الفرق بين البراءة وعدم المسؤولية في قضايا غسل الأموال

الفرق بين البراءة وعدم المسؤولية في قضايا غسل الأموال

لفهم الفرق بين “البراءة” و”عدم المسؤولية” في قضايا غسل الأموال وفقاً للقانون الأردني، ولتوضيح أنواع البراءة ومتى يصدر حكم عدم المسؤولية، إليك أخي القارئ التفصيل:
1. الفرق بين البراءة وعدم المسؤولية في الحكم بقضية غسل الأموال:

  • البراءة (Acquittal):

    • تعني أن المحكمة توصلت إلى قناعة بأن المتهم لم يرتكب الجرم المسند إليه، أو أن الأدلة المقدمة ضده غير كافية لإثبات ارتكابه للجريمة بما لا يدع مجالاً للشك (أي لم يتم إثبات أركان الجريمة، سواء الركن المادي أو الركن المعنوي مثل القصد الجرمي وعلم المتهم بأن الأموال غير مشروعة).
    • الحكم بالبراءة يعني أن الواقعة الجرمية لم تثبت بحق المتهم.
    • يترتب على البراءة محو التهمة عن المتهم وكأنه لم يُتهم بها أصلاً بالنسبة لتلك القضية. وهي تُصدر عندما تفشل النيابة العامة في إثبات عناصر جريمة غسل الأموال بما يتجاوز الشك المعقول.
  • عدم المسؤولية (Non-liability / Lack of Responsibility):

    • تعني أن المحكمة قد تقتنع بأن المتهم ارتكب الفعل المادي المكون للجريمة (أو جزءاً منه)، ولكنه غير مسؤول جزائياً عن هذا الفعل لوجود سبب من أسباب موانع العقاب أو انعدام الأهلية الجنائية وقت ارتكاب الفعل.
    • الحكم بعدم المسؤولية لا ينفي وقوع الفعل بالضرورة، ولكنه ينفي مسؤولية مرتكبه الجنائية عنه بسبب حالته الخاصة وقت ارتكاب الفعل (مثل الجنون، أو الإكراه الملجئ، أو صغر السن دون التمييز).
    • قد يترتب على الحكم بعدم المسؤولية اتخاذ تدابير أخرى غير عقابية بحق الشخص، مثل الإيداع في مأوى علاجي في حالة الجنون المطبق.

الخلاصة: البراءة تتعلق بعدم ثبوت ارتكاب المتهم للجريمة أصلاً أو لعدم كفاية الأدلة، بينما عدم المسؤولية تتعلق بوجود مانع قانوني يحول دون مساءلة المتهم جنائياً عن فعل قد يكون ثابتاً بحقه.
2. أنواع البراءة التي تصدر بقضية غسل الأموال:
القانون لا يصنف “أنواعاً” رسمية للبراءة بالمعنى الحرفي، ولكن يمكن فهم أسباب صدور حكم البراءة في قضايا غسل الأموال كالتالي:

  • البراءة لعدم كفاية الأدلة: هذا هو السبب الأكثر شيوعاً. حيث لا تتمكن النيابة العامة من تقديم أدلة قاطعة وكافية لإثبات أن المتهم قام بفعل غسل الأموال (مثل إثبات مصدر الأموال غير المشروع، أو إثبات علم المتهم بذلك، أو إثبات قيامه بعمليات لإخفاء المصدر).
  • البراءة للشك: إذا بقيت لدى المحكمة شكوك معقولة حول أي عنصر من عناصر الجريمة أو حول نسبة الفعل للمتهم، فإنها تحكم بالبراءة تطبيقاً لمبدأ “الشك يفسر لمصلحة المتهم”.
  • البراءة لعدم انطباق الوصف الجرمي (لأن الفعل لا يشكل جرماً): قد تثبت وقائع معينة، لكن المحكمة تجد أن هذه الوقائع لا تشكل جريمة غسل الأموال كما هي معرفة في القانون الأردني (قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب). مثلاً، قد لا يثبت أن الأموال متحصلة من “جريمة أصلية” (Predicate Offense) بالمعنى المحدد قانوناً.

3. متى يصدر حكم عدم المسؤولية وفق القانون الأردني؟
يصدر حكم “عدم المسؤولية” الجزائية بناءً على أحكام قانون العقوبات الأردني (وقانون أصول المحاكمات الجزائية لتنظيم الإجراءات) في حالات محددة تمنع من مساءلة الشخص جنائياً، وأهمها:

  • فقدان الأهلية بسبب الجنون أو عاهة عقلية: إذا ثبت للمحكمة (عادة بناءً على تقارير خبرة طبية نفسية) أن المتهم كان فاقداً للإدراك أو الاختيار (الإرادة الحرة) وقت ارتكاب الفعل بسبب جنون أو عاهة عقلية أفقدته القدرة على فهم طبيعة عمله أو التمييز بين الصواب والخطأ. (المادة 92 من قانون العقوبات).
  • صغر السن (الأحداث): إذا كان مرتكب الفعل لم يتم سناً معيناً يجعله مسؤولاً جزائياً وفقاً لقانون الأحداث الأردني. تختلف المعاملة حسب الفئة العمرية، وقد يؤدي صغر السن الشديد إلى انعدام المسؤولية تماماً.
  • الإكراه المادي أو المعنوي (الملجئ): إذا أُجبر الشخص على ارتكاب الجريمة تحت تهديد جسيم ومحدق لم يكن بوسعه دفعه بطريقة أخرى، بحيث كان مسلوب الإرادة تماماً. (المادة 89 من قانون العقوبات).
  • حالة الضرورة: في ظروف نادرة جداً، إذا اضطر الشخص لارتكاب الجريمة لدفع خطر جسيم ومحدق يهدده أو يهدد غيره، ولم يكن لفعله دخل في حلول هذا الخطر، وكانت الجريمة المرتكبة هي الوسيلة الوحيدة لتجنب الضرر الأكبر. (المادة 90 من قانون العقوبات).
  • السكر أو التخدير غير الاختياري: إذا كان فقدان الإدراك أو الإرادة ناتجاً عن تسمم بمواد مسكرة أو مخدرة أُعطيت للشخص قسراً أو دون علمه. (المادة 93 من قانون العقوبات).

في هذه الحالات، وبعد أن تتحقق المحكمة من توافر أحد هذه الأسباب، تصدر حكماً بعدم مسؤولية المتهم عن الفعل المسند إليه.

أضف تعليق