اتفاق دارفور للسلام وسياقه الوطني

اتفاق دارفور للسلام وسياقه الوطني

ألكس دي فال

لقد تم التفاوض على اتفاق دارفور للسلام الذي تم في مايو 2006 كجزء من طريقة مفصلة لحل مشاكل السودان، وفي عام 2004 جعل المجتمع الدولي المحادثات بين حكومة السودان وحركة تحرير السودان أولوية له خشية أن تقع عملية السلام بين الشمال والجنوب رهينة النزاع صعب المراس في دارفور.

وبعد شهر يوليو 2005، انتقل الانتباه السياسي إلى إنهاء الحرب في دارفور، ولكن حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة اشتكتا من أنه تم التعامل مع الكثير من مطالبهم بشكل متضارب مع اتفاقي السلام الشامل. وعلى سبيل المثل فقد أرادت حركة العدالة والمساواة خمسة أقاليم في السودان، مع وجود نائب للرئيس من كل منطقة، بينما أرادت حركة تحرير السودان فصل واضح للدين عن السياسية في شمال السودان، وهي قضية أصرت حكومة السودان وحركة تحرير السودان والشركاء الدوليين أنه تمت تسويتها.

وادعى الكثيرون أن مقترحات “التسوية” التي تقدم بها وسطاء الاتحاد الأفريقي كانت قريبة أكثر من اللازم من موقف حكومة السودان، وخاصة في الفصل الخاص بالاشتراك في السلطة في اتفاق دارفور للسلام. وطالب ضحايا النزاع في دارفور بضمانات أكثر قوة لحقوقهم، ومشاركتهم السياسية، وحمايتهم إزاء الحكومة المسؤولة عن معاناتهم. ووجهة النظر هذه ليست شرعية فقط بل أنها تتفق مع القانون الدستوري للاتحاد الأفريقي، الذي يتميز بالقوة في مجال حقوق الإنسان والتدخل الإنساني. ومع ذلك يظل الاتحاد الأفريقي عبارة عن جمعية من الدول التي تكرس نفسها للاستقرار المرتكز على الدولة، والحكم الدستوري والديمقراطية، ولذلك فقد سعى رئيس وسطاء الاتحاد الأفريقي للاحتفاظ باتفاق السلام الشامل والدستور الوطني المؤقت كأسس لسيادة السودان وتحقيق ديمقراطيته.

لقد كان اتفاق السلام الشامل الذي أعد للتحول الديمقراطي، وحقوق الإنسان، والتعددية السياسية، والفدرالية المالية، وإصلاح القطاع الأمني، وتقليص حجم الجيش، إطارا للتفاوض للوصول إلى اتفاق دارفور للسلام. لقد أصر مفاوضو حكومة السودان على عدم إجراء تغييرات كبيرة على هذه المبادئ وعلى الموضوع الحساس الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس من تقسيم السلطة بين الشمال والجنوب. وقد كان الاتحاد الأفريقي يؤيد هذه الحجج، مما يذكر الحركات أن أي صيغة لاقتسام السلطة في اتفاق دارفور للسلام سوف تستمر لثلاث سنوات فقط، وقد تناقشوا قائلين “إن ضمان وجود تمثيل فعال في المؤسسات الانتخابية يعد أفضل من الضغط للحصول على عدد أكبر من المقاعد اليوم”، ولكن عندما يتدنى مستوى الثقة فإن الناس تطالب بالضمانات اليوم.

إن حركة تحرير السلام حقا ترى أن اتفاق السلام الشامل أنها أفضل فرصة لتحقيق الوحدة والديمقراطية، ولكن للأسف أن بعض من زعماء الحركات في دارفور فهموا هذا الموقف على أنه لا مبالاة بحقوق أهالي دارفور، لذلك تبددت فرص بناء تحالف لدعم الوحدة والديمقراطية.

لقد حدد إعلان مبادئ أبوجا أن أي شيء تم الاتفاق عليه في اتفاق دارفور للسلام يجب أن يكون جزءا من الدستور الوطني المؤقت، مما يمنح اتفاق دارفور للسلام مكانة قانونية كاملة إلى جانب اتفاق السلام الشامل. وعلى سبيل المثال، يجب تعديل الدستور للإعداد لمنصب مساعد كبير للرئيس يتمتع بسلطات هامة. ولم يكن ذلك تفويضا مطلقا لاتفاق دارفور للسلام لتخطي أي مظهر من مظاهر الدستور الوطني المؤقت، ولكن كان التغيير الكبير في دساتير ولاية دارفور، وإقامة السلطة الإقليمية المؤقتة لدارفور، وتنظيم استفتاء عام 2010 الذي يجري حول وضع دارفور كلها تعديلات هامة.

محامين أردنيين

وعلى المستوى الوطني فإن اتفاق دارفور للسلام يتطلب تغييرات أكثر اعتدالا في الدستور الوطني المؤقت والتوازن القومي للسلطة، وعلى سبيل المثال تم رفض طلبا لزيادة عدد مقاعد المجلس الوطني لفسح المجال أمام مشاركة حركات دارفور، حيث كان من شأن هذه الزيادة تقليص حصة الجنوب ودفع حصة حزب المؤتمر الوطني ما دون نسبة 50% وزيادة فائضة في تمثيل إقليم دارفور بالنسبة للمناطق الأخرى في الشمال. ولأن حكومة السودان والحركات لم تتفق على صيغة بشأن الجمعية الوطنية، اقترح الوسطاء تخصيص 12 مقعدا للحركات حتى انتخابات 2009، أملين تقليص التغييرات على النسب المئوية المتفق عليها في اتفاق السلام الشامل. وعلى أساس مبدأ عدم وجود أي خاسرين في أي اتفاق للسلام، لم يشاء الوسطاء أن يخسر أي نائب منصبه ورغبوا في ترك المجال أمام الجبهة الشرقية.

وفي نهاية المطاف شعرت الحركات بالإحباط من صيغة تقاسم السلطة في اتفاق دارفور للسلام، ولكن تخصيص المناصب ليس إلا إجراءا مؤقتا حتى عقد الانتخابات واتفاق دارفور للسلام لا يمنح الحركات أغلبية المناصب في السلطة الإقليمية المؤقتة لدارفور، التي تعتبر أكثر المؤسسات فعالية لتنفيذ الترتيبات الأمنية وإعادة التأهيل والتنمية في دارفور. إذا أمكن إعادة إحياء اتفاقية دارفور للسلام وتوفير الاستقرار في دارفور – وخاصة من خلال التنفيذ الأمين للترتيبات الأمنية وشروط تقاسم السلطة – إذن يمكن للمساعي أن تتحول مرة أخرى إلى جدول الأعمال الوطني لتنفيذ اتفاق السلام الشامل وتحويل السودان إلى دولة تمارس ديمقراطية. إن التوجه المتنامي للديمقراطية يمكن أن يرفع أهالي دارفور، مع السودانيين الآخرين، ويمكنهم من تحقيق حقوقهم في المشاركة المنصفة في شتى مظاهر الحياة الوطنية.

وفضلا عن التعامل مع المشاكل الوطنية كل على حدا، يجب على الزعماء السياسيين في السودان أن يركزوا على إعادة تشكيل السودان كدولة موحدة وديمقراطية، ويمكن لاتفاق دارفور للسلام أن يسمح لحركات إقليم دارفور بأن تصبح جزءا من هذه العملية الوطنية المشتركة، ولو كان ذلك من خلال تمثيل أصغر مما يريدون في الوقت الحالي. وينطبق الحال على اتفاق شرق السودان للسلام، التي تعتبر دعامة لهذه العملية الوطنية المشتركة مثل اتفاق دارفور للسلام، بينما اتفاق السلام الشامل والدستور الوطني المؤقت هما الدعامتين الأساسيتين

أفضل محامي في الأردن.

محامي دولي