )  قرار شرعي رقم 3 أكتوبر سنة 1906 مجلة الأحكام الشرعية عدد 8 ص 184 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي فقرة 384 – ومن استوفى منفعة وقف ، ولو كان بتأويل ملك أو عقد ، يلزم أجر المثل . ودعوى عمارة المستأجر لأماكن الوقف بمصيرها قابلة للسكن لا يسقط عنه ضمان أجر المثل ( قرار شرعي 18 نوفمبر سنة 1906 مجلة الأحكام الشرعية عدد 5 ص 272 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي فقرة 355 ) – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن ليس للمستأجر إنقاص أجر المثل لما قام به من العمارة ، وكل ما له أن يطلب حق الأولوية في المدة التالية : ( استئناف مختلط 8 يناير سنة 1908م 30 ص 272 : وحق الأولوية في الاستئجار الذي تشير إليه المحكمة هو حق الأولوية المبني على حق القرار في العين لبناء أو غراس قائم بحق ، وقد قدمنا أن التقنين المدني الجديد أغفل هذا الحق ولم ينقله فيما نقل من أحكام الشرعية الإسلامية في إيجار الوقف : انظر آنفاً فقرة 785 في الهامش ) .

( [37] )  وقد جاء في صدر المادة 631 مدني : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف . .” . والذي له ولاية التصرف في الوقف هو الناظر .وقد يكون أيضاً غير الناظر بأن يكون مأذوناً من الناظر أو من الواقف أو من القاضي ، فيصح إذن أن يؤجر أحد هؤلاء الوقف بغبن فاحش إذا كان هو المستحق الوحيد ( سليمان مرقس فقرة 322 ص 610 ) .

( [38] )  انظر عكس ذلك م 688 من مرشد الحيران ، وتنص على أنه “لا تصح إجارة الوقف بأقل من أجر المثل إلا بغبن يسير ، ولو كان المؤجر هو المستحق الذي له ولاية التصرف في الوقف” . انظر أيضاً في هذا المعنى في عهد التقنين المدني القديم استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 152 ( ويقرر الحكم أنه لا فرق بين ما إذا كان الناظر المؤجر هو ناظر الوقف والمستحق الوحيد فيه وبين ما إذا كان ه الواقف والناظر في الوقت ذاته ، لأن الوقف له شخصية مستقلة عن شخصية الواقف  والمستحق ، فتجب حماية مصالح الوقف ولو ضد هؤلاء ، ولا يصح أن يتنازل النظار ولو كان هو الواقف عن دعوى تكملة الأجرة للغبن حتى لو صادق على هذا التنازل جميع المستحقين الموجودين ) – وانظر أيضاً استئناف مختلط 20 مايو سنة 1930م 42 ص 435 .

( [39] )  انظر في هذا المعنى في عهد التقنين المدني القديم فتوى شرعية في 6 ماس سنة 1924 المحاماة 5 ص 561 – استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – وانظر م 689 من مرشد الحيران وتنص على أنه “إذا أجر المتولي بغبن فاحش لا يدخل تحت التقويم نقصاً في أجر المثل ، فالإجارة فاسدة ، ويلزم المستأجر إتمام أجر المثل ودفع ما نقص منه في المدة الماضية من حين العقد” .

( [40] )  وكان المشرع النهائي للتقنين المدني الجديد ينص على أنه “إذا أجر المتولي الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أربعة أخماس أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . فعدل هذا النص في لجنة مجلس الشيوخ على الوجه الآتي : “وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل وإلا فسخ العقد” . واستقر النص على هذا الوجه  في التقنين المدني الجديد ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 654 – ص 655 – وانظر آنفا فقرة 787 في الهامش ) . وقد أصبح النص بعد هذا التعديل موافقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، فإن هذه تقضي بأنه إذا أجر الناظر الوقف بغبن فاحش ، وجبت تكملة الأجرة إلى أجرة المثل ( م 689 مرشد الحيران – أحكام الوقف والمواريث للشيخ أحمد إبراهيم ص 137 ) .

( [41] )  مصر الكلية مستعجل 19 فبراير  سنة 1952 المحاماة 32 رقم 502 ص 1511 – فإذا انتهى العقد قبل أن يطلب الناظر تكملة الأجرة لم يعد هذا الطلب مجدياً فإن الجزاء عليه هو فسخ العقد والعقد قد انتهى ( عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285  ص 530 ) .

( [42] )  مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 80 – ص 81 .

( [43] )  استئناف وطني 4 يونيه سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 73 ص 168 .

( [44] )  استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 142 ( قارن عكس ذلك استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1913 الجازيت 4 رقم 108 ص 42 ) .

وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وإذا عقد إيجار بغبن فاحش ، خير المستأجر بين الفسخ ودفع أجر المثل ، ويستطيع الناظر الذي صدر منه الإيجار أن يطالب بذلك” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) .

( [45] )  مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 90 – وتنص المادة 670 من مرشد الحيران في هذا المعنى على أنه “إذا أجر المتولي دار الوقف أو أرضه مدة معلومة ، فنقص اجر المثل قبل انتهائها عما كان وقت العقد ، فلا ينقص شيء من الأجر المسمى ولا يفسخ العقد” .

( [46] )  يقول بعض فقهاء الشريعة الإسلامية بعدم مراعاة الزيادة ، لأننا لم نراع النقص لمصلحة المستأجر فلا يجب أن نراعى الزيادة لمصلحة الوقف ، ولأن أجر المثل إنما يعتبر وقت العقد لا بعده ، ولأن المستأجر ملك المنفعة في وقت محدود وبأجر مخصوص فلا يبطل حقه ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 91 ) – ويقول الشيخ احمد إبراهيم في هذه المسألة : “أقول إن القواعد تقضي باحترام العقد وشروطه حتى تنتهي المدة . والعدل يقضي إما بهذا  وإما بمراعاة حالتي الزيادة والنقص جميعاً . ولا معنى لتفضيل مصالح الموقوف عليهم . . فلا ينبغي للناس أن يأكلوا الوقف ويغتاله باطلا ، ولا ينبغي للوقف أن يأكل الناس ويغتالهم باطلا ، وأما قاعدة “يفتى بما هو انفع للوقف مما اختلف فيه العلماء” ، فليس محلها عدم احترام العقود الشرعية الصحيحة الواجبة الوفاء بها بالنصوص المشددة والمؤكدة . وإنما محلها أنه إذا وجد رأيان اجتهاديان الأخذ بأحدهما أنفع للوقف ، وجب الأخذ به ، كما في حكم منافع الغصب ، وأما المساس بالحقوق المكتسبة فلا ، إلا إذا حوفظ على التوازن والعدل في المعاملات بين الناس ، لا فرق في ذلك بين وقف وملك ، إذ الكل تعود منفعته وضرره الحقيقيان على الناس على السواء” ( أحكام الوقف والمواريث للشيح احمد إبراهيم سنة 1938 ص 139 هامش 1 ) .

( [47] )  هذا إذا لم تكن العين مشغولة ببناء أو بزرع أو بغرس للمستأجر . فإن كانت مشغولة بما له نهاية معلومة ( زرع )  ، تترك الأرض في يد المستأجر إلى أن يحصد الزرع ، ويدفع الزيادة في أجر المثل من وقت نشوئها إلى وقت حصاد الزرع ، ثم يفسخ العقد بعد ذلك . وإن كانت مشغولة بما ليس له نهاية معلومة ( بناء أو غرس ) ، لا يفسخ العقد ، بل يلزم المستأجر بدفع أجرة المثل ، وهذا في مصلحته . وتنص المادة 691 من مرشد الحيران في هذا المعنى على ما يأتي : “إذا زاد أجر المثل في نفسه ، لكثرة الرغبات العمومية فيه لا لتعنت ، في أثناء مدة الإجارة زيادة فاحشة ، تعرض على المستأجر ، فإن رضيها فهو أولى من غيره ويعقد معه عقد ثان بالأجرة الثانية من حين قبولها إلى تمام مدة الإجارة ، ولا يلزمه إلا المسمى عن المدة الماضية” . وتنص المادة 692 على أنه “إذا لم يقبل المستأجر الزيادة المعتبرة العارضة في أثناء مدة الإجارة ، يفسخ العقد ويؤجر لغيره ، ما لم تكن العين المستأجرة مشغولة بزراعته ، فإن كانت كذلك يتربص إلى أن يستحصد الزرع ، وتضاف عليه الزيادة من وقتها إلى حصاد الزرع وفسخ العقد” .

( [48] )  استئناف مصر 9 مارس سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 151 ص 403 – مصر الكلية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 138 ص 369 – عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285 ص 530 – استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1889 المجموعة الرسمية المختلطة 14 ص 282 – العاطرين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 601 – المنشية 16 أبريل سنة 1931 الجريدة القضائية 115 ص 13 .

( [49] )  وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ولم ينقل المشروع أحكام الشريعة الإسلامية في حالة ما إذا نقص أجر المثل أو زاد قبل انتهاء الإيجار – م 690 – 692 مرشد الحيران – وآثر استقرار التعامل يجعل الأجرة المتفق عليها هي التي تسري إلى أن ينتهي الإيجار” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) – انظر مصر الكلية مستعجل 19 فبراير سنة1952 المحاماة 12 رقم 504 ص 1511 .

( [50] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 848 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- وفي كل حال لا يجوز للناظر أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، إلا إذا أذن له القاضي في ذلك . فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول ، أنقصت المدة إلى ثلاث سنين . 2- ومع ذلك إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين” . وفي لجنة المراجعة . أدخل تعديل لفظي على الفقرة الأولى ، وفي الفقرة الثانية عدلت عبارة “إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد” على الوجه الآتي : “إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد” . وأصبح النص بذلك مطابقاً عليه استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 661 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 660 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 633 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 658 – ص 660 ) .

وأن مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامه في مجموعها كانت معمولا بها ( الإيجار للمؤلف فقرة 68 ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 600 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 632 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع :

( [51] )  وتنص المادة 686 من مرشد الحيران على أنه “إذا أهمل الواقف تعيين مدة الإجارة في الوقفية ، تؤجر الدار أو الحانوت سنة والأرض ثلاث سنين ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت أو النقص في إجارة الأرض” .

( [52] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 654 في الهامش .

( [53] )  وكان القضاء المختلط ، في عهد التقنين المدني القديم ، لا يفرق ين الأرض والمباني ، فيجيز الإيجار لمدة ثلاث سنوات في الجميع وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن يجوز لناظر الوقف أن يؤجر أعيان أو أطيان الوقف لمدة ثلاث سنوات بدون احتياج إلى استصدار إذن من القاضي ، سواء كان الشيء المؤجر عقاراً أو أطياناً زراعية ، وقد ورد في أسباب هذا الحكم ما يأتي : “إن زعم وزارة الأوقاف بأن الناظر لا يجز له أن يؤجر الدور والدكاكين الموقوفة لمدة تزيد على سنة بدون إذن القاضي يخالف القضاء الذي جرت عليه المحاكم المختلطة من قديم الزمان بألا فرق بين الدور والأطان الزراعية في ذلك . ومن يراجع كتاب موسيو كلافل في الوقف جزء 2 ص 90 يجد ما يأتي : يعتبر أبو ليث العقود التي لا تزيد مدة إيجارها على ثلاث سنوات محتمة نافذة بدون التمييز بين دور السكن والأطيان الزراعية . وقدري باشا نفسه الذي يرتكن عليه المستأنف يظهر أنه يمل إلى تأييد هذا الرأي ، لأنه يقول بأن الناظر له أن يؤجر الدور الموقوفة لمدة تزيد على سنة إذا كان التأجير لهذه المدة فيه مصلحة لجهة الوقف . وقد تظهر مصلحة الوقف في التأجير لمدة تزيد على سنة في العقارات أكثر من الأطيان الزراعية ، وفي حادثتنا هذه قد بني المستأجر بماله الخاص ، ولكن لمصلحة الوقف ، مباني مهمة أضافها إلى العقار المؤجر له وهو المعروف بقهوة ألف ليلة وليلة . .” ( استئناف مختلط أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 ) – انظر أيضاً في هذا المعنى استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 67 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 – 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 – ولكن القضاء الوطني ، في عهد التقنين المدني القديم ، كان يميز بين الأراضي الزراعية والمنازل ، فلا يجيز في المنازل الإيجار لمدة تزيد على سنة إلا بإذن القاضي . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه ليس لناظر الوقف أن يؤجر منزلا موقوفاً لمدة تزيد على سنة إلا بإذن القاضي ، ولو كانت هناك ضرورة قصوى بأن تخرب المنزل مثلا ولم يكن تحت يد الناظر ريع للوقف يكفي لتعميره وتعهد المستأجر بدفع المصروفات اللازمة للعمارة بشرط أن تعقد الإجارة لمدة طويلة حتى يتسنى له خصم المصروفات التي صرفها من قيمة الأجرة ، فإذا لم يكن هناك إذن من القاضي كانت الإجارة الصادرة في هذه الحالة باطلة ، وليس للمستأجر حبس العين لحين وفاء دينه ( استئناف وطني 21 مايو سنة 1921 المجموعة الرسمية 24 رقم 7 ص 9 ) .

( [54] )  بل إنه إذا اشترط الواقف في كتاب وقفه أن تكون مدة الإجارة اقل من ثلاث سنوات ، وجب على الناظر أن يتقيد بكتاب الوقف فلا يؤجر لأكثر من المدة المذكورة فيه ، إذ أن شرط الواقف كنص الشارع ( استئناف وطني 18 نوفمبر سنة 1902 الحقوق 17 رقم 129 ص 262 – 13 فبراير سنة 1906 عزيز خانكي فقرة 350 – استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 سليمان مرقس فقرة 323 ص 615 – محمد كامل مرسي فقرة 335 ص 430 هامش 3 وقرب منصور مصطفى منصور فقرة 266 ص 661 ) .

( [55] )  وقد قضي بأنه إذا أجر الناظر الوقف بعقود مترادفة كل عقد منها لمدة ثلاث سنوات ، فلا يصح منها إلا العقد الأول ، أما العقود الأخرى فباطله لما فيها من الضرر بالوقف ( استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 424 ص 860 ) .

( [56] )  استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 ص 69 – 19 ديسمبر سنة 1903 الحقوق 18 ص 105 – 25 يناير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 ص 217 – 12 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 571 ص 746 – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1898م 10 ص 216 ( حتى لو صدرت إجارتان لشخصين مختلفين مجموعها أكثر من ثلاث سنوات ) – 15 فبراير سنة 1906م 18 ص 121 – 8 نوفمبر سنة 1906م 9 ص 7 – 17 فبراير سنة 1910م 22 ص 152 ( ولو جددت الإيجارات لأشخاص مختلفة ) – 6 يناير سنة 1916م 28 ص 95 – 29 مايو سنة 1917م 29 ص 458 .

( [57] )  استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1912 م 25 ص 351 – وانظر أيضاً استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 424 ص 860 – مصر الكلية الوطنية 26 يناير سنة 1931 المحاماة 12 رقم 78 ص 132 – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1898م 10 ص 216 .

( [58] )  استئناف وطني 4 يونيه سنة1907 المجموعة الرسمية 1908 رقم 73 – 28 مايو سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 ص 222 .

( [59] )  استئناف وطني 24 أكتوبر سنة1893 المحاكم 5 ص 325 – 20 ديسمبر سنة1894 القضاء 2 ص 99 – 18 نوفمبر سنة 1902 المجموعة الرسمية 6 ص 7 – الإسكندرية الوطنية 22 ابريل سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 ص 72 – استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 99 – ولا يستطيع المستأجر أن يحتج بعدم علمه بحدود سلطة ناظر الوقف في الإيجار ، وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن ادعاء الأشخاص الذين تعاقدوا مع ناظر الوقف بأنهم لا يعلمون ما اشتمل عليه كتاب الوقف من الشروط لا يعتد به ، والواجب أن يطلبوا من الناظر الاطلاع عليه وعلى تقرر النظر ( استئناف وطني 19 ديسمبر 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 69 ص 29 ) . ويحكم للمستأجر على الناظر بالتعويض إذا كان هذا الأخير سيء النية ( استئناف وطني 30 ديسمبر سنة 1894 القضاء 2 ص 99 – بني سويف الاستئنافية 25 يوليه سنة 1893 الحقوق 9 ص 15 ) .

( [60] )  وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز أن يرفع مدير الأوقاف المنضم في النظر إلى ناظر الوقف دعوى بطلان الإيجار الصادر من هذا الأخير ( استئناف مختلط 17 فبراير 1901م 22 ص 125 ) .

( [61] )  عكس ذلك استئناف وطني 12 مارس سنة1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – سليمان مرقس فقرة 617 .

( [62] ) وعلى ذلك فالظاهر أن ناظر الوقف الذي أجر لمدة أطول من ثلاث سنوات له أن يؤجر لمستأجر آخر بعد انقضاء الثلاث السنوات الأولى ، ويجوز للمستأجر الثاني ، بعد إدخال الناظر في الدعوى ، أن يتمسك ضد المستأجر الأول بإنقاص مدته إلى ثلاث سنوات ( استئناف وطين 20 ديسمبر سنة1894 الحقوق 10 ص 7 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 68 ص 95 هامش 2 ) .

( [63] )  استئناف مختلط 11 مارس سنة 1914م 26 ص 265 – وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه ليس للناظر أن يؤجر أعيان الوقف لأكثر من ثلاث سنوات ، وعلم الناظر الذي عين بعد وفاة الناظر الأول بتلك العقود لا يفيد قبوله بها ( استئناف وطني 9 ديسمبر سنة1914 الشرائع 2 ص 118 ) .

( [64] )   استئناف وطني 18 مايو سنة 1911 المجموعة الرسمية 13 ص 220 – 21 مايو سنة 1921 المحاماة 2 رقم 26 ص 68 – 13 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – 16 فبراير سنة 1934 المجموعة الرسمية 34 رقم 44 ص 83 – استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1878 المجموعة الرسمية المختلطة 3 ص 128 – 20 فبراير سنة 1879 المجموعة الرسمية المختلطة 4 ص 149 – 12 يناير سنة 1905م 17  76 – 22 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – 28 يناير سنة1916م 28 ص 95 .

وقد نصت المادة 677 من مرشد الحيران على انه “لا يجوز لغير اضطرار إجارة دار الوقف أو أرضه إجارة طويلة ولو بعقود مترادفة . فان اضطر إلى ذلك لحاجة عمارة الوقف بأن تخرب ولم يكن له ريع يعمر به ، جاز لهذه الضرورة إجارتها بإذن القاضي مدة طويلة بقدر ما تعمر به” – وإذا أذن القاضي في الإيجار لمدة طويلة لوجود مسوغ لذلك ، كان هذا الإذن منصرفاً إلى مدة واحدة فقط ، فلا يجوز الإيجار لمدة طويلة مرة أخرى إلا بإذن جديد ( استئناف وطني 13 مارس سنة1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – استئناف مختلط 26 يناير سنة 1926م 38 ص 200 ) .

( [65] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 663 .

( [66] )  استئناف وطني 15 مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 ص 155 – 12 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 571 ص 746 – الفشن 19 أبريل سنة 1926 المحاماة 7 رقم 257 ص 380 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1898م 10 ص 223 – 7 أبريل سنة1898م 10 ص 235 – 7 يونيه سنة 1900م 12 ص 316 – 25 مايو سنة 1904م 16 ص 266 – أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 – 20 مايو سنة 1930م 42 ص 505 – عكس ذلك استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1889م 2 ص 67 .

( [67] )  انظر آنفاً فقرة 788 .

( [68] )  استئناف مختلط 25 مايو سنة 1904م 16 ص 266 – أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 – الفشن 19 أبريل سنة 1926 المحاماة 7 رقم 257  ص380 .

( [69] )  وقد قضي في عهد التقنين المدني القديم بأنه يجوز لناظر الوقف أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ولو لم يكن هو المستحق الوحيد إذا وافقه على ذلك جميع مستحقي الوقف الموجودين ( استئناف وطني 3 يناير سنة 1905 الاستقلال 4 ص 172 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه  لا يجوز التوسع في القاعدة التي تقضي بأن لناظر الوقف أن يؤجر لمدة أكثر من ثلاث سنوات إذا كان هو المستحق الوحيد أو إذا صادق على الإيجار جميع مستحقي الوقف ، لأن الوقف شرع لحماية أولاد الواقف من ضعفهم ومن احتياجهم ، والشارع عني أيضاً بحماية الوقف نفسه من عدوان المستحقين عليه ، فالعقد الذي تتجلى فيه دلائل انتهاز المستأجر فرصة ضعف الناظر والمستحقين لاستصدار إجارة منهم لمدة طويلة باطل لا يمكن للقضاء أن يقره ( استئناف مختط 26 يناير سنة 1926 المحاماة 6 ص 728 ) .

( [70] )  وهذا بخلاف الأجرة ، إذ لا يجوز للواقف ، إذا لم يكن هو المستحق الوحيد ، أن يؤجر بغبن فاحش . والظاهر أن الفرق بين الحالتين هو أن الإيجار بغبن فاحش محقق الضرر ، أما الإيجار لمدة طويلة ، فالضرر فيه محتمل غير محقق . وقد جاء في إحدى الفتاوى الشرعية : “المنصوص عليه شرعاً أنه يجوز للواقف أن يؤجر أعيان وقفه أكثر من ثلاث سنين ، كما يؤخذ ذلك مما ذكره العلامة ابن عابدين في رد المحتار على الرد المختار بصحيفتي 614 و 615 من الجزء الثالث طبعة أميرية لسنة 1286 ونصه : تنبيه : محل ما ذكر من التقييد ما إذا كان المؤجر غير الواقف ، لما في القنبة أجر الواقف عشر سنين ثم مات بعد خمس وانتقل إلى مصرف آخر ، انتقضت الإجارة ويرجع بما بقي في تركة الميت” ( فتوى شرعية في 7 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 ص 168 ) . وجاء في فتوى أخرى : “لواقف أن يؤجر أعيان  وقفه سنين كثيرة متى كان التأجير بأجر المثل مراعيا فيه مصلحة الواقف ، كما يؤخذ من لسان الحكام نقلا عن المنبع ومن رد المحتار نقلا عن القنبة والله أعلم” ( فتوى شرعية في أول يونيه سنة 1921 المحاماة 4 رقم 51 ص 58 ) – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 58 ص 91 هامش 3 .

( [71] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 653 .

وقد جاء في المادة 683 من مرشد الحيزان : “يراعى شرط الواقف في إجارة وقفه ، فإن عين الواقف مدة الإجارة اتبع شرطه ، وليس للمتولي مخالفته” – وجاء في المادة 684 : “إذا كان لا يرغب في استئجار الوقف المدة التي عينها الواقف ، وكانت إجارتها أكثر من تلك المدة أنفع للوقف وأهله ، يرفع المتولي الأمر إلى القاضي ليؤجرها المدة التي يراها أصلح للوقف” . وجاء في المادة 685 : “وإذا عين الواقف المدة ، واشترط إلا يؤجر أكثر منها إلا إذا كان انفع للوق وأهله ، فللقيم أن يؤجرها المدة التي يراها خيراً للوقف وأهله بدون إذن القاضي” .

( [72] )  جاء في ابن عابدين : “محل ما ذكر من التقييد ما إذا كان المؤجر غير الواقف ، لما في القنبة أجر الواقف عشر سنين ثم مات بعد خمس وانتقل إلى مصرف آخر ، انتقضت الإجارة ويرجع بما بقي فقي في تركة المبيت ( ابن عابدين 3 ص 614 – ص 615 ) .

( [73] )  استئناف مختلط 12 يناير سنة 1926 المحاماة 6 ص 903 .

محامي الأردن

توكيل محامي

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

الأحكام المتعلقة بانتهاء المزارعة

الأحكام المتعلقة بانتهاء المزارعة

777- امتداد المزارعة بحكم القانون – إحالة : قدمنا أنه منذ صدر قانون الإصلاح الزراعي ، تتابعت التشريعات تمد بحكم القانون إيجار الأراضي الزراعية عند انتهائه ، بالنسبة إلى نصف المساحة المؤجرة بحسب تجنيب المالك للمستأجر( [1] ) . وهذه التشريعات تسري على المزارعة سريانها على الإيجار العادي ، ومن ثم تمتد بحكم القانون المزارعة بعد انقضاء مدتها بنفس الشروط التي تنص عليها هذه التشريعات . وقد سبق تفصيل ذلك ، فنحيل إلى ما قدمناه في هذا الشأن( [2] ) .

778- حق المزارع في البقاء إلى أن تنضج الغلة وواجبه في السماح لخلفه بتهيئة الأرض وبذرها – إحالة : وقدمنا أيضاً عند الكلام في الإيجار العادي للأرض الزراعية ، انه يجوز للمستأجر ، إذ لم تنضج غلة الأرض عند $1394 انتهاء الإيجار لا يد له فيه ، أن يبقى بالعين حتى تنضج الغلة ، على أن يؤدي الأجرة المناسبة ( م 617 مدني ) . وينطبق هذا الحكم على المزارعة ، على الوجه الذي تقدم تفصيله( [3] ) ، على أن المزارع – والمؤجر شريكه في المحصول – لا يدفع أجرة عن المدة التي بقي فيها المحصول في الأرض بعد انتهاء المزارعة إلا بنسبة حصته في هذا المحصول( [4] ) .

وقدمنا كذلك في الإيجار العادي للأرض الزراعية ، أنه لا يجوز للمستأجر أن يأتي عملا من شأنه أن ينقص أو يؤخر انتفاع من يخلفه ، ويجب عليه بوجه خاص قبيل إخلاء الأرض أن يسمح لهذا الخلف بتهيئة الأرض وبذرها إذا لم يصيبه ضرر من ذلك ( م 618 مدني ) . وهذه الأحكام تسري على المزارع ، بالتفصيلات التي قدمناها في ذلك( [5] ) .

779- انتهاء المزارعة بموت المستأجر – نص قانوني : تنص المادة 626 من التقنين المدني على ما يأتي : “لا تنقضي المزارعة بموت المؤجر ، ولكنها تنقضي بموت المستأجر”( [6] ) . وقد قدمنا أنه في الإيجار العادي تنص المادة $1395 601/1 مدني على أنه “لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر”( [7] ) . أما المزارعة فلا تنتهي هي أيضاً بموت المؤجر ، ولكنها تنتهي بموت المزارع لأن شخصيته ملحوظة في العقد كما قدمنا( [8] ) .

فإذا مات المؤجر ، بقي المزارع ملتزماً نحو الورثة ، ويتقاسم المحصول معهم بالنسبة التي كان يتقاسمه بها مع المؤجر نفسه . ويصبح الورثة ملتزمين بجميع التزامات المؤجر في حدود التركة .

وإذا مات المزارع ، انتهت المزارعة بحكم القانون ولو قبل انقضاء $1396 مدتها( [9] ) . على أن هذا الحكم لا يتعلق بالنظام العام ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفه . ويصح الاتفاق بين الطرفين مقدماً على أن موت المزارع لا تنتهي به المزارعة ، فتلتزم الورثة بالعقد إذا كان من بينهم من يستطيع القيام بزراعة الأرض ، وإلا جاز لهم أن يطلبوا إنهاء المزارعة بالرغم من وجود هذا الاتفاق . وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 626 سالفة الذكر يتضمن عبارة في آخره بهذا المعنى على النحو الآتي : “كل هذا ما لم يوجد اتفاق على غيره” . فحذفت هذه العبارة في لجنة المراجعة ، والظاهر أن حذفها يرجع إلى الاكتفاء بالقواعد العامة في هذا الشأن( [10] ) .

ويلحق بموت المزارع أن يصبح عاجزاً عن زراعة الأرض ، لمرض أو لشيخوخة أو لسفر أو لتجنيد أو لحبس أو لغير ذلك من الأعذار ، فتنتهي المزارعة ولو قبل انقضاء مدتها لما ذكرناه من أن شخصية المزارع ملحوظة في العقد . وقد كان المروع التمهيدي يتضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 838 من المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “إذا تعذر على المستأجر أن يزرع الأرض لمرض أو لأي سبب آخر . ولم يكن مستطاعاً أن يحل محله غيره من أفراد أسرته ، أو إذا أصبحت أسرة المستأجر في حال لا يتحقق معها استغلال الأرض استغلالا مرضياً ، كان للمؤجر أن يفسخ العقد” . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “إذا تعذر على المستأجر أن يزرع الأرض لمرض أو لشيخوخة أو لأي سبب آخر ، فلا يحل محله إلا أحد من أفراد أسرته إذا كان ذلك مستطاعاً بحيث يتحقق استغلال $1397 الأرض استغلالا مرضياً ، فإن لم يكن ذلك مستطاعاً كان للمؤجر أن يفسخ الإيجار( [11] )” . وقد حذف هذه النص في لجن المراجعة ، والظاهر أن حذفه يرجع إلى أنه تطبيق للقواعد العامة ، فتسري أحكامه بالرغم من حذفه( [12] ) .

780- ما يترتب على انتهاء المزارعة قبل انقضاء مدتها – نص قانوني : تنص المادة 627 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- إذا انتهت المزارعة قبل انقضاء مدتها ، وجب على المؤجر أن يرد للمستأجر أو لورثته ما أنفقه المستأجر على المحصول الذي لم يتم نضجه مع تعويض عادل عما قام به المستأجر من العمل . 2- ومع ذلك إذا انتهت المزارعة بموت المستأجر ، جاز لورثته عوضاً عن استعمال قهم في استرداد النفقات المتقدم ذكرها أن يحلوا محل مورثهم حتى ينضج المحصول ما داموا يستطيعون القيام بذلك على الوجه المرضي”( [13] ) .

$1398 المزارعة قبل انتهاء مدتها ، صفيت الشركة على أساس أن يرد المؤجر للمستأجر أو ورثته جميع النفقات التي صرفها على المحصول الذي لم يتمن نضجه ، مع تعويض عادل عن العمل . أما المحصول الناضج ، فيحصد ويقسم”( [14] ) .

غير أنه في حالة انتهاء المزارعة يموت المزارع ، أجاز القانون للورثة ، بدلا من أن يستردوا النفقات والأجر العادل عن العمل ، أن يطلبوا الحلول محل مورثهم فيستمروا في الزراعة حتى ينضج المحصول الذي لم ينضج ، وليقتسموه مع المؤجر بالنسبة التي اقتسموا بها المحصول الذي نضج . ويشترط لجواز ذلك أن يكون بين الورثة من يستطيع القيام بالزراعة على الوجه المرضي ، فإن وجد وطلب الورثة الاستمرار في المزارعة لم يجز للمؤجر أن يرفض ذلك . وتقول المذكرة الإيضاحية في هذا الصدد : “ويزيد المشروع حكماً جديداً يقضي بأنه في حالة انتهاء المزارعة بموت المستأجر ، يكون للورثة الخيار بين تقاضي ما تقدم ذكره أو الحلول محل مورثهم في العمل حتى ينضج المحصول ويحصد ، فيأخذوا حصتهم منه ، ما داموا يستطيعون العمل على الوجه المرضي”( [15] ) .

ويقاس على حالة موت المزارع حالة عجزه عن العمل لمرض أو لشيخوخة أو لسفر أو لغير ذلك من الأعذار . فإنه يجوز أيضاً في هذه الحالة ، بدلا من أن يسترد المزارع النفقات والأجر العادل عن العمل ، أن يعرض على المؤجر من أفراد أسرته من يكون قادراً على أن يحل محله ويقوم بالزراعة على الوجه المرضي ، وعند ذلك يبقى المزارع في الأرض ممثلا بأفراد أسرته حتى ينضج المحصول فيقتسمه مع المؤجر( [16] ) . أما إذا كانت أسرة المزارع في حالة لا يتحقق معها استغلال الأرض استغلالا مرضياً ، فلا مناص عند ذك من انتهاء المزارعة ، ويترد المزارع النفقات التي صرفها وأجراً عادلا عن العمل . وقد كانت المادة 838 من المشروع التمهيدي تنص صراحة على هذا الحكم ، إذا تقول كما رأينا : “إذا تعذر على المستأجر أن يزرع الأرض لمرض أو لأي سبب آخر ، ولم يكن $1400 مستطاعا أن يحل محله غيره من أفراد أسرته ، أو إذا أصبحت أسرة المستأجر في حالة لا يتحقق معها استغلال الأرض استغلالا مرضياً ، كان للمؤجر أن يسخ العقد”( [17] ) .


( [1] )  انظر آنفاً فقرة 761 .

( [2] )  انظر آنفاً فقرة 761 – فقرة 762 .

( [3] )  انظر آنفاً فقرة 763 .

( [4] )  وقد نصت المادة 814 من التقنين المدني العراقي على هذا الحكم صراحة إذ تقول : “إذا انقضت المدة قبل إدراك الزرع ، يبقى الزرع إلى إدراكه ، ويلزم المزارع أجر ما فيه نصيبه من الأرض” – انظر عباس حسن الصراف فقرة 1110 – وانظر أيضاً سليمان مرقس فقرة 310 .

( [5] )  انظر آنفاً فقرة 744 .

( [6] )  تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 839 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “لا تنقضي المزارعة بموت المؤجر ، ولكنها تنقضي بموت المستأجر ، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره” . وأقرته لجنة المراجعة مع حذف العبارة الأخيرة “كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره” ، فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 655 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 654 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 626 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 642 – ص 643 ) .

ويقابل النص في التقنيني المدني القديم م 400/488 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “وينقضي التأجير المذكور بموت المستأجر أو بأي حادثة تمنعه من الزراعة ، إلا إذا ود شرط بخلاف ذلك . إنما على المؤجر أداء المصاريف المنصرفة من المستأجر على المزروعات التي لم تحصد” . ( وأحكام التقنين المدني القديم تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 593 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 625 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 812 : 1- لا تنفسخ المزارعة بموت صاحب الأرض ولا بموت المزارع . 2- ومع ذلك فإذا مات المزارع ، جاز لورثته أن يطلبوا فسخ العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم . ( ويختلف التقنين العرقي عن التقنين المصري في أن التقنين العراقي لا يفسخ المزارعة بموت المزارع ، إلا إذا طلب الورثة ذلك وأثبتوا أن المزارعة أصبحت أعباؤها بسبب موت مورثهم أثقل من أن يتحملوها . وكان الأولى أن يقضي التقنين العراقي بانفساخ المزارعة بموت المزارع ، كما قضي بعدم جواز المزارعة من الباطن أو التنازل عن المزارعة ، إذ أن شخصية المزارع ملحوظة في المزارعة وهذا الاعتبار يؤدي إلى كل من هذين الحكمين . انظر عباس حسن الصراف فقرة 1112 – فقرة 1114 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في المزارعة .

( [7] )  انظر آنفاً فقرة 561 .

( [8] )  وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 626 مدني سالف الذكر : “تنقضي المزارعة بموت المزارع لأنه هو الذي لوحظت شخصيته ، أما موت المؤجر ففلا ينهي المزارعة” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 642 ) .

وقد قضي بأن عقد الإجارة المنصوص فيه على أجرة معينة وعلى أن للمؤجر ثلث المحصول معناه عرفاً أن المستأجر يدفع ثلثي الأجرة المبينة بالعقد ويسلم المؤجر ثلث المحصول أيضاً . وهذا العقد في الحقيقة عقد مختلط من إجارة وزارعة : إجارة في الثلثين ومزارعة في الثلث . ويأخذ كل جزء حكمه . وإذا لوحظ أن عقد الإجارة لا ينفسخ بموت المستأجر أو بحادثة قهرية تمنعه من الزراعة ، والمزارعة تنفسخ ، التزم المؤجر بالتعويض عن الثلثين إذا اغتصب الأرض عند الوفاة أو الحادثة القهرية ، مع ملاحظة أن المستأجر مكلف بخدمة الزراعة والصرف عليها كلها حتى الحصد ويجب تقدير ذلك ( العياط 14 ديسمبر سنة 1921 المحاماة 3 ص  285 ) . والأولى يعتد بالعنصر الغالب ، فإذا كان هو الأجرة الثانية كان العقد إيجاراً عادياً ، وإذا كان هو نسبة معينة من المحصول كان العقد مزارعة ( محمد لبيب شنب فقرة 427 ) .

( [9] )  ولا يتوقف إنهاؤه على طلب من المؤجر أو من ورثة المزارع . بل لو أن الفريقين اتفقا بعد موت المزارع على المضي في المزارعة ، كان هذا عقداً جديداً لا استمراراً للمزارعة الأولى ( سليمان مرقس فقرة 316 ص 591 – منصور مصطفى منصور فقرة 269 ص 656 – مل 437 . قارن مع ذلك استئناف مختلط 29 ابريل سنة 1919م 31 ص 276 : وقد استخلصت المحكمة من بقاء المالك مع ورثة المزارع على أن هناك اتفاقاً على بقاء المزارعة بعد موت المزارع ) . هذا ولا يمنع ذلك من جواز الاتفاق مقدماً على أن موت المزارع لا ينهي المزارعة ، كما سنرى حالا ، ولا من جواز أن تطلب ورثة المزارع الحلول محل مورثهم كما سيأتي ( انظر ما يلي فقرة 780 ) .

( [10] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 642 – ص 643 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .

( [11] )  وقد نصت المادة 811 من التقنين المدني العراقي على أنه “إذا تعذر على المزارع أن يزرع الأرض لمرض أو لأي سبب آخر ، ولم يكن مستطاعاً أن يحل محله غيره من أفراد عائلته ، أو إذا أصبحت عائلته في حال لا يتيسر معها استغلال الضرورة استغلالا مرضياً ، كان لصحاب الأرض أو المزارع أن يطلب فسخ العقد . انظر عباس حسن الصراف فقرة 1111 .

( [12] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 640 – ص 641 في الهامش – وفي فرنسا تنتهي المزارعة أيضاً بتحويلها إلى إيجار عادي بناء على طلب أي من الطرفين ، وقد قضت بذلك المادة 51 من قانون 17 أكتوبر سنة 1945 ، وأكد الحكم قانون 13 أبريل سنة 1946 ( انظر في انتقاد هذا الحكم وما يترتب عليه من عدم استقرار المزارعة كطريق من طرق الاستغلال الزراعي بلانيول وريبير 10 فقرة 679 ) .

( [13] )  تاريخ النص  : ورد هذا النص في المادة 840 من المروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا خلافات لفظية طفيفة . وأقرته لجنة المراجعة بعد إدخال تعديلات لفظية أصبح معها النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 656 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 65 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 627 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 643 – ص 645 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني القديم العبارة الأخيرة من المادة 400/488 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “إنما على المؤجر أداء المصاريف المنصرفة من المستأجر على المزروعات التي لم تحصد” . ( و,أحكام التقنين المدني القديم تتفق مع أحكام التقنين المدني الجديد ، غي أن التقنين القديم لم يصرح برجوع المزارع على المؤجر بأجر عادل عن العمل ) .

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 594 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 626 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 813 : إذا فسخ العقد والزرع بقل ، يخير صاحب الأرض بين أن يقسم الزرع عيناً على الشرط المتفق عله ، وبين أن يعطي الورثة قيمة نصيب مورثهم من الزرع ، وبين أن ينفق على الزرع حتى ينضج فيرجع بما أنفقه في حصة المزارع .

( والتقنين العراقي يجعل لصاحب الأرض الخيار بين أن يعطي الورثة قيمة نصيب مورثهم من الزرع – وهذا يقابل بوجه عام ما يقضي به التقنين المصري من إعطاء الورثة المصروفات والأجر العادل عن العمل – وين أن يتربص بالزرع حتى ينضج ويتقاسمه مع ورثة المزارع . وإذا اختار الأمر الثاني ، فهو بين أن يترك الورثة ينفقون على حصتهم في الزرع ، وبين أن ينفق هو على أن يرجع بما اتفق في حصة المزارع – انظر عباس حسن الصراف فقرة 1116 – فقرة ( 1118 ) .

مواضيع متعلقة بالعقود ننصح بالاطلاع عليها:

كتابة العقود في المملكة العربية السعودية 

كيفية أحصل على نماذج عقود

  محامين سعوديين متخصصين في العقود

مراجعة العقود محامي في السعودية 

محامي سعودي متخصص في كتابة العقود

  الصياغة القانونية للعقود القانونية وعقود الاتفاق 

محامين كتابة وصياغة  العقود في المملكة العربية  السعودية 

تقنين الموجبات والعقود اللبناني لم ترد فيه نصوص في المزارعة .

( [14] )  مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 644 .

( [15] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 644 – ص 645 .

( [16] )  قارن سليمان مرقس فقرة 316 ص 592 – ويذهب إلى أنه  لا يجوز في حالة عجز المزارع عن الزراعة أن يحل محله أحداً من أفراد أسرته ولو كان قادراً على أ ، يسير بالزراعة على الوجه المرضي – وقارن أيضاً منصور مصطفى منصور فقرة 260 – محمد لبيب شنب فقرة 427 .

( [17] )  انظر آنفاً فقرة 779 .

وقد أورد التقنين المدني العراقي أنواعاً أخرى من الإيجار ترد على الأرض الزراعية ، تركها التقنين المدني المصري تحكمها المبادئ العامة والعرف الزراعي وأحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها من مصادر القانون . وهذه هي :

1 – المساقاة ( م 816 – 823 مدني عراقي ) – وقد عرفتها المادة 816 مدني عراقي بأنها “عقد على دفع الشجر إلى من يصلحه بجزء معلوم من ثمره” . انظر أيضاً م 1014 – 1017 من التقنين المدني الليبي .

2- المغارسة  : ( م 82837 مدني عراقي ) – وقد عرفتها المادة 824 مدني عراق بأنها “عقد في إعطاء واحد أرضه إلى آخر ليغرس فيها أشجاراً معلومة ، ويتعهد بتربيتها مدة معلومة ، على أن تكون الأشجار والأرض أو الشجار وحدها مشتركة بينهما بنسبة معينة بعد انتهاء المدة” . ولا يجوز أن تقل مدة المغارسة عن خمس عشر سنة ( م 825 مدني عراقي ) ، وعلى المغارس أن يتم الغراس في مدة خمس سنوات ما لم يتفق على غير ذلك ( 827 مدني عراقي ) ، وللمغاس أن يطلب القسمة بعد انتهاء مدة المغارسة إذا أصبح شريكاً في الأرض والشجر ، أما إذا أصبح شريكاً في الشجر فقط كان لرب الأرض أن يطلب تملك حصة المغارس من الشجر ( م 830 مدني عراقي ) – انظر أيضاً م 1003 – 1012 من التقنين المدني الليبي .

3- التزام البساتين ( م 834 – 840 مدني عراقي ) – وقد عرفته المادة 834 مدني عراقي بأنه “عقد يتضمن إعطاء أحد الطرفين بستاناً معلومة للطرف الثاني ليستوفي ثمرتها مدة معلومة لقاء بدل معلوم” . وعلى صاحب البستان أن يمكن الملتزم من دخول البستان للمحافظة على الثمر وجنيه عند إدراكه ولاستيفاء المنفعة المستحقة له ( م 826 مدني عرقاي ) . وللملتزم أن يزرع الأرض الخالية بين الأشجار والأراضي التي تعد جزءاً متمماً للبستان ( م 835 مدني عراقي ) ، وإذا لم يوجد اتفاق أو نص اتبع في عقد التزام البساتين العرف الجاري ، فإذا لم يوجد عرف طبقت أحكام البيع بالنسبة للثمر وأحكام الإيجار بالنسبة لزراعة الأرض ( م 840 مدني عراقي ) .

وعرض التقنين المدني العراقي بعد ذلك إلى إجارة وسائط النقل ( م 841 – 846 مدني عراقي ) نقل فيها أحكام الشريعة الإسلامية في إجارة دواب الركوب والحمل .

انظر في كل ما تقدم عباس حسن الصراف فقرة 1119 – فقرة 1169 .

ولم يعرض التقنين المدني المصري ولا التقنينات المدنية العربية الربعة الأخرى لإجارة الماشية مقابل نصيب في نتاجها وصوفها ولبنها . وتسمى الإجارة بالفائدة ، وفي فرنسا “bail a chepter” – وقد أفراد لها التقنين المدني الفرنسي نصوصاً خاصة ( م 1800 – 1831 من هذا التقنين ) ، بين فيها أنواعها المختلفة ، وفصل أحكامها . وهذه الإجارة معروفة في يمصر ، والأستاذ أحمد فتحي زغلول ( ص 280 – ص 282 ) هو الذي سماها الإجارة بالفائدة ، وتسمى في الأرياف “شركة” ( محمد كامل مرسي فقرة 340 ) . ويتبع في مصر في شأنها العرف الزراعي ، ويختلف هذا العرف باختلاف الجهات ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( انظر آنفاً فقرة 110 ) . وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 125 ، وقد جاء فيه ما يأتي : “أما في القانون المصري فلم يذكر المشرع شيئاً عن هذا الإيجار إلا فيما يتعلق بإيجار المواشي في عقد المزارعة . . لذلك يجب في مصر الرجوع في هذا الموضوع عند سكوت القانون إلى عرف البلد . ( ويقول الأستاذ جرانمولا – في العقود فقرة 446 – بوجوب الرجوع إلى قواعد القانون الفرنسي ، ويستند في ذلك إلى حكم صادر من المحكمة الجزئية المختلطة بمصر – 20 فبراير سنة 1895م 7 ص 159 – ويقرر هذا الحكم أنه عند عدم وجود شرط مخالف ، يكون تقدير الماشية من شأنه أن يجعل خطر الهلاك على المستأجر ، فيجب عليه أن يعوض النقص ، كما له أن يأخذ الزيادة ، وشراء المستأجر لنصف الماشية ليس من شأنه أن يغير من طبيعة العقد ، وإنما يقتصر على تعديل نتائجه القانونية بمعنى أنه لا يلزم المستأجر عند نهاية الإيجار ألا برد ما تعادل قيمته نصف القيمة المقررة وقت العقد – ويلاحظ أن هذا الحكم لم يشر إلى القانون الفرنسي وإن كان طبق قاعدة تقرب من قواعد “cheptel de fer” في هذا القانون ،  إلا أنه من الجائز أن المحكمة ثبت لها أن العرف المصري الذي يجب الأخذ به في هذا الموضوع موافق لما تقدم – ولكننا نرى وجوب إتباع العرف المصري لا القانون الفرنسي ، فإن قواعد هذا القانون نفسها مأخوذة من العرف في فرنسا ، فوجب على كل بلد أن تتبع العرف الخاص بها – وقد سمي المرحوم احمد فتحي زغلول إيجار المواشي بإجارة الفائدة ، وعرفها بأنها إجارة الماشية مقابل نصيب في نتاجها وصوفها وضرعها . وقرر أن صورها مختلفة باختلاف الأقاليم ، وقد تختلف من قرية إلى أخرى . ففي بلد يكون معناها تسليم الماشية إلى المستأجر ، يتكفل بمؤونتها وصيانتها ، ويستغل ضرعها ، وينتفع بعملها ، وللمالك نصف نتاجها . وفي بلد أخرى ينتفع كل واحد بالنصف مما ذكر ، وفي الثالثة غير ذلك ( شرح القانون المدني ص 181 – ص 282 .

قوانين أردنية  مهمة :

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلات

قانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 

قانون التنفيذ الأردني مع التعديلات

 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية

القانون المدني الأردني

قانون أصول المحاكمات الجزائية

قانون الملكية العقارية الأردني

قانون الجرائم الإلكترونية

قانون محاكم الصلح

جدول رسوم المحاكم

قانون العمل الأردني

قانون البينات الأردني

قانون أصول المحاكمات المدنية

 

 

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

 

 

 

محامي الأردن

نموذج عقد

التفاوض على العقد

صياغة العقد التجاري وفق الأنظمة السعودية

توكيل محامي